البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الرواية والقصة

 موضوع النقاش : أقصوصة (الكراسة)    قيّم
التقييم :
( من قبل 4 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
23 - يونيو - 2008
أقصوصة (الكراسة)[إبداع الطالبة الإماراتية: يمناء المرزوقي
 
في أرض "كرامة" تستقر حديقة بها زهرات أصيلة، تنهل من مصادر العلم الإسلامي والعربي ومعارفه المتنوعة...
كُلـَّفتُ بالاعتناء بمَـشْتـَلين من هذه الحديقة في الفترة الصباحية.
وذات يوم كانت أولى جوَلاتي في شهر رمضان إلى المشتل الثامن كان ذلك يوم الأحد 4/رمضان، وعندما أقبلت، طلبتُ من حاكمة المشتل: النرجسة أسماء أن تسجل أسماء الغائبات؛ لذا لم أنتبه إلى وردة جديدة حلت ضيفة عندي، كانت تكره كل شيء في المشتل؛ بسبب إجبارها على الالتحاق بهذه الحديقة، كنتُ مولعًا بـعلم العروض، وكنت أحب أن لا أبخل بما عندي؛ لذا شرحت الزحافات والعلل لزهَراتي وأنا في قمة السعادة والنشاط؛ إذ إني أستمتع جدًّا بالعروض إلى أن انتهى وقت التجوال.
خرجت من المشتل والغد يتغطى أمامي لا أعرف ماذا يمكنني أن أعطي وماذا سأنتج؟
ودخلت ذاك المشتل الندي بعد يومين وإذا بي أذهَل برؤية إبداع أخّاذ جذاب، حركاتٌ متقنة تنساب على حروف متداخلة تـُسمِع أذن ناظرها هدير رَقـْرَقـَتها، وتـُري العين إلهامَ الخلاق البديع في الخيال، بسملة نـُحِتتْ على الحائط، لم يسبق لي أن رأيت نظيرًا لها، ما كان مني إلا أن سألت عن هوية تلك المبدعة، فأشارت إليها الزهرات، قائلات: إنها الجورية يمناء، أحببت أن أكافئها بما تحب خاصة وأنها جديدة؛ فأهديتها نقطة تميز، وعوضتها ما فاتها من الشرح، ـ وقد كانت تستحق ذلك؛ فقد كانت تعطي مادتَي العروض والأدب اهتمامًا بالغًا، لدرجة أنها كانت تذاكر العروض ليلًا وتنام على الكتاب وعندما يوقظها أحد تذكرُ له التفاعيل بلا وعي حتى خيفَ عليهاـ وطلبتُ بعدها من الزهرات كافة إتياني بما يمكنهن من إبداع؛ فنفسي طـُلـَعَة إلى ذرى الإبداع، كم أحب أن أرى ماذا يمكن لزهراتي أن تنتج! وكم أحب أن أرى تفوقهن على أقرانهن!
عادت الجورية إلى المنزل، أخبرت الكل عن إعجابي بكتابتها البسملة، ومن يومها عرفتني أسرتها كلها، وبدأتْ تحب المشتل قليلا.
وبعدها بيوم أي يوم الأربعاء7/رمضان،19/سبتمبر مضيت، و لم أدرِ أن هناك مفاجأة تنتظرني، دخلت فإذا بمِلـَفٍّ وضَعَته النرجسة أسماء أمامي.
ـ إنه من الجورية.
 سعدتُ بسرعة الاستجابة من هذه الجورية؛ حيث إني رأيت أن به أبياتًا أو كما ظننتـُه، مع أنها كانت مشاركاتها في الإذاعة المدرسية في مراحلها السابقة، ولم تهتم بالأوزان والقوافي.
ـ حسنًا لا بأس، انتظري النقد أيتها الجورية يمناء.
ومضيت على عادتي أشرح العروض، ثم استوقفتُ زهراتي على سؤال يريني قدر استطاعتي على إيصال المعلومة :
ـ الذكية والمنتبهة والممتازة تستطيع أن تجيبني: أيٌّ من هذه التفاعيل كوَّنت الفاصلة الكبرى؟؟؟
ـ مُتـَعِلـُن .
دُهِشتُ من سرعة البديهة هذه من وردة حديثة كما دُهشتْ زميلاتها.
ـ أحسنت يا جورية يمناء لك نقطة أخرى.  (وأنا متأكد أنه سيكون لها شأن مذكور بإذنه تعالى)....
فرحتْ كثيرًا لكنها لم تقل حتى كلمة شكرًا، وكانت هذه آخر مرة أهديها نقطة.
أشرقت شمس الأسبوع الثاني يوم الأحد11/رمضان،23/9، وأقبلتُ على عملي، وكالعادة أبدأ بالمشتل الثامن، اختبرتهن في ما شرحت لهن، وجذبتني ورقة الجورية التي كتبت فيها بقلم الخط العربي، فقرأتها.
