صفحة البداية  تواصل معنا  زوروا صفحتنا على فيسبوك .
المكتبة التراثية
المكتبة المحققة
مجالس الوراق
مكتبة القرآن
أدلة الإستخدام
رحلات سندباد
البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : لو كان قلبي معي    قيّم
التقييم :
( من قبل 3 أعضاء )
 زهير 
22 - أكتوبر - 2008
سألتني أستاذة لها اشتغال بالأدب والتاريخ عن قائل البيتين المنسوبين إلى عنترة العبسي في كتاب (المرقصات والمطربات) المنشور على الوراق، وقد غنتهما فيروز:
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم ولا  رضيت سواكم في الهوى iiبدلا
لـكـنـه راغـب فـيـمن iiيعذبه ولـيـس يـسمع لا لوما ولا iiعذلا
ولم أجد للبيتين ذكرا في كل كتب الأدب المنشورة في الموسوعة والوراق، غير (المرقصات والمطربات) لابن سعيد.
والبيتان أشبه ما يكون بشعر ابن زريق البغدادي المتوفى  حوالي (420هـ) فإن لم يكونا من شعره، فمن شعر طبقته.
والظاهر أن البيتين سارا واشتهرا في ذلك العصر على ألسنة الناس، ولم يعرف لهما قائل، ونهل الشعراء من معينهما العذب صورا لا حصر لها، 
فمن ذلك قول الشريف الرضي (ت 406هـ)
لَو كانَ لي بدل ما اخترتُ غيركُم فـكيفَ  ذاكَ وما لي غيركُم iiبدل
وكـم تـعرض لي الأَقوام iiقبلكم يـستأذنونٌ على قَلبي فَما وصَلوا
وقول ابن نباتة السعدي (ت 405)
لو كان قلبي معي سلوتُ به لـكـنه  عند أَجورِ iiالملكَهْ
وقول ابن سنان الخفاجي (ت 466هـ)
لَو أَنَّ قَلبي مَعي سَلَوتُ بِهِ أَو  كُنتُ أَنفِيهِ عَن iiتَرائِبِهِ
لَـكِـنَّهُ بانَ عَن يَدَيَّ iiفَما أَحكُمُ  فيهِ مِن بَعدِ iiصاحِبِهِ
وقول ابن سهل الإسرائيلي (ت 646هـ)
حَسِبتُ يَومَ الوَداعِ أَنَّ مَعي قَـلـبي وَلَم أَدرِ أَنَّهُ iiسُرِقا
إِنَّ  فُـؤادي فَراشُ iiشَوقِكُمُ صادَفَ نارَ الغَرامِ iiفَاِحتَرَقا
 وقول ابن عنين (ت 630هـ)
كَيفَ السَبيلُ إِلى السُلُوِّ وَلَم تُعد عَقلي  عَلَيَّ وَلَم تَدَع قَلبي مَعي
وفتيان الشاغوري (ت615هـ)
لا  تَحسَبَن قَلبِيَ iiمُذ فارَقتُ أَحبابي مَعي
وغير ذلك كثير سيما في شعر المتأخرين. وتسأل الأستاذة أيضا، من المخاطب بالبيتين؟ وهل يصح أن يقول المحب لمحبوبه: (لو كان قلبي معي ما اخترت غيركمُ) عرضت هذا السؤال على أصدقائي الأدباء فأجابوا بأجوبة مختلفة، منها  أن المخاطب بالبيتين ممدوح الشاعر وليس محبوبه، ومنها أن الشاعر يخاطب محبوبه فيقول له: لو كان قلبي الذي استلبته مني معي ما اخترت غيركم.. إلخ...أتمنى أن نسمع من سراة الوراق رأيهم في هذا، ودمتم طيبين
 1  2 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
رأي متواضع..    كن أول من يقيّم
 
