البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الموزونة عروضيًّا    قيّم
التقييم :
( من قبل 6 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
12 - سبتمبر - 2008
 
 
الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الموزونة عروضيًّا
درَجت كثير من كتب العروض والدراسات الأدبية على سرد عدد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي جاء نصُّها موافقًا لنسق البحور العروضية، وقد دار حول هذه الإشكالية جدال عميق في كتب التفسير وشروح الحديث وكتب تاريخ أدب صدر الإسلام، ومراجع النقد الأدبي الإسلامي، وأُراها قضيةً ما زالت محتاجةً إلى مزيد من الحوار الفكري والجهد البحثي بين سراة الوراق جمعًا ودراسةًً ونقاشًا....
وفي قادم التعاليق مزيد وقوف مع هذه المعضلة...
د/صبري أبوحسين
 1  2  3  4 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
رأي المظفر العلوي في كتابه نضرة الإغريض في نصرة القريض:    كن أول من يقيّم
 
رأي المظفر العلوي في كتابه نضرة الإغريض في نصرة القريض:
 
قال:فأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال اللهُ تعالى فيه: (وما علّمناهُ الشِّعرَ وما ينْبَغي له) ليكونَ ذلك أبلغَ في الحُجّةِ على من زعَم أنه كاهِنٌ، ومرةً ساحِرٌ، ومرة (شاعرٌ نتربّصُ به ريْبَ المنون)، (وقالوا أساطيرُ الأوّلينَ اكتَتبَها)، وقالوا (أضغاثُ أحلامٍ بل افتراهُ بل هو شاعِرٌ). فمنعَهُ الله تعالى من الشعر تكْرِمَةً له لمّا كان الشّعرُ ديْدَنَ أهلِ عصرِه الذي بُعِثَ فيه، وحُظِرَ عليه ذلك دَلالةً على صِدقِه وشهادةً على بُطلانِ قوْلِ المُبْطلينَ في حقِّه، وتنزيهاً له من افترائِهم عليه، وزيادةً في الحجّةِ له. وأنزلَ عليه القرآنَ المجيدَ الذي (لا يأتيه الباطلُ من بين يَدَيْهِ ولا مِن خَلْفِه).
 الذي لو اجتمَعَتِ الإنْسُ والجنُّ على أن يأتُوا بمثلِه، ولو كان بعضُهم لبعضٍ ظهيراً ما أتَوْا. فأقبل صلى الله عليه وسلم يتحدّاهُم فريقاً فريقاً بأن يأتُوا بمثلِه، فلا يَقْدِرونَ عليه. ولو كان شعْراً وطالبَهم بمثلِه لسهُلَ عليهم، وكان موجوداً لديهم. وما كان منْعه صلى الله عليه وسلم من الشعر إلا فضيلةً ومصلحةً وإكراماً وتطهيراً. وليس على الشعرِ بذلك نقيصةٌ ولا عارٌ، ولو كان كلُّ ما منَعَهُ الله تعالى منه حتى لا يرتابَ المُبطلونَ نقيصةً لذلك الفنِّ لكانَتِ الكتابةُ نقيصةً لمّا جعلَهُ اللهُ أمِّياً لا يكتبُ ولا يقرأ؛ ليكونَ أوْكَدَ سبباً، وأعلى شأناً، وأشهرَ مكاناً، ولذلك قال الله عزّ وجلّ تعالى: (وما كنتَ تتْلو من قبْلِه من كتابٍ ولا تخُطُّه بيَمينِكَ إذاً لارتابَ المُبْطلونَ). فإن كان منْعُه من الشِّعرِ مذمةً ونقيصةً للشعرِ والشُعراءِ، فمنْعُهُ من الكتابةِ مذمّةٌ ونقيصةٌ للكتابةِ والكتّابِ، ومعاذَ اللهِ أن يقولَ ذلك عاقلٌ، والله تعالى يقول: (اقرأْ وربُّكَ الأكْرَم الذي علّمَ بالقلَم) وقال تعالى: (كِراماً كاتِبين) يعني الملائكةَ.
وقد جعلَ اللهُ تعالى أهلَ بيتِ رسولِه صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإخوانه كُتّاباً وحُسّاباً، كما جعلَ منهم شُعراء ورُجّازاً. وكان من أزواجِه صلى الله عليه وسلم مَنْ يكتبُ ويقرأ؛ وهنّ حَفْصَةُ بنتُ عُمر، وعائشةُ بنتُ أبي بكر، وأمُّ سَلَمة، رحِمَهُم الله تعالى جميعاً.
ورَوَوْا عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يومَ الأحزابِ ينقلُ الترابَ ويقول:
اللهمَّ لولا أنتَ ما اهْتَدَيْنا
 
