البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الرواية والقصة

 موضوع النقاش : انضَرَبَ أبو النبّوت بالْمِذْرَاة والشّلّوت    كن أول من يقيّم
 ابو هشام 
30 - مارس - 2009
انضَرَبَ أبو النبّوت بالْمِذْرَاة والشّلّوت
 
       ما زال يتباهى بقوته البدنية وجسمه المِجْشَب[1] وطول قامته وخنجره المثبت على حزام يشدّ به خاصرته ، ونبوته الطويل ، لسنين عدّة ، وذاع صيته في القرى المجاورة خاصة بعد أن بالغوا في الحديث عن شجاعته وقوّته وصارت سيرته تروى على كل لسان ، حيث إنه تصارع مع الضَبْع[2] المُرْعب الذي يصول ويجول عند الحقول وبين البيوت دون رادع فصرعه ، جثم على صدره  دون أن يستعمل أيّ سلاح من أسلحته وبقبضتيه القويتين ظلّ  ممسكا بخُنّاقه[3] حتى فارق الحياة  ، ضرب الحصان ضربة واحدة  بقبضة يده فأرداه قتيلا ، كان يضع حبّات القمح الجافة بين كفيه فتصبح دقيقا ، انخلع الخوف من قلبه حيث دقّ وتدا في المقبرة[4] في منتصف ليل غير مقمر .. لذلك لم يعد أحد يجرؤ من القرية أو القرى المجاورة على الوقوف أمامه أو اعتراضه ، وصار أهل القرية يتقربون منه محبّة في شجاعته وخوفا من رهبته ، لكن القوة والشهرة أعمت عيْنَيّ أبي نبوت عن رؤية محبيه من ذويه ومن الناس ، جمّع حواليه عصابة من الشباب الذين يحاولون تقمّص شخصيته ، فألبسهم لباسه وحمّل كل واحد منهم خنجرا ونبوتا وصار يتزعمهم في الشرّ والإجرام ، وبهم زادت شوكته فصار السيّد المطاع المرهوب الجانب يبطش ويقتل .. وأول ما عضّ بأنيابه الزرقاء إلاّ أهل قريته،  ذويه وجيرانه ، صار يأخذ من حصيلة زروعهم ما يشاء (خاوة [5]) عنوة ، وكل من يتضجر يلاقي أسوأ مصير من ضرب أو تكسير ،وكانت عبارته المشهورة:( يا شباب ... عليه بالنبوت ، كسّروه حطموه .. أوصلوه للموت ) يقولها بصوته الخشن ، فصاريصول ويجول في القرية كيفما يشاء والكل ساكت خانع تفاديا لشره ، وابتعادا عن عنفه وأذاه.. ومثلهم القائل : ( البعد عن الشرّ غنيمة ) ..
 أغدق أبو نبوت على جماعته فأخلصوا له ..وتفانوا في خدمته..
أبو نبوت لم يكتف بقريته ، أراد أن يلحق صيته أينما حلّ ، حيث فشا الصيت وانتشر في القرى المجاورة وليشبع نهمه الذي لا يشبع ، بعث رجاله إلى القرية المجاورة ليأخذوا من محاصيلهم كل عام ( خاوة) كما فعل في قريته  ، رجاله البواسل يدورون على كل بيت ، فيدفع الفلاّحون لهم من أقواتهم  رهبة من سطوتهم وخوفا من أبي نبوت على عيالهم ... كان في هذه القرية رجل غني عنده أموال وأراض وعقارات يدعى (الشيخ محمد ) عُرِفَ عنه الكرم والشهامة والنخوة وعلوّ الهمّة ، فكان يلتفّ حوله بعضا من أهل القرية خدمة له أو أجيرا في أرضه .. رفض الشيخ محمد أن يدفع أي شيء لأبي نبوت..
      نقل جماعة أبي نبوت الخبر ، فغضب زعيمهم غضبا لا يساويه غضب، ثار ورأغى وأزبد ، وصار يشتم ويلعن الشيخ الذي كَسَر هيبته ورفض أمره ، وهدد بهدم منزله ، فزاد من رجاله وصار يهدد ويتوعد .. وصل الخبر إلى (الشيخ محمد) فدخل بيته وهو في ضيق شديد ، رأته ابنته وهو على تلك الحالة .. فقالت له : هوّن عليك يا أبتي إن الأمر هيّن لايستحق هذا الغضب ( تريد أن تخفف عن والدها ، لأنها تعرف مقدار الأسى والحزن الذي لحق أبيها من هوان وذلّ وخوف من جرّاء الشتم والتحقير والتهديد)..
فقال لها : إن أبا نبوت شتمني وحقّرني وهدد وتوعد وهو ينفذ بما تعهّد!!..
    كانت البنت صاحبة رأي ومشورة ، والدها يستشيرها في كثيرمن أمره .. وحتى أهل القرية يعرفون عنها رجاحة عقلها ووقارها وعفّتها وعطر سيرتها..
 قالت :ادعو القرية جميعا إلى وليمة يا أبت .. ولا تسألني عن السبب !!.
