البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : شرح وتحلیل آبیات للنمر بن تولب    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 طماح 
8 - ديسمبر - 2008
دولة الإمارات العربية المتحدة
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
كلية الدراسات الإسلامية والعربية ـ دبي
قسم اللغة العربية وآدابها.
تقرير لمادة نصوص الأدب الجاهلي.
 
شرح وتحليل
أبيات من قصيدة النمر بن تولب
(لوحة وصف الطبيعة والراحلة)
 
العام الجامعي:
(2007ـ2008م)
كاتب التقرير: طماح الذؤابة.
السنة الأولى /8
------------------------------------------------------------------------------------------------------
(المقدمة)
اللهم لك الحمد ملؤ ما شئتَ فأنت الكريم وعلى سيدنا محمد أفضل الصلاة وأتم التسليم، وبعد:
ففي تقريري هذا أتحدث عن شاعر أسمع به لأول مرة وأحلل أبياتـًا من قصيدته، وسبب اختياري هو أن أزداد ثقافة من خلال تعرّفي على هذه الشخصية عن قرب، وكما زاد تمسُّكي به قلة المصادر والمراجع التي تتحدث عنه ـ كما رأيتُ ـ ، وكما أنه شاعر مخضرم، وقلما يسمع به أحد دون التنقيب عنه، وفي هذا التقرير قمتُ بإيداع السطور بعضـًا من أبياته، وشرحها، والتحدث عنها من خلال القالب الموسيقي قليلا، ولكن هذا كله بعد تعريف بسيط بالشاعر.
لا يكاد يخلو بحث أو تقرير من صعوبات قد تواجه الباحث، ومن تلك الصعوبات التي واجهتني قلة المصادر التي تتحدث عنه ، وتكلف الهم حين أفكر بإرضاء القارئ.
لن أنسى أيد ساندتني في هذا التقرير سواءً إسداءً لخدمة أم مدًّا بالدعاء؛ لذلك فإني أحمد الله ، وأشكر والدي العزيز الذي تحمل عبء البحث عن الكتب المناسبة.
أهدي تقريري هذا إلى كل من أكن لهم الاحترام والتقدير، وكل من وقف معي وحثني لأن أخطو خطواتي في طريق الإبداع والابتكار.
 
والله من وراء القصد يهدي السبيل
طماح الذؤابة
الجمعة:9/5/2008م
-----------------------------------------------------------------------------------------
(نبذة عن الشاعر)
(اسمه):
هو النمِر بن تـَولـَب بن زهير بن أ ُقـَيش بن كعب بن عوف بن وائل، ويكنى بأبي ربيعة، الذي لم يهجُ أحدًا ولم يمدحْ أحدًا.
 
(مكانته في قومه في الجاهلية)
شغل مكانـًا مرموقـًا في قومه، وقد جعلتْ منه حادثة عشقية بطلَ نوادر، وكان في نظر قومه الحاتم ومجنون ليلى في آن واحد، وقد قال أبو خليفة عنه في كتابه: "كان النمر بن تولب جوادًا، وكان شاعرًا فصيحًا جريئـًا على المنطق" ، وكان أبو عمرو بن العلاء يسَمّيه الكيِّس ؛ لحسن شعره، كما كان أجود العرب المذكورين وفرسانها، وقيل إنه أفـتى خلق الله حين قال:
أهيمُ بدعدٍ ما حييتُ فإن أمتْ          فوا حزنا من ذا يهيمُ بها بعدي
 
(الشاعر المخضرم)
هو شاعر مخضرم عاش في الجاهلية ، وأدرك الإسلام وهو كبير، وأسلم وحسن إسلامه، وفد إلى المدينة وأقام بالبصرة، وهو القائل للمصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
                                       إنـّا  أتـينـاكَ و قـد  طـال السفـرْ
                                       نقودُ  خيْـلا  ضُمّـَرًا فيها عسـرْ
                                       نطـْعمُها الشـحمَ إذا عزّ الشجـرْ
                                       والخيل في إطعامها اللحم ضررْ
وقد كتب له الصطفى كتابًا كان فيه:"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله لبني زهير، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، و فارقتم المشركين، وأعطيتم الخـُمس من الغنائم وسهم النبي الصفيّ، فأنتم آمنون بأمان الله و أمان رسوله".
 
(شعره):
وصل إلينا من شعره أبيات مبعثرة، وقطعة من الرجز، وقصيدة دُوِّنتْ في وقتٍ متأخر، وثمة قطع شعرية أخرى ليس فيها إشارة إلى الإسلام، تستحضر لمحات أسطورية أو وقائعَ لها صلة بشمالي الجزيرة، وعلى الرغم من وجود من يمدح شعره، إلا أن البعض أخذوا عليه بعض قوله:                                                       أبقى الحوادثُ والأيامُ من نمرٍ        أسباب سيفٍ قديمٍ إثره بادي
وقيل: لما فارق النمر امرأته الأسدية، جزع عليها حتى خيف على عقله، ومكث أيامًا لا يطعم ولا ينام، وعند احتضاره جعل يقول:                               أصبحتُ لا يحمِل بعضي بعضا
                                                        أشكو العروق الآبضات أبْضا
                                                        كمـا  تشـكّيَ  الأرجّى  القرْضا
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تابع للتقرير    كن أول من يقيّم
 
