البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : الذكريات تاريخ..    قيّم
التقييم :
( من قبل 13 أعضاء )

رأي الوراق :

 أحمد عزو 
26 - يوليو - 2009
لكل منا ذكرياته التي تسكن فيه وتستوطن، تخرج بين الحين والآخر لتعيش في زمن غير زمنها، فتنعش الروح وتضفي عليها حلاوة وألقاً، أو تعصرها إلى حد الخنق.. ولنا جميعاً ذكريات مشتركة سواء التقينا أم لم نلتق، تشكل تاريخاً حافلاً سواء بين أفراد قلائل أم جماعات تتمثل بوحدة الأرض واللغة والمصير.
نصرّ على استحضار ذكرياتنا أينما ذهبنا، وبخاصة تلك المتعلقة بأناس يسكنون قلوبنا، منهم من افتقدناهم ومنهم ما زالوا يتنقلون بيننا وقد عمل فيهم الزمن بمعوله كما عمل  فينا.
توضع ذكرياتنا في حقيبة محكمة، تُفتح عندما نريد وعندما لا نريد، ربما نهرب بها من أيامنا التي تزداد تعقيداً، وحياتنا التي تزداد تلويناً، وأرواحنا التي تزداد تشتتاً.. وفي أوقات عديدة يكون صمتنا ملاذاً وحيداً وآمناً، وخصوصاً عندما نشعر بالغربة تنهش في لحومنا، وكذلك عندما تكون الذكرى أشد إيلاماً من الحسام المهند.
نستحضر الشريط السينمائي وهو يدور في رؤوسنا، نعيش في دائرة خارج دوائرنا المعتادة، مرددين أحياناً (سقى الله أيام زمان)، ونزداد ترديداً لـ(كنا، وكنت)، مبتعدين قدر الإمكان عن الذكريات المؤلمة لأنها -باختصار- مؤلمة.
رحم الله الشابي مبدع هذه الصورة عن (الذكريات الجميلة) التي نحبها وننحاز إليها:
ذكريات تميس في ظلمة النفـ    ـس ضئالاً كرائعات المشيب
 4  5  6  7  8 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
السعادة     كن أول من يقيّم
 
        رب إن شئتَ الفضاءُ مضيق                     وإذا شئت فالمضيق فضاء
 
عندما تحاول أن تُفهم قلبك أمراً وتجد منه عدم فهم
عندها يجب عليك أن تكون ليناً معه  فالقلب حين لا يستجيب لفهم السعادة فهو بحاجة لئن يشعر بالأطمئنان والحنان وهذا لن تجده إلا بذكر الله
 
أتمنى للجميع السعادة
أمتنا العربية والإسلامية مرت في تاريخها بآلام كثيرة ولكنها تجاوزتها ولن تدوم شدة بإذن الله
ةللجميع التحية
*أحمد
1 - سبتمبر - 2009
مرحباً وأهلاً..    كن أول من يقيّم
 
