البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : استفسارعن قصيدة    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 ياسين الشيخ سليمان 
9 - أكتوبر - 2008
رواد الوراق الأفاضل ،
 تحية طيبة ،
لدي استفسار عن قصيدة قديمة وطويلة قيلت في رثاء الأندلس وخاصة بلدة رُندة مسقط رأس أبي البقاء الرندي ، ومؤلفها مجهول ، وتعد وثيقة تاريخية هامة في تاريخ الأندلس ؛ فهل لديكم علم عنها وعمن هو مؤلفها؟ وإلى حضراتكم مطلعها وبعض أبياتها :
 
أحـقـا  خبا من جوّ رُندة iiنورُها وقد  كُسفت بعد الشموس iiبدورُها!
وقـد  أظلمت أرجاؤها iiوتزلزلت مـنازهُها  ذات العلا iiوقصورُها!
وهُـدّت مـبانيها وثُلَّت iiعروشها ودارت على قطب التفرق دورُها!
وكـانـت  عُقابا لا يُنال iiمَطارُها ومـعقلَ عزٍّ زاحمَ النسرَ iiصورُها
تـسـلَّمها حِزبُ الصليب iiوقادَها وكـانـت  شَروداً لا يُقادُ iiنُفورُها
فـوا حسرتا كم من مساجد iiحُوِّلت وكانت إلى البيت الحرام شطورُها
فـمحرابها  يشكو لمنبرها iiالجوى وآيـاتـها  تشكو الفراق وسورُها
   والأمانة تقتضي ذكر مصدر معرفتي القصيدة المذكورة ، وهو موقع على الشبكة ذكر أحد كتابه ، وهو الكاتب الفاضل ، د. أنس البن ، أن القصيدة مذكورة في عدد من أعداد مجلة الرسالة التي كان يصدرها في مصر الأديب الكبير أحمد حسن الزيات في الثلاثينيات من القرن الماضي . وكان أحد الأدباء المغاربة ( عبد الرحمن حجي من مدينة سلا) قد أرسل القصيدة إلى الزيات بغية الاستفسار عن مؤلفها ، ذاكرا احتمال أن أول طبعة لها  تمت في الجزائر عام  1914 على يد الأستاذ الدكتور صوالح محمد مع ترجمة فرنسية .
وقد قام د. أنس البن أيضا بنشر صورة القصيدة نقلا عن مجلة الرسالة ، كما قام بنشر صورة مقال عنها صوّره عن عدد آخر من المجلة ، والمقال للباحث الشهير في التاريخ الأندلسي الأستاذ محمد عبد الله عنان الذي رجح أن القصيدة كتبت سنة 1500 م ، أي بعيد سقوط الأندلس كاملة ببضع سنين .
إن هدفي من وراء استفساري ليس معرفة قائل القصيدة وحسب ، فهذا غير مضمون الحصول عليه على وجه القطع ، ولكن التعريف بها لمن لا يعرفها يمكن أن تكون فوائده مضمونة .
وهذا رابط موضوع القصيدة في الموقع الذي ذكرته :
  
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ابن خاتمة ؟    كن أول من يقيّم
 
