البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الرواية والقصة

 موضوع النقاش : ليلة القدر    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )

رأي الوراق :

 ابو هشام 
5 - يوليو - 2008
ليلة القدر
 
كنت اسكن في قرية صغيرة، ولي بيت متواضع آوي اليه يظلني وقت الهجير ويبعد عني لفيح الزمهرير ،لي اخت احبها كانت تكبرني بعامين ، زرعت في ساحة البيت شجرة جوافة وعندما اثمرت وتذوقت ثمرها لم اجد في حياتي اجمل ولا الذ من طعمها، خرجت الى الدنيا ووجدت الناس يكدون ويعملون و يركضون وراء لقمة العيش ، فمنهم من يحصل عليها بكد وتعب وآخرون يجدونها لقمة سائغة هنية بتعب يسير وجهد قليل ، والكل يركض ويلهث وراءها كل حسب جهده وطاقته وهي هاربة من يظفر بها نالاها ومن لم يظفر نام ليلته بالجوع ..
 حاولت ان اقلدهم واركض معهم ولكن دون جدوى كل ليلة انام بالجوع لانني لم اظفر بها كبقية الناس .. مرت ايام وايام والحال هو الحال ، عيني دائما مصوبة نحو شجرة الجوافة ، ان كان عليها ثمر قطفته وتلذذت بطعمه وحمدت وشكرت الله كثيرا على هذه النعمة، ولكن هذا لم يكن من متطلبات الانسان الاساسية التي تؤمن له الحياة والبقاء على وجه الارض ، فقلت في نفسي لا بد ان اعمل وأكد مثل ما يعمل البشر ، حاولت ثم حاولت ولكن لم اعرف .
مرت الايام وحالتي صعبة فا زدادت وازدادت صعوبة فجاءنا زائر عزيز على قلبي وهو شهر رمضان المبارك ، في العادة كل الناس يتجهزون لاستقباله ، وأنا لم يكن عندي اي شيء .
فقلت في نفسي جاء الفرج مع هذا الشهر ، لعل وعسى تخرج علي ليلة القدر ،فجهزت نفسي لاسهر لياليه .. مرت الليلة الاؤلى وعيني مثبتة نحو السماء .. مرت الساعات متثاقلة وصار النعاس يداعب جفوني وانا احاول المقاومة بما لدي من جهد وطاقة خوفا من ان تخرج الليلة المباركة وانا في سبات او غفلة . حاولت ثم حاولت فثقلت جفوني وصارت ثقل الجبال الراسية ولكن عندي جهد وعزيمة لان هذه الليلة هي حياتي لا اريد ان افوتها اوتمر ولا اراها ، ساعمل جهدي واقوم بكل وسيلة ، فنظر ت حولي والليل ساكن وكل ما حولي ساكن وإلا بفأس ملقى  في ساحة البيت فأخذته وصرت اضرب الارض به لابعد عني النعاس  وبقيت على هذا الحال حتى لاح الفجر وبدت الحركة تدب في القرية وانتهت أول ليلة.
في اللية الثانية بدأتها كما بدأت الليلة الاولى ارقب السماء، وكلما جثم النعاس وصار يداعب جفوني اتجه إلى الفأس وابدا بحرث الارض - وعيني معلقة بليلة القدر- أضرب الفأس مرة هنا ومرة هناك والكون ساكن من حولي، كل شيء هادئ إلا صوت فأسي.. مرت الليلة متثاقلة اثقل من سابقتها حتى لاح الفجر ودبت الحياة على وجة الارض من جديد وانقضت اليلة ولم تخرج ليلة القدر .
انا اترقبها وفي يقيني انها سوف تخرج وادعو الله سبحانه وتعالى فيها ان يرزقنني ويغنيني ويسهل علي لقمة العيش لأعيش في رغد وهناء . ..وتتابعت ليالى رمضان ليلة وراء ليلة ليال طويلة وانا اضرب بفأسي الأرض حتى لم يبق جزء من ساحة البيت دون حراثة ، وما زالت الليالي المباركات تتوالى .. فماذا أفعل لم يبق مكان حتى أضرب الفأس فيه ؟؟ ماذا أفعل وقطع من ليالي رمضان تتراكم فوق جفوني ؟؟ . ماذا أفعل أأترك الليلة المباركة تمر في غفلة مني وتضيع مني كل أحلامي ؟؟ . تذكرت ان اختي مخبأة بقايا من بذور الجوافة في مكان داخل المنزل .
بسرعة تناولت البذور وخرجت من داخل المنزل مصوبا سهام عيني وقلبي الى السماء مترقبا ليلة القدر ، وصرت ألقي البذور على غير هدى في ساحة البيت وأشغل نفسي وأبعد السهاد عن عيني لعلي أنال المراد من
ليلة القدر .. لم تخرج الليلة المنشودة .. وانقضى  شهر رمضان المبارك. حزنت حزنا عميقا ضاق فيه صدري، وعبست سبل الحياة أمام نظري , فرجعت آوي إلى المنزل كئيبا شقياً وتصورت الحالة التي ستمر بي .
مرت الأيام... و قطرات الطل تتساقط على البذور.. أخذت البذور تتنامى وتتسامى وتكبريوما بعد يوم، فبثت الأمل في نفسي من جديد ، وردت إلي روحي ، فصرت أعتني بما زرعت ، أصبحت البذور شجرا ، والشجر أزهر ونوَر  ثم حمل ثمارا ، وحلت البركة في العطاء ، فقطفت ثمار الجوافة وصرت أبيعها ، فظهرت على علامات النعمة ،وأصبحت لقمة العيش سهلة سائغة ، وصرت أشتري أرضا وأزرع شجر الجوافة حتى أصبحت مشهورا في قريتي منتجا وبائعا للجوافة .
 