أرحب بالضيف الجديد على الملف القديم، الأستاذ أحمد الريحاني أجمل ترحيب وأحلاه..
لا شك أن التفاؤل جميل لذيذ، مطلوب مرغوب محبوب، وهو ما حثنا عليه ديننا، ومنه عدم القنوت من رحمة الله، وفتح باب التوبة إلى ما قبل محطة الغرغرة، ومنه أن أفضل الخلق كان يحب الفأل الحسن.
كل ذلك كي لا نترك للأوهام سبيلاً في السيطرة على أنفسنا وتكبيلها بسلاسل من حديد لا تنفك إلا بالموت أو ما يشبه الموت.
أنا بالنسبة إلي أحب ذلك وأتبناه وأعيشه، لكن هنالك كثير من الأمور التي تجعلني أراجع أشياء من دفاتر أمتنا، وحين المراجعة أتراجع قليلاً عن الفأل بمحيطه الواسع كي لا أغرق به، فنحن العرب لا نحسن السباحة بالمحيطات، وقد وصلنا بفضل انتكاساتنا وسوء تدبيرنا إلى ذيل القائمة العالمية بجدارة، وحازت حكوماتنا قصب السبق في التنكيل بـ(الغلابة) من البشر، وتفننوا في ذلك وأبدعوا، والنتيجة: العرب في ذيل القائمة في التأليف والقراءة والترجمة، وفي الاختراعات، وفي التعليم، وفي الصحة، وفي الحريات، وفي البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية... والأهم من كل ذلك هو العدل الذي قال عنه شيخنا الأستاذ ياسين: (إن الله سبحانه يقيم دولة الكفر إن كانت عادلة)، وهذا ما آمنت به قديماً وحديثاً وما زلت، والشواهد أمامنا أكثر من أن تحصى.
وخلال مشاهدتي لبرنامج (خواطر) منذ أيام يقدمه الشاب الجميل أحمد الشقيري، لكم تأسفت على أحوالنا من خلال مقارنات بسيطة جداً بين مجتمعاتنا العربية بشكل عام، ودولة صغيرة مثل اليابان، طبعاً صغيرة بمساحاتها لكنها تسيطر على العالم منذ عقود في كثير من النواحي، ولا داعي للكلام عن كيفية خروجها خاسرة من حرب إبادة وقنبلة نووية وغير ذلك..
كانت المقارنة في الصعود إلى الحافلة وفي النزول، في الطوابير اليابانية والطوابير العربية، في محطات الوقود وكيف أن العامل في المحطة لا بد أن يلقي السلام على كل داخل وخارج، وكيف يضع منديلين على السيارة، الأول عند فتحة البنزين والثاني عند احتكاك خرطوم البنزين – النازل من السقف- بالسيارة كي لا يخدشها، كان يقارن معاملة الناس هناك وهنا، وكيف أن سائق سيارة الأجرة يحب عمله ويفتخر به ولا أحد من الناس ينظر إليه إلا نظرة احترام وتقدير، وكيف أن عاملاً لسيارة أجرة في أحد البلاد العربية يعمل 12 ساعة باليوم ودون عطلة أسبوعية تحفظ له جسده المنهك وكرامته المهدرة..
كل ذلك مجرد أمثلة، ومثلها الملايين من دون مبالغة..
ماذا أقول بعد؟!.. والله إن الغصة كبيرة، وكبيرة جداً، والحمد لله على كل حال.
*أحمد عزو
2 - سبتمبر - 2009
مـا أحاـى الرجـوع إليـه ...    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
يبقى التاريخ حياً و متفاعلاً من خلال ما تركه لنا أناسٌ عاشوا في زمن يشابه زماننا و مروا بتجارب تشابه تجاربنا ، جُبلت بمشاعر لا تختلف أبداً عن مشاعرنا ، فمنهم من أحب و تألم ومنهم من أحب و عاش السعادة حتى الثمالة ….
 
منهم من ضحى و تفانى في سبيل الوطن و منهم من اتخذ الطريق الأسهل فاختصر الوطن ليعيش محسوباً عليه و منبوذاً من أوطان العالم .
 
الكتب و المخطوطات تأخذنا إلى عالم غابر ، تعرفنا على  تشكيلته الإجتماعية و السياسية و الدينية السائدة آنذاك، و تقدم لنا صورة عن مجتمعات و كُتل و حكومات و مبادىء عامة .
 
لكن ، عندما نقرأ رسائل كتبها أناس عاديون إلى أناس عاديين يتكلمون فيها عن تفاصيل دقيقة كونت مسار يومهم نجد أنفسنا نعيش الزمن و اليوم و الساعة و اللحظة التي كُتبت فيها الرسالة لأنها تتعلق مباشرة بالإنسان كإنسان منفرد بكيانه و ليس بمجموعة محكومة بقوانين و تشريعات قانونية .
 
الرسائل من هذا النوع لها مسام حية لا تموت بموت كاتبها بل تنقل لنا زفراته و نبضات قلبه و أفكار عقله و تنقلنا إلى ذلك الزمن فنعيشها و نتنفسها و كأن الكاتب تقمصنا ليعيش حياة أخرى نعيشها نحن في حياته .
 
في خزانتي علبة بين جدرانها رسائل و خواطر و أشياء أخرى كُتبت في زمن مجهول بيد مجهولة إلى أناس مجهولين... أو هكذا أردتها أن تكون، وبين الحين و الحين أعود بالخيال إلى ذلك الزمن أغني مع من غنى يوماً ... ما أحلى الرجوع إليه .
 
