البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 عمر  
9 - مارس - 2009
أنا أعمل عليه ولمن اراد أن يفيدنا في هذا الباب فهو باب العلوم كلها ان لم نقل أنه لا يتبث علم بدونه.
 
 1  2  3  4  5 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (21)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 

ذكر الآية الثالثة عشرة:

اختلف المفسرون في هذه الوصية، هل كانت واجبة أم لا على قولين:
أحدهما: أنها كانت ندبا لا واجبة، وهذا مذهب جماعة منهم [ الشعبي ] والنخعي واستدلوا بقوله بِالْمَعْرُوفِ قالوا: المعروف لا يقتضي الإيجاب وبقوله: عَلَى الْمُتَّقِينَ والواجب لا يختص به المتقون.
والثاني: (أنها كانت فرضا ثم نسخت، وهو قول جمهور المفسرين، واستدلوا بقوله: كُتِبَ وهو بمعنى فرض كقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ وقد نص أحمد في رواية الفضل بن زياد، على نسخ هذه الآية، فقال: الوصية للوالدين، منسوخة وأجاب أرباب هذا القول أهل القول الأول، فقالوا: ذكر المعروف لا يمنع الوجوب، لأن المعروف بمعنى العدل الذي لا شطط فيه ولا تقصير كقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولا خلاف في وجوب هذا  الرزق والكسوة، فذكر المعروف في الوصية لا يمنع وجوبها بل يؤكده، وكذلك تخصيص الأمر بالمتقين دليل على توكيده لأنها إذا وجبت على المتقين كان وجوبها على غيرهم أولى، وإنما خصهم بالذكر، لأن فعل ذلك من تقوى الله تعالى، والتقوى لازمة لجميع الخلق.
فصل: ثم اختلف القائلون، بإيجاب الوصية ونسخها بعد ذلك، في المنسوخ من الآية على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن جميع ما في الآية من إيجاب الوصية منسوخ، قاله ابن عباس =رضي الله عنهما= أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا أخبرنا ابن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: أبنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية قال: حدثني أبي عن جدي عن عبد الله بن عباس =رضي الله عنهما= إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ قال: نسخت الفريضة التي للوالدين والأقربين "الوصية".
أخبرنا بن ناصر، قال: أبنا ابن أيوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا الحسن بن محمد. وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد الله البقال، قال: أبنا علي بن محمد بن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد الكاذي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي "قال" بنا حجاج قال: بنا ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس =رضي الله عنهما= كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ نسختها لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ الآية أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أبنا محمد بن مرزوق، قال: أبنا أبو بكر الخطيب، قال: أبنا ابن رزق، قال: أبنا أحمد بن سلمان، قال: بنا أبو داود، قال: بنا أحمد بن محمد، هو المروزي، قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث أخبرنا أبو بكر العامري، قال: أبنا علي بن الفضل، قال: أبنا ابن عبد الصمد، قال: أبنا ابن حموية، قال: بنا إبراهيم بن حريم، قال: بنا عبد الحميد، قال: أبنا النضر بن شميل، قال: أبنا ابن عون عن ابن سيرين، قال: كان ابن عباس يخطب، فقرأ هذه الآية إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ فقال: هذه نسخت قال عبد الحميد: وحدثنا يحيى بن آدم عن ابن حماد الحنفي عن جهضم عن عبد الله بن بدر الحنفي، قال: سمعت ابن عمر يسأل عن هذه الآية الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ قال: نسختها آية المواريث.
قال عبد الحميد: وحدثنا يحيى بن آدم عن محمد بن الفضيل، عن أشعث عن الحسن إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ قال: نسختها آية الفرائض. قال عبد الحميد وأخبرني شبابة عن ورقاء عن "ابن أبي نجيح" عن مجاهد قال: كان الميراث للولد، والوصية للوالدين والأقربين، فهي منسوخة وكذلك قال: سعيد بن جبير: (إن ترك خيرا الوصية قال: نسخت).
القول الثاني: أنه نسخ منها الوصية للوالدين: أخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو ظاهر الباقلاوي، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا عبد الرحمن ابن الحسن، قال: بنا إبراهيم بن الحسين، قال: بنا آدم عن الورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ قال: كان الميراث للولد، والوصية للوالدين والأقربين ثم نسخ منه الوالدين أخبرنا إسماعيل، قال: أبنا أبو الفضل البقال قال: أبنا بن بشران، قال: أبنا إسحاق الكاذي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: بنا أسود بن عامر، قال: بنا إسرائيل، عن مغيرة عن إبراهيم، قال: كانت الوصية للوالدين فنسختها آية الميراث، وصارت الوصية للأقربين.
قال أحمد: وحدثنا أبو داود عن زمعة عن ابن طاؤس عن أبيه قال: نسخت الوصية عن الوالدين، وجعلت للأقربين.
قال أبو داود: وحدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن أبي ميمونة، قال: سألت العلاء بن زياد ومسلم بن يسار عن الوصية، فقالا هي للقرابة.
القول الثالث: إن الذي نسخ من الآية الوصية "لمن" يرث ولم ينسخ الأقربون الذين لا يرثون، رواه عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما=، وهو قول الحسن والضحاك وأبي العالية.
أخبرنا أبو بكر العامري، قال: أبنا علي ابن الفضل، قال: أبنا ابن عبد الصمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد، قال: أبنا إبراهيم بن حريم، قال: بنا عبد الحميد، قال بنا مسلم بن إبراهيم عن همام بن يحيى، عن قتادة قال: أمر أن يوصي لوالديه، وأقربيه ثم نسخ الوالدين والحق لكل ذي ميراث نصيبه منها، وليست لهم منه وصية فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا أبو الفضل البقال، قال: بنا أبو الحسن بن بشران قال: أبنا إسحاق الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم، قال: أبنا يونس عن الحسن، قال: كانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ ذلك، وأثبتت لهما نصيبهما في سورة النساء وصارت الوصية للأقربين الذين لا يرثون، ونسخ من الأقربين كل وارث قال أحمد: وحدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ قال: أمر الله أن يوصي لوالديه وأقربائه ثم نسخ ذلك في سورة النساء فألحق لهم نصيبا معلوما، والحق لكل ذي ميراث نصيبه منه وليست لهم وصية، فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو بعيد أخبرنا أبو بكر العامري، قال: أبنا علي بن الفضل، قال: أبنا ابن عبد الصمد قال: أبنا ابن حموية، قال: أبنا إبراهيم، قال: بنا عبد الحميد، قال: بنا يحيى بن آدم، قال: بنا إسماعيل بن عياش، قال: بنا شرحبيل بن مسلم، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث).
*د يحيى
26 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ(22)    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 

