مستحدَثات البحور.. كن أول من يقيّم
وألف شكر لك أستاذي زهير، وأعتقد أن للشاعر الحق في إلزام نفسه لزوم ما لا يلزم من التفاعيل، وإن كان هذا في رأيي تضييق على متسع.. وكم كنت أتمنى عليك أن تجرّب الأشكالَ التي اقترحتُها، مستشعراً جمالها، وتاركاً النفسَ على سجيتها، دون إكراهها على ركوب ما يشبه سكة القطار. أما أستاذنا الحبيب ياسين، فلقد كنت على يقين أن مثل هذا الموضوع سيجد له في نفسه هوى، وأي هوى، وسيثير في ذائقته البديعة أسئلة لا كالأسئلة. وها هو أول المستجيبين لهذا الوزن، بقصيدة جميلة، تمنيتُ أيضاً أن لا تكون من لزوم ما لا يلزم. وجواباً على سؤالك أيها الحبيب أقول على السجية أيضاً: لا يسوؤني أبداً أن يضع شاعر فحل، وزناً يضاهي أو يكون في مصاف البحور الخليلية، لأنني من دعاة التجديد لا الجمود في أي نتاج بشري، والشعر نتاج بشري. ولكنني أومنُ من جهة أخرى، أن ألفين من السنين (مرّت على رأس) الشعر العربي، كفيلةٌ بأن تجعلَ ما وصلت إليه الفطرة العربية من الأوزان شيئاً يقترب من الكمال. لقد دأبت قرائحُ الشعراء عبر العصور على توليد الصور المختلفة تشقيقاً من أوزان الشعر العربي، حتى لقد تجاوزت مثل هذه الصور المشققة عندنا أضعافَ الصور الخليلية (63 صورة). وحتى اليوم، لم يعرف التجديد الوزني في الشعر العربي بحراً وصل جمالياً إلى مصاف البحور الخليلية سوى (الخبب؛ الذي على فعْلن وفعِلن).. أما (المتدارك؛ الذي على فاعلن وفعِلن)، والدوبيت، والسلسلة، وما أسميتُه (البحر اللاحق)، فربما تجاوزت بعض البحور الخليلية كالمُضارع مثلاً، ولكنها لم تصل قط إلى مصاف البحور الخليلية المعتبرة. وجميع هذه البحور يا أستاذ ياسين (الخبب والمتدارك والدوبيت والسلسلة واللاحق) هي أوزان مستحدَثة قائمة بذاتها، ولا يمكن ردّها إلى أي من أوزان الخليل المعروفة. وبعد.. فأرجو أن يشفي هذا الرد غليلك سيدي. عمر خلوف |