ولا تصَدّقْنا ولا صلَّيْنا
ورووْا عنه عليه السلام أنه كان يومَ حُنَيْن على بغلتِه البيضاءَ وهو يقول:
أنا النّبـيُّ لا كَـذِبْ
 
أنا ابنُ عبدِ المطّلِبْ
ورووْا أنه صلى الله عليه وسلم أصابَ إصْبَعَهُ الشريفةَ حجَرٌ فدَمِيَتْ، فقال:
هل أنتِ إلا إصبَعٌ دمِيتِ
 
وفي سبيلِ اللهِ ما لَقيتِ
وأقول: إنّ هذه الأخبارَ إذا صحّتْ فإنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثّل بها ولا يُقيمُ وزْنَها تصديقاً وتسليماً لِما أخبرَ الله تعالى به وهو أصدقُ قيلاً. فإنهُ يمكنُ أنهُ قد كان يقول: اللهمّ ما اهتدَيْنا لولا أنتَ ولا صلّيْنا ولا تصدّقْنا، ويقول: أنا النبيّ لا كَذِبا، أنا ابنُ عبدِ المُطّلِب، ويقول: هل أنتِ إلا إصبعٌ دمِيَتْ، وفي سبيل الله ما لقِيَتْ. أو ما يقاربُ هذا، وإنْ كانت هذه الأخبارُ غيرَ متَّفَقٍ عليها، فقد سقط التعليلُ.
وقيل: دخل أبو علي المَنْقَريُّ على المأمونِ وكان متّكئاً على فُرُشِه، قال له المأمون: بلغَني أنكَ أمِّيٌّ، وأنك لا تقيمُ الشِّعرَ، وأنّكَ تَلْحَنُ، فقال: يا أمير المؤمنين، أمّا اللّحنُ فربما سبَقَ لساني بشيء منه، وأما الأمّيّةُ وكسرُ الشعرِ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكتبُ ولا يُقيمُ الشِّعرَ. فاستوى المأمون جالساً وقد ظهرَ الغضبُ على وجهه وقال: ويلَك. سألتُك عن ثلاثةِ عيوبٍ فيكَ فزدْتَني رابعاً؛ وهو جهلُك وحمقُك، يا جاهل! إنّ ذلك كان في النّبي صلى الله عليه وسلم فضيلةً، وهو فيكَ وفي أمثالِك نقيصةٌ ورذيلةٌ، وإنما مُنِع النبي من ذلك لنفي الظِّنةِ عنهُ، لا لِعيبٍ في الشِّعر والكتابةِ، ولا لنَقْصٍ لحِقَهما. فلما سمِعَ المنقريُّ ذلك قال: صدقتَ يا أميرَ المؤمنين، رُبَّ ظنٍّ عثَرَ على وهْنٍ....
*صبري أبوحسين
22 - سبتمبر - 2008
من كتاب أنوار الربيع في أنواع البديع لابن معصوم المكي    كن أول من يقيّم
 

