شرح الله صدره ، ورفع ذكره ، صلى الله عليه وسلم... كن أول من يقيّم
بسم الله الرحمن الرحيم " ألم نشرح لك صدرك * ورفعنا لك ذِكرك" ( الشرح 94/1و2). كليم الله سيدنا موسى ، عليه السلام ، يدعو الله عز وجل : " ربِّ اشرَحْ لي صدري" ، وسيدنا الحبيب الأعظم محمد ، صلى الله عليه وآله وسلم، قد شرح الله صدره من غير دعاء .[ ألم ] : الهمزة حرف استفهام ، و لم : حرف جزم ، ومعناه : النفي، والقلب من الحاضر إلى الماضي ، وهذا أسلوب التقرير ؛ أي : لقد امتننا عليك يامحمد وشرحنا لك صدرك بتوسيع المعرفة والإيمان ومعرفة الحق وجعل قلبك وعاءً للحكمة. إن الشرح هو الانشراح والارتياح . وهذه حالة نتيجة استقرار الإيمان والمعرفة والنور والحكمة ، كما في قوله تعالى : " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه" فقوله : " ...فهو على نور من ربه " : بيان لشرح الصدر للإسلام.كما أن ضيق الصدر دليل على الضلال ، كما في الآية نفسها : " ومن يُرِدْ أن يضله يجعلْ صدره ضيّقاً حرِجاً " الآية. إنه والله لم يشرح صدر أحد من العالمين كما شرح صدره ، عليه صلوات الله ورحماته ، حتى وسع علوم الأولين والآخرين من أخبار الأمم الماضية مع رسلهم وأخبار المعاد ، وما بينه وبين ذلك مما علمه الله عز وجل ، فقال : " أوتيتُ جوامع الكلِم". إن شرح صدره ، صلى الله عليه وآله وسلم ، الممتن به عليه أوسع وأعم من ذلك ، حتى إنه ليشمل صبره وصفحه وعفوه عن أعدائه ، ومقابلته الإساءة بالإحسان ، حتى إنه لَيَسَعُ العدو كما يَسَعُ الصديق. لقد شُقّ صدره وأخرِج منه الغِلّ والحسد في شيء كهيئة العلقة ، وأدخِلتْ الرأفة والرحمة . * اللهم صلّ على سيدنا محمد سماحة وجوه الخاشعين ، ورجاحة عقول السالكين ، وطهارة نفوس العابدين ، وقُوت زاد الصائمين ، مشمولةً بعنايتك ، مكفولة برعايتك. *** أما قوله تعالى : " ورفعْنا لك ذِكرك " فإن الرفع حسي ومعنوي.حسي في الأذان والإقامة ، وفي الخُطَب على المنابر وافتتاحيات الكلام في الأمور المهمة ، والدليل على ذلك قول حسان ، رضي الله عنه : أغرُّ عليه للنبوة خاتمٌ ** من الله مشهودٌ يلوح ويشهدُ وضمَّ الإلهُ اسمَ النبي إلى اسمِه ** إذا قال في الخمس المؤذِّنُ أشهدُ وشق له من اسمه ليجلّه ** فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ أما رفع الذكر معنى ؛ أي من الرِّفعة : فَذِكْرُهُ ، صلى الله عليه وسلم ، في كتب الأنبياء قبله ، حتى عُرِفَ للأمم الماضية قبل مجيئه . وقد نص القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى ، جعل الوحي ذِكراً له ولقومه في قوله تعالى : " فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم * وإنه لَذِكرٌ لك ولقومك ". ومعلوم أن ذِكر قومه ذِكرٌ له ، كما قال الشاعر: وكم أبٍ قد علا بابنٍ ذُرا رتبٍ ** كما علتْ برسول الله عدنانُ فتبين أن رفع ذكره ، صلى الله عليه وسلم ،إنما هو عن طريق الوحي: " ياأيها النبيُّ" ، " ياأيها الرسول" ، " ياأيها المدثر" ، والتصريح باسمه في مقام الرسالة " محمد رسول الله".... *السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " . * اللهم صلِّ على سيدنا محمد صلاة توصلني إليه وتجمعني عليه وتقربني لحضرته وتمتعني برؤيته ، فأشاهده عياناً، وأراه يقظة ومناماً ، وتقع عين قلبي على عين ذاته ، وأحظى بعطفه ، وأفوز بمناجاته ، واهدني بنورك نور اليقين، وأيّدْني بروحٍ منك يا أرحم الراحمين ، وأن أعملَ صالحاً ترضاه ، وأدخِلْني برحمتك في عبادك الصالحين. * اللهم صلّ على سيدنا محمد صلاة يرتاح لها الجنان ، ويطمئن بها القلب ويزداد الإيمان ، صلاة تقودنا لامتثال أمرك ، وترشدنا لحمدك وشكرك ، وتلهمنا تسبيحك وذكرك ، وتمنحنا رضاك وعفوك صلاة ندخل بها حماك ، وندرك من أجلها فضلك وهداك. |