تحية طيبة أساتذتي الأكارم:
هل المدة التي كانت بين مولد عيسى (ع) وبين مولد النبي (ص) متفق عليها، أم أنها مسألة لا تزال تفتقر للتوثيق والبحث ؟ أرجو ممن يقف على الكلام الفصل في هذه المسألة أن يمن به علينا مشكوراً.
فقد استوقفني قول الزمخشري في الكشاف: (وقيل: كان بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما خمسمائة وستون سنة. وقيل: ستمائة. وقيل: أربعمائة ونيف وستون)
بحثت عن أصل قوله: (وقيل: أربعمائة ونيف وستون) فلم أوفق في بحثي.
ولكن استوقفني ما حكاه ابن قتيبة في (المعارف) قال:
وبين موسى وداود خمسمائة عام، وبين داود وعيسى ألف ومائتا عام، وبين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة عام، وعشرون عاماً، فهذا تاريخ على رواية وهب ابن منبه..... وكان بين الأسكندروس وبين نبينا صلى الله عليه وسلم نحو من تسعمائة سنة والأسكندروس بعد المسيح فيما ذكر وهب، وفي هذا مخالفة لقوله إن بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما ستمائة سنة وعشرين عاماً، وغيره يذكر أن الإسكندر قبل المسيح، والخبر في الإنجيل عن جالية بابل أنها كانت بعد داود بأربعة عشر قرناً وقبل المسيح بأربعة عشر قرناً، والنساب يذكرون أنها كانت قبل إبراهيم وفي هذا من الاختلاف والتفاوت ما قد ترى والله أعلم
ورأيت الصفدي في الوافي قد ذكر أن تحرير هذه المسالة جرى سنة (671هـ) قال في الوافي (نشرة الوراق ص 4):
(قالت اليهود إن الماضي من خلق آدم عليه السلام إلى تاريخ الاسكندر ثلثة آلاف سنة وأربعمائة سنة وثمانية وأربعون سنة. وقالت النصارى أنها خمسة آلاف سنة ومائة وثمانون سنة. وأما المدة المحررة من هبوط آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض لتاريخ الليلة المسفرة عن صباح يوم الجمعة الذي كان فيه الطوفان عند اليهود ألف سنة وستمائة وخمسون سنة وعند النصارى ألفا سنة ومائتان واثنان وأربعون سنة وعند السامرة ألف وثلثمائة سنة وسبع سنين.وقال آخر المدة التي بين خلق آدم ويوم الطوفان ألفا سنة ومائتان وعشرون سنة وثلاثة وعشرون يوماً. وأما تاريخ الاسكندر المذكور في القرآن العظيم وتاريخ بخت نصر فمعلومان وتاريخ الطوفان مجهول فأردنا تصحيح ذلك وتحريره فصححناه بحركات الكواكب وأوساطها من وقت كون الطوفان الذي وضع فيه بطلميوس أوساط الكواكب في المجسطي فبمعاونة هذين الأصلين صححنا تاريخ الطوفان بحركات الكواكب كما تصحح حركات الكواكب بالتاريخ طرداً فعكسنا ذلك إلى خلف وجمعنا أزمنته وحررناه فوجدنا:
بين الطوفان وبخت نصر من السنين الشمسية على أبلغ ما يمكن من التحرير ألفي سنة وأربعمائة سنة وثلثي سنة وربع سنة
ومنه إلى تاريخ السريان أربعمائة سنة وستة وثلاثون سنة
وجمعنا ذلك فكان ما بين الطوفان وذي القرنين بعد جبر الكسور ألفين وتسع مائة واثنين وثلاثين سنة ثم زدنا على ذلك ما بيننا وبين ذي القرنين إلى عامنا هذا وهو سنة إحدى وسبعين وستمائة للهجرة فبلغ من آدم عليه السلام إلى الآن ستة آلاف سنة وسبعمائة وتسعا وسبعين سنة على أبلغ ما يمكن من التحرير. |