أستاذ زهير والمنسرح.. كن أول من يقيّم
الشكر موصول لأستاذ الوراق على ما خصّ به هذه النافذة من فائض علمه.. وما خصّ به شخصي المتواضع من جزيل فضله.. أما تعليقي على ما أشرتم إليه من بناء المنسرح على مثل ما جاء به بيت (أبان) فدليل على أذن شاعرة، وفؤاد مرهف حساس، وأنا على يقين بأن ما سأقوله لن يزيد في علمكم. إن مثل هذا التقسيم الجميل وارد في أي وزن، وهو أشبه بما يسميه البلاغيون بالترصيع.. ولكن لا يُعقل أبداً أن تُبنى قصيدة كاملة، يزيد عدد أبياتها على عشرة أبيات، على مثل هذا التقطيع أو التقسيم المقطعي. فالوزن العروضي -لأي بحر- يتحقق بما لا نهاية له من التراكيب اللغوية، والتي أراها ميزة تنقذ الوزن مما يتوهمه دعاة الحداثة من رتابة يتوهمونها في الوزن العروضي. وأما ما يشبه بيت (أبان) في تقسيمه المقطعي، فهو أكثر من أن يُحصَى، بل لا قدرةَ لي على إحصائه، وأظنني سأجد مثله في معظم ما كتب على وزن المنسرح، وهو كم هائل. يقول أبو العتاهية: يا ويحَ نفسي لو أنهُ iiأقصَرْ | | ما كانَ يمشي كما أرى أكدرْ | يا مَنْ عَذيري ممّنْ كلِفْتُ بهِ | | يـشـهـدُ قلبي بأنهُ iiيَسحرْ | يـا رُبَّ يومٍ رأيتُني iiمَرِحاً | | آخُذُ في اللّهْوِ مسبـلَ المئْزَرْ | بـيـنَ ندامَى تحثّ كأسَهُمُ | | عـلـيهمُ كفُّ شادنٍ iiأحورْ | ويقول جميل: لا والذي تسجدُ الجباهُ لهُ = ما لي بِما دونَ ثوبها خَبَرُ ولا بِفِيها ولا هَمَمْتُ بهِ = ما كانَ إلاّ الحديثُ والنظَرُ وللشابي: كآبةُ الناسِ شُعلةٌ ومتى = مرّتْ لَيالٍ خبَتْ معَ الأمدِ أما اكْتِئابي فلَوعةٌ سكَنَتْ= روحي وتبقى بها إلى الأبَدِ وهذا مطلع قصيدةٍ لي: تَحمِلُني صَهْوةٌ منَ القلَقِ = جامِحَةً بي تضجّ بالنّزَقِ كأنني فوقَ مَتْنِها زَلِقٌ = إلى سحيقٍ منَ الدّجى طَبِقِ إلى خريفٍ بهِ الرياحُ عَوَتْ=إلى شتاءٍ بالثلجِ مصطفِقِ |