البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : الفلسفة والموسيقى    قيّم
التقييم :
( من قبل 5 أعضاء )
 ضياء  
22 - يناير - 2009
كان جان بول سارتر يعزف البيانو ، وكذلك نيتشه ، وكذلك بارث . للوهلة الأولى ، تبدو الموسيقى وكأنها نقيض الفلسفة لأنها تتجاهل الوعي وتقطع تواصل الأفكار . عندما يعزف الفيلسوف ، يكون قد ترك العالم ، وتوقف عن وصفه ومراقبته وتحليله . يكون قد تخلى عن مهمته الأسياسية في رصده له لأنه يصبح " مستغرقاً فيه " . تزج الموسيقى بالإنسان داخل العالم ليصبح الإنسان والعالم كتلة واحدة . أو تزجه بالأحرى داخل عالمها الخاص الذي تسيطر عليه بدون منازع . أن تكون موسيقاً فهذا يعني أن تكون عازفاً وأن لا تكتفي فقط بالاستماع إلى الموسيقى ، يعني أن تخرج من الوجود الواقعي بصورة قطعية تشبه حالة الإغماء ، إنما بدون إغماء ، بل على العكس ، لأنه لا يوجد نشاط إنساني يستدعي الحضور البديهي للفكر أعمق وأشد يقظة من عزف الموسيقى .
يبقى السؤال عن المحيط العائلي هام جداً . فالفلاسفة الثلاثة الذين نتحدث عنهم لديهم ما هو مشترك في محيطهم الأسري لأنهم تربوا جميعهم في عالم النساء ، لذلك ، فإنهم لا يتعبون من تفكيك هذا العالم وهم يعزفون الألحان الرومانسية . رصد العالم ووصفه : هو العمل الدؤوب واليومي والضروري ، وهو المزاوجة بين الإنسان وحياته . تفكيكه : هو الغزل والمغامرة والحرية .
 
(هذه الأفكار وما سيليها مستقاة من كتاب لفرنسوا نودلمان François Noudelmann بعنوان : " لمسة الفلاسفة " Le Toucher des philosophes صدر حديثاً عن دار غاليمارد )
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
فى ذكرى رجل عظيم    كن أول من يقيّم
 
الإحساس بالكبرياء والشموخ الإنسانى ،هبة ربانية  تولد مع الإنسان ويحيا بها ولايخنع أبداً ولايحنى الرأس إلا لخالقه .
عصر الأرستقراطية الأروبية المسيطر والمهيمن  والطاغى ،حضارة وليدة وبلدان تتحرر من قهر هذه الأرستقراطيات التى امتصت دماء الشعوب.
ثورة أبناء فرنسا  وتحطيم الباستيل ،رمز العبودية والإستغلال ..ثورة تركت آثارها على بلدان المعمورة ،الحرية المساواة الإخاء  ..شعارات ترفرف عالية  وتحر الإنسان من ربقة الذل والإستعباد.وتنادى بحقوق الإنسان.
ويبتهج العبقرى بيتهوفن ويشجع هذه الثورة ،فقد كان بيتهوفن أشد سخطاً على الأستقراطيات المترهلة  والمستغلة ، ويؤيد حركات التحرير وينادى بشموخ الإنسان ورقيه .
كانت حياة بيتهوفن صورة رائعة وخالدة من صور الثورة على الذل والإستعباد والإستبداد .
حركت ثورة فرنسا الإلهام الموسيقى لدى بيتهوفن  ،فألف سيمفونيته الثالثة البطولية   تأييداً لنابليون بونابرت فى قيادته لهذه الثورة ،ومشجعاً حركة التحرير من سلطان الذل والعبودية،كان أكثر الناس سعادة ،وأكثرهم تشجيعا.
ثم يأتيه الخبر بأن قنصل الجمهورية الفرنسية الوليدة نابليون بونابرت قد أعلن نفسه إمبراطوراً .
وهنا وكما يروى التاريخ على لسان تلميذه فرديناند ريس أنه جاء فى يوم من أيام سنة 1804م يُخبر بيتهوفن بأن نابيلون قد حول الجمهورية الفرنسية إلى إمبراطورية وعين نفسه إمبراطوراً على الفرنسيين.
وهنا يثور بيتهوفن ثورة عارمة وكانت مدونة السيمفونية االثالثة  أمامه على المكتب،ويصرخ بيتهوفن :إذن ..هذا واحد من آحاد الناس، جاء ليدوس على حقوق الإنسان ويتمادى فى تحقيق أطماعه الشخصية ،ويتعالى على البشر،ويمعن فى العتو والطغيان. واتجه نحو مكتبه وأمسك بصفحة عنوان السيمفونية من أعلاها وقد كتب عليها اسم بونابرت،ويمزقهاويرميها أرضاً،ثم قام بكتابة عنوان جديد :سيمفونية البطولة - فى ذكرى رجل عظيم.
*عبدالرؤوف النويهى
27 - يناير - 2009
كثير من الأسئلة وقليل من الإجابات    كن أول من يقيّم
 