من كتاب أنوار الربيع في أنواع البديع لابن معصوم المكي

الانسجام

أوصافه انسجمت للذاكـرين لـهـا
 
في هل أتى في سبا في نون والقلم
الانسجام في اللغة: الانصباب, وفي الاصطلاح أن يكون الكلام عذب الألفاظ, سهل التركيب؛ حسن السبك, خالياً من التكلف والعقادة؛ يكاد يسيل من رقته؛ وينحدر انحدار الماء في انسجامه, لا يتكلف فيه بشيء من أنواع البديع إلا ما جاء عفواً من غير قصد. وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت فقراته موزونة من غير قصد, كما وقع في كثير من آيات القرآن العظيم, حتى وقع فيه من جميع البحور المشهورة أبيات, وأشطار أبيات.
فمن بحر الطويل, من صحيحه "فمن شاء فليؤممن ومن شاء فليكفر".
ومن مخرومه ويسمى الأثلم "منها خلقناكم وفيها نعيدكم".
ومن بحر المديد "واصنع الفلك بأعيننا" وتفعليه: فاعلاتن فعلن فعلن.
وغلط ابن حجة في قوله: إنه من العروض الثانية المحذوفة من المديد. بل هو من العروض الثالثة المحذوفة المخبونة, لأن العروض الثانية المحذوفة لها ثلاثة أضرب, وكل منها وزن العرض فيه فاعلن, والعروض في الآية وزنه فعلن كما رأيت في تفعيله, لا فاعلن؛ وغلط في التمثيل لذلك أيضاً بقول الشاعر:
اعلموا إني لكم حافـظ
 
شاهداً ما كنت أو غائبا
لأن هذا شاهد الضرب الثاني من العروض الثانية المحذوفة, وقد علمت أن وزن الآية ليس من هذا العروض, وهذا يدلك على أن ابن حجة كان راجلاً في هذا العلم أيضاً. وأعجب من ذلك أنه لم يدرك بسليقته أن وزن البيت زائد على وزن الآية.
ومن بحر البسيط "ليقضي الله أمراً كان مفعولاً". ومثله "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم".
ومن بحر الوافر وهو بيت تام: "ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنينا" ومنه "ويعلم ما جرحتم بالنهار".
ومن بحر الكامل من مخرومه "سيعملون غداً من الكذب". ومنه "والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم".
ومن بحر الهزج "تا لله لقد آثرك الله علينا". ومثله "ألقوه على وجه أبي يأت بصيراً".
ومن بحر الرجز "دانيةً عليهم ظلالها وذلِلت قطوفها تذليلاً". ومنه "فعميت عليهم الأنباء".
ومن بحر الرمل "قتل الإنسان ما أكفره". ومنه "بدت البغضاء من أفواههم". ومن مجزوه "وجفان كالجواب وقدور راسيات". ونظيره "أوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم". ومثله "ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك".
ومن بحر السريع "واصبر وما صبرك إلا بالله". ومثله "ألا إلى الله تصير الأمور". ومثله "ذلك تقدير العزيز العليم" ومنه "أو كالذي مرّ على قريةٍ".
ومن بحر المنسرح "إنا خلقنا الإنسان من نطفة" وتفعليه: مستفعلن مفعولات مستفعلن.
ومن بحر الخفيف "ربنا إننا إليك أنبنا". ومنه "لا يكادون يفقهون حديثا". ومنه "قال يا قوم هؤلاء بناتي".
ومن بحر المضارع من مخرومه "يوم التناد. يوم تولون مدبرينا". وتفعيله: مفعول فاعلات مفاعيل فاعلاتن.
ومن بحر المقتضب "في قلوبهن مرض". وتفعليه: فاعلات مفتعلن.
ومن بحر المجتث "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم".
ومن بحر المتقارب "ولا تبخسوا الناس أشياءهم".
ومنه "و أملي لهم إن كيدي متين".
ومن بحر المتدارك "أم تأمرهم أحلامهم" وتفعليه: فعلن فعلن فعلن فعلن. وهذا البحر لم يذكره الخليل, واستدركه الأخفش والمحدثون فسمي متداركاً, ومحدثا, ومخترعا؛ ويسميه أهل الأندلس مشي البريد.
ومن بحر الدوبيت وهو المسمى عند العجم الرباعي, والترانة, وهو بحر مخترع مستحدث لطيف "إن كان الله يريد أن يغويكم" ومثله "ما كان عليهم من سلطان". وقد أكثر المتأخرون من العرب والعجم من النظم على هذا البحر لعذوبته, وسلاسته. وزعم بعضهم أنه مأخوذ من الكامل بطريقة متكلفة, وبعضهم أوصل أوزانه إلى عشرة آلاف.
 