      بعث الشيخ محمد خدمه إلى أهل القرية وصاروا يدورون في شوارعها وأزقتها وينادون بأعلى أصواتهم : يأهل القرية أنتم اليوم مدعوون إلى وليمة الشيخ محمد ... وأهل القرية يحبون دعوته لكرمه وحسن ضيافته .. فذبح الذبائح وجهز القدور وأعدّ الخدم الحطب وأشعلوا النيران..
      أخذت وفود القرية تتوالى إلى باحة البيت الواسع المفروشة والمعدة لاستقبالهم ، اكتمل الناس وأخذ كلّ واحد مكانه ينتظرون قدوم الأكل .. وإلاّ بابنة الشيخ صاحب الكرم  تدخل عليهم واضعة على رأسها خُِوانا[6] كبيرا مكتنزا باللحم والثريد ، ممسكة به بيديها الاثنتين .. وعندما توسطت الجمع  أنزلت يدها اليمنى وأمسكت بطرف ثوبها وكشفت عن ساقها .. فصاح الحضور : ( اسدلي الثوب يابنة الشيخ ..هذا عيب وعار) ؟!! ..
أجابت البنت : (البنت لاتخجل من البنات.. ولو كان في هذه القرية رجال.. لما شُتِم شيخكم ابن قريتكم ، وصار حالكم هذا الحال !!!.. والشيخ الذي حوله رجال شجعان لايُذَلّ ولا يُهان)!!!..
 دبّت الحمية في نفوس الرجال... وقالوا : (إننا رجال أبناء رجال ، وشرف الشيخ شرفنا يابنة شيخ قريتنا !!..) وحق أبيك في رقابنا قالها (سلمان) وهو معروف بشهامته ورجولته ....
 أسدلت البنت ثوبها ووضعت الخُِوان أمام سلمان.. ثم أمرت الخدم بتقديم الزاد لكلّ الضيوف  ..
      في تلك اللحظة كان مقدم أبو نبوت و زمرته والشرر يتطاير من عينيه متوجها صوب بيت الشيخ محمد ، وقال بصوته الأجش[7] : ( يا شباب .. على الشيخ بالنبوت .. كسّروه حطموه .. أوصلوه لدرجة ما بعد الموت[8] واهدموا على رأسه وأسرته البيت)، فتقدموا كالأسود  يزأرون ، فتلقاهم أهل القرية عن بكرة أبيهم وهجموا على عليهم هجمة رجل واحد ، وكلّ واحد منهم ممسكا بفأس أو نبوت أو مذراة[9] أو خنجر . وأبو نبوت يتقدم بخطى ثابتة نحو الشيخ محمد كالجمل الهائج ، يرغي ويزبّد ، وينفث الشرّ من كل جانب ، يريد الإجهاز عليه ، والشرر يتطاير من عينيه، وإلاّ بسلمان ــ لا يعرف كيف جاءته هذه القوة ؟!! ــ اعترض طريقه وفي لمح البصر انتزع منه النبوت ورماه بعيدا ، ولم يشعر الرّجل إلاّ وهو يسقط على الأرض ، وقد طارت غترته (حطّته) وعقاله وجثم الشاب على صدره يضربه بقوة على وجهه ورأسه ويقول : حقّ الشيخ في رقبتي .. والرجل يصيح به مهددا إياه بالقتل لكنّه لم يتمكن من إفلات نفسه رغم قوته البدنية وضخامة جسمه ، لما رأت العِصابة ما حلّ بسيّدهم وزعيمهم ولوا الأدبار ولاذوا بالفرار ، تاركين أبا نبوت وحيدا يلاقي مصيره تحت وطئ الأقدام  ، والرّكل بالأرجل والضّرب بالمذراة والنّبوت ، وأهل القرية استفردوا به ، فأخذوا يدورون حوله وهو يتقلّب ويتوجّع ، فقسم منهم يغني ويقول : (انضرب أبو النّبوت .... بـالمذْراة و (الشّلوت[10])) ، والآخرون يردّون : (سجّل .. سجّل .. يا زمن )... ثم ربطوه وأركبوه حمارا ليوصله إلى قريته ، والذي زاد الطَين بلّة خروج الناس من البيوت عندما استطار[11] خبر أبي نبوت بينهم ليروا بعيونهم كيف تحاقر[12] وتمرّغ أنفه بالتراب!!!.. فاستقبلته النسوة بالزغاريد ، والبِشر يعلو الوجوه ، وأهل قريته يقولون : وانضَرَبَ أبو النبّوت بالْمِذْرَاة والشّلّوت  .. سارت معه الزفّة حتى أوصله الحمار إلى بيته وهو مطأطئ الرأس خائب ، فاستقبلته زوجته الوفيّة بحزن شديد ، لأنها كانت تصول وتجول بسيف زوجها في القرية ،، ومن بعدها لم تقم لأبي نبوت وزوجته أيّ قائمة ..
     أما الشيخ محمد فقد التفّ حوله الشباب فأكرمهم وجنّدهم للحفاظ على قريته ، وصار يعتمد عليهم في تصريف أعماله ، وجعل سلمان قائدا لهم وآمرهم .. وبسط الأمن والأمان ، وحافظ على مصالحهم وممتلكاتهم .. فازداد نفوذه إلى قرية أبي نبوت وما بعدها .. حتى أصبح يحكم منطقة الجبل بأكمله ..
 
