مجلس : رسائل جامعية
|
|
موضوع النقاش : ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة قيّم | التقييم : ( من قبل 5 أعضاء )
رأي الوراق :
| محمد | 26 - مايو - 2008 |
عنوان الرسالة :
ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة
نوعها : ماجستير.
اسم الباحث : محمد محمود كالو
ولدت في قرية تل حاصل التابعة لمدينة حلب الشهباء السورية عام 1967م. وتخرجت في دار نهضة العلوم الشرعية بحلب (المدرسة النبهانية في جامع الكلتاوية ) عام 1985م. ثم أكملت دراستي في معهد الدعوة الجامعي في بيروت. وكلية الدعوة الليبية ( فرع بيروت ) فحصلت على الإجازة العالية ( الليسانس ) في الدراسات الإسلامية والعربية. ثم حصلت من جامعة الجنان في طرابلس / لبنان على شهادة التخصص ( الماجستير ) في التفسير وعلوم القرآن عام 2001م وكان موضوع الرسالة:
( ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة )
والمشرف على الرسالة الأستاذ الدكتور : مصطفى ديب البغا .
عضو ( عامل ) في رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
• الكتب المطبوعة: • قضايا إسلامية ساخنة ( الجزء الأول من سلسلة دراسات إسلامية معاصرة ). • مسيرة التفسير بين الانحراف والاختلاف. • لا تجزع ( كل ما يتعلق بالموت وأحكام الميت ).
• وتحت الطبع: • حوار الأفكار ( أدب إسلامي ). • رحيق الهدى ( أبحاث إسلامية هادفة ) ( الجزء الثاني من سلسلة دراسات إسلامية معاصرة ). • الصورة النيرة لذي النورين الخليفة المفترى عليه.
حجم الرسالة : 367 صفحة ، لم تطبع بعد.
محضر مناقشة الرسالة :
بتاريخ : 15 / 11 2001 م ، تمَّ مناقشة الرسالة .
لجنة المناقشة والحكم تتألف من : ـ الأستاذ الدكتور عبد المنعم بشناتي رئيساً ـ والأستاذ الدكتور مصطفى ديب البغا مشرفاً ـ والدكتور عبد العزيز حاجي مناقشاً ـ والأستاذ الدكتور محمود عبود هرموش مناقشاً وبعد المناقشة أوصت اللجنة بأن يمنح الطالب درجة الماجستير بتقدير (جيد جداً 85 % ) في التفسير وعلوم القرآن الكريم ، وذلك في مقر جامعة الجنان ـ طرابلس ـ لبنان.
سبب اختيار البحث :
لقد شغلتني فكرة الكتابة في هذا البحث منذ عهد بعيد , وذلك حينما قرأت المحاورات والمناقشات بين العلماء حول هذا الموضوع الخطير . وليست هذه الفكرة جديدة على بساط البحث , بل إن ترجمة القرآن الكريم من المواضيع القديمة المتجددة , ولقد بحثه العلماء , وخاض فيه مفكرون أجلاء , حينما ظهرت بعض ترجمات للقرآن الكريم , أذكر منهم : شيخ الجامع الأزهر محمد مصطفى المراغي في بحثه ( بحث في ترجمة القرآن الكريم وأحكامها ) , ومدير مجلة الأزهر محمد فريد وجدي في ملحق بالجزء الثاني من مجلة الأزهر سنة / 1355 / بعنوان ( الأدلة العلمية على جواز ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية ) , وهما يدعوان إلى ضرورة ترجمة القرآن الكريم , وذلك لعالمية الإسلام , ولتبليغه إلى الناس كافة في مشارق الأرض ومغاربها , ولئلا تبقى هذه المعاني العظيمة والأسرار الباهرة محجوبة عن أعين الناس . ولمحمد الههياوي ( ترجمة القرآن الكريم غرض للسياسة وفتنة في الدين ) , ولعبد الوكيل الدروبي ( ترجمة القرآن وكيف ندعوا غير العرب إلى الإسلام ) , حيث يحرِّمان الترجمة للقرآن الكريم ويدعوان إلى بتر هذه الأيدي الأثيمة التي تلعب في الخفاء , وتحاول إثارة هذا الموضوع حتى تصرف الناس عن القرآن الكريم , وتفرق كلمة المسلمين , وتبعدهم عن دينهم . وآخرون بحثوا في هذه المسألة فعقدوا فصلاً خاصاً في كتبهم من هؤلاء العلامة الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه ( مناهل العرفان في علوم القرآن ) حيث فصَّل المسألة تفصيلاً جميلاً , والدكتور صلاح الدين بسيوني رسلان في كتابه ( القرآن الحكيم رؤية منهجية جديدة لمباحث القرآن الكريم ) , والدكتور محمد إبراهيم الحفناوي في كتابه : ( دراسات في القرآن الكريم ) , والدكتور عبد اللطيف الطيباوي في كتابه ( دراسات عربية وإسلامية ) , وكذلك فعل مناع خليل القطان في كتابه ( مباحث في علوم القرآن ) .
ومنهم من ناقش المسألة من خلال بحث في كتابه كما فعل الدكتور محمد فاروق نبهان في كتابه ( مبادئ الثقافة الإسلامية ) , و الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه ( من روائع القرآن ) حيث عقد بحثاً بعنوان : هل من الممكن ترجمة القرآن ؟ جميع هؤلاء وغيرهم كان لهم فضل السبق , والتذكير بجوانب مفيدة للموضوع , ولولا تعدد وجهات نظرهم لما أخصب هذا البحث . وقد استجدَّ بحث ترجمة القرآن في القرن العشرين , حيث ظهرت عدة ترجمات بعد انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفياتي , فأسرعت كل قومية إلى طباعة مصاحف مترجمة بلغاتها . وتستند أهمية هذا البحث إلى أهمية هذه الظاهرة وإلى عالمية الإسلام , فينبغي ترجمة تفسير للقرآن الكريم إلى شتى لغات العالم, لئلا يحرم من ثمراته وفوائده أي مسلم على وجه البسيطة . وتعدُّ الترجمة وسيلة من وسائل الدعوة , ومظهراً من مظاهر حوار الحضارات , قديماً وحديثاً ومستقبلاً , هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإنها تجمع بين البحث والتحقيق , وتصل القديم بالجديد . لذا أحببت لفت نظر علماء المسلمين , وهيئاتهم العالمية , إلى خطورة هذا العمل , وحكم الإسلام فيه , بذكر ما خلص العلماء تجاه هذا الأمر , من وضع شروط وأسس معينة لترجمة تفسير القرآن الكريم . كما رأيت أن هذا البحث يلبي حاجة المكتبة الإسلامية , ويفي بالغرض , لذا اخترته متوكلاً على الله تبارك وتعالى . والله أسأل أن ينفعني به , وأن يأخذ بيدي , ويسدد خطاي .
منهجي في هذا البحث :
أول ما قمت به هو تجميع المادة المطلوبة من مظانها ومصادرها القديمة والحديثة . وحرصت على تحديد الموضوع ، وتمييزه عن كل ما يشابهه ، لذا دققت في معنى الترجمة لغة واصطلاحاً ، وذكرت الفرق بينه وبين التفسير . واعتمدت على النصوص الشرعية في الكتاب والسنة النبوية التي هي الأساس الأول ، وذكرت أرقام الآيات ، وخرجت الأحاديث ، ونبهت على ذلك في حاشية الصفحة ، ثم حاولت جمع آراء العلماء والمحققين قديماً وحديثاً ، ومقترحاتهم واختلافاتهم ، وسجلت في أسفل الصفحة عنوان الكتاب ورقم الصفحة واسم المؤلف ما لم يكن قد مر ذكره ، ودعمت كل رأي بدليله ، وربما رجحت أحد الآراء ، أو تصرفت أحياناً في النقل مع المحافظة على المعنى ، ودعوت إلى ترجمة تفسير للقرآن الكريم بالإشارات التوضيحية والصور للمعاقين من الصم والبكم .
لم أقف مع المتعصبين المتـزمتين على كل ما هو قديم ، ولم أكن لأنساق وراء أدعياء الترجمة دون قيد أو شرط ، بل وقفت موقفاً وسطاً عدلاً ، رحبت بكل ما هو جديد ونافع ، وحرصت على كل ما هو قديم صالح ، وهكذا استفدت من القديم والجديد .
خطة البحث :
قسمت الرسالة بعد المقدمة إلى بابيْن وهما لب الرسالة ثم الخاتمة والنتائج : الباب الأول : وتناولت فيه ( الترجمة ) تعريفها ـ أقسامها ـ تاريخها , ثم قسمت هذا الباب إلى ثلاثة فصول , وأدرجت تحت كل فصل مباحث : الفصل الأول : تناولت فيه تعريف الترجمة , وفيه مبحثان : ـ المبحث الأول: معنى الترجمة لغة واصطلاحاً . ـ المبحث الثاني : الفرق بين الترجمة والتفسير . الفصل الثاني : أقسامها , ويشتمل على ثلاثة مباحث : ـ المبحث الأول : الترجمة الحرفية . ـ المبحث الثاني : الترجمة المعنوية . ـ المبحث الثالث : الترجمة التفسيرية . الفصل الثالث : تاريخها , وفيه مبحثان : ـ المبحث الأول : ترجمة القرآن الكريم عند المسلمين والمستشرقين ودوافعها. ـ المبحث الثاني : موقف العلماء والمفكرين من الترجمة الحرفية ودعاتها . الباب الثاني : بحثت فيه عن ( معطيات الترجمة ) أحكامها ـ فوائدها ـ أخطارها , وفيه ثلاثة فصول : الفصل الأول : أحكامها , ويتضمن ثلاثة مباحث : ـ المبحث الأول : حكم ترجمة القرآن تفصيلاً ( وشروط جواز ترجمة التفسير والمترجِم ( . ـ المبحث الثاني : حكم القراءة والمس والتعبد بما يزعم أنه ترجمة ـ المبحث الثالث: حكم كتابة القرآن الكريم بغير الحروف العربية . الفصل الثاني : فوائدها , ويشتمل على أربعة مباحث : ـ المبحث الأول : كشف النقاب عن جمال القرآن الكريم ومحاسنه . ـ المبحث الثاني : تبليغ دعوة القرآن الكريم بلفظه ومعناه . ـ المبحث الثالث : إحياء لغة العرب وتعريب الأعاجم . ـ المبحث الرابع : دفع الشبه التي ألصقها أعداء الإسلام بالقرآن الكريم . الفصل الثالث : أخطارها , ويتضمن ثلاثة مباحث : ـ المبحث الأول : الخطر الذي يحيق بالقرآن الكريم فينصرف الناس عن القرآن ويستغنون عنه بالترجمة . ـ المبحث الثاني : الخطر الذي ينزل بالأمة الإسلامية فيتفرقوا وتذهب ريحهم ويضعفون . ـ المبحث الثالث : الخطر الذي يحل باللغة العربية فتنعزل لغة العرب عن المسلمين.
