البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : الفرق بين التفسير والتأويل    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 محمد 
13 - ديسمبر - 2008
ذكر الذهبي فروقاً بين التفسير والتأويل وهي:

1ً- قال أبو عبيدة وطائفة معه: التفسير والتأويل بمعنى واحد فهما مترادفان ، وهذا هو الشائع عند المتقدمين من علماء التفسير .

2ً- قال الراغب: التفسير أعم من التأويل ، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ والتأويل في المعاني.

3ً- قال الماتريدي: التفسير القطع على أن المراد من اللفظ هذا ، والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون القطع .

4ً- قال الثعلبي: التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازاً، والتأويل تفسير باطن اللفظ .

5ً- التفسير ما يتعلق بالرواية ، والتأويل ما يتعلق بالدراية .

6ً- التفسير هو بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة والتأويل هو بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة ).اهـ التفسير والمفسرون للذهبي ج1 ص22 .

والنسبة بين هذه الأقوال الأربعة الأخيرة هي التباين.

رجح الإمام الزركشي أن هناك فرقاً بين التأويل والتفسير وأنهما ليسا بمعنى واحد فقال: الصحيح تغايرهما.اهـ انظر : البرهان ج2 ص14.

قال الذهبي:

والذي تميل إليه النفس من هذه الأقوال هو أن التفسير ما كان راجعاً إلى الرواية والتأويل ما كان راجعاً إلى الدراية ، وذلك لأن التفسير معناه الكشف والبيان ، والكشف عن مراد الله تعالى لا يجزم به إلا إذا ورد عن رسول الله أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع وخالطوا رسول الله ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم .

وأما التأويل فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ بالدليل ، والترجيح يعتمد على الاجتهاد ويتوصل إليه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب واستنباط المعاني من كل ذلك.
 
قال أبو هلال العسكري في كتابه ( الفروق في اللغة ) بعد ذكره لجميع هذه الأقوال :

أقول: لا يخفى أن غاية ما يتحصل من هذه الاقاويل يتخلص من هذه التفاصيل أن:

التأويل له مزية زائدة على التفسير، ويرشد إليه قوله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " حيث حصر سبحانه علم التأويل في جنابه تعالى ومن رسخ في العلم قدمه واستضاء في طريق التحقيق علمه، ووقع على عجائب ما أودع فيه من الاسرار، وأطلع على تفاصيل ما اشتمل عليه من الاحكام والآثار.

وقد دعا النبي صلى الله عليه وآله لابن عباس وقال : " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل ".فلو لم يكن للتأويل مزيد فضل لم يكن لتخصيص ابن عباس بذلك مع جلالة قدره، وعظيم شأنه ، مزيد فائدة .اهـ


سبب الاصطلاح في التفرقة بين التأويل والتفسير:

قال الزركشي:

وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التفرقة بين التفسير والتأويل التمييز بين المنقول والمستنبط ، ليحمل على الاعتماد في المنقول وعلى النظر في المستنبط.اهـ البرهان ج2 ص172 .

ويبدو من خلال ما ذكرنا أن التفسير ما كانت دلالته قطعية، وأن التأويل ما كانت دلالته ظنية.

وهنا ينبغي الإشارة إلى نقطة مهمة في الموضوع هي: أن التأويل إذا كان صادراً عن المعصوم فيعود التأويل تفسيراً لأنه يكشف عن مراد الله تعالى في كتابه، وتكون دلالته في هذا الملحظ بالذات دلالة قطعية.


ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه في الآونة الأخيرة خرج إلينا كتاب منسوب لمحمد أمين شيخو(1)، جمعه عبد القادر يحيى الشهير بالديراني ، وأسماه ( تأويل جزء عمَّ ) حوى هذا الكتاب على أغلاط وأخطاء كثيرة ومثيرة ، يغلب عليه التأويل الرمزي، يخالف فيه الأحكام الشرعية والمصطلحات ، ويخالف قواعد اللغة العربية، ومناهج المفسرين وضوابط التفسير .