ذكر الآية الرابعة عشرة:

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أما قوله كتب، فمعناه فرض والذين من قبلنا، هم أهل الكتاب وفي كاف التشبيه في قوله: "كما" ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى حكم الصوم وصفته لا إلى عدده.
أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، قال: أبنا محمد بن مرزوق، قال: أبنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أبنا عبد الله بن يحيى السكري، قال: أبنا جعفر الخلدي، وقال: أبنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد، قال: بنا أبي قال: بنا يونس بن راشد، عن عطاء الخراساني عن عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= وأخبرنا إسماعيل بن أحمد، وقال: بنا أبو الفضل البقال، قال: أبنا أبو الحسين بن بشران قال: بنا إسحاق الكاذي قال: بنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال: بنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس =رضي الله عنهما= ولم يذكر عكرمة - قال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعني بذلك: أهل الكتاب، وكان كتابه على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أن الرجل كان يأكل ويشرب، وينكح، ما بينه وبين أن يصلي العتمة، أو يرقد وإذا صلى العتمة أو رقد منع ذلك إلى مثلها، فنسختها هذه الآية أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ أخبرنا محمد بن أبي منصور قال: أبنا علي بن أبي أيوب، قال: أبنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: أبنا نصر بن علي، قال: بنا أبو أحمد، قال: بنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى مثلها من القابلة، وأن قيس بن صرمة أتى امرأته، وكان صائما فقال: عندك شيء قالت: لعلي أذهب فأطلب لك، فذهبت وغلبته عينه فجاءت فقالت: خيبة لك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنـزلت أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ إلى قوله مِنَ الْفَجْرِ وقال سعيد بن جبير: كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم لم يحل له أن يطعم إلى القابلة، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام، وهو عليهم ثابت وقد أرخص لكم فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بقوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ الآية، وقد روى أن قيس بن صرمة أكل بعدما نام، وأن عمر بن الخطاب جامع زوجته بعد أن نامت، فنـزل فيهما قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ الآية.
القول الثاني: أنها ترجع إلى عدد الصوم لا إلى صفته، ولأرباب هذا القول في ذلك ثلاثة أقوال:
أما الأول: فأخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: أبنا علي بن الفضل العامري قال: أبنا ابن عبد الصمد، قال: أبنا ابن حموية، قال: أبنا إبراهيم بن حريم قال: حدثنا عبد الحميد، قال: بنا هاشم بن القاسم، قال: بنا محمد بن طلحة عن الأعمش، قال: قال ابن عباس =رضي الله عنهما= كتب على النصارى الصيام كما كتب عليكم، فكان أول أمر النصارى أن قدموا يوما قالوا: حتى لا نخطئ، قال: ثم آخر أمرهم صار إلى أن قالوا: نقدمه عشرا ونؤخر عشرا حتى لا نخطئ، فضلوا، وقال "دغفل" بن حنظلة كان على النصارى صوم رمضان فمرض ملكهم "فقالوا" إن شفاه الله تعالى لنـزيدن عشرة، ثم كان بعده ملك آخر فأكل اللحم فوجع فوه فقال: إن شفاه ليزيدن سبعة أيام ثم ملك بعده ملك، فقال: ما ندع من هذه الثلاثة الأيام أن نتمها، ونجعل صومنا في الربيع، ففعل فصارت خمسين يوما وروى السدي عن أشياخه، قال: اشتد على النصاري صيام رمضان، وجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف، وقالوا نـزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا فجعلوا صيامهم خمسين يوما فعلى هذا البيان الآية محكمة غير منسوخة.
وأما الثاني: فأخبرنا عبد الوهاب، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهر الباقلاوي، قالا أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كامل، قال: أبنا محمد بن سعد، قال: حدثنا أبي قال حدثني عمي الحسين بن الحسن ابن عطية، قال: حدثني أبي عن جدي عن ابن عباس =رضي الله عنهما= كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ فكان ثلاثة أيام في كل شهر، ثم نسخ ذلك ما أنـزل من صيام رمضان وقال قتادة: كتب الله عز وجل على الناس قبل نـزول شهر رمضان ثلاثة أيام من كل شهر.
وأما الثالث: فقد روى "النـزال" بن سبرة عن ابن مسعود، أنه قال: ثلاثة أيام من كل شهر، ويوم "عاشوراء" وقد زعم أرباب هذا القول، أن الآية منسوخة بقوله: شَهْرُ رَمَضَانَ وفي هذا بعد كثير، لأن قوله شَهْرُ رَمَضَانَ جاء عقيب قوله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ فهو كالتفسير للصيام والبيان له.
القول الثالث: أن التشبيه راجع إلى نفس الصوم لا إلى صفته ولا إلى عدده، وبيان ذلك، أن قوله تعالى كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لا يدل على عدد ولا صفة، ولا وقت، وإنما يشير إلى نفس الصيام كيف وقد عقبه الله بقوله تعالى أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فتلك يقع على يسير الأيام وكثيرها، فلما قال تعالى: في نسق التلاوة شهر رمضان، بين عدد الأيام المعدودات ووقتها، وأمر بصومها فكان التشبيه الواقع في نفس الصوم. والمعنى كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم، وأما صفة الصوم وعدده فمعلوم من وجوه أخر لا من نفس الآية، وهذا المعنى مروي عن ابن أبي ليلى وقد أشار إليه السدي والزجاج، والقاضي أبو يعلى وما رأيت مفسرا يميل إلى التحقيق إلا وقد أومى إليه، وهو الصحيح وما ذكره المفسرون فإنه شرح حال صوم المتقدمين، وكيف كتب عليهم لا أنه تفسير للآية وعلى هذا البيان لا تكون الآية منسوخة أصلا.
 