خرجت وأنا أبشِّر الجورية بوصول ملفها في أقرب وقت.
انتظرت الجورية ملفها بلهفة يخالجها بعض الخوف من نقد أستاذي، قد أبدي بعض التهكم تجاه ما كتبتْ،لا سيما وأنها لا تدري كيف نظْمُ الأبيات، لكن النرجسة كانت تهون عليها وتمدحني كثيرًا، و ما عليها سوى الانتظار، لكنها فكرت بأن تحاول في الشعر ولو قليلا، جلستْ في الحافلة في طريق العودة، اختارت البحر البسيط، وضعت تفاعيله أمامها، ثم بدأتْ بنظم أبيات فلسفية لم تدرِ هي معناها، وكان البيت الأخير مكسورًا، حاولت أن تصلحه لكن دون جدوى، فقررت أن تعطيني الأبيات مع الكسر.
ـ وفي يوم الثلاثاء13/رمضان،25/9، أهديتُ المِلف زاخرًا بالأوراق إلى الجورية قبل أن أصطحب زهراتي في رحلة إلى إحدى البيوت البلاستيكية، التي تدعى"القاعة الذكية"، ظنت الجورية أن كل هذه الأوراق لها وهي محتشدة بالنقد؛ فخشيتْ أن تفتح المِلف. هناك، قامت النرجسة بشرح بعضٍ مما شرحتـُه، وحاولت الباقيات ذكر الزلات التي وقعتْ فيها. اكتفت الجورية بذكر الأخطاء الإملائية والنحوية، وهذا ما رأيته في الورقة التي أهدتني إياها مع تلك الأبيات.
ـ هذه الأبيات موزونة.
ـ حسنًا انتظري النقد.
 يا ترى هل يمكن لها أن تنشئ كلامًا موزونًا بهذا الوقت المبكر، وتتفوق على زميلاتها اللواتي أشرفتُ عليهن مدة أطول؟ سأرى ذلك في خلوتي المنزلية...
وعادت الزهرات إلى حيث ينتمين إلى المشتل، وهناك حدث جدال بينهن ـ لم أشهده ـ كان الشجار بسبب رغبة الزهرات في رؤية نقدي للجورية، والجورية لا تريد إطلاعهن عليه، وبعد طول عراك أدبرت بعض الزهرات وبقيت القليلات، أمثال: النرجسة، والياسمينة علياء، والفلة ثرياء، فقرأت عليهن الجورية ذاك النقد.
ـ لم يأتِ الأستاذ بجديد ، أنا أعلم أنها غير موزونة.
ـ الياسمينة علياء: لكن كلامك جميل، وعله يريد تشجيعك للمواصلة في طريق الشعر.
بحثت الجورية عن كلمة(الشياكة) التي كتبتـُها في النقد، فلم تجدها، إذنْ هي كلمة غير عربية، لكنها أعجبت بطريقة مديحي إياها.
وفي اليوم التالي ـ الأربعاء26/9ـ أعدت الورقة إليها، تمالكها شعور بالعجز و الضعف بعد أن رأت نقدي؛ فتوقفت عن كتابة المزيد.
ـ بإطلالة الأسبوع القادم كان لنا موعد آخر مع القاعة الذكية(Smart room)يوم الأحد18/رمضان، 30/9، ولكن هذه المرة ستشرح الياسمينة علياء، بدا لي أن أسلوبها هجومي خاصة وأنها طلبت ممن سيتحدث الخروج؛ فأخذتها بالحكمة والموعظة الحسنة.
كانت شخصيتها قوية، ولسانها ذربًا، أثنيت عليها وأريتها بعض أخطائها. لكني أردت شيئًا جديدًا لم أشرحه، شيئًا تشرحه لي وردة متميزة بارعة.
ـ شكرًا لكنَّ، لكني أود أن تأتيني وردة بشيءٍ جديد لم أشرحه من قبل، وأنا أرشح لذلك الجورية يمناء ومن تختار.
ويا للمصيبة!!! لمْ أدرِ أنها وردة جبانة لهذا الحد، فما إن سمعتْ بما قلتـُه حتى تعرضتْ لتغيرات هستيرية وفسيولوجية بسبب الخوف؛ فأحسَّتْ بصعوبة في التنفس، وارتفاع وانخفاض متواليين لدرجة الحرارة، وانقباض في الأنابيب اللاوعائية، واصفرار في الأوراق.
ثم قالت لزميلاتها بصوت منخفض وكأنها تود البكاء: لا ،لا، إلا أنا .
جاءتها النجدة، وكانت زهرات الإسعاف على أهبة الاستعداد لإنقاذها.
ـ القرنفلة نادية: أستاذ، نحن نود أن نفعل ذلك.
