البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : علم الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 عمر  
9 - مارس - 2009
أنا أعمل عليه ولمن اراد أن يفيدنا في هذا الباب فهو باب العلوم كلها ان لم نقل أنه لا يتبث علم بدونه.
 
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (11)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
فصل: ومما نسخ رسمه واختلف في بقاء حكمه، أخبرنا المبارك بن علي قال: أخبرنا أبو العباس بن قريش، قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق قال أبنا [ ابن ] أبي داود، قال: حدثنا عبد الله بن سعد قال: حدثني عمر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن "عمر =و= عن عمرة" بنت عبد الرحمن، عن عائشة =رضي الله عنها= قالت: "لقد نـزلت" آية الرجم ورضعات الكبير عشرا وكانت في ورقة تحت سرير في بيتي فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بأمره ربيبة لنا فأكلتها، تعني الشاة .
قال ابن أبي داود: حدثنا أبو الطاهر، قال: أخبرنا بن وهب، قال: "أخبرني" مالك عن عبد الله بن أبي بكر "عن عمرة" عن عائشة قالت: كان فيما أنـزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخت بخمس رضعات معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مما يقرأ من القرآن .
قلت: "أما مقدار" ما يحرم من الرضاع فعن أحمد بن حنبل =رحمه الله= [ فيه ثلاث ] روايات:
إحداهن: رضعة واحدة [ و ] به قال أبو [ حنيفة ] ومالك أخذا بظاهر القرآن في قوله: وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وتركا لذلك الحديث.
والثانية: ثلاث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحرم المصة و [ المصتان ] .
والثالثة: خمس لما روينا في حديث عائشة، وتأولوا قولها: وهي [ مما يقرأ من القرآن ] أن الإشارة إلى قوله: وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وقالوا: لو كان يقرأ "بعد وفاة رسول الله صلى الله" عليه وسلم، لنقل إلينا نقل المصحف، ولو كان بقي [ من القرآن شيء لم ] ينقل لجاز أن يكون ما لم ينقل ناسخا لما نقل، فذلك محال.
ومما نسخ خطه واختلف في حكمه ما روى مسلم في أفراده عن عائشة =رضي الله عنها= أنها أملت على كاتبها (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) وقالت: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد اختلف الناس في الصلاة الوسطى على خمسة أقوال بعدد الصلوات الخمس وقد شرحنا ذلك في التفسير .
القسم الثالث: ما نسخ حكمه وبقي رسمه: وله وضعنا هذا الكتاب ونحن نذكره على ترتيب الآيات والسور "ونذكر" ما قيل ونبين صحة الصحيح وفساد الفاسد، إن شاء الله [ تعالى ] وهو الموفق بفضله
*د يحيى
24 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (12)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 

"باب ذكر السور التي تضمنت الناسخ والمنسوخ، أو أحدهما، أو خلت عنهما"

زعم جماعة من المفسرين: أن السور التي تضمنت الناسخ والمنسوخ خمس وعشرون: سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، وإبراهيم، والنحل، [ ومريم ] والأنبياء، والحج، والنور، والفرقان، والشعراء، والأحزاب، وسبأ، والمؤمن، والشورى، والذاريات، والطور، والواقعة، والمجادلة، والمزمل، [ والتكوير ] والعصر.
"قالوا: والسور التي دخلها المنسوخ دون الناسخ أربعون": الأنعام، والأعراف، ويونس، وهود، والرعد، والحجر، وسبحان، والكهف، وطه، والمؤمنون، والنمل، والقصص، والعنكبوت، "والروم" ولقمان، والسجدة، والملائكة، والصافات، وص، والزمر، "والمصابيح" والزخرف، والدخان، والجاثية، "والأحقاف" وسورة محمد، وق، والنجم، والقمر، والممتحنة، ون، والمعارج، والمدثر، والقيامة، والإنسان، وعبس، والطارق، والغاشية، والتين، والكافرون.
وقالوا: والسور التي اشتملت على الناسخ دون المنسوخ ست: الفتح، والحشر، والمنافقون، والتغابن، والطلاق، والأعلى.
والسور الخاليات عن ناسخ ومنسوخ ثلاث وأربعون: سورة الفاتحة، ويوسف، ويس، والحجرات، والرحمن، والحديد، والصف، والجمعة، والتحريم، والملك، "والحاقة، ونوح" والجن، "والمرسلات" والنبأ، والنازعات، والانفطار، "والمطففين" والانشقاق، والبروج، "والفجر" والبلد، والشمس، "والليل، والضحى" وألم نشرح، والقلم، والقدر، "والانفكاك" "والزلزلة" والعاديات، والقارعة، "والتكاثر" والهمزة، والفيل، وقريش، والدين، "والكوثر" والنصر، وتبت، والإخلاص، والفلق، والناس.
قلت: واضح بأن التحقيق في الناسخ والمنسوخ يظهر أن هذا الحصر تخريف من الذين حصروه، والله الموفق
*د يحيى
24 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (13)    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 