أبو هشام


[1] المجشب : الضخم الشجاع .
[2]  الضبع : جنس من السّباع من الفصيلة الضَّبعية ورتبة اللواحم أكبر من الكلب وأقوى ، وهي كبيرة الرّأس قوية الفكَّين ( مؤنثة ، وقد تطلق على الذكر والأنثى ) (ج) أضْبُعٌ .
[3] الخنّاق : مكان الخنق
[4] المقبرة : مكان دفن الموتى
[5]  خاوة : كلمة عامية تعني ( دون وجه حق ).
[6] الخُِوان : ما يؤكل عليه (ج) أخونة ، وخون ، وأخاوين .
[7] الأجش :الصوت الغليظ الذي يوجد فيه بحّة .
[8] درجة ما بعد الموت : يقصد التمثيل والتقطيع .
[9] المذرى أو المذراة :خشبة ذات أطراف كالأصابع يذرّى بها الحب وينقى من القمح أو الشعير / القاموس الوسيط ص 312
[10] الشّلوت : كلمة عامية تعنى ( الركل بالقدم على مؤخرة الإنسان ).
[11] استطار : شاع وانتشر
[12] تحاقر : تصاغر . ويقال تحاقرت إليه نفسه
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
من أسماء النبوت     كن أول من يقيّم
 
من أسماء النبوت : قديما يسمى العصا ويقال أن هذه العصا نزلت مع سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام من الجنة ليزرعها على الأرض ويأكل من ثمرها .. ويقال أن سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام أخذها من بعد موته عليه الصلاة والسلام وورثها للأنبياء من بعده ..
 أيام سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كان يسمى النبوت أو العصا بـ (الصولجان أوسأة ) يقول المولى عز وجل: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ }. سورة سبأ الآية14
أما أيام سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام (والعود ) وأيام سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام (العصاه البيضاء[1] ) وأيام سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام العصا كما ذكرت في القرآن الكريم (وماسا ونفعة وغياث وعليق )، نبّوت أوعصا سيدنا موسى عليه السلام لها عدة أسماء[2] ذكرها العلماء, فقيل أن اسمها "ماسا" وقيل اسمها "نفعة" واسمها "غياث", وقال آخرون: اسمها "عليق" وكان طولها عشرة أذرع على طول موسى عليه السلام.
  أيام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (والمِحْجَنة والمِحْجَن[3] ـــ  كان للرسول صلى الله عليه وسلم محجن وهو عصا معوجة الطرف يشير به إلى الحجر إذا لم يستطع أن يقبله؛وهذا ثابت في الصحيح ـــ عنزة الحربة  النيزك الآلة المخصــرة القضيب) أيام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (العصا والدرة  ، الخشب قال الشاعر:
 