*د يحيى
28 - مارس - 2009
الصلاة الوسطى : ما هي ؟ (1)    ( من قبل 10 أعضاء )    قيّم
 
* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن زر، قال: قلت لعبيدة السلماني: سَلْ علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى؟ فسأله فقال: كنا نراها الصبح أو الفجر، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: " شغلواعن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وأجوافهم ناراً".
* تفسير الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ):
 "...والوُسْطَىٰ تأنيث الأوْسَط. وَوَسَط الشيء خَيْره وأعْدَله؛ ومنه قوله تعالىٰ:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً }. وقال أعرابيّ يمدح النبيّ صلى الله عليه وسلم:
يا أوْسَطَ النّاس طُرّاً في مَفاخرهم
   
وأكرَم الناسِ أُمّاً بَرَّةً وأبا
وَوَسَط فلانٌ القوم يَسِطهم أي صار في وسطهم. وأفرد الصَّلاة الوسطى بالذكر وقد دخلت قبلُ في عموم الصلوات تشريفاً لها؛ كقوله تعالىٰ:{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ }[الأحزاب: 7]، وقوله:{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ }[الرّحمٰن: 68]. وقرأ أبو جعفر الواسطيّ «وَالصَّلاَةَ الوُسْطَىٰ» بالنصب على الإغراء، أي والزموا الصَّلاةَ الوُسْطَى: وكذلك قرأ الحلوانيّ. وقرأ قَالُونُ عن نافع «الوصطى» بالصاد لمجاورة الطّاء لها؛ لأنهما من حَيِّز واحد، وهما لغتان كالصراط ونحوه.
وقداختلف الناس في تعيين الصَّلاة الوسطىٰ على عشَرة أقوال:
*د يحيى
29 - مارس - 2009
الصلاة الوسطى : ماهي ؟(2)    ( من قبل 12 أعضاء )    قيّم
 