صباح الخير عليكم جميعاً :
 
أهلاً بالأستاذ يوسف ، ومرحباً مجدداً بالأستاذ ياسين . وتحيتي للأستاذ عبد الرؤوف الذي طالما أحببت كتابته النابضة بالحياة . من الصعب جداً أن أجيب على أسئلتكم ، وليس فقط لأنني لا أعرف الكثير عن تقنيات الموسيقى وتاريخها ، بل ولأن هذه الأسئلة تحتاج إلى بحث وتدقيق يتطلب الكثير من الوقت . سأقول على عجالة ، فيما يتعلق بسؤال الأستاذ الزيات ، بأن العلاقة بين الفلسفة الإسلامية والموسيقى ، كانت بدايتها ، كما يبدو لي ، لدى الفارابي الذي كان فيلسوفاً وعالماً موسيقياً ، ويقال بأنه من اخترع آلة القانون . ثم تمخضت عرفانية الفارابي وابن سينا ، على الخصوص ، عن جملة من المدارس الصوفية التي ترتبط طقوسها ارتباطاً وثيقاً بالرقص والموسيقى ، وهذا معروف جداً ( وقد رأينا جانباً منه في ملف " الطريق إلى قونية " ) كما هي معروفة علاقة الفلسفة اليونانية بالموسيقى لأنهما خرجتا معاً من رحم الأسطورة ، ثم عادتا إليها في عصر الأفلاطونية المحدثة ( التي هي من الروافد المهمة للفلسفات العرفانية ) وإنما بثوب جديد .
 
أما الموضوع الذي يتناوله هذا الملف والذي حدده مؤلف الكتاب " لمسة الفلاسفة " فهو يتناول الجانب الشخصي والخاص في حياة الفلاسفة الذين تحدث عنهم ، ليس فقط من ناحية شغفهم بالموسيقى ، ولكن لأنهم ارتبطوا بها جميعهم برباط عاطفي يبرز علاقتهم بأمهاتهم ومحيطهم العائلي ويعبر عن مدى عمق هذه العلاقة وتأثيرها في الجانب " الخفي " أو " السري " في حياتهم والذي يوازي بأهميته الجانب العام والعلني الذي حققوا من خلاله المجد والشهرة أي سلطتهم الاجتماعية . هي الكفة الأخرى للميزان التي لا بد من الاعتناء بها وإشباعها لإحداث التوازن في الشخصية . هناك فلاسفة ارتبطوا بالشعر أو الرسم ، وهي وسائل أخرى للتعبير ، لكن خصوصية الموسيقى كفن كانت مقصودة بحد ذاتها .
 
وأما سؤال الأستاذ ياسين عن بوش وأولمرت وليفني وشارون فهو بحاجة لعالم نفس متمكن ومختص بالحالات الصعبة والشاذة . ولو سألتني رأيي الخاص ، وهو بعيد جداً عن موضوع الملف ، لقلت بأننا لو جردنا السياسة من الأخلاق لأصبحت الدول عصابات والشعوب مجرد عبيد ومساجين يعيشون تحت رحمتها ، سواء كان هؤلاء العبيد يعون هذه الحقيقة أم لا يعونها ، وهذا حال أكثر الدول في عالمنا الراهن .
 
*ضياء
27 - يناير - 2009
الشكر ..حقُ وواجبُ    كن أول من يقيّم
 
              
أشكر الأستاذ /يوسف الزيات ،وأقول.. لاجفاء  بعد اليوم.
 