تحية طيبة أستاذنا الكبير ياسين الشيخ سليمان:
أشاركك الرأي في أهمية هذه القصيدة وندرتها ووجوب البحث عن حقيقة مؤلفها، وتعلمون أن المرحوم شكيب أرسلان كان ممن اعتني بهذه القصيدة ونشر في "الحلل السندسية" قطعة منها في (33) بيتا، وكان قد أطلعه عليها كما يقول المرحوم عز الدين التنوخي، وإليك ما قاله في التعريف بالقصيدة، وقد أوردها في ذيل نونية أبي البقاء، قال:
ومن مراثي الأندلس الجديرة بالحفظ هذه المرثية للأديب أبي جعفر بن خاتمة تاريخ نظمها سنة 904 أو 905 للهجرة أي في أثناء سقوط غرناطة وكانت رندة قد سقطت من قبل. وقد أصبت هذه القصيدة عند الأخ الفاضل السيد عز الدين علم الدين التنوخي ناموس المجمع العلمي العربي وذلك عند حصولي بدمشق سنة 1356هـ
ثم ساق القصيدة كاملة، وعلق عليها بقوله:
قد وصف صاحب هذه القصيدة سقوط مملكة بني الأحمر مدينة بعد مدينة وكانت صُبابة كأس الأندلس فذكر رندة ثم مالقة وبلش ثم المنكب ثم وادي آش ثم بسطه ثم المرية، وختم ابن خاتمة مناحته بذكر غرناطة أم البلاد. ويظهر من نسق نظمها أنه كان مشاهداً تلك الحوادث القاصمة للظهور وأن البيان كان عن عيان)
قلت أنا زهير: ولكن تبقى هناك مشكلة لم ينبه إليها أمير البيان، وهو أن تاريخ نظم القصيدة عام 904هـ لا يتفق مع تاريخ وفاة ابن خاتمة، الذي كان صديقا للوزير لسان الدين ابن الخطيب وقد ترجم له ترجم موسعة في (الإحاطة) ختمها بقوله:  وهو الآن بقيد الحياة وذلك ثاني عشر شعبان عام سبعين وسبعمائة. وترجم له في (الكتيبة الكامنة في شعراء المائة الثامنة) وساق الكثير من شعره، ولم يذكر شيئا من هذه القصيدة، وهو في ترجمته في (الكتيبة الكامنة) يترحم عليه، في غير موضع، من غير أن يصرح بوفاته، وقد ألف (الكتيبة الكامنة) في جمادى الآخرة من سنة 774هـ وقتل عام (776هـ)
والأرجح أن يكون صاحب القصيدة قد شارك ابن خاتمة في شهرته وكنيته. وأنه كان حيا وقت سقوط رندة، وبذلك يكون التاريخ الذي  ورد في مخطوطة القصيدة صحيحا، لأن سقوط رندة كان في جمادى الأولى من سنة 890هـ 
قال المقري في "نفح الطيب" (وفي شهر ربيع الآخر من سنة تسعين وثمانمائة خرج العدو في قوة إلى نواحي مالقة، بعد أن كان في السنة قبلها استولى على حصون، فاستولى هذه السنة على بعض الحصون، وقصد ذكوان، فهد أسوارها، وكان جملة من أهل الغربية ورندة، ودخل ألف مدرع ذكوان عنوة، فأظفر الله تعالى بهم أهل ذكوان، فقتلوهم جميعاً، ثم طلبوا الأمان وخرجوا.ثم انتقل في جمادى الأولى إلى رندة وحاصرها، وكان أهلها خرجوا إلى نصرة ذكوان وسواها، فحاصر رندة وهد أسوارها، وخرج أهلها على الأمان، وطاعت له جميع تلك البلاد) 
وقد بحثت في كل المصادر فلم أعثر على أي ذكر لأبيات القصيدة في كل الكتب المنشورة في الوراق وفي الموسوعة، وسوف أنشر القطعة كاملة في تعليق لاحق، نقلا عن كتاب الحلل السندسية (نشرة الموسوعة الشعرية) وهي نشرة غير مدققة، وقد وقع في القصيدة الكثير من أخطاء الطبع، سأكتفي بتظليلها باللون الأحمر، وسأقوم لاحقا بتصويبها ونشرها مصححة إن شاء الله. وليت الأستاذ ياسين يكفينا مشقة تصحيح القصيدة حسب نشرتها في الموقع الذي أحال إليه، لأن الرابط لا يعمل.
*زهير
9 - أكتوبر - 2008
القصيدة في نشرة الموسوعة    كن أول من يقيّم
 