ـ حسنًا.
ثم اقترحتُ جعل المعلومات العروضية في كشافات دالة، وتقديمها لي كتقرير.
ـ من تود كتابة تقرير في علم العروض في كشافات دالة؟
رفعتِ الجورية والنرجسة بـِتِلاتِهما(أصابعهما).
ـ إذن الجورية والنرجسة ومن تختاران.
خرجتُ من القاعة الذكية، والجورية تقول لزميلاتها: سامح الله الأستاذ، كاد أن يقتلني، لا أزال أجد صعوبة في  التنفس.
وذات يوم ذكرت لزهراتي أنه من الصعب أن يكون المرء شاعرًا؛ فاشتعلت نار الحماسة والإرادة في عيني الجورية، فهي دائمًا تحب الصعب...
ومضت أيام رمضان كلمح البصر، وأتانا العيد بحلته الزاهية، بضحكاته، وامتيازاته، وإجازته، الكل يحاول الاستمتاع به قدر الإمكان، وكانت الجورية في هذه الأثناء تكتب أبياتًا ثم تقطعها، وقد ألفتْ قطعة بمناسبة العيد. زارتها زهرات خالها فاستغربن مما تفعل.
ـ ماذا تفعلين يا جورية؟ آلعيد وقتٌ للتقطيع والشعر أم للمتعة؟
ـ هذا ما طلب منا الدكتور، وسترَينني شاعرة في المستقبل بإذن الله، ولكن ما رأيكن بما ألـَّفت؟
ـ دعينا من الأوراق، ولنتحدث.
وهكذا لم تجد الجورية تشجيعًا إلا مني وبعض زميلاتها، فهي أول ناظمة للأبيات في عائلتها.
ومع انتهاء العطلة عادت زهراتي الجميلة إلى المشتل، وبما أن الدوام بدأ يوم السبت عوضًا عن الخميس؛ لذا فإني لم أتفقد زهراتي، ولكن زرتهن في اليوم التالي كانت زهراتي في قمة النضارة والحيوية، فكرتُ في أن أستثمر نشاطهن في تقطيع الأبيات، ومعرفة ما طرأ عليها من زحافات وعلل، ونسبتها إلى إحدى البحور الستة عشر، فقامت الواحدة تلو الأخرى تقطع ولكن ليس على الوجه الذي أريده، طلبتُ من الجالسات تقطيع الأبيات، وبسرعة أرتني الجورية تقطيعها.
ـ أحسنت يا جورية، ولكن عندك خطأ بسيط.
ـ (بعد أن رأت خطأها): دكتور هنا عصب وليس قطفـًا.
ـ (رأيت خطئي): نعم صحيح، زهراتي أنسبت الجورية هذا البيت إلى البحر الوافر، ولننتقل إلى غيره.
لم أعطها نقطة كما أعطيت للأخريات؛ لذا تهاونت في التقطيع فيما بعد، كما أنها غضبت حين أنسبتُ جهدها إلى النرجسة أسماء، لكن النرجسة نبهتني على ذلك، كما أني لم أكن أعلم أنها كانت بارعة في التقطيع والقراءة العروضية للطويل والوافر والكامل والبسيط في المراحل السابقة، وأنها كانت تلقـَّب (الخليل الفراهيدي) إضافة إلى لقب(سيبويه) لحيرة معلماتها وزميلاتها من حبها للغة العربية، كما حيرتني فقد كانت واحدة من ست حصلن على الامتياز في الامتحان، لكني لم أعرف أني أحزنتُ النرجسة في ذاك اليوم، فقد ذهبتْ إلى نادي الإبداع مع الجورية، حتى تشترك الجورية في عضوية النادي، ومدَحَتها كثيرًا.
ـ هذه الجورية شاعرة، النادي محظوظ بانضمامها، دكتور العروض  لم يكن يعرف غيري، وعند قدومها أصبح لا يذكر إلا الجورية يمناء فعلت وفعلت، حتى أنه قدّم اسمَها على اسمي عند تسليم أوراق الامتحان. 
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تابع الأقصوصة    كن أول من يقيّم
 
تابع الأقصوصة:
وكان اليوم المشهود يوم الأحد10/شوال، 21/10 ، حين أنهيت تجوالي فهممتُ بالعودة، وفاجأتني النرجسة بكراسة من الجورية، أخذتُها بناءً على طلب الجورية، وهنا بدأت قصتي مع الكراسة التي لم تفارقني .
 وعندما فتحتُها في المكتب، وجدت بها بعض الأبيات من المتقارب كانت موزونة لكنها مفتقرة إلى علم القافية. شجعتُها على المُضِي قدُمًا في هذا الطريق ثم فوجئتُ بتسعة وعشرين بيتـًا قطعتها ونسبتها إلى البحور، فعلا كان هذا عملًا مقبولاً، لم أتوقعه منها؛ لذا أثنيت عليها كثيرًا أمام زميلاتها، بعد ثلاثة أيام< لدرجة أن البعض غرنَ منها.