وأشكر أستاذنا الجليل /ياسين ..
وأرجو أن تتاح لى الفرصة أن أرد على بعض التساؤلات التى طرحها ،فهى وبحق من الأسئلة التى يفنى العمربحثاً عن الإجابة ، ولا ينتهى التساؤل .
 
وأسعد بكلمات الأستاذة /ضياء .. فدائماً، خيرها العميم ،بل التشجيع على الإستمرارية فى الكتابة ،أفضل ما تغمرنى به وتحثنى عليه.
 
*عبدالرؤوف النويهى
31 - يناير - 2009
ضياء القمر    كن أول من يقيّم
 
ضياء القمر
من سوناتات بيتهوفن الشهيرة ومامن عازف مبتدىء ،إلا ويشمر عن ساعديه ويعزفها .
وقد ذهبت العقول فيها كل مذهب فلم يستقر عقل على تفسير هذه السوناتة .
 
ويُحكى أن بيتهوفن كان يتمشى ليلا فى طرقات فيينا  والقمر بدر ،فشاهد غلاما كفيفا يعتمد على ذراع أخته ،ويشكو لها أنه تعيس جدا لأنه ايستطيع رؤية عظيم عظماء الموسيقى بفيينا . فيتقدم بيتهوفن إليهما ويصاحبهما إلى منزله .ويجلس أمام البيانو ويرتجل سوناتة ضياء القمر مستوحياً ضوء القمر المتساقط من النافذة ،وجمال عيون الشقيقة واختفاء الضياء من عيون الغلام .وبعد أن تم عزفها ،قام بيتهوفن بالإفصاح لهما عن شخصيته .
لكن رواية أخرى تقول ،أن تأليف السوناتة ،كان تحت تأثيرأزمة نفسية ، لغرامياته الفاشلة واليائسة مع بعض سيدات المجتمع كالكونتيسة جوليتا جويتسارى أو الكونتيسة تريزا فون برونشفيك .
أما الرواية القاطعة ،تؤكد أن سوناتة ضوء القمر وهى وكما سماها بيتهوفن "sonata quasi una fantasia   "سوناتة كوازى أونا فنتازيا ،هى إحدى إبداعات بيتهوفن الموسيقية والتى تعبر عن حزن دفين وعن شجن ويأس عميق.
 
بل أزعم أنها إحدى ثورات الإحباط التى تعترى الإنسان حين يرى نفسه وقد صار اسمه فى عنان السماء ثم لايجد تقديراً ورفعةً.
 
وأذكر واقعة شهيرة له ،أنه وجوته كان يتمشيان فى حدائق فيمار  ثم فجأة وجدا أمامهما على البعد ،بعضاً من أبناء الأسرة المالكة يتجولون بالحدائق ،فما كان من جوته إلا وانتحى جانباً ،حانيا الرأس  ،حتى تمر الأسرة المالكة.
إلا أن بتهوفن لم يصنع صنيع جوته ومضى فى طرقه غير مبالٍ بأحد من الأسرة المالكة ،رافعاً رأسه فى شموخ ،يسير فى كبرياء،الأمر الذى حدا بأمير الأسرة المالكة ،أن هز رأسه فى إنحناءة ملحوظة ، وقال بصوت مسموع :حقاً علينا أن نحنى الرأس لبتهوفن.
*عبدالرؤوف النويهى
31 - يناير - 2009
أصل كلمة الموسيقى    كن أول من يقيّم
 
الفيلسوف وفن الموسيقى
جوليوس بورتنوى
 
                                          (2)
أصل كلمة الموسيقى
 
يواصل المؤلف بأن أصل كلمة الموسيقى ترجع إلى اليونانية ،وكان ينظر إليها فى الأصل ،بطريقة أسطورية،على أنها فن أوحت به مباشرة ربة الفن"muse".  إذ1 يُذكر أن لليونانيين ثلاث ربات :ربة العلم وربة الذاكرة وربة الغناء.
ويروى عن أسطورة أورفيوس خادم أبوللوالذى كان مطرباً ساحراً ومنشداً للشعر ،كان ذاته ابنا لإحدى الربات.
وتروى الأساطير أن صوته كان له خصائص سحرية تشفى المرضى وتبعث التقوى فى النفوس عند أدائها الطقوس الدينية. ويؤكد أرستوفان أن موزياوس "museaus "` تلميذ أروفيوس بأنه "طبيب النفوس "،ويُنسب لأرسطو  أنه قال"الموسيقى أعذب مايتمتع به جنس البشر".
*عبدالرؤوف النويهى
31 - يناير - 2009
قلبى ..ونشيد الفرح    كن أول من يقيّم
 
