يا عالم الأسرار علم اليقين ( من قبل 5 أعضاء ) قيّم
وقال الفيلسوف الإسلامي ( رضا توفيق بَيْ ) : إن هذا الفوز الذي كتب لرباعيات الخيام لدى الغربيين ، إنما كان منبعثاً عن فهم الخيام معنى الحياة ، وفق عقيدة المدنية الحاضرة وذوقها. وكأن الخيام ضمن هذه الرباعيات هوى القلوب على مختلف المشارب، وترجم عن إحساس الناس ، وعن شعورهم وشكوكهم وتخيلاتهم ، وباح بمكنونات دخائلهم ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فهذه الرباعيات ليست كلها لعمر الخيام ، لأن جلها تناقض عقيدة الخيام ، وفيها الغث والسمين ، والرخيص والخسيس والنفيس ، ولا أنكر شاعرية الخيام ، فقد قال الشهرزوري : له أشعار حسنة بالفارسية والعربية ، ولم يقل : له أشعار خسيسة ، لذلك ما كان منها يحمل معنى سامياً هادفاً يمكن أن يكون من شعره ، منها مثلاً : يا عالم الأسرار علم اليقين يا كاشف الضر عن البائسين يــا قابل الأعذار فئـنا إلى ظلـك فاقبل توبـة التائبـيـــــن وكذلك قوله : إن لم أكن أخلصتُ في طاعتك فإننـي أطـمع فـي رحمتك وإنـما يـــشـــفع لـي أننـــــي قد عشت لا أشرك في وحدتك
مثل هذه الأبيات يمكن أن تجود بها قريحة الخيام ، أما تلك الرباعيات المبتذلة ، والتي تدعو إلى المجون ، والركون إلى الخمور ، وتحث على الخنوع والكسل ، كالرباعية التي تقول : لبستُ ثوب العيــش لم أُسْتَشَر وحرت فيــه بيـن شـتى الفكر وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت ؟! أين المقـر؟!
وهكذا نعلم أن عمر الخيام ، العالم الجليل ، والفقيه المؤمن ، بريء من أمثال هذه الرباعيات ، ولو كانت له مثل هذه الرباعيات المستنكرة والخليعة ، لردَّ عليها المؤرخون ، وهو الذي عاش في عهد كان العلماء ينهضون بواجبهم ، كحجة الإسلام الغزالي ، والقاضي أبو نصر النسوي ، وظهير الدين البيهقي ، والزمخشري ، والشهرزوري، والسمرقندي، وغيرهم ممن عرف عنهم غيرتهم على الدين ، وتفانيهم في الذب عن أحكام الشريعة ،حالهم ينبي عن قالهم ، وأعمالهم صور متحركة من أفكارهم ، فلما اتفقوا على أنه مجدد المائة الخامسة للإسلام ، وسعوا دائرة الشك حول هذه الرباعيات. |