البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : منطق مقلوب    قيّم
التقييم :
( من قبل 6 أعضاء )
 الشريف عمر 
20 - مايو - 2008
                                                                  
منطقٌ مقلوبٌ


لاَ تَلُمْنيِ إِنْ تَرَانيِ  مُتْـعَبَا
                     مِنْ حَيَاةٍ  قَدْ  تَرَاهَا عَـجَبَا
وَأَرَاهَا لاَ تُـسَاوِي  جُنْدُبَا
                     أَوْ تَرَاهَا حِيَن تُعْطِي مَكْسَبَا
وَأَرَاهَا مِـثْلَ  جُحْرٍ خَـرِبَ
                     أَوْ سَرَابًا  إِنْ  دَنَوْنَا ذَهَـبَا
قَدْ تَرَى فيِ الشَّمْسِ دِفْئًا وُهِبَ
                     وَأَرَاهَا حِـينَ تَبْدُو لَـهَبَا
قَدْ تَرَى الْفَـجْرَ ضـِيَاءً قَرُبَ
                     وَأَرَاهُ  مِثْلَ عُـمْرٍ غَـرَبَا

زُرْ بِلاَدِي تَـرَفِيهَا العَجَبَ

                     مَنْطِقُ  الأَشْيَاءِ  فِيهَا  قُـلِبَا
                *   *   *
زُرْ بِلاَدِي تَـرَفِيهَا العَـجَبَ
                     كُلُّ شَيْءٍ  عِنْدَنَا  قَدْ ضُرِبَا
صَارَتِ الأَخْلاَقُ  شَرًّا جُلِبَ
                     بَلْ هِيَ  الْعَارُ  عَلَيْنَا كُـتِبَا
وَالْبرَِيءُ !  صَارَ فِينَا مُـذْنِبَا    
وَغَدَا  الطَّاهِرُ  مِنَّا  جُـنُبَا
وَاسْتَحَالَ الصِّدْقُ هُوَّ الْكَذِبَ
                     وَالأَمِينُ
!  خَائِنًا  قَدْ حُسِبَا
وَالشَّرِيفُ !  عِنْدَ هُمْ مَنْ نهَبَ
                     وَالأَصِيلُ !  فِيهِمُ مَنْ  أَذْنَبَا     

                     *   *   *

 زُرْ بِلاَدِي تَـرَفِيهَا العَـجَبَ

                     مَنْطِقُ  الأَشْيَاءِ فِينَا انْقَـلَبَا
قَلَّدُونيِ إِنْ أَسَـأْتُ الأَدَبَ
                     بَارَكُـونيِ إِنْ رَأُونيِ  قُـلَّبَا
هَنَّأُونيِ إِنْ  رَكِبْتُ الحَـدَبَ
                     أَيَّـدُونيِ إِنْ رَأُونيِ مُـرْهِبَا
صَارَ مَنْ  نَاحَ  لَدَيْنَا  أَطْرَبَ
                     صَارَ مَنْ أَوْجَزَ فِينَا أَطْـنَبَا
صَارَ مَنْ جَدَّ كَمَنَ  قَدْ لَعِبَ
                     صَارَ مَنْ حَلَّ كَمَنْ قَدْ هَرِبَا.
        *    *    *

زُرْ بِلاَدِي تَـرَفِيهَا العَـجَبَ

                     وَانْسَ إِنْ كُنْتَ قَرَأْتَ الْكُتُبَا
أَفَيُغْنِيكَ عَنِ الْعَـيْنِ الـنَّبَا
                     أَوْ يُفِيدُ السَّمْعُ  مَنْ قَدْ جَرَّبَا
قَدْ يَصِيرُ الرِّيشُ يَوْمًا حَصَبَا
                     أَوْ يَصِيرُ الشَّوْكُ يَـوْمًا زَغَبَا    
قَدْ يَصِيرُ الرَّأْسُ  يَـوْمًا ذَنَبَا
                     أَوْ يَصِيرُ الْحَبُّ  يَوْمًا قِـبَبَا
قَدْ يَصِيرُ التِّينُ  يَوْمًا  عِنَبَا
                     أَوْ يَصِيرُ الطِّينُ يَـوْمًا ذَهَبَا
لَكِنِ الحَقُّ سَيَبْقَى الأَغْلَبَ
                     وَإِنِ الْبَاطِلُ فِـينَا  قَبْـقَبَا


الشريف عمر
     
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
الشكل العروضي للبائية الشاكية    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
الشكل العروضي للبائية الشاكية
 