الأوّل ـ أنها الظهر؛ لأنها وسط النهار على الصحيح من القولين أن النهار أوّله من طلوع الفجر كما تقدّم، وإنما بدأنا بالظهر لأنها أوّل صلاة صُلِّيت في الإسلام. وممن قال إنها الوسطى زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدريّ وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم. ومما يدل على أنها وسطى ما قالته عائشة وحفصة حين أمْلَتَا: «حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر» بالواو. وروي أنها كانت أشق على المسلمين؛ لأنها كانت تجيء في الهاجرة وهم قد نفّهَتْهُمْ أعمالهم في أموالهم. وروى أبو داود عن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي الظهر بالهاجرة ولم تكن تُصلَّى صلاةٌ أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت: { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين. وروى مالك في موطئه وأبو داود الطيالسي في مسنده عن زيد ابن ثابت قال: الصَّلاة الوسطىٰ صلاة الظهر؛ زاد الطيالسي: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّيها بالهَجِير.
الثاني ـ أنها العصر
؛ لأن قبلها صلاتْي نهارٍ وبعدها صلاتْي ليلٍ. قال النحاس: وأجود من هذا الاحتجاجُ أن يكون إنما قيل لها وُسْطَىٰ لأنها بين صلاتين إحداهما أوّل ما فرض والأُخرىٰ الثانية مما فُرض. وممن قال إنها وسطى عليّ بن أبي طالب وٱبن عباس وٱبن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدريّ، وهو ٱختيار أبي حنيفة وأصحابه، وقاله الشافعي وأكثر أهل الأثر، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب وٱختاره ٱبن العربي في قَبَسِه وٱبن عطية في تفسيره وقال: وعلى هذا القول الجمهورُ من الناس وبه أقول.
 وٱحتجوا بالأحاديث الواردة في هذا الباب خرّجها مسلم وغيره، وأنَصُّها حديث ٱبن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصَّلاة الوسطى صلاة العصر " خرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وقد أتينا زيادة على هذا في القبس في شرح موطأ مالك ابن أنس.
الثالث ـ أنها المغرب؛ قاله قُبَيْصة بن أبي ذؤيب في جماعة. والحجَّة لهم أنها متوسطة في عدد الركعات ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تُقْصَر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخِّرها عن وقتها ولم يعجِّلها، وبعدها صلاتا جَهْرٍ وقبلها صلاتا سِرٍ. ورُوي من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يُحّطها عن مسافر ولا مقيم فتح الله بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلّى المغرب وصلّى بعدها ركعتين بنى الله له قصراً في الجنّة ومن صلّىٰ بعدها أربع ركعات غفر الله له ذنوب عشرين سنة ـ أو قال ـ أربعين سنة ".
 الرابع ـ صلاة العشاء الآخرة؛ لأنها بين صلاتين لا تقْصُران، وتجيء في وقت نوم ويستحب تأخيرها وذلك شاقٌّ فوقع التأكيد في المحافظة عليها.
الخامس ـ أنها الصبح؛ لأن قبلها صلاتي ليل يُجهَر فيهما وبعدها صلاتي نهار يُسرّ فيهما؛ ولأن وقتها يدخل والناس نيام، والقيام إليها شاقّ في زمن البرد لشدّة البرد وفي زمن الصيف لقصر الليل. وممن قال إنها وسطى عليّ بن أبي طالب وعبد الله ابن عباس، أخرجه الموطأ بلاغاً، وأخرجه الترمذي عن ٱبن عمر وٱبن عباس تعليقاً، ورُوي عن جابر بن عبد الله، وهو قول مالك وأصحابه، وإليه مَيْل الشافعي فيما ذكر عنه القُشيري. والصحيح عن علي أنها العصر، ورُوي عنه ذلك من وجه معروف صحيح. وقد ٱستدل من قال إنها الصبح بقوله تعالىٰ: { وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } يعني فيها، ولا صلاة مكتوبة فيها قنوت إلاَّ الصبح. قال أبو رَجَاء: صلّى بنا ٱبن عباس صلاة الغداة بالبصرة فقنت فيها قبل الركوع ورفع يديه فلما فرغ قال: هذه الصَّلاة الوسطى التي أمرنا الله تعالىٰ أن نقوم فيها قانتين. وقال أنس: قَنَتَ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح بعد الركوع؛ وسيأتي حكم القُنُوت وما للعلماء فيه في «آل عمران» عند قوله تعالىٰ:{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ }[آل عمران: 128].
السادس ـ صلاة الجمعة
؛ لأنها خُصّت بالجمع لها والخطبة فيها وجُعِلَت عيداً؛ ذكره ٱبن حبيب ومكي. وروى مسلم عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلَّفون عن الجمعة: " لقد هممت أن آمر رجلاً يصلّي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلّفون عن الجمعة بيوتهم ".
السابع ـ أنها الصبح والعصر معاً. قاله الشيخ أبو بكر الأبهرِيّ؛ وٱحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " الحديث، رواه أبو هريرة. وروى جرير بن عبد الله قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: " أما أنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن ٱستطعتم ألا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها " يعني العصر والفجر: ثم قرأ جرير:{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }[طه: 130]. وروى عُمارة بن رُؤَيْبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لن يلِج النار أحد صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " يعني الفجر والعصر. وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صلّى البَرْدَيْن دخل الجنة " كلُّه ثابت في صحيح مسلم وغيره، وسميتا البَرْدَيْن لأنهما يُفعلان في وقتي البرد.
الثامن ـ أنها العتمة والصبح. قال أبو الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه: ٱسمعوا وبلِّغوا من خلفكم حافظوا على هاتين الصَّلاتين ـ يعني في جماعة ـ العشاء والصبح، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حَبْواً على مرافقكم ورُكَبِكم؛ قاله عمر وعثمان. وروى الأئمّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ولو يعلمون ما في العَتَمة والصبح لأتوهما ولوحَبْواً ـ وقال ـ إنهما أشدّ الصَّلاة على المنافقين "
وجعل لمصلّي الصبح في جماعة قيام ليلة والعَتَمة نصف ليلة؛ ذكره مالك موقوفاً على عثمان ورفعه مسلم، وخرّجه أبو داود والترمذي عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شهد العِشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة ومن صلّىٰ العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة "
وهذا خلاف ما رواه مالك ومسلم.
التاسع ـ أنها الصَّلوات الخمس بجملتها
؛ قاله معاذ بن جبل؛ لأن قوله تعالىٰ: { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ } يعمْ الفرض والنفل، ثم خصّ الفرض بالذكر.
العاشر ـ أنها غير معيَّنة
؛ قاله نافع عن ٱبن عمر، وقاله الربيع بن خَيْثَم؛ فخبأها الله تعالىٰ في الصَّلوات كما خبأ ليلة القدر في رمضان، وكما خبأ ساعة يوم الجمعة وساعات الليل المستجاب فيها الدعاء؛ ليقوموا بالليل في الظلمات لمناجاة عالم الخفيات. ومما يدل على صحة أنها مُبْهَمَة غير معيّنة مارواه مسلم في صحيحه في آخر الباب عن البَراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية «حَافِظُوا عَلَىٰ الصَّلَوَاتِ وصلاة العصر» فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله فنزلت:
{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } فقال رجل: هي إذن صلاة العصر؟ قال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله تعالىٰ، والله أعلم.
*د يحيى
29 - مارس - 2009
الصلاة الوسطى : ماهي ؟ (3)    ( من قبل 12 أعضاء )    قيّم
 
 * تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ)
" سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: " طول القنوت؛ أي طول القيام " ،
 وقال زيد بن أرقم رضي الله عنه: القنوت السكوت، لأنا كنا نتكلم في الصلاة، فأنزل الله تعالى:
{ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ } فأمسكنا عن الكلام. وكان محمد بن سوار يقول: القنوت الوتر، سمي قنوتاً لقيام الرجل فيه بالدعاء من غير قراءته القرآن، بل هو التعظيم بالدعاء.
 
*تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ ابن عجيبة (ت 1224 هـ)
يقول الحقّ جلّ جلاله: { حافظوا } أيضاً على أداء { الصلوات } الخمس في أوقاتها؛ بإتقان شروطها وأركانها وخشوعها وآدابها، ولا تشتغلوا عنها بشهوات النساء وتشغيب أحكامهن، ولا بغير ذلك، وحافظوا أيضاً على { الصلاة الوسطى } وهي العصرعند الشافعي، وهو ظاهر الحديث، أو الصبح عند مالك؛ لفضلها، أو لتوسطها بين صلاتي الليل والنهار. وما من صلاة إلا وقيل فيها الوسطى. وقيل: أخفيت كساعة الجمعة وليلة القدر.
{ وقوموا لله } في الصلاة { قانتين } أي: ساكتين، وكان، قبل نزول الآية، الكلام في الصلاة جائزاً، أو قيل: مطيعين: إذ القنوت في القرآن كله بمعنى الطاعة. { فإن خفتم } من عدو، أو سَبع، أو سَيْل، فصلُّوا قياماً على أرجلكم بالإيماء للسجود، { أو ركباناً } على خيولكم بالإيماء للركوع والسجود، { فإذا أمنتم } في الصلاة، أو بعدها، فصلوا صلاة أَمْن، و { اذكروا الله } في الصلاة، وصلوا { كما علَّمكم } من الكيفية { ما لم تكونوا تعلمون } قبل ذلك.
الإشارة: حافظوا على الصلوات الحسية قياماً بوظائف العبودية، وعلى الصلاة القلبية قياماً بشهود عظمة الربوبية؛ وهي الصلاة الوسطى لدوامها في كل ساعة، قيل لبعضهم: هل للقلوب صلاة؟ قال: نعم، إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً؛ أي: إذا خضع لهيبة العظمة لم يرفع أبداً، وفي ذلك يقول الشاعر:
فاسجُدْ لهيبةِ الجَلالِ
   
عنْد التَّدَانِي
وَلْتَقْرَأ آيةَ الكَمالِ
   
سَبْعَ المَثَانِي
وأشار بقوله: " آية الكمال " لقوله تعالى:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }[الفَاتِحَة: 5]؛ ليجمع بين الشريعة والحقيقة، فسجود القلب حقيقة، وسجود الجوارح شريعة، وقوموا لله بآداب العبودية قانيت خاشعين، فإن خفتم ألا تصلوا إلى ربكم، قبل انقضاء أجلكم، فسيروا إليه رجالاً أو ركباناً، خفافاً أو ثقالاً، فإذا أمنتم من القطيعة - وذلك بعد التمكين - فاذكروا الله شكراً لأجل ما أطلعكم عليه، وعلَّمكم ما لم تكونوا تعلمون؛ من عظمة الربوبية، وكمال آداب العبودية.
*د يحيى
29 - مارس - 2009
الصلاة الوسطى : ماهي ؟(4)    ( من قبل 16 أعضاء )    قيّم
 
الأمة الوسط خيرُ أمةٍ ، والحبيب الأوسط أكرمُ الخَلْقِ ، والصلاة الوسطى هي الصلاة  والسلام عليه ، صلوات ربي وسلامه عليه من الأزل إلى الأبد مستمرة لا تُرَدُّ ولا تُعَدُّ ولا تُحَدُّ ، ...اللهم صلّ وسلّم وزد وبارك على سيدنا
وحبيبنا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.والله أعلم. 
*د يحيى
29 - مارس - 2009
سجود الشكر    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة

(سجود الشكر) هو سجدة واحدة تطلب خارج الصلاة، ويشترط لها شروط الصلاة، وأركانها النية وتكبيرة الإحرام، وأركان السجود و السلام.
(عند حصول نعمة ظاهرة) أي هجومها سواء كانت مما يتوقعها أو لاً، لكن يظهر من قولهم هجومها أنه يشترط ألا يكون متوقعاً لها، سواء أعمت النعمة المسلمين أم خصت.
(أو اندفاع بلية ظاهرة) ولو تصدق أو صلى شكراً فحسن.
عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله علية وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريباً من عزوزاء نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة ثم خرّ ساجداً فمكث طويلاً ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خرّ ساجداً، فعله ثلاثاً، قال: إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجداً لربي شكراً، ثم رفعت رأسي فسألت ربي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجداً لربي شكراً، ثم رفعت رأسي فسألت ربي فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجداً لربي... رواه أبو داود
---------------------------------------------------------------------------------------------------
(فلما كنا قريباً من عزوزاء) موضع بين مكة والمدينة.
(لم نزل) أي عن راحلته.
(ثم رفع يديه فدعا الله) سبحانه وتعالى.
(ساعة) فيه استحباب رفع اليدين في كل دعاء.
(ثم خرّ) أي سقط بعزمه.
(ساجداً) والسجود هو وضع الجبهة مكشوفة على الأرض وهو غاية الخرور ونهاية الخضوع.
(فمكث) أي أقام.
(طويلاً) فيه فضيلة تطويل سجدة الشكر، ومثلها سجدتا السهو والتلاوة وغيرهما.
(ثم قام) أي من سجوده وسلم.
(فرفع يديه) أي للدعاء.
(ساعة) ويحتمل أن يكون المراد ثم قام الدعاء بعد التحلل من سجدة الشكر، فيؤخذ منه ندب القيام للدعاء بعد التحلل من سجدة الشكر.
(ثم خر ساجداً) لله عز وجل.
(فعله) أي ما ذكر من الخرور والسجود.
(وشفعت لأمتي) (لكل نبي دعوة مستجابة وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي) (ثلث أمتي) أي أن يدخلهم الجنة.
(شكراً) أي خرور وشكر أي ولما استجاب الله دعوته في أمته وذلك من أعظم النعم عنده أتمها خرّ ساجداً ؛شكراً لذلك ففيه استحباب سجود الشكر عند تجدد النعمة، وظاهر الحديث أن سجوده كان خارج الصلاة وهو كذلك فإنها لا تشرع فيه.
(ثم رفعت رأسي) أي من سجدة الشكر.
(فأعطاني ثلث أمتي) الثاني أي أن يدخلوا الجنة.
المصدر: موقع السراج.
 
*د يحيى
5 - أبريل - 2009
سجود الشكر - هذه السنة المنسية    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
(وحدّث أحد الدعاة الأفاضل، إنه كان في مهمة دعوية في منطقة منسية من أرض أفغانستان، ربما ليس لها ذكر على خريطتها، كان يسير في بعض طرقاتها الوعرة، عندما شاهد رجلاً مسرعاً وقف يهمس في أذن رجل آخر، والذي ما كان منه إلاّ أن خرّ ساجداً على الأرض، ثم قام ليخبر ثالثاً، ففعل كالذي فعله الآخر..
فلمّا تكرر هذا المشهد أمام عينيه عدة مرات، شدّه الفضول ليسأل عن السبب..
فأخبروه  إن حاكماً ظالماً في أحد البلاد الإسلامية النائية قد مات، وكان ذلك منهم سجود شكر لله أن خلّص الله إخوانهم المسلمين من ظلم ذلك الطاغية).
ومن لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم..
شكر الله لك شيخنا الفاضل د.يحيى على ما تفيض به علينا..
 