ألف تحية لحبيب الكل أستاذنا زهير.. في كثير من الأحيان لا تستطيع الأنثى أن تسيطر على مشاعرها فتقوم بالإفصاح عن حبها لفارس أحلامها.. وبرأيي أن إحداهن قد عرضت على الشاعر حبها وهيامها به.. لكنه كان مشغولاً بعشقه لغيرها.. وفي الوقت نفسه كان كريماً ذا أخلاق عالية فلم يصدها صدوداً يترك جرحاً في قلبها المرهف.. ومثل ذلك قول العباس بن الأحنف:
هَـلا أُحَـدِّثُكُم بِأَطرَفِ iiقِصَّةٍ بَـلَـغَتكُمُ في سالِفِ iiالأَحقابِ
إِنسانَةٌ عَرَضَت عَلَيَّ iiوِصالَها دَسَّـت  إِلَـيَّ رَسولَها بِكِتابِ
كَتَبَت تُعَيِّرُني بِطولِ صُدودِكُم وَالـلَهُ يَعلَمُ كَيفَ كانَ iiجَوابي
وربما قول الشاعر بهاء الدين الرواس في مثل ذلك أيضاً:
عُرِضَتْ عليَّ شُؤُونُ حُبٍّ بعدَهُ مـا الـحُبُّ إِلاَّ للحَبيبِ iiالأوَّلِ
*أحمد عزو
23 - أكتوبر - 2008
المُخاطب هو المحبوب    كن أول من يقيّم
 
 أحيي أستاذي أطيب تحية ، وأشكره على جهوده الغنية بالفوائد الجمة ، 
 وهذه مشاركتي :
   قول الشريف الرضي يوضح ، عندي ، معنى البيتين محل التساؤل ؛ فمن قال في معناهما أن الشاعر يخاطب محبوبه فيقول له : لو كان قلبي الذي استوليت عليه طواعية ورغبة عارمة مني في أن يكون قلبي مستولى عليه من قِبلك ما زال ملكا لي ، فلن أختار غيرك ، يكون قوله صحيحا . ووفقا لهذا المعنى فإن محبوب الشاعر إن تخلى ( وربما يتخلى ) عمن يحبه ، فإن هذا المحب لن يتخلى عن محبوبه أبدا . ومن الشعر الغنائي في القرن الماضي : " أبيع روحي فدا روحي ونا راضي بحرماني، وعشق الروح ملوش آخر لكن عشق الجسد فاني" . وعلى أي حال ، فإن قوله " لو " يؤكد أن التخلي او اختيار الغير لم ولن يحصل على الإطلاق ، وفي هذا قمة الإخلاص في الحب والتفاني فيه . المخاطب بالبيتين إذن هو المحبوب ، ولا يصح ذلك الخطاب وحسب ، بل هو البلاغة الحقة في الخطاب .
  وإن قافية البيت الثاني ومخالفتها لقافية البيت الأول تصلح فيما أرى محلا للنقاش في الضرورات الشعرية ومتى بدأ ظهور تلك الضرورات وما رأيكم ورأي الأساتذة الآخرين فيها .
 
 وأود ان أسألك استاذي إن كنت قد طالعت تعقيبي الأخير على سؤال الأستاذ السويدي ، فلدي شوق إلى معرفة رأيك فيه ؛ آملا الاستفادة من علمك وصائب نظرتك .
*ياسين الشيخ سليمان
23 - أكتوبر - 2008
تحية واستفسار    كن أول من يقيّم
 
