من النافذة ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: هذه أول مشاركاتي في مجالس الوراق ببريدي الخاص والذي تمكنت أخيرا من استخدامه، فأنا أتكلم معكم من نافذتي التي أتيحت لي أخيرا، وليس من (الأساطيح) كما كنا في السابق. أعود وأوجه شكري وتقديري إلى أخي وصديقي محمد عثمان صالح = أو محمد عثمان بنك، كما يحلو لأصدقائنا أن تدعوه، تفريقا بين اسمينا = على مداخلته وعلى تعازيه ومشاعره الطيبة تجاه المرحومة والدتي، وكما ذكر، أن المرحومتين، والدتي ووالدته (يو ملكة الزين) كانتا متشابهتين تشابها عجيبا في المظهر وفي المسلك على حد سواء، ويقيني أن هذا التشابه في المسلك والقيم والسماحة لا يتوقف عندهما فقط، وإنما يمتد إلى أفراد جيلهن من النساء النوبيات، واللائي بدورهن ورثنها من أمهاتهن وجداتهن، وهنا يقفز من ذاكرة الطفولة حدث جرى أمامي وأنا في السادسة من عمري ليعكس لنا نمط القيم التي كانت تسير حياتهن وتضبط تعاملهن: كانت جدتي لأمي لهما الرحمة والمغفرة، تجلس بجوار بنتها (والدتي) على سرير، يتجاذبن أطراف الحدديث، وأنا ألعب بجوارهما، لما دخل والدي رحمه الله ملقيا علينا السلام، وما هي غير أن سمعت صوت والدي حتى سارعت بالنزول من السرير والجلوس على الأرض وهي ترد التحية. لم يكن في مقدوري وقتئذ تأويل ما أرى، ولم يمر الحدث مرور الكرام، وإنما قيد وسجل في الذاكرة حتى الآن، وفي سياق ما نذكره عن جيل أمهاتنا نجد أن تفسير ذلك الحدث وإدراك معناه سهل ويسير: لم تفعل جدتي ما فعلت إلا انطلاقا من التقدير العميق والاحترام الكبير الذي تكنه لزوج ابنتها، كيف لا وهو الرجل الذي اختار ابنتها من بين كل النساء، ليتزوجها ويسترها ويحصنها. بهذا الفهم العميق لقيم الزواج ومعانيه السامية كن ينظرن إلى أمر الزواج. أين نحن من هذا في زماننا هذا الذي تستعر فيه معارك الحموات وتعكر صفو الحياة الزوجية. كذلك أشكر صديقنا الأستاذ ياسين الشيخ سليمان على اهتمامه وتشوفه لمعرفة الكثير عن بلاد النوبة وشعبها وحضارتها وأقول له إن صديقنا د. فضل وعدني بالانضمام إلى ركب الوراق وذكر لي أن خللا فنيا يحول دون دخوله المجالس، ولكنه مصر على معالجة هذا الخلل. كذلك أوجه شكري إلى صديقنا د. يحيى المصري الذي أتحف الأصدقاء بمعلومات قيمة عن اللغة النوبية، نقلا عن الأستاذ فؤاد عكود، من خلال التصفح والبحث في الشبكة العنكبوتية عن كل ما يتعلق باللغة النوبية وحضارة النوبة وثقافة أهلها أجد كتابات ومقالات وترجمات قيمة ومفيدة يقدمها الأستاذ فؤاد عكود ما يدل أنه صاحب معرفة وعلم ودراية، ووعي وتخصص في الشأن النوبي، وخاصة في اللغة النوبية. أثمّن هذا الوعي وهذا الجهد المقدر، ونرجو منه المزيد من العطاءلتعريف جمهور القراء والباحثين بالنوبة وأهلها وحضارتها ولغتها. وفي الختام أعود إلى سلسة نصوص الدعوات النوبية ومعانيها، وأذكر المثال الثاني، والذي يردد أو يقال في استقبال عيد الفطر أو عيد الأضحى ونصه: (خير كورنقو تاكنكدي* كري جديد ، تاني وتنايه* حول حولين، داير دايرين* خير كد، أر ملر تاكنكدي* أرتن مسلم ملر* أنقو كنّي ملْتني تنقار * باس بلمنقو ، برس بلمنقو*جنْ إنكري نلنكدي) والمعنى بالعربية: اعاد الله علينا العيد بالخير والبركة، وعلى المسلمين جميعا في الجنوب والشمال وفي المشرق والمغرب دون نقص في النفس والولد والمال، نعيش ونرى العيد العام القادم وما بعده). والسلام عليكم ورحمة الله |