(أبيات من قصيدة النمر بن تولب)
(لوحة وصف الطبيعة والراحلة)
 
1)ميثاءُ جادَ عليها  مُسْبـِلٌ  هَطِلٌ          فأمْرَعَتْ  لاحتيـالٍ  فرْط َ  أعـوام ِ
2)إذا يَجـِفُّ  ثراها  بَلـَّها    دِيَـــمٌ          مِن  كوكَبٍ  نـَز ِلٍ  بالماءِ  سَجّام ِ
3)تـَسْمَعُ للطيرِ في حافاتها زَجَلا           كـأنَّ  أصـواتـَها  أصـواتُ  جُـرّام ِ
4)كأنّ ريحَ خـُزاماها و حَـنـْوَتِها            بالليلِ  ريحُ  يـَلـَنـْجوجٍ  و أهضام ِ
5)أليسَ جهلا بذي شيبٍ تـَذكُّـرُه            ملهى  ليالٍ  خـَلـَتْ  منه  و أيّـــام ِ
6)ومَنهَلٍ  لا ينام القومُ حضْرَتـَه            من  المَخافةِ  أ ُجْنٌ  ماؤه  طامي
7)قد بـِتُّ أحرُسُه وحدي ويمنعني          صوتُ السباع ِ به يضْبَحْنَ والهام ِ
8)ما كان إلا اطلاعي في مَدالِجـِه           ثم  انصِرافي  إلى  وَجْناءَ مِـجْذام ِ
 9)أفرَغـْتُ في حَوضِها صُفـْنـًا لتشرَبَه    في داثِرٍ خـَلـَق ِ الأعضادِ أهـْـــدام ِ
10)فعافتِ الماءَ واستافتْ بمِشْفـَرِها       ثمَّ استقرَّتْ سواه طـَرْفـُها ســــام ِِ
11)صَدَّتْ كما صَدَّ عمّا لا يحِلُّ له          ساقي نصارى قبيلَ الصبح صُوّام ِ
12)أرمي بها بَلـَدًا تـِرْميهِ عن بَلـَدٍ         حتى أُنيحَتْ على أحواضِ ضِرْسام ِ
----------------------------------------------------------------------
(المعجم اللغوي)
 
1)    ميثاء: الأرض السهلة.  أمرعتْ : أخصبَتْ وصارت ذات كلإ.
2)    ديَم: مطر ليّن يدوم اليوم واليومين . نَزلٍ: يسيل من أدنى مطر يصيبه .  سَجّام: سائلٌ قليلا أو كثيرًا.
3)    حافاتها: نواحيها.   زجلا: نوع من الشعر تغلب عليه العامية. جُرّام: الذين يصرمون النخل ويجنون ثمارها.
4)    خزامى: جنس نبات أنواعه عطرة من أطيب الأفاويه. حنوة: نبات سهلي طيب الرائحة. يلنجوج: العود.  أهضام: ضرب من الطيب.
5)    ملهى : مكان اللهو. خـَلـَتْ: مضتْ.
6)    منهل: موضع فيه المشرب . أُجْن: متغير .  طامي: كثير لا يورَد ولا يُشرَب.
7)    يَـضْبـَحْنَ: ينهَـضْن فيُصَوِّتـْن. الهام: الهَمّ.
8)    مَدالج: جمع مَدلج، وهو ما بين الحوض إلى البئر التي لم تـُطـْوَ . وَجناء: ناقة تامة الخلق عظيمة لحم الوجنة.  مِجذام: تقطع الأرض بسرعة.
9)    الصُّفـْن: شيء يتخذه الأعراب كهيئة السفرة، فإذا احتاجوا الماء سقوا بها.  أعضاد: نواحي الحوض.  أهدام : جمع هِدْم، وهو الثوب الخـَلـَق البالي المُرَقـَّع.
10) عافت: كرهتْ. استافتْ: شمّتْ .  مِشفر: شفة البعير الغليظة . سام: عالٍ لأنها نشطتْ.
11) صُوّام: جمع صائم.
12) أ ُنيخـَتْ : أ ُقيمتْ أو (الإبل) أ ُبرِكتْ .  ضِرْسام: اسم ماء.
 
طماح
9 - ديسمبر - 2008
شرح الأبيات     كن أول من يقيّم
 
 (الشرح ـ باجتهاد، وعذرًا على أي خطإ أو تقصيرـ)
 
