البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : المحكم والمتشابه    كن أول من يقيّم
 محمد 
16 - أبريل - 2009
قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) ( سورة آل عمران : 7  )

تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أنواع المتشابه    كن أول من يقيّم
 
المحكم والمتشابه

( المحكم ) و( المتشابه ) لفظان متقابلان، إذا ذُكِرَ أحدهما استدعى الآخر ضرورة، وهما بحثان رئيسان من أبحاث علوم القرآن، و بحثان مهمان من أبحاث أصول الفقه .

و( المحكم ) لغة : مأخوذ من حَكَمْتُ الدابة وأحكمتها، بمعنى أحكمت وثاقها، ومنعتها من التفلُّت والهرب. وإحكام الكلام: إتقانه وتمييز الصدق فيه من الكذب .

أما ( المحكم ) اصطلاحًا، فقد اختلفت أنظار أهل العلم في تعريفه، فقال بعضهم: هو ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً؛ وعرَّفه قوم بأنه: ما استقلَّ بنفسه، ولم يحتج إلى بيان.

و( المتشابه ) لغة : مأخوذ من الشبه والتشابه، تقول: فلان يشبه فلانًا، أي: يماثله، وله من الصفات ما للآخر. وعلى هذا، فتشابه الكلام تماثله وتناسبه، بحيث يصدِّق بعضه بعضًا.

أما تعريف ( المتشابه ) اصطلاحًا، فعرفه بعضهم بأنه: ما استأثر الله بعلمه، وعرفه آخرون بأنه: ما احتمل أكثر من وجه.

وبناءً على التعريف اللغوي لكلٍ من ( المحكم ) و ( المتشابه ) يتضح أنه لا تنافي بين ( المحكم ) و( المتشابه ) من جهة المعنى اللغوي؛ فالقرآن كله محكم، بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو كذلك متماثل ومتشابه، بمعنى أنه يصدِّق بعضه بعضًا .

ثم إن المتشابه أنواع :

فهناك متشابه من جهة اللفظ، وهناك متشابه من جهة المعنى، وهناك متشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا. وتفصيل هذه الأنواع باختصار وفق الآتي:

1 ـ المتشابه من جهة اللفظ : وهو الذي أصابه الغموض بسبب اللفظ، وهو نوعان:

أحدهما: يرجع إلى الألفاظ المفردة :

ـ إما لغرابة ذلك اللفظ، كلفظ ( الأبّ ) في قوله تعالى: { وفاكهة وأبًّا } (عبس:31) فلفظ ( الأبّ ) من الألفاظ المتشابهة التي تحتاج إلى بيان وتوضيح.

ـ وإما لاشتراك ذلك اللفظ في عدة معان، كلفظ ( اليمين  ) في قوله سبحانه: { فراغ عليهم ضرباً باليمين } (الصافات:93) أي: فأقبل إبراهيم على أصنام قومه ضاربًا لها باليمين من يديه لا بالشمال، أو ضاربًا لها ضربًا شديدًا بالقوة؛ لأن اليمين أقوى الجارحتين، أو ضاربًا لها بسبب اليمين التي حلفها، ونوه بها القرآن، إذ قال: { وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } (الأنبياء:57 ) كل ذلك جائز، ولفظ ( اليمين ) مشترك بينها.

والثاني: يرجع إلى جملة الكلام وتركيبه، من بسط واختصار ونظم؛ نحو قوله تعالى: { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم } (النساء:3) ففي هذه الآية خفاء في المراد، جاء من ناحية إيجاز اللفظ، والأصل: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى لو تزوجتموهن، فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم من النساء. ومعناه: أنكم إذا تحرجتم من زواج اليتامى؛ مخافة أن تظلموهن، فأمامكم غيرهن، فتزوجوا منهن ما طاب لكم.

2 ـ والمتشابه من جهة المعنى : ويُمثَّل له بأوصاف القيامة وأحوالها مما لا نستطيع تصوره؛ لأن العقل البشري لا يمكن أن يحيط بحقائق أحوال وأهوال القيامة، ولا بنعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار، وكيف السبيل إلى أن يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه، وما لم يكن فينا مثله ولا جنسه.

3 ـ والمتشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا على أنواع، نمثل لهذا النوع من المتشابه بقوله تعالى: { إنما النسيء زيادة في الكفر } (التوبة:37) فإن من لا يعرف عادة العرب في جاهليتهم وما كانوا عليه، فإنه يتعذر عليه تفسير هذه الآية ومعرفة المراد منها .
*محمد
16 - أبريل - 2009
وما يعلم تأويله إلا الله    كن أول من يقيّم
 
أما قوله تعالى: { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } (آل عمران:7)
فالمفسرين قد ذهبوا في تفسير الآية مذهبين:

الأول : يرى أن الوقف يكون على قوله تعالى: { وما يعلم تأويله إلا الله }، وبالتالي فإن قوله تعالى: { والراسخون في العلم } كلام مبتدأ ومستأنف، والمعنى على هذا: أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يؤمنون به كما جاء، ويكِلون علمه إلى الله سبحانه .