ثم ذكرت في الخاتمة النتائج التي توصلت إليها من خلال هذه الرحلة الممتعة مع ترجمة تفسير القرآن الكريم وأعتقد أن هذه النتائج على جانب عظيم من الأهمية , مرضية ومقنعة لكثيرين فيما أعتقد , وأظن أن بعض الناس ربما لن يكونوا راضين عنها كل الرضا , وحسبي أني لم أجنح لهاجس هوى , وإنما دعمت كل رأي بدليله , مسترشداً بالقرآن والسنة , ثم آراء العلماء والمحققين , قدامى ومحدثين .
النتائج والتوصيات :
1 _ الترجمة : هي نقل الكلام من لغة إلى أخرى , عن طريق التدرج من الكلمات الجزئية إلى الجمل والمعاني الكلية . 2 _ الترجمة في الاصطلاح تقوم مقام الأصل , وتغني عنه . 3 _ الترجمة غير التفسير , ففي التفسير لا ينقل الكلام بل يشرح ويوضح , سواء باللغة العربية أو غيرها . 4 _ الترجمة التفسيرية غير التفسير أيضاً , فالترجمة التفسيرية : هي قسم من أقسام الترجمة الاصطلاحية . 5 _ الترجمة للقرآن الكريم بهذا المفهوم مستحيلة , وذلك لاعتبارات متعددة منها : طبيعة القرآن, ورسمه, وإعجازه, وأسلوبه, ومعانيه, ومبانيه, وبلاغته, وفصاحته, وقراءته, وتجويده, وموسيقاه, وغير ذلك . 6 _ تحرم ترجمة القرآن الكريم بمفهومها ذلك , لأدلة من القرآن والسنة , ومن باب سد الذرائع . 7 _ تجوز ترجمة تفسير القرآن الكريم , بشروط وقيود وضوابط شرعية . 8 _ اتفاق الأئمة الثلاثة ومعهم الإمام أبو حنيفة ـ رضي الله عنه ـ على الصحيح , على تحريم ترجمة القرآن الكريم . 9 _ اتفاق الأئمة الثلاثة , على عدم جواز القراءة بغير العربية في الصلاة , القادر وغير القادر في ذلك سواء, وأجازها الحنفية لغير القادر وهو من أعياه تعلم العربية . 10 _ أجاز بعض المتأخرين ترجمة القرآن , مستندين إلى حجج واهية , لا دليل لهم من القرآن والسنة, وقد رأينا خبر سلمان الفارسي رضي الله عنه , الذي لا تقوم به حجة, ولا ينهض به حكم . 11 _ لترجمة تفسير القرآن الكريم فوائد عظيمة منها : تبليغ معاني القرآن الكريم بتفسيره للأمة الإسلامية جمعاء , كل أمة بلسانها , و دفع الشبهات والأباطيل التي ألصقها أعداء الإسلام بالقرآن الكريم وتفسيره , و كشف النقاب عن جمال القرآن الكريم ومحاسنه, وإحياء لغة العرب, وتعريب الأعاجم . 12 _ يترتب على هذه الترجمة أخطار أيضاً , منها : خطر يحيق بالقرآن الكريم , ويتمثل هذا الخطر في انصراف الناس عن القرآن الكريم , والاستغناء عنه بالترجمة المزعومة, وخطر ينزل بالأمة الإسلامية الواحدة , فيتفرقوا وتذهب ريحهم ويضعفون , والخطر الذي يحل باللغة العربية , فتنعزل لغة العرب عن جميع المسلمين . 13 _ التراجم الموجودة في الأسواق , لا تغني في باب التلاوة والصلاة , ولا يمكن استنباط الأحكام الشرعية منها , ويجوز مسها للمحدث والجنب والحائض و النفساء , كما يجوز قراءتها لهؤلاء , لأنها لا تعتبر قرآناً , وإذا قرأ آية سجدة من هذه الترجمة لا يجب عليه سجود التلاوة . 14 _ إذا كانت الترجمة للقرآن بهذا المفهوم حراماً , فإننا نستطيع إن ندعوا غير العرب إلى الإسلام بالوسائل التي اتبعها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمون الأوائل منها : ترجمة التعاليم الإسلامية إلى اللغات الأجنبية , وتعليم بعض المسلمين للغات الأجنبية , وإيفادهم إلى تلك البلاد لتبليغ الدعوة , ونشر الإسلام بلغات أهل تلك البلاد , أو ترجمة تفسير القرآن ولا بدَّ من الشروط والقيود التي وضعها العلماء حتى تتميز ترجمة تفسير القرآن الكريم , عن الترجمة الاصطلاحية . 15 _ يجب على غير العرب , أن يتعلموا اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم , لأن اللغة العربية هي الأداة لفهم الكتاب والسنة , وحتى يقوموا بأداء ما افترض عليهم من صلاة وتكبير وتسبيح وتحميد وغير ذلك . 16 _ من خلال التاريخ , علمنا أن الأعاجم , اندفعوا إلى تعلم اللغة العربية بدافع إسلامي بحت, وكثرت المدارس وعلماء اللغة العربية في تلك البلاد , لأنهم أيقنوا أن اللغة العربية من صلب الدين . 17 _ أكثر الترجمات للقرآن الكريم كان للنيل من الإسلام , والتشكيك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم, ولإظهار عجز اللغة العربية بزعمهم , وعدم مواكبتها لتطور الحضارة والعصر.