في هذه القطعة استهلّ الشاعر بتذكّر زمن الشباب ورونقه والجمال المحيط به، فوصف أرضـًا لينة سهلة يكرمها مطر بفيض عطاياه ومَكرُماته، فتصير خضراء بسبب الكلإ الذي ينبت بعد ذلك الهطول، ذلك الكلأ الذي احتـُبـِسَ في الأرض أعوامًا، فعجَّل بالخروج لاستقبال الحياة ولإبهاج الشاعر. والتعبير:(جاد عيها مسبل هطل) قد يكون دعاءً بالرحمة والرعاية لتلك الأرض؛ نظرًا لطبيعة شبه الجزيرة العربية القاحلة، فالشخص عندما كان يريد أن يدعو بالخير لمكان أو زمان، دعا له بالسقيا، كما نلحظ تشابهًا بين البيت الأول وبيت للأعشى يقول فيه:    ما روضة من رياض الحَزن معشبة    خضراء جاد عليها مسبل هطل
كما أن هذه الأرض يتداركها مطر مطر لينٌ يدوم اليوم واليومين إذا جفَّ ترابها النديّ، فهي عملية متوالية مستمرة لا يلبث أن تجف الأرض حتى تـُبَلـَّل من جديد من سحاب جواد بما يختزنه من ماء فيُسيله قليلا أو كثيرًا على تلك الأرض التي تسيل من أدنى مطر يصيبها، فذلك أدعى لأن تكون محط الأنظار المشغوفة بالجمال، فنتذوق رهافة حس الشاعر ورقته في تصوير العَلاقة الطيبة بين الأرض والسحاب الممطر.
 
لكن هذه العَلاقة ممتدة إلى الأحياء أيضـًا، فالطيور ما أن تجد أرضـًا كهذه الميثاء حتى تحتشد فيها طلبًا لخيراتها، وبسبب كثرة الطيور الواصلة إليها، فإن الواحد منا يسمع لها أصواتـًا متداخلة مبهمة لا يفهم منها شيئـًا ومن الصعب تمايزها، و استخدم الشاعر التشبيه التخييلي بالأداة (كأن)؛ ليقرّب صورة تلك الطيور وأصواتها إلى ذهن القارئ والمتخيل، فيشبّه أصواتها بأصوات الذين يصرمون النخل، وهم كـُثـُر في مواسم الصرم مما يجعل ضجيجهم أكثر، فأحدهم يقول: خذ. والآخر: هات. والبعض يغني فرحًا لهذا الموسم،والبعض الآخر ينادي أن هلموا للغداء، وهكذا تختلط الأصوات ومن الصعب فهمُها.
ولا يمكِن أن تكون اللوحة تامة دون التطرق إلى ذكر بعض ما تحويه الأرض، وهنا يخبرنا الشاعر بأن الأرض أنبتت نبات الخـُزامى المعروف برائحته العطرة، وكذلك الحنوة النبات السهلي طيب الرائحة، وهما يكونان بالليل على قمة الروعة، فرائحتهما تكون كرائحة العود الزكيّ ورائحة الأهضام ذلك النوع من الطيب. كل هذا ليتشوَّف القارئ لرؤية هذه الميثاء النادرة على أرض الواقع، ولينمّيَ حواسه الخمس ، فهنا حاسّتا اللمس والشم، وقد سبقهما بالحواس:النظر والسمع والتذوق، وهذه التنمية للحواس تجعل الأرض فعلا جذابة وخيالية يتطلع قارئ النص لتخيُّلها بتلك الصورة التي وصفها الشاعر وكما تزيد من متعته.
 
لكن كبير السن لا يستمتع بالحياة مثل الشاب، فيتعجب الشاعر هاهنا من شخص قد بلغ من الكبر عتيًّا، ويتذكر أماكن اللهو التي قد مضت مع أيامها ولياليها، فأصبحت في قعو الماضي يدفنها الزمن شيئًا فشيئًا، فما الجدوى مِن التذكر إن كان الماضي لا يعود؟
 ومن الملاحظ أنه يقصد نفسه لما تقدم به السن، وهو يتحسر على شبابه الذي رحل.
وبسبب المطر تكون موضع اجتمع فيه الماء، لكن القوم كانوا يخشون الاستقرار عنده خشية الوحشة والغربة والسباع، والسباع هنا قد تدل أكثر على كثرة عطايا تلك الأرض التي توفر المأوى والغذاء لتلك الحيوانات المفترسة، وبسبب تلك المخافتين (الوحشة والسباع) فإن هذا الماء كثير راكد لا يورَد ولا يُشرب من القوم؛ لذلك أصبح الماء متغيرًا عكرًا قد تغير لونه وطعمه ورائحته.
والشاعر يحاول أن يمسك بحبل الحياة ، فيحافظ على نفسه خشية أن تفترسه السباع؛ لذا يبيت الليل يحترس ويتوقى الاقتراب من المنهل، فلربما أتى إليه سبع ليرتوي، و يرى أن همه بفرقة الأحباب ووحشته من دونهم ، والسباعَ التي تصوّت يحول بينه وبين البقاء على قيد الحياة، ولربما قضى عليه همه قبل أن تقضي عليه السباع، ومن المعروف في الأدب أن الأديب يعبر عن سنه بالزمان؛ لذا فإن الفعل (بـِتُّ) كناية عن التقدم في السن والضعف.
 
