ليلة القدر
كنت اسكن في قرية صغيرة، ولي بيت متواضع آوي اليه يظلني وقت الهجير ويبعد عني لفيح الزمهرير ،لي اخت احبها كانت تكبرني بعامين ، زرعت في ساحة البيت شجرة جوافة وعندما اثمرت وتذوقت ثمرها لم اجد في حياتي اجمل ولا الذ من طعمها، خرجت الى الدنيا ووجدت الناس يكدون ويعملون و يركضون وراء لقمة العيش ، فمنهم من يحصل عليها بكد وتعب وآخرون يجدونها لقمة سائغة هنية بتعب يسير وجهد قليل ، والكل يركض ويلهث وراءها كل حسب جهده وطاقته وهي هاربة من يظفر بها نالاها ومن لم يظفر نام ليلته بالجوع ..
حاولت ان اقلدهم واركض معهم ولكن دون جدوى كل ليلة انام بالجوع لانني لم اظفر بها كبقية الناس .. مرت ايام وايام والحال هو الحال ، عيني دائما مصوبة نحو شجرة الجوافة ، ان كان عليها ثمر قطفته وتلذذت بطعمه وحمدت وشكرت الله كثيرا على هذه النعمة، ولكن هذا لم يكن من متطلبات الانسان الاساسية التي تؤمن له الحياة والبقاء على وجه الارض ، فقلت في نفسي لا بد ان اعمل وأكد مثل ما يعمل البشر ، حاولت ثم حاولت ولكن لم اعرف .
مرت الايام وحالتي صعبة فا زدادت وازدادت صعوبة فجاءنا زائر عزيز على قلبي وهو شهر رمضان المبارك ، في العادة كل الناس يتجهزون لاستقباله ، وأنا لم يكن عندي اي شيء .
فقلت في نفسي جاء الفرج مع هذا الشهر ، لعل وعسى تخرج علي ليلة القدر ،فجهزت نفسي لاسهر لياليه .. مرت الليلة الاؤلى وعيني مثبتة نحو السماء .. مرت الساعات متثاقلة وصار النعاس يداعب جفوني وانا احاول المقاومة بما لدي من جهد وطاقة خوفا من ان تخرج الليلة المباركة وانا في سبات او غفلة . حاولت ثم حاولت فثقلت جفوني وصارت ثقل الجبال الراسية ولكن عندي جهد وعزيمة لان هذه الليلة هي حياتي لا اريد ان افوتها اوتمر ولا اراها ، ساعمل جهدي واقوم بكل وسيلة ، فنظر ت حولي والليل ساكن وكل ما حولي ساكن وإلا بفأس ملقى في ساحة البيت فأخذته وصرت اضرب الارض به لابعد عني النعاس وبقيت على هذا الحال حتى لاح الفجر وبدت الحركة تدب في القرية وانتهت أول ليلة.
في اللية الثانية بدأتها كما بدأت الليلة الاولى ارقب السماء، وكلما جثم النعاس وصار يداعب جفوني اتجه إلى الفأس وابدا بحرث الارض - وعيني معلقة بليلة القدر- أضرب الفأس مرة هنا ومرة هناك والكون ساكن من حولي، كل شيء هادئ إلا صوت فأسي.. مرت الليلة متثاقلة اثقل من سابقتها حتى لاح الفجر ودبت الحياة على وجة الارض من جديد وانقضت اليلة ولم تخرج ليلة القدر .
انا اترقبها وفي يقيني انها سوف تخرج وادعو الله سبحانه وتعالى فيها ان يرزقنني ويغنيني ويسهل علي لقمة العيش لأعيش في رغد وهناء . ..وتتابعت ليالى رمضان ليلة وراء ليلة ليال طويلة وانا اضرب بفأسي الأرض حتى لم يبق جزء من ساحة البيت دون حراثة ، وما زالت الليالي المباركات تتوالى .. فماذا أفعل لم يبق مكان حتى أضرب الفأس فيه ؟؟ ماذا أفعل وقطع من ليالي رمضان تتراكم فوق جفوني ؟؟ . ماذا أفعل أأترك الليلة المباركة تمر في غفلة مني وتضيع مني كل أحلامي ؟؟ . تذكرت ان اختي مخبأة بقايا من بذور الجوافة في مكان داخل المنزل .
بسرعة تناولت البذور وخرجت من داخل المنزل مصوبا سهام عيني وقلبي الى السماء مترقبا ليلة القدر ، وصرت ألقي البذور على غير هدى في ساحة البيت وأشغل نفسي وأبعد السهاد عن عيني لعلي أنال المراد من
ليلة القدر .. لم تخرج الليلة المنشودة .. وانقضى شهر رمضان المبارك. حزنت حزنا عميقا ضاق فيه صدري، وعبست سبل الحياة أمام نظري , فرجعت آوي إلى المنزل كئيبا شقياً وتصورت الحالة التي ستمر بي .
مرت الأيام... و قطرات الطل تتساقط على البذور.. أخذت البذور تتنامى وتتسامى وتكبريوما بعد يوم، فبثت الأمل في نفسي من جديد ، وردت إلي روحي ، فصرت أعتني بما زرعت ، أصبحت البذور شجرا ، والشجر أزهر ونوَر ثم حمل ثمارا ، وحلت البركة في العطاء ، فقطفت ثمار الجوافة وصرت أبيعها ، فظهرت على علامات النعمة ،وأصبحت لقمة العيش سهلة سائغة ، وصرت أشتري أرضا وأزرع شجر الجوافة حتى أصبحت مشهورا في قريتي منتجا وبائعا للجوافة .
ابو هشام العزة
______________________
وأهلا بك في سراة الوراق يا أبا هشام، أتمنى أن نسمع منكم حصيلة تجاربكم وملاحظاتكم في مشواركم الطويل مدرسا للغة العربية 35 عاما
وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير |