البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : بكر بن النطاح (شاعر ضائع)    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )
 زهير 
4 - مارس - 2009
أَنا الشاعِرُ المُملي عَلى أَلفِ كاتِبٍ وَيَـسـبِـق إِملائِي سَريعَ iiفُراتِ
فَـأُبـدي وَلا أروي لِخَلق iiقَصيدَةً وَأحـسَـبُ  إِبليساً لِحُسنِ iiرواتي
                                                ابن النطاح
بكر ابن النطاح الحنفي أبو وائل، من كبار شعراء العرب، وكنت قد ترجمت له في كتابي (مئات الدواوين العراقية الضائعة في العصر العباسي) المنشور في (دوحة الشعر) ورقم ترجمته (220) وقلت فيها أن ابن النديم قدر ديوانه بمائة ورقة، يعني زهاء ألفي بيت، وهو من الدواوين الضائعه، جمع ما تفرق من شعره وحققه الأستاذ حاتم الضامن في عدة ابحاث كانت حصيلتها (بغداد: دار المعارف 1975) وعدد قصائده (86) قطعة في (358) بيتاً.. وحُددت وفاة ابن النطاح في بعض هذه النشرات نحو سنة (200هـ) ? وانظر سوزكين (4/ 236) قال: وتوفي بعد (222هـ) ووفاته في الموسوعة سنة (192هـ) ووفاته في (نشر الشعر) عام (195هـ) قال سوزكين (بكر بن النطاح الحنفي أبو وائل: كان محاربا وشاعرا مرموقا من أهل اليمامة، عاش حينا ببغداد، وحارب لأبي دلف العجلي في فارس، وتوفي بعد 222هـ رثاه أبو العتاهية (1) وله قصيدة طويلة في أبي دلف، تقع في (90) بيتا، تجدها في (طبقات ابن المعتز)، وفي (جمهرة الإسلام) وثمة قطع من شعره في (الأغاني) و(حماسة الظرفاء) و(بهجة المجالس) لابن عبد البر، (ص193) ومحاضرات الراغب (2/ 576) والحماسة المغربية، والدر الفريد. (قلت: والقصيدة التي ذكرها سوزكين، وذكر أن عدد أبياتها (90) بيتا، هي التائية المشهورة، وعدد أبياتها كما في الموسوعة (101) من الأبيات، وأولها
ولـيلة  جمع لم أبت ناسيا iiلكم وحين أفاض الناس من عرفات
 مما يدل أنها أكثر من (100) بيت بكثير، وانظر (تحقيق تائية ابن النطاح) (مجلة عالم الكتب: س8 ص346). وانظر (نشر الشعر/ 55- 56) وفيه وصف لنشرة الأستاذ غازي النقاش التي نشرها في مجلة المورد، بغداد (مج5 ع3 ص161) وللأستاذ زكي ذاكر العاني ملاحظات ومستدركات على هذه النشرة ونشرة حاتم الضامن. وهو صاحب البيت المشهور:
ومـن يـفتقر منا يعش iiبحسامه ومن يفتقر من سائر الناس يسأل
 يقال: إنه أشجع بيت قاله المحدثون. وهو صاحب البيت السائر:
ومـا  وجبت علي زكاة iiمال وهل تجب الزكاة على الجواد
________
كذا قال سوزكين: والمعروف ان وفاة أبي العتاهية كانت قبل هذا التاريخ، عام 211هـ ولم يصلنا من مرثيته سوى قوله:
مـات ابن نطاح أبو iiوائل بكر فأضحى الشعر قد ماتا
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تائية ابن النطاح    كن أول من يقيّم
 