وفي خاتمة هذا البحث :
آن لنا أن نعرف ما هي علة الجزر والمد , والأخذ والرد , في حكم ترجمة القرآن الكريم , بين العلماء والفقهاء , بعد هذه السياحة العجلى في رحاب هذا البحث الهام . إن ترجمة تفسير القرآن الكريم ليس حراماً مطلقاً ولا مباحاً مطلقاً , ولكن يجوز ترجمة تفسير القرآن الكريم بشروط وقيود , لئلا تمتد الأيدي السوداء إلى قداسة القرآن وكرامته . كما يجب على المسلم غير العربي أن يتعلم لغة القرآن الكريم , وذلك لإقامة الشعائر الدينية من صلاة وأدعية, وفهم للكتاب والسنة . والعناية باللغة العربية جزء حقيقي من عمل الإعلام الإسلامي , وقد قطع السلف الصالح أشواطاً واسعة في التعرب, إيماناً بأن اللغة العربية جزء من الإسلام, لأنها لغة القرآن الكريم. وقد ذكر الجاحظ أن موسى بن سيار الأسواري : (كان من أعاجيب الدنيا , كانت فصاحته بالفارسية في وزن فصاحته بالعربية , وكان يجلس في مجلسه المشهور به , فيقعد العرب عن يمينه , والفرس عن يساره , فيقرأ الآية من كتاب الله ويفسرها للعرب بالعربية , ثم يحول وجهه إلى الفرس فيفسرها لهم بالفارسية , فلا يدرى بأي لسان هو أبين ) البيان والتبيين ، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ : 1 / 193 .
فاللغة العربية هي الأداة والوسيلة التي تصل بالمسلم إلى فهم الكتاب والسنة , فإن فقدت الأداة, فإما أن تتوقف الدعوة أو نبحث عن وسيلة نبلغ بها من لا يعرف العربية , والذي لا يعرف العربية عليه أن يتعلمها . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( تعلموا العربية فإنها من دينكم ) رواه ابن أبي شيبة بلفظ ( تعلموا اللحن والفرائض فإنها من دينكم ) برقم : / 29926 / وروى البيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( تعلموا العربية وتفقهوا في الدين , وأحسنوا عبارة الرؤيا ) برقم : / 2678 / .
وقال ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : ( إن نفس اللغة العربية من الدين , ومعرفتها فرض واجب , فإن فهم الكتاب والسنة فرض, ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ، أحمد بن تيمية : 1 / 207 . والوسيلة الموصلة إلى تبليغ الكتاب والسنة, هي تفسيرهما إلى لغات البشر جميعاً, وقد قدرها بعض العلماء بنحو سبعة آلاف لغة, فهل نحن مدركون لضخامة واجب البيان والتبليغ والتفهيم؟
إنه ليس من المعقول إذن , أن تتوقف الدعوة الإسلامية باصطدامها بحاجز اللغة فقط , بينما الرسول الكريم لم يتوقف عن الدعوة والتبليغ للعرب فقط , بل نشر الدعوة في السنة السابعة من الهجرة, إلى جميع الأمم المحيطة بالجزيرة العربية , فأرسل الرسائل إلى الملوك والرؤساء, واستقبل الوفود, ولم تكن اللغة عائقاً أمام الدعوة , بل حث أصحابه على تعلم اللغات كالسريانية. عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : (( ثم إنه يرد علي أشياء, أكره أن يقرأ, أفتطيق أن تعلم السريانية ؟ قلتُ : نعم , فتعلمتُها في سبع عشرة )) المعجم الكبير ، لأبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني : 5 / 156.
ومن الصحابة من كان يحسن الفارسية والرومية والحبشية, كسلمان الفارسي, وصهيب الرومي, وبلال الحبشي رضي الله عنهم .
وفي بداية دخول الإسلام إلى بلاد العجم , كان دعاة الإسلام يفسرونه ويشرحونه للناس بلسانهم, بينما كانت اللغة العربية وقتئذ في موقع العزة والقوة والمنعة , تفرض نفسها على جميع الأمم والشعوب, فأصبحت لغة الدواوين والعلوم بيد أنها لغة الدين الجديد . وبعد سقوط الخلافة الإسلامية , تفككت الدولة الإسلامية , وأصبحت دويلات مختلفة, وأضحى الإسلام واللغة العربية هدفيْن رئيسييْن للأعداء , للنيل منهما , والعمل بشتى الوسائل لإضعافهما.
فليست حماية الأمة الإسلامية بحماية أرضها فقط , بل بحماية لغتها أيضاً من الضعف والاضمحلال والضياع .
