أحلام تدعو إلى الكثير من التأمل كن أول من يقيّم
أستاذنا الفاضل الغالي زهير، حفظك الله ورعاك ، شغلني البحث عن التل الذي دفن فيه الوليد بن طريف فأعاقني عن التعليق ، ولكني أفدت كثيرا منه في مطالعة بعض من تاريخ ديار بكر ، فشكرا لأستاذنا السويدي وشكرا لك ولجميع الإخوة الذين علقوا بما يفيد ويمتع . على أن ما تفضلت بذكره عن الرؤى التي تراها في المنام منذ سنين كثيرة العدد جعلني أعجب بحضرتك أكثر وأكثر ؛ فما تراه يا سيدي ، أراه وبلا ريب ، انعكاسا لما طبعت عليه من صفاء النفس وشفافيتها وطيبتها ، وما تحمله في جوانحك من غيرة على الأمة وتاريخها حلوه ومره ، بل ومن نظرة إنسانية حانية تنظر بها إلى كل الأمم أسودها وأبيضها راجيا لها كل خير ؛ فهنيئا لك وهنيئا لنا بصحبتك الكريمة . وأرجو أن لا أزعجك فيما يلي الآن من تعليق أرمي من وراءه الفهم وحده غير مدع أني من الذين يعبرون الرؤى أو يؤولون الأحلام : إن أحلامك يا أستاذنا كلها رائعة ، وتدعو إلى الكثير من التأمل خاصة تلك الرؤيا التي أريت فيها عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس العادل ، وقد بينت لنا فيها لون شراب العدل ، هذا اللون الذي لم أر مثله لون شراب أبدا ، وشوقتنا إلى طعمه الذي لا أطيب ولا ألذ ، والذي ، كما أخبرت ، ما زالت حلاوته تحت لسانك بعد خمسة وعشرين عاما . أرجو الله ربنا أن يسقينا منه ولو شربة واحدة قبل أن نغادر هذه الدنيا الفانية . فقد طال علينا الزمان (جاوزنا غمرها) ونحن نتجرع كل أنواع الشراب ، فليتنا نحظى بشربة من شراب العدل واحدة ولو في المنام مثلما حظيت! أما ابن تيمية فلا أدري على وجه الدقة رأيه في أبي العلاء المعري وفي معتقداته وفلسفته ، ولكن أبا الفرج بن الجوزي وكثيرون عدوه في الزنادقة كما هو معلوم ؛ فهل كونك رأيت أبا العلاء وقد زارك في المجمع الثقافي راغبا في الاطلاع على " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " ، يدل ذلك على رغبتك في التوفيق بين الأئمة الأعلام ، وأن سوء فهم الناس بعضهم فكر بعض يمكن أن يؤدي إلى النزاع والفرقة بل إلى التهم بالزندقة والتكفير! ورؤيتك صديقك محمد عثمان (تنباب تود) أوحت لي بألمك من ظلم وقع ويقع من الإنسان على أخيه الإنسان ؛ حرية منحها الخالق جل وعلا للمخلوقين ، فإذا ببعضهم يعترض على تلك المنحة الإلهية فيحتكرها لنفسه وكأنه يظن نفسه المهيمن الجبار!! إنني لا أعرف محمد عثمان ولكن لقبه الذي ذكرته رأيته على الشبكة فإذا هو من أهل النوبة السودان ، وإذا كان هو من قصدت ذكره ، فقد انطبق معنى رؤياك على ما في دخيلة نفسك من كره للظلم والظالمين ، ومقت للعبودية والاستعباد بكل أشكالها وألوانها . وبمناسبة ذكرك هديتك لصديقك وهي قصيدتك العُقاب ، فرجائي إليك أن تدلني عليها لأطالعها . وأعود إلى أبي العلاء وقولك أنك رأيته مئات المرات لأسألك عن سبب تكرار رؤيتك إياه وبكثرة ، وهل سبب ذلك إعجاب منك به جعلك تفكر فيه باستمرار معظم الليالي قبل أن تأوي إلى فراشك أم هو أمر غير هذا ؟ وشكل أبي العلاء كيف تراه؟ وهل تراه في كل مرة على نفس الشكل والهيئة؟ وهل تراه على الحالة التي تتخيلها له في حال اليقظة؟ على أي حال ، فأنا أتمنى أن أرى أبا العلاء في المنام مقابل أن يصفعني ليس مرة واحدة وإنما مرات ومرات . ولا أريد ان أثقل عليك بالإطالة في السؤال أستاذنا ، ولكن بقي أن أسألك عن أمرين : أولهما عن ظنك بابن طريف الشاري وفقا لسعة مطالعاتك وذكاء أفكارك واستنتاجاتك ، وهل ترى أنه كان على صواب في الخروج على هارون الرشيد أم ترى غير ذلك ، وثانيهما عن كتاب خارطة الدهر الذي أريته مرات كثيرة هل قرأت فيه نصوصا أم طالعت صورا للأمكنة وحسب؟ وإن قرأت نصوصا فهل حفظت منها شيئا تذكره لنا إن رغبت ؟ . ولقد فطنت الآن سؤالا ثالثا : هل سبق لك أن رأيت في منامك أمرا مستقبلا؟ وهل تحقق ما رأيته بالفعل؟ وسؤال رابع وأخير : لم سميت أحلامك بالأضغاث ؟ هل لأنها تروح بك من حلم إلى حلم ثم تعود للحلم الأول ثم تنتقل إلى آخر أم ماذا؟ شكرا لك كثيرا . |