... تتمة . كن أول من يقيّم
ه: الصنعة الوكيلية إذا كنا نسجل اعتماد الوكيلي على مجموعة من المنشدين والعازفين ليس من الضروري أن تكون قد تتلمذت من قبل فإن انتظام تلك المجموعة تحت توجيهه وقيادته يجعلها تتنمط طريقة وأسلوب منهجه، ومن هنا فإن الهواة والمهتمون والدارسون يذهبون إلى القول بجوق الوكيلي تمشيا موازين ترشح في واقع النوبة الأندلسية المعاصرة حول (الصنعة الوكيلية ) أثناء التمييز بين الروايات، وهو تحديد لا يبتعد عن الواقع المتمثل في تعدد طرق الأداء وتأثر كل طريقة بمزاج صاحبها وخلفيته الفكرية والثقافية والبيئية، ولقد تميزت الصنعة الوكيلية بمميزات أهمها 1- تكامل في بناء قالب النوبة 2 - إنشاد مترابط 3- إختصار الأشغال الثانوية 4- إنتخاب أشعار ومنظومات لم تكن متداولة من قبل في النوبة الارتباط العضوي للقالب مع النسيج الغنائي الذي تتضح أجزاؤه وعباراته من خلال الفواصل اللحنية وحبكة الدور الإيقاعي المتماسك مع الإيقاع العروضي الشعري في تكوين يحفظ المعنى الأدبي ويربط مقاطع الكلمات ببنية القالب اللحني من الحافز MOTIF إلى اكتمال قالب الصنعة، هذه البنائية المنسوجة بدقة وانتظام تعطي القوة والتماسك منطقهما في المنهجية الوكيليية الحلقة 4 تركيب الميزان في المنهجية الوكيلية عندما نصغي لميزان من إحدى النوبات من تنسيق الوكيلي، يكون علينا أن نركز الإستماع من البغية إلى قفل الميزان، إنه يهيمن علينا من أول نبرة في البغية مع انتظام الأقواس على قرار الطبع ( طبع النوبة) وهذا أسلوب انتشر بين جميع الأجواق الجادة ويرتبط عمليا بالتأكد من استقامة تسوية الأوتار قبل الشروع في العمل فلا نفرق بين تلك النبرة الإضافية في البداية والنبرات الأساسية، حيث تصبح نبرة وظيفة تمهيدية ومن ثم صارت إحدى العناصر الخصوصية العملية لأداء مدخل البغية وبالتالي يتحدد من خلالها مستوى الأداء أدبا وعملا أ :القوة والتماسك في الأداء والإنشاد تميزت المنهجية الوكيلية في الأداء والإنشاد بالقوة والتماسك ،وهما يتمشى مع تركيب الميزان النوبة الأندلسية ذي الإيقاع المضبوط الذي لا يسمح تركيبه بالتفكك ولا يسمح بالتخمين في تسلسل حركته وديمومته إن وجود نسق SYSTEM مرسوم في بنية الإيقاع وهندسته التي تتفاعل مع امتداد الزمن وتعاقب الأصوات يحدد (ب: عناصر التركيب ( البغية أداء البغية عند الوكيلي يتجنب التنميق والتزاويق الإضافية مما يجعله يبقى في مقام المحيط والطبع النغمي الذي يعمل فيه، فالإشباع يكون على الدرجات الرئيسية للطبع والنبرات الخفيفة ثم عبر الدرجات الثانوية قبل الوقوف على قرار الطبع، فكل حدس أو تخمين في الإضافة أو التقصير من مدة النبرات يكون مرتبطا بالبناء العام، ومن ثم فإن البغية عند الوكيلي تستحمل القوة والهدوء ولأنها البغية تكون أول في البناء المتكامل، فالوكيلي يتجاوز بها حدود الوظيفة البسيطة ويجعلها أساسا في الهيكل العام، وبما أن البغية ذات وظيفة دلالية أي أنها تدل على النوبة وأداؤها يتوقف أو يستحمل التقدير، حيث لا سلطة للإيقاع ولا تشديد على النبرات فأداؤها