(1)"باب ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة البقرة"

 

ذكر الآية الأولى

قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ اختلف المفسرون في المراد بهذه النفقة على أربعة أقوال:
أحدها: أنها النفقة على الأهل والعيال، قاله ابن مسعود وحذيفة .
والثاني: الزكاة المفروضة، قاله ابن عباس، وقتادة .
والثالث: الصدقات النوافل، قاله مجاهد والضحاك .
والرابع: أن الإشارة بها إلى نفقة كانت واجبة قبل الزكاة.
ذكره بعض ناقلي التفسير، وزعموا: أنه كان فرض على الانسان أن يمسك مما في يده قدر كفايته "يومه" وليلته ويفرق باقيه على "الفقراء" ثم نسخ ذلك بآية الزكاة وهذا قول ليس "بصحيح" لأن لفظ الآية لا يتضمن ما ذكروا وإنما يتضمن مدح المنفق، والظاهر، أنها تشير إلى الزكاة لأنها قرنت مع الإيمان بالصلاة.
وعلى هذا، لا وجه للنسخ "وإن كانت" تشير إلى الصدقات النوافل والحث عليها باق، والذي أرى، ما بها مدح لهم على جميع نفقاتهم في الواجب والنفل وقد قال أبو جعفر يزيد بن القعقاع نسخت آية الزكاة كل صدقة "كانت" قبلها ونسخ صوم رمضان كل صوم كان قبله والمراد بهذا كل صد "قة وجبت" بوجود المال مرسلا كهذه الآية .
*د يحيى
24 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (14)    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 

ذكر الآية الثانية:

"قوله" تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا [ الآية ] اختلف المفسرون [ في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال ]
أحدها: أن المعنى: إن الذين آمنوا من هذه الأمة، والذين هادوا، وهم أتباع موسى، "والنصارى، وهم" أتباع عيسى، والصابئون: الخارجون من الكفر إلى [ الإسلام ] أي: من آمن، أي: من دام منهم على الإيمان .
والثاني: إن الذين آمنوا بألسنتهم [ وهم ] المنافقون والذين هادوا: وهم اليهود، والنصارى والصابئون: وهم كفار أيضا، من آمن أي من دخل في الإيمان بنية صادقة.
والثالث: إن المعنى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ومن آمن من الذين هادوا، فيكون قوله: بعد هذا: من آمن راجعا إلى المذكورين مع الذين آمنوا، ومعناه: من يؤمن [ منهم ] وعلى هذه الأقوال الثلاثة لا وجه لادعاء نسخ هذه الآية. وقد قيل: إنها منسوخة بقوله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ
فأخبرنا المبارك بن علي "الصيرفي" قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن قريش، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ الآية. قال: فأنـزل الله تعالى بعد هذه الآية وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
قلت: فكأنه أشار بهذا إلى النسخ وهذا القول لا يصح لوجهين:
أحدهما: أنه إن أشير بقوله: وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى إلى من كان تابعا لنبيه قبل أن يبعث النبي الآخر فأولئك على الصواب [ وإن أشير إلى من كان ] في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن من ضرورة من لم يبدل دينه ولم يحرف أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ويتبعه.
و

