البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : الذكريات تاريخ..    قيّم
التقييم :
( من قبل 13 أعضاء )

رأي الوراق :

 أحمد عزو 
26 - يوليو - 2009
لكل منا ذكرياته التي تسكن فيه وتستوطن، تخرج بين الحين والآخر لتعيش في زمن غير زمنها، فتنعش الروح وتضفي عليها حلاوة وألقاً، أو تعصرها إلى حد الخنق.. ولنا جميعاً ذكريات مشتركة سواء التقينا أم لم نلتق، تشكل تاريخاً حافلاً سواء بين أفراد قلائل أم جماعات تتمثل بوحدة الأرض واللغة والمصير.
نصرّ على استحضار ذكرياتنا أينما ذهبنا، وبخاصة تلك المتعلقة بأناس يسكنون قلوبنا، منهم من افتقدناهم ومنهم ما زالوا يتنقلون بيننا وقد عمل فيهم الزمن بمعوله كما عمل  فينا.
توضع ذكرياتنا في حقيبة محكمة، تُفتح عندما نريد وعندما لا نريد، ربما نهرب بها من أيامنا التي تزداد تعقيداً، وحياتنا التي تزداد تلويناً، وأرواحنا التي تزداد تشتتاً.. وفي أوقات عديدة يكون صمتنا ملاذاً وحيداً وآمناً، وخصوصاً عندما نشعر بالغربة تنهش في لحومنا، وكذلك عندما تكون الذكرى أشد إيلاماً من الحسام المهند.
نستحضر الشريط السينمائي وهو يدور في رؤوسنا، نعيش في دائرة خارج دوائرنا المعتادة، مرددين أحياناً (سقى الله أيام زمان)، ونزداد ترديداً لـ(كنا، وكنت)، مبتعدين قدر الإمكان عن الذكريات المؤلمة لأنها -باختصار- مؤلمة.
رحم الله الشابي مبدع هذه الصورة عن (الذكريات الجميلة) التي نحبها وننحاز إليها:
ذكريات تميس في ظلمة النفـ    ـس ضئالاً كرائعات المشيب
 3  4  5  6  7 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تملأ قلبي بندى الحب    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
قرأت له ولم أره يومئذ.. كان بالنسبة إلينا نحن الصغار شيئاً كبيراً وكبيراً جداً وما زال.. كان هذا عام 1975م في دمشق. عندما كنت وزملائي نقرأ أشعاره ونحفظها أيما حفظ.. شيء حلو المذاق يشدنا داخل كتب القراءة والنشيد.. هو البيان السحري لهذا العملاق.. كلماته كانت (تملأ قلبي بندى الحب).. هكذا هي.. كالأم التي علمنا سليمان كيف نهديها كلمات عذبة..
في معرض الكتاب بمدينة الرياض السنة الماضية شاءت الظروف ألا ألتقي به.. تابعته عبر الصحف.. كان عملاقاً أيضاً.. عشت (العم منصور) بجوارحي كلها.. أعاد إلى ذاكرتي الكثير الكثير.. دموعي تكاد تنطق مشتاقة إلى أيام كان صديقنا فيها المبدع سليمان.
هناك في دمشقنا.. عشت (العم منصور) بجوارحي.. كنا أطفالاً، وما زلنا كذلك عندما نترنم بأشعاره أو حتى عندما نسمع به أو نقرأ عنه..
بعد أن نحفظ أنشودة من أناشيده العذبة نختمها بقولنا (سليمان العيسى).. كان اسمه ملازماً لآخر بيت ننشده.. البيت الأخير عند التلاميذ مكون من ثلاثة أشطر: الشطر الأول.. والشطر الثاني.. وسليمان العيسى.
كنا نتسابق على الحفظ.. ما أسهل وما أجمل كلماته التي تنساب على ألسنتنا الصغيرة.. كلمات هي الماء العذب.. ننهل منه دون ارتواء.. والآن نجد طعمه حلواً في ذواكرنا.. لم تغير السنين هذا النقاء.
