البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : الأدب العربي

 موضوع النقاش : الانحياز الثقافى وتوجيه الخطاب الروائى عند نجيب محفوظ    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 عبد الحافظ بخيت 
23 - مايو - 2008
 
الانحياز الثقافى وتوجيه الخطاب الروائى عند نجيب محفوظ
نشأ نجيب محفوظ فى مدينة القاهرة فى الحياء الشعبية بالتحديد فامتصت شخصيته
شخصيته كل مشكلات ابناء هذه الاحياء وتطلعاتهم على مدى ثلاثين او اربعين عاما وفى رواياته حاول ان يرسم صورا عديدة لهذه الاحياء فى مختلف مراحلها الزمنية منذ ثورة 1919 حتى ثورة 1952  وفى رواياته قدم الكثير من الشخصيات التى قدر لها ان تحيا فى هذه الاحياء ذات الطابع الخاص وان تعانى اقدارها فيما بين حربين عالمتيتن لم يشهد التاريخ مثيلا لهما من قبل كما قدر لمصر فى ذلك الوقت ان تكتوى على نحو اخر بنيران هاتين الحربين وان تعيش نهبا لتيارات الصراع العالمى وان تكون لها مطالبهاالقومية ومشكلاتها الاجتماعية وازماتها الخاصة وقلاقلها الداخلية
وشاء القدر ان يبرزفى مصر اديب فى قامة نجيب محفوظ تكتمل على يديه موهبة الابداع فى الرواية العربية الحديثة وتتسع جوانب نفسه لآفاق من الوعى العميق والثقافة الهادفة تتيح له ان يحيا مع قومه فيحسن الحكم عليهم وان يحس بمشكلاتهم  فيحسن تصوريها ويحسن عرضها والتعاطف معها
ولقد عرض فى الثلاثية ثلاثة اجيال عاشوا جيل ما قبل ثورة 1919 وجيل ثورة 1919 وجيل ما بعد ثورة 19 وكان جيل ما قبل الثورة منحلا وانانيا يعيش للذاته الخاصة ولكنه حين ابصر الجيل الثانى يفجر الثورة شاركه بالعاطفة والمجاملة التى لا تعنى شيئا فى المشاركة والعمل الايجابى والتضحيات المفروضة كما ان فهم هذا الجيل كان قاصرا وصبيانيا اما الجيل الثانى فقد انبثقت الثورة من التهابات عواطفه المشبوبة بحب الوطن والصادقة والتى تصر على الثورة ولاتحجم عن تقديم الضحايا وبذل الارواح
وما ان خمدت نيران الثورة حتى تكشفت لعبة الكراسى البرلمانية بين احضان الاحزاب الانتهازية حتى جرف هذا الجيل شكل سياسى ضبابى حجب عن عينه صدق الرؤية ووضوحها فعاش رهينا للحيرة والضياع يمزقه التردد والشك وعدم الانتماء وكان جيلا رومانسيا اندفع الى صنع الثورة بعواطفه الغضة ثم لم يستطع توجيهها التوجيه الصحيح وحين انكشف على يد المغامرين والطامعين والمستعمرين لم يجد ما يفعله لينقذ الثورة من النكسة ويسير بها على الطريق الصحيح وياتى (كمال) كنموذج لهذا الجيل الرومانسى الضائع فى الثلاثية ليضيع فى غمار الاحلام ويحب فيتلاشى امام عواطفه ويفكر فيتوه فى بحر من الافكار المتضاربة والفلسفات العديدة وهنا يبو الرمز واضحا على ضياع هذه الجيل ورفض محفوظ لثقافة التردد والتعمية
ثم يكون الجيل الثالث وهو جيل الانتماء العقائدى الذى يتناول مشكلات وطنه من جذورها التاريخية والاجتماعية وقد تمثل هذا الجيل فى الاخوين عبد المنعم واحمد شوكت اما عبد المنعم فيقدم نفسه من خلال الحوار الذى دار بينه وبين مأمور القسم فى الجمالية حين قبض عليه واخيه احمد على هذا النحو
-         عبد المنعم ابراهيم شوكت, خمسة وعشرون عاما , محقق بادارة التحقيقات يوزارة المعارف
-         كيف تمزق قوانين الدولة وانت من رجال القانون؟
لم امزق قانونا ونحن نعمل جهارا فنكتب فى الصحف ونخطب فى المساجد ,
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الانحياز الثقافى وتوجيه الخطاب الروائى عند نجيب محفوظ (2)    كن أول من يقيّم
 