ابو هشام العزة
______________________
وأهلا بك في سراة الوراق يا أبا هشام، أتمنى أن نسمع منكم حصيلة تجاربكم وملاحظاتكم في مشواركم الطويل مدرسا للغة العربية 35 عاما
وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
راوي بالسليقة    كن أول من يقيّم
 
الأستاذ الكريم أبو هشام العزة :
أنت كاتب بالسليقة ، وتمتلك قدرة كبيرة على السرد المبسط والمتواتر للأحداث ، والتعبير عما يجول بداخل النفس من أفكار بشكل طبيعي وقريب جداً بحيث أنك تستطيع الاسترسال بالكتابة لمدة يومين دون توقف ونستطيع أن نجري وراءك لنقرأ ما تكتبه بدون ملل . هكذا أتخيلهذه نعمة كثمار الجوافة . ليس في القصة ، في عين ذاتها ، من جديد ، لكن أسلوبك جميل ونتمنى لو نقرأ لك محاولات أخرى . ولك كل التحية والامتنان
*ضياء
6 - يوليو - 2008
شكر وامتنان    كن أول من يقيّم
 
اتقدم الى أسرة الوراق الكرام وإلى سيدتي ضياء بما لدي من تقدير والشكر الوفير على تلك الكلمات العذبة المعبرة ...إنها نسمة عليلة لطيفة داعبت محيا رجل في صيف خليجي ....
*ابو هشام
8 - يوليو - 2008
ليلة القدر والجوافة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
الغالي أبا هشام العزة

تحية إجلال وتقدير لمقامكم الرفيع،،،
أولا أقدر فيكم مدى الترابط في الكلمات التي يعجز الكثيرون في صياغتها وطريقة عرضكم المشوقة التي جذبتني لإكمال قرأتها فقد تلمست من جوانبها العديد والعديد من الصفات التي أعتبرها رمزا من رموز الشهامة والرفعة
ففي مقدمة مقالتك ذكرت مدى التواضع المترف الذي كنتم عليه  والأخرى مدى حبك لأختك صاحبة الجوافة فالتعايش في الوضع المتواضع الذي قد يكسب نوعا ما من أنواع المذاق المر في الحياة ومدى الصبر الذي أكتسبته في عدم الخروج من كنفة الحياة المره والبحث عن الطرق المحرمة التي يلجأ إليها ضعفاء الأنفس أجد بها شموخ ورفعة وعزة الرجل .
دعني أتغلغل قليلا في المقال وكيف تحولت الأمور من فقر مذل إلى عز مترف ففي حديث عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . رواه البخاري و مسلم في صحيحهما .
فالحديث مقسوم إلى ثلاثة أجزاء فما يخص حديثنا فهو الشق الأول ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) ، أي : أنه ما من عمل إلا وله نية ، فالإنسان المكلف لا يمكنه أن يعمل عملاً باختياره ، ويكون هذا العمل من غير نيّة ، ومن خلال ما سبق يمكننا أن نرد على أولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عدة مرات ويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم أنه لا يمكن أن يقع منهم عمل باختيارهم من غير نيّة ، ما داموا مكلفين غير مجبرين على فعلهم .
فعلى ما أتوقع أنك كنت تترقب ليلة القدر إيمانا منك بأن من أدرك ليلة القدر فتح الله عليه الرزق والرحمة فالله عز وجل يعلم ما بالأنفس وما تخفى الصدور فقد علم المولى جل جلالة بما في نفسك وسخرك لكي تحرث أرضك بالفأس دون علم منك أو دراية أن نتيجة الحرث من أجل ألا تجفن أو يقهرك النعاس هو بداية الرزق الذي كتبه الله عز وجل لك فليس سوى الله الرازق فأصبحت الأرض بعد رمضان مهيئة للنتاج المثمر الذي أسأل المولى عز وجل ألا يحرمك خيرها ورزقها.
                  
