البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : قصيدة(الكلام على الكلام)للشيخ الدكتورالحسن الأمراني    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 صبري أبوحسين 
5 - يونيو - 2008
 

د.حسن الأمراني

 

قصيدة(الكلام على الكلام)للشيخ الدكتورالحسن الأمراني
مشكاةُ ربِّك شمسُها تتوضّـــحُ           و شعاعُــها بسنا المعارف يقدحُ
والشعرُ بعد الصمتِ في صحرائـه          يـزهو  بنَـوْر المكرُمات ويصدح
وحديقةُ النور المباركِ أصبحــتْ          زهـــراتُها بالطيـبات  تَفَـوّح
تيجـانـُها التقوى، وثوبُ بهائهـا         عِـلـْمٌ يُفَـصَّلُ للسَّـؤُول ويُشرَح
وحيـاؤها الـورديّ يعبَقُ فاغمًا           و يـكاد مـن فرْط السماحة ينضح
وتراه من حُلَل الجمال مُصفقًـا            و تـراه في حُـلل الجـلال يـُسَبّح
يا روضةَ الآداب نفحُكِ مُسكري            مـا كـنـتُ أحسب أن كَرْمَك ينفح
يا روضة الآداب كم من زهـرةٍ            بـك أصـبـحتْ أكمـامُها تتفـتح
إن الكلامَ على الكلام خــرائدٌ            شُمُـسٌ إذا لانـــت فهـونًا تمنح
قالت: قَدَحْتَ الجمر من غضبٍ فلا         تـغضـبْ، ألا إن المغـاضبَ يَجمحُ
(والكاظمين الغيظ)، قلت: مَلَكْتِني          إن الـذي ملـَك القـلـوب ليسجح
ونصحـتِ لي همسًا، وأنتِ حَييَّةٌ         ولسـانُ حالـكِ في المشاهـد أفصح
قالت: عشقتَ؟ فقلتُ: إنّ العشق في       شـرْع الأُبـوَّة مُـوجِـع و مُبَـرّح
أنا سيـدُ العشاق، لستُ أقـولها        سفهًا، إلى شـرف الهوى لي  مطمحُ
أو ليس تاجَ العاشقين (يحبّـهم)؟       مَـن تـوّج الرحمـنُ فهـو المفلـحُ
ما كـل عاشق خُلّةٍ صرّامهــا        النـورُ ليـس عـن المـجرة يبـرح
أغضاضةٌ أن أنثر الأحزانَ مـن        وجَـع الفـراق، ومـن دمائي  أسفح؟
أخشى النسيمَ عليكِ، فهو مجـرِّح       إن النـسيـم مـجـرِّح  و مجـرَّح
كم من يدٍ لكِ في البيان سخيةٌ           و يـداكِ تأسو للجـراح وتـمـسح
خلّي الأساورَ عنك، إنّ قلادةً             زانتْـك صـارت للـقـلائد تـفضح
آياتُ ربك في الورى حـبّاتها          تـزهـو بجـيد الطهـر لا تتزحـزح
الله فصّلها، وأخرج شطأهـا           فسَمَتْ، فأضحـت في المعارج تسبـح
إيه "ابنَ ياسرٍ" الشهيدَ، "سميةٌ"         بستانُـها النبـوي ليـس يـُصَـوّح
و"نسيبــةٌ" نعم الوشاح وشاحها      و دعـاء طـه سيفـها  المتـوشـح
ولـ"خـولةٍ" وسط المعامع صولـةٌ     الأسْـد مـن  ضَـرَباتِـها  تتـرنَّـح
أزِف البِعاد، طويتُ جرحًا نازفًـا        نشــرتْـه كـفٌّ بالـوداع تُـلَـوّح
وتقول لي: شمس العلوم كسيفـةٌ       فـعـلامَ يـرتحل المـحبّ و ينـزح؟
وأرى هنا قلـمًا...هنا سبّـورةً         و هـنا دفـاتـرَ بالمشـاعـر  تطفح
ماذا أقـول غـدًا إذا ودّعـتُـها        و عـلى مـلامـحها هوايَ  مُصـرّح
البـحتـريُّ سيشتكي إيـوانَـه         و أبـو العـلاءِ  جـفـونُه  تتـقرَّح
وابن الحسين مجلجل: أنا صخرة         إن زوحـمـت في الواد ليست تبـرح
هيهات، إن البعد ليس مسافةً             تبـغـي السـوانـحُ قطعـها  فتجنّح
ما ذاق نار البعد من لبس التقى          فـغـدا إلى الرحـمـن روحـًا تسبحُ
دبي:3 – 5 – 2008م
 
