تنبهوا...... كن أول من يقيّم
إلى القادة الراقدين فوق التراب | | ألا فليدرك العالم الإسلامي كله، قادة وشعوباً، الحقيقة التالية: ليس الذي يقود أي رئيس أمريكي اليوم، ميزان المصالح الأمريكية.. وليس الذي يرسم السياسة الأمريكية قانونُ البيت الأبيض... إنما الذي يقود الرئيسَ الأمريكي، ذلك الحزب اليهودي الصِّهيَوني الذي يتنامى اليوم في أمريكا، مقنعاً بغطاء المسيحية... وإنما الذي يحكم البيت الأبيض قانون العهد التوراتي القديم... أما الهدف الذي لا بديل عنه ولا مساومة فيه، فهو القضاء على الإسلام من خلال القضاء على المسلمين، أينما وجدوا، وأياً كان شأنهم وحالهم، حتى لو كانوا ملائكة رحمةٍ يمشون مطمئنين على الأرض. إن الكلمتين الجديدتين على أسماعنا، واللتين لا عهد لنا بهما من قبل: القاعدة، والإرهاب، سلاحان زئبقيّان، لهما من مرونة التسرب إلى الضحايا البريئة في كل مكان، ما لا تراه العين في أي سلاح آخر. إن سمعتموهم يقولون ((القاعدة)) فاعلموا أنّ ترجمتها ليست إلاّ الإسلام الفعّال أينما وجد وأياً كان المتلبّس به. وإن سمعتموهم يقولون ((الإرهاب)) فاعلموا أن ترجمتها ليست إلاّ الأعين الإسلامية الساهرة على رعاية الأوطان، أو المتوثبة لاستعادة الحقوق. ذلك قرار اتُخِذَ منذ أكثر من عام، في أقبية خفية مظلمة، مع كامل الازدراء لقيمة الأسرة الإنسانية، ومع أصدق مشاعر الاحتقار لمؤسساتها. فهل للشعوب الإسلامية أن تبحث عن الكهف الذي يرقد فيه قادة المسلمين وممثلو منظمة المؤتمر الإسلامي فتعثر عليه، فتوقظ النائمين فيه وتهز كلاً منهم هزاً رفيقاً، ليتمطى ويتحرر من رقاده الثقيل، ويفتح عينيه على الحكم الذي أصدرته المحكمة البروتستينية اليهودية باسم ((العهد القديم)) في حق الإسلام والمسلمين أجمع، والذي ينصّ على محق القرآن، أجل: على محق القرآن، وعلى إخلاء الأرض الإسلامية منه ومن سائر المؤمنين به، وتقديمها ميراثاً بأرخص الأثمان لبني إسرائيل؟!.. ذلك هو الحكم الذي أصدره سادة العهد التوراتي القديم في أمريكا، والذي تعهد بتنفيذه خّدام أولئك السادة وعبيدهم الأذلاء في البيت الأبيض. فما الحكم الذي يمكن أن يصدره العالم الإسلامي، من خلال قياداته أو من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي، أو من خلال أي مرجعية فيه؟ أيها القادة الراقدون فوق التراب: ما لكم لا تتخذون مضاجعكم في أعماقه، لتفسحوا المجال على ظهره لعالم الأحياء... للشرفاء.. لشعوبكم التي تلتهب دماء الشهامة والأنفة في عروقها.. والتي تتلهف إلى يوم الشهادة في سبيل الله؟ لقد اتخذوا الإسلام في حياتهم بيعةً مع الله، واتخذتموه شارةً لتزيين اللسان!.. اتخذوه عبوديةً صادقة واجفة لله، واتخذتموه كلماتٍ تراثيةً جوفاءَ يكذبها السلوك والجنان!.. ثم أبيتم مع ذلك إلا أن تعيشوا دمامل متقيّحة على جسم أمتكم الإسلامية هذه!!.. أيها القادة الصغار: إن كنتم مصرّين على ألاَّ تشعروا بأي غَيرة على الشرف المراق والحقوق الممزقة، فلتُشعروا أنفسكم بالشفقة على أمتكم التي جعلتم من أنفسكم أبلغ كيّ على جنباتها، ولتعلموا أنه بوسعكم أن تحققوا الشفاء لها بأحد علاجين: إما بتوبةٍ نصوحٍ تخلصون بها لله، وتعودون من ورائها بصدق إلى حمى شرعته ودينه، وإما بانزلاقٍ آمنٍ رفيق عن صدور شعوبكم، وفسح الطريق أمامها لتعانق المبادئ والقيم، ولتتسلق سبيلها إلى قمم البطولة والمجد. فإن أصررتم على ألاَّ تُقْبِلُوا إلى الله بأي توبة إليه وصلح معه، وعلى ألاَّ تلتفتوا إلى شعوبكم بأي شفقة عليها، أو بأيّ تخلٍّ عنها، وعلى أن تنغضوا الرأس - بدلاً عن هذا وذاك - لجلاّديكم وآكلي حقوقكم وسالبي خيراتكم، إذن فاتخذوا مضاجعكم في باطن الأرض بدلاً من أن تتناثروا موتى على ظاهرها، فذلك أحرى أن تبقى البيئة طاهرة من روائح النتن وتفسخ الأجساد. ( د/ محمد سعيد رمضان البوطي). |