قصائد الخبب الأولى كن أول من يقيّم
ولعلّ أقدم قصيدةٍ خَبَبِيَّةٍ معروفة يُشيرون إليها هي قصيدة عَمْرٍو الجنّيّ، التي يُقال إنه مدَحَ بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يبْقَ منها سوى قوله(): أشَجاكَ تَشَتُّتُ شِعْبِ الحَيِّ=فأنْتَ لَهُ أرِقٌ وَصِبُ يقول أبو الحسن العروضي (-342هـ): "فهذه قصيدةٌ مشهورةٌ، ولولا الإطالةُ لذكرناها عن آخرها". ويا حبذا أنه فعل. ويُعلّق الزنجاني (- بعد660هـ) على هذا البيت بقوله: "وقَلَّ أن تجد في هذه القصيدة بيتاً خالياً من الخبن والقطع"، مما يدلّ على أنها كانت معروفةً حتى زمنه. وأشار أبو الحسن العروضي أيضاً إلى قصيدةٍ أخرى قديمة،لم ينسبها لأحد، قال عنها: "وليست في شهرةِ الأولى"، ذكر منها قوله: زُمَّتْ إِبِلٌ للبَيْنِ ضُحَىً= في غَوْرِ تِهامَةَ قدْ سَلَكوا ولعل من أقدم شواهده -إن صحّ- بيتٌ يُنسب إلى امرئ القيس(): الشحْطُ خليطُكَ إذْ بكَروا= ونأوا فمضى بهمُ السّفَرُ ومنه أيضاً؛ أبيات ينسبونها إلى علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، يقولون أنه استنطق فيها الناقوس، وهي(): إنّ الدنيا قد أغْوَتْنا=واستَغْوَتْنا ، واستَهْوَتْنا لسْنا ندري ما قَدَّمْنا=إلاّ أنّا قدْ فرَّطْنا يا ابنَ الدنيا مهْلاً مهْلاً=زِنْ ما يأتي وزْناً وَزْنا ما منْ يومٍ يمضي عنّا=إلاّ أوْهى منّا رُكْنا كما يرْوُونَ للخليل بن أحمد (-175هـ) أبياتاً على هذا الوزن، مدّعين أنّه هو الذي اخترعه، أوردها أبو الطيب اللغوي (-351هـ) بقوله(): "وأحدثَ الخليلُ أنواعاً من الشعر ليست على أوزان العرب" ذلك أنّ له "قصيدة على (فعِلن فعِلن) ثلاث متحركاتٍ وساكن، وأخرى على (فعْلن فعْلن) بمتحركٍ وساكن، فالتي على ثلاثة متحركاتٍ قصيدته التي فيها: سُئِلوا فأَبَوْا فلقد بَخِلوا=فلَبِئْسَ لَعَمْرُكَ ما فَعَلوا أبَكَيْتَ على طلَلٍ طَرَباً=فَشَجاكَ وأحْزَنَكَ الطّلَلُ() والتي على ( فعْلن) ساكن العين قوله : هذا عَمْروٌ يستعْفي مِنْ=زَيْدٍ عندَ الفَضْلِ القاضي فانهَوْا عَمْراً إني أخشى=صَوْلَ الليْثِ العادي الماضي ليسَ المَرْءُ الحامي أنْفاً=مثلَ المَرْءِ الضَّيْمَ الراضي وأضاف: "فاستخرجَ المحْدَثون من هذين الوزنين وزناً سمّوه (المخلّع)()!، خلَطوا فيه بينَ أجزاءِ هذا وأجزاءِ هذا". ومن الغريب أن يُنقل عن الخليل "أنه نصَّ على طرحِه"() وأنه "لم يُجِزْه.. ودفَعَهُ مرّةً واحدة". |