وصلتنا تائية ابن النطاح عن طريق (طبقات ابن المعتز) وهي أطول قصيدة وصلتنا من شعره، وأكثرها فائدة، وسوف أنشرها في بطاقتين لطولها، وقد قدم لها ابن المعتز بقوله:
ومن قلائد وأمهات قصائده قوله:
ولـيـلـة جـمع لم أبت ناسياً iiلكم وحـيـن  أفاض الناس من iiعرفات
ولم تنسنيك البيض بالخيف من iiمنيّ وقـد  رحـن أرسالاً إلى iiالجمرات
فـطـوفـن  بـالبيت العتيق iiلياليا وزرن فـنـاء الـبـيت العرصات
كـأن  الـدمى أشربن درعاً iiأوانس بـدون لـنـا فـي العز iiوالحبرات
يـغـيب الدجى ما لم يغبن iiويختفي إذا  كـن مـنـه الـدهر iiمختفيات
جـمـعـن جـمالاً في كمال iiمبرز وسـددن  سـلـطانا على النظرات
فـزودنـي شـوقـاً إليك، iiوحسرة عـلـيـك إلى ما بي من الحسرات
ذهـبـت بـديـباج الجمال iiووشيه وصـرن  بـمـا خـلفت محتفيات
تـطـاول لـيلي بالحجاز ولم iiأزل ولـيـلـي قـصـير آمن الغدوات
فـيـا حـبـذا بر العراق iiوبحرها ومـا  يـجـتـنى فيه من الثمرات
كـفى حزناً ما تحمل الأرض iiدونها لـنـا  مـن ذرا الأجيال iiوالفلوات
أبـا مـريـم قـيلوا بعسفان iiساعة وروحـوا عـلى اسم الله iiوالبركات
ومـروا عـلـى قبر النبي وأكثروا عـلـيـه مـن التسليم iiوالصلوات
وتـلـقـاء مـجدٍ فاستحثوا iiركابكم ولا  تـغـفلوا فالحبس في iiالغفلات
إذا الـغـمـرات استقبلتنا iiوأمعنت فـفي خوضها المنجى من iiالغمرات
تـجـاهـل  عـبد الله والعلم iiظنه عـلـى  عـالم بالمرءذي الجهلات
ألـست الخليع الجامع الرأس iiوالذي يـرد  الـصـبا عودا على iiالبدآت
ومـا  زال لـي إلفاً وأنساً iiوصاحباً أخـاً  دون إخـوانـي وأهل iiثقاتي
تـنـاجـت  بـما في قلبه iiعصيبة يـمـر لـهـا حـر على iiاللهوات
نـديـم  مـلـوك يـحملون iiتدللي حـنـيـنـاً إلـى الفتيان iiوالفتيات
مـتـى  تـشتمل بكر على iiبدارها أبـت  واثـقـاً بـالجود iiوالنجدات
وفـي أسـد والـنـمر أبناء iiقاسط أمـان  مـن الأيـام iiوالـغـيرات
وإن  ذوي الإقـدام والصبر iiوالنهي لإخـوانـنـا  ذهـل على iiاللزبات
وإن  تـشـتـمل قيس عليّ وتغلب أبـت  واثـقـاً بـالمال iiوالثروات
وكـم مـن مـقام في ضبيعة iiمعمر يـضـاف إلى الأشراف والسروات
وفــي أكـلـب تـلاد iiوطـارف بـعـيـد  مـن التقصير iiوالتبرات
ومـا  الـفتك إلا في ربيعة iiوالغنى وذب عـن الأحـسـاب والحرمات
وقـاد زمـام الـجـاهـلـية iiمنهم مـنـاجـيـب سباقون في الجلبات
وقـادوا  جـيـوشـاً أولا بعد iiأول أقـر  لـهـا عـاد بـكـثـر iiأداة
مـفـاتـيـح أبـواب الندى iiبأكفنا فـسـؤالـنـا  يـدعون iiبالشهوات
ذا هـلـك الـبـكـري كان iiتراثه سـنـان وسـيفٌ قاضب iiالشفرات
ولـم  يدعوا من مال كسرى iiوجنده عـلى الأرض شيئاً بعد طول iiبيات
إذا  لـم يـسلطنا القضاء على العدا مـنـوا وابـتلوا من خوفنا iiبخفات
وكـل  قـتـيـل من ربيعة iiينتمي إلـى حـسب صعب المناكب iiعات
وأول  مـا اختطوا اليمامة iiواحتووا قـصـوراً  وأنـهـاراً خلال نبات