 قد كنــت أمشــي على رجليــن معتمدا
فصرت أمشي على أخرى من الخشب
سمى الشاعر العكازة والعصا بالخشب ...
 )، وللأعمى تسمى (العصا البيضاء ، عصا هوفر) ،  النبوت يعرف قديما بالعصا  .. ثم تفنن العرب في صناعة العصا وصنفوها إلى أنواع عديدة مختلفة الأشكال والأطوال وكان كل نوع له مدلوله الخاص به ، لكنني وجدت إنّ هذه الأنواع قد اختلطت عند العامة من الناس وخاصة شعراء العامية وعند العديد من الكتاب حتى صارت كل هذه الأنواع تحت وصف النبوت  :  ( قيل لأحد الصالحين:مالك تدمن إمساك النبوت، ولست بكبير ولا مريض؟! ..فقال:لأذكر أني مسافر، وإنها دار قلعة، وإنّ العصا من آلة السفر:
لاالضعــف أوجــب حمــلها علي ولا أني تحنيت من كبر
ولكنني ألزمت نفسي حملها لأعلمها أني مقـيم على سـفر)
 مزج الشاعر النبوت مع العكازة مع العصا ...
 ، فمرة يسمون النبوت ــ كلمة النبوت عامية فصيحة وهي محدثة كما جاءت في الوسيط ــ  بالعصا وأخرى بالعود وأخرى بالعجرة ، لذلك يكون النبوت في دول الخليج ( النبوت ـ الباكورة ـ الدبوس ـ  العجرا ـ القطلة ـ المِسْيَر ـ  المشعاب ـ المِطرق ـ السوط ـ القب ـ المقشاع ) وفي بعض قرى فلسطين (المخباط )  وفي السودان ( النبوت والعصا ) في مصر وبلاد الشام (النبوت والهراوة ــ النبوت هي الهراوة كما جاءت في كتاب التاج ـ  والعكازة[4] ــ سمى الشاعر العكازة بالعصا :ــ
يابن جعيثــن قل شــوفي وحيلـي
وشلت العصا ولا عليّه من الناس
وفي مصر أيضا الشون ، وعند أهل الصعيد (القلاوي) وأهل الفيوم (الملاقفة ) ويسميها أهل الريف ( المجاصفة )... والمتعارف عليه حاليا في جميع أقطار الدول العربيه بالنبوت......


[1] قصص الأنبياء للجزائري
[2] العرائس للثعلبي ص:156
[3] رواه مسلم، ح 1275
[4] العكازة : عصى يستعملها العجايز للمساعده في المشي او لمآرب اخرى
*ابو هشام
31 - مارس - 2009
كتاب العصا وتصحيح بيتين    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة لأستاذنا أبي هشام، متمنيا أن يستمر في بناء هذا الموضوع الطريف، وألفت انتباهه إلى أن (كتاب العصا) لأسامة بن منقذ منشور في الوراق، ضمن كتاب (نوادر المخطوطات)
وأردت أيضا تصحيح بيتين وردا في التعليق السابق، والصواب فيهما:
حملتُ العصا لا الضعفُ أوجبَ حملَها عـلـيّ  ولا أنـي انحنيتُ من الكبرْ
ولـكـنـنـي ألـزمتُ نفسي بحملها لأعـلـمـهـا  أني المقيمُ على iiسفرْ
وهما أشهر ما وصلنا من شعر ابن وشاح، المتوفى ليلة الأحد 27 / رجب/ 463هـ وأول من نسبهما إليه فيما أعلم ابن الجوزي في المنتظم، ومنه نقل الصفدي وابن كثير،  ولكن استوقفني أن ابن قتيبة أورد البيتين في كتابه (عيون الأخبار) وكانت وفاة ابن قتيبة عام 276هـ فإما أن يكون البيتان من زيادة النساخ في (عيون الأخبار) وإما أن يكون الخطأ طرأ من المنتظم، والبيتان أوردهما القرطبي أيضا في تفسير سورة طه الآية: (قال هي عصاي ...)
وأنقل هنا ترجمة ابن وشاح من المنتظم لابن الجوزي، قال:
محمد بن وشاح بن عبد الله، أبو علي، مولى أبي تمام محمد بن علي، ابن أبي الحسن الزينبي
ولد سنة تسع وسبعين وثلثمائة. في جمادى الآخرة وقيل سنة ست وسبعين وكان كاتباً لنقيب النقباء الكامل، وكان أديباً شاعراً، وسمع أبا حفص بن شاهين، وأبا طاهر المخلص، وغيرهما، وحدّث عنهم، وكان يرمى بالاعتزال والرفض.
توفي في ليلة الأحد سابع عشرين رجب هذه السنة عن أربع وثمانين سنة، وقبره في مقبرة جامع المنصور.
أنبأنا محمد بن طاهر قال: أنشدنا أبو علي بن وشاح لنفسه:
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها عـلـيّ  ولا أنـي انحنيت من الكبر
ولـكـنـنـي ألـزمت نفسي بحملها لأعـلـمـهـا  أني المقيم على iiسفر