*أحمد عزو
6 - أغسطس - 2009
همهمة في محلها    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
شاكرا لكل الأساتذة المشاركين في هذا الملف الجميل مشاركاتهم ، والتي أمتعتني  كثيرا ؛ أود أن أدعو لشيخي ، د.يحيى ، بدوام السعادة الروحانية لما أنعم الله عليه من تقوى وسلامة قلب ؛ آملا عودته المباركة بعيد عيد الفطر السعيد . وأرجو أن لا تكون مشاركاتي في ملف الإسراء والمعراج قد سببت له شيئا من الضيق .
أما الذكرى ، فهذا بعض منها :
قبل ما يقرب من خمسة وثلاثين سنة ، كنت راكبا في حافلة في العاصمة الأردنية ومسافرا من مركز العاصمة إلى واحدة من الضواحي التي تبعد عن المركز بما يقرب من العشرة كيلومترات . وكون السير في العاصمة مزدحما جدا ، فإن قطع المسافة المذكورة ربما يتطلب من الحافلة ساعة من الزمن . أخرجت من جيبي مصحفا صغيرا وأخذت أتلو منه بصوت مسموع لجاري الذي يجلس بجانبي على يميني ، والذي بدا يكبرني بما لا يقل عن خمسة عشر عاما . أخذ جاري يتملل في مكانه ؛ فمرة يتجه بشقه الأيمن إلى نافذة الحافلة يتطلع صوب الطريق ، ومرة يتجه بشقه الأيسر إلي وينظر في وجهي ويطيل النظر . ظننت يومها أن جاري قد أعجب بطريقة تلاوتي ، وبحلاوة نغمها ، وبدقة التزامي أحكام التلاوة ؛ خصوصا تعمدي إتقان مخارج الحروف مع شيء من المبالغة في التفخيم والترقيق ، وتدقيقي في زمن المد ، واهتمامي بالغنة والتفنن في إخراجها من الخيشوم على أجمل ما تكون الغنات ؛ فأخذني الإعجاب بنفسي مأخذا بعيدا ؛ فنسيت نفسي وأنني في حافلة ، وأنني لست في منزلي ؛ فازددت ترنما في تلاوتي بصوت أعلى ، وأخذتني روعة تلاوة كتاب الله مأخذا روحانيا بعيد الغور ؛ ولكن ... ما وعيت إلا وجاري يضغط على زر جرس الحافلة مما يعني أنه انتهى إلى المكان الذي عليه أن ينزل من الحافلة فيه ؛ ولكنه ، وقبل أن ينزل ، أطال النظر في وجهي وهو يترنم : همممممم ، همممممم ، ترلم ترلم ؛ متمايلا برأسه يمنة ويسرة ، وعيناه أقرب إلى الغمض ، وقسمات وجهه تدل بوضوح على ضيقه مني ومن جيرتي ، ثم نزل .
لم أفكر ساعتها بمعتقد الرجل ما هو ؟ ولم أفكر إن كان مسلما أو غير مسلم.. كل ما فكرت فيه هو أنني ما كان علي أن أتصرف كما تصرفت ، في مكان حق لجميع من فيه، من المسلمين وغير المسلمين ، أن يتمتعوا بالهدوء ، فليست الحافلة تخصني وحدي ولا يشاركني فيها أحد من عباد الله ، وأن همهمة الرجل وتمتمته كانت في محلها .  وأمر آخر فكرت يومها فيه ، وهو أن الرجل الذي ذكرته ، ربما رأى في طريقتي تلك طريقة من يرغب في إظهار تدينه على الملأ أينما حل وارتحل ، وكأنه لا أحد متدينا إلا هو ، ولا أحد يتقن تلاوة كتاب الله سواه .
وإلى لقاء آخر بإذن الله .
*ياسين الشيخ سليمان
6 - أغسطس - 2009
الذكريات المؤلمة ، هل يحسن التخلص منها؟    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
                     