وعاجت على البحرين منهم iiعصابة حـمـتـهـا  بـأعلام لها iiوسمات
وهـم  مـنعوا ما بين حلوان iiغيرة إلى الدرب درب الروم ذي الشرقات
يتبع:
*زهير
4 - مارس - 2009
تتمة التائية (في مدح أبي دلف العجلي)    كن أول من يقيّم
 
وأمـا  بـنـو عـيسى فماه iiديارهم إلـى  مـا حـوت جو من iiالقريات
بـنـو حـرة أدت أسـوداً iiضوارياً عـلـى  الـحرب وهابين iiللبدرات
عـلـى  أعـظـم بالرايحان iiودايه مـقـدسـة تـحـت التراب iiرفات
قـفـا  واسـألاها إن أجابت iiوجربا أبـا  دلـف فـي شـأنها iiالحسنات
فتى- ما أقل السيف والرمح- مخرج عـداه  مـن الـدنـيـا بغير iiبيات
هـو الفاضل المنصور والراية iiالتي أدارت  عـلـى الأعداء كأس iiممات
أذاق  الـردى جلويه في خيل iiفارس ونـصـراً  فصاروا أعظما iiنخرات
ومـا اعـتورت فرسان قحطان iiقبله عـلـى  أحـد في السر iiوالجهرات
عـدت  خـيله حمر النحور iiوخيلهم مـخـضـبـة  الأكـفال والربلات
وصـبـح  صـبحاً عسقلان بعسكر بـكـى  مـنه أهل الروم iiبالعبرات
سـعى  غير وان عن عقيل وما سلا ولـم  يـعـد عن حرمان iiفالسلوات
فـبـيـتـهـم بـالنار حتى iiتفرقوا عـلـى الـحصن بالقتلى أشد iiبيات
وجـاس  تـخـومات البلاد iiمصمماً عـلـى أهـلـها بالخيل iiوالغزوات
نـفى  الكرد عن شعبي نهاوند iiبعدما سـقـى فـرض الـقربان بالرفقات
وأورد  مـاء البشر بالبيض iiفارتوت وعـلّ  رمـاحـا مـن دم نـهلات
ولـم يـثـنه عن شهرزور iiمصيفها وورد أجـاج الـشـرب غير iiفرات
ومـن  هـمـذان قـارعـته iiكتيبة فـآبـت بـطـيـر النحس النكبات
وبـالـحـرشان استنزل القوم iiوحده يـخـرون  لـلأذقـان iiوالـجبهات
ولـم  يـنـج منه طالب قبل iiطالب وقـد أوسـعا في الطعن هاك iiوهات
بـديـن  أمـيـر الـمؤمنين ورأيه نـديـن ونـنـفـي الشك iiالشبهات
فـكـل قـبـيـل من معد iiوغيرها يـرى  قـاسـماً نوراً لدى الظلمات
ولـو لـم يـكـن موت لكان iiمكانه أبـو  دلـف يـأتـي على النسمات
أبـا  دلـف أوقـعت عشرين iiوقعة وأفـنيت  أهل الأرض في iiالسنوات
تركت  طريق الموت بالسيف iiعامراً تـخـرقـه  الـقـتـلى بغير iiوفاة
صـبـرت لأن الـصبر منك iiسجية عـلـى غدرات الدهر ذي iiالغدرات
إلى  أن رفعت السيف والرمح iiبعدما سـمـوت فـنـلت النجم بالسموات
ولـبـيـت هـارون الخليفة إذ iiدعا فـألـفـيـتـه  في الله خير iiموات
فـأمـنـت  سـربـاً خائفاً iiورددته وألـفـت عـجـلاً بعد طول شتات
أعـدت  الـلحا فوق العصا فجمعتها وقـد  صـيروا عجم العصا عبرات
وألـبـسـت نـعماك الفقير iiوغيره وأتـبـعـت  بـراً واصلاً بصلات
فـعـزك  مـقـرون بـعلم iiوسؤدد وجـودك  مـقـرون بصدق iiعدات
ومـا  افـتـقدت منك القبائل iiساعة جـواداً يـبـذ الـرمح حلف iiهبات
ومـالـك ظـللتنا منك بالخير iiنعمة جـعـلـت لـهـا أمـثالها iiأخوات
بسطت  الغنى والفتك والخير iiوالندى بــشـدة  إقـدام وحـسـن iiأنـاة