تجية طيبة أستاذنا الكبير ياسين الشيخ سليمان: أشكر لكم ثقتكم الغالية ووودكم الخالص، وكلماتكم هذه الندية العطرة المشتهاة، ولكن لم أفهم وجه اعتراضكم على (عذل) وأنها مخالفة للقافية الأولى ؟ ورجحت أنكم تقرؤونها بسكون الذال، والصواب أن الكلمة لها وجهان بالسكون والفتح، ومن الفتح المثل السائر (سبق السيفُ العذل) وقد ضمنه في شعرهم شعراء كثيرون، فمن ذلك قول ابن زيدون:
لا  يَزَل مِن حاسِديهِ iiمُكثِرٌ أَو مُقِلٌّ سَبَقَ السَيفُ العَذَل
يـا  بَني جَهورٍ الدُنيا iiبِكُم حَـلِيَت أَيّامُها بَعدَ iiالعَطَل
وقول إسماعيل صبري:
لـو كنوز الأرض كانت iiبدلاً مـن محيَّاكِ لما اخترتُ iiالبَدَل
فـاذكـري صـبّاً وفيّاً iiهائماً واعلمي أن سَبَقَ السيفُ العَذَل
وقول ابن القيسراني:
يـا  رامـياً مسمومةً iiنصالُهُ عَيناك  للقارَةِ قُلْ لي أم iiثُعَل
وعـاذلٍ  خوّفني من iiلحظها إِليك عني سبق السيفُ العَذَل
وقول عمارة اليمني
أعـتق iiباصطناعه من عز منهم ثم ذل
لـولا  اعتلاقهم به لسبق السيف iiالعذل
وأما ورود اللفظة بعيدا عن المثل فيطول ذكر ذلك لأنه كثير جدا، ولكني أكتفي بذكر ما أراه مستفادا من البيتين (لو كان قلبي معي) فمن ذلك قول أبي اليمن الكندي (ت 613هـ) :
قـد كـنـتُ قـبلك مغرورا iiبحبهم ثـم ارعـويت إِلى السلوان iiوالملل
وكـنـت أسـمـع إلا فـيهم iiعذلا فصرتُ لا يطبَّي سمعي سوى العذل
فـاهجر ولا تبتدل من وصلهم iiبدلا فاللوم في الأصل مركوز وفي iiالبدل
وقول أسامة بن منقذ في مخمس:
لَـمْ يَـتْرُكِ الوَجْدُ لي في غيرِهمْ iiأَمَلا ولَـم أُطِـعْ فـيـهِمْ نُصْحاً ولا iiعَذَلا
وبـعـدَ ما أشعروني في الهَوى iiخَبَلا تـبـدّلـوا بـي ولا أبـغي بِهم iiبَدَلا
حَسْبي بهم أَنصفوا في الحُكمِ أوْ ظَلَموا .....
وهذا يذكرنا بفاتحة قصيدة صريع الغواني في تهنئة يزيد بن مزيد الشيباني في القضاء على الوليد بن طريف، والتي أفردت لها تعليقا خاصا فيما سبق، وأولها:
أُجرِرتُ حَبلَ خَليعٍ في الصِبا غَزِلِ وَشَـمَّـرَت  هِمَمُ العُذّالِ في iiالعَذَلِ
وأما اجتهادكم في أن يكون قبر الوليد بن طريف في حديثة النورة فاجتهاد محمود، ربما يقودنا إلى اليقين، وبذلك يكون ما أفادنا به الدكتور مروان من وجود تل في كفر توثا يحمل اسم (تل بُناثا) مرتبطا بما تقضيه الرواية الشائعة، ويكون كلامكم هو ما يقتضيه واقع الحال حسب رواية ابن القراب، وقد أوجزت الجواب هناك، ودمت بخير ورضا من الله
*زهير
24 - أكتوبر - 2008
لكن ...    كن أول من يقيّم
 
صباح الخير عليكم جميعاً :
لن أتدخل إلا في تفسير البيتين كما أفهمهما ، وعادة ما أفهم المعاني كما يفهم الأستاذ هشام الأغاني ، أي بالتقاط الكلمة أو الكلمات " الجوهرية " التي تشكل مفتاح الدخول إلى النص والتي لا يمكن استبدالها ، أو حذفها ، وإلا ضاع المعنى . وأظنها هنا كلمة : بدلا .
البدل هو تغيير الشيء بشيء آخر ، وهذا يفترض وجود هذا الآخر ، البديل . والبديل هنا هو الشخص الآخر المخاطب سواء كان ممدوحاً أو امرأة أخرى . ثم بعد أن يعتذر بأنه لا يمتلك السيطرة على قلبه ، وبأنه لم يختر محبوبه وإلا لكان أختار المخاطـَب بديلاً عنه ، يردف هذا بالحرف لكن الذي ينقلنا من حال إلى حال . ولكن هو بالأصل : لا كن ، الذي هو إثبات بعد النفي . إنه ينفي هنا المعنى الأول ويثبت المعنى الثاني ، وهو يستخدم للاستدراك ، ( ما اخترت غيركم ، ولا رضيت سواكم ، ولكن ... ) وللتوكيد ( لكنه راغب فيمن يعذبه ) . باستخدامه لكن ، نفى المعنى الأول ( الرغبة بالبدل ) واستدرك بتوكيد المعنى الثاني ( راغب فيمن يعذبه ) . ثم أن في قوله : وليس يقبل لا لوماً ولا عذلاً تأكيد وإضافة للمعنى على أن اللوم واقع نتيجة لرضاه بالذل والعذاب .
*ضياء
24 - أكتوبر - 2008
تحياتي لجميع الأكارم ،    كن أول من يقيّم
 