 
*زهير
1 - أبريل - 2009
قصة النبّوت    كن أول من يقيّم
 
قصة النبّوت
أستاذنا وشاعرنا الكبير الاستاذ زهير أدامك الله تعالى لنا ولكل المحبين ،أتقدم إليكم بكل ما لديّ من حبّ وتقدير ، ولك مني أيضا كلّ الشكر على تصويب بيتي ابن وشاح ... وصدّقني ..وأنا أكتبهما شعرت بنقص فيهما ولكن لا يوجد عندي لهما أي مرجع .. وأنا أحضرتهما كشاهد على أن العرب مزجت معاني أنواع العصا وحصرتها بالنبوت ..نبوت باب الحارة ، نبوت عز ومرجلة ..
إن لهذه العصا التي تسمى النبّوت قصة ... بينما كنت أكتب قصصا من الأدب الشعبي ، تطرقت إلى قصة ( أبي نبُّوت ) التى نسج كلٌّ من أهالي مصر وسوريا ولبنان وفلسطين حوله الحكايات الحقيقية والخيالية ،  وكلُّ حسب طريقته مع أن المضمون واحد ، مأخوذ من الحديث الشريف(حديث التوبة المذكور في الكتاب ) .... وعاشت رواية (أبي نبّوت) معهم فترات طويلة من الزمن تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل .... ومن خلال سرد القصة استهواني ( النَّبُّوت)  نفسه الذي أعطى الرّواية الخلود والبقاء ‘ بما فيه من عزّة وإباء  ، ورجولة وشهامة ، ونخوة وكرامة ....
     نظرت إلى النَّاس في عالمنا ، وجدت الكلّ يرنو إليه لما فيه من شرف وصفاء في المحتد .. هذا النَّبَُّوت الذي نزل مع سيدنا آدم من الجنة ومن بعده توارثته الأنبياء ، وهوعصا سيّدنا سليمان عليه الصلاة والسّلام الغنيّة عن التعريف ، كما كان النبّوت العصا المعجزة لسيدنا موسى التي أخذها من سيدنا شعيب عليهما الصلاة والسّلام... علما بأنّ اسم النبوت مستحدث  هو الذي يسمى بالعصا قديما ...
      هذا النبوت الذي صاحب الأنبياء والرّسل ، لازم البشر منذ بداية الخلق حتى يومنا هذا ، فهو قديم جديد ، عصري تليد، وتراث عالمي ، واكب حياة البشرية وتطور معها بتطورها ، من عصا قديمة إلى نبوت عصري ، لم يحصره مكان ،ولم يختف في زمن من الأزمان ... كلّما مرّعليه السنون زادته شهرة ،وتفنن الناس فيه صنعة ، وتعددت استعمالاته ، فدافع به الإنسان عن حياته وبقائه ، واصطاد به فسدّ رمق جوعه وعياله ، فتغنى به المغنون ورقص به الرّاقصون ، ولعب به اللاّعبون ، وهو مع الخطباء على المنابر وهم يعظون ، إنهم ـ حملة النبوت ـ على مصالح النّاس ساهرون ، والشعراء له واصفون ،وعنه يكتب الأدباء ويسطّرون ، وبه الرّعاة يرعون ويسقون ، والرجال (النشامى) له حاملون ، فهو الرّفيق يوم الظعن ، والأنيس في الحلّ،والصّاحب للأعمى والخليل للبصير،والنّصير للضّعيف ، والمعين للقوي ، والزّينة للحاكم ، والأمان للمحكوم ،،، 
      هذا ما شدّني إليه وجعلني أتقرب منه ، وأبحث في معانيه وأسمائه وصوره وأشكاله وإستعمالاته عبر العصور..وبالفعل وقفت على أشياء طريفة لهذا الملاق النبوت ....
ولك مني كل تحية سيدي زهير..
*ابو هشام
1 - أبريل - 2009
حيرتني يا أبا هشام    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة مرة أخرى لأستاذنا القدير أبي هشام: وكل الشكر على حسن استقباله ودفء كلماته، ولكنه صدمني أكبر صدمة بقوله : (ولكن لا يوجد عندي لهما أي مرجع )   فهل هذا صحيح، ؟؟ وهل يكون الأستاذ أبو هشام لا يدري أن عيون مراجع الأدب والتاريخ منشورة في الوراق ... حيرتني يا أبا هشام ؟ هل أنت لا تجيد استخدام محرك البحث الموجود في الصفحة الأولى ... ؟؟؟؟؟؟
*زهير
2 - أبريل - 2009
محرك البحث    كن أول من يقيّم
 
