القسم: مقالات | أضيف بتاريخ: 1-07-2009 الدكتور عدنان مصطفى وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) رئيس الجمعية الفيزيائية العربية profamustafa@myway.com عن موقع أخبار النفط و الغاز السوري: منذ فلاح البشرية في ابتكار أول تطويع لإشعال ” النار ” في التاريخ، أدخلت وجودها الحق بين: ” رضا الإنسانية ” بحيازة نعمة الطاقة و استغلالها في تحريك مركب نموها و تقدمها من جهة، و ” غضب آلهة الأساطيرِ التاريخية “، الذين رأوا في هذا النجاح ” تمكيناً لصعود البشر إلى مستوى نفوذهم الأسطوري الخارق ” من جهة أخرى. و نعتقد أن هذا الصراع الاستراتيجي هذا لم يتغير البتة بين بداية وجود البشرية و اليوم، سوى أنه تمَّ استبدال ” سلطة الهيئات الأسطورية ” هذه بهيئات ” نفوذٍ عصرية ” تحاكيها في التسلط و الهيمنة كالتي امتلكتها قوى الطاقة الإمبريالية منذ عصور الإمبراطوريات الظلامية و حتى اليوم. و الإشكالية التي تم إغراق الشعب العربي – من المحيط الأطلسي و حتى الخليج العربي – في بحورها يمكن تبسيط منظورها جهاراً بالقول: ” أن العرب و قد حباهم الله – جلت قدرته - بمصادر طاقية متميزة بشقيها التقليدي ( كالبترول و الغاز الطبيعي و اليورانيوم،…) و المتجدد ( كالطاقة الشمسية،…)، قد حيل بينهم ” تلمودياً ” و بين أمر استغلال هذه المصادر لصالح بقائهم و نمائهم ( ” أكد التلمود بأشكال شتى على أن العرب أمة محتقرة… يتوجب ذبحها بلا رحمة.. “، أنظر التفصيل مثلاً في ” بروتوكولات حكماء صهيون “، تحقيق الأستاذ عجاج نويهض، 1996، منشور المؤسسة العربية للدراسات و النشر، بيروت، لبنان، 473-479 )، كل ذلك إضافة إلى تضافر غضب قوى الظلام الإمبريالية التلمودية عليهم منذ الثورة الصناعية الأوروبية و حتى اليوم. فكان أن عملت القوى المحركة لهذا الغضب على ” تمزيق وحدة الوطن العربي ” و تسهيل ” استيطانه ماكيافيللياً ” بغرض ” إرهاص العرب و ذبحهم مدنياً ” بشتى أشكال التسلط الامبريالي البغيضة. الأمر الذي أثار قوى الخير الإنسانية لتتساءل – كما فعل النائب البريطاني الأستاذ جورج غالاواي مؤخراً – صارخةً: ” أين ما كان يدعى يوما بالأمة العربية العظيمة؟ ” ( أنظر التفصيل مثلاً في مقال إنساني مشهود نشره النائب الأستاذ جورج غالاواي: George Galloway أصلاً في موقع:”Counter Punch ” الدولي بعنوان: ” Our Convoy to Gaza “، و من ثم نشره الأستاذ الدكتور محمد شرف مترجماً للعربية يوم الثلاثاء 30 حزيران 2009، و ذلك في موقع ” الفكر القومي العربي: www.alfikralarabi.org ” المميز). و قبل الدخول في صلب التفاصيل التقنية الطاقية العربية، لا بد لنا من الإجابة على تساؤل الأستاذ غالاواي الخاص بغياب ” عظمة الأمة العربية “، و ذلك بالشكل المبسط التالي: بدايةً يمكن القول علمياً بأن العرب في ” عصر البترول العالمي “، بعد إخضاعهم لحقول غضب القوى التلمودية – الظلامية، المشار إليها أنفاً، أصابهم ” الاستقطاب “، بل أصبحوا عربين: مجموعة أنظمة حكم قطرية تم إرساء واجهتها المشتركة في صيغة جامعة الدول العربية إياها، و مجموعة متفرقة من المجتمع العربي المجزأ أدارت رأيها العام واجهات حزبية قطرية و دينية و عرقية توصل بعض الوطنيين – العرب فيها، خلال الربع الأخير من القرن العشرين الفارط، إلى تصنيع واجهة نضالية لها فكان ثمة ” مؤتمرات فكرية ” قومية – عربية تارةً و قومية – إسلامية تارةً أخرى، و المؤسف أن هاتين الواجهتين المتناظرتين: أي جامعة الدول العربية الرسمية و المؤتمرات القومية و الإسلامية العربية الشعبية، تنافستا منذ أفول القرن العشرين و حتى اليوم على ” التعيش و التلهي ” بمعاناة الإنسان العربي ما بين بلاد الرافدين و بلاد الشام خصوصاً. في حين استغلت هاتين الواجهتين بعض وفاء أولى الأمر و النهي في النظام العربي الحاكم لأبناء جلدتهم لتعزيز مواقعها الارتزاقية المختلفة في العمل التنموي العربي المشترك عموماً و في مجال الطاقة خصوصاً. و من لا يتفق معنا في هذا التبسيط المبسط نحيله بمنتهى الإخلاص في القصد الوطني – العربي إلى أبرز القمم العربية الرسمية الأخيرة، و بخاصة القمة العربية الاقتصادية التي دعا إليها الوطنيون - العرب من أبناء شعبنا العربي العظيم في الكويت مثلاً ( أنظر مقال رأينا بعنوان: ” الفرج بعد الشدة: نحو قمة عربية اقتصادية “، المنشور في مجلة العربي العتيدة، العدد 585،22-25، آب 2007 ). و تحت عباءة هذا الاستغلال اللاوطني حقاً، و في إطارِ الهبوط السياسي نحو القاع الامبريالي – التلمودي الراهن، جرى إفراغ المنظمات العربية الإقليمية المتخصصة من عقائد تكوينها الوحدوية العربية الحقة، فتحولت إلى مكاتب و مصارف خلفية للمؤسسات الإمبريالية الموطنة اليوم في مناطق عديدة من الوطن العربي مع مزيد الأسف. فتركزت المحصلة الكارثية في تسليم القرار الطاقي العربي لأيادي مؤسسات ” شمالية – تلمودية ” لا ريب فيها، تقوم بالتنظير لمن يهمه الأمر في وظيفتها لإدارة الصناعات الطاقية الوطنية العربية و تشغيل العوائد التنموية البترولية لصالـح ” إمبراطورية النفط العظمى ” دون قيد أو شرط و ذلك على النحو الذي سبق لنا تفصيله عبر مقالات رأينا المنشورة مؤخراً في مواقع إلكترونية مميزة مثل:( كلنا شركاء في الوطن: www.all4syria.net )، و ( أخبار النفط و الغاز السوري: www.syria-oil.com )، و ( الفكر القومي العربي: www.alfikralarabi.org )، و من بينها على سبيل المثال لا الحصر: ” حَوْلَ حُرُوبِ شَرْقِيِّ الْمُتَوَسِطِ الْبِتْرُولِيّّةِ “( 15/1/2009 )، و ” ثَلاثَةُ بَيَانَاتٍ عَالَمِيَةٍ: فِيْ العَصْرِ البِتْرُولِيّ ” ( 28/6/2009 )، و ” بَعضُ عَجَائِبَ عَرَبيَةٍ مُثِيْرَةٍ: فِي العَصْرِ البِتْرُولِيّ ” (6/7/2009 )، و حَتَىْ آخِرِ بِرْمِيلِ نَفْطٍ فِيْ العَالَمِ؟ ” ( 9/7/2009 ). و يستمدُ ” البعد الرئيس الثاني ” مكانه في إشكالية الطاقة العربية هذه من حقيقة تلازم نمو استهلاك الطاقة مع النمو الأسيّ للمجتمعات البشرية، لنتبين واقعياً اليوم أن نمو سكان الوطن العربي يتم بمعدل 2.5 % في العام، حيثُ يتوقعُ أن يصل عدد أبناء الشعب العربي العرب حوالي 355 مليون نسمة عند نهاية العقد الجاري، الأمر الذي سيقود و بشكل أسيُّّ مواكب لصعود استهلال الطاقة العربي إلى حدود 14 مليون مكافيء برميل نفط في عام 2010 ذاته ( أنظر التفصيل في التقرير الإحصائي السنوي 2008، لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول، الكويت )، فهل يتوقع لقوى الإمبريالية الجديدة أن تسمح للعرب بالاستفادة من مصادرهم البترولية الوطنية أم لا؟، و الجواب جدلاً هو لا!؟. من لا يتفق معنا في حقيقة تضارب بعد إشكالية الطاقة العربية المنظورة هذه مع مصالح الصناعة الطاقية الرأسمالية، نتمنى عليه إجراء مراجعة موضوعية دقيقة لمبررات و مجريات الحروب الإمبريالية – التلمودية المشتعلة اليوم ما بين أفغانستان و بلاد الشام. أما البعد الرئيس الثالث ، بل المضحك – المبكي في إشكالية الطاقة العربية هذه، فيتجلى اليوم في عودة النظام العربي الحاكم إلى سابق تجاهدنا الوطني – العربي الخاص بحثِّ الأمة العربية على حيازة الطاقة الكهرونووية “، و ” هو عود حق يراد به باطل دون ريب (!؟) “. السبب أنه، كما سبق و بينا في مقال رأينا المنشور في مجلة العربي العتيدة بعنوان ” مـن يخـشى الـرعـب الكهرونووي ؟ “، ( مجلة العربي ، 1994، العدد 425 ، ( 61 – 63 ) هو ” أن الذي كان يخاف الدخول في ميدان حيازة الطاقة الكهرونووية هو العديد من قادة النظام العربي الحاكم ذاته “، أولئك الذين عارضوا طويلاً و ترددوا كثيراً في متابعة الخطى الوطنية – العربية التي قادها القائدان التاريخيان جمال عبد الناصر و هواري بومدين لإرساء التقنية الكهرونووية العربية المستقلة، مجسدين بهذا السلوك الجانب المبكي في هذا الشأن. أما الجانب المضحك في هذا البعد فيتجلى في التفجر المفاجيء، بل ” الفورة العاطفية الكهرونووية الرسمية العربية ” لدى هؤلاء ” الخائفين العرب “: الذين يعملون اليوم – بوعي أو دون وعي – على مواكبة الاستراتيجية الإمبريالية – التلمودية الرامية إلى سحق البرنامج الكهرونووي الإيراني من جهة، و التمويه من جهة أخرى على تعاظم ترسانة الحرب النيترونية التي يمتلكها العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة. على أي حال، لا يسعنا في ختام هذا المبسط المتواضع سوى الاستعانة بقول الله عز و جل: ” من جاء بالحسنة فله خيرٌ منها و هم من فزعٍ يومئذٍ آمنون ” ( صدق الله العلي العظيم ). الدكتور عدنان مصطفى وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) رئيس الجمعية الفيزيائية العربية profamustafa@myway.com |