ومن بحر المواليا وهو مشهور عند المتأخرين, واصله من البسيط "والطير محشورة كل له أواب". ومنه "لو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا".
وسبب تسميته بالمواليا, ما يحكى من أن الرشيد لما قتل جعفر البرمكي أمر أن لا يرثى بشعر, فرثته جارية له بهذا الوزن, حيث لم يكن من الشعر المعروف, وهي تندب وتقول: يا مواليا, فسمي بذلك.
ويقال: أن أول بيت قالته في هذا الوزن هذا البيت:
يا دار أين ملوك الأرض أين الفـرس
 
أين الذي قد حموك بالقنا والتـرس.
قالت تراهم رمم تحت الأراضي درس
 
سكوت بعد فصاحة السنتهم خـرس
ويستعذب في هذا الوزن اللحن, وكونه ملحوناً أحسن من كونه معرباً.
وإذا تأملت اشتمال القرآن العظيم على جميع أوزان هذه البحور المذكورة, بل وعلى غيرها مما لم نذكره علمت أن ذلك كله مندرج تحت قوله - علت كلمته وعظمت قدرته - "ما فرطنا في الكتاب من شيء". سبحانه "لا إله إلا هو إليه المصير".
ومن النثر المسجم الذي جاء موزوناً من غير قصد لقوة الانسجام, قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
أنا النبي لا كذب
 
أنا عبد المطلب
قيل: وقوله أيضاً صلى لله عليه وآله وسلم,_
هل أنت إلا إصبع دميت
 
وفي سبيل الله ما لقيت
والصواب ما ذكره الجلال السيوطي, قال: قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر, حدثني محمد بن عبد الله, عن الزهري؛ عن عروة, قال: خرج سلمة بن هشام, وعياش بن ربيعة, والوليد بن الوليد مهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فطلبهم ناس من قريش ليردوهم فلم يقدروا عليهم.
فلما كانوا بظهر الحرة قطعت إصبع الوليد بن الوليد فقال:
هل أنت إلا إصبع دميت
 
وفي سبيل الله ما لقيت.
فدخل المدينة فمات بها. انتهى.
وعلى هذا فيحتمل أن الوليد قصد بذلك الشعر, فلا يكون مما نحن فيه.
 
*صبري أبوحسين
22 - سبتمبر - 2008
من كتاب التذكرة الفخرية للإربلي    كن أول من يقيّم
 
من كتاب التذكرة الفخرية للإربلي
وروي عن قتادة عن أنس أنه لما بنى مسجده، صلى الله عليه وسلّم، كان ينقل اللبن مع المسلمين، ويقول:
اللهم إنَّ الخيرَ خيرُ الآخره
 
فارحم الأنصار والمهاجره
وقال، صلى الله عليه وسلّم، يوم حنين:
أنا النبـي لا كَـذِبْ
 
أنا ابنُ عبدِ المطلبْ
والرجز بحر من أبحر الشعر ونوع من أنواعه.
قال جامعه: ربما كان هذا موضوعاً عليه، صلى الله عليه وسلّم، لأن الشعر لا ينبغي له وهو ممنوع عنه، وإن كان قد روي فالعهدة على راويه وأنا أستغفر الله من نقل ما لا يجوز نقله ولا تصح الرواية فيه، وإياه أسأل أن يعصمني من موبقات الدنيا والآخرة.
*صبري أبوحسين
22 - سبتمبر - 2008
1-من كتاب تاريخ آداب العرب:    كن أول من يقيّم
 
1-من كتاب تاريخ آداب العرب للعلامة مصطفى صادق الرافعي:
 

