عدتم والعود أحمد ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
مرحبا بالغالي ، أستاذي أحمد عزو ، الذي من دون مشاركاته الفاعلة في الوراق لا يكتمل عقده الثمين ، فعودا أحمد يا أحمد ، وعسى أن تكون قضيت برهة من الزمن رائعة بين الأهل والأقارب والأصدقاء . هذه البرهة تبدو وقد أعادتك إلى ماض جميل حافل بالذكريات الجميلة النافعة ، والتي أرجو أن تحدثنا عنها كما وعدت . و الذكريات عموما ؛ المحزن منها والسار ، تبقى مصدرا للعبرة والاعتبار ، فهي وصف لما جرت عليه حيواتنا جريانا شئناه أم أبيناه ؛ جريانا انساب كالجدول الرقراق مرة ، ومرة كالسيل الهادر ، وأخرى ركد كما يركد ماء المستنقعات . ونحن إن أخفينا بعضا من ذكرياتنا عن الناس ، فلن تخفى عليهم تماما ، ولن يخفى أثرها على نفوسنا وتصرفاتنا ، وهي كالبصمة على البنان تدل على صاحبها بين الناس أجمعين، وإن تشابهت ، بل اشتبهت البصمات . ومعذرة عما أقوله الآن مما يمكن ان يبدو إلى التشاؤم أقرب لدى من يطالعه لأول وهلة : تستوي ، عندي ، في الزمان الذكريات بشقيها : المحزن منها والمفرح ؛ فالمفرح بعد أن طوته السنون ، ولا حيلة لي باجتلابه إلى حياتي الحاضرة ، ينقلب إلى محزن بطبيعة الحال بفوات الفرصة باجتلابه ، والمحزن محزن بنفسه . فالحياة كلها الأحزان سيماها ، وكلها ، وإن تخللها السرور أحيانا ، تنتهي بالهموم ونبوء منها بالغصص : صحب الناس قبلنا ذا الزمانا | | وعـناهم من شأنه ما iiعنانا | وتولوا بغصة كلهم iiمنـ | | ـه وإن سر بعضهم أحيانا | ومنها ما تفعل بالقلوب فعل الخناجر فيها : ذكـريات تحز قلبك iiحزا | | بعد فقد الهوى وفقد الأعِزا | نعم ، هي تدني البعيد ؛ لكنه دنو يمتطي صهوة الوهم : ذكرياتٌ تُدني القصيَّ ولكنْ | | أيـن مني منازل iiالأحبابِ! | وهي بذلك وبناء القصور في الهواء سواء . أذكر أن أستاذنا زهير انتبه مرة ونبهنا إلى أن كلمة " الذكريات " لم تستعمل لدى الشعراء أو الناثرين ممن سبقوا هذا العصر ، فهم استعملوا كلمة " الذكرى " . والذكر والذكرى نقيض النسيان ، كما في لسان العرب . أما من عرفناهم وأحببناهم ثم فارقونا ، فإنهم مرّوا كأشرطةِ السّيما وما تركوا | | إلا حُـطاماً من الذكرى iiيُؤَسِّينا | ، كما قال علي الجارم ، الذي صار ومن سبقه من الناس إلى عناوين في دفاتر الذكريات . وبعد، ومهما كانت آثار الذكريات بالنسبة إلى كل منا ، فإننا ، على ما يبدو ، ليس لنا منها مفر ، ولا ينفعنا كما هو معلوم لدى المؤمنين ، إلا الإيمان اليقيني بأن حياتنا الدنيا ليست هي خاتمة المطاف ، وبأن الذكرى تنفع المؤمنين ، الذين لا يهمهم من الذكريات إلا استخلاص العبر والاستفادة منها . ثم ها نحن في الوراق إخوة متحابين ولله الحمد ، ونرجو الله أن يبقينا على مانحن فيه إلى ما يشاء تعالى . وغدا نصبح من ذكريات غيرنا ، ومن ذكريات بعضنا بعضا ؛ لذا ارجو أن تكون صفحات ذكريات من عرفني ولو من بعيد ، مدون فيها كلمة أو كلمتان أرجو بهما عفو ربي وغفرانه . في المرة القادمة أشارك ، إن شاء الله ، ببعض من ذكرياتي . |