وقد أيَّد أصحاب هذا المذهب ما ذهبوا إليه، بما رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: تلا رسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية: { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } (آل عمران:7) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمَّى الله، فاحذرهم ) .

أما المذهب الثاني، فيرى أن قوله تعالى: { والراسخون في العلم } معطوف على قوله:  { وما يعلم تأويله إلا الله } وعلى هذا يكون تفسير الآية: أن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المتشابه من القرآن.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: أنا من الراسخين في العلم، الذين يعلمون تأويله. ولقد صدق رضي الله عنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له، فقال: ( اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل ) رواه أحمد .

وقد صحح الإمام النووي هذا القول، مستدلاً على صحته، بأنه يبعد أن يخاطب سبحانه عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.

والحق، فإنه لا يوجد تعارض بين هذين المذهبين، والتوفيق بينهما أمر ممكن ومتيسر، لأن ( التأويل ) يُطلق على معنيين:

الأول:  ( التأويل ) بمعنى التفسير، فتأويل الكلام تفسيره، وتوضيح معناه.

والمعنى الثاني ( التأويل ) يأتي بمعنى: الحقيقة، فتأويل الكلام، الحقيقة التي يؤول إليها. وعلى هذا المعنى جاء قول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ، يتأوَّل القرآن ) تعني قوله تعالى: { فسبح بحمد ربك واستغفره } (النصر:3) رواه البخاري و مسلم .

وبناءً على ذلك، نستطيع أن نقول: إن الذين ذهبوا إلى حصر علم التأويل في حقِّ الله تعالى، إنما يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الثاني، أي: الحقيقة التي يؤول إليها الغيب، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان؛ لأن حقيقة الغيب لا يعلمها إلا الله .

أما الذين ذهبوا إلى أنه يمكن للعلماء العلم بالتأويل، فإنهم يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الأول، أي: معنى التفسير.

من فوائد المتشابه في القرآن:

1
ـ الحث على النظر والبحث والتأمل في آيات الله سبحانه.
2
ـ إثبات التفاضل والتفاوت في العلم بين العباد؛ إذ لو كان القرآن الكريم كله محكمًا لاستوت منازل الخلق في فهمه، ولم يظهر فضل العالم على الجاهل.
3
ـ ابتلاء العباد بالوقوف عند المتشابه من الآيات دون الخوض في تأويلها، بما لا تحتمله من وجوه التأويل، وتسليم الأمر فيها إلى الله تعالى.
وهناك فوائد أخرى ذكرها الزرقاني في كتابه : ( مناهل العرفان ) اكتفيت بهذه الثلاثة التماساً للاختصار.
*محمد
16 - أبريل - 2009
المحكم والمتشابة    كن أول من يقيّم
 
ان هناك الكثير من التفسيرات على ايات الحكام واتشابه في القران الكريم  والكن ان ايات الحكم هي ايات الا تحتاج الى تويل لا نه مفسرة اي ايات احكام هي الاايايت الاخلاقيه واما اييات المتشابه هي الاايات المتشابها هي الاايات التي تحتاج الى تاْويل وليس تفسير لاان اتفسير  للااشياء الاثابته وتاويل للا اشياء المتطوره اي تحمل طابع التغير.
hassan
22 - أبريل - 2009
التفسير وأسباب النزول أولاً .    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
قال – تعالى - :
* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) .
" الـمُـحكم من آي القرآن: ما عرف العلـماء تأويـله، وفهموا معناه وتفسيره؛
 
