نقد ذاتي ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
تحياتي لحضراتكم أيها الوراقيون الأحباب ، زادني الله أنسا بكم ، ونفعني بما تصوغه أقلامكم المتفننة الصادقة ، فشكرا لكم أي شكر .. ورحم الله جدة أختنا الأستاذة لمياء التي لها معها ذكريات جميلة دون ريب.. المقارنة التي عقدها أخي الأستاذ العزيز أحمد عزو بين الشعوب العربية وغيرها من الشعوب المتقدمة جعلتني أتذكر الحكاية التالية ، التي سمعتها من صديق نقلا عن الذي حصلت معه : فلسطيني يقطن في العاصمة البريطانية ، وله جار إنكليزي لم تتعد العلاقة بينهما أكثر من صباح الخير ومساء الخير.. في أحد الأيام يلاحظ الفلسطيني رسما لوردة على بوابة حديقة منزله ، فيسر لمنظرها الجميل .. في مساء اليوم نفسه إذا بالجار الإنكليزي ومعه زوجه وابنه الفتى يقدمون إليه في زيارة هي الأولى التي يقومون بها لذلك الجار الفلسطيني ، وقد صنعوا كعكعة بيتية وجلبوها معهم هدية.. قال الإنكليزي لجاره الفلسطيني : جئنا نعتذر عما فعله ابننا حين رسم وردة على بوابة حديقة منزلكم.. قال الفلسطيني : لا داعي للاعتذار ، فانا مسرور جدا بما فعله ابنكم ، فقد رسم وردة جميلة تسر الخاطر وتبهج الناظر.. قال الإنكليزي : حسنا.. ولكن علينا أن نعيد لون البوابة كما كان ، وها نحن قد أحضرنا معنا علبة من الدهان بنفس لون البوابة.. قال الفلسطيني مندهشا : أرجوكم! قلت لكم إنني مسرور من صنيع ابنكم ، وأرغب في أن تبقى صورة الوردة على البوابة كما هي ، فلا داعي لأن تضيعوا مني سروري وبهجتي.. قال الإنكليزي : يا سيدي ، لا بد من إعادة لون البوابة الأصلي ، ثم إن رغبت في أن يرسم ابننا لك وردة ، فاطلب منه ذلك ، أما وقد رسم ابننا الوردة دون إذن منك ، فعلينا أن نصحح خطأ ابننا أولا ؛ ليتعلم أن عليه أن لا يقوم بما قام به دون إذن.. حكاية أخرى : ابن صديقي الذي حكى لي الحكاية الأولى ، هو نفسه قص على أبيه مايلي : عندما كنت اعمل في ألمانيا رغبت مرة بالفرجة على واحد من فروع مصانع شركة مرسيدس للسيارات ، فذهبت إلى ذلك الفرع وصرت أتحدث إلى عامل هناك خلال قيامه بعمله ؛ ولكن ذلك العامل لم يعرني أي انتباه وظل يقوم بعمله متجاهلا وجودي.. في البرهة التي يتناول فيها عمال المصنع وجبة غذائية سريعة إذا بذلك العامل يتقدم نحوي قائلا : كنت تسألني أسئلة خلال قيامي بعملي ، ولم أتمكن من إجابتك ، فأنا لا أضيع وقت العمل سدى ، أما الآن ، فاسأل ما بدا لك.. وقصة أخرى حدثني إياها ابن صديقي نفسه قال : عملت في شركة ألمانية تقوم ببناء الشقق وبيعها جاهزة.. في نهاية يوم من أيام تشطيب الشقق بالدهان ،لاحظ المهندس المسئول أن اثر إبهام أحد العمال يبدو على واجهة غرفة من الغرف ، فجن جنونه ، واتصل برئيس العمال طالبا منه أن يحضر عماله بعدتهم وعديدهم لطمس أثر ذلك الإبهام على الرغم من انتهاء مدة العمل في ذلك اليوم ، وحضر العمال وقاموا بدهان الواجهة ( المبهّمة ) كاملة مرة أخرى.. قلت لمحدثي : هل حصل بينك وبين المسئول أمر لنا ولك فيه عبرة ، فقال : بلى .. لاحظ المسئول أن الملف الذي أضع فيه أوراقي فيه ورقة خارج طرفها من بين دفتي الملف قليلا ، فقد كنت تسرعت في تثبيتها في الملف وهي مائلة.. قال المسئول : إنني أعجب من مهندس مثلك أن يرضى بأن تكون أوراق ملفه على هذا الشكل ! اعتذرت ، وقمت بتصحيح وضع الورقة المائلة . أقول : على الرغم من ان لدينا عادات حسنة لا ينكرها منكر إلا اننا ، ولشديد الأسف ، أخذنا بتناسي تلك العادات شيئا فشيئا ، فكل جيل من اجيالنا يتقلب من حال حسنة إلى حال أقل حسنا إن لم تكن إلى السوء أقرب.. قصة جرت أحداثها أمامي : في دائرة حكومية في بلد من البلدان العربية تعج بمئات المراجعين ما وعيت إلا رجلا قد تخطى الصفوف الطويلة التي ينتظر أصحابها دورهم منذ الصباح الباكر ، وربما منذ أيام ، ويتجه مسرعا نحو الموظف الذي يتسلم المعاملات ؛ مقدما أوراق معاملته.. رحب به الموظف ترحيبا جميلا وختم أوراقه بسرعة وتسلمها.. صاح رجل مسن من الواقفين في الطوابير وقد أعياه طول الانتظار: إيش هذا! فيه كارت غوار هون؟! أجاب الموظف : نعم نعم ، إذا معك كارت غوار هاته! ونقد ذاتي آخر : في حفلات الأعراس عندنا كثيرا ما تقام تلك الحفلات في الشارع العام ، فيضطر أصحاب السيارات إلى سلوك طرق بعيدة للوصول إلى مساكنهم ، فعيب عليهم أن يتوقف الاحتفال ولو للحظة من أجل أن يمروا . والأدهى من ذلك هو أن يكون في البلدة بيت عزاء أو أكثر ، بينما مضخمات الصوت الضخمة تصدح بالعتابا والميجنا وغيرهما إلى ما بعد منتصف الليل ، ناهيك عن المفرقعات التي تفوق في فرقعتها قصف الرعود في كوانين ، بل وتفوق هدير الطائرات الحربية الإسرائيلة وهي تخترق حاجز الصوت فوق رؤوسنا ... كان الناس فيما مضى يخجلون من الاحتفال بالأعراس فيوقفونها إذا دروا ان شخصا ما من اهل البلدة قد توفي ، أما اليوم فصار المطلوب من أهل المتوفى أن يؤجلوا إعلان الوفاة حتى تنتهي الأفراح والليالي الملاح.. اكتفي بهذا القدر من القصص والحكايات التي لا شك عندي ان لديكم منها الكثير ، وانتهي إلى القول : اللهم لا حول ولا قوة إلا بك . على الرغم من ان لدينا عادات حسنة لا ينكرها منكر إلا اننا ولشديد الأسف أخذنا بتناسي تلك العادات شيئا فشيئا ، فكل جيل من اجيالنا يتقلب من حال حسنة إلى حال أقل حسنا إن لم تكن إلى السوء أقرب.. |