ومن نداوة تلك الأرض فإن الماء لا يزال يعلوها في بعض الأماكن على هيئة مدالج ـ أي ما بين سعة الحوض وسعة الرَّكِـيّة(وهي البئر قبل أن تـُبنى)ـ، والشاعر يقول: لم يك لي لـبثٌ في تلك الأرض إلا بقدر اطلاعي ونظري فيه وتفقـُّدي إياه ؛لأبحث عن مورد صاف، لكن دون جدوى. ومن هنا انصرف الشاعر إلى ناقته التامة الخلق، لحم وجنتها غليظ، سريعة تقطع الأرض والمسافات الطوال، وهنا كنايةعن همة الشاعر بالرحيل عن هذه الأرض؛ ليفارق الهم فلا بقاء في مكان يسوده الهم والخوف.
ومن أولى واجباته قبل البدء بالرحيل تزويد ناقته بالماء الكافي لتقدر على تحمُّل مشقة الترحال، ولكنه لما أحضر الماء لها في غطاء من جلد بالي الأطراف كثير الرقاع ـ والذي يدل على فقره وقلة ماله لما قد أهدره لهوًا في شبابه ـ رأى أن ناقته كرهت شربَ ذاك الماء، وشمّتـه بشفتها الغليظة، ومضتْ ترفع عن الماء بصرها كرهًا وصدًّا عنه.
أعرضتْ عن الماء كما يعرض النصارى الصائمين عن الشرب قبل الصبح، وإنهم إنما أعرضوا عن الشرب لأنهم إذا صاموا لم يشربوا ولم يأكلوا ؛ فهم لا يتسحرون، ونلحظ هنا لمحة دينية تعكس ثقافة الشاعر .
وإعراض الناقة عن الماء صور لنا مدى تعكـّر وقذارة ذاك الماء الذي أعرضت عنه البهائم، وهو لا يريد تصوير قذارة الماء بقدر ما يريد تصوير عدم ارتياحه وانعدام الصفاء من حياته هناك، رغم كل تلك الجماليات التي سبق ذكرها، وكأنه يصور نفسيته التي تعتلجُ فيها نزوات الهم لفراق الأحبة والخوف من السباع، والحنين إلى الاستقرار، أو نفسيته التي تعرض عن كل بذيء وسيئ.
ثم إنه يقصد براحلته بلدًا بعد آخر، ورحلته تكاد تكون شبه دائمة، وناقته لا تكاد تقف حتى تعاود المسير والرحيل من جديد مع صاحبها الرحّالة، حتى وصل الشاعر إلى مكان به أحواض ماء يسمّى ضرسام، فأبركها هناك حيث كانت نهاية رحلته، وكما نعلم فإن العرب كانت تستقر حيث الماء. 
وبذلك نرى كيف ربط بين جمال طبيعة تلك الميثاء، وبيان ما يعكر صفوها وهو تلك السباع ـ التي قد ترمز إلى أعدائه ـ ، والتي منعتـْه وقومه من ورود المياه ـ التي قد ترمز إلى محبوبته ـ إلى أن تغيـّرتْ، وربما كان المقصد هو أنها صارت عجوز، ثم وجد ملاذه قرب أحواض ضرسام.
والشاعر يستخدم شعره كأداة للتعبير عن ما في نفسه بكل أحاسيسها و وجدانها... يتبع،،،
طماح
11 - ديسمبر - 2008
ما يتبع...    كن أول من يقيّم
 
 
(القالب الموسيقي):
نظم الشاعر أبياته على وزن البحر البسيط التام :
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن         مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلْ
 
عروضه مخبونة ، وضربه مقطوع ـ حذف آخر الوتد المجموع مع إسكان ما قبله ـ ، والحشو في بعض المواضع يعتريه الخبن ـ وهو زحاف بحذف ثاني السبب الخفيف ـ فتصبح (فاعلن) (فعِلن)، وتصير (مستفعلن) (متـَفعلن)،  وهذا البحر من أعلى البحور درجة من الافتتان وله بساطة وحلاوة ويفوق عند البعض البحرَ الطويلَ رقة وجزالة؛ لذا فإن الشاعر قد وُفـِّق في اختياره للبحر.
قافيته:  مؤسسة(بها ألف التأسيس والدخيل)، رويها حرف الميم، وموصولة (الوصل فيها الياء).  
(الخاتمة)
 
بداية، أحمد الله الذي أعانني على إنهاء هذا التقرير المتواضع.
ثم من خلال تجوالي بين السطور والكلمات، وتحليقي بين الألفاظ والعبارات، ألفيتُ أن العلم نور، ونور الله لا يُهدى لعاصٍ.
وكان هذا التقرير جرعة إضافية إلى مخزوني العلمي والثقافي والفكري، وهذا ما أطمح إليه من أي بحث أو تقرير أكتبه؛ حيث إني تعرّفتُ على شاعر مغمور بالنسبة إليّ ، لم تتطرق إليه اطلاعاتي قط ، وهذا أثبت لي أن هناك شعراء فحولا لا نعرفهم؛ لذلك كان علينا واجب التنقيب في آثار تراثنا الأدبي الفيّاض، كذلك إن لكلٍّ سلاحه، وسلاح الشاعر لسانه وشعره الذي يتفتق به.
أعلم أن تقريري هذا ليس بالمستوى الذي يجب أداؤه، لكن يكفيني أنه استقى برد إخلاصي وتفاني فكري ويميني لأدائه، وأتمنى من القارئ أن ينبهني على أي زلة وقعت فيها، وكذلك أن يستفيد من كل معلومة ذكِرَتْ، ومن كل معنى استـُبينَ، فذلك كفيل ـ بإذن الله ـ بأن يزيد من ثروته اللغوية حتى لو بقدر بسيط، وأن يتعلم درسًا من الشاعر النمر بن تولب الذي انصاع لدرب الحق ، ولم تأخذه العزة بالإثم فينخرط أكثر في الضلال. 
هذا والله ولي التوفيق.
---------------------------------------------------------------
(ثبت المصادر والمراجع)
 
1). الأغاني، لأبي الفرج الأصبهاني، طبعة بولاق الأصلية، الجزء التاسع عشر، الصفحات: 162،158،157.
 
