نَظَرِيَةُ كُلُّ شَيْءٍ الْفِيزْيَائِيَةِ: عِنْدَمَا تُبْصِرُ الشَأْنَ الْبِتْرُولِيَّ الدكتور عدنان مصطفى: وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) ( كلنا شركاء ) : 7/9/2008 في مستهل محاضراتنا التي ألقيناها على طلابنا الكرام في الفيزياء لدى مطلع كل عام، أي منذ أفول العقد السادس من القرن العشرين الفارط و حتى مطلع العقد الأول من القرن الحادي و العشرين الجاري، تفاهمنا مع طلابنا: الصبايا و الشباب الفيزيائيين على:" أن علم الفيزياء، الذي نسعى إلى خوض غماره أنظمته المتحدية العديدة، قد أقيمت تخصصاته لإدراك آيات خلق السماوات و الأرض، فمن خلال هذا الإدراك الإنساني يمكن تعميق قنوت المخلوق لخالقه من جهة، و استغلال نعم الله في تحسين بقاء البشر الذين يسمعون و هم ينتشرون، و يتفكروا حين يمسون و حين يصبحون، و يعقلوا حقاً مكنون آيات الله هذه من جهة أخرى ( أنظر مثلاً تفصيل ذلك في: القرآن الكريم، سورة الروم: 17-27 )". و لقد أجمع معظم آباء الفيزياء العظام: ما بين أبو يعقوب الكندي ( في مدرسة العلم العربية المجيدة ) و محمد عبد السلام ( في مدرسة العلم العالمية الحديثة ) على استبعاد " حكم " العقل عند النظر في طبائع أشياء هذا الوجود، و تحكيم القلب في التعامل التجريبي مع هذه الطبائع. و كنا نضرب مثالاً حسياً مباشراً على ذلك لتحذير طلابنا الشباب أن لا " يشكُّوا " في قانون الثقالة العالمية، الذي بنى عليه إسحق نيوتون نظريته الفيزيائية الميكانيكية ( 1687 )، عندما يرون دخان السيكارة و هو يصعد للأعلى عوضاً عن سقوطه منجذباً نحو الأرض كبقية الكتل المادية الأخرى، فلهذا الحدث طبيعته الذاتية الخاصة. و عندما حارت نظرية نيوتون الميكانيكية عند الأحداث الضوئية، فتح الله على جيمز كليرك ماكسويل فابتكر " رياضياً " نظريته الكهرطيسية التي وحدت ما بين طبيعتي القوتين الكهربائية و المغناطيسية ( 1873 )، ذلك الفتح الذي أدخل البشرية منذ أفول القرن التاسع عشر و حتى الآن عصر المدنية و التقدم الحضاري. و عندما حاول الفيزيائيون صنع شمول النظرية الفيزيائية الحديثه، لم يكن بمقدورهم صنع ذلك لولا ابتكارهم مفهوم " الكم " الذي أرسيت عليه أصول ميكانيك الكم الذي سهل إدراك عالم ما تحت الذرة. و لقد ختم فيزيائيون عظام مثل الأخ الراحل الدكتور محمد عبد السلام ( باكستان ) ميلاد هذه النظريات عندما ابتكـروا مفهوم " الكوارك " و من ثم إنشـاء " النظرية الموحـدة العـظمى " ( 1968 )، تلك التي وحدت ما بين القوة النووية الضعيفة و القوة الكهرطيسية. و بذلك بات الفيزيائيون جميعاً يتعاملون مع ما تبديه قوى الثقالة، و الكهرطيسية، و النووية الشديدة من أحداث. و ربما لا نزال كفيزيائيين، نتطلع جميعاً إلى نظرية توحد بين هذه القوى الثلاث، و ذلك من باب ثقتنا بانبثاق كل هذه القوى من قوة الله جلت قدرته. و حين يعتقد البعض من المفكرين العلميين بأن سعينا هذا مجرد " هوس فكرى موحد "، بل عربي – إسلامي شوفيني، ينبري بعضهم بين الحين و الآخر مستهئزاً / جادا من الفيزيائيين الموحدين العظام مثل الأستاذ عبد السلام لنشر نظرية ما تحمل عنوان " نظرية كل شيء: Theory of Every Thing – TOE ". و باعتبار أن ظهور مثل هذه النظرية قد ييسر للعالم بلوغ وصفٍ موحد لكل الأحداث الكونية، فأننا سننسجم في هذا المقام مع تطلعاتنا المخلصة لابتكار مثل هذه النظرية، و نفترض تحققها جدلاً تحت شمس هذا الكوكب، فنستخدمها مبدئياً في تقويم بعض الأحداث الطاقية الجارية مؤخراً، و مطلقين عليها اسم: " نظرية كل شيء البترولية: Theory of Every Oily Thing - TOEP ". و عليه، فإن ( TOEP ) تفترض وجود قوة واحدة فقط ما تصنع الأحداث البترولية الدولية تأخذ هيئاتها من زخم " الشبق الإمبريالي البترولي: The Imperial Petroleum Lust – IPL ". و بتطبيق ( TOEP ) على الأحداث البترولية العربية، نختار منها حدثين فقط هما: حدث زيارة كوندوليزا رايس لطرابلس الغرب: و قد تم بعيد وضع السيدة رايس رجلا على رجل أمام قائد ثورة الفاتح العظيم، و النطق بموضوعة " أن ليس للولايات المتحدة أعداء دائمون...الخ ". فتجلت ردة فعل هذا القائد على ذلك و باختصار شديد جداً عبر تأكيده على فكرة سابقة له تقول " بتوظيف كوندي رايس السوداء لتحكم الوطن العربي من المحيط إلى الخليج "، مع إيضاح " أنه أفريقي بكل معنى الكلمة ". و قبيل اختتام هذا التفاعل المثير السريع ( interaction) ) – و فق لغة النظرية الموحدة العظمى – سحب نظيرها السيد عبد الرحمن شلغم ملف الاتفاقيات البترولية الكبرى الموقعة ليبياً سلفاً، حيث قامت رايس بتصديقها بكعب حذائها الرفيع مباشرة بدون تردد، ثمَّ أكدت للقائد، و العين بالعين، أن هذا الأمر يعتبر مجرد بداية: " لم تكن لتتحقق لولا قرار ليبيا التاريخي بالتخلي عن برامجها لأسلحة الدمار الشامل (2003 )، وإبرام اتفاق ( في آب 2007 ) لتعويض أسر ضحايا تفجيري لوكربي وبرلين". كما لم تتردد رايس البتة في الإفصاح عن رغبتها بأن يُفتح المجال أمام الشركات البترولية الأمريكية للحصول على نصيب من " الكعكة النفطية (!؟)"، قائلةً: " الأمر المهم بالنسبة لنا هو أن ليبيا تمتلك احتياطات نفطية هائلة، واحتياطي مهم من الغاز الطبيعي... كما أن العلاقات الثنائية تنطوي على احتمالات أوسع بكثير من مجرد الطاقة، فليبيا تستطيعُ المساعدة في الحرب على الإرهاب... الخ". ( www.reuters.com : 06/09/2008 )، و ليهنأ بهذه النتيجة أخوتنا العلماء العرب في ليبيا الذين " لا ينفذون من هذا الطلب إلا بسلطان " ، و حدث الفجور الاستثماري في الخليج العربي: و هو شأن تلمودي موجهُ إلى قلب دولة الإمارات العربية المتحدة، تجلت مظاهره قبيل رحيل القائد العربي الموحد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، و مضى في " تفجره " لاحقاً بأشكال وحشية مبددة للثروة الوطنية – بترول منضب و عوائد محروقة – وراء استراتيجية شمالية – صهيونية تشكل " القوة الواحدة الضاربة "هناك اليوم. و قد سبق لنا أن أتينا على تحليل مثل هذا التفجر المجنون عبر مقالات رأينا منذ عام 2007 و حتى اليوم، لم يدر بخلدنا البتة أن ينقلب هذا التفجر " فجوراً لا يسر عدواً و لا صديقاً ". خذ مثلاً: قيام أحد أزلام الأسر الحاكمة، و رئيس مجموعة أبو ظبي المتحدة للاستثمار، أي السمسار سليمان الفهيم، بشراء نادي كرة القدم مانشيستر سيتي البريطاني. الأمر الذي أثار غضب الرأي العام البريطاني الذي يري في الهجمة الخليجية العربية على معالم المجتمع البريطاني الوطنية الرئيسة شان " سوقي = بازاري " مستهجن. و في هذا الصدد نشرت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية تقريرا مطولا بعنوان: " ملوك التفاخر و التباهي الجدد في الخليج العربي “ جاء فيه "إن إمارة أبو ظبي قد أعطت إشارة على نيتها بأن تكون مصدر جديدا للتأثير والنفوذ الآلي في العالم، وذلك من خلال شرائها لأسهم في هوليوود وقطاع الإنتاج الفني في العالم والآن لنادي مانشيستر سيتي ". ويضيف التقرير قائلا إن إمارة أبو ظبي، بل كل الإمارات العربية المتحدة أضحت مهووسة بالثراء الفاقع، و أضحت في مركز انفجار الثروة وإن ثقتها الجديدة بالنفس واستعدادها لضخِّ أموال النفط في الأسواق العالمية المختلفة من شأنه أن يغير ويبدل ديناميكية وحركية الاقتصاد الخليجي... فلتحذروا العواقب. أما ويل هاتون، فيكتب مقالا نقديا في الصحيفة نفسها قال فيه: “ إنه ليس فقط عالم كرة القدم وحده هو الذي صُدم بشراء أبو ظبي لنادي مانشيستر سيتي، بل أن كل شركة بريطانية تعتمد نظام الأسهم قد تنبهت بحدة إلى أن نظامنا يسمح بشكل فريد للمستثمرين باقتناص أي منها في أي لحظة ودون سابق إنذار، وخصوصا من قبل صناديق المال المستقلة التي تبلغ ميزانياتها ثلاثة تريليونات دولار أمريكي." ويتابع هاتون قوله: "لقد باتت بريطانيا برمتها في مهب مزاد الحرائق الذي تُباع فيه السلع المتأذية من النار، فبريطانيا تبيع ممتلكاتها، الأمر الذي ستلومنا عليه الأجيال يوم لا ينفع الندم.". وتنقل الصحيفة ذاتها عن أحد رجال الأعمال في أبو ظبي قوله: " إن صناديق الأموال هذه (في أبو ظبي)، مدعومة بأموال العائلة الحاكمة، لا تملك مجرد مليارات الدولارات التي تقوم بإنفاقها، بل لديها تريليونات الدولارات التي تمكنها من شراء أي شيء تريده." و من يتقصى طبائع حياة هؤلاء المهووسين العرب في دولة الإمارات العربية المتحدة، و يتعمق في تقويم " تفاعلهم " مع المستوطنين العرب، من تجار السلاح و البترول و المخدرات المصريين من أزلام النظام الحاكم هناك، لن تخذله نظريتنا ( TOEP ) في تفسير قتل الغانية اللبنانية تميم و لا غير ذلك في هذه الدولة المتوحشة الشاردة حقاً. ختاماً، بعيد نشر نظريتنا الابتدائية المبسطة أعلاه، نتوقع من أصحاب رأي القلب، قبل العقل، أي الوطنيين العرب الأحرار في الخليج العربي خصوصاً، مشاطرتنا الخروج من متاهات التقهقر العربية، مستخدمين هذه النظرية الفيزيائية الفاعلة ليس في عالم الطاقة فحسب بل في كسر قواقع النحو و الصرف و النقد و الفقد القاسية التي تحجر أقلامهم، و تمنحهم فرص النزول من أبراجهم الافتراضية العاجية للتحدث بقوة واقعية عن معاناة الانسان العربي، ألم يعد لديهم إيمان بأن الصبح قريب؟.
الدكتور عدنان مصطفى وزير النفط و الثروة المعدنية الأسبق ( سورية ) |