 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
إنه زمن الشعر    كن أول من يقيّم
 
وهذه واحدة من مفاجآت هذا اليوم المسكون بالمفاجآت . كأنني في مغارة الكنز ! وكأن هذا الكلام يأتيني من عالم آخر غير الذي أعرفه . فهل نحن في زمن الشعر ... ؟  بوركت الأيادي التي كتبت هذا الكلام الجميل .
*ضياء
5 - يونيو - 2008
حقًّا أستاذتي    كن أول من يقيّم
 
حُقَّ للأستاذة ضياء أن تعجب بهذه القصيدة، وأن تصفها بهذا الكلام النقدي العميق (كأنني في مغارة الكنز ! وكأن هذا الكلام يأتيني من عالم آخر غير الذي أعرفه . فهل نحن في زمن الشعر ... ؟  بوركت الأيادي التي كتبت هذا الكلام الجميل).. حقَّا إنها مغارة الحسن الأمراني ذلك الغِرِّيد المغربي الحالم الهائم، الذي يعطينا في هذه الخريدة حوارًا شعريًّا متحضرًا ساميًا مع المرأة:أختًا وزوجة وبنتًا وطالبة علم...ومن ثم استحق هذا الدعاء الصادق:
(بوركت الأيادي التي كتبت هذا الكلام الجميل)....
 
*صبري أبوحسين
8 - يونيو - 2008
قراءة هانية في الحائية    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قراءة هانية في الحائية
قصيدة بَيْتية مكونة من أربعة وثلاثين بيتًا، جاءت على نسق الكامل التام الذي سلمت عروضه وضربه من العلل، وإن دخل زحاف الإضمار أحيانًا فيهما، ودخوله مقبول حسن، يقلل من رتابة الحس الموسيقي الموحد الصارم. وقد جاءت القافية مطلقة مكونة من الحاء رويًّا والواو وصلاً، كما جاء المطلع مصرعًا. قال الشيخ:   
         مشكاةُ ربِّك شمسُها تتوضّـــحُ           و شعاعُــها بسنا المعارف يقدحُ
 وفي الحاء بحة توحي بهدوء وصفاء وحزن رومانسي مناسب لعاطفة النص...
والنظرة العميقة الكلية للنص بدءًا من مطلعه، ومرورًا بوسطه، وانتهاءً بخاتمته تدل على أن الوحدة الموضوعية مثبتة بالنص عن طريق عدة أساليب، لعل من أهمها أسلوب الحوار، في المقدمة:
مشكاةُ ربِّك شمسُها تتوضّـــحُ           و شعاعُــها بسنا المعارف يقدحُ
والشعرُ بعد الصمتِ في صحرائـه          يـزهو  بنَـوْر المكرُمات ويصدح
وحديقةُ النور المباركِ أصبحــتْ          زهـــراتُها بالطيـبات  تَفَـوّح
.....
حوار معها، تلك المرأة التي يعيش معها الشاعر في بيئته الاجتماعية والثقافية:أمًّا وأختًا وزوجة وبنتًا، وطالبة ومثقفة... وهو حوار أخضر متفائل، يدل على ذلك عبارات:(مشكاة... تتوضح، شعاعها... يقدح، الشعر... يزهو بنور... ويصدح... زهراتها بالطيبات تفوح)... ثم ينتقل الشيخ إلى وسط القصيدة، محسنًا التخلص بقوله:
إن الكلامَ على الكلام خــرائدٌ            شُمُـسٌ إذا لانـــت فهـونًا تمنح
ليبثنا عاطفة ثانية في خريدته، حاكيًا ذلك الحوار معها وساردًا إياه:
قالت: قَدَحْتَ الجمر من غضبٍ فلا         تـغضـبْ، ألا إن المغـاضبَ يَجمحُ
(والكاظمين الغيظ)، قلت: مَلَكْتِني          إن الـذي ملـَك القـلـوب ليسجح
ونصحـتِ لي همسًا، وأنتِ حَييَّةٌ         ولسـانُ حالـكِ في المشاهـد أفصح
قالت: عشقتَ؟ فقلتُ: إنّ العشق في       شـرْع الأُبـوَّة مُـوجِـع و مُبَـرّح
أنا سيـدُ العشاق، لستُ أقـولها        سفهًا، إلى شـرف الهوى لي  مطمحُ
أو ليس تاجَ العاشقين (يحبّـهم)؟       مَـن تـوّج الرحمـنُ فهـو المفلـحُ
ما كـل عاشق خُلّةٍ صرّامهــا        النـورُ ليـس عـن المـجرة يبـرح
أغضاضةٌ أن أنثر الأحزانَ مـن        وجَـع الفـراق، ومـن دمائي  أسفح؟
.... حوار عميق حول الغضب والعشق والحزن، ذلك الثلاثي الذي يسير مع الشاعر الشاعر حيثما حل وارتحل..عواطف تطرأ على الإنسان، وتجعله ينفعل انفعالاً مؤثرًا روحيًّا وجسديًّا، تحس به كل ذات نفس صفيه هادئة حالمة.....ثم يقدم حكمًا سيارة قائلاً:
 