 

ذكر الآية الثالثة:

"قوله تعالى" بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ جمهور المفسرين [ على أن المراد ] بالسيئة الشرك فلا يتوجه على هذا القول نسخ "أصلا" وقد روى السدي عن أشياخه: أن المراد بالسيئة الذنب من الذنوب التي وعد الله تعالى عليها النار فعلى هذا يتوجه النسخ بقوله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ على أنه يجوز أن يحمل ذلك، على من أتى السيئة مستحلا فلا يكون نسخا
 

 

*د يحيى
25 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (15)    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
ذكر الآية الرابعة:
 
قوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا اختلف المفسرون في "المخاطبين" بهذا على قولين:
أحدهما: أنهم اليهود، والتقدير من سألكم عن شأن محمد =صلى الله عليه وسلم= فاصدقوه وبينوا له صفته ولا تكتموا أمره، قاله ابن عباس، وابن جبير وابن جريج ومقاتل.
والثاني: أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ثم اختلف أرباب هذا القول، فقال الحسن مروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر وقال أبو العالية وقولوا للناس معروفا وقال محمد بن علي بن الحسين كلموهم بما تحبون أن يقولوا لكم فعلى هذا الآية محكمة. وذهب قوم إلى أن المراد بذلك: مساهلة المشركين في دعائهم إلى الإسلام، فالآية عند هؤلاء منسوخة بآية السيف وهذا قول بعيد، لأن لفظ الناس عام فتخصيصه بالكفار [ يفتقر ] إلى دليل ولا دليل هاهنا، ثم إن (إنذار) الكفار من الحسنى
الثاني: "أن هذه الآية خبر" والأخبار لا يدخلها النسخ
 
ذكر الآية الخامسة:
 
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا  [ قال ] المفسرون: كانت هذه الكلمة لغة في الأنصار، وهي من راعيت الرجل [ إذا تأملته وتعرفت ] أحواله ومنه قولهم: أرعني "سمعك" وكانت الأنصار تقولها لرسول [ الله صلى الله عليه وسلم ] وهي بلغة اليهود سب بالرعونة [ وكانوا يقولونها له وينوون ] بها السب فنهى الله سبحانه المؤمنين عن قولها لئلا يقولها اليهود وأمرهم أن يجعلوا مكانها "أنظرنا" وقرأ الحسن والأعمش وابن المحيصن (راعنا) بالتنوين فجعلوه مصدرا، أي: لا تقولوا رعونة.
وقرأ ابن مسعود: (لا تقولوا راعونا) على الأمر بالجماعة كأنه نهاهم أن يقولوا ذلك فيما بينهم، والنهي في مخاطبة النبي بذلك أولى، وهذه الآية قد ذكروها في المنسوخ، ولا وجه لذلك بحال، ولولا إيثاري ذكر ما ادعى عليه النسخ لم أذكرها. قال أبو جعفر النحاس: هي ناسخة لما كان مباحا قوله قلت: وهذا تحريف في القول، لأنه إذا نهى عن شيء لم تكن الشريعة أتت به لم يسم النهي نسخاً.
*د يحيى
25 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (16)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 

ذكر الآية السابعة:

قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على ثمانية أقوال:
أحدهما: أنها نـزلت في اشتباه القبلة. أخبرنا "أبو بكر بن حبيب قال: أخبرنا علي" بن الفضل، قال: أخبرنا محمد بن عبد الصمد، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا "إبرهيم بن خريم" قال: حدثنا عبد الحميد، قال أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا أشعث بن سعيد قال: حدثنا عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن "عامر" بن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "في غزاة في ليلة سوداء مظلمة" فلم نعرف القبلة فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنـزل الله وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وروى جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية [ كنت فيها ] فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة: القبلة هاهنا فصلوا وخطوا خطا، وقال بعضهم هاهنا فصلوا وخطوا خطا، فلما أصبحنا أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قفلنا من سفرنا سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت، فأنـزل الله تعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ .
قلت: وهذا الحكم باق عندنا وإن من اشتبهت عليه القبلة فصلى بالاجتهاد فصلاته صحيحة "مجزية" وهو قول سعيد بن المسيب ومجاهد و "عطاء" والشعبي والنخعي وأبي حنيفة، وللشافعي قولان:
أحدهما : كمذهبنا.
والثاني: "يجب" الإعادة، وقال الحسن، والزهري وربيعة يعيد في الوقت، فإذا فات الوقت لم يعد، وهو قول مالك.
القول الثاني: أن المراد بالآية صلاة التطوع، أخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: بنا علي بن الفضل، قال: أخبرنا ابن عبد الصمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أبنا إبراهيم بن خريم، قال: حدثنا عبد الحميد، قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته تطوعا أينما توجهت به، وهو جا [ ي من مكة ] إلى المدينة ثم قرأ ابن عمر وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فقال ابن عمر =رضي الله عنه=: في هذا أنـزلت الآية.
القول الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لما صلى على النجاشي، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ] كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي على غير قبلتنا؟ وكان يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فنـزلت هذه الآية [ رواه ] عطاء عن ابن عباس =رضي الله عنهما=.
القول الرابع: أن المراد بالآية: أينما كنتم من "شرق" أو غرب فاستقبلوا الكعبة، قاله مجاهد.
القول الخامس: أن اليهود "لما تكلموا" "حين" صرفت القبلة إلى الكعبة نـزلت هذه الآية، ومعناها: "لا تلتفتن" إلى اعتراض اليهود بالجهل وإن المشرق والمغرب لله يتعبدكم بالصلاة إلى مكان ثم يصرفكم عنه كما يشاء. ذكره أبو بكر [ بن ] الأنباري وقد روى معناه عن ابن عباس =رضي الله عنهما=.
والقول السادس: أنه ليس المراد بالصلاة وحدها وإنما معنى الآية من أي وجه قصدتم الله، وعلى أي حال عبدتموه علم ذلك وأثابكم عليه.
والعرب تجعل الوجه بمعنى القصد، قال الشاعر:
أســتغفر اللـه ذنبـا لسـت محصيـه
 
رب العبــاد إليــه الوجـه والعمـل
معناه: إليه القصد والتقدم. ذكره محمد بن القاسم أيضا.
والقول السابع: أن معنى الآية أينما كنتم [ من ] الأرض فعلم الله بكم محيط لا يخفى عليه شيء من أعمالكم [ ذكره ] ابن القاسم أيضا وعلى هذه [ الأقوال ] الآية محكمة.
 