ـ زهراتي، وكأن الجورية تقول لي: أنا لا أحتاج إلى شرحك، اجلس مكانك ولا تتعب نفسك.
وزاد هذا غضب بعض الزميلات، لكني صدمتـُها فيما بعد بعبارة "مصرية":(مِنِّك لله)؛ فلم تعرفْ معناها، وذلك بسبب إجابتها عن زميلة لها، لكنها رأت أن تتغاضى عن ذلك، وأحست أن الشكل الخارجي للكراسة لم يعجبني؛ لذلك عمِلت على تحسينه بمساعدة من أختها الوحيدة البنفسجة فاطمة.
ثم كان موعد الاختبار النصفي الأحد17/شوال، 28/10 ،والذي قالت عنه الزهرات: إنه صعب، وقالت الجورية: إنه سهل، فشكرتُ الفلة ثرياء؛ ظنـًّا مني أنها من قالت: سهل، فغضبت الجورية لكنها لم تقل لي شيئًا.
 ويوم الأربعاء وكان أول يوم أرى فيه بيتـًا مقطعًا بطريقة متقنة وخط واضح على السبورة، نظرتُ إليه بإمعان، صمتُ قليلًا ثم سألت عن صاحبته، رفعت الجورية إصبعها، ولم أستغرب فهذا متوقع من زهرتي المتميزة، وإن كانت مصابة بالبرد وقتـَها...
 ثم إني كنت أواصل متعتي بشرح العروض يوم الأربعاء14/11، فإذا بعاملة تسلمني ورقة، وجدت أنها من نادي الإبداع وبها استدعاء للجورية يمناء، يبدو أنها ليست متميزة عندي فحسب، بل في كل الأقسام.
ـ قلت -باللهجة المصرية-:يالله يا أبلة يمناء، نادي الإبداع، يطلبونك.
طلبتْ من زميلة أن تدعوني إلى القاعة الكبرى حيث ستُلقي مقدمة أمام المدير، لكنها لم تسمع رغم تكرار الجورية لطلبها، وخرجتْ ولم تعد إلا في الساعة الأخيرة حين كان دوري، وقتَها خرج الدكتور الحذيفي-دكتور الأدب- ودخلتُ، وبقيتْ هي مع هذا الدكتور تطلب منه أن لا يسجل لها غيابًا، ففعل، وأعطاها علامتين على مشاركتها تلك، لم آخذ الغياب إلا بعد أن حضرتْ.
ولن أنسى يوم الأربعاء في الساعة الأخيرة 21/11حين استوقفنا البيت:
                قد جبَرَ الدينَ الإلهُ فَجُبِرْ
ـ مَن تقطع هذا البيت على السبورة؟!
رفعت الزهرات بـِتـِلّاتها(أوراقها)، فسألتني القرنفلة نادية: ما إذا كنّ سيحصلن على علامة، فأجبتها(لا)، فأنزلت الجورية بتلتها فهي لا تحب العمل بلا مقابل، لكني أردت أن أريها سلطتي على المشتل.
ـ ستخرج الجورية على السبورة.
كانت الجورية غير قادرة على الرفض؛ فقد كانت كثيرة الصمت إلا وقت الجـِد، أخذتِ القلم وبدأت تقطع البيت وأطرافها ترتعش خوفًا، وقد لاحظت زميلاتها ذلك، ومن شدة وطأة الرعب لم تنتبه إلى خطإ فادح وقعتْ فيه ثم نبهتها إحداهن، فصوبَـته، عادت إلى مكانها وهي تأخذ شهيقًا عميقـًا.
ثم أتى الأسبوع الذي يليه بما يحويه من لقطات غريبة وجميلة، متمثلة بيوم الأحد25/11 ، غيرتْ الجورية مكانها وجلستْ بجانب الياسمينة علياء، وأخذتُ أذكر العلامات لزهراتي، وجدنا أن الجورية والياسمينة متماثلتان في الدرجة: 19,19,19
 ثم شرحتُ علم القوافي وإذا بي أدخل في مناظرات حادة مع الجورية بسبب سوء فهم منها، هي تقول: القافية الثاء، وأنا أقول الراء، وعندما أحست بغضبي صمتتْ، وبعدها لم أرَها تجلس بجانب الياسمينة أبدًا.  
وبينما كنت ذاهبًا إلى المشتل السابع، دُهشتُ من إبداع زهرتي حينما أتتني النرجسة بالكراسة العجيبة ثانيةً بعد أن أنهت جوريتي قصيدة صحراء، كان ذلك قبل الاحتفال باليوم الوطني السادس والثلاثين بيوم، أي يوم الثلاثاء 27/11ووعدتها خيرًا.