أبـو دلـف أفـنـى صفاتي iiمديحه وإنـي لـيكفي الناس بعض iiصفاتي
بـه  ارتـد ملك كاد يودي iiوأسبغت عـلـى آل عـيسى أفضل iiالنعمات
بـنـي قـاسـم مـجداً رفيعاً iiبيوته وشـاد  بـيـوت الـمجد iiبالعزمات
وأشـبـه  عـيـسى في نداه وبأسه وفـي  حـبّـه الإفضال iiوالصدقات
وأشـبـه إدريـس الـذي حد iiسيفه تـشـب بـه الـنيران في iiالفلوات
كـأن جـيـاد الـمقليين في iiالوغى جـهـنـم  ذات الـغـيظ iiالزفرات
أبـوه عـمـيـر قـاد أبـناء iiوائل إلـى  الـعـز الـكـشاف للكربات
بـنـو دلـف بـالفضل أولى iiلأنهم مـعـادن  أيـقـان بـمـا هو iiآت
كـأن غـمـام الـعـز حشو iiأكفهم إذا طـبـق الآفـاق بـالديمات (1)
إذا زرتـهـم فـي كل عام iiتباشروا ولـم  يـغـفلوا الإلطاف iiوالنفحات
فـكم أصلحوا حالي وأسنوا iiجوائزي وأجـروا  عـلـى الـبذل والنفقات
وإنـي عـلى ما في يدي من iiحبائهم كـمـعـن ومـثلي طلحة iiالطلحات
فـمـنـيـة قـومـي أن أخلد iiفيهم ومـنـيـة أعـدائـي نـفاد iiحياتي
أنـا  الشاعر المملي على ألف iiكاتب ويـسـبـق  إمـلائي سريع iiفرات
فَـأُبـدي  وَلا أروي لِـخَلقِ iiقَصيدَةٍ وَأحـسَـبُ إِبـلـيساً لِحُسنِ iiرواتي
__________
1- علق ابن المعتز على البيت بقوله: (هذا البيت أقرت الشعراء قاطبة أنه لا يكون وراءه حسن ولا جودة معنى، على أن القصيدة كلها نمط واحد دونه الديباج).

*زهير
4 - مارس - 2009
قمة الإبداع    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
وقد بلغ ابن النطاح قمة الإبداع في قوله يرثي صديقه معقل بن عيسى
وحدّث عنه بعض من قال iiإنه رأت عينه فيما ترى عين حالم
كأن الذي يبكي على قبر iiمعقل ولـم يره يبكي على قبر iiحاتم
قال أبو الفرج الأصبهاني:
كان معقل بن عيسى صديقاً لبكر بن النطاح، وكان بكر فاتكاً صعلوكاً، فكان لا يزال قد أحدث حادثة في عمل أبي دلف، أو جنى جناية، فيهم به فيقوم دونه معقل حتى يتخلصه، فمات معقل فقال بكر بن النطاح يرثيه بقوله:
وحدث عنه بعض من قال iiإنه رأت عينه فيما ترى عين حالم
كأن الذي يبكي على قبر iiمعقل ولـم يره يبكي على قبر iiحاتم
*زهير
4 - مارس - 2009
رثاء مالك الخزاعي    كن أول من يقيّم
 
لبكر قصائد جمة في مدح مالك بن علي الخزاعي، اختلطت بعضها بقصائد له في مدح مالك بن طوق،
قال أبو الفرج (وكان مالك بن علي الخزاعي  يتولى طريق خراسان، وصار إليه بكر بن النطاح بعد وفاة أبي دلف ومدحه، فأحسن تقبله وجعله في جنده، وأسنى له الرزق، فكان معه، إلى أن قتله الشراة بحلوان، فرثاه بكر بعدة قصائد هي من غرر شعره وعيونه) 
أي امرئ خضب الخوارج ثوبه بـدم عـشـية راح من iiحلوان
يـا  حفرة ضمت محاسن iiمالك مـا  فيك من كرم ومن iiإحسان
لهفي على البطل المعرض iiخده وجـبـيـنـه  لأسنة iiالفرسان
خـرق الـكـتيبة معلماً iiمتنكباً والـمـرهـفات عليه iiكالنيران
ذهـبـت بشاشة كل شيء بعده فـالأرض  موحشة بلا iiعمران