 
*سلوى
2 - سبتمبر - 2009
مرحبا أيضا وسهلاً    كن أول من يقيّم
 
أشكرك أستاذي الكريم على كلماتك الجميلة
وأنا أشارك والكل يشارك برأيك بما وصلت إليه أمتنا من ظلم وتنكيل لا من أعداءها بل من حراسها وولاتها
ولكننا أستاذي لسنا بحاجة إلى اليأس ولسنا بحاجة إلى ذكريات مؤلمة نحن بحاجة إلى تلك الذكريات المضيئة في تاريخنا
لننشر معاً ثقافة التفاؤل ( ثقافة الذكرى الجميلة ) لنحققها ولنعيدها يوما ما إن لم يكن في جيلنا ففي الأجيال القادمة
سلامتك من الغصة فأنت تقول الحمد لله ( رب يشرح صدرك ويسعدك أميــــــن)
لله الحمد في الأولى والأخرة و.......السلام
*أحمد
3 - سبتمبر - 2009
شق في الحائط..    كن أول من يقيّم
 
النملة التي تسكن شق الحائط وتتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر، وتعمل طول الحياة عملاً واحداً لا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها، تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير، وأن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك، وهي معذورة في هذا التصور؛ فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها.
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط، والحائط لإحدى الغرف، والغرفة في إحدى الشقق، والشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة، والعمارة واحدة من عمارات في حي، والحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة، والقاهرة عاصمة جمهورية، وهذه بدورها مجرد قطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا، ومثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية، والكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية، والمجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس، وغيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى، تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلاً، وكل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا، وهي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين ولم تطأها قدم، ومن فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يدبر كل هذه الأكوان ويهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة.
كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة، ومع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سجناء محصورين، كل واحد مغلق داخل شق نفسه، يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار، ويدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية، تبدأ وتنتهي عند الحصول على كسرة خبز ومضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك، برغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم وخيال واختراع وأدوات وحيلة وذكاء، وبرغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل.
أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع وسلاحف ونمل، كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أو يختبئ داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد والأضغان والأطماع والمآرب.
نرى الذي يموت من الغيرة، وقد نسي أن العالم مليء بالنساء، ونسي أن هناك غير النساء عشرات اللذات والأهداف الأخرى الجميلة، ولكنه سجن نفسه بجهله وغبائه داخل امرأة واحدة وداخل جحر نملة واحدة، التصق بها كما يلتصق بقطرة عسل لا يعرف لنفسه فكاكاً.. ونرى آخر مغلولاً داخل رغبة أكالة في الانتقام والثأر، يصحو وينام ويقوم في قمقم من الكوابيس، لا يعرف لنفسه خلاصاً ولا يفكر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه ويشرب دمه.. ونرى آخر قد تكوّم تحت الأغطية وغاب في محاولة حيوانية لاستدرار اللذة مثل قرد الجبلاية الذي يمارس العادة السرية أمام أنثاه!.. ونرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية وأغلق على نفسه زنزانة من الكآبة واليأس والخمول!.. ونرى آخر قد أسر نفسه داخل موقف الرفض والسخط والتبرم والضيق بكل شيء.
ولكن العالم واسع فسيح!. وإمكانيات العمل والسعادة لا حد لها وفرص الاكتشاف لكل ما هو جديد ومذهل ومدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية.. وقد مشى الإنسان على تراب القمر، ونزلت السفن على كوكب الزهرة، وارتحلت الكاميرات التلفزيونية إلى المريخ.
فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة ويعض على أسنانه من الغيظ أو يحك جلده بحثاً عن لذة أو يطوي ضلوعه على ثأر؟.. ولماذا يسرق الناس بعضهم بعضاً، ولماذا تغتصب الأمم بعضها بعضاً والخيرات حولها بلا حدود والأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها؟.. ولماذا اليأس وصورة الكون البديع بما فيها من جمال ونظام وحكمة وتخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه، كريم لا يكف عن العطاء؟.. لماذا لا نخرج من جحورنا، ونكسر قوقعاتنا ونطل برءوسنا لنتفرج على الدنيا، ونتأمل؟.. لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى، ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة وما وراءها، ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب ومصيرنا أن نعود إلى غيبه المغيب؟.. لماذا ننسى أن لنا أجنحة فلا نجرِّب أن نطير ونكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن، ونغوص في الوحل ونغرق في الطين ونسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا؟.. لماذا نسلم أنفسنا للعادة والآلية والروتين المكرور وننسى أننا أحرار فعلاً.. لماذا أكثرنا نمل وصراصير؟.
(مصطفى محمود/ الروح والجسد)
*أحمد عزو
3 - سبتمبر - 2009
رجـــاء    كن أول من يقيّم
 