أحـقـا خـبا من جوّ رُندة iiنورها وقـد  كسفت بعد الشموس iiبدورها
وقـد أظـلمت أرجاؤها iiوتزلزلت مـنـازهُـها ذات العلا iiوقصورها
أحـقـاً خـلـيلي إن رُندة iiأقفرت وأزعـج عـنـها أهلها iiوعشيرها
وهـدت مـبـانيها وتُلث عروشها ودارت عـلى قطب التفرق iiدورها
مـنـازل  آبـائي الكرام iiومنشئي وأول أوطـان غـذانـيَ iiخـيرها
فـمـالـقـة  الحسناء ثكلى أسيفة قد  استفرغت ذبحاً وقتلاً iiحجورها
وجـزت  نـواصيها وشلت يمينها وبـدل بـالـويل المبين iiسرورها
وقـد كـانـت الغربية الجنن التي تقيها  فأضحى جنة الحرب iiسورها
وبـلـش  قـطّـت رجلها بيمينها ومـن سـريان الداء بان iiفطورها
وضحت  على تلك الثنيات iiحجرها فـأقـفر مغناها وطاشت iiحجورها
وبالله  إن جـئـت المنكب iiفاعتبر فـقـد  خف ناديها وجف نضيرها
وقـد  رجفت وادي الأشى iiفبقاعها سكارى وما استاكت بخمر ثغورها 
وبسطة  ذات البسط ما شعرت iiبما دهـاهـا  وأنـي يستقيم iiشعورها
ومـا أنـسَ لا أنسى الـمـريـة iiأنـهـا قـتـيـلـة أدجـال أزيل عذيرها
ألا  ولـتـقف ركب الأسى iiبمعالم قـد  ارتج باديها وضج iiحضورها
بـدار العلا حـيـث الـصـفات iiكأنها من الخلد والمأوى غدت iiتستطيرها
مـحـل قرار الملك غرناطة iiالتي هـي  الـحضرة العليا زهتها iiزهورها
تـرى  للأسى أعلامها وهي iiخشع ومـنـبـرها  مستعبرٌ iiوسريرها
ومـأمومها  ساهي الحجي iiوإمامها وزائـرهـا فـي مـأتم iiومزورها
وجـاءت إلى استئصال شأفة iiديننا جيوش  كموج البحر هبت iiدبورها
عـلامـات أخـذ مـا لنا قبل iiبها جـنـايـات أخذ قد جناها iiمثيرها
فـلا  تـنـمحي إلا بمحو أصولها ولا تـنـجـلي حتى تحط أصورها
مـعـاشر أهل الدين هبّوا iiلصعقة وصـاعقة وارى الجسوم iiظهورها
أصـابـت  منار الدين فانهدّ iiركنه وزعـزع  مـن أكنافها مستطيرها
ألا واسـتـعـدوا لـلجهاد iiعزائما يـلوح  على ليل الوغى iiمستنبرها
بـأسـد على جرد من الخيل iiسبّق يـدع  الأعـادي سـبقها وزئيرها
بـأنـفـس صـدق موقنات iiبأنها إلى الله من تحت السيوف مصيرها
فـواحـسرتا كم  من مساجد iiحولت وكانت  إلى البيت الحرام شطورها
ووا أسـفا كم من صوامع iiأوحشت وقـد كـان مـعتاد الأذان iiيزورها
فـمـحرابها يشكو لمنبرها iiالجوى وآيـاتـها  تشكو الفراق وصورها
وكـم  طـفلة حسناء فيها iiمصونة إذا أسـفرت يسبى العقول iiسفورها
تميل  كغصن البان مالت به iiالصبا وقـد  زانـهـا ديباجها iiوحريرها
فـأضـحت بأيدي الكافرين iiرهينة وقـد  هتكت بالرغم منها iiستورها
*زهير
9 - أكتوبر - 2008
بوركت على هذا التحقيق    كن أول من يقيّم
 
 شكرا أستاذنا الكبير ذا المقام الخطير ، وبوركت على هذا التحقيق الدقيق المحيط المفيد . وكمرحلة أولى وسريعة ، إليك الأبيات الحمراء مصححة وفقا للأصل الذي في مجلة الرسالة ، مع العلم أن الأبيات الثلاثة والثلاثين متباعدة كثيرا في مواقعها عما هي في الأصل :
وقـد  رجفت وادي الأشى فبقاعها سكارى وما استاكت بخمر iiثغورها
ومـا أنـس لا أنـسى المرية iiإنها قـتـيـلـة  أوجال أزيل عذيرها
بـدار الـعلا حيث الصفات iiكأنها من الخلد والمأوى غدت تستطيرها
مـحـل قرار الملك غرناطة iiالتي هي الحضرة العليا زهتها iiزهورها
أما : " فقد خف ناديها وجف نضيرها " فإن الصدر الذي يتقدمه : " وبالله إن جئت المنكب فاعتبر "
والبيت الثاني : منازهها ذات العلا بدلا من منازلها .
يبقى البيت :
فوا حسرتا كم من مساجد حولت = وكانت إلى البيت الحرام سطورها ، فصحته : شطورها.
وقد بلغ عدد أبيات القصيدة ماية وخمسون  بيتا تقريبا سوف أعيد حسابها في وقت لاحق . وذكرت مجلة الرسالة أن الأديب المغربي الذي أرسل القصيدة عرضها على أحد المؤرخين المغاربة واسمه محمد بن علي الدكالي السلوي فاحتمل أن ناظمها ابن خاتمة ، وأنها قد تكون مذكورة في " مزية المرية.." الموجود منه نسخة خطية بمكتبة الإسكوريال في ذلك الحين . ولما قرأت هذا رحت أبحث عن ابن خاتمة في الوراق وفي الشبكة فخرجت بالنتيجة التي خرجت بها . كما أن على الشبكة ديوان ابن خاتمة في موقع يبيع الكتب ( أذكر أنه النيل والفرات) وقد ذكر الموقع نبذة عن الديوان ومواضيع قصائده ولم يورد شيئا عن القصيدة المذكورة .
وكرمى لأستاذنا أبي الفداء الغالي ، يسهل لدينا كل صعب ، ويرخص كل غال ثمين . وعليه ، فسوف أقوم بنشر القصيدة كلها في التعليقات القادمة على دفعات إن شاء الله . وتصبح على خير أستاذنا .
 
