ياهلا بالخال ( د/ عمر خلوف) ( من قبل 7 أعضاء ) قيّم
إني - واللهِ - أحبك في الله ياخالي عمر.....نَعَمْ وألف نعم : الحمويون هم أخوال الحلبيين. أنت أبو الفوائد ، وأبو الذوق ، وأمير العروض ، واليوم لي الشرف - وأنا المسؤول عن كلمتي أمام الله، ثم أمام سادتي سراة الوراق- أن ألقّبكَ أبا البيان ؛ فللهِ درُّكَ على قلمك ، فأسلوبُك طاهرٌ نظيفٌ عفيفٌ : أحِسُّ بالسعادة وأنا أقرأ لك ،... وكأني أعيش صبايَ مع ابن قُتيبةَ وابنِ العميد والجاحظ.....
اتخذ المعترضون من وقائع جمع القرآن وليجة يتسللون من خلالهاللنيل من القرآن ، وإيقاع التشكيك فى كونه وحيًا من عند الله عز وجل . والواقعأن الذى ألجأهم إلى التسلل من هذه " الوليجة " وهى وقائع جمع القرآن أمران رئيسيان : الأول : محاولتهم نزع الثقة عن القرآن وخلخلة الإيمان به حتى لا يظل هو النصالإلهى الوحيد المصون من كل تغيير أو تبديل ، أو زيادة أو نقصالثانى : تبريرما لدى أهل الكتاب (اليهود والنصارى) من نقد وجه إلى الكتاب المقدس بكلا عهديه : القديم (التوراة) والجديد (الأناجيل) ليقطعوا الطريق على ناقدى الكتاب المقدس منالمسلمين ، ومن غير المسلمين . ومواطن الشبهة عندهم فى وقائع جمع القرآنوالمراحل التى مرَّ بها ، هى : أن القرآن لم يُدوَّن ولم يكتب فى مصحف أو مصاحفكما هو الشأن الآن ، إلا بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم أما فى حياته ، فلم يكنمجموعاً فى مصحف . وأن جمعه مرًّ بعدة مراحل : الأولى : فى خلافة أبى بكر - رضىالله عنه - وهو جمع ابتدائى غير موثق تمام التوثيق كما يزعمون ؟ . الثانية : فىخلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وقد كان الجمع فى هذه المرحلة قابلاً لإدخال كثيرمن الإضافات التى افتقر إليها تدوين القرآن فيما بعد . لأن القرآن لم يكن فيهمامضبوطًا مشكولاً . الثالثة : الإضافات التى أُلْحِقَتْ بالنص القرآنى وأبرزها : * نَقْط حروفه لتمييز بعضها من بعض ، مثل تمييز الخاء من الجيم والحاء ، وتمييزالجيم من الخاء والحاء ، وتمييز التاء بوضع نقطتين فوقها عن كل من الياء والباءوالنون والثاء . 1- ضبط كلماته بالضم والفتح والكسر والجزم ، مثل : " الْحَمْدُلِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين " وهذا أمر طارئ على جمع القرآن فى مرحلتيه السابقتين . 2- علامات الوقف:مثل :ج صلى لا قلى م
3- وضع الدوائر المرقوم فيهاأرقام الآيات فى كل سورة . إن كل هذه الإضافات لم تكن موجودة فى العصر النبوى ،بل ولا فى عهد الخلفاء الراشدين . يذكرون هذا كله ليصوروا أن الشبهة التى لوحظتفى جمع المصحف الحاوى للقرآن الكريم ، تزرع الشكوك والريوب (جمع ريب) فى وحدةالقرآن واستقراره وسلامته من التحريف . فعلام إذن يصر المسلمون على اتهام التوراةالتى بيد اليهود الآن أنها لا تمثل حقيقة التوراة التى أنزلها الله على موسى عليهالسلام ؟ أو لماذا يطلقون هذا الوصف على مجموعة " الأناجيل " : التى بيد النصارىالآن ؟ الرد على هذه الشبهة : إنًّ تأخير تدوين القرآن عن حياة النبى صلىالله عليه وسلم وجمعه فى مصحف فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، لامساس له مطلقًابوحدة القرآن وصلة كل كلمة بالوحى الإلهى ؛ لأن القرآن قبل جمعه فى مصاحف كانمحفوظًا كما أنزله الله على خاتم المرسلين . والعرب قبل الإسلام ، وفى صدرالإسلام المبكر كانوا ذوى ملكات فى الحفظ لم يماثلهم فيها شعب أو أمة ، من قبلهم أومعاصرة لهم ، ومن يعرف الكتابة والقراءة فيهم قليلون فكانوا يحفظون عن ظهر قلب مايريدون حفظه من منثور الكلام ومنظومه . وروعة نظم القرآن ، ونقاء ألفاظه ،وحلاوة جرسه ، وشرف معانيه ، هذه الخصائص والسمات فاجأت العرب بما لم يكونوا يعرفون، فوقع من أنفسهم موقع السحر فى شدة تأثيره على العقول والمشاعر ، فاشتد اهتمامهمبه ، وبخاصة الذين كانوا من السابقين إلى الإيمان به ، وكانوا يترقبون كل جديد ينزلبه الوحى الأمين ، يجمعون بين حفظه والعمل به . وكان النبى صلى الله عليه وسلمكلما نزل عليه شىء من الوحى يأمر كُتًّاب الوحى بكتابته فورًا ، سماعًا من فمهالطاهر ثم ينشر ما نزل من الوحى بين الناس . وقد ساعد على سهولة حفظه أمران : الأول : نزوله (مُنَجَّمًا) أى مفرقًا على مدى ثلاث وعشرين سنة ؛ لأنه لم ينزلدفعة واحدة كما كان الشأن فى الوحى إلى الرسل السابقين . والسبب فى نزول القرآنمُفَرَّقًا هو ارتباطه بتربية الأمة ، والترقى بها فى مجال التربية طورًا بعد طورومعالجة ما كان يجدّ من مشكلات الحياة ، ومواكبة حركة بناء الدعوة من أول شعاع فيهاإلى نهاية المطاف . الثانى : خصائص النظم القرآنى فى صفاء مفرداته ، وإحكامتراكيبه ، والإيقاع الصوتى لأدائه متلوًّا باللسان ، مسموعًا بالآذان ، وما يصاحبذلك من إمتاع وإقناع ، كل ذلك أضفى على آيات القرآن خاصية الجذب إليه ، والميلالشديد إلى الإقبال عليه ، بحيث يجذب قارئه وسامعه واقعًا فى أسره غير ملولٍ من طولالصحبة معه . وتؤدى فواصل الآيات فى القرآن دورًا مُهِمًّا فى الإحساس بهذهالخصائص . ولنذكر لهذا " مثلاً " من سور القرآن الكريم : بسم الله الرحمنالرحيم (والعاديات ضبحا * فالموريات قدحا * فالمغيرات صبحًا * فأثرن به نقعًا * فوسطن به جمعًا * إن الإنسان لربه لكنود * وإنه على ذلك لشهيد * وإنه لحب الخيرلشديد * أفلا يعلم إذا بُعثر ما فى القبور * وحُصل ما فى الصدور * إن ربهم بهميومئذ لخبير)(1) . عدد آيات هذه السورة [ العاديات ] إحدى عشرة آية ، وقد وزعتمن حيث الفواصل ، وهى الكلمات الواقعة فى نهايات الآيات ، على أربعة محاور ، هى : الثلاث الآيات الأولى ، وكل فاصلة فيها تنتهى بحرف الحاء : ضبحا قدحا صبحا . والآيتان الرابعة والخامسة ، كل فاصلة فيهما انتهت بحرف العين : نقعا جَمْعا . والآيات السادسة والسابعة والثامنة ، انتهت فواصلها بحرف الدال : لكنود لشهيدلشديد . أما الآيات التاسعة ، والعاشرة ، والحادية عشرة ، فقد انتهت فواصلهابحرف الراء : القبور الصدور لخبير . مع ملاحظة أن حروف الفواصل فى هذه السورةماعدا الآيات الثلاث الأولى مسبوقة بحرف " مد " هو " الواو " فى : " لكنود " و " الياء " فى : " لشهيد لشديد " . ثم " الواو " فى : " القبور الصدور ثم " الياء " فى : " لخبير " وحروف المد تساعد على " تطرية " الصوت وحلاوته فى السمع . لذلكصاحبت حروف المد كلمات " الفواصل " فى القرآن كله تقريبًا ، وأضفت عليها طابعًاغنائيّا من طراز فريد (2) جذب الإسماع ، وحرك المشاعر للإقبال على القرآن بشدة أسرهإياهم عن طريق السماع ، ليكون ذلك وسيلة للإقبال على فقه معانيه ، ثم الإيمان به .
