البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : أصوات من العالم

 موضوع النقاش : حدثني عن الشام واحك لي عن دمشق    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 زهرة تشرين 
25 - مايو - 2008
وإنني أيها السيد العربي ندمت ندامة الكسعي على أمر فرطت فيه وتهاونت به ولهوت عنه.. في حياتي الأدبية والعلمية التي عشتها بين هذه الأمة العربية وعشت فيها هموم العروبة ومآسيها وآمال الوطن العربي وتطلعاته حتى امتلأت من ذلك أضلعي وأخمصي واشتعلت كل شعرة من رأسي شيبا من شوب مفاسد الأحوال وقواصم الأهوال..
لعلك تسأل فيم ندمك..
ندمت أنني لم أر بغداد قبل خرابها وبوار سوقها  ودق عظمها وكسر ساقها..
كنت أوان الحرب أتسمر أمام الشاشة.. فكلما هدم جانب في بغداد أحس أثر التداعي في أطراف من جسمي, أحسه مرة في حنكي كأن شقا منه يميل حتى يتدلى على عنقي وقفاي, ومرة  من شدقي كأنه يتهدم ويرعد, وتارة في يدي كأنها شلاء, حتى طمست معالم بغداد فأحسست كأن وجهي طمست معارفه فسقطت عين على الفم واعتلى الأنف الجبهة ووقف الأنف حائرا علىالخد الأيسر واستلقت الأذنان على الحنك الأيمن..وتناثرت الأسنان والأضراس على الجانبين.. 
أنا لا أدري..أنا زهرة متألمة يا أخي..تعذبني الأخبار الآتية من البلاد.. تعذبني كل العذاب..صرت أخاف انفجار الفجر في كل يوم..لأنه لن يأتيني بنور من السماء لكنه سيأتينا بأخبار الموتى والقتلى والأشلاء..
أريدأن أعيش يوما أطمئن فيه على كل نفس.. يوما لا تزهق فيه روح..أرأيت سماحة العربي..أسمعت بها.. لعلك تسأل وما سماحة العربي وهل للعرب من سماحة
سماحة العربي يعرفها كل من عاشرهم وساكنهم وخير العرب عرب الشام وخير أهل الشام أهل دمشق وخير أهل دمشق ..هذا فيه خلاف ولست شاميا..
سماحة العربي تحدثك عنها كتب العرب في آدابها وأخلاقها..ليس العربي إلامحبا للناس منفتحا عليهم مكرما لهم كماهي لغته..لكنه يأبى الضيم..فهو حر..وفيهم حثالة كباقي الخلائق..سنة الله
ندمت على ما فاتني من بغداد وعيونها وكان الشافعي يقول لتلميذه من لم يزر بغداد لم ير الدنيا..لكنني لا أشعر اليوم بنفس الحرارة التي كانت تملأني كلما سمعت اسم بغداد, ولن يعود ذلك الشعور ولو بنوا بغداد مائة مرة أو صنعوا من مثلها مئة..لكن بغداد التي عرفها ويعرفها العرب قد رممناها في قلوبنا وإن لم يكن للترميم ما للمثال من دفء وحنين..
ندمت على ذلك..وسأندم مرة أخرى..في محل آخر أعمق في النفس..سأندم أنني لم أزر دمشق..دمشق التي لا يوجد عربي ولا مسلم لا يمتلأ فخرا إذا ذكر اسمها, دمشق التي  قامت بالعروبة والإسلام منذ عهدهما الأول ونهضت بالفتوح من ما وراء النهر إلىما وراء البحر..لماذا دمشق..وليس فاس..أو القاهرة..أواسطنبول..أين السر فيك يا دمشق..
سر دمشق في روح أهلها..قد لا تحب شعوبا ممن عمروا الأرض.. لكن ليس في وسع قلبك ألا يحب أهالي الشام دمشق وحلب وحمص..
الجمال في الشام وأهلها أ نواع..جمال أهلها من رجال ونساء..وهو متوسط بين قريتين أحدهما علا حتى انسفل والآخر نزل فما علا..والجمال إنما محله الاعتدال..
وجمال أرضها وجوها..وجمال فنها وصناعاتها..وجمال لهجة سكانها..فالشامية من أطيب اللهجات وأرقها وألينها.. عمدوا إلى الامالة فلطفت مخارجهم وهذبت مناطقهم, ولم يبالغوا في ذلك ويجاوزوه إلى حد الافحاش كما فعل بعض مجاويريهم على الحدود..وفي كل خير..
إنني لا أريد أن أرى دمشق على مثل بغداد فلم يبق في الوجه ما يهدم أو يطمس..
أيها السادم أبناء الشام حدثونا عن الشام واجعلوها تحاورنا على لسانكم..
 1  2  3 
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تاريخ دمشق - 4    كن أول من يقيّم
 
