طرائف حديثة كن أول من يقيّم
طرفة الأستاذة خوله (حماها الله وباركها ) والتي وردت بعنوان " من وحي رمضان " والتي تتحدث عن ولد صغير كان يعبث بالرداء جعلتني أفطن طرفة عن شاب وليس عن صغير، وقد حدثت معي في أحد المساجد ، وتكرر معي حدوث ما يشبهها في مساجد أخرى وفي أكثر من بلد : منافذ الشيطان شاب كان على يميني ونحن نصلي جماعة وقد باعد ما بين ساقيه وألصق طرف قدمه بقدمي خشية أن ينفذ الشيطان من بيننا . ولما تضايقت منه أزحت قدمي اليمنى عن قدمه اليسرى قليلا حتى استريح في وقوفي ، فما كان منه إلا أن رفع قدمه وداس بها قدمي مانعا إياها من الحركة . ولما انتهينا من الصلاة قلت له إني تضايقت من فعله فقال : أتريد أن ينفذ الشيطان من بيننا؟ قلت : كلا لا أريد ، ولكن للشيطان طريقا أسهل يسلكها للنفاذ وهي الطريق الأوسع . قال : وما هي الطريق الأوسع ؟ قلت : المسافة بين قدميك . لم يعجبه قولي فأدار لي وجهه وانصرف مسرعا . بدعة وشاب آخر : بعد أن انتهت الصلاة مددت إليه يدي كي أصافحه وأدعو الله أن يتقبل منه صلاته ، فلم يمد يده ، وأخذ ينظر إلي نظرة تنم عن خجله من عدم المصافحة . ولما رآني ما زلت مادا إليه يدي مدّ يده وصافحني خجِلا وعلى عجل إذ سحب يده من يدي وكأنه ارتكب اثما عظيما وهو يقول : أصلا هذا العمل بدعة! قلت له : ما أجملها من بدعة ! ولكني أظن أنه لم يسمعني ، فقد قلتها أثناء قيامه السريع لتأدية ركعتين في مكان آخر في المسجد بعيد عني كل البعد . وها هي طرفة أخرى لها بالمساجد علاقة : احذروا النشالين في طفولتي عشت في نابلس بضع سنين، وكذلك في شبابي ، وكنت أحب وأنا طفل أن أصلي الجمعة في مسجد غير الذي صليت فيه الجمعة السابقة ، فكان الدور على أحد المساجد في البلدة القديمة المكتظة بالناس من أهل المدينة ومن البلدان المجاورة . وما راعني إلا وقد كتب على حائط المسجد من الخارج بخط أحمر واضح جلي عبارة : " احذروا النشالين " . قلت في نفسي : عيب عليهم والله أن يكتبوا هذه العبارة على جدار بيت الله ، وخجلت أن يتهم الناس بالسرقة بهذا الإعلان الواضح . ولما كبرت عرفت أن هناك من النشالين من يقصد بيوت الله من أجل النشل والسرقة . وتمر السنون ويشاء الله أن أعمل في عمّان بضع سنين . وكانت صلاتي كلها في المسجد الكبير الجامع في وسط العاصمة المزدحمة بالناس من كل جنس ولون ، وكانت العبارة التي خجلت حين طالعتها وأنا طفل هي نفسها وبلونها الأحمر وقد ضاقت بها جدران سورالمسجد الخارجية . غادرت عمان لأعود إليها في زيارة بعد خمسة عشر عاما ، وقد أوصاني أحد اصدقائي بأن أسأل خادم المسجد الجامع المذكور إن كان أحدهم قد وضع لديه خمسماية دينار يظن صديقي المسكين أنه أضاعها في المسجد . قلت لصديقي : أتكلفني بأمر عبثاً! ، ولكنه أصر . وأمام إصراره ، وخشية أن لا أخدعه فأكذب عليه ، قصدت المسجد عند الظهر وخلعت الحذاء وتركته عند عتبة الباب الخارجي ، وإذا على يمين الداخل غرفة الخادم . طرحت عليه السلام ، وكان مضجعا ، وسألته ، ولما سمع سؤالي هبّ قائما وهو يسألني : أين وضعت حذاءك؟ قلت : عند عتبة الباب ، فقال : ضع حذائك أولا تحت إبطك ثم اسألني . |