خلّي الأساورَ عنك، إنّ قلادةً             زانتْـك صـارت للـقـلائد تـفضح
آياتُ ربك في الورى حـبّاتها          تـزهـو بجـيد الطهـر لا تتزحـزح
الله فصّلها، وأخرج شطأهـا           فسَمَتْ، فأضحـت في المعارج تسبـح
إيه "ابنَ ياسرٍ" الشهيدَ، "سميةٌ"         بستانُـها النبـوي ليـس يـُصَـوّح
و"نسيبــةٌ" نعم الوشاح وشاحها      و دعـاء طـه سيفـها  المتـوشـح
ولـ"خـولةٍ" وسط المعامع صولـةٌ     الأسْـد مـن  ضَـرَباتِـها  تتـرنَّـح
ثم يأتي الختام رومانسيًّا يصور عاطفة الفراق والوداع والرحيل، يقول:
أزِف البِعاد، طويتُ جرحًا نازفًـا        نشــرتْـه كـفٌّ بالـوداع تُـلَـوّح
وتقول لي: شمس العلوم كسيفـةٌ       فـعـلامَ يـرتحل المـحبّ و ينـزح؟
وأرى هنا قلـمًا...هنا سبّـورةً         و هـنا دفـاتـرَ بالمشـاعـر  تطفح
ماذا أقـول غـدًا إذا ودّعـتُـها        و عـلى مـلامـحها هوايَ  مُصـرّح
البـحتـريُّ سيشتكي إيـوانَـه         و أبـو العـلاءِ  جـفـونُه  تتـقرَّح
وابن الحسين مجلجل: أنا صخرة         إن زوحـمـت في الواد ليست تبـرح
هيهات، إن البعد ليس مسافةً             تبـغـي السـوانـحُ قطعـها  فتجنّح
ما ذاق نار البعد من لبس التقى          فـغـدا إلى الرحـمـن روحـًا تسبحُ
 وهذا البيت الأخير أعده مفصل القصيدة ومسك الختام...
      
 
 
 
*صبري أبوحسين
8 - يونيو - 2008
نعم ، هو ما قصدته    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
نعم أستاذ صبري ، أظن بأن مقاصد الشاعر هو ما ذكرته في تعليقك الأخير وكل الشكر لك تقديمك لهذه القصيدة وتعليقك عليها وتعقيبك على تعليقي الأول الذي جاء عفو الخاطر .
 
عندما نقرأ مطلع القصيدة الذي يقول : " مشكاة ربك شمسها تتوضح " فإنه يحيلنا للحال إلى سورة " النور" وهذه الآية الكريمة التي هي في القلب منها : "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( 35) "
 
والمقصود بهذه الأية الكريمة كما نظن ونشعر ، كلام الله العزيز القدير يرمز إليه بهذه المعجزة القرآنية التي حيرت العقول وفتنت الألباب بجمالها وسحر البيان الكامن فيها ، وبهذه الصورة الشعشعانية التي تقرب المعنى إلى أذهاننا ،  لأن كلام الله نور على نور ، أي تنبيه بعده تنبيه ، وبرهان بعده برهان . من هنا استوحى الشيخ الأمراني كما أظن  عنوان قصيدته : " الكلام على الكلام " :
 
إن الكلامَ على الكلام خرائدٌ شُمُسٌ إذا لانت فهونًا iiتمنح
وهو ما يظنه ويعتقده في دور الأدب ، ودور المرأة الأديبة كما فهمناه من كلامه ، شرط أن لا تتخلى عن موقعها الذي منحها إياه الخالق كونها النصف العاطفي المتسامح ، وأن تتحلى بالأخلاق الكريمة ، والطهر والعفاف الذي يجب أن يتوج مقصدها . وإذا كان الشيخ الأمراني قد استلهم من سورة " النور " فلأن فيها تفصيل أحكام الستر والعفاف .
 
كم من يدٍ لكِ في البيان iiسخيةٌ و  يداكِ تأسو للجراح iiوتمسح
خلّي  الأساورَ عنك، إنّ iiقلادةً زانتْك  صارت للقلائد iiتفضح
آياتُ  ربك في الورى iiحبّاتها تزهو بجيد الطهر لا تتزحزح
 
نعم ، هذا الكلام له نور ، وكم نحن بحاجة لهذه الكلمات المعبرة ، وهذا الموقف النبيل والشجاع ، وهذه السريرة الصافية والمستنيرة بجوهر الكلام . 
*ضياء
8 - يونيو - 2008
شوائك في النص:    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
شوائك في النص:
أستاذة ضياء:
على الرغم من اتفاقنا على جمال القصيدة وروعتها فنيًّا إلا أنها لا تخلو من شوائك تثير السؤال والحيرة، منها:
*في عبارة: (أو ليس تاجَ العاشقين (يحبّـهم) في فتحة (تاج)!!! والأولى ضمها...
*هل قول الأمراني: 
إيه "ابنَ ياسرٍ" الشهيدَ، "سميةٌ"         بستانُـها النبـوي ليـس يـُصَـوّح
فيه طفرة، وانتقال مفاجئ، أو قلق تعبيري في عبارة(إيه "ابنَ ياسرٍ" الشهيدَ)؟!!!
* على الرغم من أن قول الشيخ:
وأرى هنا قلـمًا...هنا سبّـورةً         و هـنا دفـاتـرَ بالمشـاعـر  تطفح
فيه تصوير واقعي لحال المعلم في قاعة الدرس إلا أنني أرى أن للفظة تطفح إيحاءً غير مقبول، ولا تناسب لفظ المشاعر وما فيه من خير العلم ونوره وروحانيته... 
فما رأيك أيتها الناقدة في تلك الشوائك!!!!!
 
 
 
*صبري أبوحسين
9 - يونيو - 2008
عمق النظرة    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
قيمة هذه القصيدة كما أراها أستاذ صبري تكمن في ما تضمره من موقف ، وما تحتويه من رؤية ذات بعد فلسفي وحضاري يدل على عمق ثقافة الشاعر ، الشيخ الأمراني ، وتجربته الإنسانية العميقة والمرهفة . لا يمكننا اعتبار هذه القصيدة  "حدثاً " على الصعيد الأدبي ، وهي بدون شك جميلة ، إلا أن ما يميزها ، وما أشاع في نفسي الدهشة ، هو المكان  الذي يقف فيه الشيخ الأمراني والذي يمكنه من رؤية الأمور بهذه الشفافية والوضوح وهي رؤية مستقبلية تتجاوز كل ما عرفناه ونعرفه من مواقف متناقضة تتراوح من أقصى المحافظة إلى أقصى الانفتاح . عنصر الجمال الكامن في هذه القصيدة يكمن في سمو مقاصدها النبيلة ونظرتها العميقة إلى الأدب وإلى دور المرأة في صناعة الكلام . وليست المحاولات الأدبية إلا تجارب إنسانية تتفاوت مستوياتها لكنها لا تصل إلى الكمال أبداً
*ضياء
9 - يونيو - 2008
نبض الكلام على الكلام    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
نبض الكلام على الكلام
 