هـدم الشراة غداة مصرع iiمالك شـرف  الـعلا ومكارم iiالبنيان
قتلوا فتى العرب الذي كانت iiبه تقوى على اللزبات في iiالأزمان
حـرمـوا معدّاً ما لديه وأوقعوا عـصـبية  في قلب كل iiيماني
تـركوه  في رهج العجاج iiكأنه أسـد  يـصـول بساعد iiوبنان
هوت  الجدود عن السعود iiلفقده وتـمـسكت  بالنحس والدبران
لا يـبعدن أخو خزاعة إذ iiثوى مـسـتشهداً في طاعة iiالرحمن
عـز الـغـواة بـه وذلت iiأمة مـحـبـوة بـحـقائق الإيمان
وبـكـاه مصحفه وصدر iiقناته والـمـسلمون  ودولة iiالسلطان
وغـدت  تـعقَّرُ خيله وتقسمت أدراعـه وسـوابـغ iiالأبـدان
أفـتحمد  الدنيا وقد ذهبت iiبمن كـان  الـمجير لنا من الحدثان
*زهير
4 - مارس - 2009
قم فجئنا بكوكب    كن أول من يقيّم
 
وفي الكامل للمبرد:
قال بكر بن النطاح في كلمة يمدح فيها مالك بن علي الخزاعي:
عرضت عليها ما أرادت من المنى لـترضى، فقالت قم فجئنا iiبكوكب
فـقـلـت لـهـا هذا التعنت iiكله كـمـن  يتشهى لحم عنقاء مغرب
فـلو  أنني أصبحت في جود مالك وعـزتـه مـا نـال ذلك iiمطلبي
فـتـى  شـقـيت أمواله iiبسماحه كـمـا  شقيت قيس بأسياف تغلب
قلت أنا زهير: وقد استدرك شيوخ الأدب على المبرد أن القصيدة في مالك بن طوق وليس في مالك بن علي الخزاعي قال ابن سعد الخير في (القرط على الكامل)
وقوله قال أبو بكر بن النطاح يمدح فيها مالك بن علي الخزاعي. الصحيح أن هذا الشعر في مالك بن طوق من بني تغلب.
وصرح الحاتمي في (حلية المحاضرة) أن القصيدة في مدح مالك بن طوق قال:
(أو يستطرد من مدح إلى ذم كقول بكر بن النطاح يمدح مالك بن طوق) ثم ساق القصيدة. وكذا الحصري في (زهر الآداب)
وقال ابن رشيق في العمدة:
قال الحاتمي: وقد يقع من هذا الاستطراد ما يخرج به من ذم إلى مدح، كقول زهير:
إن البخيل ملوم حيث كان ول كـن الجواد على علاته iiهرم
فسمى الخروج استطراداً كما تراه اتساعاً، وأنشد في الخروج بالاستطراد من مدح إلى ذم قول بكر بن النطاح يمدح مالك بن طوق:
عرضت عليها ما أرادت من المنى لترضى، فقالت: قم فجئني iiبكوكب
فـقـلـت  لـها: هذا التعنت iiكله كـمـن  يتشهى لحم عنقاء مغرب
سـلـي كـل أمـر يستقيم iiطلابه ولا تـسـألي يا در في كل مذهب
فـأقسم  لو أصبحت في عز iiمالك وقـدرتـه أعيى بما رمت iiمطلبي
فـتـى شـقـيـت أمواله iiبعفاته كـمـا  شقيت قيس بأرماح iiتغلب
فهذا مليح: أوله خروجه، وآخره استطراد، وملاحته أن مالكاً من بني تغلب فصار الاستطراد زيادة في مدحه، وزعم قوم أنه يمدح مالك بن علي الخزاعي.
وعلق ابن ابي إصبع في (التحبير) على البيت الأخير بقوله:
وهذا أبدع استطراد سمعته في عمري، فإنه قد جمع أحسن قسم وأبدع تخلص، وأرشق استطراد، وتضمن مدح الممدوح بالكرم، وقبيلته بالشجاعة والظفر، وهجاء أعدائهم بالضعف والخور، وهذا لم يتفق لمن قبله ولا لمن بعده إلى وقتنا هذا.