 
من قراءاتى المتعددة ،كانت الفتنة قد أصابتنى بداء تتبع ما كتب عن بتهوفن ،فبتهوفن يُمثل عندى.. الحرية والنغم .
كم تمتعت بسماع معظم موسيقاه ،فحرصى على سمعها ،جعلنى أسابق نفسى فى الحصول على موسيقاه مهما غلا ثمنها.
كانت سيمفونيته العملاقة وأقول العملاقة السيمفونية التاسعة  والمشهورة بالكورالية .
سيمفونية من أعمق وأعظم ما كتبه بيتهوفن ،تتكون من أربع حركات  مغايرة لأوضاع تكوين السيمفونية التى تتكون من ثلاث حركات فقط.
فالحركة الأخيرة  تتلحم الأصوات البشرية مع االموسيقى فى نسيج نغمى غير مسبوق ،هذه الإبتهالات التى تنشد الفرح والخير لكل البشر .
كان بيتهوفن يصارع قدره ومرضه اللعين الذى أصابه بالصمم ،و يعلو فوق آلامه وأحزانه .
ما أقسى أن تصنع خلوداً ثم تُحرم من سماعه.
ما أقسى أن يرى بيتهوفن موسيقاه تُعزف ويصرخ الناس من الفرح والبهجة  ولايرى إلا الأكف تُصفق.
كان نشيد الفرح قصيدة فردريك شيللر الألمانى النابغة التى رحل فى أوج مجده وريعان شبابه.
ويأخذ بيتهوفن نشيد الفرح ،ختاماً لسيمفونيته الخالدة ، ويكون نداءً جميلاً واستنهاضاً للبشر فى كل مكان ..أن أحبوا بعضكم  واسجدوا لفاطر السماوات خلقكم فسواكم  .
 
ما مرة أسمع هذه السيمفونية وأصل إلى الحركة الرابعة ..ويبدأ الغناء  إلا وأهتز فرحاً ويتملكنى شعور القوة  ويستنهضنى اللحن مع الكلمات، ألا أركن لمتاعب قلبى الجريح ،هذا الذى أتعبنى معه وأتعبته معى .
هذا الذى لم يسلم من المرض ومشارط الجراحين التى طالته وعبثت به.
 
وأقدم مقطعاً من نشيد الفرح:
إيه  أيتها الفرحة.
يا سليلة إليزيوم .
منك كان النور المقدس .
وبنارك القدسية تطهرنا .
وإلى محرابك مسعانا .
بك اجتمع البشر على إخاء .
بعد أن فرقتهم الأهواء .
التى ورثوها شرورا عن الآباء .
وغدا الناس إخوانا .
يظلهم جناحاك الوديعان .
للملايين من البشر تتسع صدورنا .
وإليكم _إخواننا _فى العالم كله .
نهدى قبلاتنا .
إن وراء قبة النجوم .
أبا يحمل الحب لنا جميعا .
ألا فليشاركنا فرحتنا .
من أصفى للناس كلهم قلبه .
 
 
*عبدالرؤوف النويهى
31 - يناير - 2009
الميتافيزيقا كموسيقى    كن أول من يقيّم
 
سوف أعرض مقالة الأستاذ علي الشوك التي نشرت في الحياة بتاريخ 8 كانون الأول 2008 ومن ثم سوف أقدم حولها شروحات تتعلق بحياة فاغنر وأسطورة تريستان وأيزولدة في مقالات لاحقة : 
 
أثر الفلسفة في أوبرا «تريستان وإيزولدة»... الميتافيزيقا والموسيقى ... بين شوبنهاور وفاغنر
علي الشوك :
 
المتيافيزيقا: يُفترض أن الميتافيزيقا تتعامل مع المبادئ الأولى، وبخاصة «الوجود» (الأنتولوجيا)، و «المعرفة» (الابستيمولوجيا). وكان إيمانويل كانتْ يستعمل الكلمة في مدلولات مختلفة (مع أنه من بين رافضي الميتافيزيقا). في إطار ما، تحدث كانتْ عن ميتافيزيقا الطبيعة، وميتافيزيقا القيم. لكنه استعمل المصطلح أيضاً في الإشارة الى الرغبة التقليدية في الوصول الى معرفة العالم الذي يقع خارج عالمنا الطبيعي، أي العالم المتعالي، أو المتسامي. والعلم الحديث يعتبر الميتافيزيقا فكراً أو تفكّراً لا جدوى منه. لكننا، مع ذلك، سنستعمل المصطلح بما يوازي الشيء المتسامي على الحسي.
 
