البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : الفرق بين التفسير والتأويل    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 محمد 
13 - ديسمبر - 2008
ذكر الذهبي فروقاً بين التفسير والتأويل وهي:

1ً- قال أبو عبيدة وطائفة معه: التفسير والتأويل بمعنى واحد فهما مترادفان ، وهذا هو الشائع عند المتقدمين من علماء التفسير .

2ً- قال الراغب: التفسير أعم من التأويل ، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ والتأويل في المعاني.

3ً- قال الماتريدي: التفسير القطع على أن المراد من اللفظ هذا ، والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون القطع .

4ً- قال الثعلبي: التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازاً، والتأويل تفسير باطن اللفظ .

5ً- التفسير ما يتعلق بالرواية ، والتأويل ما يتعلق بالدراية .

6ً- التفسير هو بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة والتأويل هو بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة ).اهـ التفسير والمفسرون للذهبي ج1 ص22 .

والنسبة بين هذه الأقوال الأربعة الأخيرة هي التباين.

رجح الإمام الزركشي أن هناك فرقاً بين التأويل والتفسير وأنهما ليسا بمعنى واحد فقال: الصحيح تغايرهما.اهـ انظر : البرهان ج2 ص14.

قال الذهبي:

والذي تميل إليه النفس من هذه الأقوال هو أن التفسير ما كان راجعاً إلى الرواية والتأويل ما كان راجعاً إلى الدراية ، وذلك لأن التفسير معناه الكشف والبيان ، والكشف عن مراد الله تعالى لا يجزم به إلا إذا ورد عن رسول الله أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع وخالطوا رسول الله ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم .

وأما التأويل فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ بالدليل ، والترجيح يعتمد على الاجتهاد ويتوصل إليه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب واستنباط المعاني من كل ذلك.
 
قال أبو هلال العسكري في كتابه ( الفروق في اللغة ) بعد ذكره لجميع هذه الأقوال :

أقول: لا يخفى أن غاية ما يتحصل من هذه الاقاويل يتخلص من هذه التفاصيل أن:

التأويل له مزية زائدة على التفسير، ويرشد إليه قوله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " حيث حصر سبحانه علم التأويل في جنابه تعالى ومن رسخ في العلم قدمه واستضاء في طريق التحقيق علمه، ووقع على عجائب ما أودع فيه من الاسرار، وأطلع على تفاصيل ما اشتمل عليه من الاحكام والآثار.

وقد دعا النبي صلى الله عليه وآله لابن عباس وقال : " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل ".فلو لم يكن للتأويل مزيد فضل لم يكن لتخصيص ابن عباس بذلك مع جلالة قدره، وعظيم شأنه ، مزيد فائدة .اهـ


سبب الاصطلاح في التفرقة بين التأويل والتفسير:

قال الزركشي:

وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التفرقة بين التفسير والتأويل التمييز بين المنقول والمستنبط ، ليحمل على الاعتماد في المنقول وعلى النظر في المستنبط.اهـ البرهان ج2 ص172 .

ويبدو من خلال ما ذكرنا أن التفسير ما كانت دلالته قطعية، وأن التأويل ما كانت دلالته ظنية.

وهنا ينبغي الإشارة إلى نقطة مهمة في الموضوع هي: أن التأويل إذا كان صادراً عن المعصوم فيعود التأويل تفسيراً لأنه يكشف عن مراد الله تعالى في كتابه، وتكون دلالته في هذا الملحظ بالذات دلالة قطعية.


ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه في الآونة الأخيرة خرج إلينا كتاب منسوب لمحمد أمين شيخو(1)، جمعه عبد القادر يحيى الشهير بالديراني ، وأسماه ( تأويل جزء عمَّ ) حوى هذا الكتاب على أغلاط وأخطاء كثيرة ومثيرة ، يغلب عليه التأويل الرمزي، يخالف فيه الأحكام الشرعية والمصطلحات ، ويخالف قواعد اللغة العربية، ومناهج المفسرين وضوابط التفسير .

هؤلاء الناس يحذرون أيضاً من كلمة ( التفسير ) ويتعجبون من الذي أدخل في عقول المفسرين كلمة ( التفسير ) لأن هذا يناقض قول رسول الله حينما دعا لابن عباس رضي الله عنهما : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل .

ويقولون :
حذار من التفسير لأنه يعني أن القرآن غامض مبهم، فكلمة فسّر معناها اللغوي كان مبهماً غامضاً فوضحه وأبانه ، والقرآن ليس بمبهم ولا غامض، بل ظاهر بين .

ويقولون : التفسير فقط للكافرين لأنه من الرواية والروايات مبنية على الدسوس، أما التأويل فللمؤمنين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ محمد أمين شيخو ( 1890م ـ 1964م ) : عاش طفولته يتيماً ، فتولت الحكومة العثمانية تربيته ، فدرس على نفقة الحكومة العثمانية ، إلى أن تخرج ضابطاً من الأكاديمية العسكرية التركية ، وعمل كضابط شرطة للعثمانيين، وبعد خروج العثمانيين من سوريا ودخول المستعمر الفرنسي ، عمل ضابطاً عند الفرنسيين ، وعند جلاء الفرنسيين عن سوريا ترك محمد أمين السلك العسكري ، وأصبح يهتم بشكل أساسي بالأمور الدينية ، لم يكتب لأفكاره الانتشار إلا بعد وفاته ، حيث قام بصياغتها وإظهارها كل من : عبد الهادي الباني ، وعبد القادر الديراني ، اللذين كانا تلميذين لمحمد أمين شيخو .اهـ
انظر : أهكذا يكون فهم الإسلام ،دراسة علمية نقدية لأهم أفكار محمد أمين شيخو على ضوء العلم والقرآن ، أحمد إسماعيل راغب ، دار العصماء ، دمشق ، الطبعة الأولى 1423هـ 2002م:8.
 
 3  4  5  6 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
اطمأننتُ إلى ( الخازن) وذويه اطمئناناً.    كن أول من يقيّم
 
تحيات قلعة حلب.....و(طلعت يامحلى نورها).....نوّرَ الله قلبك وعقلك يا أستاذي زهير...
جعلني الأرَقُ أحْوَلَ ،....من حُسن الطالع أن ( الأنعام) تقع مفردة ، كما تقع جمعاً .....ولذلك أحب ( الطلي)، وهو الأنعام : " وإن لكم في الأنعام لَعِبرةً نُسقيكم مما في بطونه"الآية . وأحب ( الدغلي=الكبش) ،والعجل، (والحوار= ولد الناقة):" وإن لكم في الأنعام لعبرةً نُسقيكم مما في بطونها" الآية.
والذي اطمأننت إليه هو هذه التفاسير :
* البغوي :   
 قال الحسن وقتادة: هي الأنعام كلّها، وهي الإبل والبقر والغنم، وأراد تحليل ما حرّم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام.وروى أبو ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بهيمة الأنعام هي الأجنّة، ومثله عن الشعبي قال: هي الأجنّة التي تُوجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذُبحت أو نحرت، ذهب أكثر أهل العلم إلى تحليله.
[قال الشيخ الإمام]: قرأتُ على أبي عبدالله محمد بن الفضل الخرقي فقلتُ: قُرىء على أبي سهل محمد بن عمر بن طرفة وأنتَ حاضر، فقيل له: حدثكم أبو سليمان الخطابي أنا أبو بكر بن داسة أنا أبو داود السجستاني أنا مسدد أنا هشيم عن مجالد عن أبي الوداك
" عن أبي سعيد رضي الله عنهم قال قلنا: يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال: «كلوه إنْ شئتُمْ فإنّ ذكاتَه ذكاةُ أمّه» " وروى أبو الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ذكاة الجنين ذكاة أمّه " وشرط بعضهم الإشعار، قال ابن عمر: ذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا تَمَّ خلقُه ونبتَ شعرُه، ومثله عن سعيد بن المسيب.
* ابن عطية : قال القاضي أبو محمد: وهذا قول حسن، وذلك أن " الأنعام " هي الثمانية الأزواج وما انضاف إليها من سائر الحيوان يقال له أنعام بمجموعه معها وكان المفترس من الحيوان كالأسد وكل ذي ناب قد خرج عن حد " الأنعام " ، فـ { بهيمة الأنعام } هي الراعي من ذوات الأربع ،وهذه على ما قيل: إضافة الشيء إلى نفسه، كدار الآخرة ،ومسجد الجامع، وما هي عندي إلا إضافته الشيء إلى جنسه، وصرح القرآن بتحليلها. واتفقت الآية وقول النبي عليه السلام " كل ذي ناب من السباع حرام " , ويؤيد هذا المنزع الاستثناءان بعد إذ أحدهما استثني فيه حال للمخاطبين وهي الإحرام والحرم، والصيد لا يكون إلا من غير الثمانية الأزواج، فترتب الاستثناءان في الراعي من ذوات الأربع. والبهيمة في كلام العرب ما أبهم من جهة نقص النطق والفهم ومنه بابٌ مبهم، وحائط مبهم، وليل بهيم، وبهمة، للشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى له.
 أبو حيان : وبهيمة الأنعام من باب إضافة الشيء إلى جنسه فهوبمعنى مِن؛ لأن البهيمة أعم، فأضيفت إلى أخص. فبهيمة الأنعام هي كلها قاله: قتادة، والضحاك، والسدي، والربيع، والحسن. وهي الثمانية الأزواج التي ذكرها الله تعالى.
 