أوقاتكم عبير الخزامى أساتذتي الأفاضل
 
يعز علي أن لا ألبي دعوتكم الغالية أستاذ عزو للعودة إلى المجالس بقدر أسفي على رؤيتها تضيع شيئا فشيئا في غياهب النسيان، لكني لسبب يتجاوزني أجد صعوبة كبيرة في الكتابة في الوراق هذه الأيام، وفي استجماع رغبتي بهذا حين أرى سراتنا الكبار الذين ما بخلوا علينا يوما بعطائهم قد انسحبوا بهدوء تاركين للصمت والأشباح أن تجول كما تشاء... أنا معكم في أن الوراق يجب أن لا يقف عند أحد كما لا تفعل الدنيا، وأن هذا المشروع الثقافي الفريد من نوعه يجب أن  لا ينهار بهذه البساطة...
ما آل إليه الوراق ليس أزمة مفاجئة ذهبت برواده على حين غرة، وإنما نتيجة كان لابد منها بسبب التراجع التدريجي للعطاء وانصراف الكثيرين إلى مشاغل الحياة، ثم التعب الذي لحق سراة الوراق الذين لم ينقطعوا خلال كل هذه السنوات عنه، والذين شهدوا انسحاب الأساتذة واحدا بعد آخر. هنا، أحب أن أقول أن أملي في عودة أساتذتي كبير جدا وهو في رأيي ما سيعيد الحياة إلى المجالس، وأعلم تماما أنه من الصعب والمتعب لفئة أن تكون المشارك الدائم، مع هذا أرجو أن يأتي قريبا اليوم الذي ننعم فيه ببطاقات سيدة المجالس التي تفوح عبقا أستاذتي ضياء، وبآيات الجمال في قصائد شاعرنا الأكبر أمير البيان زهير، وأطمع في أن أقرأ قريبا مشاركات فارس الشطرنج من غير منازع الأستاذ هشام الأرغا وأمير العروض عمر خلوف وشيخنا الأستاذ ياسين، وسفير الورود من المغرب الشقيق الأستاذ عبد الحفيظ والغالية على قلوبنا ندى، وشيخنا الفقيه بنلفقيه وسفيرة السلام خولة وفارس الحرية عبد الرؤوف النويهي والدكتور صبري وفارس أرغن والأستاذ زين الدين والأستاذ السعدي والأستاذ زياد والأستاذ كالو والأستاذ أبو هشام والأستاذ عبد الحي والباحث المتألق الأستاذ إبش و و و...والقائمة تطول، وسأنتظر بشغف عودة الدكتور يحيى وكل من هو في إجازة، وأرجو أن لا يخيب أملي في أساتذتي سادة الوراق وشموسه... وأعتذر مسبقا لأنه سيكون علي الانقطاع قريبا للالتحاق بعام دراسي آخر، سيكون هذه المرة العام الأهم لإقبالي على شهادة البكالوريا، وأشكر الأستاذ أحمد عزو كثيــــرا على كتاباته العذبة وعلى  صموده وأبايعه وأضم صوتي إلى صوته (خارج الإطار القانوني للتصويت). وأهديكم في الأخير بطاقة من ذكريات الطفولة.
*لمياء
3 - سبتمبر - 2009
ومضات من الذاكرة    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
 
أول ما يتبادر إلى ذهني حين أكتب عن طفولتي هو جدتي، بحنانها ودفئها والأيام التي تفوح بعبيرها في ذاكرتي وفي قلبي. كنت حينها أميرة الأفراح، والطفلة الطيبة البريئة ولا أزال، وفي بيتها كنت شعلة من السعادة والنشاط لا تنطفئ، وفراشة بيضاء حالمة كالتي كان يصيدها لي أبناء خالي.
 