 
-         ان الذين يدعون لله لا يجدون ما يخفونه ,اما احمد فبقول :
-         احمد ابراهيم شوكت ,اربعة وعشرون عاما , محرر بمجلة الانسان الجديد (لاحظ دلالة الاسماء هنا)
-         هناك تقارير خطيرة عن مقالاتك المتطرفة فضلا عن انه من المسلم به ان مجلتكم سيئة السمعة
-         مقالاتى لا تعدو الدفاع عن العدالة الاجنماعية
-         شيوعى حصرتك
-         انى اشتراكى وكثير من النواب يدعون الى الاشنراكية والقانون نفسه لا يؤاخذ الشيوعى على رأيه مادام لا يلجأ الى اساليب العنف (السكرية 380-381 )
-          وهنا يكشف هذا الحوار عن ثقافتين متقابلتين فعبد المنعم عقائدى واحمد شيوعى  وهذا يعنى رصد محفوظ لصراع الثقافات المختلفة والتى شكلت واعية ابناء الحارة المصرية واثرت فى خطابهم السياسى والاجتماعى فمن خلال حياة عبد المنعم واحمد العقائدية والمتقابلة ونظرة كل منهما للحياة ومناقشته لمشكلات المجتمع ومعاملته للمرأة والاسلوب الذى امن به كوسيلة للتعبير عن مجتمعه والهدف الذى يسعى اليه من خلال هذ التعبير
من كل هذا نبصر نجيب محفوظ ليس مجرد كاتب يعطف على اتجاه معين او يسلط الضوء على مرحلة تاريخية بشكل محايد بل نقع على انسان عقائدى يتحيز لاحد طرفى الصراع  دون الاخر
ومع ان نجيب محفوظ قد اتخذ فى هذه الرواية اسلوب التصوير الفوتوغرافى الواقعى الذى يلم بكل التفاصيل ويجرى وراء الشخصيات ويعرض لدقائق كل ما حدث مما اشاع عنه-خطأ- بانه فنان محايد يعرض الواقع كما هو ويترك للقارئ فرصة الحكم او التحيز ولكننا نراه من خلال تحليل رواياته انه يلتزم بنصرة مستوى تقافى وعقائدى معين مما يؤيد وجهة النظر التى نتبناها فى ان الفن لا يمكن ان يكون حياديا ولا يستطيع الفنان ان يكون على هامش الصراع الانسانى مهما حاول ان بيدى غير ذلك
ففى الثلاثية وفى خان الخليلى وفى القاهرة الجديدة وفى اللص والكلاب وفى السمان والخريف يتضح ان نجيب محفوظ لم يكن حياديا كما فهم البعض ومازال يردد ذلك حنى الان وانما كان فنانا يلتزم وجهة نظر معينة سواء كانت واضحة مليئة بالقوة والحيوية فى الرواية او شائعة فى اسلوب السرد الذى يبناه الكاتب فى كل رواية ومما كان يغطى هذه الرؤية براعته فى تصوير الاحياء الشعبية فى مدينة القاهرة ونفوذه الى الى اعماق البسطاء فى هذه الاحياء
ومن خلال  التناقض الواضح بين شخصيات كمال وعبد المنعم واحمد فى الثلاثية واحمد راشد واحمد عاكف فى خان الخليلى وسعيد مهران ورؤوف علوان فى اللص والكلاب نستطيع ان نصل الى مفهوم كامل للثقافة التى يدين بها نجيب محفوظ ويمنحنا مفتاح فهم شخصيته وموقفه ووجهة نظر ه من الجياة 
*عبد الحافظ بخيت
23 - مايو - 2008
الانحياز الثقافى وتوجيه الخطاب الروائى عند نجيب محفوظ (3)    كن أول من يقيّم
 