 ذهبتا إلى مختبر الحاسوب وفوجئت برسالة من مشرفة نادي الإبداع تخبرها أن الحفل سيكون في الغد.
ـ يا إلهي: ماذا سأفعل، القصيدة عند الدكتور؟
ـ تدبري أمرك لا شأن لي.
فكرت الجورية ورأت أن تراسلني للتعجيل بإحضار الكراسة، مع أنها لم تود مراسلتي قط، وفي المساء طلَبَتْ من عمها أن يعطيها بريده الالكتروني، ففعل وهو متعجب من هذا التصرف مثلي، أرسلت لي الرسالة الأولى تطلب مني التعجيل بإحضار الدفتر، والثانية والثالثة موضحة أن هذا ليس بريدها.
وكان يوم الحفل المنتظر الأربعاء28/11يومها ذهبت إلى المشتل الثامن فإذا بي أرى زهرة صغيرة في القاعة، أرجعت الكراسة مزينةً بعبارة:"مبارك يا يمناء دخلت عالم القصيدة"، وكنت قد نظمت قصيدة-في مناسبة الاحتفال بالعيد الوطني لدولة الإمارات - فطلبتُ من الجورية أن تعيد كتابتها بخط يدها، وذلك أحدث ضجة وجلبة بين الأخريات، ثم مضيت في شرح علم القافية، وكنت أرى الوردة الصغيرة تهمس في أذن أختها بين الحين والآخر، لعلها تساءلتْ عمن أكون، وماذا أقول؟  وما هذا العلم المُمل؟!
وفجأة رَنّ هاتف، إنها رسالة من نادي الإبداع يطلبون من الجورية الحضور، استأذنت مني وذهبتْ. ثم أعطت قصيدتي لمشرفة النادي بناءً على طلبي، لكن المشرفة طلبت منها أن تردها لي فما من أحد ليلقيَها. لم تشأ الجورية أن تردها لي بنفسها؛ لذلك اصطحبت معها زهرة لتردها، وعادت إليَّ قصيدتي تخبرني أني سألقيها.
وفي القاعة الكبرى حضر حفل كبير ليشهد مراسم الاحتفال باليوم الوطني وكنت واحدًا من المدعوين، وأثناء إلقاء جوريتي لقصيدتها كنت خارج القاعة ولحسن الحظ كان المدير غير حاضر أيضًا، ثم أتى المدير وطـُلِب من الزهرة شيخة والجورية يمناء إعادة الإلقاء أمام المدير، وقتَها كنت حاضرًا، ثم أعادتا الإلقاء وعادةُ الجورية أن لا تنظر إلى أحد أثناء الإلقاء حتى لا ترتبك، إنما تنظر إلى الجدران الخلفية يمينًا ويسارًا، ثم ألقيتُ قصيدتي، ثم قام المدير وأعلن عن قيام مسابقة شعرية، وجرت مسابقات للزهرات والأساتذة، وكان اليوم جميلا جدًّا، تفقدت رعيتي في الساعة الأخيرة، وذهبت الجورية إلى النادي لتأخذ نفَسًا، ثم عادت مع أختها بعد نصف ساعة، حدث شجار بين القرنفلة نادية وزميلتها أضحكَ الجميع، فقررت أن أفصلهما، ثم ألقت القرنفلة قصيدة غزلية، وألقيتُ قصيدتين عن بغداد والعولمة.  
ـ هناك ضيفة صغيرة في القاعة، من هذه يا يمناء؟ هذه أختك؟
ـ نعم.
ـ ما اسمها؟
ـ فاطمة.
ـ وهذه هدية لفاطمة أخت يمناء.  
كانت عبارة عن قصيدة رائية بعنوان"دبي حلم عربي"، أعجبَتها كثيرًا ولا تزال تحتفظ الجورية بها إلى الآن . انتهى الوقت.
وبما أن الأحد كان إجازة؛ لذا لم أستطع رؤية زهراتي في المشتل الثامن إلا يوم الأربعاء5/12، وفي الساعة الأولى لم يحدث شيء، أما في الساعة الأخيرة فقد حدثت أشياء، منها أني كلفت زهراتي بتقطيع بيتين هما:
للمنون دائرا    تٌ يُدرنَ صروفها
فتراها تنتقينا   واحــدًا فواحـدا
ثم نسبتهما  إلى بحرعروضي مناسب....
 وكالعادة أتتني الجورية بتقطيعها وأنه من بحر الرمل المشطور، فكرت قليلاً ثم قلت:حسنًا.
ثم عادت إلى مكانها.
ـ هذا موقع عمك؟
ـ نعم.