* الخازن : إنما أضاف البهيمة إلى الأنعام؛ ليعرف جنس الأنعام وما أحل منها؛ لأنه لو أفردها فقال البهيمة، لدخل فيه ما يحل ويحرم من البهائم، فلهذا قال تعالى:
{ أحلت لكم بهيمة الأنعام }. وقال ابن عباس: هي الأجنَّة التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت أو نحرت. ذهب أكثر العلماء إلى تحليلها وهو مذهب الشافعي، ويدل عليه ما روي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " في الجنين ذكاته ذكاة أمه " أخرجه الترمذي وابن ماجة.
وفي رواية أبي داود قال: " قلنا يا رسول الله ننحر النّاقة ونذبح البقرة والشاة ونجد في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ قال: كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه.
*** لن ناكل الثعلب ، والضب ، والحمار الوحشي...حتى لو نفقت الخراف والماعز والأبقار والبعران.
 
 
 
*د يحيى
23 - ديسمبر - 2008
سبحان الله    كن أول من يقيّم
 
*** لن نأكل الثعلب ، والضبّ ، والحمار الوحشي...حتى لو نفقت الخراف والماعز والأبقار والبعران.
 
أضحك الله سنك ياشيخنا
كثيراً ما أتأمّل في حكمة أكل ملايين البشر للحم الخنزير، المحرّم على المسلمين، وفي الأعداد الهائلة التي تذبح منه، وأقول سبحان الله، لو أن هؤلاء تحوّلوا إلى الضأن لأصبح لحمه شهوةً لأغنيائنا، بله الفقراء منا!
 
 
د يحيى
*عمر خلوف
24 - ديسمبر - 2008
الحمر الأهلية    كن أول من يقيّم
 
أسعد الله أوقاتكم أساتذتي وبارك في علمكم وأكرمكم في الدنيا والآخرة،
 
ذكرتني مسألة تحريم أكل الحمر الأهلية بحادثة وقعت منذ أربع سنوات في شهر رمضان، حيث انتبهت السلطات إلى أن سرقات الحمير أكرمكم الله زادت بشكل كبير في المدة الأخيرة، وقد اكتشفت بعد ذلك أن جماعة تقوم بذبح الحمير وبيع لحمها على أساس كونه لحم بقر مفروما، وبالطبع كانت صدمة العائلات التي أكلته كبيرة جدا، ولم نسمع بعد ذلك شيئا عن عقوبة المجرمين، وانتشرت بعد هذا نكتة تجعل سبب الكوابيس (كوشمار) أكل طبق المثوم المعد بلحم الحمار، (والمثَوَّم  طبق يعد بكريات اللحم المفروم ويستعمل فيه الثوم والكمون).
وكما قال أستاذنا الدكتور يحيى، لن نأكل لحم الثعالب ولا القطط ولا الحمير ولو نفقت كل الأنعام، وهذا يذكرني بندرة القطط في الشوارع التي يقطنها الصينيون بالعاصمة بسبب اصطيادهم لها، حتى أن أبي حدثنا عن سرقتهم لثلاثة كلاب حراسة من فصيلة الراعي الألماني أثناء نزوله بفندق (هلتن) وتركها تجف بعد سلخها استعدادا لأكلها.
 