ومن سمات سهولة الحفظ فى هذه السورة أمران : أنها سورة قصيرة ، حيث لمتتجاوز آياتها إحدى عشرة آية . قصر آياتها ، فمنها ما تألف من كلمتين ، وهىالآيات الثلاث الأولى . ومنها ما تألف من ثلاث كلمات ، وهى الآيتان الرابعةوالخامسة . ومنها ما تألف من أربع كلمات ، وهى الآيات : السادسة والسابعة والثامنة . وآيتان فحسب كلماتها خمس ، وهما العاشرة والحادية عشرة . وآية واحدة كلماتها سبع، هى الآية التاسعة . ونظام " عقد المعانى " فى السورة رائع كروعة نظمها . فالآيات الثلاث الأُوَل قَسَمٌ جليل بِخَيْلِ المجاهدين فى سبيل الله . والآيتان الرابعة والخامسة استطراد مكمل لمعانى المقسم به ، شدة إغارتها التىتثير غبار الأرض ، وسرعة عَدْوِِهَا ومفاجأتها العدوّ فى الإغارة عليه . ثميأتى المقسم عليه فى الآية السادسة : " إن الإنسان لربه لكنود " : عاص لله ، كفوربإنعامه عليه . وفى الآية السابعة إلماح إلى علم الإنسان بأنه عاق لربه ، شهيدعلى كفرانه نعمته . وفى الآية الثامنة تقبيح لمعصية الإنسان لربه ، وإيثار حطامالدنيا على شكر المنعم . أما الآيات الثلاث الأخيرة من (9) إلى (11) فهى إنذارللإنسان الكفور بنعم ربه إليه . وهذه السمات ، ليست وقفًا كلها على سورة " والعاديات " بل هى مع غيرها ، سمات عامة للقرآن كله ، وبهذا صار القرآن سهل الحفظلمن حاوله وصدق فى طلبه وسلك الطريق الحق الموصل إليه (3) إن الحفظ كانالعلاقة الأولى بين المسلمين وبين كتاب ربهم وكان الحفظ له وسيلة واحدة ضروريةيعتمد عليها ، هى السماع . وهكذا وصل إلينا القرآن ، من بداية نزوله إلى نهايته . وأول سماع فى حفظ القرآن كان من جبريل عليه السلام الذى وصفه الله بالأمين . وأول سامع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمع القرآن كله مرات من جبريل . وثانى مُسَمِّع كان هو عليه الصلاة والسلام بعد سماعه القرآن من جبريل . أما ثانى سامع للقرآن فهم كُتَّابُ الوحى ، سمعوه من النبى عليه الصلاة والسلامفور سماعه القرآن من جبريل ؛ لأنه كان إذا نزل الوحى ، وفرغ من تلقى ما أنزله اللهإليه دعا كُتَّابَ الوحى فأملى على مسامعهم ما نزل فيقومون بكتابته على الفور . ثم يشيع عن طريق السماع لا الكتابة ما نزل من القرآن بين المؤمنين ، إما من فمالرسول صلى الله عليه وسلم ، أو من أفواه كتاب الوحى . وقد يسَّر الله تعالىلحفظ القرآن واستمرار حفظه كما أنزله ، أوثق الطرق وأعلاها قدرًا فكان صلى اللهعليه وسلم يقرؤه على جبريل فى كل عام مرة فى شهر رمضان المعظم . ثم فى العام الذىلقى فيه ربه تَمَّ عرض القرآن تلاوة على جبريل مرتين . زيادة فى التثبت والتوثيق . وفى هذه الفترة (فترة حياة النبى) لم يكن للقراء مرجع سوى المحفوظ فى صدر النبىعليه الصلاة والسلام ، وهو الأصل الذى يُرجع إليه عند التنازع ، أما ما كان مكتوبًافى الرقاع والورق فلم يكن مما يرجع إليه الناس ، مع صحته وصوابه . وكذلك فىعهدى الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما كان الاعتماد على الحفظ فى الصدور هوالمعول عليه دون الكتابة ؛ لأنها كانت مفرقة ، ولم تكن مجموعة . وكانت حظوظالصحابة ، من حفظ القرآن متفاوتة ، فكان منهم من يحفظ القدر اليسير ، ومنهم من يحفظالقدر الكثير ، ومنهم من يحفظ القرآن كله . وهم جمع كثيرون مات منهم فى موقعةاليمامة فى خلافة أبى بكر سبعون حافظًا للقرآن ، وكانوا يسمون حفظة القرآن ب " القُرَّاء " . ولا يقدح فى ذلك أن بعض الروايات تذهب إلى أن الذين حفظوا القرآنكله من الصحابة كانوا أربعة أو سبعة ، وقد وردت بعض هذه الروايات فى صحيحى البخارىومسلم لأن ما ورد فيهما له توجيه خاص ، هو أنهم حفظوا القرآن كله وعرضوا حفظهم علىرسول الله تلاوة عليه فأقرهم على حفظهم ، وليس معناه أنهم هم الوحيدون الذين حفظواالقرآن من الصحابة (4) أول جمع للقرآن الكريم لم يجمع القرآن فى مصحف فىحياة النبى صلى الله عليه وسلم ، ولا فى صدر خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، وكانحفظه كما أنزل الله فى الصدور هو المتبع . وفى هذه الأثناء كان القرآن مكتوبًافى رقاع متفرقًا . هذه الرقاع وغيرها التى كتب فيها القرآن إملاء من فم النبى صلىالله عليه وسلم ، ظلت كما هى لم يطرأ عليها أى تغيير من أى نوع . ولما قتلسبعون رجلاً من حُفَّاظِه دعت الحاجة إلى جمع ما كتب مفرقًا فى مصحف واحد فى منتصفخلافة أبى بكر باقتراح من عمر رضي الله عنهما.