 
*ياسين الشيخ سليمان
9 - أكتوبر - 2008
وادي الأشى    كن أول من يقيّم
 
وكل الشكر لأستاذنا وقدوتنا ياسين الشيخ سليمان على تصحيحه أبيات القصيدة. وهذه حُسناه، وبانتظار ما وعدنا به من الزيادة. وليسمح لي أن أضبط اسم (وادي الأشى) وهي هكذا بالألف المقصورة، على وزن (الندى) ووردها في (المعجب) للمراكشي بالياء خطأ مطبعي. وهو قوله : (ثم بليدة أخرى على مسيرة يوم من غرناطة تسمى وادي آش ويقال لها أيضاً وادي الأشي هكذا سمعت الشعراء ينطقون بها في أشعارهم)
قلت أنا زهير، ومن هذه الأشعار، قول لسان الدين في أرجوته التاريخية التي سماها: (قطع السلوك)
وعـاد نـصـر بمدى iiحمرائه أتـى وأمـر الله مـن iiورائـه
فـخـلـع  الأمـر وألقى iiباليد مـن  بـعـد عهد موثق iiمؤكد
وسار في الليل إلى وادي الأشى والـمـلـك  لـله يعز من يشا
وقوله أيضا في قصيدة مطولة
فَحَلَلْتَ من وادي الأَشَى بقَرَارَةٍ عـزَّ الثّواءُ بها وطابَ المَنْزِلُ
كُرْسِيُّ مُعْتَصِمٍ، ومثوى iiهِجرةٍ والـمُـسْتَقَرُّ إذا تَزِلُّ iiالأرْجُلُ
والسلوك في عنوان الأرجوزة (قطع السلوك) يعني الخيوط، قال ابن منظور:
(والسَّلْكَةُ: الخَيْطُ الذي يُخاط به الثوبُ، وجمعه سِلْكٌ وأَسْلاكٌ وسُلُوكٌ؛ كلاهما جمع
الجمع).
*زهير
10 - أكتوبر - 2008
تحقيقات رائعة مفيدة    كن أول من يقيّم
 
نقاشات طيبة غنية مفيدة ، وملاحظات رائعة ؛ لعلنا نصل بعدها إلى الحقيقة المجهولة ..
 
ووجدت في كتاب :
استدعاء الأندلس في الأدب الفلسطيني الحديث
 للدكتور محمد عبدالله الجعيدي
 بيروت / 2002 م ، الطبعة الثانية
 دار الهادي للطباعة والنشر ..
قوله :
 
 (وتخلدت أمجادُ رُندةَ، في مرثية لشاعر مريني مجهول، بُعيد سقوطها بثلاثة عشر عاماً ... ) .
 
ولعل الدكتور المذكور لم يصل إلى
نتيجة في صاحب القصيدة
 
وشكرا لكم
 
*الدكتور مروان
10 - أكتوبر - 2008
رثاء الأندلس    كن أول من يقيّم
 
أهلا بأستاذنا الغالي الدكتور مروان العطية ، وتحية طيبة لأستاذنا زهير وجميع الأساتذة الأفاضل ،
القصيدة مصورة تصويرا عن عدد قديم بطبيعة الحال من مجلة الرسالة ، وقد جاءت الصور مصغرة كثيرا ، هذا غير قلة وضوح بعض الحروف لقدم المجلة ؛ لذا فقد تأنيت في نقلها ودققت كثيرا حتى أنقلها كما هي . ولما بدأت بالنقل أخذت أضع الحركات على الحروف ؛ فالقصيدة غير مشكولة إلا في النزر اليسير ، ثم خطرلي أن أبقي الأصل على حاله بغية التداول في شأن ما يمكن أن يشكل على أحد قراءته . وهذه أول مجموعة من أبيات هذه القصيدة الرائعة نظما والمؤسية معنى إلى أبعد حدود الأسى :
 