*زهير
4 - مارس - 2009
قصائده في حبيبته درة    كن أول من يقيّم
 
قال أبو الفرج حدثني جعفر بن قدامة، قال: حدثني ميمون بن هارون، قال:
كان بكر بن النطاح يهوى جارية من جواري القيان وتهواه، وكانت لبعض الهاشميين، يقال لها درة، وهو يذكرها في شعره كثيراً، وكان يجتمع معها في منزل رجل من الجند من أصحاب أبي دلف يقال له: الفرز، فسعى به إلى مولاها، وأعلمه أنه قد أفسدها وواطأها على أن تهرب معه إلى الجبل، فمنعه من لقائها وحجبه عنها، إلى أن خرج إلى الكرج مع أبي دلف، فقال بكر بن النطاح في ذلك:
أهل  دار بين الرصافة والجس ر أطالوا غيظي بطول الصدود
عـذبـونـي ببعدهم ابتلوا iiقل بـي بـحزنين : طارف iiوتليد
مـا تـهـب الشمال إلا iiتنفس ت وقـال الفؤاد للعين: iiجودي
قل عنهم صبري ولم iiيرحموني فـتـحـيرت كالطريد iiالشريد
وكـلـتني  الأيام فيك إلى نف سـي  فأعييت وانتهى iiمجهود
وقال فيها أيضاً وفيه غناء من الرمل الطنبوري:
العين تبدي الحب iiوالبغضا وتـظهر  الإبرام iiوالنقضا
درة ما أنصفتني في iiالهوى ولا رحمت الجسد iiالمنضى
مرت بنا في قرطق أخضر يـعشق منها بعضها iiبعضا
غـضبى ولا والله يا iiأهلها لا أشرب البارد أو iiترضى
كيف أطاعتكم بهجري iiوقد جـعـلت خدي لها أرضا!
وقال فيها أيضاً وفيه رمل طنبوري:
صـدت فـأمـسى لقاؤها iiحلماً واسـتـبدل الطرف بالدموع iiدما
وسـلـطـت حـبها على iiكبدي فـأبـدلـتـنـي بـصحة iiسقما
وصـرت فـرداً أبـكي iiلفرقتها وأقـرع الـسـن بـعـدها iiندما
شـق  عـلـيها قول الوشاة iiلها: أصـبحت في أمر ذا الفتى iiعلما
لـولا  شـقـائـي وما بليت iiبه من  هجرها ما استثرت ما iiاكتتما
كم من حاجة في الكتاب بحت بها أبـكـيت  منها القرطاس iiوالقلما
وقال فيها أيضاً، وفيه رمل لأبي الحسن أحمد بن جعفر جحظة:
بـعـدت عني فتغيرت iiلي ولـيـس  عندي لك iiتغيير
فجددي  ما رث من iiوصلنا وكـل  ذنـب لـك مغفور
أطـيـب النفس بكتمان iiما سارت  به من غدرك العير
وعـدك يـا سيدتي iiغرني مـنك  ومن يعشق iiمغرور
يـحزنني علمي بنفسي iiإذا قـال خـليلي أنت iiمهجور
يـا لـيت من زين هذا لها جـارت  لـنا فيه iiالمقادير
ساقي الندامى سقها صاحبي فـإنـنـي ويـحك معذور
أأشرب الخمر على iiهجرها إنـي  إذا بالهجر iiمسرور!