طالعت في العدد 51  من مجلة العربي العلمي خبرا ينبئ باحتمال تمكن العلماء من محو الذكريات المؤلمة من ذاكرة الإنسان ، وذلك باستعمال دواء من الأدوية التي تستعمل في علاج ارتفاع ضغط الدم . والسؤال الذي يمكن أن يطرح نفسه علينا بعيد هذا الاطلاع : هل من المفيد لنا أن ننسى كل ما هو مؤلم ، أو مخيف ، أو مزعج؟ أم أننا لا يمكننا الإحساس بالسعادة إلا إذا تذوقنا طعم المنغصات؟ وهل نستطيب مذاق الشهد إن لم نجن من الصاب والحنظل ما نجني؟!
وهناك من الذكريات ما هو مخجل أو مشين ، وربما يطمع أكثرنا في نسيان هذا النوع من الذكريات ؛ ولكن لنا أن نتساءل أيضا : أين موضع التوبة أو الإنابة إلى الله تعالى مما يخجل أو يشين ، إن نحن أُنسينا تلك الذكريات المخجلة المشينة؟ أليس في تذكرها عبرة وموعظة ثمينة تجعلنا نندم على ما بدر منا من سوء ، مما يحدونا إلى أن لا نعود لمثل ما كان بدر منا أبدا ؟! وفي سورة الذاريات : " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " .
ومن الذكريات ما يثير لواعج الأشواق إلى حبيب فقدناه ، أو إلى صديق صدوق طال غيابه عنا ، أو إلى برهة من الزمن جميلة عشناها ، فلو محيت تلك الذكريات من أنفسنا ، فكيف يصبح معنى الحياة لدينا إذن؟ وهل يجد الأدباء والشعراء عندها ما يقولونه؟ وهل يمكن لأي منا أن يكون شاعرا تفيض مشاعره بمثل مشاعر الذي قال :
ذكريات رسفت في أدمعي وشجوني وتمشت في دمايا
والذي  قال :
ذكـريات  عبرت أفق iiخيالي بـارقا  يلمع في جنح iiالليالي
نـبـهـت  قلبيَ  من iiغفوته وجلت لي ستر أيامي الخوالي
كـيـف  أنـسـاهـا iiوقلبي لـم  يـزل يـسـكن جنبي!
وأنى للذكريات أن تطمس ! :
يا لذكراك التي عاشت بها روحي على الوهم سنينا
ذهـبت من خاطري إلا صدى يعتادني حينا iiفحينا
قصيدة فيها حكمة ومع الحكمة موعظة:
للشاعر جميل صدقي الزهاوي قصيدة ذكرتها الموسوعة الشعرية الجديدة ، فيها حكمة ومع الحكمة موعظة :
زاغـت  تزول iiالحياة فـتـنـتهي iiالحركاتُ
أهـوى الـحياة iiولكن مـا لـلـحـياة iiثبات
هـنـاك  جيل هو الـ يوم  في التراب iiرفات
تـخفى عن العين iiفيه عـظـامـه iiالنخرات
إلـى  الـبـلى سبقته الآبـاء  والامـهـات
تبكي الشبابُ على شيـ ب  فـي الحفائر باتوا
والـشيب  تبكي iiشباباً عـاشوا  قليلا  وماتوا
إلـى  سـكون iiطويل سـتـنتهي  iiالحركات
ورُب آسٍ iiلـمـيـتٍ عـيـونـه iiخضِلاتُ
يردى  الصديق iiوتبقى مـن بـعده iiالذكريات
مـهـما كبرتُ iiفعندي مـن  الـمـنايا خشاة
كـأنـما  الموت iiذئب كـأنـمـا أنـا iiشـاة
والـموت  ليس iiبقاس تـحـق  مـنه الشكاة
عـنـد  المنية إن iiجا ءت  تـنتهي iiالنكبات
 وللذكرى صنيعة محمودة يذكرنا بها الحسن بن هانيء :
سَأَشكُرُ لِلذِكرى صَنيعَتَها iiعِندي وَتَمثيلَها لي مَن أُحِبُّ عَلى البُعدِ
يُـقَـرِّبُـهُ التَذكارُ حَتّى iiكَأَنَّني أُعـايِنُهُ  في  كُلِّ أَحوالِهِ عِندي
فَـقَد كادَتِ الذِكرى تَكونُ iiكَأَنَّها مُـشـاهَدَةٌ  لَولا التَوَحُّشُ iiلِلفَقدِ
إن الخبر الذي طالعته في العربي العلمي أفاد بأن خمسين من كل مائة من الناس الذين استطلعت آراؤهم حول الدواء المذكور ، والذي يمحو الذكريات المؤلمة ، رفضوا فكرة استعماله من أصلها ، وحسنا فعلوا .
*ياسين الشيخ سليمان
8 - أغسطس - 2009
الغربة سرطان..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
أحس بالانهزام، نعم الانهزام، هي الغربة التي هزمتني وجعلتني أحس أحياناً أنني ريشة في مهب الريح، الغربة التي أتحدث عنها كثيراً، وسأتحدث، لأنها تأكلني بهدوء، أو تقتلني بهدوء وأنا راض صامت، كنت قديماً أسمع عن الغربة بأنها سيئة ولا أصدق ما أسمعه، لأن الغربة كانت بنظري عزاً ومالاً وقوة وتغيير جو وخروجاً عن المألوف ورؤية البشر كيف يعيشون ويفكرون، كانت حلماً كما هي الآن حلم كل شاب يريد أن يؤسس لحياة مجهولة النهاية، أما بعد الذي رأيته وعشته، أستطيع أن أصف الغربة بالوحش أو الغول، أو كما وصفها (واسيني الأعرج) بالسرطان، ذلك السرطان الذي يأكل الإنسان من الداخل بصمت، وأحياناً لا يدري ذلك المسكين أن حياته ستنتهي، يمشي به المرض بهدوء حتى يتمكن منه ويقضي عليه، وربما يصل الإنسان إلى مرحلة خطيرة دون أن يدري عن المرض، نعم، دون أن يدري، ولذلك أطلقوا عليه (المرض الخبيث)، إنه مراوغ مثل الثعلب، وقوي مثل الأسد، وسريع مثل النمر، هكذا هي الغربة التي لا مفر منها، فالبحر من أمامي (وطني) والعدو من ورائي (غربتي)، أما أنا فمرة هنا ومرة هناك، دون شاطئ.
أرجو ألا تعتبروا كلامي تشاؤمياً، هو شعور أو حالة، لا بد من كتابتها وتدوينها مهما كانت، ولن أنسى أن أنظر إلى النصف المليء من الكأس، هكذا سوف تقولون، وهكذا سوف أسمع كلامكم..
*أحمد عزو
27 - أغسطس - 2009
الذكريات تاريخ وآلام    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
أسعد الله أوقاتكم أستاذ عزو، أساتذتي الأفاضل
 