العهد الفاطمي
عرفت دمشق خلال هذا العهد بعض الثورات، وانتشر الخراب في كثير من أحيائها، وقام أهل دمشق بالاستقلال عن الفاطميين عام 363 هـ/973 م،  واستغلّ الرّوم هذه الظروف، واجتاحت قواتهم ثغور بلاد الشام الشمالية ووصلت إلى حمص وبعلبك.
نجح الفاطميّون بالعودة إلى دمشق وسيطروا عليها مدة قرن، وصلت خلاله دمشق إلى حالة سيّئة من التأخر والفوضى بسبب الإهمال، فتدهورت أوضاعها الاقتصادية والعمرانية فضلاً عن أوضاعها السياسية، فقلّ عدد سكانها وانتشر فيها الفقر والغلاء. واستمر العهد الفاطمي في دمشق من 358 هـ/968 م حتى 468 هـ/1075 م.
عهد السلاچقة و الأتابكة
عادت السيادة على دمشق لخلافة بغداد العباسية على أيدي قادة من الأتراك عرفوا باسم السّلاچقة، كان الحكم الفعلي بأيديهم كما وصل الحكم عن طريقهم إلى بعض الأتابكة (وكان الأتابك هو الوصي أو المربي للأمراء من أبناء السّلاچقة) وكان الأتابكة يُعلنون ولاءً إسميا لخلفاء بغداد، بينما يحكمون دمشق حكماً مستقلاً من الناحية الفعلية.
تحمّل أتابكة دمشق مسؤولية الدّفاع ضد الغزاة الصليبيين الذين كانوا قد نجحوا باحتلال السّاحل السّوري ومعظم مناطق فلسطين، وكانت علاقات أتابكة دمشق مع الصّليبيين بين حالة حرب وحالة هدنة، وقد وصلت أعمال القتل والتّخريب والدّمار على أيدي الصليبيين إلى جوار دمشق وضواحيها في بعض الفترات.
ونجحت دمشق بالصّمود ضد هؤلاء الغزاة، ونجت من الوقوع بأيديهم رغم محاولاتهم التي وصلوا في أوّلها إلى مسافة بضعة كيلومترات جنوب دمشق. وتكرّرت محاولة الصليبيين في حملتهم الثانية، وتعرّضت دمشق لحصارهم سنة 543 هـ/1149 م حيث شارك في حصارها ملك الألمان (كونراد الثالث) وملك فرنسا (لويس السابع)، وعسكرت قواتهم في منطقة داريّا وقرب منطقة المزة. وقاومت دمشق ببسالة بفضل أتابكها مُعين الدين أُنُر الذي استعمل وسائل الحرب والسياسة حتى أنقذ دمشق من دخول الصليبيين.
خرجت دمشق من محنتها رافعة الرأس عزيزة الجانب، وازداد تطلّع أبنائها إلى بطل تلك الفترة الذي انتشرت أخبار عدله وبطولاته وإخلاصه: نور الدّين محمود ابن زنگي، الذي دخل دمشق عام 549 هـ/1154 م، مُنهياً حكم البوريين ومصمّماً على توحيد المشرق الإسلامي لطرد الغزاة الصليبيين. ونجح البطل نور الدّين بمدّ نفوذه إلى مصر عبر أحد قادته أسد الدين شيرگوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، لإنقاذ مصر من الخطر الصليبي الذي كان يتهدّدها.
 وانتهت محاولة نور الدّين بقتل الوزير الخائن (شاور) المتعاون مع الصليبيين على يد قائده أسد الدين، وذلك عام 564 هـ/1168 م. وأعقب ذلك وفاة الخليفة الفاطمي العاضد سنة 567 هـ /1171 م، فانتهت بموته فترة الحكم الفاطمي، وغدت مصر والشام دولة واحدة، وارتفعت مكانة دمشق التي غدت المركز الأول للنشاط السياسي والعسكري في المشرق العربي.
 
العهد الأيوبي
توفي نور الدين في دمشق عام 569 هـ/1174 م، ليستقرّ الحكم بعده إلى قائده في مصر صلاح الدين، وذلك لصغر سنّ ابنه وخطورة الظروف المحدقة ببلاد الشام ومصر، من وجود الصليبيين وتدفّق قواتهم من أوروبا. وهذا ما دفع بالعقلاء من أبناء دمشق لاستدعاء صلاح الدين من مصر وبايعوه سلطانا على بلاد الشام.
ويأتي السلطان صلاح الدين إلى دمشق ليجعل منها عاصمة ثانية لسلطنته، متنقّلاً بينها وبين القاهرة، لكنه فضّل الاستقرار في دمشق لقُربها من ميادين عملياته العسكرية، وبخاصة لقُربها من فلسطين التي كان يخطط لتحريرها من الغُزاة الصليبيين. وحقّق صلاح الدين ما أراده، وهزم الصليبيين عام 583 هـ/ 1187 م هزيوةً ساحقة في حطين وحرّر منهم بيت المقدس، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، التي رزحت تحت الاحتلال الفرنجي منذ وقوعها بأيديهم في عام 492 هـ ، فأعلنوها عاصمةً لمملكتهم الفرنجيّة، بعد أن قاموا بإعدام سكان المدينة المقدّسة بأسرهم، فبلغ عدد شهدائها في عدد من الرّوايات 70 ألفاً.  فكانت هذه الانتصارات ثمرة توحيد بلاد الشام ومصر.
لقد نَذَرَ النّاصر نفسه مُدّة ملكه كلّها بمصر والشام (24 عاماً) لهذه الغاية العظيمة ، فبعد حروب مريرة وفتوحات تمكّن أخيراً من سحق جيوشهم بالكامل وأسر ملكهم وباروناتهم في معركة حطّين عام 583 هـ . 
وتوفي صلاح الدين في دمشق، عام 589 هـ/1193 م، وبوفاته ضعفت الدّولة الأيوبية رغم محاولات أخيه الملك العادل حماية الدّولة من التجزئة على أيدي أبناء صلاح الدين. واستمر الخلاف بين أبناء الملك العادل بعد وفاته، وتصاب دمشق نتيجة لذلك بالبلاء والدّمار والحصار والحريق.
 وينتهي العهد الأيوبي بما يشبه الانقلاب العسكري الذي قام به قادة الجيش في مصر، وهم من المماليك، فقتلوا آخر حكّام الدولة الأيوبية توران شاه عام 648 هـ/1250 م وذلك في مصر، بينما انتهى حكم الأيوبيين في الشام بوصول حملة التّتار التي قادها هولاگو عام 656 هـ/1258 م، وسقطت دمشق بأيديهم بعد أن سبقتهم أخبار تدميرهم لبغداد ومذابحهم في حلب. وصمدت قلعة دمشق شهراً لحصار التّتار ثم سقطت كغيرها، ومن حُسن حظ دمشق وبلاد الشام أن هذه الحملة التّتريّة هُزمت هزيمةً نكراء في معركة عين جالوت على أيدي حكام مصر الجدد من قادة المماليك، وعلى رأسهم السلطان المظفر قُطُز.
*أحمد
30 - مايو - 2008
تاريخ دمشق - 5    كن أول من يقيّم
 
عهد المماليك
ابتدأ هذا العهد عام 658 هـ/1259 م، وعادت الوحدة تجمع مصر والشام، ولم يكن انسحاب التّتار من دمشق بعد هزيمتهم في عين جالوت آخر وجود لهم يهدّد بلاد الشام، بل استمرّت غاراتهم، وكان أخرها وأشدّها سوءاً على دمشق حملة تيمورلنك عام 803 هـ/1400 م، فقد نال دمشق وسكّانها من هؤلاء المغول أشدّ الدّمار والهلاك.
ورغم ذلك، فقد استعادت دمشق بعد انسحابهم نشاطها، ولقيت عنايةً كبيرة من سلاطين المماليك، الذين اقتضت ظروف قتالهم لبقايا الصليبيين إقامتهم في عاصمتهم الثانية دمشق، فكانت ولاية دمشق من أكبر وأهم نيابات السّلطنة المملوكية وعُرفت باسم »نيابة الشام«، وتمتد حُدودها إلى الفُرات والرّستن شرقاً وشمالاً، وإلى البحر المتوسط غرباً، وإلى غزّة والكَرَك جنوباً.
وكان يكلَّف نائب دمشق بالإشراف على بقيّة النّيابات وهي: حلب وحَماة وطرابلس وصفد والكَرَك. ولهذا كان نائب دمشق يحمل لقب: نائب السّلطنة أو ملك الأمراء.
وقامت في عهد المماليك أعمال عمرانية وإصلاحات واسعة، منها عدد كبير من المساجد والمد ارس، ونعمت دمشق في عهد بعض السّلاطين والأمراء مثل السّلطان الظاهر بيپرس والسّلطان قلاوون والأمير تنگز بكثير من الاستقرار، فازدهرت الحركة العلمية ومدارسها، والفنون والعمران، كما نشطت الصناعة والتجارة.
وتنتهي هذه الفترة من النهضة والنشاط بالكارثة التي حلّت في دمشق بغزو تيمورلنك، وما رافق ذلك من تدمير ونهب وقتل وسبي وإحراق، وقد عمّها الخراب وأكلتها النيران، فكانت جريمة مروّعة بتدمير أجمل مدن الشرق وأعظمها شُهرة وعراقة. ومع ذلك فقد نهضت دمشق من كبوتها في اقل من ربع قرن، وأخذت تستعيد جمالها بالعمران والنّشاط الصناعي والتجاري، لكن ضعف عهد المماليك وسوء سلاطينهم في المرحلة الأخيرة من هذا العهد أدّى إلى فساد وتخلّف وفقر ومجاعات وأوبئة وقتال بين الفئات المتصارعة حول السّلطة والحكم، إلى أن انتهى عهد المماليك على يد الدّولة العثمانية.
 