نفي الشعر عنه صلى الله عليه وسلم

ونحن نتم القول فيما بدأ به الجاحظ آنفاً، من تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الشعر، وأنه لا ينبغي له، فإن الخبر في ذلك مكشوف متظاهر والروايات صحيحة متواترة، وقد قال الله تعالى: (وَمَا عَلّمْنَاهُ الشّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مّبِينٌ) فكان عليه الصلاة والسلام، لا يتهدى إلى إقامة وزن الشعر إذا هو تمثل بيتاً منه بل يكسره ويتمثل البيت مكسوراً مع أن ذلك لا يعرض البتة لأحد من الناس في كل حالاته، عربياً كان أو أعجمياً، فقد يتعتع المرء في بيت من الشعر ينساه أو ينسى الكلمة منه، فلا يقيم وزنه لهذه العلة، ولكنه يمر في أبيات كثيرة مما يحفظه أو مما يحسن قراءته، فما وزن الشعر إلا نسق ألفاظه، فمن أداها على وجهها فقد أقامه على وجهه، ومن قرأ صحيحاً فقد أنشد صحيحاً.
وهذا خلاف المأثور عنه صلى الله عليه وسلم فإنه على كونه أفصح العرب إجمالاً، لم يكن ينشد بيتاً تاماً على وزنه، إنما كان ينشد الصدر أو العجز فحسب، فإن ألقى البيت كاملاً لم يصحح وزنه بحال من الأحوال، وأخرجه عن الشعر فلا يلتئم على لسانه.
أنشد مرة صدر البيت المشهور لبي، وهو قوله: [الطويل]
ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ
فصححه، ولكنه سكت عن عجزه "وكل نعيم لا محالة زائل" وانشد البيت السائر لطرفة على هذه الصورة: [الطويل]
ستبدي لكَ الأيَّامُ ما كنتَ جاهلاً
 
ويأتيكَ (من لمْ تزوَّدِ) بالأخبارِ
وإنما هو: "ويأتيك بالأخبار من لم نزود".
وأنشد بيت العابس بن مرداس فقال: [الطويل]
أتجعلُ نهبي نهبَ العبي
 
دبينَ (الأقرع) وعيينه
فقال الناس: بين عيينة والأقرع، فأعادها عليه الصلاة والسلام: "بين الأقرع وعيينة" ولم يستقم له الوزن.
*صبري أبوحسين
22 - سبتمبر - 2008
2-من كتاب تاريخ آداب العرب    كن أول من يقيّم
 
ولم تجر على لسانه صلى الله عليه وسلم مما صح وزنه إلا ضربان من الرجز المنهوك والمشطور أما الأول فكقوله في رواية البراء: انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء يوم أحد ويقول:
أنا النَّبـيُّ لا كـذب
 
أنا ابنُ عبدِ المطَّلب
والثاني كقوله في رواية جندب إنه صلى الله عليه وسلم دميت أصبعه فقال:
هلْ أنتِ إَّلا إصبعٌ دميتِ
 
وفي سبيلِ الله ما لقيتِ
وغنما اتفق له ذلك، لأن الرجز في أصله ليس بشعر إنما هو وزن، كأوزان السجع، وهو يتفق للصبيان والضعفاء من العرب، يتراجزون به في عملهم وفي لعبهم وفي سوقهم، ومثل هؤلاء لا يقال لهم شعراء، فقد يتسق لهم الرجز الكثير عفواً غير مجهود، حتى إذا صاروا إلى الشعر انقطعوا، وغنما جعل الرجز من الشعر تتابع أبياته، وجمع النفس عليه، واستعماله في المفاخرات والمماتنات ونحوها، وأنه الأصل في اهتدائهم إلى أوزان الشعر، كما سنفصل كل ذلك في الجزء الثالث من تاريخ آداب العرب إن شاء الله، فأما البيت الواحد منه، فليس في العرب جميعاً، ولا في صبيانهم وعبيدهم وإمائهم، من يأبه له، أو يعده شعراً، أو يأذن لوزنه، أو يحسب أن وراءه أمراً من الأمر: إنما هو كلام كالكلام لا غير.
ولقد كانت الأوزان فطرية في العرب، فهي في الرجز، وهي في السجع، وهي في الشعر، جميعاً، ولم يعلم أنه ه صلى الله عليه وسلم اتفق له في الرجز من بيت واحد، أو تمثل منه بأكثر من البيت الواحد كبيت أمية بن أبي الصلت:
إن تغفرِ اللَّهمَّ تغفرْ جمَّا
 