أعتذر من الأستاذ زهير لأني أقول هذا، لكن رحيله كان فعلا الضربة الكفيلة بانهيار ما بقي من صرح الوراق الغالي وكان القشة التي قصمت ظهر البعير، لا أريد بقولي لومه ولا لوم أحد غيره، كما لا أريد أن أنكأ الجروح التي لم تلتئم - ولست واثقة من أني أستطيع إضافة "بعد"-، إلا أني لا أتقن الصمت كثيرا حين أتألم وحين تخيب آمالي أكثر، ولا أجيده أبدا حين يتألم غيري وينقلب ما حولي إلى السكون...لهذا أعتذر لأني سأتخلى عن السكوت اليوم لأرمي بالمزيد من الأوجاع إلى ملفكم المحموم.
 
كنت أظن أني فقدت إحساسي بالوقت فقط وأني تخلفت عن ركبه بشكل من الأشكال، ولم أتوقع يوما أن ما فقدته حقا هو الإحساس نفسه بكل شيء غير الغم والألم، برمضان، بالعيد وبكل ما كان غاليا عزيزا علي من الأيام، ولا أدري إن كنت الوحيدة التي لم تعد تجد في الحياة طعما أو معنى ولم تعد ترى العالم ملونا كما كان، لا أدري أين أصوات العصافير التي كانت تطرق سمعي مع الشروق فتدخل السرور إلى قلبي، نفحات النسيم، بريق النجوم، والنضرة وألق الحياة في الحياة، لا أعلم إلى متى ستسير الأمور على هذا النحو الغريب المبهم ولا إلى أين تسير بنا، وأتمنى لو يكون هذا عارض كآبة لا يلبث أن يمر...وبالرغم من كل ما أعالج من كآبة وحيرة في نفسي ومن كل ما أحارب منها، لا أحب أن أترك للتشاؤم سبيلا إلي وكذلك لا أحب أن تفعلوا أستاذي، وآمل أن ينقشع عنا هذا الضباب قريبا وقريبا جدا، كما آمل أن تتراجعوا عن حذف قطعتكم الأدبية النفيسة، وعسى الله أن تعود المجالس إلى سابق عهدها وكل من نفتقد من الأحبة... إن السكوت أستاذي أبغ من الكلام أحيانا، لكني أرجو أن لا يغرق وراقنا الحبيب في بحره، وأن لا تؤول مجالسنا إلى الركود، وأشكركم كثيرا على الملف الأثير وكل الأساتذة الكرام على المشاركات الغالية الثمينة، أكرمكم الله وأجزلكم من وافر عطائه.
 