العهد العثماني
طويت صفحة المماليك في بلاد الشام بانتصار السلطان العثماني سليم الأول في معركة مرج دابق عام 922 هـ/1516 م، وتبدأ دمشق صفحة جديدة من تاريخها، حيث أصبحت جزءاً من الدولة العثمانية. وكان قبول أبنائها للحكم الجديد يعود إلى ما أصابهم من ظلم ومارأوه من فساد وسوء أوضاع في أخر عهد المماليك، فبنوا آمالاً على سلاطين الدّولة الجديدة، بداعي الرّابطة الدّينية بينهم وبين الأتراك.
وإذا كانت دمشق قد شعرت بالاستقرار والأمن في ظلّ دولة قوية تحميها من خطر الغزاة الأجانب - كالفرنج والمغول - فلقد بقيت على صلة بالعالم الخارجي عن طريق التجارة التي ازدهرت لشهرتها ببعض الصناعات.
ومن أهم أحداث دمشق خلال القرن التاسع عشر، فتح محمد علي پاشا والي مصر لبلاد الشام على يد ابنه إبراهيم پاشا، وامتدّت فترة هذا الحكم من 1831 م حتى عام 1840 م. وكانت دمشق مركزاً أو عاصمةً لبلاد الشام خلال الحكم المصري الذي عُرف بالانفتاح، فنشطت الحركة العلميّة وكثر قدوم الأجانب من تجار وسيّاح، وأنشئت في دمشق بعض القنصليّات، كانت أوّلها القنصلية البريطانية.
ولقد حظيت دمشق أثناء فترة التّنظيمات الخيريّة (1839-1908 م) ببعض الولاة المصلحين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، من أمثال: الوالي ناظم پاشا والوالي مدحت پاشا، وعاشت نشاطاً عُمرانياً مميزاً، وفي عام 1908 م قامت جماعة الإتحاد والترقّي التركيّة التي اتصفت بالعصبيّة والعُنصريّة بانقلاب على السّلطان عبد الحميد الثاني، وتسلّمت الحكم بنفسها واتّبعت سياسة التّتريك والقمع ضد الشعب العربي، فكانت اليقظة العربية وأخذ العرب يسعون إلى حكم لا مركزي في بداية الأمر، ثم تطور الأمل إلى مطالبتهم بالاستقلال الكامل وانفصالهم عن حكم الاتحاديين الأتراك.
وجاءت الحرب العالمية الأولى عام 1914 م لتكون مُنعطفا كبيراً وحاسماً في تاريخ المنطقة، وخلالها شهدت ساحة الشهداء في دمشق إعدام عدد من قادة الحركة القومية العربية في 6/5/1916 م. وفي 10/6/1916 م تفجّرت الثورة العربية الكبرى ودخل جنودها دمشق في مطلع تشرين أول عام 1918 م وارتفع العلم العربي - علم الثورة العربية الكبرى - فوق مدينة دمشق. وكانت أول فرقة عسكرية دخلت دمشق، سريّة الخيّالة الخفيفة الثالثة  3rd Light Horse Regiment التابعة للجيش الأوسترالي، وهذا ممّا يجهله الكثيرون.
*أحمد
30 - مايو - 2008
تاريخ دمشق - 6    كن أول من يقيّم
 
العهد العربي
أعلن في دمشق ومن قبل المؤتمر السوري - أول مجلس نواب - استقلال سورية (سورية الطبيعية أي بلاد الشام)، وتم تتويج فيصل بن الحُسين ملكاً عليها وذلك في 7 و 8 آذار 1920 م. واستمرّت الدّولة العربية لمدة سنتين، طويت من بعدها صفحة الحرية والاستقلال، وذلك بعد معركة ميسلون 24/7/1920 م مع القوات الفرنسية الغازية.
 
فترة الاستعمار الفرنسي
في نهاية الحرب العالمية الأولى تمكنت قوات الثورة العربية الكبرى من تحرير دمشق بمساعدة الإنكليز. وقامت أول حكومة سورية مستقلة فيها عام 1919 تحت قيادة الملك فيصل الأول، إلا أن بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا تخططان لاقتسام بلاد الشام بينهما، اتّفقتا على وضع سوريا تحت الانتداب الفرنسي، لكن الشعب السّوري اختار المقاومة.
ففي عام 1925 انطلقت الثورة السّورية الكبرى من جبل العرب في جنوب سوريا، وجرت العديد من المعارك بين الثوار والقوات الفرنسية في بساتين الغوطة المحيطة بدمشق. قصف الفرنسيون العاصمة دمشق بوحشية في 18 تشرين الأول 1925، مما سبّب الكثير من الدّمار في المدينة.
ارتفع اسم دمشق في مقاومة الاحتلال الفرنسي، وكان لأبنائها الدور الكبير في الثورة السّورية الكبرى 1925-1927 م. كما ارتفع اسمها وعظمت شهرتها في حوادث الإضراب الستيني عام 1936م. واستمرّت حركات النضال الوطني والمقاومة البطولية حتى قيام الحرب العالمية الثانية. وفي أعقاب هذه الحرب وقفت دمشق بشموخ تدافع عن كرامتها وحريتها بدماء أبنائها، في حوادث عدوان 29 أيار 1945 م.
 وخرجت دمشق أخيراً ناصعة الجبين رافعة الرأس، تتحدّث عنها صحف العالم في صمودها وبطولاتها، إلى أن كان جلاء القوات ا لأجنبية عنها وعن الأرض العربية السّورية، واحتفلت رسمياً بذلك في يوم خالد لاتنساه الأجيال العربية في سورية وذلك في 17 نيسان 1946 م. كان عام 1946 بداية لعهد جديد، فقد أصبحت سوريا جمهورية مستقلة، وطردت جميع الجيوش الأجنبية عن أراضيها، وابتدأ فيها عهد وطني واعد بالخير لأبنائها.
شهدت العاصمة السورية تطوّرات كبيرة في السّنوات الخمسين الأخيرة، وتضاعف سكان المدينة عدّة مرات، وهو يُقدر اليوم بحوالي ثمانية ملايين نسمة. إن زائر دمشق سوف يشاهد فيها امتزاجاً عجيباً بين العراقة والحداثة: فالأحياء الجديدة من المدينة تتميّز بالمباني ذات الطراز المعماري الحديث، بينما في المدينة القديمة تتعانق مآذن دمشق وقباب مساجدها، التي يربو عددها على المئتين مع البيوت الدّمشقية الشهيرة ذات الطراز المعماري العربي.
تشتهر دمشق أيضاً بأسواقها ودكاكينها ومقاهيها. وأحد هذه الأسواق هو »الشارع المستقيم« الذي ورد ذكره في أعمال الرّسل الملحقة بالأناجيل. وفي الجامع الأموي الكبير يوجد ضريح يوحنا المعمدان (النبي يحيى عليه السّلام). ويُعتبر الجامع، الواقع في قلب دمشق القديمة، أشهر معالم المدينة على الإطلاق. فهذا المسجد الذي بناه الخليفة الوليد بن عبد الملك في القرن الثامن للميلاد، لا يزال مثالاً حيّاً رائعاً لفن العمارة العربية الإسلامية. ومن أشهر المعالم التاريخية الأخرى في دمشق: قصر العظم، وقلعة دمشق، وتكيّة السلطان سليمان، والمدارس، والحمامات القديمة.
تستمرّ دمشق هذه المدينة العربية الخالدة تخطو نحو غد أكثر إشراقاً متمسّكة بأصالتها وعراقتها وتقاليدها، محافظة على أوابدها وآثارها متابعة لمسيرة التطور. إنها المدينة التي تمثّل الشرق العربي بقديمه وحديثه، وتنعم بحُبّ كل عربي بل بحبّ كل زائر لها. إنها المدينة التي تمثّل حضارة الإنسان عبر عصور التاريخ، إنها مدينة السّحر والحضارة والجمال.
*أحمد
30 - مايو - 2008
حماسة العاشق    كن أول من يقيّم
 