مرسل واختياري ADILBITUM يتكيف حسب طريقة المسير وتشعبه بأنماط الأداء في القوالب المتحررة من الإيقاع والقوالب المقيدة بالإيقاع ومن ثم فالوكيلي قد أدمج البغية في تصوره العام، وأعاد لها قيمتها الفنية في التركيب المتكامل انطلاقا من منهجيته الشاملة للتركيب والتطبيق والممارسة ت: توشية الميزان عندما ننتقل إلى التوشية أو التوشيات أو التواشي بالجمع نكون قد ارتفعنا إلى مستوى جديد تتأكد معه الوكيلية الموسومة بقوة الأداء وتماسك التركيب في التوشية يتحدد سير حركة الميزان إذا كانت التوشية من نمط توشية الميزان ومبنية على إيقاعه، فبها سيمهد للغناء الموسع LARGO ويقتضي التواشي في النوبات الأندلسية عزف كل جزء مرتين، وأغلب توشيات الميزان في النوبات الإحدى عشر يتألف من ثلاثة أجزاء متساوية التركيب، قد يحتوي كل جزء على عبارة موسيقية واحدة أو جملة كاملة وقد اقتضى منهج الوكيلي في التطبيق جعل الأداء في الجزء متوسط القوة MEZOFORTE إلى قوي حسب ارتفاع وانخفاض طبقة اللحن ج: الإنشاد الجماعي من التوشية ندخل إلى الغناء ويستهل الوكيلي الغناء في تصديرة الميزان بإنشاد جماعي إيحائي خافت إلى متوسط في توازن الحركة الموسعة للميزان مراعيا لأسلوب الأداء مدروس ومستغلا أهم الحركات البنائية 1- بناء اللحن على طبقة صوتية منخفظة أو وسطى 2- اتساع للحركات وامتداد النبرات اللحنية عبر وحدات ومنية صوتية طويلة ( الغناء بقوة مع اتساع الحركة يجهد الأصوات مما قد يؤدي إلى خلل في تبليغ المعنى بوضوح ويكسر الفكرة الغنائية المربوطة) 3- طبيعة اللحن الموسع في حركته توحي بالهدوء والتأمل هذه العناصر الثلاثة الأولية تفضي إلى ثلاثية أساسية تتمثل في تسلسل قالب الميزان 1- قسم موسع فخم 2- قسم مهزوز معتدل 3- الإنصراف ( سريع ) فكيف تعامل الوكيلي مع هذا البناء المركب الذي تتولد فيه السرعة بكيفية تدريجية ؟ سنحاول أن نصل إلى الجوانب من خلال متابعة استقرائنا لتعاقب أقسام الميزان طبق الوكيلي أسلوبا حافظ فيه على تسلسل الميزان وما يقتضيه التركيب من تماسك وتدرج في السرعة التي تتوالد وتتصاعد من صنعة إلى صنعة في كل حركات الميزان الثلاث أداء وإنشاد جماعي متصل مترابط لا مجال فيه لتقاطع الأصوات ( إسناد دور الغناء لمنشدين لا يستغلون بالعزف أثناء الغناء، كما حصر دور العازفين في بعض الأعمال المساندة الآلية والقسم الموسع عند الوكيلي بين الإنشاد الغنائي والجواب الآلي يمر عبر أسلوب متحرك يكشف عن دينامية اللحن وينشطها فيخرجها من رتابة التكرار والإعادة وذلك بتلوين صور الأداء وتطويرها بإحداث تنويعات في النسيج اللحني، فبين خفض الأصوات ورفعها إلى الحدة حسب تسلسل العبارات اللحنية وتعاقبها وحسب ما توفره الطبقات الصوتية من تطابق وانسجام في حدتها وانخفاضها وانفراج اللحن الأساسي عن لحن التغطية تأتي الفكرة اللحنية الغنائية مرتبطة بالتركيب العام إنه أسلوب جعل ارتفاع الأصوات إلى الطبقات الحادة، إما متدرجا مع صعود اللحن أو عبر تقاطع منطقي بواسطة قفزة بين درجتين رئيسيتين في امتداد الخط اللحني أو