الحقيقة أني لم أعد أشعر برغبة في الكتابة في الوراق بعد انسحاب أستاذي الغاليين، وأظن أنه لا يمكن إلا أن يكون مرتبطا بشخصيهما، وأعتذر أيضا لأن هذا ما أعتقده، وأتمنى أن أكون مخطئة.
*لمياء
29 - أغسطس - 2009
الذكريات ، وحب الوطن ، والغربة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
 
 أخي العزيزالمتقد العاطفة ، أحمد عزو : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وصوما مقبولا ، وذنبا مغفورا ، وكذلك باقي الإخوة السراة :
أشارك الأستاذة لمياء رجاءها أن تعدل عن طلبك حذف مشاركتك الصادقة الثمينة ، والتي أوحت لي بما يلي :
لا يمكنني الجزم بأن حبنا أوطاننا صار من الذكربات ؛ ولكنني أكاد أجزم بأن البوح بهذا الحب يقترب من أن يكون من الذكريات إن لم يكن منها فعلا . فالخشية من البوح هي التي تسيطر علينا.. فقد آلت حالنا إلى أن ننسى أو نتناسى...
والغربة في بعض أشكالها ومعانيها لا تكون بالضرورة الغربة عن المكان  كما هو معلوم ، فهي ربما تكون كما قال المتنبي :
أَنـا  في أُمَّةٍ تَدارَكَها iiاللَ هُ غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ
أو كما قال الشاعر الكويتي فهد العسكر ، مثلا :
يا ناسُ قد أدمى اغترابي مـهـجتي والدار iiداري
أو كما حفظنا قديما :
 غريب الدار عليَّ جار ، زمانى قاسي وظالمنى
مشيت سواح مِسا وصباح ، أدوّر عللى راح منى
غريب الدار...
انا اللى الدهر عادانى وباعنى واشترى فيا
وخد أحبابى وادّانى بدلهم فكر وأسيّة...

البوح بحبنا أوطاننا صار من الذكريات :
كم منا اليوم يتغنى بـ :
أخي جاوز الظالمون المدى فـحق الجهاد وحق iiالفدا...
أو :
حب الوطن فرض عليا أفديه  بروحي iiوعنيا...
أو :
ياسماء الشرق طوفي بالضياء وانشري شمسك في كل iiسماء
وأحيانا نفطن بيت شوقي :
وطني  لو شغلت بالخلد iiعنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
ثم نتجادل :
هل كان شوقي مبالغا حين قال ما قال أم غير مبالغ!
 
وكل مكان ينبت العز طيب :
شطر بيت للمتنبي ردده العديد من الشعراء بعده.. بل إن العز والعدل حيث يتوفران في أي مكان ، يكون ذلك المكان محل العيش الكريم ، وإن الله سبحانه يقيم دولة الكفر إن كانت عادلة ، كما حفظنا عن ابن تيمية وغيره . فهل من مكان في أوطاننا ينبت العز فيه في هذه الأيام؟!
 الوراق اليوم :
الوراق اليوم ، وبغياب قطبي الغوث عنه ،  قد آلت مجالسه إلى الركود ، كما قالت الأستاذة لمياء ، ومال نجمه إلى الأفول ، ولم تعد تحدو سراته الرغبة في الكتابة كما كانت تحدوهم سابقا ، مع اعتقادي أن حرارة العلاقة الطيبة التي أنشأها الوراق من قبل بينهم لن تنطفيء جذوتها بإذن الله ، فالأدباء يمتازون بصدق المودة واتقاد العاطفة ، وأن أستاذنا زهير وأستاذتنا ضياء ، إن قدر لهما أن يعودا إلى الوراق كما كانا علمين كبيرين من اعلام الفكر والأدب ، فسوف يزهر الوراق من جديد ، وسف تغرد فوق أفنانه طيور الأدب بأجمل الأغاريد.. وحتى يحصل ذلك إن شاء الله ، فإن لنا في سراة الوراق عزاء وأي عزاء ؛ راجين ان تنشط هممهم نشاطا يعود على الجميع بالفائدة والخير العميم .
وأستاذنا زهير ، حفظه الله ورعاه ، أراسله في أحايين متباعدة . وكوني علمت منه كثرة انشغاله  بتحقيق الكتب والنصوص ، لا اثقل عليه بكثرة المراسلة ، ولكنني مطمئن تماما إلى أنه يحوط مواضيع الوراق بعنياته واهتمامه ، وان مشاركته في ملف التهنئة بحلول رمضان المبارك من مدة قريبة جعلته غير بعيد عنا .. روحه معنا ، وجسمه وراء ستار الانشغال بأعماله .
*ياسين الشيخ سليمان
30 - أغسطس - 2009
سمعاً وطاعة لكليكما..    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
تحياتي للأستاذة لمياء فقد حثتني على كتابة ما يأتي، وبعد أن أنهيت كتابتي على المسودة وأردت أن أضعها في الوراق وجدت تعليق الأستاذ ياسين ولي عودة له إن شاء الله.. فمشاركاته تنعش القلب دائماً..
 