ـ أليس لديك موقع؟
ـ عندي؟
ـ إذًا ماهذا الإرهاب تجاهي، ثلاث رسائل، وكل رسالة فيها طلب واحد: أحضر الكراسة، أحضر الكراسة، أحضر الكراسة.
طأطأت الجورية رأسها وهي تسمع ضحكات زميلاتها، وتعليقاتهن، وتساءلت لمَ لم أحَدّثـْها عن موقع عمها عندما سلمتني كتابها حتى لا تسمع الأخريات ذلك.
ثم وقفتُ لأوضح تقطيع البيتين.
ـ هذا البيت قالت عنه الجورية: إنه من الرمل المشطور، وقلت: إنه من المجزوء، ولا بأس أن تصحح الزهرة المتميزة لأستاذها، لكني وجدت أن كلامها باطل وهو من المجزوء، إذًا أليس كلامها باطلا؟
ـ إحدى الزهرات: نعم، والله يكفينا شرّه.
وهكذا رفعتـُها إلى ما فوق السحاب، ثم أنزلتُها إلى أدنى الحضيض، وصارت تنظر إلى زميلاتها نظرة مستغربة وحزينة، قررتْ أن تكتب قصيدة هجائية بشأني.
وبعدها استوقفنا بيت عنترة الذي يقول فيه:
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما      والناذرين إذا لمَ القهما دمي
ـ هناك شيء في هذا البيت والتي تعرف فهي بروفيسورة العروض.
فجأة رفعت الجورية يدها، ويبدو أني لن أتخلص منها أبدًا؛ لذا قلت:"إلا يمناء"، أنزلت يدها، وسألتـْها الأخريات عن الإجابة لكنها لم تخبرهن، وبقيتُ أسهّل الأمر عليهن، بذكر البحر، والنظر إلى الشطر الثاني، لكن ما من مجيبة.
ـ قولي يا جورية.
ـ ضرورة شعرية، حُوِّلت همزةُ القطع إلى وصل في "لم القهما"...
ـ أحسنتِ.
فقد كانت قد درست الضرورات الشعرية منذ العاشر، وهكذا تنازلت عن القصيدة الهجائية، وتبخترت باللقب.
ـ لا أحد يحدثني؛ فقد أصبحتُ بروفيسورة العروض.
_ (أبوها): وأين الشهادة التي تثبت ذلك.
ـ  إنها مع الدكتور ومن الدكتور.
مضت على هذه الحال أيام غير متواصلة...
 وكان الأربعاء التالي12/12موعد الوداع، لكن قبل هذا أهدتني الجورية تقريرًا لها وهي في الصف الثاني عشر، أثنيت عليها أمام زميلاتها كما أثنيت على معلمتها؛ فقد وجدتُ فيه جهد الاثنتين معًا...
 
 
*صبري أبوحسين
23 - يونيو - 2008
تابع الأقصوصة2    كن أول من يقيّم
 
 ثم تركتُ المجال للزهرات للحديث الحر(الدردشة أو السولفة) فقامت الوردة أمل ثم القرنفلة نادية، والتي أعطيتها ثلاث دقائق فقط للحديث، ثم كانت مع الجورية نصائح للإمام علي ـ رضي الله عنه ـ وعرضتْ على النرجسة أسماء أن تلقيها، لكنها رفضت وأعطتني النصائح مبينةً أنها من الجورية، فطلبتُ من الجورية إلقاءها لكنها رفضت، فطلبتُ من النرجسة إيصال مكبر الصوت إليها، لكنها امتنعتْ عن أخذه، وبعد طول محاولة أخذتِ المكبر وألقتِ النصائح.
 انتقل الحديث إليَّ برغبة من الزهرات فأوصيتهن خيرًا، ثم توَّجتُ جهود البعض بألقاب: حاكمة الفصل: أسماء، بروفيسورة العروض:يمناء، النشيطة: جوخة، الباحثة:علياء، المهرجة: نادية أو(clown)...
 ثم طلبتُ من الفلة ثرياء أن تتلو على مسامعنا آيات من الذكر الحكيم، فاقترحتْ عليها الجورية سورة الرحمن.تلت سورة الرحمن بصوتها الشجي، ومشاعر الحزن تملأ القلوب بسبب وطأة الوداع.
في ذاك اليوم أعلمتُ زهراتي شيئًا، لا تزال الجورية تذكره إلى الآن وهو قول:" ولا بشيءٍ من آلائك يا رب نكذب" بعد كل آية بها:"فبأي آلاء ربكما تكذبان"....
وانتهى ذاك اليوم وأملي أن أرى تفوق زهراتي في الأوراق الامتحانية النهائية.
برزت التجربة الشعرية فياضةً لدى جوريتي، التي افتقدتـْها طويلا، استفادت منها بأن تصبَّ ملَكَتها على الورقة، اختارت البحر الوافر، وبدأت تنظم.