أخي وأستاذي الشاعر زهير .. حاولت مرارا ثم حاولت استخدام محرك البحث .. لكن دون جدوى فإما جهازي قديم أو أنا بطريقة استخدام محرك البحث (غشيم) ، وأعتقد الثانية هي الأصح ..
وتحياتي لشخصكم الكريم ..
*ابو هشام
3 - أبريل - 2009
أحب الناس النبّوت ودللوه     كن أول من يقيّم
 
أحب الناس النبّوت ودللوه :
النبوت في اللغه على وزن فعّول مثل سمّور ، دبّور ،دبّوس  وهو كلمة عامية فصيحة ،واشتقاقها من الفعل نبت ، نبّوت  على وزن فعل فعّول ،وزن فعّول يقال في أسماء الأعلام  عند العامة للتحبب والتدلل ، مثل سالم ، صالح ،جاسم ، ناصر ، وهي أسماء أعلام جاءت على صيغة اسماء الفاعلين على وزن فَاعِل ، فللتحبب والتدلل نقول : سلّوم ،صلّوح ، جسّوم ، نصّور ، على وزن فعّول ، وسَعيد ، سَليم ،عَتيق، بَخيت  وهي أسماء أعلام جاءت على وزن صيغة المبالغة على وزن فَعِيل ، فللتحبب والتدليل نقول : سعّود ، سلّوم ،عتّوق ، بخّوت ، على وزن فَعّّول ، ومحمود ، منصور ، مَسْعُود ،  أسماء لأعلام جاءت على صيغة اسم المَفْعُول ، على وزن مَفْعُول ، فللتدليل والتحبب نقول: حمّود ،نصّور ، سعّود ، على وزن فَعّول أمّا اسم خَضِر أسم علم جاء على وزن فَعِل وهو من صيغ المبالغة ، فنقول على سبيل الدلال : خَضّور على وزن فَعّول ، وعبد الله وعبد الرحمن ، نقول على سبيل التحبب : عبّود ، والزوج إذا أراد أن ينادي زوجته للتحبب أوللزيادة في الدلال وكان الاسم منتهي بتاء التأنيث مثل خديجة ، فاطمة ، يزيد بعد وزن فعّول ياء (المُلْكّية ) ، فيقول :خدّوجتي وفطّومتي ، أما إذا كان الاسم دون تاء التأنيث فيضيف تاء التأنيث وياء الملكية بعد وزن فَعّول مثل : زينب ، هديل فيقول : زنّوبتي ، هدّولتي ، والزوجة إذا أرادت أن تدلل زوجها فتناديه جَسّومي ونَصّوري .. وهذا من لهجات العامة في قطر وباقي دول الخليج وفي مصر وسوريا وفلسطين وأجزاء أخرى من الوطن العربي ولما لهذا النبوت من مكانة عند عشاقه ومحبيه من رجال الحارات أصحاب الشجاعة والشهامة حبّوه ودللوه وسمّوه على وزن فَعّول (نَبّوت )
*ابو هشام
3 - أبريل - 2009
تحول مفهوم النبوت من العصا إلى اسم إنسان .... ولفظة ( أبي ) من استعمالات العرب:     كن أول من يقيّم
 
