سمعاً وطاعة لكليكما.. ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
رأي الوراق :
تحياتي للأستاذة لمياء فقد حثتني على كتابة ما يأتي، وبعد أن أنهيت كتابتي على المسودة وأردت أن أضعها في الوراق وجدت تعليق الأستاذ ياسين ولي عودة له إن شاء الله.. فمشاركاته تنعش القلب دائماً.. لكم أكره الحزن، أنا الذي لم تنفك حياتي تضعني في مهب ريح الأحزان، لكنني سئمت، سئمت فعلاً من رياح السموم التي لا تبقي ولا تذر، كنت في الماضي القريب حاملاً سيفي في وجه من يقف في طريق سعادتي وسعادة الآخرين من حولي، كنت مستعداً أن أشهر كل أسلحتي كي أنال ولو رائحة سعادة، آخذها من هنا وأستمتع بها، وأضعها هناك ليستمتع بها غيري، ويبقى من حولي مبتهجاً مثلي، ففرحي لا يكتمل إلا بالمحيط المزهر ذي الرائحة الزكية.. كنت متحفزاً نشيطاً صاحب نخوة لا أسكت على الضيم، ولطالما هذه أوقعتني في براثن اللوم والتقريع، وأنا كما أنا... منذ أيام قليلة فقط خرجت من حالة الانكسار والانهزام الذي لاقيت منه ما لاقيت، بدءاً من جفاف الوراق ومروراً باستعبادي ورضوخي لما يخالف قناعاتي، وصولاً إلى غربتي التي تمسك برقبتي حد الاختناق.. قلت في نفسي إن على المرء أن يتغابى أو يضربها (طناش) في أحوال كثيرة، كي يكحل عينيه برماد الراحة والابتهاج، ويبعد عنه شبح الحزن الذي صار يدور في فلك خلايانا، ليس هذا فحسب، بل والتخلي عن النخوة العربية التي لا تأتي بخير دائماً، بل تكون تهوراً في كثير من الأحيان، فيشار بالبنان إلى صاحبها على أنه إنسان فيه لوثة.. بمشاركتك أستاذة لمياء عادت بي الذكرى للنكسة التي ما زلنا نتجرع مرارتها حتى ولو أنه لا دخل لنا فيها، ولا لغيرنا، لكنها الدنيا، هذه هي طبيعتها، مرة لنا ومرة علينا، لا تصفو لأحد، وتأبى إلا أن تكون مواعيدها عرقوبية، هي سحب تظللنا، تأتي وتروح، تمطر وتذهب، تحجب الشمس وتنقشع عن الشمس، مرة نتمناها، ومرة نتمنى زوالها.. (هي دائرة).. ندور في فلكها ولا زاوية نجلس فيها، لا حزينة ولا سعيدة، مرة نتعثر ومرة نقف بثبات وصلابة، هي طفل يتعلم المشي.. لا يلبث أن يقع حتى يقف من جديد على رغم ألم السقوط.. قلت قديماً في غير هذا الملف وربما قولي أزعج غيري، كما أزعجني أنا أيضاً قبل أن يخرج من جوفي، قلت إن الدنيا لا تقف عند أحد، وإن الوراق لا يقف عند أحد، وسواء كنت مخطئاً أم لا فها نحن ذا لمن أراد أن يستمر، صحيح أننا سنفقد النكهة الجميلة (الزهيرية) لكن عزاؤنا أنه ما زال بيننا يسمع ويرى، وهي الظروف القاهرة التي أجبرته على أن يفعل ما يود تركه، أو يترك ما يود فعله، وليس من الضروري أن ننبش وراء هذه الظروف لأننا على علم يقيني بأنه أصيل، وأبصم بالعشرة على ذلك، فلولا هذه الظروف القاهرة فإنه لا ينسى (الخبز والملح) بسهولة، وما يقال عنه يقال عن غيره.. قال لي عصفوري كوكو: (لا بد من كل نفق أن يكون فيه ضوء يعطي الأمل لمن يسير داخله، حتى ولو كان هذا الضوء بعيداً، لكنه لا يلبث إلا أن يكبر كلما مشينا فيه أكثر).. قال ذلك وأكثر، أما الأكثر فهو صوت غنائه بـ(تشيكيتيتا) Chiquitita.. شكرته على زقزقته ولحنه الذي غلب بيتهوفن والرحابنة، شكرته على الفأل الحسن الذي كان يحبه خير البرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، شكرته أن قدم لي تفاؤلاً يفوح منه عبق محبب جميل كألوان ريشه التي لم تتغير مع عوامل طقوسنا العجيبة، ووعدته ألا أستسلم للأوهام القاتلة.. ولا أبالغ إن قلت إنها قاتلة لأنها أوهام حكمت عليّ بالشنق حتى الموت، لكن ما لبث الحبل أن انقطع وتلاشى قبل أن توضع رقبتي فيه، وكان لا بد له أن ينقطع ويذوي لأمر جد بسيط وهو أن الحاكم بأمر الشنق كان وهماً على وهم.. شكراً لك أستاذة لمياء، على أنك لم تتركي سبيلاً للتشاؤم، وأنا أعدك بأنني لن أفعل وقد أدركت ذلك بفطنة الشاعر الذكي، أما القطعة التي طلبتُ حذفها يا أستاذ ياسين ويا أستاذة لمياء فكانت بسبب ظرف خاص لا داعي لذكره، ولا مانع عندي من بقائها مع اعتذاري عن لهجتي الشديدة حين طلبي للحذف، فما ذاك إلا من غيرتي على الحال التي وصلنا إليها. تخلي عن سكوتك يا شاعرتنا، لكن لا ترمينا بمزيد من الأوجاع، بل طببي أوجاعنا وأوجاعك معاً، فكل منا يود لو يتخلى عن تلك الصداقة اللدودة بينه وبين الألم.. زقزقي يا لمياء كما زقزق كوكو.. وكما غنى (تشيكيتيتا)Chiquitita . |