بواسطة قفزة بعد انتهاء عبارة موالية في طبقة حادة صورة لجوق الاذاعة برآسة مولاي أحمد الوكيلي الحلقة 5 د: التركيب بين الجزئي والكلي لكل ميزان من الميازين الخمس بنية إيقاعية مستقلة متميزة عن البنيات الإيقاعية لباقي الميازين الوكيلية، وفي مضمار المحافظة على التماسك العام لا يفارقها الإحساس بما يقتضيه تركيب النوبة باعتبارها نمط غنائي يعود إلى ثقافة ذات خصوصية وحقبة تاريخية كان لها وهج متميز لا يمكن التمييز بين ميزان وميزان أو بين نوبة ونوبة إلا في عناصر معلومة ومحددة وهذا أمر يدركه الدارسون ، إن العناصر الفنية في التشكيل والمعمار والموسيقى والشعر تتنمط بمشاربها الفكرية والجمالية وعناصر تكوينها المادية، ومنها فالوكيلية تنظر في الجزء من خلال الكل وتختزل الكل في الجزء والجمال غاية وتصور ومطمح قبل أن يتجسد على أرض الواقع من خلال الأشعار والأزجال والموشحات ، وقوالب الفن وإنشاء المعمار في هياكل غير قابلة للضمور أو التفكك والنوبة هنا جزء من كل الحضارة الأندلسية فهي جاءت مكملة ومتوجة لثقافة أخذت من مشارب متعددة وهي بالتالي قد كانت ( آخر ما يحصل في العمران ) كما قال ابن خلدون في مقدمته ه: بنية الإيقاع وتميز النسيج اللحني في كل ميزان عمليا حدد الوكيلي شخصية كل ميزان تأسيسا على قاعدة التنوع في الإيقاع وتطور النسيج اللحني مزاجيا وبنائيا، ارتباطا بالتشكيلة الإيقاعية لدور الإيقاع، فكشف عن البناء اللحني من الداخل مستجليا غنائيته بالتركيز على مواضع التنفس والتواصل والتقاطع مستغلا في ذلك العناصر الفنية والشعرية وارتباطها العضوي، فالعبارة اللحنية في دور إيقاعي موسع تتميز عن العبارة اللحنية في الدور اللحني المصرف حيث يكون النسيج في الحركة البطيئة الموسعة قابل للإضافات الزخرفية من جهة وغني من الناحية التعبيرية، في حين يكون الخط اللحني في الحركة السريعة المصرفة متوال متدارك النبر كما أن ديمومة النبض الزمني تختلف من إيقاع إلى إيقاع وبين حركة وحركة، ومن ثم نجد الوكيلي ينفذ إلى عمق المسألة بإعطاء كل ميزان شخصيته مراعيا في ذلك اختلاف مرتكزا ته الإيقاعية واللحنية بين الإنشاد الصوتي والعزف الآلي الجوابات الآلية ما هي إلا إعادات للحن الغنائي بالآلات، عمل الوكيلي على إضفاء دينامية عليها بالتوزيع في خط اللحن حيث عرض في الصنائع المشغولة الطويلة في صيغته الأساس بنفس الوحدات والتقطيعات الزمنية المغناة في الشطر الأول من البيت بينما في الشطر الثاني يطبق أسلوب تقسيم الوحدات الزمنية لإضفاء الحيوية والدينامية وتقتضي القاعدة التقليدية السائدة وهي تنبني على نظرة جيدة للممارسين المتمكنين أن يلتزم جواب البيت الأول بالصنعة الغنائية الأساسية وأن يكون جواب البيت الثاني منوعا، ويطبق هذه الصنائع البيضاء القصيرة الخالية من الشغل، بينما في الصنائع الطويلة المتوفر فيها شغل كثير يتم الجمع بين الأسلوبين كما تقدم وينسجم ذلك مع طبيعة الألحان الطويلة في حركات الميازين الموسعة، وفي الحركة المهزوزة الوسيطة يتطور الأسلوب مع تطور حركة الميزان وفق التدرج