 
    كنت أظن أن اسم العذْل بسكون الذال هو وحده اللفظ الصحيح وذلك من مطالعتي إياه قديما في طبعة من طبعات المنجد في اللغة وأن ما ورد في الأشعار من فتح الذال فيه إنما هو من ضرائر الشعر ، أما وأستاذنا الغالي قد أفهمنيها ، فله الشكر وله العرفان بالفضل . ولو كان التأني رفيقي ما أتعبت أستاذي فكلفته الإجابة . وفي المعجم الوسيط طالعت لتوي العذل بسكون الذال أو بفتحها . وبهذه المناسبة أتساءل عن الأساس الذي يعتمده أهل اللغة في كيفية ضبط كلماتها . ولقد قرأت مرة أن أشعار المولدين لا يعتد بها على الرغم مما للشعر من مكانة في الاستشهاد على اللغة ، ومع ذلك فإن جريان لفظ على الألسنة دون أن يستنكره اللغويون وأصحاب الفطر السليمة ربما يجعله صحيحا . وأشكرك أيضا يا أستاذي الكريم ، على تعقيبك حول مكان دفن الوليد بن طريف ، ففيه ما يبعث على الاطمئنان ، وفيه مخرج سليم من تأكيد الدكتور مروان أن تل نباثا موجود في كفر توثا .
    وأصرح هنا بأنني لما أدرجت مشاركتي حول البيتين المنسوبين إلى عنترة لم أكن قد طالعت مشاركة الأستاذ المثقف الذكي اللماح العزيز أحمد عزو ، ولما ظهرت مشاركتي فإذا بمشاركته تسبق لتوها مشاركتي ،  فقرأتها وأعجبت بها وقلت في نفسي : من المحتمل جدا أن الإجابة المعقولة لن تكون مباشرة مثل إجابتي خاصة وأن أستاذنا زهير لا يضع لنا سؤالا إجابته قريبة التناول . ولما قرأت مشاركة أستاذتنا العزيزة ضياء ، وهي الفيلسوفة الحكيمة والأديبة المثقفة المعتبرة ذات الإحساس المرهف ، ازداد الاحتمال لدي بأن إجابتي بعيدة عن الصواب ، أو أن البيتين يحتملان أكثر من إجابة مع الأخذ بالحسبان أن إجابة يمكن أن تفوق أخرى قربا من المعنى الذي قصده الشاعر .
    وإذا كان فهم معنى البيتين المذكورين متعددا، فيجوز لنا النقاش في معانيهما المتباينة أو المتقاربة لأزداد من إيضاح غيري فهما. وأقول حول مشاركة الأستاذ عزو ، والأستاذة ضياء ، ومشاركتي :
1ـ إذا كان قائل البيتين عنترة ( وهذا غير مضمون  ) فإن قصته مع ابنة عمه مشهورة ، وليس فيها واحدة أخرى تعلقت به حتى يقول لها ما قال ، كما أن نسبة البيتين إلى عنترة تعني عند من نسبوهما  إليه أن الحب فيهما هو مثل حب عنترة ابنة عمه والذي لم تشبه شائبة من إمكانية تخلي عنترة عن حبه . والظن بأن المخاطَب هو غير المحبوب يكون معقولا أكثر إذا كان نوع الحب الذي ورد في البيتين من نوع حب عمر بن أبي ربيعة مثلا النساء ؛ لكن هذا النوع غير واضح في البيتين أنه كذلك ، بل الأقرب أنه حب فيه الإخلاص التام متوفرا ، فهو إلى العذري أقرب ، فيستبعد أن تطمع واحدة في أن تعرض حبها على من هو يفني نفسه في حب غيرها .
والأهم مما سبق هو كيف للشاعر أن يفطن إلى الاستبدال الحقيقي ( يستبدل محبوبا بمحبوب آخر) وقلبه ليس معه! أليس هذا ينسف الكلام من أصله نسفا فيذره لا فائدة منه أو يجعله كذبا واختلاقا! أما إذا كان الخطاب موجها للمحبوب نفسه تأكيدا على شدة التعلق به ، فإن البديل هنا هو المحبوب نفسه ، ولم لا ؟ وهذا معنى بليغ جداً يشبه في بلاغته مثلا معنى القول : لو لم تكن أنت المحبوب ، لبحثت عن محبوب يكون أنت . فالتبديل هنا لا يشترط فيه المعنى الحقيقي للتبديل . ويشبه هذا تقريبا معنى قولنا : " الجيبة وَحدِه " عندما يريد أحدنا أن يكفي صاحبه مثلا ثمن ابتياع شيء ما لسبب أو لآخر، والجيب في الحقيقة جيبان . إن عظم مقدار حب المحب للمحبوب جعل المحب لا يعبأ بلوم اللائمين ولا بعذل العاذلين فيظل مستقيما على حاله من الإخلاص لمحبوبه مهما يعاني في سبيل ذلك من عنت . ولو لم يكن الحب بهذا المقدار ، لبحث عن محبوب آخر واستراح ، أو لاستجاب للتي صارحته بحبها(على رأي أخي أحمد عزو) وانتهى الأمر .
ومن الشعر المشهور :
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى مـا الـحـب إلا للحبيب iiالأول
هذا البيت يجعلني أستغرب كيف ينقل المحب المخلص فؤاده حيث يشاء ولديه حبيب أول رست سفينة فؤاده على ساحله ! من المفروض أن يكون التنقل غير وارد أصلا . أما أبيات العباس بن الأحنف التي ذكرها الأستاذ عزو ، فهي ربما تحمل أيضا معنى التهديد الخفي ؛ حثا للمحبوب على الاستجابة وهجر الصدود كالذي يتهدد زوجه بجلب ضرة لها لسبب من الأسباب ، وهو في حقيقة الأمر غير جاد في التهديد ، أو لا قدرة لديه على التنفيذ .
 
 
*ياسين الشيخ سليمان
24 - أكتوبر - 2008
قلبي بين أيديكم..    كن أول من يقيّم
 
لو كان قلبي معي ما اخترتُ غيركمُ ولا رضيتُ سواكمْ في الهوى iبَدَلا
لـكـنـّه راغـبٌ فيـمن iiيعذّبهُ وليـس  يسمع لا لَوما ولا عَذَلا
ما كنت أحسبُ أن سؤالاً كهذا السؤال يمكن أن يثور في الذهن لدى قراءة مثل هذين البيتين البسيطين، اللذين يدخلان القلوب دون استئذان، ولذلك عُدّا من المطربات والمرقصات..
 