ما لي عـلى الأيامِ خَيـلٌ تَجْـمَحُ        أنا في الديارِ وأنـتَ حُـرٌّ تَسْـرَحُ
أنا موجعُ القلبِ الشرُودِ على الوَنَى       وأراكَ عـنْ عيني تَـنُوءُ وتَـبْرحُ
هي شِـقْوَةُ الدنيا تَتَـبَّعُ خُطْـوتِي        لكـنْ إلى الرحمنِ تَشْـكُو الأَرْوُحُ
عَجَبٌ؛ يُحَبُّ المرءُ مِنْ نظراتِهِ الْـ       أُولَى ويُحْـتَـلُّ الفـؤادُ ويُـجْـرَحُ
عِشْ في الفـؤادِ كما تَشَاءُ وغَنِّها        هــذي أَهَـازِيـجٌ رِقارٌ مُـلَّــحُ
يا بنَ الحُسينِ فَجَأتَنِي بِمُؤَجَّجِ الْـ        ـكَلِماتِ في بُـرْجِ السِّماكِ تَقَـادَحُ
(ما كلُّ عَاشِـقِ خُـلّةٍ صَـرَّامُها        النـورُ ليسَ عـنِ المَجَرَّةِ يَبْـرَحُ)
(أَغَضَاضَةٌ أنْ أنْـثُرَ الأحزانَ مِنْ         وَجَـعِ الفِراقِ، ومِنْ دِمائي أسْفَحُ؟)
فـدَعِـي (الأسَاوِرَ عنكِ، إنَّ قِلادةً       زَانَـتْـكِ صَارتْ لِلقـلائدِ تَفْـضَحُ)
(اللهُ فَصَّـلها، وأخـرجَ شَطْـأَهَا         فسَمَتْ، فأضحتْ في المَعَارِجِ تَسْبَحُ)
تَصْطَـفُّ حولَ العاشِقِينَ حَدَائِقًا           عِـطْرُ الرِّضَى والشوقِ منها يَطْفَحُ
أنا عاشقٌ، أنعـمْ بِهَا: أنا عاشقٌ         لا يَـرْتـوي قلبي بغَـيرِك يشـرحُ
داعــبتَ أوجانَ الكلامِ فَصَاحَةً           وصَـدَحْتَ، بُلْبلُها شَـجِيُّ صَـادِحُ
[أنا صَخرةُ الوادي إذا ما زُوْحِمَتْ]        تَجْـلُو السُّيولُ شَوَامِسِي وأُكَـافِحُ
كم صخرةٍ نَطَحَتْ قرونَ عَزِيمَـتِي        فَفَلَـقْـتُها بِصَـرامَـتِي وأُسَـامِحُ
كم ذِلَّـةٍ ثَبَّـطْـتُ نارَ فَحِـيْحِهَا         كـم عِـزَّةٍ عَـانَـقْـتُها وأُصَـالِحُ
كم مِن خَرِيدَةِ شـاعرٍ فاتَـحْـتُهَا          وشَمَـمْتُ مِنْ أرْدَانِـهَا ما يَنْـفُحُ
كم مِنْ مَـقالةِ ناقـدٍ ثاقَـفْـتُهَا          ونَصَبْتُ سَـرْجِي والشَّمُوسُ تُنَاطِحُ
[أنا صَخرةُ الوادي]! نعمْ أنا سَيْلُهُ        دَعْـنِي أُبَـادِرْهَا غـدًا وأُفَــاتِحُ
فإذا تَسَامَى كاهِلِي ورأيْـتَـنِـي          في الناسِ وجهي ناضِـرٌ أو كَالِحُ
صَاغَ اللسانُ عَـجَائِـبًا مَتْـلُوَّةً          بـيـنَ الأنـامِ كَـأنَّـهُـنَّ فَـوَاتِحُ
إذْ ذاكَ أغدو في الكواكبِ سارِحًا          أنا صَـقْرُهَا  الرَّائِي بِهَا أنَا جَـارِحُ
أنا والنسـيم مـودة لا تنـتهي          أنا والصوارم صحـبة وتصـالُحُ