التالي أ- ترتبط شدة وقوة الإنشاد مع ارتقاء السرعة ب - الإرتقاء بحركة الميزان في تماسك لا يخلخل التماسك العام بين الموسع والمهزوز حتى القنطرة الأولى لقلب الإيقاع ج - الدخول في الإنصراف بعد انقلاب الإيقاع بحركة تفاعلية من القنطرة الثانية حتى تتغير صورة النبض الإيقاعي د - تنويع أسلوب الغناء بين الجماعي والفردي والحواري إلى هنا نكون قد وقفنا على أسلوب ممنهج في التركيب والتطبيق لا مجال فيه لسيطرة التلقائية أو الإعتماد على الذاكرة والسند فقط بل هو تنسيق مشفوع بذهنية متحكمة في التطبيق من أول نبرة في الميزان إلى الخاتمة بعد هذا التدرج المحكم في تركيب الميزان ننفذ إلى الحس الغنائي بالصوت البشري وما تتوفر عليه ألحان النوبة من إمكانيات غنائية تتطلب قدرات صوتية ذات طابع خاص مرتبط بالنوبة الأندلسية، وهنا نكتشف المؤهلات الغنائية والقدرات الصوتية التي توفرت في صوت الوكيلي بالذات وفي أصوات من كانوا إلى جانبه فهو يعرض علينا طريقته في انتقاء الأصوات وانتخاب ما يلائم كل صوت من صنائع وإنشادات ذلك أن أصوات المنشدين المتخصصين في النوبة الأندلسية تتميز عن بعضها وإن كان يجمع بينهم نمط النوبة لا فقط في الطبقة الصوتية واللون الصوتي بل إن المشارب الثقافية والفنية والبيئية التي يترعرع فيها كل منشد تحدد في ضوئها وبتأثير منها نمطية وطريقة كل منشد إن المنشد الذي نشأ وتكون في الزاوية منذ البداية وقضى مدة كافية حتى حفظ الطبوع والأمداح والسماع ثم حفظ ميازين النوبة الأندلسية يتميز عن المنشد أو العازف الذي نشأ في محيط النوبة بمصاحبة الآلات فبالنسبة للأول يكون إنشاده أدق في الإنشاد الفردي الحر أو ما يصطلح عليه بالبيتين والثاني في المواويل حينما يتعلق الأمر بالغناء المرتجل، وبالنسبة للصنائع يتميز أسلوب الأول بالمحافظة والتقيد باللحن الأساسي إضافة إلى ما يطبع غناءه من أثر لأسلوب إنشاد السماع الذي يرتبط بالوقار، بينما يتميز أسلوب الثاني في هذه الناحية بالتطريب وتنويع اللحن إلا أن نقول أن هذه ليست قاعدة مشروطة فإن ذلك يظل من الأسس التي يكون اللجوء إليها في كثير من الحالات عندما يتعلق الأمر بالتمييز بين خصوصيات المنشدين الحلقة 6 ز: الوكيلي المنشد من هذه المعطيات نصل إلى الخصوصية التي ميزت صوت الوكيلي، في نوبة رمل الماية ليس هو صوته في نوبة العشاق، في رحاب رمل الماية نكون أمام صوت فقيه وقور صوفي متواجد حيث المضمون الديني يدعو للجلالة والخشوع فصوته يكون مازجا بين حضرة الأمداح في الزاوية وخلوة التصوف، أو كأنه قد اندمج في العمارة صلى عليك إلاه العرش ما سجعت ورق وما نثرت في الروض أزهار وآلك وعلى أصحابك السعدا ما لاح نجم وما انهل مدرار وهو عندما يغني بالشعر الفصيح يحافظ على مخارج الأصوات ويراعي أحكام النحو، ومن ثم يربط مقطع الكلمات التي يفصل بينها شغل، بينما في الأزجال يكون تلفظه مشفوعا بنبرة أصيلة فلا ينطق بها فصيحة نمدح محمد سيد أهل السما والأرض من جاءنا بالشرايع والسنن والفرض تخرج كلمة ( شرايع) من صوته بدون همزة ليحافظ على بناء لا