الموسيقى: أصوات تستعذبها الأذن، وهي تتراوح بين الموسيقى الخفيفة، والموسيقى الجادة، التي تحقق متعة استيطيقية. والموسيقى الجادة يمكن أن تنطوي على بناء تقني رفيع في تراكيبه الصوتية، أو تخلق تأثيراً سايكولوجياً يخاطب أعمق أعماق الروح. وهنا، ربما يحق لنا أن نقول إن للموسيقى بعداً ميتافيزيقياً.
 
الميتافيزيقا والموسيقى: ليس هذا العنوان من عندي، بل هو محرّف عن عنوان أحد فصول كتاب «فاغنر والفلسفة» للفيلسوف البريطاني المعاصر، والمولع بفاغنر، بريان ماجي. العنوان الأصلي هو «الميتافيزيقا كموسيقى». في هذا الفصل يتحدث بريان ماجي عن تأثر فاغنر المباشر بأفكار شوبنهاور الفلسفية، وحتى بآرائه الموسيقية. فشوبنهاور كان الفيلسوف الوحيد الذي عُني بالموسيقى في بعدها الفلسفي من خلال تقنيتها.
 
وشوبنهاور معروف بأفكاره التشاؤمية (على خلاف هيغل في نظامه الفلسفي المتفائل). وهو فيلسوف كبير تأثر به كتّاب مثل تولستوي وتوماس هاردي وتوماس مان ونيتشه وفرويد وفتغنشتاين، طبعاً وفاغنر. وهو صاحب قلم بليغ جداً. لكن أفكاره قد تعتبر ثقيلة على الهضم، على رغم أن أسلوبه يتسم بالوضوح والجمال. ويهمنا هنا الجانب الموسيقي من فلسفته. فالموسيقى عنده هي أكثر الفنون تجريداً. ولها طابع خاص، لأنها تعبر عن الحقيقة المطلقة مباشرة. وبمقتضى فلسفته أن الإرادة تجعلنا نعاني ونسبب المعاناة. أما التجربة الاستيطيقية، لا سيما الموسيقية، فتحقق لنا خلاصاً موقتاً، خلاصاً قصير العمر.
ومع أن أفكار شوبنهاور الفلسفية لم تعد تهمنا، إلا أن كلامه عن الأبعاد الفلسفية للتقنية الموسيقية يبقى موضع إعجاب.
 