أنا كشاعر بسيط، أفهم هذين البيتين فهماً بسيطاً، لا تعقيد فيه، مفاده: (حتّى لو كان قلبي معي وبين جنبيّ، ثم خُيّرت بينكم وبين سواكم، فلن أختار أحداً غيركم، ولن أرضى البدل في هواكم.. فكيف إذا كان قلبي لديكم أصلاً، وهو بين أيديكم، راض بمن يعذبه وراغب فيه، ولا يقبل أن يسمع فيكم لوماً ولا عذَلا، مني أو من سواي).
فهل يستقيم البيتان بفهم كفهمي؟
 
*عمر خلوف
25 - أكتوبر - 2008
رومانسية    كن أول من يقيّم
 
عادة ما أُتَّهَمْ بالرومانسية ، لكنكما غلبتماني . المشكلة هي في تخيل مناسبة النص لأننا لا نعرفها . ولو تخيلنا بأن الشاعر يتوجه بالبيتين إلى ممدوح ما ، أو إلى امرأة أخرى سعى لصدها بطريقة لبقة ، وهو يشرح لها موقفه ، ومقدار تعلقه بالحبيبة التي تعذبه ، ويتلقى بسببها اللوم والعذل ، لبقيا بمنتهى الروعة والجمال . ولو سلمنا جدلاً بافتراضكما ، لبقي عليكما تفسير " لكنه " ، فلماذا يقول : " لكنه راغب فيمن يعذبه " لو لم يكن هناك تناقض بين قلبه ( الذي لم يعد ملكه ) وخيار آخر يمنع عنه العذاب ؟
*ضياء
25 - أكتوبر - 2008
رومانسية! نعم ، ولكنها غلب عليها التأويل    كن أول من يقيّم
 