بارك الله في عملكم وهدانا وإياكم إلى صراطه المستقيم، وتصبحون على خير.
 
*لمياء
24 - ديسمبر - 2008
حديث الجاحظ    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة مجددا أساتذتي الأكارم، وبارك الله بك يا أستاذ يحيى، وحيا الله امير العروض، وشكرا لشاعرتنا النجيبة لمياء بن غربية، ولأستاذنا ياسين الشيخ سليمان، ولراعي هذا الملف الدكتور محمد كالو، والله يغفر لنا ولكم ويهدينا وإياكم  سواء السبيل.
أردت أن أنقل هنا كلام الجاحظ المطول  حول ما كان يستطاب ويستقذر من لحوم الحيوانات، ويستوقفنا أنه أثنى على الجراد ولحم البغال، ويستوقفنا أيضا أنه لم يتطرق أبدا لذكر الضبع وأن العرب كانت تأكله، كما نسب الدميري وغيره إلى الشافعي أنه قال: ومازال لحم الضبع يباع بين الصفا والمروة من غير نكير)
قال الجاحظ :
وقد زعم نَاسٌ أنَّ العربَ لم تَكنْ تأكلُ القُرودَ، وكان من تنصَّرَ مِن كبار القبائل وملوكِها يأكلُ الخِنزير، فأظهر لذلك تحريمهُ؛ إذ كان هناكَ عالَمٌ من الناس، وكثير من الأشراف والوضعاء، و الملوكِ والسُّوقة، يأكلونُه أشدَّ الأكل، ويرغَبون في لحمه أشدّ الرغبة، قالوا: ولأنَّ لحم القرد يَنْهَى عن نفسِهِ، ويكفي الطبائعَ في الزّجرِ عنهُ غَنَثُه، ولحم الخنزير ممّا يُسْتَطابُ ويتواصَف، وسَبيلُ لحم القردِ كسَبيلِ لحمِ الكلب، بل هو شرٌّ منهُ وأخبَث، وقد قال الشاعر للأَسديِّ الذي لِيمَ بِأكل لحمِ الكلب:
يا فقعسيُّ لِمْ أكَلْتُه لِمهْ         لو خافَكَ اللّهُ عليهِ حَرَّمهْ
فما أكَلْتَ لحمهُ ولاَ دَمَهْ
وليس يريد بقوله: لو خافك اللّه عليهِ أنّ اللّه يخافُهُ على شيءٍ أو يخافه من شيء، ولكنَّهُ لمَّا كانَ الكلبُ عندَهُ مما لا يأكله أحد وَلاَ يُخَافُ عََلَى أَكْلِهِ إلاّ المضطرُّ، جعل بدل قوله: أمِنَ الكلبُ على أكْل لحمه، أنَّ اللّه هو الذي لم يخَفْ ذلك فيحرِّمه، وهذا ممّا لا تقف الأعرابُ عليه، ولا تَتَّبعَ الوهمُ مواضِعَه؛ لأنَّ هذا بابٌ يدخل في باب الدِّين، فيما يُعرَف بالنَّظر.
ما قيل في جودة لحوم الكلاب
وقد يأكل أجْراءَ الكلاب ناسٌ، ويستطيبونها فيما يزعمون، ويقولون: إنّ جرو الكلب أسمنُ شيءٍ صغيراً، فإذا شبَّ استحال لحمه، كأنَّه يشبّه بفرخ الحمام مادام فرخاً وناهضاً، إِلى أن يستحكم ويشتدّ
ذكر من يأكل السنانير
وما أكثر من يأكل السَّنانير، والذين يأكلونها صِنفان من الناس: أحدهما الفتى المغرور، الذي يقال له أنت مسحور، ويقال له: من أكل سِنّوراً أسودَ بهيماً لم يعمَلْ فيه السحر، فيأكله لذلك، فإذا أكله لهذه العلَّة، وقد غسل ذلِكَ وعصره، أذهب الماءُ زُهُومَته، ولمْ يكن ذلك المخدوعُ بمستقذِرٍ ما استطابه، ولعلّهُ أيضاً أن يكون عليه ضربٌ من الطَّعام فوق الذي هو فيه، فإذا أكله على هذا الشَّرط، ودبّر هذا التدبير، ولم ينكره، عاوده، فإذا عاوده صار ذلك ضَراوةً له.
والصِّنف الآخر أصحاب الحمام؛ فما أكثر ما ينصِبُون المصائد للسَّنانير، التي يُلقَّوْنَ منها في حمامهم، وربَّما صادف غيظ أحدهم وحَنَقُه وَغَضَبُهُ عليه، أن يكون السِّنَّور مُفرِطَ السِّمن، فيدعُ قتْله ويذبَحُه، فإذا فعل ذلك مرَّةً أو مرتين، صار ضراوةً عليها، وقد يتقَزَّز الرَّجلُ من أكل الضّبِّ والوَرَل والأرنب، فما هو إلاَّ أنْ يأكُله مرَّةً لبعضِ التَّجرِبة، أو لبعضِ الحاجة، حتى صار ذلك سبباً إلى أكلها، حتى يصير بهم الحال إلى أن يصيروا أرغبَ فيها من أهلها.
طيب لحم الجراد
وها هنا قومٌ لا يأكلون الجرادَ الأعرابيّ السمين، ونحن لا نعرف طعاماً أطيبَ منه، والأعراب إنَّما يأكلون الحيَّاتِ على شبيهٍ بهذا الترتيب ولهذه العوارض.
 