يتقيد بالشعر الفصسح وهو بذلك يستجلي خصوصية النظم وتنوع المنظومات في تركيب الميزان كما أنه يتجنب الوقوع في الخلط بين الشعر العروضي والنظم الغنائي الملحون، ومن ناحية حتى لا تحدث أية خلخلة تمس تطابق الكلمات مع النبرات اللحنية ثم إن الكلمات والعبارات تخرج من صوته برنة ووقع شبيه بلغة الفقهاء عندما يجودون أو يحدثون، وهذا مرجعه إلى نشأته وتربيته بين الكتاب والزاوية ومجالس العلم في جامع القرويين انه الفقيه الفنان في نوبة العشاق تنعكس الثنائية الوكيلية، فينقلب الفقيه الفنان إلى الفنان الفقيه حيث المواضيع تتضمن حالات وصور، يمتزج فيها الغزل بالطبيعة والجمال والليل والنهار والصبح والعشي والوصل والبعاد، طريقته في الأداء لا تنحدر أنه يتمسك بغنائيته، ويتحكم في الصنعة الفنية المرتبطة بالمواضيع انه يغني بوجد داخلي، لا يفارقه إحساسه بالجدية التي وسمت ممارسته تطبيقا وتذوقا انظر إلى روض البها يروق حسنه النظر و بالمحاسن ازدهن طير على تلك الشجر والفصل يا أولي النهى يفتر عن ثغر الزهر اليوم دهري مستقيم حيث انتظمنا بالمقام على أننا نتساءل، هل كان الوكيلي مطربا؟..إذا كان الطرب هو ما تواضع عليه الناس من ارتباط بالتخنث واللهو والاثارة، فالوكيلي لم يكن من هذا القبيل ثم لماذا لم يكن يكتفي بدور الغناء الإشراف على العمل، وإسناد دور الغناء المنفرد لمنشدين آخرين كانوا متوفرين دائما إلى جانبه في المجموعة التي ظل يترأسها لمدة تناهز ثلث القرن من الزمن، إن الجواب على مثل هذه الأسئلة سيجعلنا نربط تقييمنا لصوته كمنشد، مع عدة عوامل، فهو لم يكن مغنيا بالمعنى العادي، ولم يكن يتلقى المادة ويكتفي بتبليغها لقد كان معلما وملقنا لطريقة اتسمت بالحضور والوثوق والمقدرة على تبليغ المادة ومن ثم فلم يكن غناؤه المنفرد تفضيلا، وإنما لضرورة عملية تستجيب وتنسجم مع تصوره وشخصيته وتكوينه ونظريته للمادة التي كان يملك كنه تكوينها( ( لقد كان يسند العزف المنفرد على العود للمرحوم أحمد الشافعي بالرغم من أنه بدوره يعزف على نفس الآلة)) وفي الصنائع التي غناها الوكيلي بصوته أو محاور مع الجماعة، تبدو لنا مقدرته على التمييز بين ما يقتضيه التوازن الموجود في بنيات الصنائع، والمحافظة على صيرورة الديمومة الإيقاعية. اعتمادا على تصور ذهني و إعداد عملي تركيبي توفرت لإنجازه مقدرة صوتية وفنية هناك شيء أكثر بعدا من ذلك، انه كان ينظر في التطبيق برؤية تجديدية تتشبث بالأصول في بعدها الثابت، والقيادة متداخلة عنده بين المشاركة العملية والتوجيه عن طريق الإشارة والاماء، لم يكن يكتفي بالنفقة في الغناء الجماعي أو النطق بالكلمة الأولى أ, المقطع الأول في مطلع الصنعة أو التوشيح أو البرولة بل كان يحرص على أن يكون في طليعة الجوقة، فكل حركة بصوته، هي إلحاح على تنميط الغناء وحفظ توازنه، ومن هنا تميزت منهجيته في الأداء بالمشاركة والاندماج، وهما عاملان ساهما إلى حد كبير في تبليغ المادة التي كان يختزنها خاتمة هناك ملاحظات لابد من تسجيلها، ونلخصها في كون المنهجية التي سار عليها الكيلي في