 
أستاذتنا الكريمة ،
سوف أجيبك آخذا بالحسبان إمكانية وقوعي في الخطأ ، فلست أدعي امتلاك ناصية الحقيقة ، إنما هي قناعات يحددها اتجاهي العاطفي وليس العقلي وحده . ولا يعني ذلك على الإطلاق أنني أبعد بحضرتك عن الرومانسية ، وكيف ذلك وأنت سيدة وربة أسرة أولا ، ومتعلمة مثقفة إلى أبعد حدود الثقافة التي لم يصلها واحد مثلي ثانيا ، وإنما الذي يبدو أنك خشيت الاتهام بالإيغال في الرومانسية حيث أن الإيغال فيها يمكن أن يوحي لدى بعض الناس انصراف نظر الرومانسي عن العقلانية ، أو حتى يمكن أن يظن الرومانسي نفسه كذلك خاصة إذا كان دارسا للفلسفة متعمقا فيها ؛ فكل شيء عنده بحساب حتى الكلمة او الحرف ، ويظل يخشى أن يكون قد جانب الصواب . إن مزج الرومانسية مع العقلانية هو الأولى دون ريب حتى تستقيم الحياة على الحال الأفضل ، ولكن الشعراء( ليسوا كلهم)  يبدون على خلاف ذلك فيما أرى . والتزام العاطفة وحدها جربته شخصيا في مراحل حياتي ، فما نابني منه غير الضرر في كثير من الأحايين .
أهم شيء اعتمدته في تحليل البيتين في مشاركتي السابقة غفلتُ عن ذكره ، وقد ذكر معناه أخونا العزيز أمير العروض ويعني أن الشعر العذب يكون في العادة سهل المتناول لدى الغالبية ؛ لذا لا يحتاج في العادة إلى تحليل من نوع آخر يصعب على الأغلبية فهمه . وإذا رحنا نؤول المعنى تأويلا ؛ اعتمادا على أن الشاعر كان لغويا أو نحويا ، وأنه دقق في معنى كل كلمة يقولها ، وفي كل حرف أو أداة لغوية أوردها ، فإننا ساعتها ربما نخرج بمعنى غير الذي قصده الشاعر وربما نكون بذلك على حق دون أن نصل إلى المعنى المقصود . ولو كان النص نصا قرءانيا لوجدنا أن كل كلمة ، بل كل حرف قد وضع في محله الصحيح الذي لا صحيح بعده ، وهنا تنطبق الطريقة التي اتبعتها حضرتك في التحليل دون ريب . وإنني في تعقيبي السابق بدوت متأثرا بطريقتك في تعليق حضرتك السابق فلجأت إلى القول : كيف للشاعر أن يفطن إلى الاستبدال الحقيقي ( يستبدل محبوبا بمحبوب آخر) وقلبه ليس معه! وهذا القول قريب نوعا ما إلى التحليل الفلسفي . ولكن تعقيب أمير العروض كان موجزا وبسيطا وواضحا .
وكوننا لا نعرف مناسبة النص على وجه القطع ( ولا يمكن ذلك إلا من فم صاحب النص نفسه إن صدق في إخبارنا) لجأنا إلى تحليل المعنى ؛ وصولا إلى المناسبة ، ويبقى نقاشنا تحليلاتنا والرسو على واحد منها إن أمكننا ذلك ، هو الفيصل في معرفة المناسبة . وقد انصرف تحليلنا إلى سبيلين : المخاطب هو المحبوب نفسه ، أو المخاطب شخص آخر . ويبقى علينا النقاش في أي التحليلين نكتشف منتهى الروعة والجمال . والتحليل الثاني ، وهو مخاطبة محبوب آخر ، يرتكز فقط على حسن الخلق والكياسة في أسلوب الرد حرصا على عدم جرح المشاعر ، وهذا ، لاريب ، خلق جميل ، ولكنه متوقع ومعتاد لدى الكثيرين ، فإن قصد إليه الشاعر لا يكون قد قصد شيئا عجيبا ، ولن يكون ذلك الشاعر ، في رأيي البسيط ، هو ابن زريق أو من طبقة ابن زريق إنما يقرب من أن يكون من طبقة أبي العتاهية مثلا في بعض ما نسبوا إليه من نظم .  والتحليل الثاني يمكن أن يقع كذلك كثيرا في مناسبات أخر . فلو قصدنا سائل يسألنا مما أعطانا الله ، لقلنا له : والله إنك لتستحق أن تعطى ، ولو كان معنا مال لأعطيناك ، ولكننا لا نملك المال ، فالله ييسر لك ، ونكون بذلك لم نرتكب ما نهى الله عنه من نهر السائل . وهذا أمر طبيعي عند الناس . أما الشعراء الذين اقتبسوا من معنى البيتين ، فإننا نلحظ في شعرهم المعنى الأول الذي يروح بنا إلى أن المخاطب هو المحبوب نفسه ، مثل قول الشريف الرضي :


لَو كانَ لي بدل ما اخترتُ غيركُم فـكيفَ  ذاكَ وما لي غيركُم iiبدل
وكـم تـعرض لي الأَقوام iiقبلكم يـستأذنونٌ على قَلبي فَما وصَلوا
 
"ولو سلمنا جدلاً بافتراضكما ، لبقي عليكما تفسير " لكنه " ، فلماذا يقول : " لكنه راغب فيمن يعذبه " لو لم يكن هناك تناقض بين قلبه ( الذي لم يعد ملكه ) وخيار آخر يمنع عنه العذاب ؟"
 
ولماذا نفترض أن الشاعر يرغب في منع العذاب! الوالدان تقع عليهما صنوف العذاب المادي والمعنوي من أبنائهما ولا يرجوان لحظة واحدة التخلص من هذا العذاب المستعذب ؛ لأن التخلص منه يعني الوقوع في عذاب أشد وأنكى . إن التناقض الذي يبدو لنا ، سببه تحكيم العقل دون العاطفة ، ولا أظن أن المحب بشدة يفكر في غير عاطفته . ولو تخيلنا أن البيتين كانا خطابا من والدة لابنها فهل نؤول المعنى حتى نروح إلى أن المخاطب شخص آخر! وهكذا المحب الموله يخاطب محبوبه .
بقي أن أوجه إلى حضرتك سؤالا : هل تظنين أن السيدة فيروز لمّا تغنت بالبيتين قصدت إلى معنى التحليل الثاني أم إلى معنى الأول؟
دمت بخير ، وأعتذر عن الإطالة .
 