صباح الخير أستاذ أحمد إيبش :
 
قرأت موضوعك هذا الصباح عن تاريخ دمشق وأسمائها . هو ملخص جميل ومتقن وفيه حماسة العاشق . نقرأ الكثير عن دمشق في بطون كتب التاريخ العامة والمتخصصة أحياناً بموضوع واحد ، لكننا دائماً بحاجة إلى إعادة هيكلة أفكارنا في تصميم كهذا وجمعها بحسب تسلسلها الزمني . زرت دمشق مرة واحدة في حياتي لمدة ثلاثة أيام وكان ذلك في العام 1995 ولذلك فأنا لا أعرفها كثيراً . أحببت أجواء الجامع الأموي ورأيت في قبر النبي يحي ( يوحنا المعمدان ) الذي يحتضنه الجامع رمزاً عظيماً . مع هذا فإن دمشق ذكرتني بباريس ومن الصعب أن أفسر هذا . أشكرك على ما قدمته وتقدمه إلينا في كل مرة من متعة وفائدة .
*ضياء
31 - مايو - 2008
أسرار دمشق    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
حضرة الأستاذة الفاضلة ضياء خانم:
لدمشق أسرارها التي لا تمنحها أبداً في الوهلة الأولى، بل تطلب من عشاقها أن يذوبوا في حبّها والحنين إليها سنوات طوالاً.. لكن من المفاتيح الضائعة التي عثرتُ عليها ما يلي: بعد أن يزور الإنسان أهم معالم المدينة القديمة، من أبنية أثرية: مساجد، مدارس، تكايا، زوايا، خوانق، طواحين، معاصر، قياسر.. إلخ. وبعد أن يزور معالمها العامة: أسواق، أسوار، أبواب قديمة، أحياء وحارات. وبعد أن يزور عدداً من دورها العتيقة الجميلة. يبقى أن يلتقي بدمشق الأنثى الجميلة الخجولة المختفية!!
أين هي هذه الأنثى Juno بذاتها التي تمّ تكريس المعبد لها وللإله Jupiter؟
على الإنسان أن يذهب إلى المعبد (الجامع الأموي اليوم) قبيل الفجر، يمضي فيه ساعة ونصف بالضبط.. وينتظر تباشير خيوط الصباح الزرق الداكنة.. ثم عليه أن يدور حول أسوار المعبد القديم وجواره، ثم يزور أبوابها الشمالية: باب الفرج، باب الفراديس، باب السلامة. هناك بالضبط تطوف جونو الأسطورة، دمشق الأنثى.. صوب محلّتها القديمة (الجينيق) التي ليست سوى تحريف لفظي عن طريق اليونانية والسريانية لاسمها (جونو).
ها هي ذي تبدأ بالهمس مع نسمات الصباح الأولى، وتحوم حول ضيفها وتشعره بوجودها بلغة لا كلمات فيها ولا حروف، بل تحلّ الأطياف والإيماءات محل التعابير المحكية .. ثم متى دبّت الحركة في المدينة المكتظة، تصعد جونو إلى ذرى قاسيون وتختفي في النهار في بقايا معبد قديم زالت آثاره منذ أزمنة غابرة.
 
وبعد.. فأقرب المدن إلى دمشق لا ريب إشبيلية، نقلت عنها في القرن الثاني الهجري.
ودمشق القرن التاسع عشر أكثر ما تكون حياً مصغراً من إستانبول القديمة، العمارة ذاتها وأساليب الحياة والألفظ والأسماء، لا يلزم سوى ترجمة ذلك كله من التركية، فإذا بدمشق تطفو بكل وضوح.
 