2). تاريخ الأدب العربي، د.ر.بلاشير، ترجمة الدكتور إبراهيم الكيلاني، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الصفحات: 297.
 
3). تاريخ الشعر العربي حتى آخر القرن الثالث الهجري، نجيب محمد البهبيتي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
 
4). ديوان النمر بن تولب العُكلي، جمع وشرح وتحقيق الدكتور محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، 2000م، الصفحات: 129،128،127،8،7.
 
5) المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية، القاهرة، الطبعة العاشرة، 1410هـ ، 1990م.
 
6). مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية: البناء الشكلي والرسالي في عينية لقيط بن يعمر الإيادي، د. صبري فوزي عبد الله أبو حسين، العدد: الرابع والثلاثون، 2007م، الصفحات: 266.
 
طماح
11 - ديسمبر - 2008
بقايا شاعر    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة يا طماح الذؤابة:
وإنك لطماح الذؤابة حقا إذ تصديت لشرح شعر النمر بن تولب، وأنت لم تبلغ العشرين بعد، وهذه وحدها تكفي لكي أتشرف بضمك إلى سراة الوراق، فأهلا وسهلا بك في سراة الوراق.
ولكن بقي أن أهمس في أذنك أن الأبيات التي شرحتها هي في ظاهرها كما قلت وصف للطبيعة، أو كما قال الجاحظ بعدما أورد القطعة:فلم يَدَعْ معنًى مِنْ أجلِه يُخصِب الوادي ويعتمُّ نبتُه إلاّ ذكره وصدق النمر
وهذا ظاهر معنى الأبيات إذا اقتطعت من سياقها، وأما الحقيقة فهو يشبه بها محبوبته جمرة، فيقول
كَأَنَّ جَمرَةَ أَو عَزَّت لَها شَبهاً في  العَينِ يَومَ تَلاقينا iiبَأَرمامِ
ميثاء ....إلخ
وجمرة هذه هي جمرة بنت نوفل الأسدية، من (أسد بن خزيمة) وقصتها مشهورة، وكان الحارث أخو النمر قد سباها وأهداها إلى النمر بعدما أسن
قال ابن سعد الخير في كتابه (القرط)
وجدت هذا البيت في شعر النمرين تولب: "الطويل"
أهيم بدعد ما حييت وإن أمت فوا  كبدا مما لقيت على iiدعد
في قصيدة أولها:
أشاقتك أطلال دوارس من دعد حـلا  مـعانيها كحاشية iiالبرد
وفي كتاب الإصبهاني: "روى" الهيثم بن عدي عن ابن عياش، قال لما فارق النمر بن تولب جمرة، جزع عليها جرعا شديدا، حتى خيف عليه، وذكروا له امرأة من فخذه الأذنبين، يقال لها دعد، موصوفة بالجمال، فتزوجها، فوقعت من قلبه، وشغلته عن جمرة،
وفيها يقول: "أهيم بدعد" . . . . البيت، قال: والناس يروون هذا البيت لنصيب، وهو
خطأ.

وأما النمر بن تولب فشاعر(الرباب) في الجاهلية، وقد ذكره أبو العلاء في (رسالة الغفران) أثناء حديثه عن أنهار الجنة. وأجمل شعره قوله:
وصدت كأن الشمس تحت قناعها بدا  حاجب منها وضنت iiبحاجب
ومن بديع شعره قوله:
كـأن  مـحـطاً في يدي iiحارثيةٍ صناع علت مني به الجلد من علُ
قال الجاحظ في كتابه (البرصان والعرجان):
والمحط: مدلكة ممتلئة يحط بها أصحاب المصاحف ظهور جلود رقاب المصاحف ليجعل ذلك الحزوز نقوشاً، وما أحسن ما قال النمر بن تولب، ولقد جهدت أن أصيب بيت شعر مثل هذا للعرب فما قدرت عليه).