تطبيق النوبة الأندلسية، اقتضت تجاوز بعض الأساليب واختصار بعض العناصر التي تدخل في خصوصيات التركيب في بنيات الصنائع الغنائية وإذا كنا نسجل له انتباهه لبعض التفككات التي لحقت بتركيب بعض الصنائع والتواشي ، فطبقها كما يقتضي البناء العام لقواليبها، وتجنب كل خلل يقع في الإيقاع،فإننا في بعض الحالات نسجل لجوءه إلى تكرار مقاطع وكلمات وعبارات من الشعر على قياس مقاطع وعبارات لحنية متخليا فيها عن الأشغال جمع شغل، والأمثلة على ذلك متعددة في الأعمال التي أنجزها الوكيلي وأمشدها وأشرف عليها، على أننا نرى أن ذلك قد تم من جهته بأسلوب حافظ فيه على التماسك المطلوب وهو في جميع الأحوال قد كان متكاملا في عمله الذي تميز بالقوة في الأداء وتوفر نفس طويل في الحفاظ على الديمومة الإيقاعية والزمنية، ومستوى التعبير، ومن الناذر أن تتكرر طريقته أو تتجدد الآن وسننظر إلى وقت لا نعلم متى سيكون لنصل إلى نموذج له تكوينا واطلاعا وممارسة ز: الوكيلي المنشد من هذه المعطيات نصل إلى الخصوصية التي ميزت صوت الوكيلي، في نوبة رمل الماية ليس هو صوته في نوبة العشاق، في رحاب رمل الماية نكون أمام صوت فقيه وقور صوفي متواجد حيث المضمون الديني يدعو للجلالة والخشوع فصوته يكون مازجا بين حضرة الأمداح في الزاوية وخلوة التصوف، أو كأنه قد اندمج في العمارة صلى عليك إلاه العرش ما سجعت ورق وما نثرت في الروض أزهار وآلك وعلى أصحابك السعدا ما لاح نجم وما انهل مدرار وهو عندما يغني بالشعر الفصيح يحافظ على مخارج الأصوات ويراعي أحكام النحو، ومن ثم يربط مقطع الكلمات التي يفصل بينها شغل، بينما في الأزجال يكون تلفظه مشفوعا بنبرة أصيلة فلا ينطق بها فصيحة نمدح محمد سيد أهل السما والأرض من جاءنا بالشرايع والسنن والفرض تخرج كلمة ( شرايع) من صوته بدون همزة ليحافظ على بناء لا يتقيد بالشعر الفصسح وهو بذلك يستجلي خصوصية النظم وتنوع المنظومات في تركيب الميزان كما أنه يتجنب الوقوع في الخلط بين الشعر العروضي والنظم الغنائي الملحون، ومن ناحية حتى لا تحدث أية خلخلة تمس تطابق الكلمات مع النبرات اللحنية ثم إن الكلمات والعبارات تخرج من صوته برنة ووقع شبيه بلغة الفقهاء عندما يجودون أو يحدثون، وهذا مرجعه إلى نشأته وتربيته بين الكتاب والزاوية ومجالس العلم في جامع القرويين انه الفقيه الفنان في نوبة العشاق تنعكس الثنائية الوكيلية، فينقلب الفقيه الفنان إلى الفنان الفقيه حيث المواضيع تتضمن حالات وصور، يمتزج فيها الغزل بالطبيعة والجمال والليل والنهار والصبح والعشي والوصل والبعاد، طريقته في الأداء لا تنحدر أنه يتمسك بغنائيته، ويتحكم في الصنعة الفنية المرتبطة بالمواضيع انه يغني بوجد داخلي، لا يفارقه إحساسه بالجدية التي وسمت ممارسته تطبيقا وتذوقا انظر إلى روض البها يروق حسنه النظر و بالمحاسن ازدهن طير على تلك الشجر والفصل يا أولي النهى يفتر عن ثغر الزهر اليوم دهري مستقيم حيث انتظمنا بالمقام على أننا نتساءل، هل كان الوكيلي مطربا؟..