لكم أكره الحزن، أنا الذي لم تنفك حياتي تضعني في مهب ريح الأحزان، لكنني سئمت، سئمت فعلاً من رياح السموم التي لا تبقي ولا تذر، كنت في الماضي القريب حاملاً سيفي في وجه من يقف في طريق سعادتي وسعادة الآخرين من حولي، كنت مستعداً أن أشهر كل أسلحتي كي أنال ولو رائحة سعادة، آخذها من هنا وأستمتع بها، وأضعها هناك ليستمتع بها غيري، ويبقى من حولي مبتهجاً مثلي، ففرحي لا يكتمل إلا بالمحيط المزهر ذي الرائحة الزكية.. كنت متحفزاً نشيطاً صاحب نخوة لا أسكت على الضيم، ولطالما هذه أوقعتني في براثن اللوم والتقريع، وأنا كما أنا...
منذ أيام قليلة فقط خرجت من حالة الانكسار والانهزام الذي لاقيت منه ما لاقيت، بدءاً من جفاف الوراق ومروراً باستعبادي ورضوخي لما يخالف قناعاتي، وصولاً إلى غربتي التي تمسك برقبتي حد الاختناق..
قلت في نفسي إن على المرء أن يتغابى أو يضربها (طناش) في أحوال كثيرة، كي يكحل عينيه برماد الراحة والابتهاج، ويبعد عنه شبح الحزن الذي صار يدور في فلك خلايانا، ليس هذا فحسب، بل والتخلي عن النخوة العربية التي لا تأتي بخير دائماً، بل تكون تهوراً في كثير من الأحيان، فيشار بالبنان إلى صاحبها على أنه إنسان فيه لوثة..
 
بمشاركتك أستاذة لمياء عادت بي الذكرى للنكسة التي ما زلنا نتجرع مرارتها حتى ولو أنه لا دخل لنا فيها، ولا لغيرنا، لكنها الدنيا، هذه هي طبيعتها، مرة لنا ومرة علينا، لا تصفو لأحد، وتأبى إلا أن تكون مواعيدها عرقوبية، هي سحب تظللنا، تأتي وتروح، تمطر وتذهب، تحجب الشمس وتنقشع عن الشمس، مرة نتمناها، ومرة نتمنى زوالها..
(هي دائرة).. ندور في فلكها ولا زاوية نجلس فيها، لا حزينة ولا سعيدة، مرة نتعثر ومرة نقف بثبات وصلابة، هي طفل يتعلم المشي.. لا يلبث أن يقع حتى يقف من جديد على رغم ألم السقوط..
 
قلت قديماً في غير هذا الملف وربما قولي أزعج غيري، كما أزعجني أنا أيضاً قبل أن يخرج من جوفي، قلت إن الدنيا لا تقف عند أحد، وإن الوراق لا يقف عند أحد، وسواء كنت مخطئاً أم لا فها نحن ذا لمن أراد أن يستمر، صحيح أننا سنفقد النكهة الجميلة (الزهيرية) لكن عزاؤنا أنه ما زال بيننا يسمع ويرى، وهي الظروف القاهرة التي أجبرته على أن يفعل ما يود تركه، أو يترك ما يود فعله، وليس من الضروري أن ننبش وراء هذه الظروف لأننا على علم يقيني بأنه أصيل، وأبصم بالعشرة على ذلك، فلولا هذه الظروف القاهرة فإنه لا ينسى (الخبز والملح) بسهولة، وما يقال عنه يقال عن غيره..
 