      تحول مفهوم النبوت من العصا إلى اسم إنسان.... ولفظة ( أبي ) من استعمالات العرب:
       النبوت تعدى القصص التراثية الخيالية القديمة إلى واقع يتجسده إنسان عادي، يلتصق به اسم النبّوت ويتعايش معه  ، فالنبوت عنده وغال عزيز فلا يسقط أبدا بل ظلّ مرفوعا شامخا ، إذا تركه صاحبه لأمر كُرْها، سرعان ما يتلقفه آخر ويشتهر به ، ولمكانته قد ورثّه الأجداد للأحفاد مثلما توارثته الأنبياء من سيدنا آدم عليهم الصّلاة والسّلام ..
فللنبوت مكانة مرموقة في نفوس من أحبه وأتقن استعماله،فهو عند الحكام والعامة سواء ،قديما كان مصدر أمن وأمان لأحقاب وسنين عدّة ، فهو مع العسس الذين يسهرون على أمن الناس في المدن والقرى ، ومع مرور الزمن تحوّل للخفير (الغفير) ، وبعدها انتقل إلى الحارس والناطور الذي يحرس مصالح الناس وممتلكاتهم من بيوت ومتاجر ومصانع ، إلى أن انتقل للبواب الذي يقوم على خدمة وحراسة البنايات الحديثة ... فللنبوت مذاق خاص فكل من امتلكه لا يتخلى عنه إلاّ قهرا أو عنوة ، ويلقّب به وهو مزهو فخور حتى تغلّب هذا اللقب على الاسم الحقيقي فأخفاه وحلّ مكانه ، بل زاد ... ـ هذا الّلقب المحبب ـ حتى صار يغني عن اسم الاب، و عن  الجدّ والعائلة ، فصار كلّ من يتحدث عنه أو يناديه بـ (أبي نبوت)   يعتز بهذا  ويفتخر .. والنبّوت نفسه فيه من معاني العزّة والنخوة والشهامة والحمية والمرجلة ، تؤهله بأن يلتصق باسم الإنسان ، وزيادة على ذلك.. إنّه من التراث القديم ، وصاحب الناس آلاف آلاف السنين ..
     لفظة (أبو) من استعمالاتها ، إن كان للرجل ولد أو بنت يسمى باسمه أو باسمها فيُقال (أبو فلان ) أو (أبو فلانة) وكذلك لفظة أبي لها استعمال آخر ؛ كل صفة تلازم الإنسان ويتفرّد بها عن سائر الناس يتبنّاها فتصبح كالابن ـ وهذه لغة من لغات العرب قديما ـ فمثلا : يقال لمن يتصف بالشعر الطويل بـ ( أبي الشعر ) ،ومن يكون له جواسيس أو عيون ينقلون له الأخبار بـ ( أبي العينين ) ، ومن كانت على وجهه شامة يُقال له : ( أبو شامة ) ، وكذلك أبو الظفائر لمن كانت له ظفيرة، وأبو قذلة لمن كانت له قذلة ، وأبو غليون لمن لازمه الغليون، وسيدنا آدم لأنه تفرد في سبب وجود البشرية نسميه بـ ( أبي البشر ) ، والذي تكون كل  خلفته بناتا نسميه بـ ( أبي البنات )…
   ويقال  أبو طير لمن لازمه الطير أو كان يتطيّر ، وأبو ديّة لمن كانت له يد واحده أو في يده عيب، وأبو فروة[1] لمن لازمته الفروة في الصيف والشتاء، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ سمّى الصحابي الجليل عبد الله بن صخر الدوسي بـ ( أبي هريرة ) لأنه كان يحمل الهرّة في كمه ولازمته هذه الصفة ..وكذلك النبوت عندما لازم صاحبه وتفنن الصاحب في استعماله صار يسمى بـ ( أبي نبوت ) ، وزاد ( أبو النبوت )في الشهرة  على (أبي محجن) مع إنّ المحجن والنبوت واحد ......  
أبو النبّوت اسم عادي وليس  بنادر فوجدنا الكثير في وطننا العربي مَنْ سمّوا بهذا الاسم، حيث تجسد أبو نبوت الخيالي إلى شخصية حقيقية فيها القوة  والفتوّة ، وأخذ صفة المحتد والعراقة مع مرور الزمن.