لك يا أستاذتنا أطيب تحية، والسّلام. 
*أحمد
31 - مايو - 2008
أسطورة الأنثى الجميلة    كن أول من يقيّم
 
 
وكل الشكر لك أستاذنا هذه الحكاية التي طافت بخيالنا وحملته على جناح أسطورة جينو التي هي Junon بالفرنسية . بعض الباحثين في الأساطير يقول بأن Juno كانت ربة الصبح الأغر لدى الشعوب الهندو أوروبية ، تماماً كما تخيلتها في حديثك عنها ، وأن اليونان عرفوها على أنها ديدون أو عليسه ، وهي آليسار الفينيقية أخت  التي أبحرت من صور لترسو بسفنها وشعبها من الذين ارتحلوا معها على شواطىء تونس في القرن السابع قبل الميلاد ولتؤسس مدينة قرطاجة حيث سيتحول اسمها هناك إلى تانيت ( الأمازيغية ) وإليها ينتسب هانيبعل وزنوبيا ملكة تدمر .
نعم من الصعب الخروج من هذه الدائرة ، وأن نفصل التاريخ عن الأسطورة وعما تختزنه الذاكرة في حناياها من الصور والمعاني التي لا تزال تؤسس لذوقنا ومفاهيمنا وقيمنا وسلوكنا . كأنها لا زالت هنا ، تطوف في أرجاء المكان عندما يكون الوقت صبحاً والكل نيام ، ثم تعود للتوارى مع خيوط الفجر الأولى مخلفة وراءها عبق الزمن الغابر ، وسحر الحكاية ، وقوة الرموز المهيمنة التي لا تقهر .
 
*ضياء
2 - يونيو - 2008
لا نريد أن نبكي على دمشق..    كن أول من يقيّم
 
بداية.. اضطررت أن أضيف اسم العائلة لاسمي ليصبح (أحمد عزو) كي يتم التمييز بيني وبين الدكتور (أحمد إيبش)، مع أن لي الفخر أن يقترن اسمي باسمه، ولكنني أعرف نفسي بضحالة علمي الذي لا يقارن مع الدكتور أحمد، فلا أريد أن يظن ظان بأنني هو وأنه أنا..
شعرت بوخز في جسدي عندما ذُكرت دمشق الشام، وازداد الوخز حدة عندما وصلت إلى: (لا أريد أن أرى دمشق على مثل بغداد)..
كنا قد بكينا دماً على بغداد حين ابتلعت بمساعدة أقرباء بغداد، لكن كيف سنبكي إن فتح الحوت فمه لدمشق؟.. لا أريد حتى أن أتخيل..
ذكر الدكتور أحمد بعض أبيات للأمير شوقي، وكم أحببت شوقي، وكم ازداد حبي له بعد أن فاجأني الأستاذ زهير مرة بهدية ولا أروع:
أحمد شوقي مذهبي أمير  شعر لا iiنبي
شوقي وشوق iiأحمد لبيت شعر iiمطرب
...........
وأحب أن أتوسع قليلاً هنا لنقرأ أكثر من رائعة شوقي المحفورة في أذهان الملايين من محبي دمشق:
قُـم  ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن iiبانوا مَـشَت  عَلى الرَسمِ أَحداثٌ iiوَأَزمانُ
هَـذا  الأَديـمُ كِـتـابٌ لا كِفاءَ iiلَهُ رَثُّ  الـصَـحائِفِ باقٍ مِنهُ iiعُنوانُ
الـديـنُ  وَالوَحيُ وَالأَخلاقُ iiطائِفَةٌ مِـنـهُ وَسـائِـرُهُ دُنـيـا iiوَبُهتانُ
مـا  فـيـهِ إِن قُلِّبَت يَوماً iiجَواهِرُهُ إِلّا  قَــرائِـحُ مِـن رادٍ iiوَأَذهـانُ
بَـنـو  أُمَـيَّـةَ لِـلأَنباءِ ما iiفَتَحوا وَلِـلأَحـاديـثِ ما سادوا وَما iiدانوا
كـانـوا مُلوكاً سَريرُ الشَرقِ iiتَحتَهُمُ فَـهَل  سَأَلتَ سَريرَ الغَربِ ما iiكانوا
عـالينَ كَالشَمسِ في أَطرافِ iiدَولَتِها فـي  كُـلِّ نـاحِـيَةٍ مُلكٌ iiوَسُلطانُ
يـا وَيـحَ قَلبِيَ مَهما اِنتابَ iiأَرسُمَهُم سَـرى بِـهِ الـهَمُّ أَو عادَتهُ iiأَشجانُ
بِـالأَمسِ قُمتُ عَلى الزَهراءِ iiأَندُبُهُم وَالـيَـومَ  دَمعي عَلى الفَيحاءِ هَتّانُ
فـي  الأَرضِ مِنهُم سَماواتٌ iiوَأَلوِيَةٌ وَنَـيِّـراتٌ وَأَنـواءٌ iiوَعُـقـبـانُ
مَـعـادِنُ الـعِزِّ قَد مالَ الرَغامُ iiبِهِم لَـو هانَ في تُربِهِ الإِبريزُ ما iiهانوا
لَـولا  دِمَـشـقُ لَما كانَت iiطُلَيطِلَةٌ وَلا زَهَـت بِـبَـني العَبّاسِ iiبَغدانُ
مَـرَرتُ بِـالمَسجِدِ المَحزونِ iiأَسأَلُهُ هَل في المُصَلّى أَوِ المِحرابِ مَروانُ
تَـغَـيَّرَ المَسجِدُ المَحزونُ iiوَاِختَلَفَت عَـلـى الـمَـنابِرِ أَحرارٌ iiوَعِبدانُ
فَـلا الأَذانُ أَذانٌ فـي iiمَـنـارَتِـهِ إِذا  تَــعــالـى وَلا الآذانُ iiآذانُ
وللحديث تتمة.. وكذلك للقصيدة..
*أحمد عزو
2 - يونيو - 2008
افتقاد.. وانتظار    كن أول من يقيّم
 