هؤلاء الناس يحذرون أيضاً من كلمة ( التفسير ) ويتعجبون من الذي أدخل في عقول المفسرين كلمة ( التفسير ) لأن هذا يناقض قول رسول الله حينما دعا لابن عباس رضي الله عنهما : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل .

ويقولون :
حذار من التفسير لأنه يعني أن القرآن غامض مبهم، فكلمة فسّر معناها اللغوي كان مبهماً غامضاً فوضحه وأبانه ، والقرآن ليس بمبهم ولا غامض، بل ظاهر بين .

ويقولون : التفسير فقط للكافرين لأنه من الرواية والروايات مبنية على الدسوس، أما التأويل فللمؤمنين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ محمد أمين شيخو ( 1890م ـ 1964م ) : عاش طفولته يتيماً ، فتولت الحكومة العثمانية تربيته ، فدرس على نفقة الحكومة العثمانية ، إلى أن تخرج ضابطاً من الأكاديمية العسكرية التركية ، وعمل كضابط شرطة للعثمانيين، وبعد خروج العثمانيين من سوريا ودخول المستعمر الفرنسي ، عمل ضابطاً عند الفرنسيين ، وعند جلاء الفرنسيين عن سوريا ترك محمد أمين السلك العسكري ، وأصبح يهتم بشكل أساسي بالأمور الدينية ، لم يكتب لأفكاره الانتشار إلا بعد وفاته ، حيث قام بصياغتها وإظهارها كل من : عبد الهادي الباني ، وعبد القادر الديراني ، اللذين كانا تلميذين لمحمد أمين شيخو .اهـ
انظر : أهكذا يكون فهم الإسلام ،دراسة علمية نقدية لأهم أفكار محمد أمين شيخو على ضوء العلم والقرآن ، أحمد إسماعيل راغب ، دار العصماء ، دمشق ، الطبعة الأولى 1423هـ 2002م:8.
 
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الفرق بين التفسير والتأويل(11).    كن أول من يقيّم
 
أولهما : أن أهل السنة لا يتنكرون لحقيقة قائمة كما هو الشأن بالنسبة إلى التأويل، فرغم أنهم يعلمون خطورته البالغة على عقيدة المسلم، وعلى كيان الدولة المسلمة ككل - إذ هو المدخل الذي تنفذ منه كل الدعاوي الباطلة والمذاهب الهدامة- رغم كل ذلك نجدهم يقررون أهميته، ويعترفون به لا كأمر واقع فحسب، بل كأداة منهجية يستدعي استخدامها النص القرآني، إذ هناك كثير من المواقف التي تتطلب من المفسر أن يستعمل فيها الاستدلال والاستنباط للوقوف على المعنى الحقيقي للآية أو السورة التي يروم تفسيرها.
الثاني: إن قَبولهم التأويل واعترافهم به لا يعني التسليم بكل تأويل، بل وضعوا المنهج القويم للتأويل المرتضى، وأسسوه على قاعدة منهجية وعلمية وموضوعية، بحيث يكون النص هو الذي يفرض الأداة المنهجية التي ينبغي أن نتعامل معه بها، وألا نسقط عليه أدوات منهجية غريبة عنه تفضي بنـا ـ في النهاية ـ إلى مفارقات صارخة، وإلى نتائج غريبة عن طبيعة الإسلام العقدية والشرعية .
فما ينبغي أن يعرف من موقف أهل السنة في قضية التأويل إجمالاً أنهم لم يرفضوه بالكلية، وإنما رفضوا المعنى الأخير، الذي قال به متأخرو المتكلمين والفلاسفة والأصوليين وغيرهم، حيث يصرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وقد رفضوه؛ لأنه استحدث في الأمة لأغراض غير نزيهة وغير علمية، ذلك بأنه المدخل الذي تلِج منه البدع والضلالات بعد أن تلبَس ثوب الشريعة الإسلامية، وتصبغ بصبغتها في الظاهر، لتجنب نفسها المعارضة الشعبية التي كانت ستواجهها حتماً إن هي أسفرت عن باطلها وضلالها.
في الوقت نفسه نجد علماء أهل السنة يقررون المعنى القرآني للتأويل، وهو رد الشيء المخبر به إلى حقيقته وآماله، وينصّون على أن ذلك مما استأثر الله تعالى بعلمه، ومن ثَم لم يجوزوا الخوض فيه موضحين أن المنهج السليم هو إثبات المعنى الذي جاء به القرآن الكريم، والقول به من غير زيادة أو نقصان.
كما أنهم قالوا بمعنى التأويل الذي ورد عن السلف وهو ما يفيد التفسير والبيان من جهة، وتنفيذ الأمر الرباني - أمراً كان أو نهياً - من جهة أخرى، وهذا مما أفاضوا الكلام فيه .
*أحمد بزوي الضاوي :أستاذ التعليم العالي ،جامعة شعيب الدكالي ،الجديدة ،المغرب.
* أحب أن أسترعيَ انتباه إخوتي السراة والقُرّاء بأنني طرقت باب الأستاذ ( غوغل) وكتبت: الفرق بين التفسير والتأويل ، فاخترتُ هذا من بين عشرات الموضوعات التي عالجت الموضوع نفسه.
 