 والـمتشابَه: ما لـم يكن لأحد إلـى علـمه سبـيـل مـما استأثر الله بعلـمه دون خـلقه، وذلك نـحو الـخبر عن وقت مخرج عيسى ابن مريـم، ووقت طلوع الشمس من مغربها، وقـيام الساعة، وفناء الدنـيا، وما أشبه ذلك، فإن ذلك لا يعلـمه أحد. وإنـما سمى الله من آي الكتاب الـمتشابه الـحروف الـمقطعة التـي فـي أوائل بعض سور القرآن مِن نـحو (الـم، والـمص، والـمر، والر...)، وما أشبه ذلك، لأنهن متشابهات فـي الألفـاظ، وموافقات حروف حساب الـجُمّل. وكان قوم من الـيهود علـى عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، طمعوا أن يدركوا من قبلها معرفة مدة الإسلام وأهله، ويعلـموا نهاية أُكْلِ مـحمد وأمته، فأكذب الله أحدوثتهم بذلك، وأعلـمهم أن ما ابْتَغَوْا علـمه من ذلك من قبل هذه الـحروف الـمتشابهة لا يدركونه ولا من قبل غيرها، وأن ذلك لا يعلـمه إلا الله. وهذا قولٌ ذكر عن جابر بن عبد الله بن رئاب أن هذه الآية نزلت فـيه.
وهذا القول الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أشبه بتأويـل الآية، وذلك أن جميع ما أنزل الله عز وجل من آي القرآن علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنـما أنزله علـيه؛ بـياناً له ولأمته وهدىً للعالـمين، وغير جائز أن يكون فـيه ما لا حاجة بهم إلـيه، ولا أن يكون فـيه ما بهم إلـيه الـحاجة، ثم لا يكون لهم إلـى علـم تأويـله سبـيـلٌ. فإذا كان ذلك كذلك، فكل ما فـيه لـخـلقه إلـيه الـحاجة، وإن كان فـي بعضه ما بهم عن بعض معانـيه الغنى، وإن اضطرته الـحاجة إلـيه فـي معان كثـيرة...."( موجَز من دون تصرّف).
 
* تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) .
" يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات، هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس، أو بعضهم، فمن رد ما اشتبه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس، انعكس، ولهذا قال تعالى:
 { هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ } أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه { وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتٌ } أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئاً آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد. وقد اختلفوا في المحكم والمتشابه، فروي عن السلف عبارات كثيرة، فقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: المحكمات: ناسخه، وحلاله وحرامه، وأحكامه وحدوده وفرائضه، وما يؤمر به، ويعمل به. وعن ابن عباس أيضاً أنه قال: المحكمات قوله تعالى: { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } والآيات بعدها. وقوله تعالى:
وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ }[الإسراء: 23] إلى ثلاث آيات بعدها. ورواه ابن أبي حاتم، وحكاه عن سعيد بن جبير، به قال: حدثنا أبي، حدّثنا سليمان ابن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن إسحاق بن سويد أن يحيى بن يعمر، وأبا فاختة، تراجعا في هذه الآية، وهي: { هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتٌ } فقال أبو فاختة: فواتح السور، وقال يحيى بن يعمر: الفرائض، والأمر والنهي، والحلال والحرام. وقال ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير: هنّ أمّ الكتاب، يقول: أصل الكتاب، وإنما سمّاهنّ أمّ الكتاب لأنهنّ مكتوبات في جميع الكتب. وقال مقاتل بن حيان: لأنه ليس من أهل دين إلا يرضى بهنّ. وقيل في المتشابهات: إنهن المنسوخة، والمقدم منه والمؤخر، والأمثال فيه، والأقسام، وما يؤمن به ولا يعمل به، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقيل: هي الحروف المقطعة في أوائل السور، قاله مقاتل بن حيان، وعن مجاهد: المتشابهات يصدق بعضها بعضاً. وهذا إنما هو في تفسير قوله:ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ }[الزمر: 23].
 هناك ذكروا أن المتشابه هو الكلام الذي يكون في سياق واحد، والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين؛ كصفة الجنة وصفة النار، وذكر حال الأبرار وحال الفجار، ونحو ذلك. وأما ههنا، فالمتشابه هو الذي يقابل المحكم، وأحسن ما قيل فيه هو الذي قدمنا، وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار رحمه الله حيث قال: منه آيات محكمات، فهن حجة الرب، وعصمة العباد، ودفع الخصوم والباطل، ليس لهن تصريف عما وضعن عليه، قال: والمتشابهات في الصدق، ليس لهن تصريف وتحريف وتأويل، ابتلى الله فيهن العباد؛ كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل، ولا يحرفن عن الحق".
 
* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ)
" قوله تعالى:
 { فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }.
قوله تعالى: { الذين في قلوبهم زيغ } يعم كل طائفة من كافر وزنديق وجاهل صاحب بدعة، والزيغ الميل، ومنه زاغت الشمس، وزاغت الأبصار، والإشارة بالآية في ذلك الوقت كانت إلى نصارى نجران لتعرضهم للقرآن في أمر عيسى عليه السلام، قاله الربيع، وإلى اليهود، ثم تنسحب على كل ذي بدعة أو كفر، وبالميل عن الهدى فسر الزيغ محمد بن جعفر بن الزبير وابن مسعود وجماعة من الصحابة ومجاهد وغيرهم، و { ما تشابه منه } هو الموصوف آنفاً - بمتشابهات - وقال قتادة في تفسير قوله تعالى: { وأما الذين في قلوبهم زيغ }: إن لم يكونوا الحرورية وأنواع الخوارج، فلا أدري من هم؟ وقالت عائشة: إذا رأيتم الذين يجادلون في القرآن فهم الذي عنى الله فاحذروهم، وقال الطبري: الأشبه أن تكون الآية في الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدته ومدة أمته بسبب حروف أوائل السور، وهؤلاء هم اليهود، و { ابتغاء } نصب على المفعول من أجله، ومعناه طلب الفتنة، وقال الربيع، { الفتنة } هنا الشرك، وقال مجاهد: { الفتنة } الشبهات واللبس على المؤمنين، ثم قال: { وابتغاء تأويله } والتأويل هو مرد الكلام ومرجعه والشيء الذي يقف عليه من المعاني، وهو من آل يؤول، إذا رجَع، فالمعنى وطلب تأويله على منازعهم الفاسدة"
* تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) .
قوله: { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ } [7] يعني الكفر. { وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } [7] يعني تفسيره على ما يوافق هوى نفوسهم. { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ } [7]
 قال ابن عباس رضي الله عنهما: أنزل القرآن على أربعة أحرف، حلال وحرام
 لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلاَّ الله تعالى، فمن ادعى علمه سوى الله عزَّ وجلَّ فهو كاذب.
قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } [7] قال: حكي عن علي رضي الله عنه: هم الذين حجبهم العلم عن الاقتحام بالهوى والحجج المضروبة، دون الغيوب لما هداهم الله وأشرفهم على أسراره المغيبة في خزائن العلوم فقالوا: { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } [7] فشكر الله تعالى لهم وجعلهم أهل الرسوخ والمبالغة في العلم زيادة منه لهم، كما قال الله تعالى:
وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }
[طه:114]. قال سهل: استثنى الله تبارك وتعالى الراسخين في العلم بقولهم:
 { كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } [7] يعني الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، وهم الكاشفون عن العلوم الثلاثة إذ العلماء ثلاثة: الربانيون والنورانيون والذاتيون، وبعد العلوم الأربعة: الوحي والتجلي والعِندي واللدني، كما قال تعالى:
آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً }[الكهف:65]،وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }[البقرة:269]؛ أي وما يتذكر إلاَّ أولو الفهم والعقول الذين يقولون:
{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } [8] ؛أي لا تُمل قلوبنا عن الإيمان بعد إذ هديتنا بهداية منك، { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } [8] لمن رجع إليك بالافتقار والتضرع والمسكنة. ثم قال سهل: ليس للعبد حيلةٌ سوى أن يواظب في جميع عمره على قول: " رب سلِّمْ سلم، الأمانَ الأمان، الغوثَ الغوث ".
قال الله تعالى:
كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }[الأعراف:29]: يعني ينبغي للموحد أن يعلم يقيناً أنه ليس كل من أحب الحق أحبه، لأن إبليس قابله بعلاء الحب فقال:
أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً }[الإسراء:61] وأنت الله لا يجوز أن يعبد غيرك، حتى لعنه. فليس كل من تقرب إليه قبله، وليس كل من أطاعه قبل طاعته، إنه بصير بما في الضمير، فلا يأمن أحد أن يفعل به كما فعل بإبليس لعنه بأنوار عصمته، وهو عنده في حقائق لعنته، ستر عليه ما سبق منه إليه حتى عاقبه بإظهاره عليه، فليس للعبد إلاَّ استدامة الغوث بين يديه. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
 " يا ثابت المثبتين ثبتني بثباتك، يا ثابت الوحدانية لا إله إلاَّ أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين " وكان يقول: " يا ولي الإسلام وأهله ثبتني بالإسلام حتى ألقاك به " ، قال: وموضع الإيمان بالله تعالى القلب، وموضع الإسلام الصدر، وفيه تقع الزيادة والنقصان.
 
فائدة :  " تقول العرب: " قد إلْنا وإيل علينا " أي: سُسْنا وساسَنا غيرُنا، وكأنَّ المؤوِّلَ للكلامِ سائِسُه والقادرُ عليه وواضعُه موضعَه، نُقل ذلك عن النضر بن شميل. وفَرَّق النَاس بين التأويل والتفسير في الاصطلاح: بأن التفسيرَ مقتصَرٌ به على ما لا يُعْلم إلا بالتوقيف كأسباب النزول ومدلولاتِ الألفاظ، وليس للرأي فيه مَدْخَلٌ، والتأويل يجوز لمَنْ حَصَلَتْ عنده صفاتُ أهلِ العلم وأدواتٌ يَقْدِرُ أن يتكلَّم بها إذا رَجَع بها إلى أصولٍ وقواعدَ."
 ( تفسير الدر المصون/السمين الحلبي : ت 756 هـ).
 
 
 
*د يحيى
23 - أبريل - 2009