يزعم شوبنهاور أن البشر هم، بالمعنى الحرفي للكلمة، تجسيد للإرادة الميتافيزيقية، بحيث ان الإرادة، والرغبة، والطموح، الخ، هي ليست أشياء نمارسها: إنها في حقيقتها ما نحن عليه. والموسيقى هي أيضاً تجسيد للإرادة الميتافيزيقية. وهذا يعني أن الموسيقى تعبر مباشرة عما نحن عليه في أعماق دخائلنا، كحياة بديلة. فشوبنهاور يؤكد أنه حتى أبسط الألحان، التي هي تعاقب لنوطات مفردة، تدعونا لأن نريدها ترجع الى القرار، مهما ابتعدت عنه، وأنها تثير فينا ضرباً من عدم الارتياح إذا انتهت الى نوطة أخرى غير القرار. ليس ذلك فحسب، بل ينبغي أن ينتهي اللحن ليس فقط عند تلك النوطة القرارية إياها، بل عند ضربة قوية في الإيقاع، في الوقت نفسه. وإذا فشل الموسيقي في تحقيق هذين الغرضين، فإننا سنشعر بشيء من عدم الرضا، وبشيء من القلق. ويخلص شوبنهاور الى أن «الموسيقى تتألف من تعاقب من مركبات صوتية غير مريحة للأذن الى هذا الحد أو ذاك، أو بالأحرى من مركبات صوتية تثير القلق، مع مركبات صوتية مريحة، مثلما أن حياة القلب (الإرادة) هي تعاقب للقلق في الحياة، من خلال الرغبة أو الخوف». وأكد شوبنهاور أننا حين نستمع الى الموسيقى، فنحن لا نستطيع إلا أن نشعر بمثل هذه التوقعات والرغبات. إنها شيء لا إرادي، وهذه الاستجابة لا علاقة لها بمعارفنا، أو ذكائنا، أو فهمنا. إن الغالبية العظمى من الناس ذوي الحس الموسيقي الطبيعي، الذين لم يتعلموا أي شيء عن الموسيقى، وليست لديهم أي فكرة حتى عن أبسط تقنياتها، مثل ترقيم الميزان في الفاصلة الموسيقية، أو ما هو مفهوم «القرار»، سيشعرون تماماً الشعور نفسه كما لو كانوا ملمين بالتقنية الموسيقية. لذلك، فإن الموسيقى، كالحياة، تعبر عن الوضع القلق الذي نحن فيه، الى أن يتحقق توقف كل شيء، نهاية المقطوعة الموسيقية، أو نهاية حياة المرء، ويتحقق معها توقف الشعور بعدم الارتياح.
 
عند هذه النقطة يولي شوبنهاور اهتماماً خاصاً بوسيلة تقنية في الهارموني، تدعى «التعليق». وكانت هذه الفكرة هي التي ومضت في ذهن فاغنر. إن التعليق يولد حالة من الترقب. وهذا يُلمس في المقطع ما قبل الأخير من المركب الصوتي في أي مقطوعة موسيقية. وهذا في واقع الحال تنافر تقريباً. الترقب ينطوي على تنافر في الموسيقى، وليس ذلك فحسب، بل إن التنافر يُفضي الى تنافر آخر، الى أن يعود ليستقر على الصوت القراري. هنا عندما يتحرك التنافر الى تنافر آخر غير متوقع، فإننا نشعر كأننا كنا بحاجة الى أخذ نَفَس آخر، نتيجة لما فوجئنا به من تنافر آخر. وهذا يعني أن حل الترقب كأنه يجعلنا نسترد أنفاسنا المحبوسة. ويرى شوبنهاور أن هذا مشابه لتطمين الإرادة، التي تزداد توتراً عند التأخير.
 
عندما قرأ فاغنر هذا الكلام، شعر أنه تلقف فكرة موسيقية، فكرة تأليف قطعة موسيقية كاملة، في الواقع أوبرا كاملة، على النمط نفسه من عملية الترقب. فالموسيقى ستتحرك، على طول، من تنافر الى تنافر، بصورة تجعل الأذن في حال ترقب مستمر لحل لم يأت. لكنّ هناك حلاً واحداً لذلك كله، هو المركب الصوتي النهائي، الذي هو نهاية النص الموسيقي، وفي الأوبرا نهاية حياة البطل.
 
وهنا يبقى المركب الصوتي الأول في أوبرا (تريستان)، الذي عُرف بمركب تريستان الصوتي أشهر مركب صوتي في تأريخ الموسيقى. فهو ينطوي ليس على تنافر صوتي واحد، بل على تنافرين صوتيين، وبذلك يخلق عند المستمع رغبتين معذبتين في مفعولهما، لنشدان الحل. والمركب الصوتي الذي يتحرك إليه، يحل أحد هذين التنافرين، لكن ليس الآخر، وبذلك يحقق حلاً، لكنه ليس الحل الكامل. وعلى هذا النمط تتحرك موسيقى فاغنر: في كل حركة لمركب صوتي هناك شيء يُحَلّ، لكن ليس كل شيء. كل مركب صوتي يُحل بطريقة يبقى فيها الآخر، أو يظهر فيها مركب صوتي جديد، وهكذا، في كل لحظة تشعر الأذن الموسيقية أنها اطمأنت جزئياً، لكنها ظلت في الوقت نفسه محبَطة. وهذا يستمر في العمل كله. ولا يُحل التنافر كله إلا في نقطة واحدة، هي المركب الصوتي الأخير، وهذا هو أيضاً نهاية كل شيء، الأبطال، واهتمامنا بهم، والعمل الأوبرالي كله.
 