*د يحيى
14 - ديسمبر - 2008
نقاط مهمة    كن أول من يقيّم
 

سمات كلٍّ من التفسير والتأويل :

سمات التفسير:
1- أكثر استعمال التفسير في الألفاظ .
2- هدف التفسير معرفة مراد الله بطريقة القطع والجزم .
3- وظيفة التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازاً .
4- وظيفة التفسير بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة.
5- التفسير يتعلق بالرواية .
سمات التأويل:
1- استعمال التأويل في المعاني .
2- منهج التأويل ترجيح أحد الاحتمالات بدون جزم .
3- غاية التأويل تفسير باطن اللفظ .
4- مهمة التأويل بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة .
5- التأويل يتعلق بالدراية .
فالتفسير يتعلق بالرواية ولا يقتصر عليها فقط قال الدكتور محمد فاروق النبهان:
بعض العلماء ذهب إلى أن التفسير مختص بالرواية ، والتأويل مختص بالدراية ولا أظن أن هذا الأمر يخضع لهذا المعيار إذ لا يمكننا اعتبار التفسير قاصراً على الرواية وخالياً من الدراية ؛ فهذا معنى يحمل بعض الانتقاص من مكانة العلماء الذين عرفوا بالتفسير، ولعل المعنى الأقرب في هذا المجال أن التفسير جهد خاضع لمعايير بيانية ، ولا بد في التفسير من رواية ودراية .
وإذا خلا التفسير من الدراية فقد خلا من قيمته البيانية والتوضيحية ، وإذا كانت الرواية كافية في مجال التفسير بالمأثور فإن التفسير بالرأي لا بد فيه من دراية واسعة .
*د يحيى
14 - ديسمبر - 2008
توضيح    كن أول من يقيّم
 
أهم ضوابط التأويل :

1- أن يكون المعنى مما يمكن استنباطه من النص ومما تدل عليه اللغة من دلالات ومعان .
2- أن يكون المؤول عالماً باللغة عارفاً قواعدها ملماً بمعاني الألفاظ
3- استقامة المؤول وسلامة عقيدته .
4- أن يكون الحكم المستنبط عن طريق التأويل واضح الانسجام مع التصور القرآني العام في إقراره لمبادئ الإسلام وعقيدته مؤكداً القيم الإسلامية الثابتة ، لأنه إذا انتفت صلة التواصل والانتماء بين النص والتأويل انتفت شرعية ذلك التأويل.
 
بقلم : محمد الخلف العبد الله.( مستل من " غوغل").
*د يحيى
14 - ديسمبر - 2008
غوغل أوقعني في متاهة    كن أول من يقيّم
 
