عِنْدَمَا ظَهْرُ عُلَمَاءِ الجَنُوبِ إِنْكَسَرْ! الدكتور عدنان مصطفى: وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ، رئيس الجمعية الفيزيائية العربية ( كلنا شركاء ) : 27/8/2009 ليعذرني القاريء الكريم في الحديث غير المباشر اليوم عن شؤون الطاقة العربية و الدولية، و " الدخول إليها مجدداً من باب الاخلاص العلمي – الحضاري الواسع "، و ليس عبر المدخل التقني المتقدم " الضيق " الذي نسلكه عادةً في هذا المجال فحسب، أي ذلك الذي أرسته مدارس العلم الانسانية العظيمة و في مقدمها " مدرسة العلم العربية العظيمة ". السبب في هذا النزوع الكامن أصلاً لدينا، هو تأثرنا الخاص – بين الحين و الآخر – بما يصلنا عادة من أنباء، مبهجة تارة و مزعجة تارة أخرى، عن بقاء و نماء مختلف المؤسسات العلمية، و رجالها الأخيار و الأصدقاء الأبرار، و من بينهم الأخوة الأعزاء في " مركز عبد السلام الدولي للفيزياء النظرية – ICTP " في تريستى بإيطاليا. و أعترف أن هذا النزوع قد تعاظم عندى، في صباح اليوم الثالث من شهر رمضان المبارك، خصوصاً و ذلك عندما حمل لي بريدي اليومي " إشهاراً : poster " يعلن، بشكل مفصل، عن قرب انعقاد " مدرسة عليا حول الحرارات الجوفية: School on Geothermics ، 26 تشرين الأول – 7 تشرين الثاني 2009 "، في مقر المركز بتريستى ( إيطاليا ). رب متسائل عادي يقول: " و ما جلية الأمر؟ ". جوابنا عليه في هذا الموقف مباشرةً ، هو أننا راغبون بشدة في التوصل إلى بدء إطلاق حبكة ( plot ) موضوعية، لسلسلة رأي جديدة، قادرةٌ على إثارة حوار واقعي حول أحدث مشاهد رواية الطاقة الدولية بشقيها التقليدي ( المولدة بمصادر البترول، الغاز الطبيعي، الحرارية الجوفية...الخ ) و المتجدد ( أي ذات المنشأ الكهرونووي، الفولطاضوئي،... الخ )، أخذين بنظر الاعتبار الدور الحضاري العلمي المجيد، الذي تقرر أن يلعبه " مركز عبد السلام الدولي للفيزياء النظرية " مثلاً، في " إزكاء قومة " مدارس علم الجنوب تحديداً، " فالمغني قبل الأغنية ". فمنذ أن نبض قلب العلامة العظيم الأستاذ الدكتور محمد عبد السلام رحمه الله، بحمل مسؤولية هذا الايمان الحضاري الفريد، و حتى رحيله إلى جنة الخلد بامر الله، لم يقصر هذا المركز في أداء واجبه نحو مثل تحفيز و تطوير هذا الحوار، و ذلك برغم تخلي معظم الأنظمة الرسمية الحاكمة في الجنوب عامة و في الوطن العربي خاصة، عن نصرة علمائهم الأمجاد المشاركين فيه حتى اليوم. و لتحقيق هذه البداية، لا مناص لنا كمخرجين للحبكة هذه، من التفكير بالممثلين، أي العلماء، في هذه الرواية، لنجد أنفسنا في موقف لا يحسدنا عليه عدو و لا صديق!. و المؤسف أن علة هذا الموقف تنبثق من ثلاثة أسباب: السبب الأول: أن " النظام العربي الحاكم اليوم" رغم " تجمله بالعلم و العلماء، يمضي في إستضعافهم جميعاً بشكل لا يحمل أية خشية من الله و عباده، السبب الثاني: أن " مدرسة العلم العربية العظيمة " جرى إمتهان دورها في صنع عزة و نماء الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، حتى كادت الجامعات العربية ( بشقيها الرسمي و الخاص ) أن تتحول إلى قبور أحياء ( أنظر تفصيل ذلك مثلاً في بحثنا المنشور في مجلة عالم الفكر الكويتية العتيدة بعنوان: " مسألة الجامعات العربية: منظور القبور الحية "، الربع الأخير من عام 1995، العددان الأول و الثاني، ( 15-34 )) و السبب الثالث: أن عقيدة " مركز عبد السلام الدولي للفيزياء النظرية "، المبينة أنفاً، قد تعرضت لاجهاض عنيف بعد رحيل مبدعها الأستاذ الدكتور عبد السلام عن العالم، و لتبلغ هذه العملية الوحشية أقصاها على يد إرهابي صهيوني حاقد نصبته التلمودية الشمالية مديراً للمركز بعد وفاة منشئه. و المثير للأسى في هذا الشأن انه، بعد ستة أعوام من تسلم هذا الصهيوني الظلامي إدارة المركز و إقعاد وجوده على الأرض، اعترف بأنه فشل في مهمته و العياذ بالله. و بنتيجة " غفلة " صناع القرار التنموي العلمي الجنوبي، و العربي منهم بخاصة، عن هذه الكارثة الثأرية الجنوبية، تداولت مهمة المركز الأيدي الضعيفة لتحيله إلى " مقر " شمالي يسير في الاتجاه المضاد لأماني علماء الجنوب، فاين عين أخي محمد عبد السلام ترى انكسار ظهور أخوته الأبرار من علماء الجنوب عبر هذا الغروب؟. و بالعودة إلى هدف " المدرسة العليا حول الحرارات الجوفية: School on Geothermics " المزمع عقدها في تريستى قريباً، لا يسعنا سوى الثناء على أصدقائنا الكبار من علماء الطاقة الطليان، و على رأسهم الأستاذ الدكتور جوزيبى فورلان ( Professor G. Furlan) ، الذين أفلحوا في: إعادة وضع مركب الاهتمام ببحوث الطاقة في المركز على سكة التقدم مجدداً. و المؤسف حقاً في هذا التوجه المميز، أنه جاء ناقصاً كونه: أغفل حقاً واقع عجز علماء الجنوب عن حضور المدرسة، لأنهم فقراء من الناحيتين الشخصية و المؤسسية من جهة، و كونهم محجوبين شمالياً عن المشاركة في النشاط الدولي العلمي، حيث تقوم مؤسسات إقليمية و دولية مثل اليونيسكو، و الوكالة الدولية للطاقة الذرية و اليونيدو على تولي عملية الحجب هذه دون خوف و لا وجل، و ذلك تحت راية " الحرب على الارهاب " من جهة أخرى. الأمر الذي يجعل هذه المدرسة تسير مبدئياً بشكل " مضاد " لعقيدة الحوار الطاقي بين علماء الشمال و الجنوب، أي تلك التي طالما عملنا على إعلاء رايتها بمشاركة مباشرة من الأستاذ الدكتور فورلان ذاته ( أحد منظمي هذه المدرسة اليوم )، كما تضع، هذه العقيدة المضادة، كامل فعاليات المركز و بالأخص نشاطه الطاقي، في سجون أهواء الفكر الطاقي الشمالي الذي يحرك طموحات الامبريالية التلمودية الشمالية دون جدال. فوا معتصماه الطاقة العربية أين أنتم؟، أغيثوا أيها الأمجاد أخوتكم في مدرسة العلم العربية قبل أن تمضي ظهور أبنائها في الانكسار جميعاً، أغيثوا علماءكم " المغنين بالصدق " إن أردتم " أغنيات طاقية وطنية – عربية صالحة "، ذاكرين قول الله عز و جل: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ". |