وأيُّ عبدٍ لكَ لا ألمَّـا
 وإنما كان له ذلك في الرجز خاصة دون الشعر، لأن الشطرين منه كالشطر الواحد في الوزن والقافية، لا يبين أحدهما من الآخر، وبخاصة في هذين الضربين المنهوك والمشطور، وهما بعد ذلك كالفاصلتين من السجع، لا يمتازان منه في الجملة إلا بإطلاق حركة الروي، ومن أجل هذه العلة لم يتفق له في غيرهما شيء، وهو صلى الله عليه وسلم كان يقيم الشطر الواحد من الشعر كما علمت، لأن مجازه على أنفراده مجاز الجملة من الكلام، فلا يستبين فيه الوزن، ولا يتحقق معنى الإنشاد، ولا تتم هيأته من الإيقاع والتقطيع والتشدق ونحوها، فإذا صار إلى تمام البيت من المصراع الآخر، وهو الوزن أن يظهر، والإنشاد أن يتحقق، وأوشك الأمر أن يمتاز بما ينفرد به الشعر في خواصه التي تبينه من سائر الكلام كسر وخرج بذلك إلى أن يجعل البيت كأنه جملة مرسلة من الكلام، على ما كان من أرمه في الشطر الواحد.
والذي عندنا، أنه صلى الله عليه وسلم لم يمنع إقامة وزن الشعر في إنشاده إلا لأنه مع من إنشائه، فلو استقام له وزن بيت واحد، لغلبت عليه فطرته القوية، فمر في الإنشاد، وخرج بذلك لا محالة إلى القول والاتساع وإلى أن يكون شاعراً، ولو كان شاعراً لذهب مذاهب العرب التي تبعث عليها طبيعة أرضهم كما بسطناه في موضعه ولتكلف لها، ونافس فيها ثم لجاراهم في ذلك إلى غايته، حتى لا يكون دونهم فيما تستوقد له الحمية، ما هو من طبع المنافسة والمغالبة، وهذا أمر كما ترى، يدفع بعضه إلى بعض، ثم لا يكون من جملته إلا أن ينصرف عن الدعوة، وعما هو أزكى بالنبوة وأشبه بفضائل القرآن، ولا من أن يتسع للعرب يومئذ بد، فيقرهم على شيء، ويجاريهم على شيء، وينقض شعره أمر القرآن عروة عروة، ولذا قال تعالى: (وَمَا عَلّمْنَاهُ الشّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مّبِينٌ).
ثم يأتي بعد ذلك جلة أصحابه وخلفائه، يأخذون فيما أخذ فيه، فيمضون على ما كان من أمرهم في الجاهلية، ويثبتون على أخلاقهم وعلى أصول طباعهم ويستطير ذلك في الناس، وهو أمر متى تهيأ نما فيهم، ومتى نما غلب عليهم، ومتى غلب أستبد بهم، ومتى استبد تقم معه للإسلام قائمة (وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رّبّكَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى).

فانظر، هل ترى شيئاً غير ألهي هذا التدبير والصنع العجيب، وهل ترى ذلك أعجب من أن الله تعالى منع نبيه تصحيح وزن الشعر، وجعل لسانه لا ينطلق به إذ وضعه موضع البلاغة من وحيه، ونصبه منصب البيان لينه، لأنه تعالى يعلم من غيب المصلحة لعباده، أنه صلى الله عليه وسلم لو أقام وزن بيت مال به عمود الدين، ثم لتصدع له الأساس الاجتماعي العظيم الذي جاء به القرآن، إذ يكون قد بنى على غير أركان وثيقة ولا عماد محكم.

على أن منع الشعر إنما أخذ به صلى الله عليه وسلم منذ نشأته، ولولا ذلك ما استقام له وجه طبيعي ليس فيه ندرة تعد، فقد نشأ منذ نشأته على بغضه، وانصراف عما يزين الشيطان منه، والنفرة من تعاطيه، وعلى أن يتوهم شيئاً من أوزانه وأعاريضه حتى يميت الدواعي إليه من نفسه، فلا تنزع به الفطرة، لا تستدرجه العادة، وعظم ذلك عنده وبلغ، لا يعرف أحد من العرب كره الشعر كرهه، ولا أبغضه، بغضه، مع تأصله في فطرتهم، ونزعهم إليه بالعرق، ونشأة الناشيء منهم على أسبابه من طبيعة الأرض وطبائع أهلها، وعلى انه يدور في مسمعه، ويختم في قلبه، ولا يبرح منه راوياً أو حاكياً، فقد كان حكمة القوم وسياستهم ومعدن آدابهم وديوان أخبارهم، بل كان عبادة أرواحهم لطبيعة أرضهم، والصلة المحفوظة بينهم وبين ماضيهم، كما سلقت الإشارة إليه في موضعه، ولذا قال ل صلى الله عليه وسلم "لما نشأت بغضت إلي الأوثان وبغض إلي الشعر، ولم أهم بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين، فعصمني الله منهما، ثم لم أعد".
*صبري أبوحسين
22 - سبتمبر - 2008
أمثلة الاقتباس من كتاب معاهد التنصيص:    كن أول من يقيّم
 