 
اما كمال احد نماذج الجيل الثانى فى الثلاثية فقد اختار دراسة الادب ثم امتهن التدريس وظل يدمن الاطلاع على مذاهب الفلسفة وكتابة مقالات عن الكون والحياة والحق وغير ذلك من الاشياء التجريدية المطلقة وكان رومانسيا حالما حاد العاطفة تائه لا يستقر على رأى فلم يعرف الطريق الى الزواج وظلت حياته بلا اتجاه وهذا النوع من المثقفين هو بلا شك نوع مرفوض لا جدوى منه ةيأتى نجيب محفوظ ليصدر حكمه صراحة على كمال ومجهوداته الفكرية وحياته العامة على لسان سوسن الصحفية فى مجلة الانسان الجديد حين تتحدث مع احمد عن كمال فتقول:
-انه يكتب كثيرا عن الحقائق القديمة ,الروح المطلق, هذا جميل لكنه فيما عدا هذه المتعة الذهنية والترف الفكرى لا بفضى الى غاية وينبغى ان تكون الكتابة وسيلة محددة الهدف وان يكون هدفها الاخير تطور هذا العالم والصعود بالانسان فى سلم الرقى والتحرر, الانسانية فى معركة متواصلة والكاتب الخليق بهذا الاسم حقا يجب ان يكون على رأس المجاهدين اما وثبة الحياة فلندعها لبرجسون وحده
ويحاول احمد ان يدافع هن كمال فيقول:
-         لكن ماركس نفسه بدأ فيلسوفا ناشطا يهيم فى تيه الميتا فيزيقيا فترد عليه سوسن
-         وانتهى بعلم الاجتماع العلمى فمن هنا نبدا لا من حيث بدأ
ثم تؤكد افكارها عنه قائلة:
-         لا موقف له ,ان موقف الكاتب لا يمكن ان يخفى انه مثل المثقفين البرجوازيين يقرأ ويستمتع ويتساءل وقد تجده فى حيرة امام المطلق وربما بلغت به الحيرة حد الالم ولكنه يمر سادرا بالمتألمين الحقيقين  (السكرية,30)
اما شخصية احمد شوكت فى الثلاثية واحمد راشد فى خان الخليلى فهما منفتحتان على الحياة الحديثة يعتنقان نفس الاراء وتكاد بعض الجمل تتردد بشكل واحد فى حديث كل منهما  وكل منهما حاسم فى اتجاهه على يقين نهائى من ارائه وتفكيره ويصافح الحياة الحديثة بلا تردد ويؤمن احمد شوكت بقول سلامة موسى بان العلم اساس الحياة(108)
ويؤمن بان لكل عصر انبياؤه وان انبياء هذا العصر هم العلماء(109)
وهكذا تحتل رؤية الكاتب الروائى مرتبة جلية على لسان شخوصه فى رواياته والتى تؤكد على انتصار العلم والانحياز له وانه الطريق الوحيد لخلاص هذه الامة وهذه الرؤية تؤسس لغمق ثقافى معين عند نجيب محفوظ وهو ثقافة العلم ولا شيئ سوله واظن ان هذه الرؤية الثقافية كانت منطلق كتابة رواية (اولاد حارتنا) التى انتصر فيها محفوظ للعلم على حساب العقائد الدينية وان كان هذا الاتجاه يبدو متاثرا فى رواياته الا انه بدا جليا واضحا فى اولاد حارتنا كاشفا عن الفهم الايديولوجى لنجيب محفوظ والمفهوم الثقافى عنده
*عبد الحافظ بخيت
23 - مايو - 2008
أمتعنا    كن أول من يقيّم
 
شيخي عبدالحافظ:
أمتعنا بمزيد من الرؤى المحفوظية، فكل سطر كتبتَه حفظتُه، فأتحفْنا وزدْنا زادك الله خيرًا، ولا تنس أن تذكر الجانب الآخر في الإبداع المحفوظي، الجانب المظلم السوداوي المثير لمشاكل فلسفية ودينية أقامت عليه الدنيا وأثارتها.
أرجو من مشرفي الوراق أن تظل هذه الصفحة مفتوحة ردحًا من الدهر حتى يمتعنا في هذا النوع النقدي النادر في موقع الوراق: النقد القصصي....   
*صبري أبوحسين
25 - مايو - 2008
شيخى الوقور    كن أول من يقيّم
 
شيخى واستاذى دكتور / صبرى
يعلم الله مااكنه لك وللشربف عمر بخاصة ولكل الفاعلين فى هذا المنتدى مودة لا اعلم مبلغها ولا اعرف مصدرها وانما هى قائمة ولها شجون كثيرة هى دافعى الى الارتباط بهذالمنتدى وانا واحد من الذين يعترفون بانه لا قيمة للحوار والاختلاف الا اذا كان مبنيا على جسر من المودة وحب الاخر والملاحظ فى كل اختلافاتنا نحن العرب يبدأ الواحد منا رافضا الاخر منذ ان يبدأ الحوار وما اجملنا حين نرفع شعار الاختلاف لا يفسد للود قضية !!! وانظر معى الى تلك البرامج الحوارية فى قنوات التلفاز وكأن المتحاورين ديوك تقتتل هم يفتقرون الى ابسط قواعد اللياقة فى الحوار لكننى اتصور ان الحوار والاختلاف علامة التحضر الحقيقى والوجود الفعال
ولا ادرى كيف خرجت عما كنت اود الحديث اليك فيه وقد عدت بعد لحظة وجد سيطرت على مدفوعة بفعل مودتى لاقول لك اننى سوف اقدم دراسة عن رواية (اولاد حارتنا ) لنجيب محفوظ والتى اثارت الدنيا وكان لها أثر كبير فى حصوله على جائزة (نوبل) فى الادب واوفقك على ثلاثية الفكر التى اقترحتها واتمنى ان تكون هذه الصفحة مفتوحة لمزيد من الحوارات
لك كل مودتى وعظيم تقديرى
*عبد الحافظ بخيت
25 - مايو - 2008