أنا موطني الجوزاءُ جيشي حُرْفُهَا         وفوارسي الكلماتُ إذ أنا صـادحُ
يا بنتَ هذي الدارِ رَبْعُـكِ عَامِرٌ          بالخـيرِ والإيـمانِ لا يتـزحزحُ
أهلُوكِ أهلِي والمَحَـبَّةُ طَبْـعُهُمْ          والضيفُ يَسْرحُ في رباكِ ويَمْرَحُ
وحديقةُ النورِ المباركِ شَعْـشَعَتْ         أرجـاؤُها بالطـيـباتِ تَـفَـتَّحُ
كليةٌ بُنِـيتْ على التَّـقوَى فمَا           في بَهْـوِهَا غير المعارفِ تُشْرَحُ
عندَ الضُّحَى تسموُ بكلِّ فَـتِـيَّةٍ          غرَّاء من وَهَـجِ الكتابِ تَـوَضَّحُ
فإذا أتَى وقتُ المَساءِ رَأيْـتَهَا            كالثغْرِ مِنْ بيضِ الثـيابِ تَرَاوَحُ
اللهُ يرْعَـاهَا ويَرعَى مَـنْ لها            مِنْ فَضْلِهِ المِعْطاءِ يَبْـنِي يُصْلِحُ
كلُّ الرجالِ بها شُـدَاةُ فَـضَائِلٍ           عَمِـلُـوا وعـندَ اللهِ كُـلٌّ رَابِحُ
فإذا بدَا أنِّي غـدًا فارَقْـتُـهَا             (وعلى مَلامِحِها هَـوايَ مُصَرَّحُ)
فلها أَشَـاوِسُ كلُّـهُمْ لِي تَوْأَمٌ            تَأْسُو النفوسَ وتَـنْبَرِي تتصَافحُ
تَفْرِي تُراثَ البُحْـتُرِي وَحَبِيبِهِ            وأبو العلاءِ نُصُوصُهُ تَـتَـفَـتَّحُ
لو قلتُ مُعْجِزُ أحمدٍ قد شَـفَّـنِي          لمْ أُلْـفَ فِي عَـبَثِ الوليدِ أُمَازِحُ
د/ عبدالله طاهر الحذيفي
دبي 3/7/2008
ملاحظة (1) أثَّرَ كلامُ الصديقِ الشاعرِ العربي الأصيل الدكتور حسن الأمراني من المغرب في نفسي، نظرا لمعايشتي بعض انطباعاته، ونظرا لإعجابي بقصيدته المسماة (الكلام على الكلام) رَغبتُ في التعليقِ، فلمْ أتمكنْ من الكلامِ المنثورِ، فلجأتُ إلى المنظوم، فأنشأةُ هذه الأبيات، وأعلمُ أنها ستغدو عُرضةً للكلامِ على الكلام، إذ ربَّما جَرَّ كلُّ كلامٍ كلامًا، ولنا في تُراثنا العربي عظةٌ، فكمْ مِنْ متْنٍ هدَى إلى وضعِ حاشيةٍ عليه، وكمْ من حاشيةٍ أصبحتْ مَتْنًا تُصاغُ عليهِ الحواشي، ولا شكَّ أنَّ صديقي الدكتور صبري أبوحسين ستنفذُ قريحَتُهُ إلى الصميمِ، لنرَى لهُ من التعليقاتِ الشفافةِ ما يدهشُ القارئَ الكريمَ والمُتتبعَ المُتذوِّقَ..
ملاحظة (2) مابين القوسين من قصيدة الصديق الأستاذ الدكتور حسن الأمراني وهو كلام يعز مثله..  وما بين المعقوفتين من كلام المتنبي.
ملاحظة (3) بين القصيدتين حوار..
ع طاهر
3 - يوليو - 2008