البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : أصوات من العالم

 موضوع النقاش : العرب و الطاقة و الحياة (21)    كن أول من يقيّم
 professor adnan 
16 - نوفمبر - 2009
حَتَىْ آخِرِ بِرْمِيلِ نَفْطٍ فِيْ العَالَمِ؟

الدكتور عدنان مصطفى:
وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ، رئيس الجمعية الفيزيائية العربية

( كلنا شركاء ) : 9/7/2009

ربما أكون واحداً من الفيزيائيين الذين تحداهم الفنان الأمريكي جورج لوكاس بإخراج سلسلة أفلام " حرب النجوم:
Star Wars " الأسطورية. و لا ريب في أن هذا التحدي قد نشأ عندي من مصدرين:

أولها - براعة فريق المخرج جورج لوكاس في استيعاب العديد من الابتكارات العبقرية لعلم الكون (
Cosmology ) من جهة، وفي توظيف العديد من الإشارات الصوفية، كمفهوم " القوة الأولى "، عبر مختلف حوارات أفلام حرب النجوم الستة المنتجة فيما بين عام 1977 و حتى اليوم من جهة أخرى. و تبسيطاً لشأن " القوة الأولى " هذه، يمكن القول بأن: " ثمة قوة كونية قرينة لوجود كل الأشياء و الأحياء في الأكوان التي تحتوينا، يمكن " لعقل " القادرين من الفرسان الكونيين أن يحكم و ينظم تطويعها لإدارة أحداث المجرات الكونية بشقيها الخير و الشرير على حد سواء "، و

ثانيها - أنني كنت وقتئذٍ، و لم أزل، أحاول جاهداً إخراج مرجع صوفيزيائي عصري أصيل في يوم مبكر من الزمان فلم أفلح، مع مزيد الأسف، في تحقيقه حتى اليوم.

و يعيدني هذا القول الآن لتذكر إشارة صوفيزيائية أبداها أخي في الفيزياء المرحوم الأستاذ الدكتور محمد عبد السلام ( العالم الفيزيائي الباكستاني العظيم وحامل جائزة نوبيل ) في محاضرة له حول مساهمته في بنيان " النظرية الموحدة العظمى:
Grand Unified Theory " أكد فيها على أنه ما كان لنظريته هذه أن ترى النور لولا فلاحه في استغلال إيمانه الإسلامي العميق بفكرة " التناظر في الوجود "، كالظلام و النور. و في حينه، و عند حثه الفيزيائيين المسلمين على الإقتداء بما فعل، وجه خطابه نحونا نحن العرب – حضور هذه المحاضرة – قائلاً: " لا ريب في أنكم أيها الأخوة العرب الأعزاء محظوظون حقاً: فقد أكرمكم الله جلت قدرته باصطفائه رسولنا العربي محمد بن عبد الله، ليكون خاتم الأنبياء و المرسلين منكم، و ليبلغ البشر أجمعين برسالة الإسلام العظيمة. و أنعم الله عليكم أيضاً بنزول القرآن الكريم بلغة الضاد العربية المجيدة، كما قدر لمدرسة العلم العربية – الإسلامية العتيدة لاحقاً أن تخرج الناس حقاً من ظلمات العصور الأوروبية الوسطى إلى نور البحث العلمي المتقدم، فكان أن أصبح العلم الإسلامي وقتئذٍ، كما تعلمون، مثابة للمستنيرين، فما الذي يجعلكم اليوم عن أداء مثل واجبنا هذا غافلون؟ ". و أعترف أن هذه المقدمة لم أقصد بها أي إشهارٍ لأفلام حرب النجوم هذه أو لمنتجيها، بل أحببت استغلال أحد أبرز شواهدها الصوفيزيائية، أي مفهوم " القوة الأولى "، في محاكاة ( simulation ) فعل " القوة الإمبراطورية البترولية الظلامية " الخاص في نظم و تفعيل ديناميكية " البازار " البترولي الذي إفتتحه رئيس الوزراء العراق نوري المالكي ( يوم الثلاثاء 30 حزيران 2009 )، حيث يسود ثمة اعتقاد عالمي بأن توقيت هذا " البازار العجيب " لا يخرج في طبيعته الإمبريالية الجديدة عن مجرد عملية تجميلٍ مواكبةٍ " لإعادة انتشار قوات الاحتلال الإمبريالية – التلمودية " في بلاد الرافدين، تلك التي أطلق عليها النظام العراقي الحاكم اليوم إسم " يومٍ السيادة العراقية (؟!) ". و على مستوى الحدثين – أي البازار و إعادة الانتشار - شهد أهلنا في العراق بعض مظاهر أمنية – سياسية غبية قصد منها إظهار تفاصيل شكلية لما قد تحقق من شعار " إنجازِ المهمة الإمبراطورية في بلاد الرافدين "، إضافةً للعناية التجميلية المشددة لطبيعة " القوة الإمبراطورية الأولى " التي قد تستر تلك النكبة الكارثية التي حلت بصناع هذا الشعار في أعين الرأي العام الرأسمالي الشمالي الحسير.

