تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
" ... وقوله تعالى: { من شيعته } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي: الضمير عائد على نوح، والمعنى في الدين والتوحيد، وقال الطبري وغيره عن الفراء: الضمير عائد على محمد صلى الله عليه وسلم والإشارة إليه.
قال القاضي أبو محمد: وذلك كله محتمل لأن " الشيعة " معناها الصنف الشائع الذي يشبه بعضه بعضاً والشيع الفرق وإن كان الأعرف أن المتأخر في الزمن هو شيعة للمتقدم ولكن قد يجيء من الكلام عكس ذلك قال الشاعر [الكميت]:
وما لي إلا آل أحمد شيعة | | وما لي إلا مشعب الحق مشعب |
فجعلهم شيعة لنفسه،...."
تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ)
قوله تعالى: { وإِنَّ مِنْ شِيعته لإِبراهيمَ } أي: من أهل دِينه ومِلَّته والهاء في " شِيعته " عائدة على نوح في قول الأكثرين؛ وقال ابن السائب: تعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم، واختاره الفراء. فإن قيل: كيف يكون من شيعته، وهو قبله؟. فالجواب: أنه مِثل قوله:{ حَمَلْنا ذُرْيَّتهم }[يس: 41] فجعلها ذُرِيَّتهم وقد سبقَتْهم، وقد شرحنا هذا فيما مضى
[يس: 41]...." .
* تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ)
" { شِيعَتِهِ } من أهل دينه، أو على سنته ومنهاجه يعني إبراهيم من شيعة نوح، أو شيعة محمد صلى الله عليه وسلم قيل الشيعة الأعوان أخذ من الأشياع الحطب الصغار يوضع مع الكبار لتعين على وقودها"
تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ)
" والظاهر عود الضمير في { من شيعته } على نوح، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي، أي ممن شايعه في أصول الدين والتوحيد، وان اختلفت شرائعهما، أو اتفق أكثرهما، أو ممن شايعه في التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين. وكان بين نوح وإبراهيم ألفا سنة وست مئة وأربعون سنة، وبينهما من الأنبياء هود وصالح، عليهما السلام. وقال الفراء: الضمير في
{ من شيعته } يعود على محمد صلى الله عليه وسلم والأعرف أن المتأخر في الزمان هو شيعة للمتقدم، وجاء عكس ذلك في قول الكميت:
وما لي إلا آل أحمد شيعة | | ومالي إلا مشعب الحق مشعب |
جعلهم شيعة لنفسه" .
تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ)
التفسير: الضمير في { شيعته } يعود إلى نوح والمراد أن إبراهيم ممن شايع نوحاً على أصول الدين أوعلى التصلب في الدين. وقال الكلبي: واختاره الفراء إنه يعود إلى محمد أي هو على منهاجه ودينه وإن كان إبراهيم سابقاً والأوّل لتقدّم ذكر نوح. ولما روي عن ابن عباس معناه من أهل دينه وعلى سنته وما كان بين نوح وإبراهيم إلا نبيان: هود وصالح، وبين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة.".
* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ)
"{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } الشيعة الصنف المتفق، فمعنى من شيعته: من على دينه في التوحيد، والضمير يعود على نوح وقيل: على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والأول أظهر.".
تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ)
" اللغة: الشيعة الجماعة التابعة لرئيس لهم وصار بالعرف عبارة عن شيعة علي بن أبي طالب (ع) الذين كانوا معه على أعدائه وبعده مع من قام مقامه من أبنائه وروى أبو بصير عن أبي جعفر (ع) قال: ليهنكم الاسم قلت: وما هو؟ قال: الشيعة قلت: إن الناس يعيروننا بذلك قال: أما تسمع قول الله سبحانه { وإن من شيعته لإبراهيم } وقوله
{ فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه }".
تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ)
(83) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ } ممّن شايعه في الإِيمان واصول الشريعة { لإِبْرَاهِيمَ }.
في المجمع والقمّي عن الباقر عليه السلام ليهنّئكم الاسم قيل وما هو قال الشيعة قيل انّ الناس يعيّروننا بذلك قال اما تسمع قول الله { وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } وقوله{ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ }[القصص: 15].
تفسير الأعقم/ الأعقم (ت القرن 9 هـ)
{ وإن من شيعته لإِبراهيم } أي على منهاج نوح وهو ممن شايعه على أصول الدين وإن اختلفت شرائعهما، ويجوز أن بين شريعتهما اتفاق في أكثر الأشياء، وعن ابن عباس: من أهل دينه وسنته، وما كان بين نوح وإبراهيم إلاَّ نبيان هود وصالح (عليهم السلام) وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة.
* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ)
{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ } أي ممن شايع نوحاً وتابعه في أصول الدين { لإِبْرٰهِيمَ } وإن اختلفت فروع شريعتيهما أو ممن شايعه في التصلب في دين الله تعالى ومصابرة المكذبين ونقل هذا عن ابن عباس، وجوز أن يكون بين شريعتيهما اتفاق كلي أو أكثري وللأكثر حكم الكل، ورأيت في بعض الكتب ولا أدري الآن أي كتاب هو أن نوحاً عليه السلام لم يرسل إلا بالتوحيد ونحوه من أصول العقائد ولم يرسل بفروع. قيل: وكان بين إبراهيم وبينه عليهما السلام نبيان هود وصالح لا غير، ولعله أريد بالنبـي الرسول لا ما هو أعم منه، وهذا بناء على أن ساماً كان نبياً وكان بينهما على ما في «جامع الأصول» ألف سنة ومائة واثنتان وأربعون سنة، وقيل ألفان وستمائة وأربعون سنة. وذهب الفراء إلى أن ضمير { شِيعَتِهِ } لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والظاهر ما أشرنا إليه وهو المروي عن ابن عباس/ ومجاهد وقتادة والسدي، وقلما يقال للمتقدم هو شيعة للمتأخر، ومنه قول الكميت الأصغر بن زيد:
وما لي إلا آل أحمد شيعة | | وما لي إلا مشعب الحق مشعب |
وذكر قصة إبراهيم عليه السلام بعد قصة نوح لأنه كآدم الثالث بالنسبة إلى الأنبياء والمرسلين بعده لأنهم من ذريته إلا لوطاً وهو بمنزلة ولده عليهما السلام، ويزيد حسن الإرداف أن نوحاً نجاه الله تعالى من الغرق وإبراهيم نجاه الله تعالى من الحرق".