أحـقـاً  خَـبَا من جَوِّ رُندةَ iiنورُها وقـد كُـسِفتْ بعد الشُّموس بُدورُها
وقـد  أظـلمَتْ أرجاؤها iiوتَزلْزلَتْ مـنـازهُـها ذات العُلا iiوقُصورُها
أحـقـاً  خـلـيلي أنَّ رُندةَ أقفرَتْ وأُزعِـجَ عـنـها أهلُها iiوعشيرُها!
وهُـدَّت مـبـانيها وثُلَّتْ iiعُروشُها ودارت عـلى قُطب التَّفرُّق iiدُورُها
وكـانـت  عُـقابا لا يُنال iiمَطارُها ومـعـقلَ عزٍّ زاحمَ النسرَ صورُها
هـوت  رنـدة الغراء ثم iiحصونها وأنظارها  شنعاء (كذا) عز iiنظيرها
وقـد كـن عقدا زين القطر iiنظمها فـقـد فـتـح الآن الـبلاد نثيرها
وفـرق شـمـل الـمؤمنين iiلهيبها وقـطـع مـن أرحامهم iiزمهريرها
تـسـلَّـمها حِزبُ الصليب iiوقادَها وكـانـت  شَـروداً لا يُقادُ َنفورُها
وقـد  ذهـبـت أديـانها iiونفوسها وقـد دثـرت تحت السّباء iiدثورها
فـبـادَ  بـها الإسلامُ حتى تقطَّعت مـنـاسبُها واستأصَلَ الحقَّ iiزُورُها
وأصـبحت  الصلبان قد عُبدت iiبها تـمـاثـيـلها دون الإله iiوصوُرها
لـقـرع الـنواقيس اعتلى iiبمنارها كـرائـه  أصوات يروع iiصريرها
فـيـا سـاكـني تلك الديار iiكريمة سـقى عهدكم مزن يصوب iiنميرها
أحـقـا  أخـلائـي القضاء iiأبادكم ودارت عـليكم بالصروف iiدهورها
فـقـتـل  وأسـر لا يفادى iiوفرقة لدى  عرصات الحشر يأتي iiسفيرها
لـعـمـر الهدى ما بالحشا iiلفراقكم سـوى حُـرَق سُحم تلظى iiسعيرها
ولـوعـة  ثكل ليس يذهب iiروعها ولا تـنـقـضي أشجانها iiوزفيرها
ونـفـس على هذا المصاب حزينة يذوب كما ذاب الرصاص iiصبورها
وقـلـب صـديـع ماج فيه iiبلاؤه سـويـداؤه  سـوداء جـمٌّ iiثبورها
سأبكي وما يجدي على الفائت البكى بـعـبرة  حزن ليس يرقا iiعبورها
شـآبـيـب  دمـع بالدماء iiمشوبة يـسـاجـل قطر الغاديات درورها
عـويـلا يـوافي المشرقين بريحه وثـكـلا  بأقمار قد أطفئ* iiنورها
فـواحـسرتا كم من مساجد iiحولت وكانت  إلى البيت الحرام iiشطورها
وواأسـفـا كم من صوامع أوحشت وقـد كـان مـعتاد الأذان iiيزورها
فـمِـحرابُها  يشكو لمنبرها iiالجَوى وآيـاتُـهـا تشكو الفراق iiَوسُورُها
وكـم  مـن لـسان كان فيها مرتِّل وحـفل بختم الذكر تمضي شهورها
وكـم مـن فتى ثبت الجنان iiمهذب يـود الـمـنـايا وهو كان iiيديرها
يصول  على الأبطال صولة iiضيغم فـيـرهبه شبل الشرى iiوهصورها
ـــــــــــــــــــ
الأديب المغربي الذي أرسل القصيدة إلى مجلة الرسالة أثبت كلمة (كذا) في عجز البيت السادس لجلب الانتباه إلى التناقض إما في المعنى أو الخلل في الوزن كما قال هو . وفي الحقيقة انني لم استطع التحقق من الكلمة وهل هي ( شنعاء) أم هي (شتماء) ، أو هي (شتعاء) ؛ فالخط دقيق وغير واضح كثيرا . والخلل هنا يبدو في التناقض في المعنى بين (شنعاء ) و( عز نظيرها ) إلا إذا كانت شنعاء تعني أمرا حسنا! . ومن المحتمل أيضا أن الخلل في تلك الكلمة (إن تأكد وجوده) يعود إلى سهو مَن نسخ الحروف في المطبعة عند طباعة القصيدة ؛ لذا فالكلمة ربما تكون ( شمّاء) وزيد حرف قبلها خطأً عوضا عن إثبات الشدّة . بقيت كلمة ( شتعاء) التي تعني : الجزعة من مرض او جوع على اعتبار أن الشّتَع : الجزع من المرض او الجوع كما رأيتها في المعجم .
* همزة القطع على الألف في كلمة ( أطفيء) تخل بالوزن ويمكن ان تكون خطأ من الطابع ، والصحيح هو الوصل .
*ياسين الشيخ سليمان
11 - أكتوبر - 2008
تابع لما قبله    كن أول من يقيّم
 


