أسباب الرزق بقدر ((زعموا أن أربعة نفر اصطحبوا : أحدهم ابن ملك ، والآخر ابن تاجر ، والآخر ابن شريف ،من أتمّ الناس حسنا وجمالا ، والآخر ابن أكّار (يُدفع له أجر مقابل عمل يقوم به –عامل) .وكانوا جميعا محتاجين قد أصابهم ضُرّ وجَهد ، لا يملكون شيئا إلا ما عليهم من ثيابهم . فبينما هم يمشون إذ قال ابن الملك : إن أمر الدنيا كله بقدر .. قال ابن التاجر : العقل أفضل من كل شيء . قال ابن الشريف : الجمال خير مما ذكرتم . قال ابن الأكّار : الاجتهاد أفضل من ذلك كله . ثم مضوا نحو مدينة يقال لها مَطون . فلما انتهو إلى تلك المدينة أقاموا في ناحية منها ، وقالوا لابن الأكّار : انطلق فاطلب لنا باجتهادك اليوم طعاما ليومنا هذا . فانطلق ابن الأكّار يسأل : أي عمل إذا عمله الرجل من غُدوةَ الى الليل كَسَبه ما يُشبِع أربعة نفر ؟ فقيل له : ليس شيء أعزَّ من الحطب ، وكان على رأس فرسخ منها ، فتوجه إليه فحمل طنا من حطب فجاء به فباعه بنصف درهم . ثمّ اشترى به ما يُصلح أصحابه . وكتب على باب المدينة : ( اجتهاد يوم واحد تبلغ قيمته نصف درهم ). وأتاهم بما اشترى فأكلوه . فلما أصبحوا قالوا لابن الشريف : انطلق فاكسِب لنا بجمالك بعض ما يَقُوتنا اليوم . فانطلق ففكّر في نفسه وقال : لست أعرف شيئا من الأعمال ، وأستحي أن أرجع إلى أصحابي بغير شيء . وهمّ أن يفارقهم ، فأسند ظهره إلى شجرة في المدينة . فينما هو مهموم إذ مرّت به امرأة لبعض عظماءأهل المدينة فأعجبها جماله . فأرسلت إليه جاريتها فأتت به إلى منزلها ، ثمّ أمرت به فنُظّف ثمّ خلا بها يومه كله في نعيم وسرور . فلما أمسى أمرت له بخمسمائة دينار .فلما قبضها توّ جه إلى أصحابه وكتب على باب المدينة : ( جمال يوم واحد بخمسمائة دينار ). فلما أصبحوا قالوا لابن التاجر :انطلق أنت اليوم فاكسب لنا بعقلك وتجارتك شيئا . فذهب ابن التاجر ، فما لبث قليلا حتى أبصر سفينة عظيمه في البحر قد أرست إلى الشط غير بعيد من المدينة ، وقد خرج إليها أناس كثير ليشتروا ما فيها ، فساوموا أصحابها ، ثم قال بعضهم لبعض : انصرفوا يومكم هذا حتى يكسُد عليهم ويُرخِصوه علينا . فجاء ابن التاجر فاشترى ما فيها بمائة ألف دينار . فلما بلغ القوم ذلك أتوه فأربحوه مائة ألف درهم ، فأخذها منهم وأحال صاحب السفينة على التجار،ورجع إلى أصحابه.فلما مرّبباب المدينة كتب عليه:(عقل يوم واحد بمائة ألف درهم ) . فلما أصبحوا في اليوم الرابع قالوا لابن الملك : انطلق أنت اليوم فاكسب لنا شيئا . فذهب حتى أتى باب المدينة فجلس على دُكّان بالباب . فقُضِي أن ملك المدينة هلك في ذلك اليوم ، ولم يُخلّف ولدا ولا أخا ولا قرابة . فمرّوا عليه بالجنازة فبصُروا به لا يتحرّك ولا ينحاش ولا يحزن لموت الملك .فسأله رجل فقال: من أنت ؟ وما الذي يقعدك على باب المدينة لا يحزُنك موت الملك ؟ فلم يجبه. فشتمه وطرده . فلما مضوا رجع إلى مكانه . فلما انصرفوا رآه الذي طرده فقال : ألم أنهك عن هذا الموضع ، وأتقدم إليك؟ فأخذه وحبسه. ثمّ إنهم اجتمعوا ليملّكوا عليهم رجلا يختارونه ، فقام الذي كان أمر بالفتى إلى الحبس فحدّثهم بقصته ، وقال إني أتخوف أن يكون عَينا علينا لعدوّنا . فبعثوا إليه فأتوا به فسألوه مَن هو ، وما أمره ،وما الذي أقدمه بلدهم ؟ فقال أنا ابن اصطَهر ملك أرض قورماه . توفّي والدي فغلبني أخي على المٌلك ، وأنا أكبر منه ، فهربت منه حذَرا على نفسي . فعرفه من كان وطئ أرضهم فأثنوا عليه ، وملّكوه عليهم . وكان سنّتهم إذا ملّكوا الرجل طافوا به على الفيل الأبيض ، وتركوا التاج على رأسه وجالوا به المدينة . فلما مرّ على باب المدينة فأبصر ما كتبه أصحابه ، أمر أن يُكتب مع ذلك : ( إن الاجتهاد والجمال والعقل وما أصاب المرء من خير وشرّ فبقضاء وقدر . اعتبروا ذلك بما ساقه الله إليّ من الخير والسعادة ). ثمّ إن الملك أتى مجلسه وقعد على سرير ملكه وأرسل إلى أصحابه فأتوه فموّلهم وأعطاهم وأغناهم . ثُمّ جمع الناس والعمال وذوي الرأي من أهل مملكته فقال : أما أصحابي فقد استيقنوا أن الذي رزفهم الله من الخير إنما كان بقدَر فأعان عليه ببعض ما ذكروا . وأما أنا فإن الذي منحني الله ورزقني ووهبه لي لم يكن من الجمال ولا من العقل ولا من الاجتهاد )). ********* (إن العقل والجمال والاجتهاد والقوة ) من أسباب الرزق وكلها بقدر... إن الذي يستغلّ منصبه أو يسرق أو يغتصب مال أو أملاك الغير أو ينصب أويحتال .... أو الذي يسير بطرق ملتوية ، أو اشياء أخرى لم تخطر على بال......أي نوع من أسباب الرزق هذه؟؟!!!. تذكرت حادثة .. أن أمراة ذات جمال ،تلبس أبهى الثياب وأغلاها ، لها سيارة فخمة غالية الثمن حديثة ، ولها سائق خاص يوصلها إلى حيث تريد ،لها زوج يقوم بشراء قطعة أرض مساحتها خمسة دونمات .. يُعلِم الزوج عنها لمكتب عقاري أن هذه الأرض للبيع .. فتأتي تلك المرأة ( زوجته ) إلى المكتب العقاري وتقول له : أريد قطعة أرض مساحتها خمسة دونمات أحتاجها للاستثمار أريد أبني عليها مصنعا .. وأن تكون في منطقة كذا (تحوم حول أرض زوجها) ،، وتعطيه عربونا مجزيا ليُخيّر لها قطعة الأرض ، كما حددت له الثمن الغالي الذي سوف تدفعه ثمنا لقطعة الأرض زائد عمولته المجزية.. فرأسا يطمع صاحب المكتب العقاري ويساوم صاحب الأرض وهو لايعلم أنه زوجها ، ويشتري منه القطعة بسعر أغلى من قيمتها بكثير لأن المرأة سوف تدفع له أكثربكثير من ذلك .. فتمر عليه أكثر من مرة وتقول له : هل وجدت شيئا .. ـ والعربون موجود مع صاحب المكتب - .. فيقول لها وجدت .. فيتم الاتفاق أن يذهبا إلى السجل العقاري لتسجيل الأرض .. هناك تفتح (شنتتها ) وفيها المبلغ الذي اتفقا عليه .. فيطلب موظف السجل التجاري هويتها أو جواز سفرها .. فتخرج له وثيقة سفر ( أي أنها ليست مواطنة، ولا يحقّ لها أن تتملّك ) فيمتنع الموظف من تسجيل الأرض ... هي تصارخ وتقول: أنا أُقِيم هنا منذ زمن بعيد . وأريد ان استثمر أموالي ... فيرد عليها الموظف : لماذا لا تأخذي جواز مستثمر ؟. فتقول له: إن إمكاناتي لا تسمح لي بذلك .. فيرفض الموظف تسجيل الأرض .. فتطلب العربون من صاحب المكتب وتأخذه ..ثم تنطلق إلى بيتها وكأنّ شيئا لم يحدث .. أبو هشام |