|
|
|
|
| تعليقات | الكاتب | تاريخ النشر | | حدث الأحداث كن أول من يقيّم
تحية طيبة أستاذ محمد كالو:
فماذا عن كتاب (حدث الأحداث) ؟؟
أراك لم تذكره في الكتب المؤلفة في الموضوع، وهو (كما أرى) أجل ما ألف في قضية ترجمة القرآن، تأليف الشيخ محمد سلمان نائب المحكمة الشرعية العليا بمصر، وأصدر الكتاب في الثلاثينات من القرن العشرين، وقد قرأت الكتاب قديما، منذ أكثر من (25) عاما، وذهب فيه إلى تحريم ترجمة القرآن، وعنوان الكتاب كاملا:
(حدث الأحداث في الإسلام: الإقدام على ترجمة القرآن)
_______________
وأخيرا أرحب بالأستاذ محمد كالو في سراة الوراق، وأرجو أن يلخص لنا آراء العلماء حول مشكلة ترجمة القرآن | *زهير | 26 - مايو - 2008 | | سؤال كن أول من يقيّم كان الأستاذ د. أكمل الدين أوغلو مؤسس مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول (أرسيكا) (والأمين العام الحالي لمنظمة المؤتمر الإسلامي) قد أصدر موسوعة ضخمة ترجم فيها لكل من قام بإصدار أو إعداد ترجمة للقرآن بكل لغات العالم، وصراحة فأنا لم أطلع على هذا الكتاب، ولكنني قرأت عنه بحثا مطولا عام 1989م فهل اطلعت يا أستاذ محمد على هذا الكتاب ؟ | *زهير | 26 - مايو - 2008 | | شكراً على الترحيب كن أول من يقيّم
الأستاذ الفاضل زهير شكراً على طيبك وترحيبك بداية أرفع رايات التقدير لإدارة التحرير والمشرفين كافة، فكم أسعدني هذا الموقع المتميز المثمر المفيد. وأتمنى لكم دوام التقدم والنجاح في خدمة الإسلام والمسلمين ودائماً نحو الأحسن والأرقى. أخي الأستاذ زهير : حقاً إن كتاب ( حدث الأحداث في الإسلام: الإقدام على ترجمة القرآن ) تأليف : الشيخ محمد سلمان ؛ من أجود ما كتب في هذا الباب. وعدم ذكري له في المقدمة ليس تقليلاً من شأنه بل كنت أروم ذكر نماذج من الكتب التي ألفت في هذا الموضوع ولم أحصهم عدداً لذلك قلت : ( أذكر منهم ) فذكر هذه الكتب أمثلة فقط. وأما كتاب الأستاذ د. أكمل الدين أوغلو فلم أطلع عليه. وسألخص مواقف العلماء في الترجمة لاحقاً بإذن الله تعالى. | *محمد | 26 - مايو - 2008 | | موقف العلماء القدامى كن أول من يقيّم
رأي الوراق :
مواقف العلماء من الترجمة : 1 ـ( القدامى ) : لقد اعتقد المسلمون على مدى القرون , أن لغتهم جزء من حقيقة الإسلام , لأن هذه اللغة كانت ترجماناً لوحي الله , ولغة لكتاب الله , ومعجزة لرسول الله , ولساناً لدعوة الله , ثم هذبها الرسول الكريم بحديثه , ونشرها الدين الحنيف بانتشاره , وخلدها القرآن الكريم بخلوده , فالقرآن الكريم لا يسمى قرآناً إلا بها , والقرآن روح اللغة العربية وأساسها , وليس هناك كتاب أثار همم العلماء والباحثين , مسلمين وغير مسلمين , في جميع أنحاء العالم , كما أثارها القرآن الكريم , وإذا ألقينا نظرة عامة على أئمة المسلمين من غير العرب , لوجدناهم يرتلون القرآن بلغته العربية , ويحافظون على تجويده , وتلك مزية انفرد بها القرآن الكريم دون سواه من الكتب السماوية . إن القرآن الكريم ذو شأن ولا ريب , وله حرمة يجب على المسلمين أن يرْعَوْها حق رعايتها , وحسبنا في ذلك غيرة السلف من الصحابة والتابعين , في احترام المصحف وتعظيمه . وقد ورد أن عمر رضي الله عنه كان إذا رأى مصحفاً قد كتب بقلم دقيق ضرب كاتبه وكان إذا رأى مصحفاً عظيماً سرَّ به , وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يكره أن يتخذ المصاحف صغاراً. فيا هل ترى ماذا يكون لو كان عمر بن الخطاب يعيش بيننا, ورأى مصحفاً لم يكتب بقلم دقيق بل بلغة غيرعربية ؟! لعمري إنه لن يرفع درَّته ليضربه, بل سوف يسل سيفه ليبتر يديْه بمرة. وقال أشهب : ( سئل مالك ( 164 ـ 179 هـ ) هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء ؟ فقال : لا إلا على الكتبة الأولى, رواه الداني فـي المقنـع ثم قال ولا مخالف لـه من علماء الأمة)([1]). وقال ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى ( 384 ـ 456 هـ ) : ( مسألة : ومن قرأ أم القرآن أو شيئاً منها أو شيئاً من القرآن , مترجماً بغير العربية أو بألفاظ عربية غير الألفاظ التي أنزل الله تعالى عامداً لذلك , أو قدَّم كلمة أو أخَّرها عامداً لذلك , بطلت صلاته, وهو فاسق لأن الله تعالى قال : ] قُرْءَانًا عَرَبِيًّا [() وغير العربي ليس عربياً فليس قرآناًً, وإحالة رتبة القرآن تحريف كلام الله تعالى, وقد ذم الله تعالى قوماً فعلوا ذلك فقال : ] يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ [ () ...... ولا يحل له أن يقرأ القرآن , ولا شيئاً من القرآن مترجماً ) ([4]) . | *محمد | 26 - مايو - 2008 | | تابع مواقف القدامى كن أول من يقيّم وقال الحافظ البيهقي ( 384 ـ 458 هـ ) رضي الله عنه : ( من كتب مصحفاً فينبغي له أن يحافظ على الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف ولا يخالفهم فيها ولا يغير ما كتبوه شيئاً , فإنهم كانوا أكثر علماً وأصدق قلباً