وبعد وفاة أبى بكر تسلم المصحفعمر بن الخطاب ، وبعد وفاته ظل المصحف فى حوزة ابنته أم المؤمنين حفصة رضى اللهعنها (5). وفى هذه الفترة كان حفظ القرآن فى الصدور هو المتبع كذلك . وانضم إلى حُفَّاظه من الصحابة بعد انتقال النبى عليه الصلاة والسلام إلىالرفيق الأعلى ، التابعون من الطبقة الأولى ، وكانت علاقتهم بكتاب الله هى الحفظبتفاوت حظوظهم فيه قلة وكثرة ، وحفظًا للقرآن كله ، وممن اشتهر منهم بحفظ القرآنكله التابعى الكبير الحسن البصرى رضى الله عنه وآخرون . كان هذا أول جمع للقرآن، والذى تم فيه هو جمع الوثائق التى كتبها كتبة الوحى فى حضرة رسول الله ، بمعنىتنسيق وثائق كل سورة مرتبة آياتها على نسق نزولها ، ولا معنى لهذا الجمع إلا ماذكرناه ، وإطلاق وصف المصحف عليه إطلاق مجازى صرف . والقصد منه أن يكون مرجعًاموثوقًا به عند اختلاف الحفاظ . ومما يجب التنبيه إليه مرات أن الجمع فى هذهالمرحلة لم يضف شيئًا أو يحذفه من تلك الوثائق الخطية ، التى تم تدوينها فى حياةالنبى عليه الصلاة والسلام إملاءً منه على كتبة وحيه الأمناء الصادقين . مرحلةالجمع الثانية (6) كانت هذه المرحلة فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وكانحافظًا للقرآن كله كما ورد فى الروايات الصحيحة . والسبب الرئيسى فى اللجوء إلى هذاالجمع فى هذه المرحلة هو اختلاف الناس وتعصبهم لبعض القراءات ، إلى حد الافتخاربقراءة على قراءة أخرى ، وشيوع بعض القراءات غير الصحيحة . وهذا ما حمل حذيفةبن اليمان على أن يفزع إلى أمير المؤمنين عثمان ابن عفان ، ويهيب به أن يدرك الأمةقبل أن تتفرق حول القرآن كما تفرق اليهود والنصارى حول أسفارهم المقدسة . فنهض رضىالله عنه للقيام بجمع القرآن فى " مصحف " يجمع الناس حول أداء واحد متضمنًاالصلاحية للقراءات الأخرى الصحيحة ، وندب لهذه المهمة الجليلة رجلاً من الأنصار (زيد بن ثابت) وثلاثة من قريش : عبد الله بن الزبير ، سعد بن أبى وقاص ، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام . وزيد بن ثابت هذا كان هو رئيس الفريق الذى ندبه عثمانرضى الله عنه لهذه المهمة الجليلة؛ لأنه أى زيد بن ثابت قد تحققت فيه مؤهلات أربعةللقيام بهذه المسئولية وهى : كان من كتبة الوحى فى الفترة المدنية . كانحافظًا متقنًا للقرآن سماعًا مباشرًا من فم رسول الله . كان هو الوحيد الذى حضرالعرضة الأخيرة للقرآن من النبى عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه السلام . كان هو الذى جمع القرآن فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه . منهج الجمع فى هذهالمرحلة وقد تم الجمع فى هذه المرحلة على منهج دقيق وحكيم للغاية قوامه أمران : الأول : المصحف الذى تم تنسيقه فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، وقد تقدم أنمكوّنات هذا المصحف هى الوثائق الخطية التى سجلها كتبة الوحى فى حضرة النبى عليهصلى الله عليه وسلم سماعًا مباشرًا منه . فكان لا يُقبل شىء فى مرحلة الجمعالثانى ليس له وجود فى تلك الوثائق التى أقرها النبى عليه الصلاة والسلام . الثانى : أن تكون الآية أو الآيات محفوظة حفظًا مطابقًا لما فى مصحف أبى بكرعند رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأقل . فلا يكفى حفظ الرجلالواحد ، ولا يكفى وجودها فى مصحف أبى بكر ، بل لابد من الأمرين معًا : 1-وجودها فى مصحف أبى بكر . 2-ثم سماعها من حافظين ، أى شاهدين ، وقد استثنى منهذا الشرط أبو خزيمة الأنصارى ، حيث قام حفظه مقام حفظ رجلين فى آية واحدة لم توجدمحفوظة إلا عند أبى خزيمة ، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل شهادتهبشهادة رجلين عدلين . قام هذا الفريق ، وفق هذا المنهج المحكم ، بنسخ القرآن،لأول مرة ، فى مصحف واحد ، وقد أجمع عليه جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمولم يعارض عثمان منهم أحدُ ، حتى عبد الله بن مسعود ، وكان له مصحف خاص كتبه لنفسه، لم يعترض على المصحف "الجماعى" الذى دعا إلى كتابته عثمان رضى الله عنه ، ثم تلقتالأمة هذا العمل الجليل بالرضا والقبول ، فى جميع الأقطار والعصور . ونسخ منمصحف عثمان ، الذى سمى " المصحف الإمام " بضعة مصاحف ، أرسل كل مصحف منها إلى قطرمن أقطار الإسلام ، مثل الكوفة والحجاز ، وبقى المصحف الأم فى حوزة عثمان رضى اللهعنه ، ثم عمد عثمان إلى كل ماعدا " المصحف الإمام " من مصاحف الأفراد المخالفة أدنىمخالفة للمصحف الإمام ، ومنها مصحف الصحابى الجليل ابن مسعود وأمر بحرقها أواستبعادها ؛ لأنها كانت تحتوى على قراءات غير صحيحة ، وبعضها كان يُدخل بعض عباراتتفسيرية فى صلب الآيات أو فى أواخرها .