لـه  فـي سـبـيل الله خير iiنقيبة تـزان لـه عِـين الجنان iiوحورها
لـه  فـي جناب الكفر أجدى iiنكاية وشـعـواء غـارات يثاب iiمغيرها
يُـراع  لـه ديـن الصليب iiوحزبه ويـخـزى بها غُنصالها iiورُميرُها
وكـم أنـفـس كـانت لديه iiأسيرة فـأضـحى  لعمر الله وهو iiأسيرها
تـحـكـم فـيه الشرك وهو iiموحد كـمـا قـد قضى جبارها iiونذيرها
وكـم طـفـلة حسناء فيها iiمصونة إذا  أسـفرت يسبي العقول iiسفورها
تـميل كغصن البان مالت به iiالصبا وقـد زانـهـا ديـباجها iiوحريرها
فـأضـحت  بأيدي الكافرين iiرهينة وقـد هـتكت بالرغم منها iiستورها
وقـد  لـطمت واَحَرَّ قلبي iiخدودها وقـد  أسبلت وادمع عيني iiشمورها
وإن تـسـتغث بالله والدين لا iiتغث وإن تـسـتجر ذا رحمة لا iiيجيرها
وقـد  حـيل ما بين الشفيق iiوبينها وأسـلـمـهـا  آبـاؤها iiوعشيرها
وكـم من عجوز يحرم الماء ظمؤها عـلـى الذل يطوى لبثها iiومسيرها
وشـيخ  على الإسلام شابت iiشيوبه يـمـزق مـن بـعد الوقار iiقتيرها
وكـم  فـيهمُ من مهجة ذات iiضجة تـود  لـو انـضمت عليها قبورها
لـهـا رَوعـة من وقعة البين iiدائم أسـاهـا  وعـين لا يكف iiهديرها
وكـم من صغير حِيز من حجر iiأمه فـأكـبـادهـا  حرّاء لفحٌ iiهجيرها
وكـم  مـن صغير بدل الدهر iiدينه وهـل يـتبع الشيطان إلا iiصغيرها
وكـم مـن شـقـي يسرت هذه iiله سـبيلا إلى العسرى بحيف iiكفورها
كـروب  وأحـزان يلين لها iiالصفا عـواقـبـهـا  محذورة iiوشرورها
فـيا  فرحة القلب الذي عاش iiبعدها ويـا  لـعـمى عين رآها iiبصيرها
ويـا  غـربـة الإسلام بين iiخلالها ويـا عـشـرة أنّـى يقال iiعثورها
ويـا  لـيـت أمي لم تلدني وليتني بـلـيت  ولم يلقح فؤادي iiحرورها
ومـا خير عيش يعذب الموت iiدونه ويـثـبـط قـلّ الأهل فيه iiكثيرها
فـيا  ليت شعري بعدما صح iiموتها أيـرجـى على رغم العداة iiنشورها
ويـا نِـحـلة الإسلام هل لك عودة لأرجـائها يشفي الصدور iiصدورها
وهل تسمع الآذان صوت الأذان iiفي مـعـالـمـهـا تعلو بذاك iiعقيرها
ويـا  لـعـزاء الـمـؤمنين iiلفاقة عـلى الرغم من أغنى لديها iiفقيرها
لأنـدلـسَ ارتجت لها وتضعضعت وحـق لـديـهـا محوها iiودثورها
مـنـازلـهـا مـصدورة iiوبطاحها مـدائـنـهـا  مـوتورة iiوثغورها
تـهـائـمـهـا مفجوعة iiونجودها وأحـجـارهـا مصدوعة iiوثغورها
وقـد  لـبست ثوب الحداد iiومزقت مـلابس  حسن كان يزهو iiحبورها
وأحـيـاؤها  تبدي الأسى iiوجمادها يـكـاد لفرط الحزن يبدو iiضميرها
فـلـو أن ذا إلـف من البين iiهالك لـذابت  رواسيها وغاضت بحورها
عـلـى  فرقة الدين الذي جاءها به بـشـير  الأنام المصطفى iiونذيرها
فـمـالـقـة الـحسناء ثكلى أسيفة قـد استفرُغت ذبحا وقتلا iiحجورها
وجُـزت نـواصـيها وشلت يمينها وبـدل بـالـبـين المبين iiسرورها
وقـد  كـانـت الغربية الجُنَن التي تـقيها فأضحى جنة الحرب iiسورها
وبـلِّـش قـطـت رجـلها بيمينها ومـن  سـريان الداء بان iiقطورها
وضَـحَّت على تلك الثنيات iiحجرها فـأقـفر  مغناها وطاشت iiحجورها
وبالله إن جـئـتَ الـمنكب iiفاعتبر فـقـد خـف ناديها وجفَّ نضيرها
وسُـكَّـرهـا قـد بدل اليوم iiعلقما لـهـا رجـة نـار الـهيام iiتثيرها
وعـرِّج عـلى الإقليم فابك ربوعها بسحب يضاهي المعصرات خريرها
 