كانت  زيارتي لدمشق ككل الزيارات إلا أن اختلافاً سكنني؛ فأنا الذي نبتُّ في عاصمة الأمويين وكبرت أوراقي فيها صرت غريباً عنها، لا أراها إلا كل سنة مرة، لا تطفئ ظمئي المتنامي، أحن إليها حنين الولد لأمه، حنين الأرض اليباب لشربة ماء.
وقفت هناك شمال الجامع الأموي أتأمل (الملك الناصر)، كان قد انطلق من دمشق لمعركة التحرير، وما زلنا ننتظر ناصراً آخر، لا أدري ما الذي كان يجري مع دمي، أحسست أن شراييني تتورم، أن قلبي يتسارع، افتقاداً لمن يرقد هناك.
سألته إن كان مرتاحاً في نومه فأجابني أنه مرتاح طالما بيت المقدس بخير.. لم أتكلم أو أعقب أو أجاوب.. دُفنت حروفي في مهدها، صارت تحز على رقبتي من الداخل، أحسست بحشرجة كادت تخنقني، لم أستطع حتى أن أتنفس..
كلما دخلت دمشق يظهر لي (مظفر النواب) الذي افتقد الشحارير التي كانت تغني، وسط أعاصير من تصفيق الدمشقيين كان يترنم:
أعاتب يا دمشق
بفرط دمعي..
حزيناً.. أنني.. لم أجد
شدو الشحارير القدامى
فمن الذين افتقدنا؟.. هل الشحارير الذين فتحوا بلاد العالم وتربعوا على عروشها؟.. أم الذين طردوا أنجاس العالم من الأرض المقدسة؟.. أم أنهم فقط شحارير الشعر في دمشق؟..
ربما افتقدنا كل شيء، لكن طالما أن الشجرة الأم (دمشق) موجودة فستعطي الثمر لا ريب..
*أحمد عزو
5 - يونيو - 2008
إبراهيم طوقان و(شوقه)..    كن أول من يقيّم
 
وشاعر الثورة إبراهيم طوقان كان له شوق للنصر ولـ(شوقي) ولدمشق..
أْهلاً بشوقي شـاعرِ iiالـ     فُصْحى ومعْجزةِ البيانِ
يـا  فَرقدَ الشـعراءِ iiكْم مـن فرقدٍ لعُلاكَ iiرانِ
........
يا باكَي الفيحاءِiiحيـ ن أبتْ تقيمُ على iالهوان
أيـام كـانت وردةً بدم البواسل iكالدّهان
أرسَلْتَ عنْ بردَى سلا   مك في لظى الحرب العوانِ
وذرفتَ دمعاً لا iiيُكفْـ كف هيَّجتْةُ iiالغُوطْتانِ
.........
عَـرِّجْ على حطّينَ iواخـ شعْ يُشْجِ قلبكَ ما iiشجاني
وانظرْ هُنالِكَ هل iiترى آثـار يوسف في iiالمكانِ
أْيـقِظ صلاحَ الدين iiرَب ب التَّاج والسَّيف اليماني
*أحمد عزو
17 - يونيو - 2008
وللجواهري الراقد في دمشق الى الابد رأي فيها    كن أول من يقيّم
 
شممت تربــــــك لا زلفى ولا ملقــــــا *** وســـرت قصدك لاخبّاً و لامذقــــــا

وما وجــــدت إلى لقيــــاك منعطفــــا *** إلا إليـــك , ولا ألفيـــت مفترقــــــاً

كنت الطـــريق إلى هــاوٍ تنازعــــــــه *** نفس تسدّ عليه دونهـــا الطرقــــــا

وكــان قلبــي إلى رؤيـــاك باصرتـــي *** حتى اتهمت عليك العين والحدقـــا

شممت تربك أستاف الصبا مرحــــــا *** والشمل مؤتلفاً , والعقد مؤتلقـــــا

وســرت قصــدك لا كالمشتهي بلـــــدا *** لكن كمن يتشهّى وجه من عشقـــــا

قالـــوا دمشق وبغداد فقلت همــــــا *** فجر على الغد من أمسيهما انبثقـا

ما تعجبون ؟ أمن مهدين قد جمعـــــا *** أم توأميـــن على عهديهما اتفقا ؟

أم صـــامدين يرُبّـــان المصير معــــــا *** حبّـــاً ويقتسمان الأمن والفرقــــــا

يهــدهــدان لســاناً واحــداً ودمـــــاً *** صنـــواً ومعتقــداً حراً ومنطلقـــــا