لفرق بين الجمعين من نافلة القول ،أن نعيد ما سبق ذكره ، من أن أصل الجمعين اللذين حدثا فى خلافتى أبى بكر وعثمان رضىالله عنهما كان واحدًا ، هو الوثائق الخطية التى حررت فى حضرة النبى صلى الله عليهوسلم إملاءً من فمه الطاهر على كتبة الوحى ، ثم تلاوتهاعليه وإقرارها كما تليت عليههذه الوثائق لم تدخل عليها أية تعديلات ، وهى التى نراها الآن فى المصحف الشريفالمتداول بين المسلمين . وكان الهدف من الجمع الأول فى خلافة أبى بكر رضى اللهعنه هو جمع تلك الوثائق المتفرقة فى مكان واحد منسقة السور والآيات ، دون نقلها فىمصحف حقيقى جامع لها . فهذا الجمع بلغة العصر مشروع جمع لا جمع حقيقى فى الواقع . ولهذا عبَّر عنه أحد العلماء بأنه أشبه ما يكون بأوراق وجدت متفرقة فى بيتالنبى فربطت بخيط واحد ، مانع لها من التفرق مرة أخرى . أما الجمع فى خلافةعثمان رضى الله عنه فكان نسخًا ونقلاً لما فى الوثائق الخطية ، التى حررت فى حياةالنبى عليه الصلاة والسلام وأقرها بعد تلاوتها عليه ، وجمعها فى مصحف واحد فى مكانواحد . وإذا شبهنا الوثائق الأولى بقصاصات ورقية مسطر عليها كلام ، كان الجمع فىخلافة عثمان هو نسخ ذلك الكلام المفرق فى القصاصات فى دفتر واحد . أما الهدف منالجمع فى خلافة عثمان فكان من أجل الأمور الآتية : 1- توحيد المصحف الجماعىواستبعاد مصاحف الأفراد لأنها لم تسلم من الخلل . وقد تم ذلك على خير وجه . 2- القضاء على القراءات غير الصحيحة ، وجمع الناس على القراءات الصحيحة ، التى قرأ بهاالنبى عليه الصلاة والسلام فى العرضة الأخيرة على جبريل فى العام الذى توفى فيه . 3- حماية الأمة من التفرق حول كتاب ربها . والقضاء على التعصب لقراءة بعضالقراء على قراءة قراء آخرين . وفى جميع الأزمنة فإن القرآن يؤخذ سماعًا منحُفَّاظ مجودين متقنين ، ولا يؤخذ عن طريق القراءة من المصحف ؛ لإن الحفظ من المصحفعرضة لكثير من الأخطاء ، فالسماع هو الأصل فى تلقى القرآن وحفظه . لأن اللسان يحكىما تسمعه الأذن ، لذلك نزل القرآن ملفوظًا ليسمع ولم ينزل مطبوعًا ليُقرأ . فالفرق بين الجمعين حاصل من وجهين : الوجه الأول : جمع أبى بكر رضى اللهعنه كان تنسيقًا للوثائق الخطية التى حررت فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام علىصورتها الأولى حسب ترتيب النزول سورًا وآيات . وجمع عثمان رضى الله عنه كاننقلاً جديدًا لما هو مسطور فى الوثائق الخطية فى كتاب جديد ، أطلق عليه " المصحفالإمام " . أما الوجه الثانى فهو من حيث الهدف من الجمع وهو فى جمع أبى بكر كانحفظ الوثائق النبوية المفرقة فى نسق واحد مضمومًا بعضها إلى بعض ، منسقة فيه السوروالآيات كما هى فى الوثائق ، لتكون مرجعًا حافظًا لآيات الذكر الحكيم . وهو فىجمع عثمان ، جمع الأمة على القراءات الصحيحة التى قرأها النبى صلى الله عليه وسلمفى العرضة الأخيرة على جبريل عليه السلام . أما المتون (النصوص) التى نزل بهاالوحى الأمين فظلت على صورتها الأولى ، التى حررت بها فى حياة النبى عليه الصلاةوالسلام . فالجمعان البكرى والعثمانى لم يُدْخِِِِِلا على رسم الآيات ولا نطقهاأى تعديل أو تغيير أو تبديل ، وفى كل الأماكن والعصور واكب حفظ القرآن تدوينه فىالمصاحف ، وبقى السماع هو الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن على مدى العصور حتى الآنوإلى يوم الدين. فذلكة سريعة : العرض الذى قدمناه لتدوين القرآن يظهر منخلاله الحقائق الآتية : 1- إن تدوين متون القرآن (نصوصه) تم منذ فجر أول سورةنزلت بل أول آية من القرآن ، وكان كلما نزل نجم من القرآن أملاه عليه الصلاةوالسلام على كاتب الوحى فدونه سماعًا منه لتوه ، ولم يلق عليه الصلاة والسلام ربهإلا والقرآن كله مدون فى الرقاع وما أشبهها من وسائل التسجيل . وهذا هو الجمع الأولللقرآن وإن لم يذكر فى كتب المصنفين إلا نادرًا . 2- إن هذا التدوين أو الجمعالمبكر للقرآن كان وما يزال هو الأصل الثابت الذى قامت على أساسه كل المصاحف فيمابعد ، حتى عصرنا الحالى . - إن الفترة النبوية التى سبقت جمع القرآن فى خلافةأبى بكر رضى الله عنه ، لم تكن فترة إهمال للقرآن ، كما يزعم بعض خصوم القرآن منالمبشرين والمستشرقين والملحدين بل العكس هو الصحيح ، كانت فترة عناية شديدةبالقرآن (7) . اعتمدوا فيها على ركيزتين بالغتى الأهمية : الأولى : السماع منالحفظة المتقنين لحفظ القرآن وتلاوته . الثانية : الحفظ المتقن فى الصدور . والسماع والحفظ هما أقدم الوسائل لحفظ وتلاوة كتاب الله العزيز . وسيظلان هكذاإلى يوم الدين . - إن القرآن منذ أول آية نزلت منه ، حتى اكتمل وحيه لم تمرعليه لحظة وهو غائب عن المسلمين ، أو المسلمون غائبون عنه ، بل كان ملازمًا لهمملازمة الروح للجسد . إن تاريخ القرآن واضح كل الوضوح ، ومعروف كل المعرفة ، لمتمر عليه فترات غموض ، أو فترات اضطراب ، كما هو الشأن فى عهدى الكتاب المقدس (8) التوراة والإنجيل . وما خضعا له من أوضاع لا يمكن قياسها على تاريخ القرآن ، فليسلخصوم القرآن أى سبب معقول أو مقبول فى اتخاذهم مراحل جمع القرآن منافذ للطعن فيه ،أو مبررًا يبررون به ما اعترى كتابهم المقدس من آفات تاريخية ، وغموض شديد الإعتامصاحب وما يزال يصاحب واقعيات التوراة والأناجيل نشأة ، وتدوينًا ، واختلافًا واسعالمدى ، فى الجوهر والأعراض التى قامت به . وقد بقى علينا من عناصر شبهاتهم حولجمع القرآن ومراحله ما سبقت الإشارة إليه من قبل ، وهى : النقط والضبط وعلاماتالوقف . المراد بالنَّقْط هو وضع النُّقط فوق الحروف أو تحتها مثل نقطة النونونقطة الباء . أما الضبط فهو وضع الحركات الأربع : الضمة والفتحة والكسرةوالسكون فوق الحروف أو تحتها حسب النطق الصوتى للكلمة . حسبما تقتضيه قواعد النحووالصرف . أما علامات الوقف فهى كالنقط والضبط توضع فوق نهاية الكلمة التى يجوزالوقف عليها أو وصلها بما بعدها . وهذه الأنواع الثلاثة يُلحظ فيها ملحظان عامَّان :