أكل الأفاعي والحيات
وزعم بعضُ الأطبَّاء والفلاسفة، أنَّ الحيَّاتِ والأفاعيَ تؤكل نِيئَةً ومطبوخة، ومشويَّة، وأَنَّهَا تغذُو غِذَاءً حسَناً.
 
 رؤبة وأكل الجراذن
وزعم أبو زيد، أنَّه دخل على رؤبة، وعنده جِرذانٌ قد شَوَاهُنّ، فإذا هو يأكلهنَّ، فأنكر ذلك عليه، فقال رؤبة: هُنّ خيرٌ من اليرابيعِ والضِّبابِ وأطيَبُ؛ لأنها عندكم تأكُلُ الخبزَ والتمرَ وأشباهَ ذلك، وكفاك بأكل الجرذان، ولولا هول الحيَّاتِ في الصُّدور من جهة السُّموم،لكانت جهة التقذُّر أسهلَ أمراً من الجرذان.
أكل الذبان والزنابير
وناسٌ من السُّفالة يأكلون الذّبَّان، وأهلُ خُراسانَ يُعجَبون باتخاذ البَزْماوَردِ من فِراخ الزَّنابير،ويعافون أذنابَ الجرادِ الأعرابيِّ السمين، وليسَ بين ريح الجَرادِ إذا كانت مشويَّةً وبينَ ريح العقارِبِ مشْويَّةً فرق، والطَّعْمُ تبعٌ للرائِحة: خبيثُها لخبيثها، وطيِّبها لطيّبها،وقد زعم ناسٌ، ممن يأكلون العقاربَ مشويَّة ونيئةً، أنها كالجراد السِّمان، وكان الفضلُ بنُ يحيى يوجِّه خدمَهُ في طلب فراخِ الزَّنابير ليأكلها، وفراخُها ضربٌ من الذُّبان.
أكل لحوم البراذين
فأمَّا لحوم البراذين فقد كثُر علينا وفينا، حتى أنِسْنا به، وزعم بعضهم أنَّه لم يأكلْ أطيبَ من رأسِ بِرْذَونٍ وسُرَّتِه، فأمّا السُّرَّةُ والمَعْرَفة فإنهم يزاحِمون بها الجِدَاءَ والدَّجاج، ويقدِّمون الأسرامَ المحشوَّة.
أكل السراطين ونحوها
ومِن أصحابنا مَن يأكل السراطين أكلاً ذريعاً، فأما الرق والكوسج فهو من أعجب طعام البحْريِّين، وأهل البَحر يأكلون البلبل فهو اللّحم الذي في جوف الأصداف، والأعرابيُّ إذا وجد أسودَ سالخاً، رأى فيهِ ما لا يرى صاحب الكسمير في كسميره.
أكل ديدان الجبن
وخَبَّرني كم شِئْتَ من الناس، أنَّه رأى أصحابَ الجُبْن الرَّطبِ بالأهوازِ وقراها، يأخذون الِقطعةَ الضَّخمةَ من الجبْن الرَّطب، وفيها ككواء الزنابير، وقد تولَّدَ فيها الدِّيدان، فينفضها وسْطَ رَاحتِه، ثمَّ يقمَحُها في فيهِ، كما يقمَحُ السَّويق والسُّكَّر، أو ما هو أطيبُ منه.
 