ولساناً , وأعظم أمانة منا , فلا ينبغي لنا أن نظن بأنفسنا استدراكاً عليهم ولا سقطاً لهم ) ([1]) . وقال حجة الإسلام الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ ( 450 ـ 505 هـ ) : ( ويدل على جواز ذلك للعالم ( أي جواز رواية الحديث بالمعنى العام ) و الإجماع على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم , فإذا جاز إبدال العربية بعجمية ترادفها فلأن يجوز إبدال عربية بعربية ترادفها وتساويها أولى وكذلك كان سفراء رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاد يبلغونهم أوامره بلغتهم ...... وهذا لأنا نعلم أنه لا تعبد في اللفظ وإنما المقصود فهم المعنى وإيصاله إلى الخلق وليس ذلك كالتشهد والتكبير وما تعبد فيه باللفظ ) ([2]) ولا ريب أن القرآن الكريم متعبد بلفظه إجماعاً فلا يجوز أن يروى بالمعنى ولا أن يترجم أبداً . قال القاضي أبو بكر بن العربي ( 468 ـ 543 هـ ) : في تفسير قوله تعالى :]وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًاً أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ[([3]) ( قال علماؤنا : هذا يبطل قول أبي حنيفة رضي الله عنه أن ترجمة القرآن بإبدال اللغة العربية بالفارسية جائز , لأن الله تعالى قال : ] وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًاً أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ [ , نفى أن يكون للعجمة إليه طريق , فكيف يصرف إلى ما نفى الله عنه, مع أن التبيان والإعجاز إنما يكون بلغة العرب , فلو قُلب إلى غير هذا لما كان قرآناً , ولا بياناً, ولا اقتضى إعجازاً ([4]) . | *محمد | 26 - مايو - 2008 | | مواقف القدامى كن أول من يقيّم قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ( 661 ـ 728 هـ ) : ( إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي , وجعل رسوله مبلغاً عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي , وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به ,لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان , وصارت معرفته من الدين , وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله , وأقرب إلى إقامة شعائر الدين , وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم ...... ولهذا لما علم المؤمنون من أبناء فارس وغيرهم هذا الأمر , أخذ من وفقه الله منهم نفسه بالاجتهاد في تحقيق المشابهة بالسابقين , فصار أولئك من أفضل التابعين بإحسان إلى يوم القيامة , وصار كثير منهم أئمة لكثير من غيرهم ولهذا كانوا يفضلون من الفرس من رأوه أقرب إلى متابعة السابقين , حتى قال الأصمعي فيما رواه عنه أبو طاهر السلفي في كتاب " فضل الفرس " : عجم أصبهان قريش العجم ) ([1]).
| *محمد | 26 - مايو - 2008 | | حول ترجمة القرآن الكريم ... ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
رأي الوراق :
الأخ الكريم محمد ، تحية طيبة ، موضوع ترجمة القرآن ، هو من أخطر الموضوعات وأهمها على مدى العصور ، وهو في هذا الوقت أهم وأجدى . فضلا عن الرؤية الشرعية التي تفضلت باستعراضها واستيفاء عناصرها ، فان الموقف المعرفي من هذه القضية لهو ، في رأيي ، أمر في غاية الدقة والضرورة . يمكن تلخيص جملة الأسئلة التي تحيط بهذه القضية فيما يأتي : * هل يمكن للغة أخرى أن تستوعب المضامين اللفظية و البلاغية والأسلوبية التي توفرت في القرآن الكريم بلسان عربي مبين ؟ * هل يمكن لناقل النص العربي ، إلى مقابل في لغة أخرى ، أن يتخلّص من خلفيته الثقافية والحضارية ، سيما إن لم يكن مسلما ، ويحافظ على دقة الترجمة وصدقها ؟ * هل ترجمة معاني القرآن الكريم ، هي كباقي الترجمات خيانة للنص الأصلي ؟ ***** من جهة أخرى ، يبدو لي أن البحث في جدوى ترجمة القرآن وضرورتها أمر تجاوزه الزمن ... لم تكن هذه الإشكالية مطروحة كما هي عليه ، يوم أن كان العرب يتسيدون الحضارة ويقودونها ، لأن العالم كان يتكلم العربية (أقصد نخبته بالطبع) ، أما اليوم ، ومع انحسار الواقع الحضاري للأمة ، فإن ترجمة القرآن الكريم أصبحت أكثر من ضرورة . **** يشكّل المستشرقون ، الذين اعتنقوا الإسلام ، أفضل وأحسن من اعتنوا بتجويد ترجمة القرآن ، فنماذج بكثول ومراد هوفمان تعدّ دلائل ناصعة على أن الترجمة تصدق حين تصدق نية صاحبها . وفي اللغة الفرنسية ، دلائل أخرى لمستشرقين أنصفوا ، بشكل كبير ، هذه الترجمة . **** ومن باب الطرافة ، التجربة الجديدة في ترجمة معاني اللغة العربية إلى اللهجة البربرية ، فالترجمة كما هي طوق إلى العالمية ، هي نفاذ في المحلية واستشعار لحاجاتها . ويبدو أن هذه المسألة لم تكن مطروحة بذات الحدة عند القدماء، فأئمة وخطباء المناطق البربرية ، كانوا يستعينون بالترجمة ، بطريقة عفوية ، لإفهام العامة وإيصال الرسالة . *** في الأخير ، فإن لشعوب المايا مثلا يقول " لن تعرف أبدا سر المايا " في إشارة إلى استحالة التوحّد مع الآخر ، سواء كان هذا الآخر شخصا أو نصا أو ثقافة ، إلا من الداخل (من داخل النص في حالتنا هذه). مع التحية زين الدين | *زين الدين | 28 - مايو - 2008 | | الترجمة قديمة وفن عسير كن أول من يقيّم