ومن نوادر شعره وصفه للنخل في قطعة أوردها الحمدوني في (التذكرة الحمدونية) قال: وقال النمر بن تولب في صفة النخل:
ضربن العرق في ينبوع عين طـلـبـن معينه حتى iiروينا
بنات  الدهر لا يخشين iiمحلاً إذا  لـم تـبـق سائمة iiبقينا
كـأن فـروعـهن بكل iiريح عـذارى بـالذوائب iiينتصينا
ويطول الحديث هنا عن النمر وروائعه المبددة في كتب الأدب والمختارات الشعرية.
وأصدق ما يقال فيه وفي تفرق شعره ما حكاه هو يصف نفسه ويشبهها بالسيف المهترئ والذي كان يضرب به في شبابه فيقطع كل ما يقع عليه حتى يغوص في الأرض فيحفر الناس حوله لانتزاعه من الأرض، قال:
أبقى  الحوادث والأيَّام من iiنمر آثـار  سـيـف قديم أثره iiبادِ
يكاد  يحفر عنه إن ضربت iiبه بعد الذِّراعين والسَّاقين والهادي
قال ابن فتيبة في (الشعر والشعراء) : (ذكر أنه قطع ذلك كله ثم رسب في الأرض، حتى احتاج إلى أن يحفر عنه! وهذا من الإفراط والكذب)
وأعجب العجب أن ابن حزم جعل النمر بن تولب العكلي غير النمر بن تولب النمري من (النمر بن قاسط) ونقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر في (الإصابة) وغيرها من كتبه. قال في (الإصابة):
وفرق بن حزم في الجمهرة بين النمر بن تولب بن أقيش العكلي فساق نسبه وأثبت صحبته وبين النمر بن تولب الشاعر فنسبه في النمر بن قاسط وقال: إنه الذي عاش حتى خرف ويؤيده أن ابن قتيبة حكى أن النمر بن تولب الشاعر لما خرف كان هجيراه: اقروا الضيف اصبحوا الراكب انحروا وأن عمر بن الخطاب ذكره بذلك فترحم عليه فدل ذلك على أن الذي تأخر إلى أن لقيه أبو العلاء ومن في طبقته غيره وجرى المزي في الأطراف على ما عليه الأكثر فترجم النمر بن تولب الشاعر ثم قال: يأتي في المبهمات في ترجمة يزيد بن عبد الله بن الشخير...إلخ )
وذكر البلاذري في (أنساب الأشراف) أن ابنه ربيعة كان شاعرا أيضا، وأورد له قصيدة وجهها إلى أبيه، ثم أورد رد النمر على قصيدة ربيعة. قال:
وكان جاهلياً ثم أدرك الإسلام، فأسلم واسلم ابنه ربيعة، وهاجر إلى الكوفة وطمع في أن يهاجر أبوه فقال:
ألا إن أشقى الناس إن كنت سائلاً أخـو  إبل يمسي ويصبح iiراعيا
يـمارس  قعساً ما ييسّرن iiللكرى بـلـيلٍ  ولا يصبحن إلا iiغواديا
ولـيـس بـآتـيـه طعام iiيحبّه ولو  بلغ المحض الحليب iiالتراقيا
فقال النمر مجيباً
أعذني  ربّ من حصرٍ iiوعيٍّ ومـن شـج أعـالجه iiعلاجا
ومن حاجات نفسي فاعصمنّي فـان لمضمرات النفس iiحاجا
وأنـت نـحـلتنا كرماً iiتلاداً نـرجّي  النّسل منها iiوالنتاجا
فـلست بحازم الأضياف منها وجـاعـل دونهم بابي iiرتاجا
أتـأمـرنـي  ربيعة كل يوم لأهـلـكـها واقتني iiالدجاجا
وفي (الشعر والشعراء) لابن قتيبة ذكر لحفيده حماد بن ربيعة بن النمر، قال:
وذكر الأصمعي عن حماد بن ربيعة بن النمر أنه قال: أظرف الناس النمر في قوله:
أَهِيمُ  بدَعْدٍ ما حَيِيتُ فإِنْ أَمُتْ أُوَصِّ بدَعْدٍ مَنْ يَهيمُ بها بَعْدِى
والناس يروون البيت لنصيبٍ.
وفي (المؤتلف والمختلف) للآمدي:
ومنهم الأخطل بن حماد بن الأخطل بن ربيعة بن النمر بن تولب شاعر لم يقع إلي شعره وأنشد له أبو حاتم في كتاب ما تلحن فيه العامة:
يهينون  من حقروا iiشيبه وإن كان فيهم يفي أو يبر
ووجدت في ديوانه هذا البيت للنمر بن تولب في جملة أبيات يقول فيها:
فـيوم علينا ويوم iiلنا ويوم نساء ويوم نسر
ووجدت في أشعار الرباب عن المف
ولـيـلـة  ذي نصب iiبتها عـلـى  ظهر توأمة iiراجله
وبيني إلى أن رأيت الصباح ومن  بينها الرحل iiوالراحله
وأما قبائل (الرباب) التي كان النمر شاعرها فهي كما قال ابن عبد ربه في (العقد الفريد): (عَدِيّ وتَيم وثَوْر وعُكْل. وإنّما سُمِّيت هذه القبائل الرِّبَاب لأنهم تحالفوا فَوَضعوا أيديهم في جَفْنة فيها رُبّ. وقال بعضُهم: إنما سمُّوا الرِّباب لأنهمِ إذا تَحَالفوا جَمعوا أقداحاً، من كلّ قَبيلة منهم قَدَح، وجَعلوها في قِطْعة أَدَم، وتُسَمَّى تلك القطعة الرُّبة، فسُمُّوا بذلك الرِّباب. فمن بني عَدِيّ بن عَبْد مَناة بن أدّ بن طابخة: ذو الرُّمة الشاعر، وهو غَيْلان بن عقْبة. ومن بني تَيم بن عبد مَناةَ: عُمَر بن لَجَأ الشاعر الذي كان يُهاجِي جريراً.
ومن بني عُكْل بن عبد مناة: النَّمِرُ بن تَوْلَب الشاعر. ومن بني ثَوْر بن عَبد مَناة: سفْيان الثَّوْري الفَقيه. فهذه الرِّباب، وهم بنو عَبْد مَنَاة).
وبقي أن أنبه إلى أن حفاظ الحديث يذكرون أنه لم يرو من الحديث سوى الحديث ( صوم شهر الصبر، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، يذهبن وغر الصدر)
بينما رأيت الزمخشري وأئمة اللغة يذكرون أنه راوي الحديث المشهور على كل لسان (ليس من امبرامصيام في امسفر) قال الزمخشري في المفصل: (والميم أبدلت من الواو واللام والنون والباء. فإبدالها من الواو في فم وحدها. ومن اللام في لغة طيء في نحو ما روى النمر بن تولب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل إنه لم يرو غير هذا ليس من امبرامصيام في امسفر.
 
