الدكتور عدنان مصطفى وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) رئيس الجمعية الفيزيائية العربية profamustafa@myway.com مأخوذ عن موقع: أخبار النفط و الغاز السوري القسم: مقالات | أضيف بتاريخ: 7-06-2009 يعلم الله أنه: لولا إستقامة ” طبيعة أشياء ” روحي الوطنية – العربية، و علوُّ همة ” طبيعة أشياء ” قلبي الإيمانية – الإنسانية لعادت بي متكاثرات ” العجائب العربية ” المعاصرةُ اليوم إلى موقع ” عناية طبية مشددة ” ما. خّذْ مثلاَ الأعاجيب الثلاث التالية: الأعجوبة الأولى: و قد تكشفت واجهتها الرئيسة ضمن بهو المجلس النيابي اللبناني، وعند صبيحة اليوم الثاني لمشاورات رئيس وزراء لبنان الجديد، المكلف بتشكيل وزارة جديدة ( بل حكومة وحدة وطنية كما يقول ؟! ) مع أحزاب و أفراد المجلس النيابي المنتخب الجديد. أما مُسْتَعْجَبُ هذه الأعجوبة فهو أحد قادة الفئات الحزبية المتحالفة جهاراً مع العدو الإسرائيلي. سأله أحد الصحفيين عن ” قمة مراده ” في المرحلة النيابية المنظورة فقال: ” سحب سلاح المقاومة اللبنانية…الخ “، رد الصحفي الأريب موضحاً : ” هل يعني هذا أن لبنان بات بنظر حزبكم (!؟) قادراً على الصمود بوجه الإرهاب الصهيوني خارج مظلة هذا السلاح؟، أم أنكم تتأبطون صلحاً مضموناً مع عدو لبنان و العرب جميعاً ؟ “، ردَّ النائب ” الصبي ” – حسب توصيف أحد شيوخ السياسة اللبنانية له - و بمنتهى الاستهتار، قائلاً ما معناه: ” نعم، و هل ثمة غير ذلك؟ “. و كي تأخذ هذه الأعجوبة كامل تباينها ( contrast ) مع الواقع الوطني الشعبي اللبناني، قطعت محطات التلفزة اللبنانية الوطنية بثها في لحظة المقابلة هذه، لتنقل من الجنوب اللبناني، و قريباً من بوابة فاطمة العتيدة، كيفية تهديد القناصة الصهاينة لرجال الأشغال اللبنانيين الذين يقومون – على تراب أرضهم اللبنانية - بإصلاح الطريق المواكبة للشريط الحدودي الفاصل بين لبنان و فلسطين المحتلة. و البارز المتوقعُ في هذه العجيبة هو عدم اكتراث العمال اللبنانيين لهذا التهديد و متابعة عملهم، حيث لم ترهبهم التهديدات الإسرائيلية البتة. و فيما بين هذين المشهدين، تبرز فضيحة العجيبة الأولى، لنشهد جهاراً كيف جاء المال الإمبريالي البترولي – السياسي بمن ” عظمه أزرق ” – كما يقول المثل الشعبي العربي – ليعمل من تحت قبة البرلمان اللبناني لصالح الصهاينة، أعداء العروبة و الإسلام و المسيحية، في الداخل و الخارج من جهة، و لنشهد في المقابل وضوحاً كيف أذكت الشهادة في سبيل الله و الوطن من توقد حمية أخوتنا الوطنيين – العرب في لبنان الأبي، ليردوا الحراب الصهيونية إلى نحور حملتها، تماماً كما حدث و تم في تموز العظيم من عام 2006 من جهة أخرى. الأعجوبة الثانية: و هي المتفردة الأبرز في حياتنا السياسية الطاقية اليوم، و يمكن رسم أبرز معالمها كما يلي: ” عبر ما لا يقل عن أربعة عقود خلت من الزمان، دأبنا مع قادة الفكر التنموي الطاقيّ العربي على ” حث ” النظام الطاقي العربي الرسمي كي يبدي اهتماماً مناسباً لإقامة صناعة كهرونووية عربية وطنية دون جدوى. إن لم يذهب الحال ببعض هذه الأنظمة الرسمية و في أعقاب اتفاقيات كامب دايفيد التلمودية المخزية للسير في الاتجاه المعاكس، فمنهم من سأل المخابرات المركزية الأمريكية كي تأتي بوسائلها البحرية لتشحن كامل المعدات و الأدبيات النووية للولايات المتحدة الأمريكية، و منهم من ” شطب ” كلياً على أي أثر نووي و طني عربي، إن لم يذهب التخاذل ببعضهم لاضطهاد و إزالة وجود كل من رفع راية التبشير بحيازة العرب إمكانية كهرونووية (!؟) و العياذ بالله ” ( من يرغب في الاستزادة حول هذه الحقيقة يمكنه مثلاً الإطلاع على أبرز بحوثنا في هذا الشأن مثل: كتاب بعنوان: ” الطاقة النووية العربية : عامل بقاء جديد ” ، 1985، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، لبنان، و بحثٌ بعنوان: ” منظور الخَيار الكهرونووي العربي ” ، قدم للمؤتمر السنوي الرابع، لمركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط المصرية في 18 تشرين الثاني 1999 ” و مقال رأي بعنوان: ” من يخشى الرعب الكهرونووي ؟ ” ، مجلة العربي الكويتية، العد 425، 1994، ( 61 – 63 )”، و بحث بعنوان ” إشكالية وجود السلاح النووي في البيئة العربية “، مجلة المستقبل العربي، العدد 266، نيسان 2001، ( 55 – 81 ) و ذلك على سبيل المثال لا الحصر). و المثير للإعجاب، لا العجب هنا، أنه مع قيام الثورة الإسلامية الإيرانية تنامى حسٌّ وطني – جنوبي كبير دعا و لم يزل إلى إرساء صناعات كهرونووية وطنية جنوبية مستقلة، حيث كتب للجمهورية الإسلامية الإيرانية رضا الصمود في متابعة هذا الأمر برغم الحصار التقني و التجاري المفروضين عليها حتى اليوم. و فجأة، خلال بضعة شهور خلت، تنامى شعور رسمي عربي عجيب حقاً يقضي بإرساء صناعات كهرونووية قطرية ما بين المحيط الأطلسي و الخليج العربي ( مثل ، اليمن، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، المملكة العربية السعودية، عُمان، قطر، الكويت، ليبيا، مصر، المغرب ،….). و بعد تغييب طويل لبرنامج الرئيس العربي الخالد هواري بومدين الكهرونووي مثلاً، صرح محافظ وكالة الطاقة الذرية الجزائرية محمد دردور، يوم الاثنين 29 حزيران ،2009 بأن بلاده تعتزم إنشاء ثلاثة مراكز نووية جديدة للاستعمالات السلمية ضمن برنامج وطني للبحث العلمي وتطبيقاته. وقال دردور على هامش الإعلان عن البرنامج الوطني حول البحث النووي وتطبيقاته، إن محافظة الطاقة الذرية وجهت دعوة للباحثين الجزائريين بالخارج للمساهمة في البرنامج، مشيرا إلى أن المشاريع التي تعتزم إنشاءها لدعم البحث النووي السلمي. إنها إحدى أعاجيب القدر أن يعود حلمنا الطاقي العربي الأثير للحياة أليس كذلك؟. أما الأعجوبة الثالثة ” أيرينا ” فقد أثار بهاءُ ميلادها مشاعر العديد من الحكام العرب في الخليج العربي، و كادت الألعاب النارية المطلقة احتفاءاً بهذا الحدث، مساء الاثنين 29 حزيران 2009، أن تدير رؤوس الأقمار الصناعية الاستراتيجية – التجسسية الدائرة في الفلك الخليجي المشحون. على أي حال، و بمنتهى البساطة يشمل تعبير ” إيرينا ” الأحرف الأولى ” للوكالة الدولية للطاقة المتجددة ” التي تكونت بعنايةٍ شمالية بحتة في شرم الشيخ إياه، و ستتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، و هذا شيء مثير للاهتمام و العجب بآن واحد ليس إلا. و لقد ذكرتني ” إيرينا ” بشقيق عربي يتيم لها هو ” المركز العربي لدراسات الطاقة ” ( الذي تحتضنه و ترعاه مشكورة منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول حتى اليوم)، ذلك الكيان الذي جاء ميلاده في أبو ظبي ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) لدى ختام ” مؤتمر الطاقة العربي الأول ” آذار 1979. فرغم قدوم الذكور الأصحاء و الأقوياء محبب لدى الرجال العرب، فإنه لم يقابل ميلاد هذا المركز الاستراتيجي الهام بنفس الاحتفالية التي حظيت بها ” إيرينا ” قبل بضعة أيام. و بذلك عدنا وقتئذٍ – أي نحن أهل هذا الوليد، أي المركز الجديد – بطفلنا للكويت العتيدة ليشعرنا قادتها الكرام بأنهم سيولوه رعايتهم الوطنية – العربية المناسبة. و رغم أن ” المركز العربي لدراسات الطاقة ” قد شبَّ عن الطوق اليوم، فلم يزل يتغذى من صدر مرضعتيه المسكينتين ” أي الإدارتين الاقتصادية و الفنية ” في أوابيك باعتباره كان و لم يزل من المنظرين(!). و رب سائل عن سبب العجب هنا، يمكن تلبيته بالقول: ” إن مشكلة المركز العربي لدراسات الطاقة تكمن في أنه جاء من ظهر فكر وطني – عربي خالص، في حال تنتسب بذرة إيرينا إياها لذوي العيون الزرقاء، فمن أجل مثل هذه العيون يجرى هناك العجاب الأكبر في تاريخ البشرية ألا و هو ” تبليط البحار” ليجلو أمام طلعتها البهية النهار، و الله بما يعملون بصير. الدكتور عدنان مصطفى وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) رئيس الجمعية الفيزيائية العربية profamustafa@myway.com |