*عمر خلوف
6 - أبريل - 2009
من الشبهات التي يطليها أبناء جلدتنا....    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
"....ونذكر هنا عبارة لهم صوَّروا فيها هذه الشبهة:
 " القرآن وحده من دون سائر الكتب الدينية ، يتميز بوجود الناسخ والمنسوخ فيه ، مع أن كلام الله الحقيقي لا يجوز فيه الناسخ والمنسوخ ؛ لأن الناسخ والمنسوخ في كلام الله هو ضد حكمته وصدقه وعلمه ، فالإنسان القصير النظر هو الذي يضع قوانين ويغيرها ويبدلها بحسب ما يبدو له من أحوال وظروف.
 لكن الله يعلم بكل شيء قبل حدوثه. فكيف يقال إن الله يغير كلامه ويبدله وينسخه ويزيله ؟
 ليس الله إنساناً فيكذب ، ولا ابن إنسان فيندم ؟!
 * الرد على الشبهة:
 نحن لا ننكر أن في القرآن نسخاً ، فالنسخ موجود في القرآن بين ندرة من الآيات ، وبعض العلماء المسلمين يحصرها فيما يقِل عن أصابع اليد الواحدة ، وبعضهم ينفي نفياً قاطعاً ورود النسخ فى القرآن (3).
 أما جمهور الفقهاء ، وعلماء الأصول فيقرونه بلا حرج ، وقد خصصوا للنسخ فصولاً مسهبة في مؤلفاتهم في أصول الفقه ، قل من لم يذكره منهم قدماء ومُحْدَثين. والذي ننكره كذلك أن يكون وجود النسخ في القرآن عيباً أو قدحاً في كونه كتاباً منزلاً من عند الله. "ذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار".
 إن الناسخ والمنسوخ في القرآن ، كان إحدى السمات التربوية والتشريعية ، في فترة نزول القرآن ، الذي ظل يربي الأمة ، وينتقل بها من طور إلى طور ، وَفق إرادة الله الحكيم ، الذي يعلم المفسد من المصلح ، وهو العزيز الحكيم.
 أما ما ذكرتموه من آيات القرآن ، ساخرين من مبدأ الناسخ والمنسوخ فيه فتعالوا اسمعوا الآيات التي ذكرتموها في جداول المنسوخ والناسخ وهي قسمان:
أحدهما فيه نسخ فعلاً (منسوخ وناسخ).
وثانيهما لا ناسخ فيه ولا منسوخ فيه ، ونحن نلتمس لكم العذر في هذا " الخلط " لأنكم سِرتم في طريق لا تعرفون كيفية السير فيه.
القسم الأول: ما فيه نسخ:
من الآيات التي فيها نسخ ، وذكروها فى جدول الناسخ والمنسوخ الآيتان التاليتان: (واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) (4).
 ثم قوله تعالى: (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مِائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) (5).
 هاتان الآيتان فيهما نسخ فعلاً ، والمنسوخ هو حكم الحبس في البيوت للزانيات حتى يَمُتْنَ ، أو يجعل الله لَهُنَّ حكماً آخر.
 وكان ذلك في أول الإسلام. فهذا الحكم حكم حبس الزانية في البيت ، حين شرعه الله عز وجل أومأ في الآية نفسها إلى أنه حكم مؤقت ، له زمان محدد في علم الله أزلاً. والدليل على أن هذا الحكم كان في علم الله مؤقتاً ، وأنه سيحل حكم آخر محله في الزمن الذي قدره الله عز وجل هو قوله: (أو يجعل الله لهن سبيلاً ).هذا هو الحكم المنسوخ الآن وإن كانت الآية التي تضمنته باقية قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.
 أما الناسخ فهو قوله تعالى في سورة "النور" في الآية التي تقدمت ، وبين الله أن حكم الزانية والزاني هو مِائة جلدة ، وهذا الحكم ليس عامّا في جميع الزناة. بل في الزانية والزاني غير المحصنين. أما المحصنان ، وهما اللذان سبق لهما الزواج فقد بينت السنة قوليًّا وعمليًّا أن حكمهما الرجم حتى الموت.
 وليس في ذلك غرابة ، فتطور الأحكام التشريعية ، ووقف العمل بحكم سابق ، وإحلال حكم آخر لاحق محله مما اقتضاه منهج التربية في الإسلام.
 ولا نزاع فى أن حكم الجلد فى غير المحصنين ، والرجم فى الزناة المحصنين ، أحسم للأمر ، وأقطع لمادة الفساد.
 وليس معنى هذا أن الله حين أنزل عقوبة حبس الزانيات لم يكن يعلم أنه سينزل حكماً آخر يحل محله ، وهو الجلد والرجم حاشا لله.
والنسخ بوجه عام مما يناسب حكمة الله وحسن تدبيره ، أمَّا أن يكون فيه مساس بكمال الله. فهذا لا يتصوره إلا مرضى العقول أو المعاندين للحق الأبلج الذى أنزله الله وهذا النسخ كان معمولاً به فى الشرائع السابقة على شريعة الإسلام.
 ومن أقطع الأدلة على ذلك ما حكاه الله عن عيسى عليه السلام فى قوله لبنى إسرائيل: (ولأحل لكم بعض الذى حُرِّم عليكم) (6).
 وفى أناجيل النصارى طائفة من الأحكام التى ذكروها وفيها نسخ لأحكام كان معمولاً بها فى العهد القديم.
 ومثيروهذه الشبهات ضد القرآن يعرفون جيداً وقوع النسخ بين بعض مسائل العهد القديم والعهد الجديد. ومع هذا يدعون بإصرار أن التوراة والأناجيل الآن متطابقان تمام الانطباق (7).
 ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
 (يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون) (8).
 وقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) (9).
والآيتان فيهما نسخ واضح. فالآية الأولى توجب مواجهة المؤمنين لعدوهم بنسبة (1: 10) ، والآية الثانية توجب مواجهة المؤمنين للعدو بنسبة (1: 2).
 