وفيها يقول وقد خرج مع أبي دلف إلى أصبهان:
يـا  ظبية السيب التي أحببتها ومـنحتها  لطفي ولين جناحي
عـيـناي  باكيتان بعدك iiللذي أودعت قلبي من ندوب iiجراح
سـقـياً  لأحمد من أخ ولقاسم فـقـدَا غدوّي لاهياً iiورواحي
وتـرددي مـن بيت فرز iiآمناً من  قرب كل مخالف iiوملاحي
أيـام تغبطني الملوك ولا أرى أحـداً لـه كـتدللي iiومراحي
تصف القيان إذا خلون مجانتي ويصفن للشرب الكرام iiسماحي
ومما يغنى فيه من شعر بكر بن النطاح في هذه الجارية قوله:
هـل  يـبـتـلـي أحد بمثل بليتي أم لـيـس لي في العالمين ضريب؟
قـالـت  عـنان وأبصرتني شاحباً: يـا بـكـر مالك قد علاك iiشحوب؟
فـأجـبـتها:  يا أخت لم يلق iiالذي لاقـيـت  إلا الـمـبـتـلى iiأيوب
قـد كـنـت أسـمع بالهوى iiفأظنه شـيـئـاً يـلـذ لأهـلـه iiويطيب
حـتـى  ابـتـلـيت بحلوه iiوبمره فـالـحـلـو مـنـه للقلوب iiمذيب
والـمـر  يعجز منطقي عن iiوصفه لـلـمـر وصـف يا عنان iiعجيب
فـأنـا  الـشـقـي بـحلوه iiوبمره وأنـا  الـمـعـنى الهائم iiالمكروب
يـا در حـالـفـك الـجمال فما iiله فـي  وجـه إنـسان سواك iiنصيب
كـل الـوجـوه تـشابهت iiوبهرتها حـسـناً فوجهك في الوجوه iiغريب
والشمس يغرب في الحجاب ضياؤها عـنـا  ويـشرق وجهك iiالمحجوب
ومما يغنى فيه من شعره فيها أيضاً:
غضب الحبيب علي في حبي له نـفـسي الفداء لمذنب iiغضبان
ما لي بما ذكر الرسول يدان iiبل إن تـم رأيـك ذا خلعت iiعناني
يـا  من يتوق إلى حبيب iiمذنب طـاوعـتـه فجزاك iiبالعصيان
هـلا  انتحرت فكنت أول هالك إن  لـم تكن لك بالصدور iiيدان
كـنـا  وكـنـتم كالبنان iiوكفها فـالـكـف  مـفردة بغير iiبنان
خـلق  السرور لمعشر خلقوا له وخـلـقت  للعبرات iiوالأحزان

*زهير
4 - مارس - 2009
اجتماع هؤلاء ظرف الدهر    كن أول من يقيّم
 
وقال ابن الجوزي في المنتظم: (بكر بن النطاح، أبو وائل الحنفي، الشاعر. بصري سكن بغداد في زمن الرشيد، وكان يعاشر أبا العتاهية وأصحابه. وكان أبو هفان يقول: أشعر أهل الغزل من المحدثين أربعة، أولهم بكر بن النطاح.
أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب، أخبرنا علي بن طلحة المقرىء، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران، حدثنا محمد بن يحيى النديم، حدَّثنا عثمان بن محمد الكندي، حدثنا، النضر بن حديد قال: كنا في مجلس فيه أبو العتاهية، والعباس بن الأحنف، وبكر بن النطاح، ومنصور النميري، والعتابي، فقالوا لمنصور: أنشدنا، فأنشد مدائح الرشيد، فقال أبو العتاهية لابن الأحنف - أعني العباس -: طرفنا بمدحك،. فأنشد أبياته:
تعلمت أسباب الرضا خوف عَتْبه وعـلمهُ  حبي له، كيف iiيغضب
ولـي غير وجه قد عرفت iiمكانَه ولـكن  بلا قلب إلى أين iiأذهب؟
فقال أبو العتاهية: الجُيُوب من هذا الشعر على خطر، ولا سيما إن سنح بين حلق ووتر، فقال بكر: قد حضرني شيء في هذا، فأنشد:
أرانا مَعْشرالشعراءِ قوماً بـألسننا تَنعّمَتِ iiالقلوبُ
إذا انبعثت قرائحنا iiأتينا بألفاظ تُشَق لها iiالجيوبُ
فقال العتابي:
ولاسِـيمَا  إذا iiماهَيَّجَتْها بَنَانٌ قد تجيب وتستَجيب
قال النضر: فما زلت معهم في سرور. وبلغ إسحاق الموصلي خبرنا فقال: اجتماع هؤلاء ظرف الدهر.
