شرح حديث المتشبع بما لم يعط ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن فاطمة عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثني محمد بن المثنى حدثني يحيى عن هشام حدثتني فاطمة عن أسماء أن امرأة قالت: يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. رواه البخاري قال النووي في شرح مسلم عند شرح هذا الحديث: " قال العلماء :معناه المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور. قال أبو عبيد وآخرون : هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع ومقصوده أن يظهر الناس أنه متصف بتلك الصفة ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه فهذه ثياب زور ورياء. وقيل : هو كمن لبس ثوبين لغيره وأوهم أنهما له. وقيل : هو من يلبس قميصاً واحداً ويصل بكميه كمين آخرين فيظهر أن عليه قميصين. وحكى الخطابي قولاً آخر أن المراد هنا بالثوب الحالة والمذهب والعرب تكنى بالثوب عن حال لابسه ومعناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن. وقولاً آخر أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور فيلبس ثوبين يتجمل بهما فلا ترد شهادته لحسن هيئته. والله أعلم ". انتهى. وقال ابن حجر في فتح الباري : " قوله ( المتشبع ) أي المتزين بما ليس عنده يتكثر بذلك ويتزين بالباطل كالمرأة تكون عند الرجل ولها ضرة فتدعى من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده تريد بذلك غيظ ضرتها، وكذلك هذا في الرجال . وأما قوله: ( كلابس ثوبي زور ) فإنه الرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد يوهم أنه منهم ويظهر من التخشع والتقشف أكثر مما في قلبه منه. قال : وفيه وجه آخر أن يكون المراد بالثياب الأنفس كقولهم " فلان نقي الثوب " إذا كان بريئاً من الدنس " وفلان دنس الثوب" إذا كان مغموصاً عليه في دينه. وقال الخطابي: الثوب مثل ومعناه أنه صاحب زور وكذب، كما يقال لمن وصف بالبراءة من الأدناس " طاهر الثوب " والمراد به نفس الرجل. وقال أبو سعيد الضرير: المراد به أن شاهد الزور قد يستعير ثوبين يتجمل بهما ليوهم أنه مقبول الشهادة. اهـ، وهذا نقله الخطابي عن نعيم بن حماد قال: كان يكون في الحي الرجل له هيئة وشارة فإذا احتيج إلى شهادة زور لبس ثوبيه وأقبل فشهد فقبل لنبل هيئته وحسن ثوبيه فيقال: أمضاها بثوبيه يعني الشهادة فأضيف الزور إليهما فقيل كلابس ثوبي زور. وأما حكم التثنية في قوله " ثوبي زور" فللإشارة إلى أن كذب المتحلي مثنى لأنه كذب على نفسه بما لم يأخذ وعلى غيره بما لم يعط وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه . وقال الداودي في التثنية إشارة إلى أنه كالذي قال الزور مرتين مبالغة في التحذير من ذلك. وقيل : إن بعضهم كان يجعل في الكم كماً آخر يوهم أن الثوب ثوبان ، قال ابن المنير قلت ونحو ذلك ما في زماننا هذا فيما يعمل في الأطواق والمعنى الأول أليق. وقال ابن التين: هو أن يلبس ثوبي وديعة أو عارية يظن الناس أنهما له ولباسهما لا يدوم ويفتضح بكذبه، وأراد بذلك تنفير المرأة عما ذكرت خوفاً من الفساد بين زوجها وضرتها ويورث بينهما البغضاء فيصير كالسحر الذي يفرق بين المرء وزوجه. وقال الزمخشري في الفائق : (المتشبع) أي المتشبه بالشبعان وليس به واستعير للتحلي بفضيلة لم يرزقها، وشبه بلابس ثوبي زور أي ذي زور وهو الذي يتزيا بزي أهل الصلاح رياء، وأضاف الثوبين إليه لأنهما كالملبوسين، وأراد بالتثنية أن المتحلي بما ليس فيه كمن لبس ثوبي الزور ارتدى بأحدهما واتزر بالآخر كما قيل إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا؛ فالإشارة بالإزار والرداء إلى أنه متصف بالزور من رأسه إلى قدمه. ويحتمل أن تكون التثنية إشارة إلى أنه حصل بالتشبع حالتان مذمومتان ؛ فقدان ما يتشبع به وإظهار الباطل. وقال المطرزي: هو ا لذي يرى أنه شبعان وليس كذلك. انتهى. |