*ياسين الشيخ سليمان
11 - أكتوبر - 2008
تابع لما مضى    كن أول من يقيّم
 
وودع بـهـا وفـد الـنـعيم iiفإنها لـهـا  أدمـع فين الدموع iiيميرها
ألا ولـتـقـف ركب الأسى بمعالم قـد ارتـج باديها وضج iiحضورها
بـدار الـعلى حيث الصفات iiكأنها من الخلد والمأوى غدت iiتستطيرها
مـحـل  قرار الملك غرناطة iiالتي هي  الحضرة العليا زهتها iiزهورها
فـمـا  في العراقين العتيقين iiمثلها ولا فـي بـلاد الله طـرا iiنظيرها
تُـرًى* الأسى أعلامها وهي iiخشع ومـنـبـرهـا مستعبر iiوسريرها
ومـأمـومها ساهي الحجى iiوإمامها وزائـرهـا فـي مـأتم iiومزورها
لـهـا حال نفس قد أصيب iiفؤادها وبـتـت لـها اليمنى وحم iiثبورها
فـأنـفـسها في الصعق دون iiإفاقة كـنـفـس كليم الله إذ دك iiطورها
وقـد  ذعـرت تلك البنيات iiحولها فـهن  بواكي الأعين الرمد iiمُورها
وقـد  رجفت وادي الأشى iiفبقاعها سكارى  وما استاكت بخمر iiثغورها
لـقـد أظـلمت حتى لفرط حدادها سـواء بـها نجل العيون iiوعورها
وبـسطة ذات البسط ما شعرت iiبما دهـاهـا وأنـى يـستقيم شعورها
عـلـى  عظم بلواها وطول وبالها وما كابدت من ذا المصاب iiنحورها
ومـا  أنـس لا أنـس المرية iiإنها قـتـيـلـة  أوجال أزيل iiعذارها
فلو أحرق الثكل المصابين أصبحت تـأجـج من حر الوجيف iiبحورها
فـيـا  أصـدقائي ودعوها iiكريمة أو  اسـتـودعوها مَن إليه iiأمورها
مـنـازل  آبـائي الكرام iiومنشئي وأول أوطـان غـذانـيَ iiخِـيرها
وأقـروا  عـليها من سلامي iiتحية تـجـددهـا  آصـالـها iiوبكورها
أمـانـاتها ضاعت فضاعت رقابها لـقـد عـمـيت عين تبدد iiنورها
أضـعنا حقوق الرب حتى iiأضاعنا وقـضت عرى الإسلام إلا iiيسيرها
ومـلـتـنا لم تعرف الدهر iiعرفها مـن النكر فانظر كيف كان نكيرها
بـمـا قـد كـسـبنا نالنا ما iiأنالنا كذا السيرة السوأى لدى من iiيسيرها
بـشـقوتنا الخذلان صاحب iiجمعنا وبـؤنـا بـأحوال ذميم iiحضورها
بـعـصـياننا استولى علينا iiعدونا وعـاثـت  بنا أسد العدا iiونمورها
نـعـم  سـلـبوا أوطاننا iiونفوسنا وأمـوالـنـا  فيئا أبيحت iiوفورها
عـلـوها بلا مهر وما غمزت iiلهم قـنـاة ولا غـارت عليهم ذكورها
وقـد  هوت الافرنج من كل شاهق عـلـيـنا  فوفَّت للصليب iiنذورها
وقـد كـشـرت ذؤبـانها iiوكلابها وقـد كـسـرت عقبانها iiونسورها
وجـاءت إلى استئصال شأفة iiديننا جـيوش كموج البحر هبت دَبورها
عـلامـات  أخـذٍ مـالنا قِبَلٌ iiبها جـنـايـات أخذ قد جناها iiمثيرها
فـلا  تـمـتحى إلا بمحو iiأصولها ولا  تـنـجلي حتى تخط أصورها
مـعـاشر  أهل الدين هبوا iiلصعقة وصـاعقة  وارى الجسوم ظهورها
أصـابـت  منار الدين فانهد iiركنه وزعـزع مـن أكـنافه مستطيرها
أدارت  عـلى غربية الدهر iiأكؤساً فظاعا بسكر الدهر تقضى iiخمورها
ودبـت  أفـاعـيها إلى كل iiمؤمن وعـضَّ بـأكـبـاد النقاة iiعقورها
أنـادي لـها عجم الرجال iiوعربها نـداء سـراة القفر إذ ضل iiعيرها
وأسـتـنفر الأدنى فالادنى iiفريضة عـلى  زمر الإسلام جلت iiأجورها
عـلـى  كل محتاج لفضل iiدفاعها فـلـيس  يؤدي الفرض إلا نفيرها
ألا وارجـعـوا يـا آل دين iiمحمد إلـى الله يغفر ما اجترحتم iiغفورها
أنـيبوا وتوبوا واصبروا iiوتصدقوا وردوا ظـلامـات يـبـيد iiنقيرها
ومن  كل ما يردي النفوس iiتطهروا فـلـيس يزكي النفس إلا iiطهورها
ــــــــــــــــــ
* تُرًى (كذا) . وفي مقال عبد  الله عنان عن القصيدة ورد هذا البيت ، وفيه بدت الكلمة هكذا : ترى ، دون تشكيل . والوزن يختل في كلتا الحالتين ، فوق أن (تُرًى) أغلق علي فهمها . ولو كان الصدر مثلا : وتروي الأسى أعلامُها وهي خشّعٌ ، لاستقام الوزن والمعنى .
 