*د يحيى
25 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (17)    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
معناه: إليه القصد والتقدم. ذكره محمد بن القاسم أيضا.
والقول السابع: أن معنى الآية أينما كنتم [ من ] الأرض فعلم الله بكم محيط لا يخفى عليه شيء من أعمالكم [ ذكره ] ابن القاسم أيضا وعلى هذه [ الأقوال ] الآية محكمة.
[ القول الثامن ذكر ] أربابه أنها منسوخة، فروى عكرمة عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة، قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته صخرة بيت المقدس "فصلى" إليها، وكانت قبلة اليهود، ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب فنسخ ذلك وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ .
أخبرنا "إسماعيل" بن أحمد السمرقندي قال: أبنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله البقال قال أبنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أبنا [ أبو ] الحسين إسحاق ابن أحمد الكاذي، قال: بنا عبد الله بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثني حجاج بن محمد، قال: أنبا ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: أول ما نسخ من القرآن -فيما ذكر لنا والله أعلم- شأن القبلة، قال: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق ثم صرفه الله إلى البيت العتيق فقال: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا يعنون بيت المقدس، فنسخها وصرف إلى البيت العتيق فقال: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ .
قال أحمد بن حنبل: وحدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد بن "أبي عروبة عن قتادة" فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال: كانوا "يصلون" نحو "بيت المقدس ونبي" الله بمكة وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت" المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله تعالى بعد ذلك "نحو الكعبة" البيت الحرام، قال أحمد، وبنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: بنا همام [ قال ] بنا قتادة فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال: وكانوا يصلون نحو بيت [ المقدس ثم وجهه ] الله "نحو الكعبة".
وقال عز وجل: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ فنسخت هذه الآية ما كان قبلها [ من ] قبلة. أخبرنا محمد بن عبد الله العامري، قال: أبنا علي بن الفضل، قال: أبنا محمد بن عبد الصمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد، قال: ابنا إبراهيم بن خريم، قال: بنا عبد الحميد، قال: بنا يونس، عن شيبان عن قتادة فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال: نسخ هذا بعد ذلك، فقال الله عز وجل: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قلت: وهذا قول أبي العالية والسدي.
فصل: واعلم: أن [ قوله ] تعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ليس فيه أمر بالتوجه إلى [ بيت ] المقدس ولا إلى غيره بل هو دال على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها.
فأما التوجه إلى بيت المقدس فاختلف العلماء، هل كان برأي النبي، صلى الله عليه وسلم [ و ] اجتهاده، أو كان عن وحي؟ فروي عن ابن عباس وابن جريج أنه كان عن أمر الله [ تعالى ] لقوله عز وجل: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ .
 
*د يحيى
25 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (18)    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
وأخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن العباس، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: [ بنا محمد بن الحسين ] قال بنا كثير بن يحيى قال: بنا أبي، قال: بنا أبو بكر الهدبي، عن عكرمة، عن ابن عباس =رضي الله عنهما= قال: قالت [ اليهود ] إن محمدا مخالف لنا في "كل شيء" فلو تابعنا على قبلتنا، أو على شيء لتابعناه، "فظن" النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا منهم جد، وعلم الله [ منهم ] الكذب، وأنهم لا يفعلون "فأراد الله" أن يبين ذلك لنبيه =صلى الله عليه وسلم= فقال: إذا قدمت المدينة فصل قبل بيت المقدس، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت اليهود: قد تابعنا على قبلتنا ويوشك أن يتابعنا على ديننا، فأنـزل الله عز وجل وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ فقد علمنا انهم لا يفعلون، ولكن أردنا أن نبين ذلك لك [ و ] قال الحسن وعكرمة وأبو العالية، والربيع [ بل ] كان برأيه واجتهاده وقال قتادة: كان الناس يتوجهون إلى [ أي ] جهة شاؤوا، بقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [ ثم أمرهم ] النبي صلى الله عليه وسلم باستقبال بيت المقدس وقال ابن زيد: "كانوا ينحون أن يصلوا إلى قبلة" شاؤوا، لأن المشارق والمغارب لله، وأنـزل الله تعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هؤلاء يهود قد استقبلوا بيتا من بيوت الله - يعني بيت المقدس - فصلوا إليه) فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بضعة عشر شهرا، فقالت اليهود: ما اهتدى لقبلته حتى هديناه، فكره النبي صلى الله عليه وسلم قولهم ورفع طرفه إلى السماء فأنـزل الله تعالى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد "بن الحسين" ابن قريش، قال: أبنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أبنا محمد بن إسماعيل الوراق، قال: بنا أبو بكر بن أبي داود، قال: بنا [ محمد بن أيوب ] قال: بنا أحمد بن عبد الرحمن، قال بنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع، قال: حدثني أبو العالية، أن نبي الله خير بين أن يوجه حيث يشاء، فاختار بيت المقدس، لكي يتألف أهل الكتاب ثم وجهه الله إلى البيت [ الحرام ] "واختلف العلماء في سبب اختياره بيت" المقدس على قولين:
أحدهما: أن العرب لما كانت تحج ولم تألف "بيت" المقدس، أحب الله امتحانهم بغير ما ألفوه [ ليظهر من ] يتبع الرسول ممن لا يتبعه، كما قال تعالى: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وهذا قول الزجاج.
والثاني: أنه "اختاره" ليتألف أهل الكتاب، قاله: أبو جعفر بن جرير الطبري قلت: فإذا ثبت أن رسول الله =صلى الله عليه وسلم= اختار بيت المقدس فقد وجب استقباله بالسنة، ثم نسخ ذلك بالقرآن.
والتحقيق في هذه الآية أنها أخبرت أن الإنسان أين تولى بوجهه فثم وجه الله، فيحتاج مدعي نسخها أن يقول: فيها إضمار. تقديره: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ في الصلاة أين شئتم ثم نسخ ذلك المقدر، وفي هذا بعد، والصحيح إحكامها