وأتت يوم الأحد 16/12إلى المشتل؛ لتعطيني تقرير الغائبة الفلة ثرياء، فرأيت أن مع التقرير شيئًا آخر أراه أبيض الوجهين.
ـ What is this?
 فتحتـُه، فرأيت أن به كلمات إنجليزية مترجمة للعربية، وكانت قد كتبتْ على الوجه الداخلي للغلاف اسمي وكنيتي بخط رائع .
ـThank you very very much.
ـ Welcome.
ثم قالت: قد قلنا: إن ألف(أنا) لا تحسب، لكنها تُحسب في بيت ولادة التي تقول فيه:
 أنا والله أصلح للمعالي     وأمشي مشيتي وأتيه تيها
فوجدتُ أن كلامها صحيح، لكن يا جويرية هذه لهجة أو ضرورة، ولا يقاس عليهما، فالأصل والشائع عروضيًّا ألا تحسب ألف (أنا) في حال الوصل...
ثم أخبرتني أنها نظمت قصيدة وأعطتني إياها، رأيت أنها قصيدة متطورة عن سابقتها، مشكلتها الوحيدة أنني لم أبيّنْ للجورية أن البيت إذا كان مدورًا فإن الجزء في الشطر الأول لا يُشبَع، فأعطيتها مثالا هو:"يمناء" إذا وقع حرف الحاء في الشطر الأول فإنه لا يشبع، ثم استرسلتُ بمدحها، وكان هذا آخر يوم أرى فيه الكراسة من الفصل الأول.
ـ افتخرتِ الحديقة بتخريج حافظة للقرآن، وأنا أفتخر بتخريج شاعرة، ثلاثة من أفتخر بهم: حسن النجار، علي الهاشمي، ويمناء...
زهراتي: إن الجورية يمناء تمتلك ملكات متعددة، وأنا لم أر باقي قدراتها الإبداعية.
 بدأتُ بشرح دائرة المشتبه لأول مرة، وأثناء ذلك قمت بإغداق العطاء على زهراتي الحاضرات، وذكرتُ البحور المستخرجة، وعند ذكري للخفيف أجابتني زهرة[ فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن]، فقلتُ: لك نقطة، وأنا لا أدري من هي؟، وعندما كنت أسجل النقاط سألتُ عن التي ذكرتْ تلك التفاعيل فرفعتِ الجورية بتلتها.
ـ يمناء أنت؟ لقد أعطيتُك عشرين نقطة لا مكان لنقطتين إضافيتين.
ضحكتِ الجورية وهي تظن أني أمزح، وأنا لا أدري أن كثرة المديح يجعلها خائفة أكثر من المستقبل، فهي تظن أن المستقبل سيسلب منها كل ما تحب، كما أهداها الحاضر ما تحب. ولكثرة المديح نسيتْ أن تسألني عن تقريرها بالثانوية...
 ساعتها أحزنتني الياسمينة علياء حينما ذكرتْ أنهن حاضرات من أجل التسميع لمادة القرآن فقط، وعندما خرجتُ تذكرَت الجورية تقريرها، فطلبتْ من صديقتها الياسمينة علياء أن ترافقها لتتصل بي ففعلتْ، فذهبتا للإشراف واتصلتا.
ـ(قلتُ): السلام عليكم.
ـ(الجورية): السلام عليكم.
ـ وعليكم السلام
ـ دكتور، أنا يمناء، أريد تقريري في الثانوية.
ـ ما قرأتـُه بعد.
ـ هل أستلمه في الأخيرة؟
ـ أبشري.
ـ شكرًا.
  انتظرتِ الجورية تقريرها أسفل السلم مع الياسمينة في الساعة الأخيرة، وعندما مررتُ نادتني الجورية.
ـ تريدين تقريرك؟، هذا هو.
ـ شكرًا.
ـ الياسمينة: دكتور، أنا آسفة كنت عفوية جدًّا معك.
ـ (باستغراب):العفوية مطلوبة.
ذهبتُ وزهراتي خلفي يذهبن إلى حافلاتهن، فجأة سمعتُ من ينادي الجورية بصوت عال، كانت زهرة من المشتل السابع تود أن ترى ما كتبته على تقرير جوريتي وهي لم تـُرِِها، لكن سرعان ما أرَتها هي والياسمينة، وعندما كنت أصعد السلم رأيت زهراتي يطلعن على ما كتبتُ. وكان هذا آخر يوم في الدوام.
وأتى وقت الامتحانات بحُلته المخيفة والمبشرة في آن واحد، كانت تجمعني بزهراتي صدفات عجيبة في الساحة والسلم، وحتى الممرات أمام المشاتل...