*زهير
24 - ديسمبر - 2008
لحم الضبع    كن أول من يقيّم
 
أعدت اليوم قراءة فصول كثيرة من كتاب (حياة الحيوان) للدميري، لاهتمامه بذكر حكم لحم  كل حيوان يذكره، وكان من كبار فقهاء الشافعية، وقد نبهت في التعليق السابق إلى غرابة هذا الحكم قياسا مع ما ذكره الجاحظ من تفاصيل حول مآكل معاصريه وغرائبها.
وأنقل هنا مختصر ما حكاه الدميري في مادة (الضبع) قال:
(وهي مولعة بنبش القبور لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، ومتى رأت إنساناً نائماً حفرت تحت رأسه، وأخذت بحلقه فتقتله وتشرب دمه. وهي فاسقة لا يمر بها حيوان من نوعها إلا علاها. وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منها يمنع صاحبه. والعرب تقول في دعائها: اللهم ضبعاً وذئباً أي اجمعهما في الغنم لتسلم)
وحكمها: حل الأكل، قال الشافعي رحمه الله تعالى: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع". فما قويت أنيابه، فعدا بها على الحيوان طالباً غير مطلوب، يكون عداؤه بأنيابه علة تحريم أكله. والضبع لا يغتذي بالعدوى، وقد يعيش بغير أنيابه. وقد تقدم ذلك، في باب الهمزة، في لفظ الأسد وبحلها. قال الإمام أحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الحديث. وقال مالك: يكره أكلها، والمكروه عنده ما أثم آكله، ولا يقطع بتحريمه. واحتج الشافعي بما روي عن سعد بن أبي رقاص أنه كان يأكل الضبع. وبه قال ابن عباس وعطاء، وقال أبو حنيفة: الضبع حرام، وهو قول سعيد بن المسيب والثوري محتجين بأنه ذو ناب. وقد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع".
ودليلنا ما روى عبد الرحمن بن أبي عمار، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع أصيد هي? قال: نعم. قلت: أتؤكل? قاد: نعم. قلت: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: نعم. أخرجه الترمذي وغيره، وقال حسن صحيح.
وقال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الضبع صيد وجزاؤه كبش مسن ويؤكل". رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وذكره ابن السكن أيضاً، في صحاحه، قال الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: إنه حديث صحيح
(وفي البيهقي عن عبد الله بن مغفل السلمي، قال: قلت يا رسول الله ما تقول في الضبع? قال: "لا آكله ولا أنهي عنه". قال: قلت ما لم تنه عنه فإني آكله. إسناده ضعيف. قال الشافعي: ومازال لحم الضبع يباع بين الصفا والمروة، من غير نكير. وأما ما ذكروه من حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع، فإنه محمول على ما إذا كان يتقوى بنابه، بدليل أن الأرنب حلال وله ناب ولكنه ضعيف لا يعدو به)
قلت أنا زهير: (
وعبارة الشافعي كما نقلها المزني في المختصر: (ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وأحل الضبوع ولها ناب وكانت العرب تأكلها وتدع الأسد والنمر والذئب تحريماً له بالتقذر، وكان الفرق بين ذوات الأنياب أن ما عدا منها على الناس لقوته بنابه حرام وما لم يعد عليهم بنابه كالضبع والثعلب وما أشبههما حلال)
 