أقسمت بالأمة استوصى بها قــــــدر *** خيـــراً ولاءم منها الخَلــق والخُلقــا

من قال أن ليس مــن معنى للفظتهــا *** بلا دمشق وبغـــــداد فقد صدقــــا

فـلا راعى اللـه يومـــاً دسّ بينهمــــا *** وقيعــــــة ورعى يوميهمــا ووقـــا

يا جلـق الشــام والأعـــوام تجمـع لــي *** سبعاً وسبعين ما التأما ولا افترقـا

ما كــان لي منهما يومــان عشتهمـــا *** إلا وبالسؤر من كأسيهمــــا شرقــا

يعـــــاودان نفـــاراً كلـــما اصطحبــــا *** وينسيان هـــوى كانـــا قد اغتبقــا

ورحـــت أطفــو على موجيهــما قلقــاً *** أكاد أحســـد مرءاً فيهمــا غرقـــــا

ياللشـــباب يغـــار الحلـــم من شــــر *** بــه وتحســد فيــه الحنكــة النزقــا

وللبســـاطــة مـــا أغلــى كنائزهـــــا *** قـارون يرخص فيها التبر والورِقـــا

تلـــم كأسي ومن أهــوى وخاطرتـــي *** ومــا تجيش وبيت الشعر والورَقـــا

أيـــام نعكــف بالحسنى علــى ســـــمر *** نساقط اللغو فيه كيفمـــا اتفقــــــا

إذ مســكة الربوات الخضــر توسعنـــا *** بمـــا تفتـق من أنسامهـا عبقـــــــا

إذ تسقط الهامةُ الإصبــاح يرقصنـــــا *** وقاسيون علينـــا ينشر الشفقــــــــا

نرعى الأصيل لداجي الليل يسلمنــا *** ومن كوى خفرات نرقـــب الغسقـــا

ومــن كــوى خفــــرات تستجـــد رؤى *** نشوانـــة عن رؤى مملولة نسقـــــــا

آه علـــى الحلـــو في مــر نغصّ بـــــه *** تفطـــرا عسلاً في السم واصطفقــــــا

يــا جلـــق الشــام إنـا خلقـة عجــــب *** لــم يــدر ما سرها إلا الذي خلقــــا

إنــا لنخنـــق في الأضـــلاع غربتنـــــا *** وإن تنزّلــت على أحداقنــا حرقــــا

معــذبون وجنـــات النعيـــم بنـــــا *** وعاطشـون ونمري الجونة الغدقـــــا

وزاحفــــون بأجســــام نوابضهـــــــا *** تســـتام ذروة علييــــن مرتفقـــــــا

نغنــي الحيـــاة ونستغني كأن لنـــا *** رأد الضحى غلـــة والصبح والفلقــــا

يا جلق الشام كم من مطمـــح خلــس *** للمرء في غفلة من دهــره سرقــــــا

وآخـــر ســلّ مــن أنيــاب ذي لبــــد *** وآخــرٍ تحت أقـــدام لـــه سحقـــــــا

دامٍ صـــراع أخـــي شجــــوٍ وما خلقــا *** مـــن الهموم تعنّيه وما اختلقـــــا

يســـعى إلى مطمـــح حانت ولادتــــه *** في حين يحمل شــلواً مطمحاً شنقـــا

حـــران حيـــران أقوى في مصامـــدة *** علــى السكوت وخير منه إن نطقـــا

كـــذاك كل الذيــن استودعوا مثُـــلاً *** كذاك كل الذين استرهنوا غلقـــــا

كــــذاك كــان وما ينفــك ذو كلـــــف *** بمـــن تعبــد في الدنيا أو انعتقــــا

دمشـــق عشـــتك ريعانــاً وخافقـــــة *** ولمّة والعيـــون الســـود والأرقـــــــا

وهــــا أنــا ويـــدي جلـــــدٌ وسالفتي *** ثلــج ووجهــي عظم كاد أو عرقـــــا

وأنــت لـــم تبرحي في النفس عالقــة *** دمــي ولحمي والأنفاس والرمقـــــا

تمــوّجيــن ظلال الذكريــــات هـــوى *** وتسعديــن الأسى والهمّ والقلقـــــا

فخــــراً دمشـــق تقاسمــنا مـراهقـــة *** واليـــوم نقتسم الآلام والرهقــــــا

دمشق صبراً على البلوى فكم صهرت *** سبائك الذهب الغالي فما احترقـــا

على المــدى والعــروق الطهر يرفدنـا *** نســـغ الحياة بديـلاً عن دم هرقـــا
 
عن الشاعر:
 
ولد الشاعر محمد مهدي الجواهري في النجف في 1899م ، والنجف مركز ديني وأدبي ، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها ، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة لكن ذلك لم يمنعه في شبابه من الانتماء لليسار السياسي في العراق  

‏أظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .‏

كان قوي الذاكرة ، سريع الحفظ ، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له. فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة .‏

نشر أول مجموعة له باسم " حلبة الأدب " عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين . 

أصدر في عام 1928 ديواناً أسماه " بين الشعور والعاطفة " نشر فيه ما استجد من شعره . 

انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين . 

واجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين .

في عام 1971 أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " أيها الأرق" .وفي العام نفسه رأس الوفد العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر الأدباء العرب الثامن المنعقد في دمشق . وفي العام نفسه أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " خلجات " .

بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر، المغرب، والأردن ، وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به ولكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها واستراح ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كرمه  بمنحه أعلى وسام في البلاد ، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشق جبهة المجد» ذروة من الذرا الشعرية العالية .

يتصف أسلوب الجواهري بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس الملتحم بالصور الهادرة كالتيار في النفس ، ولكنه يبدو من خلال أفكاره متشائماً حزيناً من الحياة تغلف شعره مسحة من الكآبة والإحساس القاتم الحزين مع نفسية معقدة تنظر إلى كل أمر نظر الفيلسوف الناقد الذي لايرضيه شيء.

وتوفي الجواهري في السابع والعشرين من تموز 1997 ودفن في دمشق .‏
 
وآسف للاطالة .. يا أحبتي
 

*Makki
21 - يونيو - 2008
 1  2  3