الأيام كانت زهرية بطعم العسل، ثملة بألحان المقنين (الحسون) والكناري في قفصه الصغير وعالمه الكبير الساحر، وندية كأزهار الياسمين التي كنت أجمعها لها لتضعها على وسادتها الفواحة. منذ ذلك الحين لم يأت الكحل على أهدابي مجددا، منذ آخر مرة اغتسلت على يدها وعطرتني برائحة الخزامى التي تحب وكحلت أجفاني لآخر مرة. ولا أزال أحن إلى أوقاتي العزيزة معها منذ أن كنت صبية لا هم لها في الحياة إلى أن التحقت بالمدرسة وصرت أمضي عندها العطل، إلى صوتها العذب يوقظني على السابعة صباحا مغنيا « صباح الخِير يا مْدلّل » كأنه نسمة صباحية منعشة، إلى النوم معها وسماع حكاية البَلّارَجْ (الملك الحزين) التي لا أملها، وأكل البوظة خفية عن أعين أخوالي الذين يذكرونها بأنها مصابة بالسكري بينما لا تستطيع التخلي هي عنها، وإلى بهجة الحياة في كل زاوية من زوايا البيت الذي ينبض  بإيقاع قلبها الكبير المليء بالآلام، والذي صار الآن منزلا للأشباح التائهة.
 
جدتي "دوجة" كانت كنجوم الدجى متألقة وبارقة، فم صغير وعينان عسليتان وثغر باسم أبدا، وكف طيبة مباركة لا تضع شيئا في التراب إلا (شعشع)، ولا أزال أذكر كيف فقدت نقطة في اختبار العلوم حين اخترت لشجرة فاكهة أن تغرس بالبذور لا الفسائل، فهذا ما علمتني إياه رؤيتها تضع بذور الليمون والتفاح في القطن تعتني بها إلى أن تصير شجرة مثمرة في البستان.
 
مع جدتي فقط كنت أشاهد الأفلام المكسيكية المدبلجة التي ينهاني والداي عنها، وفي بيتها كنت أجد الحرية في الركض واللعب كما أشاء، أطعم الأرانب والدجاج والحمام، وآكل التوت من الشجرة يرفعني إليها خالي والمْشِيمْشَة (nèfle) والكَرْمُوسْ (من أنواع التين) يقطفها بقصبته الطويلة.
 
كانت (مانِي) دائما ما تضع كبة مما يسقط من شعرها الفضي في الدرج بعد مشطه، وكنت أنا أتأملها وهي تضفره كأنه فتائل حريرية مبتلة، وهي تعقد مْحِيرْمَتْها (تضعها النساء على رؤوسهن ، تغطي الشعر وتعقد إلى الخلف) البيضاء بأزهار زرقاء صغيرة، وأسألها « ماني وعْلَاشْ تْخَبِّي شعْرَكْ فَ الْقْجَرْ؟ » فتجيبني مازحة بأنها ستملأ به وسادة...وكلما أشعلت المصباح مساءً أتذكر قولها لي « قُولي مْسا الخِيرْ عْلِيكُم ! » فأذكر بساطة حياتها والحلاوة الكامنة في أدق تفاصيلها، وترتسم على شفتي ابتسامة هادئة.
 
رحم الله جدتي وأسكنها فسيح جنانه وكل موتانا وموتى المسلمين، آمين.
*لمياء
3 - سبتمبر - 2009
اللهم ارحمها.. آمين.. آمين.. آمين..    كن أول من يقيّم
 