قال إيرنست نيومان، وهو أحد أبرز كتبة سيرة حياة فاغنر، إن «تريستان وإيزولدة» هي شوبنهاور من المركز الى المحيط. إن الفكرة الأساسية لها التي تعتبر بذرة العمل كله كانت استجابة لقراءة شوبنهاور. وكل شيء فيها كان مستوحى من شوبنهاور: العلاقة بين الموسيقى والعناصر الأخرى في الدراما، المغزى المركزي للقصة، والمخيلة الأدبية التي تسود النص، كلها بوحي من شوبنهاور. لقد أكد توماس مان أن هذا الانصهار بين فاغنر وشوبنهاور كان مثالاً صارخاً في كل الثقافة الغربية ذات العلاقة المتكافلة بين فنان خلاق أصيل ومفكر كبير. لكن هذا لا يعني أن على المرء أن يُلمّ بفلسفة شوبنهاور ليتبين الجانب الفني في «تريستان» .
 
*ضياء
18 - فبراير - 2009
نص    كن أول من يقيّم
 
للأستاذة / ضياء ؛ كان نص الرسالة :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
 
إِلَى الأَعِزِّاءِ جَمِيعًا : التَّحِيَّةُ بِاشْتِيَاقٍ .
قَرِيبَةٌ هِيَ السَّمَاءُ ! ... عَلَى مِعْرَاجِ الْمُوسِيقَى ، وَقَرِيبَةٌ هِيَ الْمُوسِيقَى ! ... مَعْزُوفَةً عَلَى نِيَاطِ الْقَلْبِ ، كَذَلِكَ بَدَأْتُ أُحَاوِلُ ؛ وَلَكِنَّ الْبِدَايَةَ مَزَلَّةٌ ! ... وَحَرِيٌّ أَنْ أَخْجَلَ ... ، وَلَكِنَّ تَأْتَأَةَ الطِّفْلِ هِيَ الأَثْمَنُ فِي الذِّكْرَى ! ... ، فَلْتَكُنْ  (( مُوسِيقَى : [ الْمَرْفَأِ ] )) تَذْكَارًا مِنْ لَحَظَاتِ الْبَدْءِ ... وَوَفَاءً لِدَيْنٍ لَكِ سَابِقٍ ...
- شُكْرًا -
 
( ... لَقَدْ عَرَفْتُ الْمَرَافِئَ ، وَذُقْتُ فِيهَا أَمْجَادًا مِنَ الأَلَمِ ، هُنَالِكَ مِنْ شَبَابِي أَشْرِعَةٌ مُحَطَّمَةٌ ، وَفَنَارٌ خَذَلَنِي ، وَحُبٌّ أَضَعْتُهُ ، بَلْ ! ... ذِمَاءُ رُوحٍ كُنْتُ أَعِيشُ فِي نِصْفِهَا الْمَمْلُوءِ بِالشَّمْسِ ... قَبْلَ زَحْفِ الْكُهُولَةِ ، وَإِقْلاعِ السَّفِينَةِ الْمُيَمِّمَةِ نَحْوَ الشَّطْرِ الآخَرِ ، يَا لَهَا أَمْجَادٌ ! ... ؛ كَفَاكَ بِالْيَأْسِ مِنْ فَضِيلَةٍ لِلْمُنْتَظَرِي الْخَيْبَاتِ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَلا تُحْرِجِ الأُفُقَ بِالْمَزِيدِ مِنْ الأَمَلِ اللأْلاءِ فِي عَيْنِكَ الْمُنْكَسِرَةِ ... ، لِكُلِّ أُفُقٍ حَقٌّ فِي الدَّيْمُومَةِ مَجْهُولاً ... ، اَلافْتِيَاتُ عَلَى الأُفُقِ لَيْسَ شَرَفًا وَلا عِفَّةً ... )
*محمود العسكري
19 - فبراير - 2009
الشعراء المنشدون    كن أول من يقيّم
 
الفيلسوف وفن الموسيقى
جوليوس بورتنوى
                   
 
(3)
 
واستمر أرسطو يؤكد :أن الموسيقى يمكن استخدامها وسيلة تسرّى عن الإنسان العناء"
 