و قبيل احتلال العراق عام 2003، سئل الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عن عمر البترول في بلاد الرافدين، فأجاب: " إن آخر برميل نفط في العالم سيكون من احتياطي بترول العراق...". و بناءً على هذا التصريح " العنتري " يبرز المبرر الواقعي الرئيس لاحتلال العراق، بل يتعمق مع الزمن إدراك حقيقة أن " إنجاز المهمة الإمبراطورية البترولية " بات متوقفاً اليوم على " إراحة قلب الإمبراطور ؟! " مستقبلاً. و يعتقد بأن ذلك ممكنٌ من خلال رسوخ عزم الأدوات الإمبراطورية السياسية، و الأمنية، و العسكرية، المحتلة و المستوطنة في الوطن العربي و متابعتها الضارية لترسيخ " قوة الاستحواذ الأولى على آخر برميل نفط في العالم "، فما مدى تحقق ذلك حتى خطاب رئيس وزراء العراق نوري المالكي في 30 حزيران 2009؟. صراحةً، لا مناص لأي مفكر منصف في العالم من أن يقرَّ – حسب لغة حرب النجوم - بسقوط " السيف الإمبراطوري البترولي “ بين فكيِّ: " المقاومة الوطنية – العربية، و الثقة البينية المتداعية داخل الكيان الإمبريالي التلمودي الجديد ". و لا ريب في أن تولي الرئيس الأمريكي الجديد الدكتور باراك أوباما سدة حكم الثمانية العظام من فرسان الظلام الشمالي إياه، قد أشعل في مؤتمر هؤلاء الثماني في لندن مؤخراً، فتيل تفجير تكتيكي يتصور أنه قادر على إحداث ثغرة ما بين هذين الفكين. و استكمالا لهذا السلوك، عمد صقور الإمبريالية التلمودية الجديدة، الكامنة ضمن إدارة الرئيس أوباما و ما حولها، إلى جعله يغض النظر عن " محرقة غزة هاشم " و تغييب رؤية " مذابح باكستان و أفغانستان الجارية اليوم، إضافةً لإيقاف " استخدام القوة الظلامية المباشرة " في العراق. الأمر الذي قاد بدايةً لاسترجاع الثقة المفقودة ضمن مختبر الحلول الرأسمالية الوسطية الجديدة المنظورة. خذ مثلاً، كيف تمكن أزلام الإمبراطورية، داخل و خارج النظام الاستيطاني الحاكم في العراق، و تحت عباءة الشفافية السوداء (!؟) هذه التي نوه بها رئيس وزراء العراق، من ضبط إيقاع " بازار بترولي في بلاد الرافدين ". و لا بد من التسليم بأنه تحت عباءة الشفافية الإمبراطورية السوداء، أفلح " المتبازرون " الكبار في استغلال حاجة شركة البترول الوطنية الصينية (
CNPC ) لمصدر بترولي استراتيجي جديد، و توظيفها عند الساعة 2.42 من بعد ظهر يوم الثلاثاء 30 حزيران 2009 في مغامرة مثيرة مع شركة البترول البريطانية ( BP ) لتحصلا معاً على عقد خدمة تطوير حقل الرميلة الضخم ( الذي يحوي 17.8 بليون برميل مؤكد )، و في إطار هذا العقد تحملت الشركتان عبء تخفيض رسوم التطوير من 3.99 إلى 2.0 دولار أمريكي لكل برميل منتج. و برغم أن ميليشيات البشمرغة و عناصر الموساد الإسرائيلية و شركة بلاك ووتر الأمريكية الأمنية، لم تتوان البتة عن ضبط إيقاع التنافس على مستقبل آخر برميل نفط في شمالي العراق المسلوب، قفز نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بغداد، ليشرف مباشرة على تنفيذ خطته في تقسيم حصص المهمة البترولية في العراق، و ضبط قدر الرسوم التي تعرضها الشركات المتنافسة في عقود الخدمة هذه و التي بلغ بعضها حد 21.4 دولار لإنتاج البرميل الواحد من حقل ميسان مثلاً. و بهذه الزيارة المطولة، بدا جلياً مدى تعزز صبر أزلام الإمبراطور القابعين في المنطقة الخضراء ببغداد، و متابعتهم بازار عروض خدمة حقول: المنصورية و الزبير و ميسان و باي حسن و القرنة الغربي، و بذلك يمكن للشقيقة الإمبراطورية الكبرى، أي اكسون – موبيل ( Exxon Mobil )، أن تعزز سيطرتها العملية على تفاصيل معركة " آخر برميل نفط في العالم "، بل فعل " القوة الإمبراطورية الأولى “ في حيازة ما لا يقل عن 38 % من احتياطي بلاد الرافدين البالغ 115 بليون برميل. و تجدر الإشارة هنا إلى تعليق حاد، ورد على لسان أحد خبراء مؤسسة بحوث سياسة الطاقة ( EPRF ) الأمريكية، و قامت بنشره صحيفة نيويورك تايمز قبيل بدء البازار، جاء فيه قوله: " تسألون لمَ تهتم الشركات البترولية بالعراق!، و هو تساؤل يشبه ذلك الخاص بمهمة اللصوص الذين يسرقون البنوك حيث تستودع الأموال، و العراق هو مستودع للبترول و الغاز الطبيعي ينطوي على ما لا يقل عن 115 بليون برميل و 3.36 بليون متر مكعب على التوالي..".