حياكم الله وبياكم ،
الاعتماد على الأستاذ غوغل أوقعني في شبه متاهة ؛ لأن عقلي لم يعد قادرا كثيرا على ربط المعلومات العديدة الصفحات واستخلاص النتائج منها ، فما رايكم يا أحبة ، ان نلخص الموضوع في سطور قليلة ، ما أمكننا ذلك؟ وبصيغة تساؤلات أطرحها على حضراتكم؟ ولكم الأجر من صاحب الأجر .
هل التفسير والتاويل بمعنى واحد؟ بعضهم قال بلى ، وبعضهم قال كلا . وما ذا يترتب على هذا الخلاف؟
معاني التاويل تباينت كما تبين ، فهل لكلمة التاويل في القرءان الكريم أكثر من معنى ؟ وإذا كان من معاني التأويل في القرءان معرفة الأمر المغيب تغييبا مطلقا ، ولا تنفعنا اية اداة في معرفته ، إلا أن يعلمه الله تعالى لعبد من عباده او اكثر ، فما المعاني الأخرى المحتمل استنباطها من القرءان الكريم لكلمة التأويل؟
مع الشكر الجزيل .
*ياسين الشيخ سليمان
14 - ديسمبر - 2008
الخير قادم (1).    كن أول من يقيّم
 
* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ)
قوله تعالى: { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ }.
يحتمل أن المراد بالتأويل في هذه الآية الكريمة التفسير وإدراك المعنى، ويحتمل أن المراد به حقيقة أمره التي يؤول إليها وقد قدمنا في مقدمة هذا الكتاب أن من أنواع البيان التي ذكرناها فيه أن كون أحد الاحتمالين هو الغالب في القرآن. يبين أن ذلك
الاحتمال الغالب هو المراد. لأن الحمل على الأغلب أولى من الحمل على غيره. وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الغالب في القرآن إطلاق التأويل على حقيقة الأمر التي يؤول إليها كقوله:
هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ }[يوسف: 100] وقوله:هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ }[الأعراف: 53] الآية. وقوله:
بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ }[يونس: 39] وقوله:ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[النساء: 59] إلى غير ذلك من الآيات. قال ابن جرير الطبري: وأصل التأويل من آل الشيء إلى كذا إذا صار إليه ورجع يؤول أولا، وأولته أنا صيرته إليه،
*د يحيى
15 - ديسمبر - 2008
الخير قادم (2).    كن أول من يقيّم
 
تنبيه: اعلم أن التأويل يطلق ثلاثة إطلاقات:
الأول: هو ما ذكرنا من أنه الحقيقة التي يؤول إليها الأمر، وهذا هو معناه في القرآن.
الثاني: يراد به التفسير والبيان، ومنه بهذا المعنى
" قوله صلى الله عليه وسلم في ابن عباس: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل " وقول ابن جرير وغيره من العلماء، القول في تأويل قوله تعالى: كذا أي: تفسيره وبيانه. وقول عائشة الثابت في الصحيح: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " يتأول القرآن تعني يمتثله ويعمل به، والله تعالى أعلم.
الثالث: هو معناه المتعارف في اصطلاح الأصوليين، وهو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح بدليل يدل على ذلك،
وحاصل تحرير مسالة التأويل عند أهل الأصول أنه لا يخلو من واحدة من ثلاث حالات بالتقسيم الصحيح:

الأولى: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره بدليل صحيح في نفس الأمر يدل على ذلك، وهذا هو التأويل المسمى عندهم بالتأويل الصحيح، والتأويل القريب كقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح:
" الجار أحق بصَقَبِه " فإن ظاهره المبادر منه ثبوت الشفعة للجار، وحمل الجار في هذا الحديث على خصوص الشريك المقاسم حمل له على محتمل مرجوح، إلا أنه دل عليه الحديث الصحيح المصرح بأنه إذا صرفت الطرق وضربت الحدود، فلا شفعة.
الحالة الثانية: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لأمر يظنه الصارف دليلاً وليس بدليل في نفس الأمر، وهذا هو المسمى عندهم بالتأويل الفاسد، والتأويل البعيد، ومثل له الشافعية، والمالكية، و الحنابلة بحمل الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - المرأة في قوله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، باطل " على المكاتبة، والصغيرة، وحمله أيضاً - رحمه الله - المسكين في قوله:
سِتِّينَ مِسْكِينًا }[المجادلة: 4] على المد، فأجاز إعطاء ستين مداً لمسكين واحد.
*د يحيى
15 - ديسمبر - 2008
الخير قادم (3).    كن أول من يقيّم
 
