الدكتور عدنان مصطفى: وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) رئيس الجمعية الفيزيائية العربية القسم: مقالات | أضيف بتاريخ: 10-05-2009 ثمة صديق ” بدوي ” عربي عزيز على قلبي، وجدته ينزعجُ مراراً لدى أي حديث ” حضري ” يخسف من قدر الانسان العربيّ - البدويّْ، كأن يقال: ” فلان معذور لأنه بدوي ؟!”. صارحته ذات يوم بتصنيف صوفيزيائي بسيط يقول:” يا أبا حسن، الرجال ثلاثة: ” حضري ” كابن دمشق و حلب و بيروت و أنا و أنتَ لسنا كذلك، و ” بدوي ” كابن أحد عشائر شمر العربية و البشتون الأفغانية مثلاً و أنت البدوي فقط بيننا الآن، أما الثالث هنا فهو ” بدائي ” كالصخرة الصامدة على رأس جبل الشيخ عقيل أو جبل العرب و هذا هو حالي “. ضحك كثيراً، و لم أره البتة بعدئذٍ ينزعج من أية إشارة للبداوة. و أعترف أمام الله، و في حضرة القراء العرب الكرام، و أخص منهم أخوتي العلماء العرب المجتبين الأمجاد، بأنه طالما تمنيت من كل قلبي أن أتقدم على طريق ” التمدن ” و ” أتطور ” لأصبح ” بدوياً ” صرفاً و بذلك أتمكن من التعبير عن روحي الصوفيزيائية بالعربية الفصحى كما بالشعر النبطي الجميل بآن واحد، و هو حال يتميز عليّ به صديقي البدوي الكريم ” أبو حسن “. ما جعلني أورد هذا الشاهد ” الحضاري – العربي ” هو الاعتزاز الكبير بأنباء عشائرنا العربية الصامدة ما بين بلاد الرافدين و غزة و لبنان عموماً، و أخبار أهل عشيرتنا البدوية البشتونية ( لاعتقادي بأنهم من نسل صحابة جدنا المصطفى، محمد بن عبد الله، خاتم الأنبياء و المرسلين، صلى الله عليه و سلم )، و هم يتابعون تسجيل انتصاراتهم المجيدة على قوى الاستعمار البريطاني العتيق منذ عام 1839 و على قوى تحالف الشمال الأطلسي التلمودية الدموية اليوم. و فيما يخص أخوتنا البدو الأفغان جميعاً، يبدو أنهم قد ” حرقوا ” قلب الإمبريالية التلمودية الجديدة عندما تمكنوا من ” دحر ” إدارتي المُرْسَلين التلموديين: جورج والكر بوش ( الأمريكي ) و طوني بلير ( البريطاني ) ( الذي صرح مؤخراً بأن يداً إلهية قد دفعته ليحارب في صفوف إمبراطورية الظلام – التلمودية ) و الحؤول دون سيطرتهما على مكامن ثروات: اليورانيوم، البترول، الغاز الطبيعي و الأفيون الأفغانية الكبرى. من لا يتفق معنا حول موثوقية تحقق هذه الهزيمة الإمبريالية نحيله إلى التعرف عصرياً على سيول التصريحات الحديثة التي يبثها الإعلام الإمبراطوري الظلامي و ذلك على لسان ممثلي المرسلين التلموديين: بوش – بلير ليل نهار، كل ذلك إضافةً إلى ” دفع ” إدارة السيد بان كي – مون، الأمين العام للأمم المتحدة، باتجاه ” إطفاء ” نيران الغضب الجماهيري المتعاظمة على مجريات الحروب الامبراطورية – الطاقية القائمة اليوم ما بين باكستان و لبنان. و المثير للعجب في الأمر الأخير هنا هو ما كشفته صحيفة الغارديان البريطانية يوم الاثنين 25 أيار 2009 عن ” رغبة لدى إدارة الأمم المتحدة بتحريك ” سيلٍ من المخدرات ” نحو أفغانستان لضرب أسواق الأفيون الأفغانية: UN wants ‘flood of drugs’ in Afghanistan to devalue opium”” فلقد كتب مراسل الغارديان الأستاذ جون بوون قائلاً بما معناه: ” يحاول المسئولون الأفغان تكوين سيلٍ حكومي جارفٍ من المخدرات يتدفق باتجاه إغراق و تدمير أسواق الأفيون المحلية غير الحكومية، و هي كلمة حقٍ يراد بها باطل ألا و هو ” حماية ” تجارة الأفيون الرسمية – الكارازائية الدولية “، و ذلك بعد أن إنخفضت أرباحها دون أربعة بلايين دولار أمريكي اليوم (!!؟)، و ليس دفع مزارعي الخشخاش المحليين ( مصدر الأفيون الطبيعي ) إلى التحول نحو زراعة محاصيل مشروعة كالحبوب مثلاً…”. و في إطار ” خطة الأمم المتحدة – الأفغانية – الباكستانية هذه، صرَّحَ السيد أنطونيو ماريا، رئيس مكتب الأمم المتحدة للجريمة و المخدرات ( UNDOC ) قائلاً: ” بعد أن فشلنا في التدمير اليدوي لحقول الزهرة القرمزية في جنوب أفغانستان المشتعل، نريد وقف تدفق المخدرات عبر الحدود الأفغانية و قصم ظهر أسواق الأفيون الأفغانية، و ذلك عبر صنع ” سيلٍ ” مخدرات يتدفق عبر أفغانستان، حتى لتغرق هذه الأسواق و تصبح غير قابلة على تحمل انهيار الأسعار فيها…!!!؟ “. هذا و تجدر الإشارة إلى أنه سبق لنا تحديداً، و في مقال رأي بعنوان: ” بَيْنَ العَدُوَيْنِ القَدِيمِ وَ الجَدِيْدِ: يَتَدَحْرَجُ بِرْمِيلُ البِتْرُول “، سبق نشره في صحيفة تشرين العتيدة 17 أيلول 2008، أن كشفنا عن أحد أبرز أهداف الحرب الإمبريالية في أفغانستان، ألا و هو إقامة ” السلطة الأفيونية الأفغانية ” ( على نسق إسم سلطة الغاز الطبيعي العائدة لعباس – مبارك الفلسطينية إياها )، و ذلك من فم أحد أحصنة الإمبريالية الجديدة هناك بل الرئيس الأفغاني الحالي حامد كارزاي ذاته، ذلك الذي كان مزروعاً من قبل المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA ) في جماعة صبغة الله مجددي الأفغانية، و كان من قبل واحداً من صبيان مكاتب شركة هالبرتون البترولية التي يتبع لها نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني. ففي مقابلة أجراها معه مراسل مجلة التايم الأمريكية ( أيلول 2008 ) سأل المراسل الرئيس كارزاي – الغاضب وقتئذٍ – : ” كيف يمكنكم محاربة عدوٍّ لا يملك أمامه سوى التضحية و الفداء بالذات من أجل قضيته ؟ “، أجاب كارزاي قائلا ما معناه: ” أشعر بأني مضطر للاعتراف بأن العدو القائم قد تم ” اختراعه ” من قبل الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقد الثمانينات من القرن العشرين الفارط، لنزع أفغانستان من يد الاتحاد السوفييتي وقتئذٍ، باعتبارها بلداً ضخماً يتوسط مكامن البترول و الغاز الطبيعي و اليورانيوم ما بين الصين و أوكرانيا. على أي حال، لاستئصال هذا العدو على المدى الأوسع يجب علينا مداواة جراح ثلاثة عقود خلت من الزمان، و أولئك الذين تخلوا عنا و تركونا مع كل هذه الفوضى انتشروا في الأرض، هم الذين أسسوا لحدث 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية دون جدال قطعاً…”، و عندما احتج مراسل التايم قائلاً: ” ليس المسئول عن هذا هو الغرب وحده أليس كذلك؟، ردَّ كارزاي قائلاً: ” ربما كان المسئول عن ذلك هو حلفاء باكستان في النظام العربي الحاكم(!!؟)… و جماعة صبغة الله مجددي التي كنت واحداً منها…. الخ، لكن المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA ) كانت سيدتنا المطلقة، تلك التي قدمت لنا جهاراً ما لا يقل عن 2 بليون دولار سنوياً منذ عام 1979 و حتى اليوم…”. و إظهاراً لعهر و فسوق ” سلطة الأفيون الكارازائية ” هذه، أكد الموظفون المحليون لدى ” UNDOC ” في كابول على: أن القرار الموضح أنفاً، أي ذلك الذي أتخذه الرئيس كارزاي، و المستند لتوجه ” الشرعية الدولية “، بل الأمم المتحدة إياها، لم تكن غايته حماية العوائد الامبراطورية فحسب بل ” تنفيذه بدم بارد على جثث قرى الفقراء الأفغان…” ( أنظر التفصيل مثلاً في: www.guardian.co.uk , الاثنين 25 أيار 2009 ). و لا مناص لنا من التأكيد على أن قمة طهران الثلاثية الأخيرة، أي التي ضمت قبل أسبوع مضى: الرؤساء زرداري ( باكستان )، كارزاي ( أفغانستان )، أحمدي نجاد ( إيران )، أريد منها الإيقاع بجمهورية إيران الإسلامية و جَرِّها – دون جدوىً - عبر وديان ضلال ” الأمم المتحدة ” هذه، باعتبار أن رعاة الحروب الامبراطورية – البترولية، و بعد فشلهم الذريع في الوطن العربي أمام ضربات المقاومة العربية – البدوية القوية، ينتابهم اليوم قلقٌ شديدٌ و هم يشاهدون أعراض إصابة إنتاج صناعة ” الأفيون ” الأفغانية – الباكستانية الجديدة بالانحسار، الأمر الذي سيحطم آمال الإمبريالية الشمالية الجديدة في إحراز أي نصر يذكر عبر ” حرب الأفيون ” الصينية المنظورة، و لكل أجلٍ كتاب. الدكتور عدنان مصطفى: |