إذا كان الطرب هو ما تواضع عليه الناس من ارتباط بالتخنث واللهو والاثارة، فالوكيلي لم يكن من هذا القبيل ثم لماذا لم يكن يكتفي بدور الغناء الإشراف على العمل، وإسناد دور الغناء المنفرد لمنشدين آخرين كانوا متوفرين دائما إلى جانبه في المجموعة التي ظل يترأسها لمدة تناهز ثلث القرن من الزمن، إن الجواب على مثل هذه الأسئلة سيجعلنا نربط تقييمنا لصوته كمنشد، مع عدة عوامل، فهو لم يكن مغنيا بالمعنى العادي، ولم يكن يتلقى المادة ويكتفي بتبليغها لقد كان معلما وملقنا لطريقة اتسمت بالحضور والوثوق والمقدرة على تبليغ المادة ومن ثم فلم يكن غناؤه المنفرد تفضيلا، وإنما لضرورة عملية تستجيب وتنسجم مع تصوره وشخصيته وتكوينه ونظريته للمادة التي كان يملك كنه تكوينها( ( لقد كان يسند العزف المنفرد على العود للمرحوم أحمد الشافعي بالرغم من أنه بدوره يعزف على نفس الآلة)) وفي الصنائع التي غناها الوكيلي بصوته أو محاور مع الجماعة، تبدو لنا مقدرته على التمييز بين ما يقتضيه التوازن الموجود في بنيات الصنائع، والمحافظة على صيرورة الديمومة الإيقاعية. اعتمادا على تصور ذهني و إعداد عملي تركيبي توفرت لإنجازه مقدرة صوتية وفنية هناك شيء أكثر بعدا من ذلك، انه كان ينظر في التطبيق برؤية تجديدية تتشبث بالأصول في بعدها الثابت، والقيادة متداخلة عنده بين المشاركة العملية والتوجيه عن طريق الإشارة والاماء، لم يكن يكتفي بالنفقة في الغناء الجماعي أو النطق بالكلمة الأولى أ, المقطع الأول في مطلع الصنعة أو التوشيح أو البرولة بل كان يحرص على أن يكون في طليعة الجوقة، فكل حركة بصوته، هي إلحاح على تنميط الغناء وحفظ توازنه، ومن هنا تميزت منهجيته في الأداء بالمشاركة والاندماج، وهما عاملان ساهما إلى حد كبير في تبليغ المادة التي كان يختزنها خاتمة هناك ملاحظات لابد من تسجيلها، ونلخصها في كون المنهجية التي سار عليها الكيلي في تطبيق النوبة الأندلسية، اقتضت تجاوز بعض الأساليب واختصار بعض العناصر التي تدخل في خصوصيات التركيب في بنيات الصنائع الغنائية وإذا كنا نسجل له انتباهه لبعض التفككات التي لحقت بتركيب بعض الصنائع والتواشي ، فطبقها كما يقتضي البناء العام لقواليبها، وتجنب كل خلل يقع في الإيقاع،فإننا في بعض الحالات نسجل لجوءه إلى تكرار مقاطع وكلمات وعبارات من الشعر على قياس مقاطع وعبارات لحنية متخليا فيها عن الأشغال جمع شغل، والأمثلة على ذلك متعددة في الأعمال التي أنجزها الوكيلي وأمشدها وأشرف عليها، على أننا نرى أن ذلك قد تم من جهته بأسلوب حافظ فيه على التماسك المطلوب وهو في جميع الأحوال قد كان متكاملا في عمله الذي تميز بالقوة في الأداء وتوفر نفس طويل في الحفاظ على الديمومة الإيقاعية والزمنية، ومستوى التعبير، ومن الناذر أن تتكرر طريقته أو تتجدد الآن وسننظر إلى وقت لا نعلم متى سيكون لنصل إلى نموذج له تكوينا واطلاعا وممارسة الحلقة 7 فهرس التعريف بالرواد أ-أبو عبد الله محمد بن الحسن الحايك التطواني الأندلسي عاش في عهد السلطان محمد بن عبد الله العلوي.