*زهير
12 - ديسمبر - 2008
فرح غامر وشكر جزيل    كن أول من يقيّم
 
أطيب التحيات المورقة لك يا أستاذ زهير، فعلا لو تعلم مدى سعادتي بتعليقك على موضوعي، ليس مجاملة إنما لكثرة ما يقال عنك في الموقع؛ لذلك كنتُ أنتظر هذه الفرصة منذ زمن، شكرًا على دعوتك اللطيفة لي بالانضمام إلى سراة الوراق، لكني أرى أن ذلك أكبر من عمري ومن مستواي الثقافي، وكذلك فإني عضو شبه جديد.
أشكرك على هذي المعلومات النفيسة التي سُقتها والتي أفادتني كثيرًا.
وعلى العموم فإن الأدب بحر خضم واسع لا نحيط به مهما حاولنا.
 
أهديك دوبيتي هذا ـ مع أن تجاربي الشعرية لا زالت بدائيةـ ، وأحب أن ترى رأيك فيه مع باقي سراة الوراق.
 
(أهلا وسهلا)
أهلا وسهلا بالضيا                 حشدًا هنا بدا ليا
منـوِّرًا ميــقـــــاتنـا                 وزاهيًا ومصغيـا
***
أهلا وسهلا قد أتى         يومٌ به تـُبنى المنى
يومٌ به تـُرجى العلا          يسـوق فكـرًا للسما
***
أهلا وسهلا بالضيا                 حشدًا هنا بدا ليا
منـوِّرًا ميــقـــــاتنـا                 وزاهيًا ومصغيـا
***
فالعلمُ مدَّ باسـطا           كفين لا حوائـطا
             حتى تمرَّ ساعيًا            فكنْ لمجدٍ باقطا(أي جامعًا لأشيائه)
***
أهلا وسهلا بالضيا                 حشدًا هنا بدا ليا
منـوِّرًا ميــقـــــاتنـا                 وزاهيًا ومصغيـا
***
سنونَ عمرٍ تزهرُ           إذا سَمَتْ وتعْطرُ
 بـطـالبٍ مـثــابــرٍ            يرومُ علمًا يَعمرُ
***
أهلا وسهلا بالضيا                 حشدًا هنا بدا ليا
منـوِّرًا ميــقـــــاتنـا                 وزاهيًا ومصغيـا
***
تسعى حروفي للقممْ         تهوى تآخيَ الهممْ
قد شاهدتْ في منْ علا          ذرى البيانِ والشيَمْ
***
أهلا وسهلا بالضيا                 حشدًا هنا بدا ليا
منـوِّرًا ميــقـــــاتنـا                 وزاهيًا ومصغيـا
***
Welcomes to a future see you
   We wish a goodness sun to you
To be laziness few, be ambitious to look new
***
أهلا وسهلا بالضيا         حشدًا هنا بدا ليا
منوِّرًا ميقاتنا              وزاهيًا ومصغيا
 
 
 