قال لي عصفوري كوكو: (لا بد من كل نفق أن يكون فيه ضوء يعطي الأمل لمن يسير داخله، حتى ولو كان هذا الضوء بعيداً، لكنه لا يلبث إلا أن يكبر كلما مشينا فيه أكثر).. قال ذلك وأكثر، أما الأكثر فهو صوت غنائه بـ(تشيكيتيتا) Chiquitita..
 شكرته على زقزقته ولحنه الذي غلب بيتهوفن والرحابنة، شكرته على الفأل الحسن الذي كان يحبه خير البرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، شكرته أن قدم لي تفاؤلاً يفوح منه عبق محبب جميل كألوان ريشه التي لم تتغير مع عوامل طقوسنا العجيبة، ووعدته ألا أستسلم للأوهام القاتلة..
ولا أبالغ إن قلت إنها قاتلة لأنها أوهام حكمت عليّ بالشنق حتى الموت، لكن ما لبث الحبل أن انقطع وتلاشى قبل أن توضع رقبتي فيه، وكان لا بد له أن ينقطع ويذوي لأمر جد بسيط وهو أن الحاكم بأمر الشنق كان وهماً على وهم..
شكراً لك أستاذة لمياء، على أنك لم تتركي سبيلاً للتشاؤم، وأنا أعدك بأنني لن أفعل وقد أدركت ذلك بفطنة الشاعر الذكي، أما القطعة التي طلبتُ حذفها يا أستاذ ياسين ويا أستاذة لمياء فكانت بسبب ظرف خاص لا داعي لذكره، ولا مانع عندي من بقائها مع اعتذاري عن لهجتي الشديدة حين طلبي للحذف، فما ذاك إلا من غيرتي على الحال التي وصلنا إليها.
تخلي عن سكوتك يا شاعرتنا، لكن لا ترمينا بمزيد من الأوجاع، بل طببي أوجاعنا وأوجاعك معاً، فكل منا يود لو يتخلى عن تلك الصداقة اللدودة بينه وبين الألم..
زقزقي يا لمياء كما زقزق كوكو.. وكما غنى (تشيكيتيتا)Chiquitita .
*أحمد عزو
30 - أغسطس - 2009
مرونة، ثبات، مثابرة    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
في مرحلة مبكرة من مراحل حياتي، اعتقدت بأن الحياة ستصبح رائعة، ومليئة بأسباب السعادة، وأنه لا بد من وجود ضوء في نهاية النفق، ولا بد أن ينبثق قوس قزح من خلال العاصفة. وبدأت اكبر. وتعلمت بالطريقة المؤلمة أن أحدا لم يعدني بحدائق الورود، وبأن الأشياء لا تحصل فقط بالطريقة التي خططت لها. لذلك، فكيف يمكنني التعامل مع خيبات الأمل، والإحباطات، والانتكاسات، التي تواجهني؟
إذا كنت قد تعلمت شيئا من سنوات عمري، فهو حقيقة واحدة بسيطة: بصرف النظر عن كل ما حلمت به يوما، وما تملكه، فان الجميع بدون استثناء يتعرضون لنكسات وخيبات أمل. هذه هي الحياة.التي تحتم علينا أن نتعامل بمرونة وثبات ومثابرة، ونتمسك بالإيمان بأن غدا سيكون يوما أفضل.
ولندرك دائما، أننا لا نستطيع تغيير الناس، أو لومهم على ظروفهم وخياراتهم، وإذا كنا نعتقد أن امتلاك الأشياء، أو وجود أشخاص بعينهم، سوف يجعلنا سعداء، فسنصاب بالمزيد من خيبة الأمل المريرة. ما نستطيع عمله، هو تغيير نظرتنا للأمور، وطرق تعاملنا مع الأحداث المختلفة، وطرق إعادة تأطير مشاكلنا لمواجهتها وحلها.