ذكر الآية الثامنة:

قوله تعالى: وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ قد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الكلام اقتضى نوع مساهلة للكفار ثم نسخ بآية السيف، ولا أرى هذا القول صحيحا، لأربعة أوجه:
أحدها: أن معنى الآية: أتخاصموننا في دين الله وكانوا يقولون: نحن أولى بالله منكم، لأننا أبناء الله وأحباؤه [ ومنا كانت الأنبياء ] وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ أي: نحن كلنا في حكم العبودية [ سواء فكيف يكونون ] أحق به؟ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ أي: "لا اختصاص لأحد به" إلا [ من جهة ] الطاعة والعمل، وإنما يجازي كل منا بعمله. ولا تنفع الدعاوى وعلى هذا [ البيان ] لا وجه للنسخ.
والثاني: أنه خبر خارج مخرج الوعيد والتهديد.
والثالث: إنا قد علمنا أعمال أهل الكتاب وعليها أقررناهم.
والرابع: أن المنسوخ ما لا يبقى له حكم، وحكم هذا الكلام لا يتغير فإن كل عامل له "جزاء" عمله فلو ورد الأمر بقتالهم لم يبطل تعلق أعمالهم بهم.
*د يحيى
25 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ ( 19)    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 

ذكر الآية التاسعة:

قوله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ الآية قد ذكر عن بعض المفسرين أنه قال: معنى الآية فلا جناح عليه أن [ لا ] يطوف بهما. قال: ثم نسخ ذلك [ بقوله ] تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ والسعي بينهما من ملة إبراهيم.
قلت: وهذا قول مرذول: لا يصلح الالتفات إليه، لأنه [ يوجب إضمارا ] في الآية ولا يحتاج إليه كان قد قرئ به فإنه مروي عن ابن مسعود، وأبي بن كعب، وأنس، وابن جبير، وابن سيرين، وميمون بن مهران أنهم قرأوا (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) ولهذه القراءة وجهان:
أحدهما: أن تكون دالة على أن السعي بينهما لا يجب.
والثاني: أن يكون "لا" صلة. كقوله: ما "منعك" أن لا تسجد فيكون معناه معنى القراءة المشهورة، وقد ذهب مالك [ والشافعي ] وأحمد إلى أن السعي من أركان الحج وقال أبو حنيفة وأصحابه: هو واجب "يجزي" عنه الدم والصحيح في سبب نـزول هذه الآية، ما أخبرنا به أبو بكر بن حبيب، قال: أبنا علي الفضل، قال: أبنا محمد بن عبد الصمد، قال: أبنا ابن حموية، قال: أبنا: إبراهيم ابن حريم، قال: بنا عبد الحميد، قال: أبنا عبد الوهاب بن عطاء عن داود، عن عامر، قال: كان على الصفا [ وثن ] يدعى "أساف" ووثن على المروة يدعى نائلة، وكان أهل الجاهلية "يسعون" بينهما ويمسحون الوثنين فلما جاء الإسلام أمسك المسلمون عن السعي بينهما فنـزلت هذه الآية قلت: فقد بان بهذا أن المسلمين إنما امتنعوا عن الطواف لأجل "الصنمين" فرفع الله عز وجل الجناح عمن طاف بينهما، لأنه إنما يقصد تعظيم الله تعالى بطوافه [ دون  الأصنام].