*زهير
24 - ديسمبر - 2008
الحمار الوحشي    كن أول من يقيّم
 
قال الدميري في حديثه عن الحمار الوحشي:
الحكم: يحل أكله بالإجماع، وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنا لم نرده عليك إلا إننا حرم". قال الشافعي: ولو توحش الحمار الأهلي حرم أكله. ولو استأهل الوحشي لم يحرم. ولا نعلم في حل الوحشي خلافاً إلا ما روي عن مطرف أنه قال: إذا أنس واعتلف صار كالأهلي. وأهل العلم قاطبة على خلاف قوله ولا يحل الحمار المتولد بين الأهلي والوحشي، لأن الولد يتبع خير الأبوين في الأطعمة حتى يقرض أحدهما غير مأكول. كما يتبع أخسهما في النجاسة، حتى يجب الغسل من ولوغه وسائر أجزائه سبعاً إذا تولد بين كلب وذئب. وكما يتبع الأخس في الأنكحة حتى إذا تولد بين كتابي ووثني لم تحل مناكحته، وقد خالفوا هذا الأصل في باب الجزية، فقالوا: يعقد للمتولد بين كتابي ووثني، وفي الديات ألحقوه بأكثرهما دية، وهو الأصح المنصوص. وقيل: يتبع أقلهما دية. ...إلخ
*زهير
24 - ديسمبر - 2008
ابن آوى    كن أول من يقيّم
 
قال الدميري:
ابن آوى: وكنيته أبو أيوب وأبو ذئيب وأبو كعب وأبو رائل هو طويل المخالب والأظفار يعدو على غيره، ويأكل مما يصيد من الطيور وغيرها. وخوف الدجاج منه أشد من خوفها من الثعلب، لأنه إذا مر تحتها وهي على
الشجرة أو الجدار تساقطت وإن كانت عدداً كثيراً.
الحكم: الأصح تحريم أكله، لأنه يعدو بنابه ولو قيل إن نابه ضعيف فيكون كالضبع والثعلب لكان مذهباً. وملخص ما فيه عندنا وجهان: الأصح في المحرر والمنهاج والشرح والحاوي الصغيرين التحريم. والثاني وهو اختيار الشيخ أبي حامد الحل. وسئل الإمام أحمد عنه؟ فقال كل ما نهش بأنيابه فهو من السباع. وبحظره قال أبو حنيفة وصاحباه.
*زهير
24 - ديسمبر - 2008
الثعلب    كن أول من يقيّم
 
قال الدميري في بيان حكم لحم الثعلب:
الحكم: نص إمامنا الشافعي رحمه الله، على حل أكله. وقال ابن الصلاح: ليس في حله حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي تحريمه حديثان في إسنادهما ضعف.
واعتمد الشافعي في ذلك على عادة العرب في أكله فيندرج في عموم قوله تعالى: "قل أحل لكم الطيبات " وبحله قال طاوس وعطاء وغيره ونقل في فوائد رحلته عن أبي سعيد الدارمي، الإمام في الحديث والفقه تلميذ البويطي رحمه الله أن الثعلب حرام. وكره أبو حنيفة ومالك أكله وأكثر الروايات عن أحمد تحريمه لأنه سبع.
*زهير
24 - ديسمبر - 2008
فائدة    كن أول من يقيّم
 
واستوقفتني هذه الفائدة أثناء حديث الدميري عن (السيد) وهو الذئب قال:
السيد: بكسر السين وإسكان الياء المثناة من تحت، من أسماء الذئب وبه سمي جد أبي محمد عبد الله ابن محمد بن السيد البطليوسي اللغوي النحوي صاحب التصانيف المفيدة، والمحاسن العديدة، مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمدينة بطليوس، وتوفي في رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
وهو ما حكاه الحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه قال:
والسيد بالتخفيف وكسر أوله: أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي صاحب التواليف.
*زهير
24 - ديسمبر - 2008
السِّيد : من أقارب الشّنفَرَى ، ...    كن أول من يقيّم
 
 وليْ دُونَكُمْ أَهْلُونَ سِيْدٌ عَمَلَّسٌ ... وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفَاءُ جَيْئل
اللغة " : السِّيْدُ: الذِّئْبُ ،وعَمَلَّسٌ : السريعُ بسهولةٍ، وأرْقطُ : فيه سوادٌ وبياضٌ "
وزُهْلُولٌ : خفيفٌ، وعَرْفَاءُ : الضَّبُعُ الطويلةُ " العُرْفِ ،و جَيْئلُ : من أسماء الضَّبُعِ.
فائدة في الإملاء : كل همزة مسبوقة بياء ساكنة ، تُكتَبُ على نَبْرة ، ومنه: جيئل،والحُطيْئة ، وخَطِيئة...
 
تحيات آل مصري لشيخ المحققين: أستاذي زهير.
 
*د يحيى
24 - ديسمبر - 2008
 3  4  5  6