 
 
*ياسين الشيخ سليمان
26 - أكتوبر - 2008
صباح الخير    كن أول من يقيّم
 
صباح الخير أستاذ ياسين ، وأعتذر عن تأخري بالجواب حتى هذا الصباح . هناك ما ألهاني عنه بالأمس بعد أن هممت بكتابته :
هناك أغنية طريفة كنا نسمعها في الماضي هي عبارة عن حوار بين هدى حداد وجوزيف ناصيف ( البوسطجي )حيث تطلب منه أن يقرأ لها رسالة يحملها لابنتها ، فيقرأ الرسالة على ذوقه ( حب وغرام ) ، ثم تأتي معلمة المدرسة وتقرأ الرسالة بطريقة مختلفة كلها إعراب وتصحيح إملاء ، ثم يأتي شخص ثالث فيطالبها من خلال الرسالة بإيجار الدكان الذي تأخرت عن دفعه ، ورابع وخامس ، وكل واحد فيهم يقرأ في الرسالة ما يجول بفكره من الهموم ، حتى أنها لا تعرف بالنهاية ماذا كـُتـِبَ في الرسالة . 
كنت قد استمعت دائماً إلى فيروز وهي تغني " لو كان قلبي معي " كما لو أنها تشتكي من عدم قدرتها على تغيير هوى القلب . وربما يكون ما تظنانه هو الصحيح . وأنا أشكر لك سعة صدرك وتسامحك التي لا يبلبلها مبلبل ، وكل ما تقوله في حقي من الصفات التي لم أصل إليها قطعاً بعد ، حتى وإن كنت أطمح لها ، لكنها تنم عن ذوقك وأدبك الذي نتعلم منه في كل يوم دروساً .
*ضياء
27 - أكتوبر - 2008
صراع واقعي !    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحية طيبة للأساتذة الكبار الذين ألقوا بنورهم على هذين البيتين المُتوهجين , , ,
   منذُ أن  طرح الأستاذ زهير هذين البيتين للنقاش وأنا  أحاول أن أُعيد فهمهما , فاقتنعتُ بكل تفسيرات وشروحات الأساتذة , ووجدتُها كلها صحيحة وكاملة , ولا حظتُ حسب ترتيب التعليقات الجمل التالية :
الأستاذ أحمد عزو : (( لكنه كان مشغولاً بعشقه لغيرها ))  ... 
الأستاذ عمر خلوف : (( فكيف إذا كان قلبي لديكم أصلاً ؟ ))
الأستاذ ياسين الشيخ سليمان : (( كيف للشاعر أن يفطن إلى الإستبدال الحقيقي وقلبه ليس معه ! ))
الأستاذة ضياء خانم : (( استمعتُ إلى فيروز كما لو أنها تشتكي من عدم قدرتها على تغيير هوى القلب ))
  ....  أما أنا فأقول إن مفتاح فهم البيتين يكمن في أول حرفٍ فيهما وهو : لو فشَرَط الشاعر اختياره المستحيل بقدرته ( غير الموجودة ) على السيطرة على قلبه , فلعقله اختيار , ولقلبه اختيار آخر , وهو في النهاية ينتقد قلبه الذي يمتلك الكلمة النهائية بالاختيار , بأنه يرغب فيمن يعذبه , ويتوه ولا يسمع صوت العقل أبداً ...
   ,,, وهذا يذكرني بقصيدة الشاعر كامل الشناوي , والتي غناها عبد الحليم حينما يقول :
سألتُ عقلي فأصغى وقال : لا لن تراها
وقال قلبي : أراها , ولن  أحب  سواها
    .... وهذا الصراع بين العقل والقلب هو صراع واقعي   !
*محمد هشام
27 - أكتوبر - 2008
 1  2