القدس عاصمة الدنيا بأسرها القدس واجمة تنادي أهلها | هبوا لها بالسيف يا أبطالُ | إياكمُ ترك السبية هكذا | نهبا يلطخ عرضها الدجالُ | كونوا الزحوف القادمات لردها | لتعود تاجا والسنا مختالُ | القدس يا مدينة السلام، يا درب من مروا إلى السماء، عيوننا إليك ترحل كل يوم، تفتش عن رائحة العرب الذين سكنوها يوما وبنوها واستعمروا فيها، وتركوا شواهدهم العريقة والعتيقة تحدث عن حلم يراودنا جميعا، هي القدس لن ترحل صورتها من القلوب وإن تشظت بمغتصبات الاحتلال، وإن لُطِّخ وجهها بأوهام اليهود القتلة، وإن تغيرت معالم أسواقها ودكاكينها وبيوتها، سنحفر صورتها البهية المجلية في سويداء القلوب، لتظل تحدث عن صورتها الأصلية التي سنعيدها إليها طال الزمان أم قصر. نعيدها في ثقافتنا التي اختارت القدس عاصمتها لتنضح بالشعر والأدب والفن وأسرار اللغة معلنة حبا وانتماء وتعلقا روحيا، فتفيض رحابة صدر على ثقافة متصلة ومشتعلة ليس لعام واحد، ولكنها دوما هي العاصمة المعصومة؛ عاصمة لحضارتنا الممتدة جذورها في هذه الأرض، ومعصومة من تدنيس كل من مروا عليها ليسرقوا منها الألق وبريق التجلي، لأنها باختصار بوابة الأرض إلى السماء، مدينة الوحي، درب من مروا إلى السماء! هي القدس، نجمة يستهدي بها السائرون المناضلون، الحاملون أرواحهم على راحاتهم قرابين الحب الأبدي، لتلك الأرواح الهائمة ببيوت القدس، ومساجد القدس، وسور القدس، تقف شامخة متحدية تدافع عن صلابة تاريخها الراسخ والماثل في كل بيت وحجر، تبقى تلك الشواهد حية وخضراء الجروح؛ لأنها ما فتئت تنهل من دماء الشهداء الفوارة فتزداد جمالا ومهابة وإباء يوما بعد يوم، فتصبح عصية على الاقتلاع والكسر أو مجرد الثلم بسيوف الباطل الخشبية، إنها القدس. هي القدس، شمس الحرية، ومشعل الأمل، ونور الفكرة المتوهجة سناء وسنا، ترتفع وترقى؛ ليظل الصرح عاليا يفيض نورا توزعه على كل الأزمنة، منذ عهدها الأول في يبوس وإيليا إلى قدس عمر بن الخطاب وقدس الفاتح العظيم صلاح الدين الأيوبي، إنها قدس الأقداس، ومهوى أفئدة الناس! هي القدس معلقة الكلام، مبدأه ومنتهاه، وشكله ومضمونه، كلها فكرة واحدة، إنها الكون بأجمعه، بما تفرضه من شموس وأقمار، وبما تتلوه من كريم القرآن تسبيحا بحمد رب كريم جعلها معراجا لسدرة المنتهى، وختما لرحلة الإسراء، التي بدأت في البيت الحرام وانتهت بالمسجد الأقصى المبارك حوله، إنها بيت المقدس عاصمة الدنيا بأسرها. |