الحالة الثالثة: أن يكون صرف اللفظ عن ظاهره لا لدليل أصلاً، وهذا يسمى في اصطلاح الأصوليين لعباً، كقول بعض الشيعة.
إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }
[البقرة: 67] يعني عائشة رضي الله عنها، وأشار في مراقي السعود إلى حد التأويل، وبيان الأقسام الثلاثة بقوله معرفاً للتاويل:
حمل لظاهر على المرجوح
   
واقسمه للفاسد والصحيح
صحيحه وهو القريب ما حمل
   
مع قوة الدليل عند المستدل
وغيره الفاسد والبعيد
   
وما خلا فلعبا يفيد
إلى أن قال:
فجعل مسكين بمعنى المد
   
عليه لائح سمات البعد
كحمل مرأة على الصغيره
   
وما ينافي الحرة الكبيره
وحمل ما ورد في الصيام
   
على القضاء مع الالتزام
أما التأويل في اصطلاح خليل بن إسحاق المالكي الخاص به في مختصره، فهو عبارة عن اختلاف شروح المدونة في المراد عند مالك - رحمه الله - وأشار له في المراقي بقوله:
والخلف في فهم الكتاب صير
   
إياه تأويلا لدى المختصر
والكتاب في اصطلاح فقهاء المالكية المدونة قوله تعالى: { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } [آل عمران: 7] الآية. لا يخفى أن هذه الواو محتملة للاستئناف، فيكون قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } مبتدأ، وخبره يقولون، وعليه فالمتشابه لا يعلم تأويله إلا الله وحده، والوقف على هذا تام على لفظة الجلالة ومحتملة لأن تكون عاطفة، فيكون قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ } معطوفاً على لفظ الجلالة، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله الراسخون في العلم أيضاً، وفي الآية إشارات تدل على أن الواو استئنافية لا عاطفة، قال ابن قدامة: في روضة الناظر ما نصه: ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه، متفرد بعلم المتشابه، وأن الوقف الصحيح عند
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ }
[آل عمران: 7] لفظاً ومعنى أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال: ويقولون آمنا به بالواو أما المعنى فلأنه ذم مبتغى التأويل، ولو كان ذلك للراسخين معلوماً لكان مبتغيه ممدوحاً لا مذموماً. ولأن قولهم آمنا به، يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه سيما إذا تبعوه بقولهم: كل من عند ربنا، فذكرهم ربهم ها هنا يعطي الثقة به والتسليم لأمره، وأنه صدر من عنده، كما جاء من عنده المحكم. ولأن لفظة أما لتفصيل الجمل فذكره لها في الذين في قلوبهم زيغ مع وصفه إياهم باتباع المتشابه وابتغاء تأويله يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة، وهم الراسخون. ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد فلا يجوز حمله على غير ما ذكرناه اهـ من الروضة بلفظه.
ومما يؤيد أن الواو استئنافية لا عاطفة، دلالة الاستقراء في القرآن أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئاً وأثبته لنفسه، أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله:

قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ }[النمل: 65] وقوله:لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ }[الأعراف: 187]. وقوله:كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ }[القصص: 88]. فالمطابق لذلك أن يكون قوله: { ومَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ } [آل عمران: 7] معناه: أنه لا يعلمه إلا هو وحده كما قاله الخطابي وقال: لو كانت الواو في قوله: { وَٱلرَّاسِخُونَ } [آل عمران: 7] للنسق لم يكن لقوله:كُلٌّ مِّنْ عِنْدِ رَبِّنَا }[آل عمران: 7] فائدة والقول بأن الوقف تام على قوله: { إِلاَّ اللهُ } وأن قوله:
 { وَٱلرَّاسِخُونَ } ابتداء كلام هو قول جمهور العلماء للأدلة القرآنية التي ذكرنا.
وممن قال بذلك عمر، وابن عباس، وعائشة، و عروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، وابن مسعود، وأبي بن كعب، نقله عنهم القرطبي وغيره ونقله ابن جرير عن يونس عن أشهب عن مالك بن أنس وهو مذهب الكسائي والأخفش والفراء وأبي عبيد. وقال أبو نهيك الأسدي: إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة وما انتهى علم الراسخين إلا إلى قولهم آمنا به كل من عند ربنا، والقول بأن الواو عاطفة مروي أيضاً عن ابن عباس وبه قال مجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير والقاسم بن محمد وغيرهم. وممن انتصر لهذا القول وأطال فيه ابن فورك ونظير الآية في احتمال الاستئناف والعطف قول الشاعر:
فيحتمل أن يكون البرق مبتدأ والخبر يلمع كالتأويل الأول، فيكون مقطوعاً مما قبله، ويحتمل أن يكون معطوفاً على الريح، ويلمع في موضع الحال على التأويل الثاني أي: لامعاً. قوله تعواحتج القائلون بأن الواو عاطفة بأن الله سبحانه وتعالى مدحهم بالرسوخ في العلم فكيف يمدحهم بذلك وهم جهال.
قال القرطبي: قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمرو: هذا القول هو الصحيح فإن تسميتهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوي في علمه جميع من يفهم كلام العرب، وفي أي شيء هو رسوخهم إذا لم يعلموا إلا ما يعلم الجميع. انتهى منه بلفظه.
*د يحيى
15 - ديسمبر - 2008
الخير قادم (4).    كن أول من يقيّم
 
قال مقيده - عفا الله عنه - يجاب عن كلام شيخ القرطبي المذكور بأن رسوخهم في العلم هو السبب الذي جعلهم ينتهون حيث انتهى علمهم ويقولون فيما لم يقفوا على علم حقيقته من كلام الله جل وعلا: { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا }
 [آل عمران: 7] بخلاف غير الراسخين فإنهم يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وهذا ظاهر.
وممن قال بأن الواو عاطفة الزمخشري في تفسيره الكشاف. والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم.
وقال بعض العلماء: والتحقيق في هذا المقام أن الذين قالوا هي عاطفة، جعلوا معنى التأويل التفسير وفهم المعنى كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم
" اللهم علمه التأويل " أي: التفسير وفهم معاني القرآن، والراسخون يفهمون ما خوطبوا به وإن لم يحيطوا علماً بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه. والذين قالوا هي استئنافية جعلوا معنى التأويل حقيقة ما يؤول إليه الأمر وذلك لا يعلمه إلا الله، وهو تفصيل جيد ولكنه يشكل عليه أمران: الأول قول ابن عباس رضي الله عنهما: " التفسير على أربعة أنحاء: تفسير: لا يعذر أحد في فهمه، وتفسير تعرفه العرب من لغاتها، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله ". فهذا تصريح من ابن عباس أن هذا الذي لا يعلمه إلا الله بمعنى التفسير لا ما تؤول إليه حقيقة الأمر.
وقوله هذا ينافي التفصيل المذكور. الثاني: أن الحروف المقطعة في أوائل السور لا يعلم المراد بها إلا الله إذ لم يقم دليل على شيء معين أنه هو المراد بها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا من لغة العرب. فالجزم بأن معناها كذا على التعيين تحكم بلا دليل.
تنبيهان
الأول: اعلم أنه على القول بأن الواو عاطفة فإن إعراب جملة يقولون مستشكل من ثلاث جهات: الأولى أنها حال من المعطوف وهو الراسخون، دون المعطوف عليه وهو لفظ الجلالة. و المعروف إتيان الحال من المعطوف والمعطوف عليه معاً كقولك: جاء زيد وعمرو راكبين. وقوله تعالى:
وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ }[إبراهيم: 33].
وهذا الإشكال ساقط. لجواز إتيان الحال من المعطوف فقط دون المعطوف عليه، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى:

وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً }[الفجر: 22] فقوله صفاً حال من المعطوف وهو الملك، دون المعطوف عليه وهو لفظة ربك وقوله تعالى:وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا }[الحشر: 10] الآية. فجملة يقولون حال من واو الفاعل في قوله الذين جاءوا، وهو معطوف على قوله:لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ }[الحشر: 8] وقوله:وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ }
[الحشر: 9] فهو حال من المعطوف دون المعطوف عليه كما بينه ابن كثير وغيره.
الجهة الثانية: من جهات الإشكال المذكور هي ما ذكره القرطبي عن الخطابي قال عنه: واحتج له بعض أهل اللغة، فقال معناه والراسخون في العلم يعلمونه قائلين: آمنا، وزعم أن موضع يقولون نصب على الحال، وعامة أهل اللغة ينكرونه ويستبعدونه. لأن العرب لا تضمر الفعل والمفعول معاً ولا تذكر حالاً إلا مع ظهور الفعل فإذا لم يظهر فعل فلا يكون حال. ولو جاز ذلك لجاز أن يقال عبد الله راكباً يعني: أقبل عبد الله راكباً، وإنما يجوز ذلك مع ذكر الفعل كقوله عبد الله يتكلم يصلح بين الناس، فكان يصلح حالاً له كقول الشاعر أنشدنيه أبو عمر قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب:
أرسلت فيها قطماً لكالكا
   
يقصر يمشي ويطول باركاً
أي يقصر ماشياً، وهذا الإشكال أيضاً ساقط. لأن الفعل العامل في الحال المذكورة غير مضمر. لأنه مذكور في قوله يعلم ولكن الحال من المعطوف دون المعطوف عليه، كما بينه العلامة الشوكاني في تفسيره وهو واضح.
الجهة الثالثة: من جهات الإشكال المذكورة هي: أن المعروف في اللغة العربية أن الحال قيد لعاملها ووصف لصاحبها، فيشكل تقييد هذا العامل الذي هو يعلم بهذه الحال التي هي يقولون آمنا. إذ لا وجه لتقييد علم الراسخين بتأويله بقولهم آمنا به. لأن مفهومه أنهم في حال عدم قولهم آمنا به لا يعلمون تأويله وهو باطل، وهذا الإشكال قوي وفيه الدلالة على منع الحالية في جملة يقولون على القول بالعطف.
*د يحيى
15 - ديسمبر - 2008
الخير قادم (5).    كن أول من يقيّم
 
التنبيه الثاني: إذا كانت جملة يقولون: لا يصح أن تكون حالاً لما ذكرنا فما وجه إعرابها على القول بأن الواو عاطفة؟ الجواب والله تعالى أعلم أنها معطوفة بحرف محذوف والعطف بالحرف المحذوف، أجازه ابن مالك وجماعة من علماء العربية. والتحقيق جوازه، وأنه ليس مختصاً بضرورة الشعر كما زعمه بعض علماء العربية، والدليل على جوازه وقوعه في القرآن، وفي كلام العرب. فمن أمثلته في القرآن قوله تعالى:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ }[الغاشية: 8] الآية. فإنه معطوف بلا شك على قوله تعالى:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ }[الغاشية: 2] بالحرف المحذوف الذي هو الواو ويدل له إثبات الواو في نظيره في قوله تعالى في سورة القيامة:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ }[القيامة: 22-24] الآية. وقوله تعالى في عبس:وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ }[عبس: 38-40] الآية.
وجعل بعض العلماء منه قوله تعالى:

وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ التوبة: 92] الآية. قال يعني وقلت: بالعطف بواو محذوفة وهو أحد احتمالات ذكرها ابن هشام في المغني، وجعل بعضهم منهإِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ }[آل عمران: 19] على قراءة فتح همزة إن قال: هو معطوف بحرف محذوف على قوله:شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }[آل عمران: 18] أي: وشهد أن الدين عند الله الإسلام وهو أحد احتمالات ذكرها صاحب المغني أيضاً ومنه حديث " تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاع بره من صاع تمره " يعني ومن درهمه ومن صاع إلخ.
حكاه الأشموني وغيره، والحديث المذكور أخرجه مسلم والإمام أحمد وأصحاب السنن ومن شواهد حذف حرف العطف قول الشاعر:
كيف أصبحت كيف أمسيت
   
مما يغرس الود في فؤاد الكريم
يعني وكيف أمسيت وقول الحطيئة:
إن امرأ رهطه بالشام منزله
   