طوال قراءتي لأحرف المبدعة لمياء ولمساتها السحرية على ذكريات الجدة ولا ينفك عن ذهني ذكرى قصيدة شوقي: (لي جدة ترأف بي) التي عارضها الأستاذ زهير بأبيات جميلة، (الديوان ص 591).. و(مجلس الرواية والقصة في الصفحة الثانية من ملف: تمتمات) الله يرحم أيام زمان يا تمتمات.. صارت من الذكرى أيضاً، الذكرى التي لا تُنسى في بدايات تعرفي بالسادة الوراقين، تحياتي وحبي للجميع، وهذا أبونواس يشاطرني الرأي:
سَقى اللَهُ أَيّاماً وَلا هَجرَ بَينَنا       وَعودُ الصِبا يَهتَزُّ بِالوَرَقِ النَضرِ
شكراً أستاذة لمياء، شكراً أستاذ زهير..
*أحمد عزو
3 - سبتمبر - 2009
نقد ذاتي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحياتي لحضراتكم أيها الوراقيون الأحباب ،
زادني الله أنسا بكم ، ونفعني بما تصوغه أقلامكم المتفننة الصادقة ، فشكرا لكم أي شكر .. ورحم الله جدة أختنا الأستاذة لمياء التي لها معها ذكريات جميلة دون ريب..
المقارنة التي عقدها أخي الأستاذ العزيز أحمد عزو بين الشعوب العربية وغيرها من الشعوب المتقدمة جعلتني أتذكر الحكاية التالية ، التي سمعتها من صديق نقلا عن الذي حصلت معه :
فلسطيني يقطن في العاصمة البريطانية ، وله جار إنكليزي لم تتعد العلاقة بينهما أكثر من صباح الخير ومساء الخير.. في أحد الأيام يلاحظ الفلسطيني رسما لوردة على بوابة حديقة منزله ، فيسر لمنظرها الجميل .. في مساء اليوم نفسه إذا بالجار الإنكليزي ومعه زوجه وابنه الفتى يقدمون إليه في زيارة هي الأولى التي يقومون بها لذلك الجار الفلسطيني ، وقد صنعوا كعكعة بيتية وجلبوها معهم هدية..
قال الإنكليزي لجاره الفلسطيني : جئنا نعتذر عما فعله ابننا حين رسم وردة على بوابة حديقة منزلكم..
قال الفلسطيني : لا داعي للاعتذار ، فانا مسرور جدا بما فعله ابنكم ، فقد رسم وردة جميلة تسر الخاطر وتبهج الناظر..
قال الإنكليزي : حسنا.. ولكن علينا أن نعيد لون البوابة كما كان ، وها نحن قد أحضرنا معنا علبة من الدهان بنفس لون البوابة..
قال الفلسطيني مندهشا : أرجوكم! قلت لكم إنني مسرور من صنيع ابنكم ، وأرغب في أن تبقى صورة الوردة على البوابة كما هي ، فلا داعي لأن تضيعوا مني سروري وبهجتي..
قال الإنكليزي : يا سيدي ، لا بد من إعادة لون البوابة الأصلي  ، ثم إن رغبت في أن يرسم ابننا لك وردة ، فاطلب منه ذلك ، أما وقد رسم ابننا الوردة دون إذن منك ، فعلينا أن نصحح خطأ ابننا أولا ؛ ليتعلم أن عليه أن لا يقوم بما قام به دون إذن..
حكاية أخرى :
ابن صديقي الذي حكى لي الحكاية الأولى ، هو نفسه قص على أبيه مايلي :
عندما كنت اعمل في ألمانيا رغبت مرة بالفرجة على واحد من فروع مصانع شركة مرسيدس للسيارات ، فذهبت إلى ذلك الفرع وصرت أتحدث إلى عامل هناك خلال قيامه بعمله ؛ ولكن ذلك العامل لم يعرني أي انتباه وظل يقوم بعمله متجاهلا وجودي..
في البرهة التي يتناول فيها عمال المصنع وجبة غذائية سريعة إذا بذلك العامل يتقدم نحوي قائلا : كنت تسألني أسئلة خلال قيامي بعملي ، ولم أتمكن من إجابتك ، فأنا لا أضيع وقت العمل سدى ، أما الآن ، فاسأل ما بدا لك..
وقصة أخرى حدثني إياها ابن صديقي نفسه قال :
عملت في شركة ألمانية تقوم ببناء الشقق وبيعها جاهزة.. في نهاية يوم من أيام تشطيب الشقق بالدهان  ،لاحظ المهندس المسئول أن اثر إبهام أحد العمال يبدو على واجهة غرفة من الغرف ، فجن جنونه ، واتصل برئيس العمال طالبا منه أن يحضر عماله بعدتهم وعديدهم لطمس أثر ذلك الإبهام على الرغم من انتهاء مدة العمل في ذلك اليوم ، وحضر العمال وقاموا بدهان الواجهة ( المبهّمة ) كاملة مرة أخرى..
قلت لمحدثي : هل حصل بينك وبين المسئول أمر لنا ولك فيه عبرة ، فقال : بلى ..
لاحظ المسئول أن الملف الذي أضع فيه أوراقي فيه ورقة خارج طرفها من بين دفتي الملف قليلا ، فقد كنت تسرعت في تثبيتها في الملف وهي مائلة.. قال المسئول : إنني أعجب من مهندس مثلك أن يرضى بأن تكون أوراق ملفه على هذا الشكل ! اعتذرت ، وقمت بتصحيح وضع الورقة المائلة .
أقول : على الرغم من ان لدينا عادات حسنة لا ينكرها منكر إلا اننا ، ولشديد الأسف ، أخذنا بتناسي تلك العادات شيئا فشيئا ، فكل جيل من اجيالنا يتقلب من حال حسنة إلى حال أقل حسنا إن لم تكن إلى السوء أقرب..
 قصة جرت أحداثها أمامي :
في دائرة حكومية في بلد من البلدان العربية تعج بمئات المراجعين ما وعيت إلا رجلا قد تخطى الصفوف الطويلة التي ينتظر أصحابها دورهم منذ الصباح الباكر ، وربما منذ أيام ، ويتجه مسرعا نحو الموظف الذي يتسلم المعاملات ؛ مقدما أوراق معاملته.. رحب به الموظف ترحيبا جميلا وختم أوراقه بسرعة وتسلمها.. صاح رجل مسن من الواقفين في الطوابير وقد أعياه طول الانتظار: إيش هذا! فيه كارت غوار هون؟! أجاب الموظف : نعم نعم ، إذا معك كارت غوار هاته!
ونقد ذاتي آخر :
في حفلات الأعراس عندنا كثيرا ما تقام تلك الحفلات في الشارع العام ، فيضطر أصحاب السيارات إلى سلوك طرق بعيدة للوصول إلى مساكنهم ، فعيب عليهم أن يتوقف الاحتفال ولو للحظة من أجل أن يمروا  . والأدهى من ذلك هو أن يكون في البلدة بيت عزاء أو أكثر ، بينما مضخمات الصوت الضخمة تصدح بالعتابا والميجنا وغيرهما إلى ما بعد منتصف الليل ، ناهيك عن المفرقعات التي تفوق في فرقعتها قصف الرعود في كوانين ، بل وتفوق هدير الطائرات الحربية الإسرائيلة وهي تخترق حاجز الصوت فوق رؤوسنا ... كان الناس فيما مضى يخجلون من الاحتفال بالأعراس فيوقفونها إذا دروا ان شخصا ما من اهل البلدة قد توفي ، أما اليوم فصار المطلوب من أهل المتوفى أن يؤجلوا إعلان الوفاة حتى تنتهي الأفراح والليالي الملاح..
اكتفي بهذا القدر من القصص والحكايات التي لا شك عندي ان لديكم منها الكثير ، وانتهي إلى القول : اللهم لا حول ولا قوة إلا بك .
 