رأي الوراق :
الأخ الفاضل زين الدين الترجمة قديمة, وجدت في الرقم الطينية عند البابليين والآشوريين والأكاديين, للاستعانة بها لفهم الأمور الرسمية والجارية بين أقطار العالم المعروفة , لأن الأكادية كانت لغة العالم كاللاتينية في العصور الوسطى , والفرنسية بعد ذلك, والإنكليزية في العصر الحاضر, واللغة العربية في زهو الحضارة الإسلامية . ظهرت الترجمة أيام الأمويين، في وقت مبكر في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز، وفي العصر العباسي اهتم بالترجمة المنصور ، والرشيد ، وفي زمن المأمون ظهر اهتمام العرب والمسلمين بالترجمة , وعندما تأسس ( بيت الحكمة ) كان المأمون يشرف بنفسه على ما يترجم , ويُجازي المترجم وزن ما يترجم ذهباً وفي العصر الحديث أسس محمد علي باشا مدرسة الألسن ( 1835 م ) , فترجمت كتب في أوصاف البحار والصحة العامة والأمراض الباطنية وكل العلوم التي تخدم الدولة . واستمرت الترجمة معتمدة على جهود الأفراد تارة , وعلى جهود الدولة تارة أخرى, حتى أُسست للترجمة مراكز خاصة , تشرف على ما يترجم , كاليونسكو, وجامعة الدول العربية , ورابطة العالم الإسلامي, ومركز التربية العربي, وفي الجامعات كاليرموك, وكالهيئة العليا للتعريب في بغداد, واللجنة الأردنية للتعريب وقد استجدَّ بحث ترجمة القرآن في القرن العشرين, حيث ظهرت عدة ترجمات بعد انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفياتي, فأسرعت كل قومية إلى طباعة مصاحف مترجمة بلغاتها . وتستند أهمية هذه الظاهرة إلى عالمية الإسلام, فينبغي ترجمة تفسير للقرآن الكريم إلى شتى لغات العالم, لئلا يحرم من ثمراته وفوائده أي مسلم على وجه البسيطة . وتعدُّ الترجمة وسيلة من وسائل الدعوة , ومظهراً من مظاهر حوار الحضارات , قديماً وحديثاً ومستقبلاً , هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإنها تجمع بين البحث والتحقيق , وتصل القديم بالجديد . والترجمة فن عسير , يقتضي موهبة ودراية كبيرة باللغة المنقول منها والمنقول إليها , والجاحظ هو أول من تكلم في فن الترجمة و شروط المترجِم. وسأذكر ملخصاً عن أقوال العلماء المتأخرين قريباً بإذن الله تعالى. | *محمد | 28 - مايو - 2008 | | موقف العلماء المتأخرين كن أول من يقيّم
2 ـ ( موقف المتأخرين ) : إن الرغبة في ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية والدعوة إليها , لم تظهر إلا في القرن العشرين , الذي كثر فيه الانحراف , والخروج عن كل موروث من القيم والأخلاق التي دعا إليها الدين الحنيف . ومن المؤسف حقاً , أن يحمل لواء الدعوة إلى ترجمة القرآن الكريم , بعض علماء الدين من المسلمين , الذين لم يمعنوا النظر فيما تجرّ إليه هذه الدعوة , من خطورة بالغة على حرمة القرآن الكريم , الذي هو الأساس الأول لهذا الدين , وإذا كنا لا نزال نرى من يحاول الطعن في إعجاز القرآن الكريم , ويصفه بالاختلاف والتناقض بأساليبه الملتوية , فكيف بنا إذا فتحنا لهم هذا الباب الذي لا يوصد , واعتمدنا ترجمات كثيرة للقرآن الكريم , وقد حصل فيها من الاختلاف ما لا بدَّ منه , لأن كل مترجم ينقله إلى لغته بأسلوبه القاصر وفهمه المحدود , ما يجعله عرْضة للتبديل والتحريف وبالتالي الضياع , وهذه أمنية أعداء الإسلام والقرآن . لذلك قال الدكتور عثمان أمين : ( القيام بترجمة القرآن الكريم يكاد يكون جزءاً من مخطط لهدم الدين من أساسه ) ([1]) . وليت الأمر قد اقتصر على هذا , بل تجاوزه إلى نفي الإعجاز عن معظم كتاب الله تعالى , وادَّعوا أنه من الممكن ترجمة القرآن الكريم ترجمة حرفية كما صرح بذلك شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي ([2]) ـ غفر الله تعالى له ـ ثم عدل عن رأيه في إمكان ترجمة القرآن ترجمة حرفية أو معنوية واستقرَّ رأيه على جواز ترجمة تفسير القرآن فقط , وهذا ما صرح به الشيخ : عيسى منون , في رده على مشروع الترجمة في الخمسينات من هذا القرن ([3]) ـ أي القرن العشرين ـ . وهذا طعن في كتاب الله تعالى لم يُسبقوا إليه , وإلا فما معنى أنه بإمكان المترجم أن يأتي بمثل الفاتحة وكثير من قصار السور , بوضع ألفاظ مرادفة من اللغات الأخرى , تحل محل الأصل , كلمة إزاء كلمة , كما صرح بذلك مدير ( مجلة الأزهر ) الأستاذ : محمد فريد وجدي ([4]) ـ غفر الله تعالى له ـ أليست هذه السور معجزة في نظر هؤلاء , والتحدي ما زال قائماً في أن يأتوا بسورة من مثله , والسورة تنطبق على القصار كما تنطبق على الطوال , وهذا كلام لا يعتدُّ به , إذ ليس كل من قال كلاماً يعتدُّ بكلامه , فكيف بكلام مخالف لصريح نص القرآن الكريم . ونلاحظ أنه ناقض نفسه فقال : ( أما ترجمة القرآن إلى لغة أجنبية بنظم معجز فهذا مالا سبيل إليه , وإنما ترجمة معانيه فقط ) ([5]) . | *محمد | 31 - مايو - 2008 | | لجنة الفتوى كن أول من يقيّم