الأول : أنها لا تمس جسم الكلمة من قريب أو من بعيد ولا تغير من هيكل الرسمالعثمانى للكلمات ، بل هى زيادة إضافية خارجة عن " متون " (أصول) الكلمات . الثانى : أنها كلها أدوات أو علامات اجتلبت لخدمة النص القرآنى ، ولتلاوتهصوتيّا تلاوة متقنة أو بعبارة أخرى : هى وسائل إيضاح اصطلاحية متفق عليها تعينقارئ القرآن على أدائه أداء صوتيّا محكمًا ، وليست هى من عناصر التنزيل ، ولو جردالمصحف منها ما نقص كلام الله شيئًا . وقد كان كتاب الله قبل إدخال هذه العلامات هوهو كتاب الله ، إذن فليست هى تغييرًا أو تبديلاً أو تحريفًا أدخل على كتاب اللهفأضاع معالمه ، كما يزعم خصوم القرآن الموتورون . فالنقط أضيفت إلى رسم المصحفللتمييز بين الحروف المتماثلة كالجيم والحاء والخاء ، والباء والتاء والثاء والنون، والسين والشين ، والطاء والظاء ، والفاء والقاف ، والعين والغين ، والصاد والضاد . وقبل إضافة النقط إلى الحروف كان السماع قائماً مقامها ، لأن حفاظ القرآنالمتقنين المجوِّدين ليسوا فى حاجة إلى هذه العلامات ، لأنهم يحفظون كتاب ربهم غضّاطريّا كما أنزله الله على خاتم رسله ، أمَّا غير الحفاظ ممن لا يستغنون عن النظر فىالمصحف فهذه العلامات النقطية والضبطية والوقفية ترشدهم إلى التلاوة المثلى ، وتقدملهم خدمات جليلة فى النظر فى المصحف ؛ لأنها كما قلنا من قبل وسائل إيضاح لقراءالمصحف الشريف . فمثلاً نقط الحروف وقاية من الوقوع فى أخطاء لا حصر لها ،ولنأخذ لذلك مثالاً واحدًا هو قوله تعالى : (كمثل جنة بربوة)(9) . لو تركت " جنة " بغير نقط ولا ضبط لوقع القارئ غير الحافظ فى أخطاء كثيرة ؛ لأنها تصلح أنتنطق على عدة احتمالات ، مثل : حَبَّة حية حِنَّة خبَّة جُنة حِتة خيَّة جيَّة حبهجبَّة . ولكن لما نقطت حروفها ، وضُبطت كلماتها اتضح المراد منها وتحدد تحديدًادقيقًا ، طاردًا كل الاحتمالات غير المرادة . وأول من نقط حروف المصحف جماعة منالتابعين كان أشهرهم أبوالأسود الدؤلى ، ونصر بن عاصم الليثى ، ويحيى بن يَعْمُر ،والخليل بن أحمد ، وكلهم من كبار التابعين (10) . والخلاصة : أن نقط حروفالكلمات القرآنية ، وضبط كلمات آياته ليس من التنزيل ، وأنه حدث فى عصر كبارالتابعين ، وإلحاق ذلك بالمصحف ليس تحريفًا ولا تعديلاً لكلام القرآن . وهو منالبدع الحسنة وقد أجازه العلماء لأن فيه تيسيرًا على قُرَّاء كتاب الله العزيز ،وإعانة لهم على تلاوته تلاوة متقنة محكمة ، وهو من المصالح المرسلة ، التى سكتالشرع عنها فلم يأمر بها ولم ينه عنها . وتحقيق المصلحة يقوم مقام الأمر بها ،ووقوع المضرة يقوم مقام النهى عنها . وهذه سمة من سمات مرونة الشريعة الإسلاميةالعادلة الرحيمة. أما علامات الوقف فلها أدوار إيجابية فى إرشاد قراء القرآنوتوجيههم إلى كيفية التعامل مع الجمل والتراكيب القرآنية حين تُتلى فى صلاة أو فىغير صلاة . والواقع أن كل هذه المضافات إلى رسم كلمات المصحف فوق أنها واللهسبحانه وتعالى أعلم وسائل إيضاح كما تقدم ، اجتلبت من أجل خدمة النص القرآنى ، تؤدىفى الوقت نفسه خدمة جليلة لمعانى المفردات والتراكيب القرآنية . وقد أشرنا من قبلإلى مهمات النقط فوق أو تحت الحروف ، وعلامات الضبط الأربع : الفتحة والضمة والكسرةوالسكون ، فوق أو تحت رسم الكلمات . ونسوق الآن تمثيلاً سريعًا للمهام الجليلةالتى تؤديها علامات الوقف ، التى توضع فوق نهايات الكلمات التى يُوْقَفُ عليها أولا يُوقف : قوله تعالى:(وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هوصلى ، وإن يمسسكبخير فهو على كل شىء قدير)(11) . نرى العلامة (صلى) فوق حرف الواو فى كلمة " هو " وهى ترمز إلى أن الوقف على هذه الكلمة " هو " جائز ووصلها بما بعدها وهو " وإنيمسسك " جائز كذلك إلا أن الوصل ، وهو هنا تلاوة الآية كلها دفعة واحدة بلا توقف ،أولى من الوقف . والسبب فى جواز الوقف والوصل هنا أن كلاً من الكلامين معناهتام يحسن السكوت عليه ، وكذلك يحسن وصله بما بعده لأنهما كلامان بينهما تناسب وثيق، ومن حيث البناء التركيبى ، هما شرط " إنْ " ، وفِعْلا الشرط فيهما فعل مضارع ،وهما فعل واحد تكرر فى شرطى الكلامين " يمسسك " والفاعل هو " الله " فيهما . الأولاسم ظاهر ، والثانى ضمير عائد عليه ، أما كون الوصل أولى من الوقف ، فلأن التناسببين الكلامين أقوى من التباين لفظًا ومعنى ، مع ملاحظة أن جواز الوقف يتيح لقارئالقرآن نفحة من راحة الصمت ، ثم يبدأ رحلة التلاوة بعدها . وقوله تعالى :(قلربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل قلى فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرًا)(12) . علامة الوقف (قلى) موضوعة فوق اللام الثانية من كلمة "قليل" وترمز إلى جوازالوصل والوقف على كلمة " قليل " وأن الوقف عليها أولى من وصلها بما بعدها ، وفىالوقف راحة لنفس القارئ كما تقدم . وجواز الوقف لتمام المعنى فى الجزء الأول منالآية . وجواز الوصل ، فلأن الجزء الثانى من الكلام مفرع ومرتب على الجزء الأول (13) . أما كون الوقف على كلمة " قليل " أولى فى هذه الآية فلأن ما قبلهاجملتان خبريتان ، وهما واقعتان مقول القول لقوله تعالى : (قل ربي). أما جملة " فلا تمار فيهم " فهى جملة إنشائية (14) فيها نهى عن الجدال فى شأن أهل الكهف كمكان عددهم والكلام الإنشائى