اللفظ العربي "الأرض" يحمل معاني مختلفة وفي الصحاح: الأرض المعروفة وكلُّ ما سَفَل فهو أرض والأرْضُ: أسفل قوائم الدابة والأرْضُ: النَّفْضَة والرِّعْدة.
قال ابنُ عباسٍ في يوم زَلْزَلة: أزُلْزِلت الأرْضُ أم بي أرْضٌ والأرْضُ: الزُّكام والأرْضُ: مصدر أُرِضَت الخشبةٌ تُؤْرَضُ أَرْضَاً فهي مأْروضة إذا أكلَتْها الأَرَضَة.
قال تعالى في سورة الطلاق: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا(12) ".
فما هو معنى اللفظ "الأرض" في الآية الكريمة؟
المساواة تكون بين المتفقين في صفة فيشتق لهما منها اسما يجمعهما كالمتفقين في الإنسانية فهما من الناس، والمتفقين في الرجولة فهما من الرجال، والمتفقين في السمع فهما من السامعين...
أما المماثلة فهي أخص من المساواة وهي التكافؤ في المقدار، فالمبصرين لا يتماثلان إلا إذا تكافئا في حدة البصر، والعالمان لا يتماثلان إلا إذا تكافئا في العلم، والحافظان لا يتماثلان إلا إذا تكافئا في الحفظ...
وفي الآية الكريمة "ومن الأرض مثلهن" تقتضي مماثلة بين الأرض والسماء وهذا لا ينطبق بين السماء والأرض المعروفتين، وكما أن للفظ السماء معنى "كل ما على" فإن لفظ الأرض له أيضا معنى "كل ما سفل"، فالسماء التي تعلو شخصا في مكان ما من الكرة الأرضية لا تعلو شخصا آخر في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية، بل هي أسفل بالنسبة له، ومن التعريف فإن ما هو سماء بالنسبة للأول فهو أرض بالنسبة للثاني.
وهكذا فإن المراد بالأرض في الآية هو النصف الأسفل المكمل للنصف الأعلى من السماوات، وهذا التماثل يحمل معنى أن الأرض كروية كما يحمل معنى أن النموذج الكروي للكون أكثر ملاءمة للنص القرآني.