همسة 2 ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
· شيخ الأزهر مشهود له بالعلم ولسنا ممن يتحدث عن العلماء بالسوء والتنقيص، فإن ذلك ما أراده ويريده منا الأدعياء والأعداء مِن بني جلدتنا ومِن غيرنا. غير أننا تعلمنا منهم جزاهم الله عنا كل خير أن لا نأخذ بزلة العالِم إذْ يزل بزلته العالَم، ولهم علينا واجب النصح لا غير، أصلحهم الله وهداهم إلى الحق، فإنهم الأنوار التي نستنير بها ولو في واضحة النهار، فما بالك بالليل البهيم، والظلمة الشديدة، ولولاهم لتخبطنا في الغياهب، وتجرعنا أذيال الخيبة، منذ أن لقي النبي صلى الله عليه وسلم ربه إلى يومنا هذا، فمن حمى حوزة الإسلام في هذه القرون المتطاولة إلاَّ من كانوا لنا شموسا وأقمارا، زادهم الله عزا ونصرا وهداهم إلى الحق. · النقاب هو ما تنتقب به المرأة من اللباس الساتر لها من أعلى رأسها إلى قدميها ـ من برقع أو خمار أو ما يقوم مقامهما ـ بحيث لا يظهر منها شيء من جسدها، إلا ما يظهر منها للأجانب ـ من الوجه أو غيره أو ما تتزين به المرأة عادةً على جهة الضرورة ـ وذلك لأجل الشهادة أو التطبيب أو غيرهما مما لا يلحق المرأة بسببه الحرج إذا احتاجت أو اضطرت إليه. · النقاب على المعنى الذي ذكرته هو مذهب جمع من الصحابة والعلماء من هذه الأمة وذلك على جهة الفرضية والإيجاب، وهو مذهب قوي له أدلته وحججه، وليس هذا موطن بسطها وذكرها على جهة التفصيل. · وبالمعنى نفسه قال جمع من الصحابة والفقهاء، إلا أنهم قالوا به على جهة الاستحباب دون الفرضية، ولا خلاف بينهم مع أصحاب المذهب الأول أن المرأة وإن أخذت بالاستحباب ورأت أن لا تغطي وجهها وكفيها، أنها تغطيهما عند الفتنة أو خافت على نفسها أو كانت وسط الأجانب أو الرجال... · وذهب جمع من الصحابة والعلماء إلى أن الواجب على المرأة أن تستر كامل جسدها إلا الوجه والكفين، وهو مذهب قوي كذلك وله أدلته وحججه، بأن تغطي رأسها وتستر جسدها بما تتوفر به شروط اللباس في الإسلام بأن لا يكون صفيقا محجما للعورة وضيقا، أو أن يكون شفافا يكشف ما تحته، أو أن يكون لباس شهرة، أو من لباس أهل الكفر، ولكل بلد لباسه وما يسوغ لباسه في بلد قد يكون ثوب شهرة في بلد آخر، وهو ما يتعلق بعادات الناس وأعرافهم. · تغطية المرأة لكامل جسدها بما في ذلك كفيها ويديها من خلال النقاب المتعارف عليه اليوم كان معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل في باب العادة، بل هو عبادة تتقرب بها المرأة إلى الله لما ورد في ذلك من أدلة ونصوص شرعية من الكتاب والسنة، فإذا كانت العاديات والأعراف التي يتعارفها الناس تصل إلى درجة العبادة إذا اقترنت بالنية وهو أمر ظاهر في الشرع، فإن المستحب والمندوب يصل إلى درجة العبادة إذا اقترن بالنية، ولنتأمل أن هذه الأعراف والعادات والمندوبات والمباحات إذا اقترنت بالنية صارت من العبادات، مع أنه لم يرد بشأنها نصوص خاصة، فكيف نقول إن النقاب عادة مع اقترانه بنصوص شرعية كثيرة بعضها جاء على جهة الأمر والإيجاب، والفرق بين الأمرين واضح لمن درس أصول الفقه. · الفرق بين العادة والعبادة والفرض والمسنون والندب والاستحباب والإباحة، مصطلحات فصَّل فيها العلماء، وتُدرس في علم الأصول، ومن أراد الفروق اللغوية والاصطلاحية والشرعية فعليه بالمصادر، وهي سهلة على من سهل الله له الفقه في الدين. |