مباين للكلام الخبرى . إذن فالكلامان غير متجانسين . هذه واحدة . أما الثانية فإن " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرًا ولا تستفت فيهممنهم أحدًا " ، غير داخل فى مقول القول الذى أشرنا إليه قبلاً . وهذان الملحظانأحدثا تباعدًا ما بين الكلامين لذلك كان الوقف أولى ، إلماحًا إلى ذلك التباين بينالكلامين . والوقف هو القطع بين كلامين بالسكوت لحظة بين نهاية الكلام الأول،وبداية الكلام الثانى ، وله شأن عظيم فى تلاوة القرآن الكريم ، من حيث الألفاظ (الأداء الصوتى) ومن حيث تذوق المعانى وخدمتها ، وقوله تعالى : (وترى الشمس إذاطلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منهج ذلكمن آيات الله)(15) علامة الوقف (ج) موضوعة فوق " الهاء " نهاية كلمة " منه " وترمز إلى جواز الوقف على " منه " وعلى جواز وصله بما بعده " ذلك من آيات الله " وهذا الجواز مستوى الطرفين ، لا يترجح فيه الوقف على الوصل، ولا الوصل على الوقف. وهذا راجع إلى المعنى المدلول عليه بجزئى الكلام ، جزء ما بعد " منه " وجزء ما قبله . وذلك لأن ما قبل " منه " كلام خبرى لا إنشائى وكذلك ما بعدها " ذلك من آياتالله .. " فهما إذن متجانسان . والوقف مناسب جدّا لطول الكلام قبل كلمة " منه " وفى الوقف راحة للنفس ، والراحة تساعد على إتقان التلاوة . والوصل مناسب جدّامن حيث المعنى ؛ لأن قوله تعالى : " ذلك من آيات الله " تركيب واقع موقع " الخبر " عما ذكره الله عز وجل من أوضاع أهل الكهف فى طلوع الشمس وغروبها عنهم . وقولهتعالى : (الذين تتوفاهم الملائكة طيبينلا يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة ..)(16) . علامة الوقف (لا) موضوعة على " النون " نهاية كلمة "طيبين" ترمز إلى أن الوقفعلى " طيبين " ممنوع . والسبب فى هذا المنع أن جملة " يقولون " وهى التاليةلكلمة "طيبين" حال من " الملائكة " وهم فاعل " تتوفاهم " . أما " طيبين " فهىحال من الضمير المنصوب على المفعولية للفعل " تتوفاهم " وهو ضمير الجماعة الغائبين " هم " ولو جاز الوقف على " طيبين " لحدث فاصل زمنى بين جملة الحال " يقولون " وبينصاحب الحال " الملائكة " ولم تدع إلى هذا الفعل ضرورة بيانية . لذلك كان الوقفعلى " طيبين " ممنوعًا لئلا يؤدى إلى قطع "الحال" وهو وصف ، عن صاحبه " الملائكة " وهو الموصوف . وهذا لا يجوز بلاغة ؛ فمنع الوقف هنا كان سببه الوفاء بحق المعنى ،ومجىء الحال هنا جملة فعلية فعلها مضارع يفيد وقوع الحدث بالحال والاستقبال مراعاةلمقتضى الحال ؛ لأن الملائكة تقول هذا الكلام لمن تتوفاهم من الصالحين فى كل وقتلأن الموت لم ولن يتوقف . وقوله تعالى : (إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون لهولدم له ما فى السماوات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا )(17) علامة الوقف (م) موضوعة على حرف الدال من كلمة " ولد " للدلالة على لزوم الوقف على هذه الكلمة " ولد " وامتناع وصلها بما بعدها وهو : " له ما فى السماوات وما فى الأرض " . وإنماكان الوقف ، هنا لازمًا لأن هذا الوقف سيترتب عليه صحة المعنى وليمتنع إيهام غيرصحته أما وصله بما بعده فيترتب عليه إيهام فساد المعنى . بيان ذلك أن الوصل لوحدث لأوهم أن قوله تعالى : " له ما فى السماوات وما فى الأرض " وصف ل " الولد " المنفى ، أى ليس لله ولد ، له ما فى السماوات والأرض ، وهذا لا يمنع أن يكون للهسبحانه ولد ولكن ليس له ما فى السماوات والأرض ؟! وهذا باطل قطعًا
أما عندمايقف القارئ على كلمة " ولد " ثم يستأنف التلاوة من " له ما فى السماوات وما فىالأرض " فيمتنع أن يكون هذا الوصف للولد المنفى ، ويتعين أن يكون لله عز وجل ، وهذاناتج عن قطع التلاوة عند " ولد " أى بالفاصل الزمنى بين تلاوة ما قبل علامة الوقف " لا " وما بعدها حتى آخر الآية . فأنت ترى أن الوقف هنا يؤدى خدمة جليلة للمعنىالمراد من الآية الكريمة . ومثله قوله تعالى :(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كمايعرفون أبناءهمم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون )(18) . علامة الوقف (م) موضوعة فوق الميم من كلمة " همم " للدلالة على لزوم الوقف عليها ، وامتناع وصلهابما بعدها ، وهو " الذين خسروا أنفسهم " . وسر ذلك اللزوم ؛ أن الوصل يوهم معنىفاسدًا غير مراد ، لأنه سيترتب عليه أن يكون قوله تعالى : " الذين خسروا أنفسهم " وصفًا ل " أبناءهم " وهذا غير مراد ، بل المراد ما هو أعم من "أبناءهم" وهم الذينخسروا أنفسهم فى كل زمان ومكان . فهو حكم عام فى الذين خسروا أنفسهم ، وليس خاصّابأبناء الذين آتاهم الله الكتاب . هذه هى علامات الوقف ، وتلك هى نماذج منالمعانى الحكيمة التى تؤديها ، أو جاءت رامزة إليها ، وبقيت حقيقة مهمة ، لابد منالإشارة إليها . إن خصوم القرآن يعتبرون علامات الوقف تعديلاً أُدْخِل علىالقرآن ، بعد عصر النزول وعصر الخلفاء الراشدين . وهذا وهم كبير وقعوا فيه ،لأن هذه العلامات وغيرها ليست هى التى أوجدت المعانى التى أشرنا إلى نماذج منها ،فهذه المعانى التى يدل عليها الوقف سواء كان جائز الطرفين ، أو الوقف أولى من الوصلأو الوصل أولى من الوقف ، أو الوقف اللازم أو الوقف الممنوع . هذه المعانى من حقائقالتنزيل وكانت ملحوظة منذ كان القرآن ينزل ، وكان حفاظ القرآن وتالوه من أصحاب رسولالله صلى الله عليه وسلم يطبقونها فى تلاوتهم للقرآن ، قبل أن يُدوَّن القرآنفى " المصحف " هذا هو الحق الذى ينبغى أن يكون معروفًا للجميع ، أما وضع هذهالعلامات فى عصر التابعين فجاءت عونًا لغير العارفين بآداب تلاوة القرآن ، دون أنتكون بشكلها جزءا من التنزيل (19) تنسيق المصحف : نعنى ب : تنسيق المصحف " الفواصل بين سوره ب : " بسم الله الرحمن الرحيم " وترقيم آيات كل سورة داخل دوائرفاصلة بين الآيات ، ووضع خطوط رأسية تحت مواضع السجود فى آيات القرآن ، ثم الألقابالتى أطلقت على مقادير محددة من الآيات مثل : الربع الحزب الجزء . لأن هذهالأعمال إجراءات بشرية خالصة أُلْحِق بعضها بسطور المصحف ، وهو ترقيم الآياتوَوُضِع بعضها تحتها ، كعلامات السجود فى أثناء التلاوة . أما ماعدا هذين فهىإجراءات اعتبارية عقلية ، تدل عليها عبارات موضوعة خارج إطار أو سُور الآيات . وليس فى هذا مطعن لطاعن ؛ لأنَّا نقول كما قلنا فى نظائره من قبل إنها وسائلإيضاح وتوجيه لقرَّاء القرآن الكريم توضع خارج كلمات الوحى لا فى متونها ، وتؤدىخدمة جليلة للنص المقدس مقروءاً أو متْلُوًّا . ولا يدعى مسلم أنها لها قداسةالنص الإلهى ، أو أنها نازلة من السماء بطريق الوحى الأمين . والمستشرقون الذينيشاركون المبشرين (20) فى تَصيُّد التهم للقرآن ، ينهجون هذا النهج " التنسيقى " فىأعمالهم العلمية والفكرية، وبخاصة فى تحقيق النصوص فيضعون الهوامش والملاحقوالفهارس الفنية لكل ما يقومون بتحقيقه من نصوص التراث . ولهم مهارة فائقة فىهذا المجال ، ولم نر واحدًا منهم ينسب هذه الأعمال الإضافية إلى مؤلف النص نفسه ،كما لم نر أحدًا منهم عدَّ هذه الإضافات تعديلاً أو تحريفًا أو تغييرًا للنص الذىقام هو بتحقيقه وخدمته . بل إنه يعد هذه الأعمال الإضافية وسائل إيضاح للنصالمحقق . وتيسيرات مهمة للقراء . وهذا هو الشأن فى عمل السلف رضى الله عنهم فىتنسيق المصحف الشريف ، وهو تنسيق لا مساس له ب " قدسية الآيات " لأنها وضعت فىالمصحف على الصورة التى رُسِمَتْ بها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم . تاريخ القرآن (21) هذا هو تاريخ القرآن ، منذ نزلت أول سورة منه ، إلى آخرآية نزلت منه ، كان كتابًا محفوظا فى الصدور ، متلوًّا بالألسنة ، مسطورًا علىالرقاع ، ثم مجموعًا فى مصاحف ، لم يخضع لعوامل محو وقرض، ولا آفات ضياع ، وضعتهالأمة فى " أعينها " منذ نَزَلَ فلم يضل عنها أو يغب ، ولم تضل هى عنه أو تغب ،تعرف مصادره وموارده ، على مدى عمره الطويل ، تعرفه كما تعرف أبناءها ، بلا زيغ ولااشتباه . هذا هو تاريخ القرآن ، وضعناه وضعًا موجزًا ، لكنه مُلِمٌّ بمعالمالرحلة ، كاشفًا عن أسرارها . وضعناه لنقول لخصوم القرآن والإسلام : هل فىتاريخ القرآن ما يدعو إلى الارتياب فيه ، أو نزع الثقة عنه ؟ وهل أصاب آياتهالمحكمة خلل أو اضطراب ؟ وهل رأيتموه غاب لحظة عن الأمة، أو الأمة غابت عنهلحظة؟ وهل رأيتم فيه جهلاً بمصدره ونشأته وتطور مراحل جمعه وتدوينه ؟ أو رأيتمفى آياته تغييرًا أو تبديلاً ؟ تلك هى بضاعتنا عرضناها فى سوق العرض والطلب غيرخائفين أن يظهر فيها غش أو رداءة ، أو تصاب ببوار أو كساد من منافس يناصبها العداء . هذا هو ما عندنا . فما هو الذى عندكم من تاريخ الكتاب المقدس بعهديه (22) . القديم (التوراة) التى بين أيدى اليهود الآن ، والجديد (الأناجيل) التى بينأيدى النصارى الآن . ما الذى تعرض له الكتاب المقدس فى تاريخه الأول المقابللفترة تاريخ القرآن ، التى فرغنا من عرضها ؟ تعالوا معنا نفحص تلك الفترة منتاريخ الكتاب المقدس فى رحلته المبكرة : مولد التوراة وتطورها : يضطرب أهلالكتاب عامة ، واليهود خاصة حول تاريخ التوراة (مولدها وتطورها) اضطرابًا واسعالمدى ويختلفون حولها اختلافًا يذهبون فيه من النقيض إلى النقيض ، ولهذا عرضوالتاريخ القرآن بالطعن والتجريح ليكون هو والتوراة سواسية فى فقد الثقة بهما ، أوعلى الأقل ليُحرجوا المسلمين بأنهم لا يملكون قرآنًا مصونًا من كل ما يمس قدسيتهوسلامته من التحريف والتبديل . وقد عرضنا من قبل تاريخ القرآن ، وها نحن نعرض تاريخالتوراة حسبما هو فى كتابات أهل الكتاب أنفسهم ، مقارنًا بما سبق من حقائق تاريخالقرآن الأمين .
الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد تتعلق به آفتان قاتلتانمنذ وجد ، وإلى هذه اللحظة التى نعيش فيها : آفة تتعلق بتاريخه متى ولد ، وعلىيد من ولد ، وكيف ولد ، ثم ما هو محتوى الكتاب المقدس ؟ وهل هو كلام الله ، أم كلامآخرين ؟ (23) والمهم فى الموضوع أن هذا الغموض فى تاريخ الكتاب المقدس لميثره المسلمون ، بل أعلنه أهل الكتاب أنفسهم يهودًا أو نصارى ممن اتسموا بالشجاعة ،وحرية الرأى ، والاعتراف الخالص بصعوبة المشكلات التى أحاطت بالكتاب المقدس ، معالإشارة إلى استعصائها على الحلول ، مع بقاء اليهودية والنصرانية كما هما .ومعنىالعهد عند أهل الكتاب هو " الميثاق " والعهد القديم عندهم هو ميثاق أخذه الله علىاليهود فى عصر موسى عليه السلام ، والعهد الجديد ميثاق أخذه فى عصر عيسى عليهالسلام(24)والمشكلتان اللتان أحاطتا بالكتاب المقدس يمكن إيجازهما في الآتي : - مشكلة أو أزمة تحقيق النصوص المقدسة ، التى تمثل حقيقة العهدين . - مشكلة أو أزمة المحتوى ، أى المعانى والأغراض التى تضمنتها كتب (أى أسفار) العهدين، وفصولهما المسماة عندهم ب"الإصحاحات " . والذى يدخل معنا فى عناصر هذهالدراسة هو المشكلة أو الأزمة الأولى ؛ لأنها هى المتعلقة بتاريخ الكتاب المقدس دونالثانية . متى ؟ وعلى يد مَنْ ولدت التوراة : هذا السؤال هو المفتاح المفضىبنا إلى إيجاز ما قيل فى الإجابة . وهو تساؤل صعب ، ونتائجه خطيرة جدًا ، وقدتردد منذ زمن قديم . وما يزال يتردد ، وبصورة ملحة ، دون أن يظفر بجواب يحسن السكوتعليه . وممن أثار هذا التساؤل فى العصر الحديث وول ديورانت الأمريكى الجنسية ،المسيحى العقيدة ، وكان مما قال : " كيف كُتبت هذه الأسفار (يعني التوراة) ومتىكُتبت ؟ ذلك سؤال برئ لا ضير فيه ، ولكنه سؤال كُتب فيه خمسون ألف مجلد ، ويجب أننفرغ منه هنا فى فقرة واحدة ، نتركه بعدها من غير جواب ؟! (25) فقد ذهب كثيرمن الباحثين إلى أن خروج موسى من مصر كان فى حوالي 1210 قبل ميلاد السيد المسيح ،وأن تلميذه يوشع بن نون الذى خلفه فى بنى إسرائيل (اليهود) مات عام 1130 قبلالميلاد . ومن هذا التاريخ ظلت التوراة التى أنزلها الله على موسى عليه السلاممجهولة حتى عام 444 قبل الميلاد ، أى قرابة سبعة قرون (700سنة) فى هذا العام . (444) فقط عرف اليهود أن لهم كتابًا اسمه التوراة ؟ ولكن كيف عرفوه بعد هذهالأزمان الطويلة ؟ وول ديورانت يضع فى الإجابة على هذا السؤال طريقتين إحداهماتنافى الأخرى . الطريقة الأولى : أن اليهود هالهم ما حل بشعبهم من كفر ،وعبادة آلهة غير الله ، وانصرافهم عن عبادة إله بنى إسرائيل " يهوه " وأن " الكاهنخلقيا " أبلغ ملك بنى إسرائيل " يوشيا " أنه وجد فى ملفات الهيكل ملفًا ضخمًا قضىفيه موسى عليه السلام فى جميع المشكلات ، فدعا الملك " يوشيا" كبار الكهنة وتلاعليهم سفر " الشريعة " المعثور عليه فى الملفات ، وأمر الشعب بطاعة ما ورد فى هذاالسفر ؟ ويعلق وول ديورانت على السفر فيقول: "لا يدرى أحد ما هو هذا السفر؟وماذا كان مسطورًا فيه ؟ وهل هو أول مولد للتوراة فىحياة اليهود " ؟ . الطريقةالثانية : أن بنى إسرائيل بعد عودتهم من السبى البابلى شعروا أنهم فى حاجة ماسةإلى إدارة دينية تهىء لهم الوحدة القومية والنظام العام ، فشرع الكهنة فى وضع قواعدحكم دينى يعتمد على المأثور من أقوال الكهنة القدماء وعلى أوامر الله ؟ فدعاعزرا ، وهو من كبار الكهان ، علماء اليهود للاجتماع وأخذ يقرأ عليهم هو وسبعة منالكهان سفر شريعة موسى ولما فرغوا من قراءته أقسم الكهان والزعماء والشعب على أنيطيعوا هذه الشرائع ، ويتخذوها دستورًا لهم إلى أبد الآبدين (26) هذا ما ذكرهديورانت نقلاً عن مصادر اليهود ، وكل منهما لا يصلح مصدرًا حقيقيًا للتوراة التىأنزلها الله على موسى ؛ لأن الرواية الأولى لا تفيد أكثر من نسبة الملف الذى عثرعليه " خلقيا " إلى أقوال موسى وأحكامه فى القضاء بين الخصوم . ولأن الروايةالثانية تنسب صراحة أن النظام الذى وضعه الكهان ، بعد قراءتهم السفر كان خليطًا منأقوال كهانهم القدماء ، ومن أوامر الله ؟!
هوامش الرد على المشككين(8) ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
الهوامش :
(1)العاديات : 1-11 (2) سورة " والعاديات " من قصار السور التى قد بدأ بهاالوحى فى مكة ، قبل الهجرة ، ويرى بعض الباحثين أن القرآن بدأ بهذه السور ذاتالطبيعة الغنائية فى مكة ، لجذب أهل مكة إليه عن طريق السمع أولاً ، ثم لتدبرمعانيه ثانيًا. (3) انظر تفسير سورة " والعاديات " فى أى تفسير شئت من التفاسيرالمتداولة : الكشاف روح المعانى التفسير الواضح للدكتور حجازى ، أو فى غيرها . (4) ينظر : البرهان فى علوم القرآن للإمام الزركشى (1/241) وما بعدها . (5) هو مصحف فرد لا متعدد ، فلم يكن متداولاً بين أيدى المسلمين ، لأن حفظ القرآن فىالصدور كان هو المرجع . (6) انظر : جمع القرآن فى خلافة عثمان فى " البرهان فىعلوم القرآن للإمام الزركشى والاتقان فى علوم القرآن" للإمام جلال الدين السيوطى (7) لأن القرآن لو كان جمع فى مصحف من أول الأمر ، لاتكل الناس على المصحفالمكتوب ، وقل اهتمامهم بحفظه . (8) سيأتى حديث مفصل عما تعرض له الكتاب المقدسبعهديه القديم والجديد من أوضاع وآفات شديدة الخطورة . (9) البقرة : 265 . (10) المقنع لأبى عمرو الدانى ص 129 تحقيق محمد الصادق قمحاوى . (11) الأنعام : 17 . (12) الكهف : 22 . (13) التفريع هو تولد كلام من كلام آخر ،وتأتى الفاء دليلاً على هذا التفريع كما فى الآية الكريمة . (14) الكلام كلهقسمان : خبر ، وإنشاء ، فكل كلام أخبرت فيه غيرك بأمر قد حدث قبل زمن التكلم أوبعده مثل : حضر فلان أمس ، أو سيحضر غدًا هو كلام خبرى ، أما إذا طلبت شيئًا لم يكنحاصلاً فى زمن التكلم مثل : أطع والديك فهو كلام إنشائى. (15) الكهف : 17 . (16) النحل : 32 (17) النساء : 171 . (18) الأنعام : 20 . (19) هىمثل علامات الإعراب كالفتحة والضمة والكسرة والسكون . لم تُوجد هى أحكام الإعراب ،وإنما هى مجرد رموز دالة عليها . (20) المبشرون هم الذين يريدون فتنة عامةالناس بما يكتبونه عن الإسلام ، وهم أساتذة المستشرقين . أما المستشرقون فيقصدونفتنة المثقفين والطبقات العليا ، ويصورون الإسلام فى غير صورته إلا قليلاً منهمتجدهم منصفين للإسلام . (21) نقصد بتاريخ القرآن رحلته عبر تاريخه المبكر ، إلىأن تم جمعه فى المصاحف ، وما لحق بهذا الجمع من رموز واصطلاحات لتيسير تلاوتهمجودًا ، ولسهولة الإحاطة بما فيه من الألفاظ والمعانى . (22) اليهود يؤمنونبالعهد القديم وحده ، ويكفرون بالعهد الجديد (الأناجيل) أما النصارى فيعتبرون العهدالقديم شطرًا من الكتاب المقدس ، ويؤمنون بالعهدين معًا . (23) نقصد بتاريخالقرآن رحلته عبر تاريخه المبكر ، إلى أن تم جمعه فى المصاحف ، وما لحق بهذا الجمعمن رموز واصطلاحات لتيسير تلاوته مجودًا ، ولسهولة الإحاطة بما فيه من الألفاظوالمعانى . (24) نقصد بتاريخ القرآن رحلته عبر تاريخه المبكر ، إلى أن تم جمعهفى المصاحف ، وما لحق بهذا الجمع من رموز واصطلاحات لتيسير تلاوته مجودًا ، ولسهولةالإحاطة بما فيه من الألفاظ والمعانى . (25) قصة الحضارة (ج2 ص : 367) ترجمةمحمد بدران . (26) قصة الحضارة (ج2 ص356)