*زهير
4 - مارس - 2009
غضب هارون الرشيد عليه وفراره إلى ديار بكر    كن أول من يقيّم
 
قال ابن المعتز في طبقاته:
حدَّثني أبو مالك السعدي قال: حدَّثني سعيد بن المثنى قال: قال يزيد بن مزيد:
وجه إلى أمير المؤمنين الرشيد ذات ليلة في وقت يرتاب فيه البريء فذهبت ألبس ثيابي فعاجلني الرسول، فمضيت إليه، فلما مثلت بين يديه قال: يا يزيد، من الذي يقول:
ومـن يـفتقر منا يعش iiبحسامه ومن يفتقر من سائر الناس يسأل
ونـحـن وصفنا دون كل iiقبيلة بـشدة  بأس في الكتاب iiالمنزل
قلت: والذي أكرمك بالخلافة ما أعرفه. قال: فمن الذي يقول:
فإن  يك جد القوم فهر بن iiمالك فحسبي فخراً فخر بكر بن وائل
ولـكـنـهم  فازوا بإرث أبيهم وكنا  على أمر من الأمر iiباطل
فقلت: لا وحقك يا أمير المؤمنين ما أعرفه.
قال: بلى. أتظن يا يزيد أني أوطئك فراشي وبساطي، وأقلدك أمري. وأنا لا أعرف سرائرك ومخباتك؟ والله إن عيوني عليك حتى في فراشك، فلا تجعلن على نفسك سلطانا، هذا جلف من أجلاف ربيعة آويته عندك، ومكنته من مجلسك، فقال ما قال: فأتني به حتى أعرفه نفسه ليعلم أن ربيعة ليست كقريش.
قال: فانصرفت وأحضرت بكر بن النطاح، فأعلمته القصة، وأمرت له بألفي درهم. وكان له عندي ديوان فأسقطته، وقلت له: الحق بالجزيرة، فخرج إليها، فلم يزل مستتراً بها حتى مات الرشيد، فرددته وزدت في عطائه ونزله.
*زهير
4 - مارس - 2009
ومن يفتقر منا يعش بحسامه    كن أول من يقيّم
 
قال ابن المعتز: وحدثت أن بكراً لما ورد على أبي دلف وقد مدحه، دعا به وقال: أنشدني، فأنشده، حتى إذا بلغ الموضع الذي يستمنحه فيه ويسأله قال: فأين ما قلت:
ومـن يـفتقر منّا يعش iiبحسامه ومن يفتقر من سائر الناس يسأل
فخجل بكر وأطرق ملياً، ثم قال: يا أيها الأمير، لو كان تحتي فرس من خيلك وفي يدي قناة من رماحك، وتقلدت سيفاً من سيوفك. لما قمت هذا المقام. قال: فدعا بجميع ما ذكره، وهميان فيه خمسمائة دينار ثم قال: امض فصدق قولك بفعلك.
فخرج من بين يديه. وأخذ طريق همذان يريد الجزيرة، فلما كان على مسيرة ثلاث من الكرج، استقبله مال عظيم قد حمل إلى أبي دلف من بعض نواحي أعماله، ومعه فرسان من رجاله، فشد عليهم، فقتل بعضهم، وهزم الباقين، واستولى على المال فذهب به. فلما بلغ الخبر أبا دلف ضحك وقال: لا نلوم إلا أنفسنا. نحن بعثناه على ذلك.
*زهير
4 - مارس - 2009
ومن يفتقر منا يعش بحسامه 2    كن أول من يقيّم
 
وفي التذكرة الحمدونية:
قال أبو الحسين الراوية، قال لي المأمون: أنشدني أشجع بيت وأعفه وأكرمه من شعر المحدثين، فأنشدته:
ومـن يـفتقر منا يعش iiبحسامه ومن يفتقر من سائر الناس يسأل
وإنـا لـنلهو بالسيوف كما لهت عـروس بعقد أو سخاب iiقرنفل
فقال لي: ويلك من يقول هذا؟ فقلت: بكر بن النطاح، فقال: أحسن والله، ولكنه كذب في قوله، فما باله يسأل أبا دلف ويمدحه وينتجعه؟ هلا أكل خبزه بسيفه كما قال؟!
*زهير
4 - مارس - 2009
 1  2  3