جمع ورتب أشعار النوبة الأندلسية وحدد طبوعها وميازينها كما وقف عليها في عصره، وضمنها في مجموعة اشتهرت منذ ذلك العهد باسم كناش الحايك نسبة إليه من الأسماء المرجعية التي أخذ جيل الرواد الذين عاشوا إلى بداية القرن الميلادي الحالي ب- المعلم منصور: معاصر لسابقه، عنه أخذ المطيري الذي أجاز الوكيلي ج- الساوري: من رجالات الحفاظ معاصر لسابقيه د- البريهي الأب: عبد السلام توفي سنة 1311هجرية إليه ينسب الجانب الأكبر من الرواية المعاصرة، عنه أخذ ابنه محمد ه- عبد القادر كوريش: أخذ عن سابقيه وعن غيرهم، أول من تولى التعليم في (دار السلاح) بفاس، ساهم في تكوين جيل ممن سيأتي ذكر بعض أفراده و- البريهي الابن: محمد توفي سنة 1945م أخذ عن والده، يعتبر إلى جانب المطيري والجعيدي الأب شيوخ الرواية المعاصرة، أخذ عنه الرايس ومصانو ولبزور التازي ز- عبد السلام الخياطي: توفي 1361 هجرية أخذ عن الأربعة الأوائل وعن معاصريهم انتقل في العشرينات من فاس إلى سوس بالجنوب ثم قضى فترة بمراكش عند الباشا الكلاوي، تولى الإشراف على مدرسة سي سعيد وعلم فيها. انتقل إلى البلاط الملكي بالرباط في الثلاثينات ح- العباس الخياطي: ولد بفاس سنة 1920 أخذ عن والده النوبة وعن شيخ مرسي بركات الأنوار الشرقية، رافق والده إلى الجنوب ومراكش والرباط، عمل أستاذا بالمعهد الموسيقي بالرباط من سنة 1958 إلى 1966 ثم مديرا للمعهد الموسيقي بالقنيطرة إلى يوم تقاعده سنة1958 ط-عمر الجعيدي: عاصر كلا من السلطان عبد العزيز وعبد الحفيظ والمولى يوسف ومحمد الخامس ، قضى أغلب حياته الفنية بالبلاط الملكي، كان مهتما بجمع الروايات والصنائع من مختلف المصادر، وبذل في ذلك من ماله، أورث مخزونه لابنه محمد، ترأس الجوق الذي مثل المغرب في المؤتمر الأول للموسيقى العربية بالقاهرة سنة 1932،توفي سنة 1952م بالرباط ي-أحمد بن المحجوب زنيبر: من مواليد الرباط، أخذ عن شيوخ فاس وأقام فيها لفترة حتى تمكن من الصنعة، انتقل الى الدار البيضاء في الثلاثينات حيث أسندت اليه مهمة تكوين جيل من الموسيقيين بدار الجمعية الخيرية بالدار البيضاء ، استقر آخر حياته بالرباط ك-محمد بن ادريس المطيري عاش بفاس، عاصر البريهي الابن والجعيدي الأب، وكوريش، كان فقيها وأديبا مشاركا،اشتهر باطلاعه الواسع على أسرار النوبة وإلمامه بالأدب الأندلسي، حيث قيل أنه كان يحفظ ديوان ابن زيدون عن ظهر قلب، أخذ عنه الوكيلي ومصانو ولبزور التازي، توفي الفقيه المطيري سنة 1946 ل-محمد دادي معاصر لسابقييه، اليه يعود الفضل في إرساء التعليم الموسيقي الخاص بالموسيقى الأندلسية في دار الجامعي بمكناس في مطلع الثلاثينات وبقي على رأسها إلى فجر الاستقلال، توفي 1969 م- ادريس بنجلون التويمي ألف مجموع ( التراث العربي المغربي في الموسيقى دراسة وتنسيق وتصحيح ) قام بدور جليل في التعريف بالنوبة الأندلسية، وضع مختصرا بصنائع النوبات الإحدى عشر للمعاهد الموسيقية على نفقته، مثل المغرب في المجمع العربي للموسيقى، ظل نشيطا في سبيل خدمة رسالته الفنية، توفي سنة 1982م بقلم المرحوم محمد الرايسي ولقد نشر على شكل حلقات بجريدة العلم في نهاية الثمانينيات |