وعندما أتى موعد امتحان العروض كانت الجورية قد أنهت المذاكرة في ساعتين، لكنها بقيت إلى الثانية بعد منتصف الليل تصحح الأخطاء التي وقعتْ فيها زميلاتها في تقرير العروض، ونظرًا للجهد المُضني الذي قامت به، ذيلتْ مقدمتها بـ:"بقلم:يمناء"، لكن في اليوم التالي لم ترضَ النرجسة بذلك فقد أبخسُ الأخريات حقهن بسبب ذلك، أنهت الجورية الامتحان بصداع شديد.
وأتى اليوم الأخير من الامتحانات الأربعاء2/1، فوجئتُ في المكتب بزهرة تخبرني أن هناك من ينتظرني في الخارج، خرجتُ فإذا بي أرى الجورية والنرجسة تهدياني التقرير.
ـ لقد رأيتـُه وقرأته في بريدي الإلكتروني.
ـ النرجسة: لكن هذا قد صحَّحتْـ..... أو صححناه.
ـ لا بأس. جوريتي أخذتِ أربعين.
خافت الجورية، ولم تتبين قصدي.
ـ أربعين من أربعين.
 طأطأت الجورية رأسها، وهي تبتسم وتكتم فرحها، دفعتـْها النرجسة.
ـ ياالله يمناء، أخذت أربعين، وماذا عني دكتور؟
ـ لا أدري ستًّا وثلاثين، أو شيئًا من هذا القبيل.
ـ دكتور كنتُ مصابة بالتسمم يومها.
ـ سلمتِ من كل سوء، يا أسماء.
أتى دكتور ثم غادرتِ الزهرتان على عجل، نزلتا من السلم والجورية تحس أنها ستقع من شدة الفرح.
وفي المنزل أخذت الجورية تقول لعائلتها: إني قد أهديتها مسك الختام بتلك الدرجة، وانتظرتِ النتائج بفارغ الصبر، وهي متأكدة أنها قد أخذت 97 عندي، ولكنها حدقتْ في علامة العروض طويلا، عندما ظهرت.
ـ كيف يعطيني الدكتور 98؟   أمي!! أبي!! أخذت 98.
وهكذا كانت درجة العروض أعلى درجة حصلتْ عليها، وما كان منها إلا أن راسلتني شاكرةً لهديتي وداعية لي بخير، بعد أن كانت قد كرهتِ البريد الالكتروني بسببي، وكانت هذه أول مرة تراسلني ببريدها.
  وأحمد الله أنه أنتج على يدي باحثات ورائدات وشاعرات أفخر بهن ما حييتُ...
إهداء من البرعم الصغير[يمناء المرزوقي] إلى والدها العزيز  
 الأحد: 22/6/2008م
*صبري أبوحسين
23 - يونيو - 2008
مدخل إلى هذه الأقصوصة    كن أول من يقيّم
 
مدخل إلى هذه الأقصوصة:
هذه الأقصوصة من السرد الواقعي الإيجابي البناء، الذي يحاول أن ينشر ومضات خضراء من واقعنا الحالك، لعلها تغرس فينا أملاً، أقصوصة تصور مشهدًا من عالم التدريس الجامعي، عندما يكون حيًّا فاعلاً منيرًا مستنيرًا، يعطي عطاء لا حدود له، ويجد ثمار ما أعطى تتحقق أمامه يومًا بعد آخر... ما أسعد ذلك على الدكتور الجامعي، وما ألذه من شعور وإحساس، ولكي يفهم القارئ الأقصوصة عليه أن يعلم أن:
* راوي الأقصوصة هو دكتور العروض
*الحديقة:الكلية
*المشتل: القاعة الدراسية
*الزهرات: الطالبات
*الجورية: لقب بطلة الأقصوصة 
*الكراسة: كشكول إبداع البطلة به تعليقات دكتور العروض
.... إلخ
 
*صبري أبوحسين
23 - يونيو - 2008
إلى البرعم الصغير    كن أول من يقيّم
 
يا أيها البرعم الصغير:
هذه الأقصوصة عامة ليس فيها اسم خاص، كل الأسماء عامة، وكل الأحداث طبيعية لاحرج فيها ولا خجل منها، تقرأها العذراء في خدرها ولا تستحي منها، إنني أرى هذه الأقصوصة مثالاً جميلاً للواقعية الإسلامية التي ننشدها في أدبنا العربي المعاصر...
جزاك الله خيرًا على إبداعك
*صبري أبوحسين
25 - يونيو - 2008
بداية موفقة ومبدعة    كن أول من يقيّم
 
الأقصوصة رائعة وممتعة .. لم أحس بالملل إطلاقاً وأنا أقرأ أحداثها على الرغم من أنها تبدو لأحداث واقعية يومية.. أتمنى أن تواصلي درب الإبداع وأنتظر بفارغ الصبر جديدك..
صديقة قديمة
25 - يوليو - 2008