ختاماً يجدر التذكير بأن العقد المطروح في البازار العراقي الرسمي أنف الذكر، هو نمط خاص " لعقد خدمة " يُشَرَعُ وفقه للشركات المتنافسة أمر التعامل مع الاحتياطي الجبار لبترول العراق، لقاء قيام كل شركة بدفع مبلغ قدره 3 بلايين دولار للحكومة العراقية (!؟)، و ذلك مقابل تعظيم إنتاج هذه الحقول، البالغ اليوم 2.4 مليون برميل يوميا، خلال عقدين مقبلين من الزمان. علماً بأنه تم تحت طاولات هذا البازار مثلاً دفع ما لا يقل عن 2.6 بليون دولار مكافآت توقيع أشكال متعددة من " عقود الخدمة الهينة:
soft loans " حسبما كشفت عنه مؤخراً وكالة سي بي إس للأنباء (CBS ). أما غاية الحكومة العراقية من تعظيم إنتاج الحقول الستة المعروضة للتطوير في هذا البازار فتتركز في اجتناء سيولةٍ مالية لا تقل عن 1.7 تريليون دولار ( باعتبار أن سعر برميل البترول هو 50 دولار للبرميل الواحد ) لصالح التنمية العراقية المنظورة. و في إطار حلقة حرب النجوم البترولية الجديدة في العراق، و التي تحمل الآن عنوان: " هجوم المستنسخين الأوروبيين: Episode X: Attack of the Clones "، تندرج زيارة رئيس وزراء فرنسا الدكتور فرانسوا فييون ( في مطلع شهر تموز الجاري ) مظهرة التفاتة تنموية فرنسية شاملة ما نحو العراق المدمر، و هي التفاتة مشاركة حقة يراد بها العثور على موطيء قدم لشركة توتال الفرنسية و ذلك برغم انهماك الأخيرة مع ثلاثي سلطة عباس الفلسطينية – حكومة مبارك المصرية – و سلطة باراك الموسادية في ضبط وقع استغلال المصادر الهايدروكاربونية في شرقي البحر الأبيض المتوسط، و " لا يفلح الساحر حيث أتى ".
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
لا يوجد تعليقات جدبدة