برمل يبرين جار شد ما اغتربا
أي: ومنزله برمل يبرين. وقيل: الجملة الثانية صفة ثانية لا معطوفة وعليه فلا شاهد في البيت، وممن أجاز العطف بالحرف المحذوف الفارسي وابن عصفور خلافاً لابن جني والسهيلي.
ولا شك أن في القرآن أشياء لا يعلمها إلا الله كحقيقة الروح. لأن الله تعالى يقول:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي }[الإسراء: 85] الآية وكمفاتح الغيب التي نص على أنها لا يعلمها إلا هو بقوله:وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ }[الأنعام: 59] وقد ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، أنها الخمس المذكورة في قوله تعالى:إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ }
[لقمان: 34] الآية. وكالحروف المقطعة في أوائل السور وكنعيم الجنة لقوله تعالى:فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ }[السجدة: 17] الآية. وفيه أشياء يعلمها الراسخون في العلم دون غيرهم كقوله تعالى:فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الحجر: 92-93] وقوله:فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ }[الأعراف: 6] مع قوله:فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ }[الرحمن: 39] وقوله:وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ }[القصص: 78] وكقوله:وَرُوحٌ مِّنْهُ }[النساء: 171] والرسوخ الثبوت. ومنه قول الشاعر:
لقد رسخت في القلب مني مودة
   
لليلى أبت آياتها أن تغيرا
*د يحيى
15 - ديسمبر - 2008
شكرا على : " الخير قادم " .    كن أول من يقيّم
 
مع امتناني لحضرتكم على جهودكم الخيرة ، أطمع في كرمكم ؛ فأشارك ، بإيجاز ، بما يلي :
 
يبدو أن بيت الأعشى سقط من المشاركة : " الخير قادم 3 " سهوا . والبيت هو :
 
الـريـح تبكي iiشجوها والبرق يلمع في الغمامة
 
بين الفينة والفينة يلم بخاطري التساؤلات التالية : إذا كان للتأويل في القرءان معنى واحدا، فهل نكون على صواب إذا استخدمنا معنىً غيره خلال محاولتنا تبين معاني الآيات التي وردت فيها كلمة التأويل؟
قال الله تعالى : " ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا " ، فهل إذا قلنا : " وأحسن تأويلا " ، يظل المعنى كما هو؟ وبالمقابل : قوله تعالى : " ...ذلك خير وأحسن تاويلا "، فهل تسد مسدها في المعنى : " وأحسن تفسيرا"؟ . وإذا لم تكن تسد مسدها ، فلماذا؟
قرأت في كتاب " علوم الحديث ومصطلحه " للمرحوم الدكتور صبحي الصالح أن الاحتجاج بالحديث كان ممنوعا عند النحاة واللغويين الأوائل ؛ لأنهم لم يثقوا بان تلك المرويات المتعددة المتكاثرة كلها من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب قاطبة . وقد بين المرحوم أنه يعارض المانعين ، ويؤيد النحويين المتأخرين الذين اكثروا من الاستشهاد بالحديث على اللغة . فمسألة الاحتجاج بالحديث على اللغة إذن فيها قولان . وإضافة إلى ذلك ، فإن الحديث : " اللهم فقهه في الدين وعلمه التاويل " ورد عند البخاري عن ابن عباس نفسه دون الزيادة : " وعلمه التاويل " ، وإنما الزيادة هذه وردت عند احمد وابن حبان والحاكم ، فهل بعد هذا يطمئن الواحد منا إلى أن معنى التاويل هو التفسير، ويرتاح إلى ذلك ؟ أم أن تفسير وتوضيح القرءان بالقرءان هو الأسلم ؟
وكون علماء الأصول اصطلحوا على معنى للتأويل يبعد عما جاء به القرءان الكريم ، فإن ذلك لا يعني أن المعنى الحقيقي للتأويل زال واندثر ؛ وإنما الاصطلاح هنا ربما لا يصلح لتبين معاني الآيات التي وردت فيها كلمة التأويل ، وربما يظل ممكن الصلاحية فقط للمعنى الذي اصطلحوا هم عليه من أجله ، فهل توافق يا أخي الفاضل ، د. يحيى ، على ما أقول؟ وشكرا .
*ياسين الشيخ سليمان
15 - ديسمبر - 2008
 1  2  3  4