ذكر الآية العاشرة:

  اللاعِنُونَ قد زعم قوم من القراء "الذين" قل حظهم من علم العربية والفقه أن هذه الآية منسوخة بالاستثناء بعدها ولو كان لهم نصيب من ذلك، لعلموا أن الاستثناء ليس بنسخ وإنما هو إخراج بعض ما شمله اللفظ، وينكشف هذا من وجهين:
أحدهما: أن الناسخ والمنسوخ لا يمكن العمل [ بأحدهما ] إلا بترك العمل بالآخر، وهاهنا يمكن العمل بالمستثنى والمستثنى منه.
والثاني: أن الجمل إذا دخلها الاستثناء يثبت أن المستثنى لم يكن مرادا دخوله في الجملة "السابقة" وما لا يكون مرادا باللفظ الأول لا يدخل عليه النسخ .
*د يحيى
25 - مارس - 2009
الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (20)    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 

ذكر الآية الثانية عشرة:

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى ذهب بعض المفسرين إلى أن "دليل" خطاب هذه الآية منسوخ، لأنه لما قال: الْحُرُّ بِالْحُرِّ اقتضى أن لا يقتل العبد بالحر، وكذا لما قال: الأُنْثَى بِالأُنْثَى اقتضى، أن لا يقتل الذكر بالأنثى من جهة دليل الخطاب، وذلك منسوخ بقوله [ تعالى ] وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وإلى هذا أشار ابن عباس فيما رواه عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: نسختها الآية التي في المائدة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وإلى نحو هذا ذهب سعيد بن جبير ومقاتل.
أخبرنا المبارك بن علي، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش، قال أبنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أبنا أبو بكر محمد بن إسماعيل [ أذنا ] قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود، قال: أبنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني عبد الله بن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، أن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل، فكان بينهم قتل وجراحات، حتى قتلوا "العبيد والنساء" فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا وكان أحد الحيين يتطاولون على الآخر في العدة والأموال فحلفوا أن لا نرضى حتى نقتل بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم فنـزل فيهم الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فرضوا بذلك فصارت آية الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى منسوخة نسخها النَّفْسَ بِالنَّفْسِ .
قلت: وهذا "القول" ليس [ بشيء ] لوجهين:
أحدهما: أنه إنما ذكر في آية المائدة ما كتبه على أهل التوراة وذلك لا يلزمنا وإنما نقول في إحدى الروايتين عن أحمد: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يثبت نسخه، وبخطابنا بعد خطابهم قد ثبت النسخ، فتلك الآية أولى أن تكون منسوخة بهذه من هذه بتلك.
والثاني: أن دليل الخطاب عند الفقهاء حجة ما لم يعارضه دليل أقوى منه، وقد ثبت بلفظ الآية أن الحر يوازي الحر فلأن الحر يوازي [ العبد أولى، ثم إن أول الآية يعم، وهو قوله ] كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ وإنما الآية نـزلت في من كان "يقتل حراً" [ بعبد وذكرا بأنثى ] فأمروا بالنظر في التكافؤ.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب قال: أبنا [ علي بن ] الفضل، قال: أبنا محمد بن عبد الصمد، قال: أبنا عبد الله بن أحمد السرخسي، قال: أبنا إبراهيم بن حريم، قال: أبنا عبد الحميد، قال: بنا يونس عن شيبان، عن قتادة
  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى قال: كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة "للشيطان" فكان الحي منهم إذا كان فيهم عدد وعدة، فقتل لهم عبد قتله عبد قوم آخرين. قالوا: لن نقتل به إلا حرا تعززا وتفضلا على غيرهم في أنفسهم. وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة. قالوا: "لن نقتل" بها إلا رجلا فأنـزل الله هذه الآية يخبرهم أن الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى، وينهاهم عن البغي "ثم" أنـزل في سورة المائدة وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ إلى قوله: وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ
*د يحيى
26 - مارس - 2009
 1  2  3  4