ويواصل المؤلف ..بأن هوميروس فى الأوديسية. قد قال :أن الشعراء المغنين هم أقرب البشر إلى قلوب الآلهة؛فقد وهبتهم الربة فن الغناء ،لا لكى يطربوا نفوس الناس فحسب ،وإنما لكى يسهروا على رعاية أخلاق البشر أيضاً،فهؤلاء الشعراء هم الرسل الذين يعيشون على الأرض وبنقلون الرغبات الإلهية إلى الإنسان ؛وبالموسيقى يستطيع الإنسان بدوره أن يبتهل إلى الآلهة  لتخلصه من الوباء والمرض؛وقد وصف هوميروس، كما روى بلوتارك بعده بقرون عديدة ،كيف أوقف الأغريق نقمة أحد الأوبئة بقوة الموسيقى وسحرها الذى بدد غضب الآلهة :((بالأناشيد والأغانى المقدسة  هدأت الآلهة راضية))
 
بل ظلت علاقة الشاعر المنشد بربة الغناء علاقة وثيقة ، بل يحكى هزيود الذى عاش فى القرن الثامن قبل الميلاد ..
 
بأن الربات قد ظهرن له بينما كان يطعم قطعان أبيه،وعهدن إليه بأن يكون رسولهن وشاعرهن ،وأعطينه عصا الشاعر لتكون آية على رسالته كمنشد.
وقبل أنا يفارقنه قلن له: إننا نعرف كيف نقول كثيراً من الأكاذيب التى تقع من الآذان موقع الحقيقة ،ولكنا نعرف أيضاً كيف نصرح بالحقيقة عندما نشاء"
 
*عبدالرؤوف النويهى
19 - فبراير - 2009
هللوا أيها الأصدقاء    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
استمع ريتشارد فاجنر إلى سيمفونية بيتهوفن التاسعة والشهيرة بالكورالية ،هذا العمل الفذ .لم يجد فاجنر.. أمام عظمة هذا العمل إلا أن يكتب شهادة تاريخية"إننا ننظر إلى هذا العمل كعلامة تاريخية تحدد عهداً جديداً فى هذا الفن العالمى ...فمن خلاله عاش العالم ظاهرة نادرة ..قلما يجود التاريخ بمثلها ..فى أى زمان أو مكان"أما سنتيانا فيقرر مؤكداً"إن الله قد خلق بيتهوفن حتى يكتب السيمفونية التاسعة "
وتأتى النهاية بأسرع مايمكن ويرقد بيتهوفن على فراش الموت ،ويلتف حواليه أصدقاؤه ومحبوه وأخوه يوهان،فبيتهوفن حتى الرمق الأخير ،كان يقرأ وبجواره بعض مؤلفات أوفيد تناسخ الكائنات ..وتشرق الإبتسامة على وجهه ،فقد وصلت له تواً من أحد أصدقائه الإنجليز .. دراسة عن الموسيقى الأشهر هيندل ..

وفى الثالث والعشرين من مارس 1827م ...يلوح فى الأفق طائر الموت..وأصبحت النهاية قريبة قريبة ..

وتأتى اللحظة الأخيرة ..ويصبح ملاك الموت وجهاً لوجه مع بيتهوفن ،فيقول :هللوا أيها الأصدقاء ..فقد انتهت المهزلة ..
ثم يفقد وعيه ..فلايفيق وفى 26مارس 1827م ،كانت العواصف صرصراً عاتية والرعد يعوى مرعداُوالبرق يلمع متتابعاً ..يرفع بيتهوفن رأسه،ويفتح عينيه...وهى آخر نظرة ودع بها الدنيا وما فيها ومن فيها ،ويغمض عينيه ..وتخرج الروح إلى بارئها..
وتفجع فيينا فى موسيقاها الأشهر وتودعه بكل تقدير واحترام وتكريم ..ويسير ،خلف نعشه ، الجموع يرددون نشيد الفرح..
ولم يجد الموسيقار فرانز شوبرت ، تعبيراً منه لهذا العملاق ،سوى حمل مشعل ، ضمن حملة المشاعل، للذى لم يلتق معه فى الحياة .وبعد عام يلحق به ويُدفن على مقربة منه.
*عبدالرؤوف النويهى
19 - فبراير - 2009
 1  2  3  4