أمثلة الاقتباس من كتاب معاهد التنصيص:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
قد كانَ ما خِفْتُ أَنْ يَكونَا
 
إِنَّا إلى الله راجِعُـونَـا
البيت من مخلع البسيط، وقائله بعض المغاربة عند وفاة بعض أَصحابه، وذكر صاحب قلائد العقيان أَنَّه قيل في الرئيس أبي عبد الرحمن محمد بن طاهر، وقال: شهدت وفاته سنة سبع وخمسمائة، وحين قضى دخل عليه الوزير أبو العلاء ابن أزرق وهو يبكي ملء عينيه، ويقلب على ما فاته كَفَّيْه، وينادي بأَعلى صوته، أَسفاً موته:
كان الذي خِفْتُ أن يَكونَا
 
إنَّا إلى الله راجِعُـونـا
والشاهد فيه: الاقتباس مع تغيير يسير في التقفية. ومن الأَمثلة الشعرية في الاقتباس قول الأَحوص:
إذا رُمْتُ عنها سَلْوَةً قال شـافـعٌ
 
من الحبِّ: ميعادُ السُّلوّ المَقـابِـرُ
سَتَبْقى لها في مُضْمَرِ القلبِ والحَشا
 
سَرَائرُ ودّ يومَ تُبْلَـى الـسَّـرائرُ
وقول البديع الهمذاني:
لآلِ فريغون في المكرماتِ
 
يَدٌ أوَّلاً واعتـذارٌ أخـيرَا
إذا ما حَلَلْتَ بمغـنـاهُـمُ
 
رأَيتَ نَعيماً وملكاً كَبـيرَا
وقول الأببوردي:
وقصائد مثل الرِّياض أضعتهـا
 
في باخلٍ ضاعَتْ به الأَحسابُ
فإذا تناشَدَها الرُّواة وأبصروا الم
 
دوح قالـوا سـاحـرٌ كـذَّابُ
*صبري أبوحسين
24 - سبتمبر - 2008
أمثلة للاقتباس 2    كن أول من يقيّم
 
وقول محمد الشجاعي:
لا تُعاشر معشَراً ضلُّوا الهُدَى
 
فسَواءٌ أَقبَـلُـوا أَم أَدْبَـروا
بدت البغضاء من أَفواههـمُ
 
والذي يخْفُونَ منها أَكـثَـرُ
وقول القاضي منصور الهروي:
ومنتَقبٍ بالوردِ قـبَّـلْـتُ خـدَّهُ
 
وما لفؤادِي من هَـوَاهُ خَـلاصُ
فأَعْرَضَ عنِّي مُغْضَباً قلت لا تَجُرْ
 
وقبِّل فَمِي إنَّ الجُروح قصـاصُ
وقول أبي الفضل عبد الله بن محمد الحبري:
أَشكو الأَقارب لا يغبُّ جفاهم
 
يبغي أَذايَ صغيرُهم وكبيرُهُمْ
هُمْ يُعلِنونَ لدَى اللِّقاءِ مودَّتـي
 
والله يعلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُـمْ
*صبري أبوحسين
24 - سبتمبر - 2008
أمثلة للاقتباس من القرآن 3    كن أول من يقيّم
 
وقول أبي منصور عبد الرحمن بن سعيد:
خلة الغانيات خـلة سـوء
 
فاتَّقوا الله يا أُولي الأَلبـابِ
وإذا ما سأَلتموهـنَّ شـيئاً
 
فاسْأَلوهنَّ من وراءِ حِجابِ
وقول الحكيم:
سَبَقْت العالمينَ إلى المَعالـي
 
بصائبِ فكرة وعلوِّ همَّـهْ
ولاحَ بحكمتي نورُ الهُدى في
 
ليالٍ للضَّلالَةِ مُدْلَـهِـمَّـهْ
يُريد الجاهلون لـيُطْـفِـئُوهُ
 
ويأْبَى اللـهُ إِلاَّ أَن يُتِـمَّـهْ
*صبري أبوحسين
24 - سبتمبر - 2008
أمثلة للاقتباس 4    كن أول من يقيّم
 