فإذا مررت بمشكلة أو محنة، فأمامك خيارين:
الأنين والشكوى، أو أن تسأل نفسك سؤالا بسيطا: ماذا تعلمت من هذه التجربة؟ وكيف يمكنك الاستفادة من هذه النكسة بحيث تصنع غدا أفضل من اليوم؟

تحية للزملاء الأعزاء في الوراق، وتحية لصاحب هذا الملف الجميل، الأستاذ أحمد عزو. وأتمنى للجميع الصحة والسعادة. ورمضان كريم.
*khawla
30 - أغسطس - 2009
ذكريات الأوطان..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
هو كما قلت أستاذ ياسين وقولك حق: (بل إن العز والعدل حيث يتوفران في أي مكان، يكون ذلك المكان محل العيش الكريم، وإن الله سبحانه يقيم دولة الكفر إن كانت عادلة، كما حفظنا عن ابن تيمية وغيره. فهل من مكان في أوطاننا ينبت العز فيه في هذه الأيام؟!).. نأمل أن يحل العز في أوطاننا إن لم يكن في جيلنا ففي الأجيال اللاحقة..
وكلما كان الحديث عن الغربة أتذكر الأنشودة الجميلة:
غرباء ولغير الله لا نحني الجباه         غرباء وارتضيناها شعاراً للحياة
إلى أن تقول:
كم تذاكرنا زماناً يوم كنا سعداء          بكتاب الله نتلوه صباحاً ومساء
حب الأوطان يا أستاذ ياسين شيء عجيب، وكأن الأرض التي ننشأ في كنفها هي أمنا، وجُبلنا مع ترابها بمزيج لا يمكن له أن ينفصل بأي حال من الأحوال، صار كما الإسمنت بعد أن يخالط الماء، لا يمكن أن يعود لحالته الأولى، وقد تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن وطنه الأم مكة المكرمة، وكيف أخرج منها وقلبه ما زال معلقاً فيها.. فذهبت إلى موسوعة الحديث فوجدته:
(...عبدالله بن عدي بن حمراء الزهري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته واقفا بالحزورة يقول والله انك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت).
لكن في الوقت نفسه وجدت حديثاً آخر رأيته مخالفاً للأول، ربما لقصر فهم مني، أو أن هناك حديثاً أقوى من الآخر وأمتن:
(عن عائشة قالت: اختلفوا في دفن النبي صلى الله عليه وسلم حين قبض فقال أبوبكر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يقبض النبي إلا في أحب الأمكنة إليه فقال ادفنوه حيث قبض).
فأحب الأمكنة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة أم المدينة المنورة؟!.. أم أن النفس البشرية لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم تنازعتها عوامل التغيير فكانت مرة هذه ومرة هذه؟..
دمتم بخير جميعاً، شاكراً للجميع ومقدراً ما تجودون به مما يدخل السرور والبهجة للنفس..
وللأستاذة القديرة خولة المناصرة كل الشكر على ما تتحفنا به من دواء تجلبه من صيدليتها البديعة.
*أحمد عزو
30 - أغسطس - 2009
الحمد لله    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

رأي الوراق :
 
تحية طيبة لكم أساتذتي
 
كثيرون هم من يجيدون الغرق في الأحزان والتمرغ في أوحالها، والتمسك بذيولها حتى حين تلفظهم، لكن ثلة منهم فقط يستطيعون الكتابة عنها وثلة من يتجاوزها ويتحداها، أما أنا، فمصابي أن لي قلبا يأبى أن يسلم بالنهايات ويرفض إلا تعلقا بكل ما يرمز للسعادة لديه، أحاول أن أفهمه الحياة فلا يفهم، وكلما أخرجته من كآبة وقع في غيرها، يؤلمني أنينه، وتوجعني عذاباته كلما اصطدم بما في الواقع من أمرار، لكنه طفل مدلل، وطفل مدلل لا يفهم. أعلم أن الحياة أفراح وأحزان وأن السعادة ليست خلوها من النكسات والمصائب، إلا أنني لسبب ما لا أستطيع التخلي عن محاولة تغيير ما حولي، ولا أستطيع التخلي عن الذكريات والآلام. ومع هذا كله أجدني سعيدة إذ أن لي قلبا حيا ينبض بحب الله، ولأن ما أنعم الله به علي كفيل بأن يجعلني محاطة بالهناء، ومع أني لا أعرف الكتابة عن الأفراح حين أرى غيري محروما منها، وحين أرى أمتنا تتخبط في الظلمات لكني أعرف كيف أعيشها حين ألقاها بكل جوارحي.
 
أشكركم أستاذ أحمد على كتاباتكم الصادقة المؤثرة، كما أشكر شيخنا الأستاذ ياسين وسفيرة السلام الأستاذة خولة على كلماتهما الطيبة، وإلى الملتقى تقبلوا مني سلامي.
*لمياء
30 - أغسطس - 2009
 3  4  5  6  7