الإمام ابن الجوزي والناسخ والمنسوخ (16) ( من قبل 5 أعضاء ) قيّم
ذكر الآية السابعة: أحدهما: أنها نـزلت في اشتباه القبلة. أخبرنا "أبو بكر بن حبيب قال: أخبرنا علي" بن الفضل، قال: أخبرنا محمد بن عبد الصمد، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا "إبرهيم بن خريم" قال: حدثنا عبد الحميد، قال أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا أشعث بن سعيد قال: حدثنا عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن "عامر" بن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "في غزاة في ليلة سوداء مظلمة" فلم نعرف القبلة فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنـزل الله وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وروى جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية [ كنت فيها ] فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة: القبلة هاهنا فصلوا وخطوا خطا، وقال بعضهم هاهنا فصلوا وخطوا خطا، فلما أصبحنا أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قفلنا من سفرنا سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت، فأنـزل الله تعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ . قلت: وهذا الحكم باق عندنا وإن من اشتبهت عليه القبلة فصلى بالاجتهاد فصلاته صحيحة "مجزية" وهو قول سعيد بن المسيب ومجاهد و "عطاء" والشعبي والنخعي وأبي حنيفة، وللشافعي قولان: أحدهما : كمذهبنا. والثاني: "يجب" الإعادة، وقال الحسن، والزهري وربيعة يعيد في الوقت، فإذا فات الوقت لم يعد، وهو قول مالك. القول الثاني: أن المراد بالآية صلاة التطوع، أخبرنا أبو بكر بن حبيب، قال: بنا علي بن الفضل، قال: أخبرنا ابن عبد الصمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أبنا إبراهيم بن خريم، قال: حدثنا عبد الحميد، قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته تطوعا أينما توجهت به، وهو جا [ ي من مكة ] إلى المدينة ثم قرأ ابن عمر وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فقال ابن عمر =رضي الله عنه=: في هذا أنـزلت الآية. القول الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لما صلى على النجاشي، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ] كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي على غير قبلتنا؟ وكان يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فنـزلت هذه الآية [ رواه ] عطاء عن ابن عباس =رضي الله عنهما=. القول الرابع: أن المراد بالآية: أينما كنتم من "شرق" أو غرب فاستقبلوا الكعبة، قاله مجاهد. القول الخامس: أن اليهود "لما تكلموا" "حين" صرفت القبلة إلى الكعبة نـزلت هذه الآية، ومعناها: "لا تلتفتن" إلى اعتراض اليهود بالجهل وإن المشرق والمغرب لله يتعبدكم بالصلاة إلى مكان ثم يصرفكم عنه كما يشاء. ذكره أبو بكر [ بن ] الأنباري وقد روى معناه عن ابن عباس =رضي الله عنهما=. والقول السادس: أنه ليس المراد بالصلاة وحدها وإنما معنى الآية من أي وجه قصدتم الله، وعلى أي حال عبدتموه علم ذلك وأثابكم عليه. والعرب تجعل الوجه بمعنى القصد، قال الشاعر: أســتغفر اللـه ذنبـا لسـت محصيـه | | رب العبــاد إليــه الوجـه والعمـل | معناه: إليه القصد والتقدم. ذكره محمد بن القاسم أيضا. والقول السابع: أن معنى الآية أينما كنتم [ من ] الأرض فعلم الله بكم محيط لا يخفى عليه شيء من أعمالكم [ ذكره ] ابن القاسم أيضا وعلى هذه [ الأقوال ] الآية محكمة. |