[1] الفروة :عباءة مصنوعة من جلد الخاروف وصوفه .
*ابو هشام
4 - أبريل - 2009
أحلى مسا    كن أول من يقيّم
 
مرور سريع لأشهد احتفاليتك اللطيفة والطريفة بالنبوت اخي ابو هشام ، ورغم انني من دعاة السلام، او بالأحرى سفيرة السلام، الا ان مجلسك هذا جذبني، واستهوتني حكاياته الطريفة.
بانتظار المزيد من حكايات النبوت، والشلّوت، "بس من بعيد لبعيد اخي ابو هشام"
وأسعد الله أوقات الجميع في الوراق.
*khawla
5 - أبريل - 2009
الجانب المضيء للنبوت ..    كن أول من يقيّم
 
الجانب المضيء للنبوت ..
   أتقدم بكل الشكر والتقدير إلى الأخت الأديبة الباحثة سفيرة السلام على هذه المشاركة اللطيفة ...اختي إنّ النبوت عصا هبط مع سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام من الجنة ليغرسه في الأرض ليصير شجرة يأكل من ثمارها ، وفي المثل العامي (العصا لمن عصى والعصا من الجنة ) ومن بعد سيدنا آدم توارثته الأنبياء حتى وصلت العصا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام عن طريق سيدنا شعيب عليه الصلاة والسلام .. وكان لسيدنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم نبوت لازمه في حياته ، مرة سُمِّيَ بالمحجن وأخرى بالمخصرة دلالة على مقدار طول النبوت للخصر ، وكان الرسول الكريم يهدي عصاه لمن يحب ( فالنبوت عصا الأنبياء ، ومن علامات النبوة ) .. هو الذي يسعفنا في كبرنا ، والرفيق في سفرنا ، به نرعى الغنم ،وبه نقتل ما على الأرض من هوام (حية أو عقربا) ، وهو الهادي للأعمى ، والنصير للضعيف ، والمعين للقوي ، وهو الذي حفظ الأمن والسّلام لأهالي المدن والقرى وهم نيام ، عندما كان النبوت في أيدي العسس والخفر( نبوت الغفير) وفيما بعدهم وفي أيدي الحراس (حرّاس الليل ) او النواطير الذين يسهرون على مصالح الأمة  ..ولكن للأسف في ليلة حالكة السواد تسلل النبوت إلى أيدي (البلطجية ، والسرّاقين ) والفتوة المتهورين وإلى أيدي قساة القلب المتجبرين ، فصار في عصر من العصور تحطيم الأضلاع وتكسير الرؤوس ، فطغى هذا الجانب على بصرنا لا نرى إلاّ نبوت المجرمين مع إننا رقصنا به ( التحطيب في مصر ، والنبوت والمزمار في السعودية ) ولعبنا به العديد من الألعاب في صغرنا .. وتغنينا به  ..وهذه أغنية على لسان امرأة فلسطينية :
آه ياعلى يامه
    *    آه ياعلى يامه                   آه ياعلى يامه[1]
 
انزلت احارب واجا النبوت فى ذراعى
ابكى على الحب والا ابكى على ذراعى
انزلت احارب واجا النبــوت فى راسى
ابكى على الحب والا ابكى على راسى
ابكى على الحب واقول بطيب ياراسى
انزلت احارب لقيـــت النازل محبوبى
اضرب انا العدو والا اضرب محبوبى
شــوحـت وقلت ابعد عنى يامحبـوبى
مــعادنا اليـــوم نتـقابـل على العـينى
مســيك بالخيــر يمســى كل طايفتــك
ومحبتك فى القلب من قبل ما عرفتك
يمســـيك بالخيـــر يمســى اوقاتـك
ومحبتــك فى القلب من غير محاكاتك
ياشوفتـــن شوفتــها مرت من الحاره
ياخدود بنت السبع مشمش فى جماره
يا شوفتـــن شوفتــها بين البســاتينى
ياخـــدود بنت النذل مشمش فلسطينى
غابت على الشـــمس يامهيرتى سيرى
وانا بخاف النــذل يقــف فى طريـــــقى
لا أدري كيف تكون فكرتك عن النبوت الآن ؟..
 ولك ( سفيرة السلام ) منّى كل ّ تحية واحترام  ..


[1] المرجع / أم محمود الاشقر. موقع عائلة الأشقر
 
*ابو هشام
5 - أبريل - 2009
جميل    كن أول من يقيّم
 
ما أجمل هذه الأهزوجة (لا اعلم ان كانت تصنف هكذا) ومن المؤكد انه يلزمني اعادة نظر في موضوع النبوت،
 وسأتشرف بمتابعة هذا الملف. جهود طيبة اخي ابو هشام.
*khawla
5 - أبريل - 2009
 1  2