  أكرر شكري
طماح
12 - ديسمبر - 2008
بداية موفقة    كن أول من يقيّم
 
مساء الخير يا طماح الذؤابة، وشكرا لك كلماتك الرقيقية، وشعرك الرائق، وشهادتي أنك شاعر مطبوع، فقد حافظت في رباعياتك هذه على عمود الشعر، واختيارك لهذا البحر، وهو (مجزوء الرجز) يدل على نفس ميالة للأوزان المستعذبة، وهو على وزن النشيد الوطني (نحن الشباب لنا الغد) ولكن استوقفتني قافية البيت (باقطا) وتفسيرك لها بأن الباقط الجامع لأشيائه، فأين قرأت هذا ؟ وقد كنت في غنى عن استخدام هذا اللفظ الوحشي، وأضع لك قاعدة هنا لو التزمتها نفعتك: ليس هناك ما يمنع من استخدام الألفاظ الغريبة في الشعر إذا دعمها الشاعر بما يمهد لها، من الشكل أو المعنى أو الطبقة، كأن يأتي في صدر البيت بلفظة من طبقتها في الغرابة، أو بكلمات تتردد فيها حروفها، أو بمعنى سائر يأخذ بيدها، كقول شوقي في (سلوا قلبي):
وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِم سُلافاً       وَكانَ الوَصلُ مِن قِصَرٍ حَبابا
وقوله:
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً       يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
وقوله:
مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ       وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
وأتمنى لو تكون تجربتك الثانية من البحر المتقارب، على وزن (أخي جاوز الظالمون المدى) استمع القصيدة أولا كما غناها محمد عبد الوهاب، وتمعن لحن البيت (أخي أيها العربي الأبي) وأصغ أيضا للنشيد الوطني السوري، وردد المقطع
رفيف الأماني وخفق الفؤاد على  علم ضم شمل iiالبلاد
 ولو وصلت إلى موشح (أتيناك بالفقر يا ذا الغنى) ففيه أيضا ما يعينك على التمكن من ناصية هذا البحر، وهو يتميز بعروضه الأصم، يعني يجوز فيه أن تكون الكلمة الأخيرة من الشطر الأول متحركة وساكنة، ومثال المتحركة:
أخـي أيها العربي iiالأبيُّ أرى اليوم موعدنا لا غدا
ومثال الساكنة:
فجرد حسامك من غمده فليس  له بعدُ أن iiيغمدا
وفقك الله وسدد خطاك، وتصبح على خير
*زهير
13 - ديسمبر - 2008
مساء الخير    كن أول من يقيّم
 
مساء الخير،قلتُ سابقـًا إن تجاربي الشعرية بدائية، فهذه سَنـَتي الثانية مع نظم الشعر، ولا أعرف نظم الشعر الحر ولا النبطي مع أني إماراتي، وهذه تجربتي الأولى مع الرجز،وإذا كان هذا رأيك في كلمة "باقطا" ، فأتمنى أن ترى قصيدة "أسدال وأنوار" التي نشرتـُها سابقـًا، وتعلق عليها ،،،،،،،،وشكرًا .
طماح
14 - ديسمبر - 2008
شكرا لكما على ما افدتمونا به    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة ،
 وشكرا لكما على ما افدتمونا به ، وجزيتما خيرا .
أخونا الشاعر طماح كان قد ذكر مرة حبه لغريب الألفاظ اللغوية ، وها هو استاذنا زهير يرشده ويرشدني معه إلى متى يجوز لنا استعمال المستغرب من الألفاظ ؛ فشكرا جزيلا له . وبهذه المناسبة ، فقد تذكرت قصيدة لصفي الدين الحلي ، وهي مثبتة في الموسوعة الشعرية في إصدارها الثالث ، ذهب فيها الحلي إلى العيب على من يستخدم الألفاظ الدارسة الوحشية ، (ولو أن الفاظ طماح ليست في غرابة ألفاظ قصيدة الحلي طبعا )، وهذه هي القصيدة :
 
إِنَّما الحَيزَبونُ وَالدَردَبيسُ    =   وَالطَخا وَالنُقاخُ وَالعَطلَبيسُ
وَالسَبنَتى وَالحَقصُ وَالهِيَقُ   =    وَالهِجرِسُ وَالطِرقَسانُ وَالعَسطوسُ
لُغَةٌ تَنفُرُ المَسامِعُ مِنها    =   حينَ تُروى وَتَشمَئِزُّ النُفوسُ
وَقَبيحٌ أَن يُذكَرَ النافِرُ الوَح  =     شِيَ مِنها وَيُترَكَ المَأنوسُ
أَينَ قَولي هَذا كَثيبٌ قَديمٌ    =   وَمَقالي عَقَنقَلٌ قَدموسُ
لَم نَجِد شادِياً يُغَنّي قِفا نَب    =   كِ عَلى العودِ إِذ تُدارُ الكُؤوسُ
لا وَلا مَن شَدا أَقيموا بَني أُمَي   =    يَ إِذا ما أُديرَتِ الخَندَريسُ
أَتُراني إِن قُلتُ لِلحِبِّ يا عِل  =     قٌ دَرى أَنَّهُ العَزيزُ النَفيسُ
أَو إِذا قُلتُ لِلقِيامِ جُلوسٌ    =   عَلِمَ الناسُ ما يَكونُ الجُلوسُ
خَلِّ لِلأَصمَعيِّ جَوبَ الفَيافي   =    في نَشافٍ تَخِفُّ فيهِ الرُؤوسُ
وسؤال الأعراب عن ضيعة اللفـ = ظ إذا اشكلت عليه الأسوسُ
درست تلكم اللغات وأمسى = مذهبُ الناس ما يقول الرئيس ( ربما يعني بالرئيس : ابن سينا)
إنما هذه القلوب حديد = ولذيذ الألفاظ مغناطيس
 
ولو سألني سائل عن معاني الكثير من مفردات القصيدة هذه ، لربما صعب علي إيجاد معانيها في المعجمات اللغوية . ولو قلت لواحد ممن أعزهم : يا علقُ ، على حد قول الحلي ، أو يا علقي ، بمعنى يا عزيز او يا عزيزي ، لما فهمني على الأغلب . ولولا اني اعرف بيتا من الشعر منذ صباي وردت فيه كلمة العلق لما عرفتها . والبيت هو :
أبيت اللعن إن سكاب علق = نفيس لا تعار ولا تباع
 
*ياسين الشيخ سليمان
16 - ديسمبر - 2008