وقول أبي عبد الله الأبيوردي:
أَردتُ زيارة الملكِ المُفَدَّى
 
لأَمْدَحَهُ وآخذ منـه رفْـدَا
فعَبَّسَ حاجِباً فقرأْتُ: أَمـا
 
مَنِ اسْتَغْنى فأَنتَ له تَصَدَّى
وقول الخبَّاز البلدي:
كأَنَّ يَميني حين حاوَلْتُ بَسْطَـهـا
 
لتَوْديعِ إِلفي والهَوَى يَذْرفُ الدَّمْعَا
يمين ابن عمرانٍ وقد حاولَ العَصَى
 
وقد جُعلت تلك العَصَى حَيَّة تَسْعَى
وقائلةٌ هل تملكُ الصَّبْرَ بعـدهـم
 
فقلتُ لها لا والذي أَخرجَ المَرْعَى
وقوله:
سارَ الحبيبُ وخلَّفَ القَلْبَـا
 
يُبْدي الغرام ويُظهرُ الكَربا
قد قلت إذْ سارَ السَّفينُ بـه
 
والشَّوقُ ينْهَبُ مُهْجَتي نَهْبَا
لو أَنَّ لي عزًّا أَصول بـه
 
لأَخذتُ كلّ سفينةٍ غَصْبـا
وقول الأُستاذ أبي محمد العبدلكاني:
إذا كنت متَّخـذاً ضَـيْعَةً
 
فإيَّاكَ والشُّركاء الوُجُوهَا
ودار الملوك فإنَّ الملوكَ
 
إذا دَخَلوا قريةً أَفْسَدُوها
وقول الأَمير نصر الدين أَحمد الميكالي:
يا قوْمَنا لا تُضيعُوا
 
ذمامَ كلِّ حَمـيمِ
ولا تخلُّوا جُحُـوداً
 
بحقِّ خـلٍّ قـديمِ
وذكِّروا النَّفْسَ حقًّا
 
بقولِ ربٍّ رَحيمِ
إنِّي أَخافُ عليكـم
 
عذاب يومٍ عَظيمِ
*صبري أبوحسين
24 - سبتمبر - 2008
أمثلة للاقتباس 5    كن أول من يقيّم
 
وقول بعضهم يهجو بخيلاً:
رَأَى ضَيْفُكَ في الدَّارِ
 
وكَرْبُ الجُّوعِ يَغْشَاهُ
على خبزكَ مكتوبـاً
 
سَيَكفـيهُـمُ الـلـهُ
وقول محمد بن نصر الباخرزي:
وفَتاةٌ أَلْبَسْتُها من ثِـيابِـي
 
مَلْبَساً فيه نزْهةٌ ونَـعـيمُ
غَدَرَتْ بي وغادَرَتْني وَحيداً
 
إنَّ رَبِّي بكيدهنَّ عَـلـيمُ
وقول المطوعي:
انظُرْ إلى وجه صديقٍ لنـا
 
كيفَ مَحَا الشَّوْكُ بهِ النَّقْشَا
قد كَتَبَ الدَّهْرُ على خـدِّهِ
 
بالشِّعْرِ واللَّيْلِ إذا يَغْشـى
وقول الأَديب شهاب الدين أَحمد الأَمشاطي:
وفَتَّاكِ اللَّواحِظِ بَعْـدَ هَـجْـرٍ
 
حَبَا كَرَماً وأَنْعَمَ بـالـمَـزارِ
وظلَّ نهارَهُ يَرْمي بقـلـبـي
 
سِهاماً من جفونٍ كالشـفـارِ
وعندَ النَّوْمِ قلتُ لمُـقْـلَـتَـيْهِ
 
وحكم النَّوْمِ في الأَجفانِ سارِي
تَبارَكَ من تَوَفَّـاكـم بـلـيلٍ
 
ويعلمُ ما جرحتمْ بالـنَّـهـارِ
*صبري أبوحسين
24 - سبتمبر - 2008
 1  2  3  4