لجنة الفتوى في الأزهر الشريف موضوع ترجمة القرآن الكريم أثير ثلاث مرات في مصر : الأولى : عندما منعت مشيخة الأزهر إدخال نسخة من ترجمة القرآن الكريم باللغة الإنكليزية إلى مصر , بل طلبت من مصلحة الجمارك إحراقها . الثانية : عندما قررت حكومة تركيا برئاسة مصطفى كمال أتاتورك ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة التركية الثالثة : عندما قررت مشيخة الأزهر الشروع في عمل ترجمة لمعاني القرآن الكريم بالاشتراك مع وزارة المعارف , وذلك عندما تولى مشيخة الأزهر للمرة الثانية فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي . وقد نقل عن الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين جواز نقل معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية . ونقل مثل ذلك عن الأستاذ الشيخ إبراهيم الجبالي , والأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي , الذي كتب إلى رئيس الوزراء في مصر , يقترح عليه أن تتعاون وزارة المعارف مع مشيخة الأزهر , في ترجمة معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية . وقد أحيل الاقتراح إلى وزارة المعارف المصرية , فاقترحت تأليف لجنة من كبار المختصين في اللغة العربية واللغات الأجنبية لهذه الترجمة , وقدرت نفقات المشروع بعشرة آلاف جنيه . وصدرت فتوى شرعية عن جماعة كبار العلماء , برئاسة الأستاذ الأكبر محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر , وعضوية شيوخ الكليات وكبار الأساتذة () . نص الفتوى بسم الله الرحمن الرحيم ما قول السادة حضرات أصحاب الفضيلة العلماء , في السؤال الآتي بعد ملاحظة المقدمات الآتية : 1 ـ لا شبهة في أن القرآن الكريم اسم للنظم العربي , الذي أنزل على سيدنا محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله . ولا شبهة أيضاً في أنه إذا عبر عن معاني القرآن الكريم , بعد فهمها من النص العربي, بأية لغة من اللغات لا تسمى هذه المعاني , ولا العبارات التي تؤدي هذه المعاني قرآناً. 2 ـ ومما لا محل للخلاف فيه أيضاً أن الترجمة اللفظية , بمعنى نقل المعاني مع خصائص النظم العربي المعجز مستحيلة . 3 ـ وضع الناس تراجم للقرآن الكريم بلغات مختلفة , اشتملت على أخطاء كثيرة , واعتمد على هذه التراجم بعض المسلمين الذين لا يعرفون اللغة العربية , وبعض العلماء من غير المسلمين ممن يريد الوقوف على معاني القرآن الكريم . 4 ـ وقد دعا هذا إلى التفكير في نقل معاني القرآن الكريم , إلى اللغات الأخرى على الوجه الآتي : يراد ـ أولاً ـ فهم معاني القرآن الكريم , بواسطة رجال من خيرة علماء الأزهر الشريف , بعد الرجوع لآراء أئمة المفسرين , وصوغ هذه المعاني بعبارات دقيقة محدودة, ثم نقل المعاني التي فهمها العلماء إلى اللغات الأخرى , بواسطة رجال موثوق بأمانتهم واقتدارهم في تلك اللغات, بحيث يكون ما يفهم في تلك اللغات من المعاني , هو ما تؤديه العبارات العربية التي يضعها العلماء , فهل الإقدام على هذا العمل جائز شرعاً أو غير جائز ؟ هذا مع العلم بأنه سيوضع تعريف شامل يضمن أن الترجمة ليست قرآناً , وليس لها خصائص القرآن, وليست هي ترجمة كل المعاني التي فهمها العلماء , وأنه ستوضع الترجمة وحدها بجوار النص العربي (). الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , وبعد فقد اطلعنا على جميع ما ذكر بالاستفتاء المدون بباطن هذا . ونفيد بأن الإقدام على الترجمة على الوجه المذكور تفصيلاً في السؤال جائز شرعاً , والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم . محمود الديناري , عضو جماعة كبار العلماء وشيخ معهد طنطا . عبد المجيد اللبان , شيخ كلية أصول الدين وعضو جماعة كبار العلماء . إبراهيم حمروش , شيخ كلية اللغة العربية , وعضو جماعة كبار العلماء . محمد مأمون الشناوي , شيخ كلية الشريعة , وعضو جماعة كبار العلماء . عبد المجيد سليم , مفتي الديار المصرية , وعضو جماعة كبار العلماء . محمد عبد اللطيف الفحام , وكيل الجامع الأزهر , وعضو جماعة كبار العلماء . دسوقي عبد الله البدوي , عضو جماعة كبار العلماء . أحمد الدلبشاني : وعضو جماعة كبار العلماء . يوسف الدجوي : وعضو جماعة كبار العلماء . محمد سبيع الذهبي : وعضو جماعة كبار العلماء . عبد المعطي الشرشيمي : وعضو جماعة كبار العلماء . عبد الرحمن قراعة : وعضو جماعة كبار العلماء . أحمد نصر : وعضو جماعة كبار العلماء . محمد الشافعي الظواهري : وعضو جماعة كبار العلماء . حيث أن الترجمة المرادة هي ترجمة لمعاني التفسير الذي يضعه العلماء فهي جائزة شرعاً , بشرط طبع التفسير المذكور بجوار الترجمة المذكورة . والله أعلم . عبد الرحمن عليش الحنفي عضو جماعة كبار العلماء | *محمد | 31 - مايو - 2008 |
|
|
|
|