 
 
 
 
 
 
على الرغم من ان لدينا عادات حسنة لا ينكرها منكر إلا اننا ولشديد الأسف أخذنا بتناسي تلك العادات شيئا فشيئا ، فكل جيل من اجيالنا يتقلب من حال حسنة إلى حال أقل حسنا إن لم تكن إلى السوء أقرب..
*ياسين الشيخ سليمان
4 - سبتمبر - 2009
واقعنا العربي    كن أول من يقيّم
 
شكرا لكم أستاذنا أحمد على البطاقة الجميلة وشيخنا الأستاذ ياسين مشاركتكم الممتعة التي تعكس فعلا واقعنا المعيش، وتذكرني قصصها برسالة بعثتها لي صديقة منذ يومين تقول:
 
عندما تمتلئ المقاهي بالشباب، وتشكوا المساجد والمكتبات من الغياب ...
عندما يستضيفون (راقصة) لتتحدث عن (تحرير) فلسطين...
عندما تدرس سنوات عديدة لينتهي بك الأمر بائعا في سوق الخضر أو عاطلا عن العمل...
عندما يكون هناك ستة ملايين عامل أجنبي ، وثلاثة ملايين عاطل ...
عندما تقوم من النوم لتجد في هاتفك المحمول رسائل ليس لها أي معنى ...
عندما تقود (سيارتك الأمريكية) وتأكل (الهمبورجر) وتشرب (البيبسى) ثم تطالب بمقاطعة المنتجات الأمريكية ...
أن لا تحصل على الترقية في عملك إلا (بواسطة) ولا تنال تقديرا في الجامعة إلا (بواسطة) ولا تجد الوظيفة إلا (بواسطة) ولا تحصل على حقوقك إلا (بواسطة) .
ابتسم لأنك عربي وتعيش في دولة عربية !
وإذا وصلتك هذه الرسالة وأصابتك الرهبة وخشيت من نشرها فابتسم لأنك أكيد عربي وتعيش في دولة عربية
 
تقبل الله صيامكم وقيامكم وإلى اللقاء
*لمياء
4 - سبتمبر - 2009
 4  5  6  7  8