 
 
*ياسين الشيخ سليمان
12 - أكتوبر - 2008
استدراك    كن أول من يقيّم
 
البيت الذي أوله ترى الأسى :
لما كانت التاء من (تُرى) مضمومة فمن الجائز أن يكون صدر البيت هكذا : تُرى للأسى أعلامها وهي خشّع ، وبذلك يستقيم الوزن والمعنى بزيادة اللام على (الأسى) دون التلاعب بـ (ترى) بالنقص أو الزيادة .
واستدراك آخر :
البيت الذي أوله : فيا فرحة القلب إنما هو : فيا قرحة القلب . فالخطأ حصل عند كتابتي إياه .
 
*ياسين الشيخ سليمان
13 - أكتوبر - 2008
تتمة القصيدة    كن أول من يقيّم
 
ألا واسـتـعـدوا لـلجهاد iiعزائما يـلوح  على ليل الوغى iiمستنيرها
بـأسـد على جرد من الخيل iiسبّق يـدعّ  الأعـادي سـبقها وزئيرها
بـأنـفـس صـدق موقنات iiبأنها إلى الله من تحت السيوف مصيرها
تـروم إلـى دار الـسلام iiعرائساً عـلـى الله في ذاك النعيم مهورها
وضـرب كـأن الهام تحت ظلالها حـثـالـة نور الورد ذرَّ iiذرورها
وطعن  يرى الخطّيَّ في مهج iiالعدا كأقلام  ذات الخط خطت iiسطورها
يـمين  هدى إن تتقوا الله iiتنصروا وتَـحـظوْا  بآمال يشوق iiغريرها
فـلا  يَـخـذل الرب المهيمن iiأمة تـديـن بدين الحق وهو iiنصيرها
وإن  انـتـمُ لـم تـفعلوا iiفترقبوا بـوادر  سخط ليس يرجى iiفتورها
وأيـام ذل واهـتـضـام وفـرقة يـطـاول  آنـاء الزمان iiقصيرها
وأهـدوا لـدين الشرك كل iiخريدة خـبتها على طول الليالي iiخدورها
وكـل نـفـيس من نفوس iiكريمة وأعـلاق أمـوال خطير iiخطيرها
وحق  العظيم الشان لا عيش iiبعدها بـلايـا يـمـر الطيبات iiمرورها
فـمـرجـع شـكواها لعالم iiسرها فـلـيس لها في الخبر إلا iiخبيرها
نـمـد  أكـف الذل في باب iiعزه بـأفـئـدة  خوف الفراق iiيطيرها
فـإن لـم يـقل رب العباد iiعثارنا فـهـذا العدو الضخم حتما iiيبيرها
إله  الورى ندعوك يا خير iiمرتجىً لـكـالـحة هز الصليبَ iiسرورها
وشـقت جيوب المؤمنين iiوأسخنت عـيـونـهـمُ والكفر ظل iiقريرها
ولـيس  لها يا كاشف الكرب iiملجأ إذا  لـم يكن منك التلافي iiظهيرها
أغـث  دعـوات المستغيثين iiإنهم بـبابك  موقوفو الحشاشات iiبورها
ولـيـس لـهم إلا الرسول iiوسيلة شـفيع الورى يوم التنادي iiبشيرها
إمـام  الهدى بحر الندى قامع العدا وأول  رسـل الله فـضلا iiأخيرها
مـحـمـد الـمختار من آل iiهاشم سـراج  السماوات العلى iiومنيرها
دعـونـاك  أمـلناك جئناك iiخشعا بـأنـفس  استولى عليها iiقصورها
بـجـاه  العظيم الجاه أدرك iiذماءنا بـرحمى  يُحلي المؤمنين iiشذورها
وعـفـو  وتـأيـيد ونصر مؤزر وعـزة سـلـطان يروق iiطريرها
ولـطـف وتسديد وجبر لما مضى يـدال  بـه مـن كل عادٍ كسيرها
وأرسـل عـلـى هذا العدو iiرزيّة يـروح  ويـغـدو بالبوار iiمبيرها
يـشـتت  شمل الكفر تشتيت نقمة ويـنـظم شمل المؤمنين حصيرها
وصـل عـلـى خير البرية iiأحمدٍ وأكـرم مـن قـد أنجبته iiظهورها
وأصـحـابـه  الشهب الهداة وآله صـلاة  مـع الآناء يزكو iiعبيرها
*ياسين الشيخ سليمان
13 - أكتوبر - 2008