*د يحيى
6 - أبريل - 2009
من الشبهات التي يطليها أبناء جلدتنا (2)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
وهذا التطور التشريعى قد بين الله الحكمة التشريعية فيه ، وهى التخفيف على جماعة المؤمنين فى الأعباء القتالية فما الذى يراه عيباً فيه خصوم الإسلام ؟
 لو كان هؤلاء الحسدة طلاب حق مخلصين لاهتدوا إليه من أقصر طريق ، لأن الله عزوجل لم يدع مجالاً لريبة يرتابها مرتاب فى هاتين الآيتين. لكنهم يبحثون عن " العورات " فى دين أكمله الله وأتم النعمة فيه ، ثم ارتضاه للناس ديناً.
 وقد قال الله فى أمثالهم:
 (ولو نزلنا عليك كتاباً فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) (10).
 ومن هذا القسم أيضاً الآيتان الآتيتان:
 (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج...) (11).
وقوله تعالى:(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً...) (12).
أجل ، هاتان الآيتان فيهما نسخ ؛ لأن موضوعهما واحد ، هو عدة المتوفى عنها زوجها.
 الآية الأولى: حددت العدة بعام كامل.
والآية الثانية: حددت العدة بأربعة أشهر وعشر ليال.
والمنسوخ حكماً لا تلاوة هو الآية الأولى ، وإن كان ترتيبها فى السورة بعد الآية الثانية.
 والناسخ هو الآية الثانية ، التى حددت عدة المتوفى عنها زوجها بأربعة أشهر وعشر ليال ، وإن كان ترتيبها فى السورة قبل الآية المنسوخ حكمها.
 وحكمة التشريع من هذا النسخ ظاهرة هى التخفيف ، فقد استبعدت الآية الناسخة من مدة العدة المنصوص عليها فى الآية المنسوخ حكمها ثمانية أشهر تقريباً ، والمعروف أن الانتقال من الأشد إلى الأخف ، أدعى لامتثال الأمر ، وطاعة المحكوم به.. وفيه بيان لرحمة الله عز وجل لعباده. وهو هدف تربوى عظيم عند أولى الألباب.
القسم الثانى:
 أما القسم الثانى ، فقد ذكروا فيه آيات على أن فيها نسخاً وهى لا نسخ فيها ، وإنما كانوا فيها حاطبى ليل ، لا يفرقون بين الحطب ، وبين الثعابين ، وكفى بذلك حماقة.
 وها نحن نعرض نموذجين مما حسبوه نسخاً ، وهو أبعد ما يكون عن النسخ.
النموذج الأول:
 (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) (13).
 (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (14).
 زعموا أن بين هاتين الآيتين تناسخاً ، إحدى الآيتين تمنع الإكراه فى الدين ، والأخرى تأمر بالقتال والإكراه فى الدين وهذا خطأ فاحش ، لأن قوله تعالى (لا إكراه فى الدين) سلوك دائم إلى يوم القيامة.
 والآية الثانية لم ولن تنسخ هذا المبدأ الإسلامى العظيم ؛ لأن موضوع هذه الآية " قاتلوا " غير موضوع الآية الأولى: (لا إكراه فى الدين).
 لأن قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) له سبب نزول خاص. فقد كان اليهود قد نقضوا العهود التى أبرمها معهم المسلمون. وتآمروا مع أعداء المسلمين للقضاء على الدولة الإسلامية فى المدينة ، وأصبح وجودهم فيها خطراً على أمنها واستقرارها. فأمر الله المسلمين بقتالهم حتى يكفوا عن أذاهم بالخضوع لسلطان الدولة ، ويعطوا الجزية فى غير استعلاء.
 أجل: إن هذه الآية لم تأمر بقتال اليهود لإدخالهم فى الإسلام. ولو كان الأمر كذلك ما جعل الله إعطاءهم الجزية سبباً فى الكف عن قتالهم ، ولاستمر الأمر بقتالهم سواء أعطوا الجزية أم لم يعطوها ، حتى يُسلموا أو يُقتلوا وهذا غير مراد ولم يثبت فى تاريخ الإسلام أنه قاتل غير المسلمين لإجبارهم على اعتناق الإسلام.
 ومثيرو هذه الشبهات يعلمون جيداً أن الإسلام أقر اليهود بعد الهجرة إلى المدينة على عقائدهم ، وكفل لهم حرية ممارسة شعائرهم ، فلما نقضوا العهود ، وأظهروا خبث نياتهم قاتلهم المسلمون وأجلوهم عن المدينة.
 ويعلمون كذلك أن النبى (عقد صلحاً سِلْمِيًّا مع نصارى تغلب ونجران ، وكانوا يعيشون فى شبه الجزيرة العربية ، ثم أقرهم على عقائدهم النصرانية وكفل لهم حرياتهم الاجتماعية والدينية.
 وفعل ذلك مع بعض نصارى الشام. هذه الوقائع كلها تعلن عن سماحة الإسلام ، ورحابة صدره ، وأنه لم يضق بمخالفيه فى الدين والاعتقاد.
 فكيف ساغ لهؤلاء الخصوم أن يفتروا على الإسلام ما هو برىء منه ؟
 إنه الحقد والحسد. ولا شىء غيرهما ، إلا أن يكون العناد.
النموذج الثانى:
 (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (15).
(إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) (16).
 والآيتان لا ناسخ ولا منسوخ فيهما. بل إن فى الآية الثانية توكيداً لما فى الآية الأولى ، فقد جاء فى الآية الأولى: " فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما "
 ثم أكدت الآية الثانية هذا المعنى: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)فأين النسخ إذن ؟.
أما المنافع فى الخمر والميسر ، فهى: أثمان بيع الخمر ، وعائد التجارة فيها ، وحيازة الأموال فى لعب الميسر " القمار " وهى منافع خبيثة لم يقرها الشرع من أول الأمر ، ولكنه هادنها قليلاً لما كان فيها من قيمة فى حياة الإنسان قبل الإسلام ، ثم أخذ القرآن يخطو نحو تحريمها خطوات حكيمة قبل أن يحرمها تحريماً حاسماً ، حتى لا يضر بمصالح الناس.
 وبعد أن تدرج فى تضئيل دورها فى حياة الناس الاقتصادية وسد منافذ رواجها ، ونبه الناس على أن حسم الأمر بتحريمها آتٍ لا محالة وأخذوا يتحولون إلى أنشطة اقتصادية أخرى ، جاءت آية التحريم النهائى فى سورة المائدة هذه: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) هذه هى حقيقة النسخ وحكمته التشريعية ، وقيمته التربوية ومع هذا فإنه نادر فى القرآن.
المراجع:
(1) هذا التعريف راعينا فيه جمع ما تفرق فى غيره من تعريفات الأصوليين مع مراعاة الدقائق والوضوح.
(2) الجلد ورد فى القرآن كما سيأتى. أما الرجم فقد ورد قوليا وعمليا فى السنة ، فخصصت الجلد بغير المحصنين.
(3) منهم الدكتور عبد المتعال الجبرى وله فيه مؤلف خاص نشرته مكتبة وهبة بالقاهرة ، والدكتور محمد البهى ومنهم الشيخ محمد الغزالى.
(4) النساء: 15.
(5) النور: 2.
(6) آل عمران: 50.
(7) انظر كتابنا " الإسلام فى مواجهة الاستشراق العالمى " طبعة دار الوفاء.
(8)الأنفال: 65.
(9)الأنفال: 66.
(10) الأنعام: 7.
(11)البقرة: 240
(12) البقرة:234.
(13) البقرة: 256.
(14) التوبة: 29.
(15) البقرة: 219.
(16) المائدة: 90.
 
المصدر : الأزهر.
 
*د يحيى
6 - أبريل - 2009
 1  2  3  4  5