قلبي بعيد ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
تكمن عظمة جلال الدين الرومي في قدرته على الإرتقاء بالشعر الديني الإسلامي إلى موقع شمولي لا يختص بإنسان أو فئة معينة من البشر وذلك بجعله من الحب مسكن الروح التائهة وملاذها الوحيد الذي يحميها من التناقضات ويصالح بينها وبين زمنها الأرضي . ومن هذا المنطلق الإنساني العمومي ، يعبر بنا الأستاذ خليل النعيمي " الطريق إلى قونية" بحثاً عن الحب المتأصل والأصيل الذي يبحث عنه ويأمل باللجوء إليه في زمن يعود بنا القهقرى ، ويتأرجح بين الماضي والحاضر ، مفتشاً عن هوية ملتبسة ، وغير واضحة المعالم ، يتلمسها في زوايا الأمكنة وتشابه الوجوه والعلامات ، ولكن ، وعلى الأخص ، في ملامح أبوة وأمومة نأت عنه ولم يعد من السهل عليه الإمساك بها . وهو في كل ما يقوله ، يعبر عن ثقافة عصرنا الذي نعيشه ، بكل ما يحتويه من غربة وتناقضات ، تعبر عنها هذه الخيبة والمعاناة ، التي نشعرها في كل سطر ، وفي كل كلمة يكتبها .
لم أجد كلاماً أبلغ مما قاله فيلسوف وشاعر عرفاني آخر هو حافظ الشيرازي أنهي به هذه الرحلة إلى " موطن الأسرار " :
قلبي بعيد وها إني أرى جسدي ينأى كريشة عصفور على الأبد والثالث الروحُ في أعماق غربته يرنو ليبصر وجه الواحد الأحدِ إني قتيل هوىً مالي بسطوته إلا بقيةُ ما يعطي من المدد
|