عـشـــّـاقُ الكتـــب ِ "مجد التاجر في كيسه ، ومجد العالم في كراريسه" الزمخشري كان أكبر عشاق الكتب المولعين بها ولعا شديدا في القرن الثالث الهجري الجاحظ وكثيرا ما يذكر بذلك ن والفتح بن خاقان ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي . فأما الجاحظ فإنه لم يقع بين يديه كتاب قط إلا استوفى قراءته كائنا ما كان ، حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر ن وقد حكى بعض المؤرخين أنه مات في حب الكتب ، فقد روي أنه مات بوقوع مجلد عليه ، وكان من عادته أن يضعها كالحائط محيطة به ، وكان عليلا فسقطت عليه فقتلته . وأما الفتح بن خاقان فكان من كبار رجال دار الخلافة ، فإنه كان يحضر لمجالسة المتوكل ، فإذا أراد القيام لحاجة أخرج كتابا من كمه أو خفه وقرأه في مجلس المتوكل إلى عوده إليه . وأما إسماعيل بن إسحاق فإني ما دخلت عليه إلا رأيته ينظر في كتاب أو يقلب كتبا أو ينفضها . (1) وفي سنة 275هـ توفي السجستاني المحدث ، وكان له كم واسع وكم ضيق ، فقيل له في ذلك فقال الواسع للكتب والآخر لا أحتاج إليه . (2) وقد عمل علي بن المنجم وكان ممن يجالس الخلفاء حوالي منتصف القرن الثالث الهجري خزانة كتب عظيمة في ضيعته ، وسماها خزانة الحكمة ، وكان يقصدها الناس من كل بلدة فيقيمون فيها ويتعلمون منها صنوف العلم ، والكتب مبذولة لهم والصيانة مشتملة عليهم ، والنفقة في ذلك من مال علي بن يحيى ، فقدم أبو معشر المنجم من خرسان يريد الحج ، وهو إذ ذاك لا يحسن كبير شيء من النجوم ، فوصفت له الخزانة ، فمضى ورآها وهاله أمرها ، فأقام بها وأضرب عن الحج ، وتعلم فيها علم النجوم ، وأغرق فيه حتى ألحد وكان ذلك آخر عهده بالحج والدين والإسلام أيضا . (3) وفي سنة 282هـ توفي أحد علماء أصفهان وكبار أصحاب الضياع فيها ، ويقال إنه أنفق في شراء كتبه ثلثمائة ألف درهم . (4) وفي سنة 312هـ توفي حمد بن نصر الحاجب وخلف كتبا بأكثر من ألفي دينار. (5) وفي سنة 357هـ صودر حبشي بن معز الدولة لأنه أراد عصيان أخيه أمير بغداد ، فكان من جملة ما أخذ منه خمسة عشر ألف مجلد سوى الأجزاء مما ليس بمجلد . (6) ...................................................... (1) الفهرست للنديم 208 ، ومعجم الأدباء 16/75 ، وأمالي المرتضى 1/194 (4) تاريخ أصفهان لأبي نعيم 100 (2) تهذيب ابن عساكر 6/248 وتاريخ بغداد 9/58 (5)عريب (3) معجم الأدباء 15/157 (6) مسكويه 6/314 ، وابن الأثير يتبع ـ بمشيئة الله ـ |