فقد ذكرتني بقصة المليونير والتفاحه
فقد ذهب أحد الصبية إلى تاجر كبير معروف فسأله عن سبب ثروته الكبير فأجابه بسبب تفاحة فأستغرب الصبي وبدء يكترث منه ومن أسلوبه وقال له أتهزء بي قال أسمع قصي كنت فقير إلى حد أنني أبات الايام بلا أكل وفي ذات ليلة وجدت تفاحة فقمت انظفها وألمعها حتى أصبح لونها فاتنا وبعتها بدرهم وأشتريت بالدرهم تفاحتين وعملت بها ذات العمل بالتفاحة الأولى وبعتها بدرهمين وأستمريت بعد ذلك بهذه الطريقة حتى جمعت ثروة طائلة وهي ثروتي الان.

العزيز أبا هشام
لا بد أن يكون لكل مقام مقال وأنا في هذا المقام أعجز وأقف حائرا ملبكاً بما أقول لقد ضاعت قواميسي و تغيرت تضاريسي لهذا القدر من الأسلوب المفعم الذي أقف عنده وقفت تلميذ يقتبس من تحت أيديكم الكريمة أجزل الكلمات والجمل فهنيئا لنا بك وبفنك الرفيع فلديك أسلوب في السرد القصصي والروائي يرقى إلى مقامات الكمال والكمال للمولى عز وجل فقد زرعت في أنفسنا بذور الخيال والحسن في الكمال كما زرعت الجوافة وها قد أبهرتنا بأسلوبك كما أبهرت أنت بشجر الجوافة وما نحن إلا إقتباس من خيالكم المفعم الجميل.

سيدي لكم مني أرقى التحية والتقدير وأنا ممتن لكم سيدي ... وننتظر منكم قصص اخرى عن تلك القرية..
احمد عايش
احمد
8 - يوليو - 2008
قصة رائعة     كن أول من يقيّم
 
قصة رائعة ....
أبو هشام هذا القصاص الكبير له قدرة كبيرة على تصوير مشاعر الفقراء اتجاه الحياة ...وكيف يتصرفون اتجاهها فنجد فى هذه القصة مشاعر الانكسار والذل والمسكنة لعدم وجود المال وهو عصب الحياة .....
وكم من اناس يعيشون فى هذه الحياة يدبرون أرزاقهم بالكاد كل يوم ...
أيتها الرحمة ..أين أنت ..أيها العدل أين أنت ..هل ماتت الأنسانية فى قلوب المسلمين ..
وأنا أمشى كل يوم فى شوارع مصر المحروسة أجد سيدة مسلمة تتسول من  أيدى الناس أمام المساجد وفى القطارات من أجل أن تنفق على بيتها ولم أجد على حد علمى سيدة مسيحية تفعل هذا الشىء ...
لقد ضاع التكافل الاجتماعى بين المسلمين ..الأغنياء ازدادوا غنى ..والفقراء ازدادوا فقرا ..وعلى معبر رفح البرى نجد قصصا مأساوية ..لما تعانيه الفلسطينيات من سوء المعاملة وشظف العيش فوجدت سيدة مسلمة فلسطينية تبيع بعض الملابس فى شوارع العريش من أجل اطعام أولا دها الصغار ...ولم أشاهد يهودية تتسول بل تذهب إلى مصر للسياحة والتنزه ...
أين أنت يا أميرالمؤمنين --عمر بن الخطاب --عندما كنت تحمل على ظهرك الطعام لسيدة مسلمة ضاق بها الحال ..
وابو هشام بحق هو قصاص الفقراء ..
فهل سيأتى اليوم الذى نرى فيه التكافل الاجتماعى بين المسلمين ..أتمنى ذلك
 
*خالد صابر
9 - يوليو - 2008
السيد أحمد عايش    كن أول من يقيّم
 
اتقدم بالشكر الجزيل ووافر الامتنان إلى السيد أحمد عايش على كلماته العذبة الرقيقة ،المؤمنة بقضايا الفقر والفقراء ، وكلنا نعلم أن لكل مجتهد نصيب ، وإن شاء المولى عزّ وجلّ أن يكون لك نصيب في الدنيا والآخرة ..والتفاح قرين للجوافة إنهما من فصيل واحد.. والمهم أن يعمل الإنسان ويكدح حتى يعمر الأرض التي نعيش عليها...
*ابو هشام
11 - يوليو - 2008
التكافل لنا ثم ضيعناه    كن أول من يقيّم
 
الحمد لله ،
الزميل الفاضل الأستاذ خالد صابر.. حقيقة إن التكافل لنا وهو جزء من عقيدتنا .. فبدل ان نتمسك به ونعض عليه بالنواجذ أهدرناه وتركناه .. فظهر الخلل وتغلغل الفقر .. وللأسف الذي شاهدته أصبح ظاهرة طبيعية في ديار المسلمين ..سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه عندما رأى مسيحيا كبير السن يستجدي في ديار المسلمين ..فقال بما معناه .. أكلنا من شبابه ولا نضيعه في كبره ..وأعطاه من بيت مال المسلمين .. التكافل جميل فأخذه عنا الغرب ..وهل نحن المسلمين نترك ماهو جميل ؟!!!.. اقدم جلّ شكري وتحياتي لشخصكم الكريم.
*ابو هشام
11 - يوليو - 2008