هذه البائية الشريفية الميهوبية من الرمل التام الذي دخلت علة الحذف عروضه  وضربه، فصارتا(فاعلا)، وأحيانًا يدخل زحاف الخبن فيهما فتصيران(فعِلا)، وهو زحاف غير لازم، ولا مفروض على الشاعر أن يأتي به، ومن شأنه أن يقضي على رتابة الوزن الواحد والقافية الواحدة.
والقافية مطلقة، مكونة من الباء رويًّا وألف الإطلاق وصلاً. وكونها بائيةً يناسب تجربة الشاعر الشديدة الجهورية القلقة الصادعة الصارخة.
ويعد التزام التصريع فيها ظاهرة بارزة، وهو من إلزام الشاعر مالم يُلزم به من قبل النقاد والعروضيين، وقد جاء أسلوبًا له دلالته وقيمته في بناء القصيدة. كأني بالشاعر أراد أن يشعر فغنى، وأراد أن  يقول فأطرب، محدثًا ما يمكن أن يسمى ازدواج القافية في بحر الرمل. والقافية المزدوجة كانت من قبل -فيما أعلم- خاصة بالرجز، فجعلها الشريف-رضي الله عنه- في الرمل أيضًا. وذلك تجديد شكلي يُحسب لشاعرنا، بلا ريب.  
وأقف عند هذه الضرورة عند الشاعر في قوله:
وَاسْتَحَالَ الصِّدْقُ هُوَّ الْكَذِبَ
فقد اضطر شاعرنا إلى تشديد واو الضمير(هو) وهي محركة بالفتح. وتلك ضرورة تسمى(تضعيف ما لايضعف) وقد أجازها المبرد في مقتضبه2/23. و عند شاعرنا-بلا شك- قدرة على تصحيحها وجعلها بلا ضرورة. ولي مع البائية موقف ثانٍ. إن شاء الله تعالى.
 
*صبري أبوحسين
20 - مايو - 2008
منطق مقلوب    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
ذنوب الضعاف العاجزين كثيرة = وما لقوي اذ تحاسبه ذنب
سيدى الشاعر لست ادرى من اى الابواب ادخل اليك  هل من قراءة النص على الشكل والمضمون؟ام على توظيف المفارقة النصية التى اوجدت مفارقة تصويرية جميلة فى النص ؟ ام ترانى اسبح معك فى قراء ماوراء النص من خلفيات سياسية واجتماعية اتسم يها واقعنا المتردى فصار المنطق المقلوب هو سمة العصر وهذا المنطق اتاح للطفيلين ان يعتلوا المنصة ويشرعوا لهذا الواقع  عندها تصبح الاخلاق عارا والصدق كذبا والنهابون هم الشرفاء ولنا ان نقبل هذا الواقع المميت فى عجز وعياء وحين تاتى انت وتعرى هذا الواقع وتجرده رافضا من خلال نصك هذا الواقع تصبح عين الكاميرا التى ترصد لنا هذا العوار وعلينا ان نتحاشاه وهنا تكمن قيمة النص ويصبح خطابك الشعرى اوقع فى النفس لانك تضعنا على اللذة الجمالية حين تفجر فينا الاحساس بالعجز فتنصهر النفوس وتنقى وفق نظرية التطهير لأرسطو وهذا عندى غاية الشعر  فالشعر الجيد هو الذى تكون رسالته واضحة محددة وعلى الشاعر ان يتعامل مع معطيات الواقع بذكاء ويعيد تشكليها على بياض الصفحة فى شكل جمالى يصدم واعية المتلقى ويكسر رتابة التفكير والتصور عنده وهنا تلعب المفارقة التصورية والتضاد دورا هاما فى كسر رتابة النمطية فى وجدان المتلقى
لك خالص مودتى وحبى
*عبد الحافظ بخيت
20 - مايو - 2008
بديل للضرورة الشعرية    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
بخصوص الضرورة الشعرية في قول شاعرنا:
وَاسْتَحَالَ الصِّدْقُ هُوَّ الْكَذِبَ
كان أمام شاعرنا أن يقول:
وَاسْتَحَالَ الصِّدْقُ فينا الْكَذِبَا
أو:
وَاسْتَحَالَ الصِّدْقُ عندي الْكَذِبَا
ولعل الشاعر قصد قصدًا إلى الضمير الذي يفيد الفصل والتأكيد؛ ليوحي بالمفاجأة، ويساعد على إحداث المفارقة التي يتغياها من النص كله.
وإن كنت أرى أن خلو النص من الضرورة أجدى، لاسيما إذا علمنا أن لغويًّا جليلاً جعل الضرورة خطأ، وهو ابن فارس في كتابه(ذم الخطأ في الشعر). 
*صبري أبوحسين
22 - مايو - 2008
الضرورة الشعرية    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
كم هو طيب حديث الدكتور صبرى حول الضرورة الشعرية فى النص وان كنت لا احب ان نناقش فى النص تفريعات ونترك الاصل او المعنى العام للنص ومسألة الضرورة  الشعرية ليست حدا مفيدا من حدود دراسة النص الادبى لانها مسألة تتحكم فيها عملية الايقاع الموسقى وهل النص ايقاع موسيقى فقط ؟ النص مجموعة من العناصر المختلفة لكننا لا ننظر الى زاوية ونترك الاخرى فقد تكون هذه الزاوية ليست فاعلة فى الوصول الى دلالة النص وانما هى مجرد اجراء متتم (لينسة) (1) النص او تفعيله جماليا
ولك كل مودتى.
_____________________
(1) لم أفهم الكلمة يا ابن الأكوح ؟
*عبد الحافظ بخيت
22 - مايو - 2008
الشعر شكل ومضمون معًا    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
الشعر شكل ومضمون معًا
 
أستاذي الناقد الحداثي العظيم أنا سعيد بقراءاتي تعاليقك ومقالاتك الرائعة، وقد أفدت منها كثيرًا...
لكن أود أن ألفت نظركم إلى أن الشعر شكل ومضمون معًا، وأن التركيز على المضمون وحده خطأ وينتج قراءة خاطئة، كما أن التركيز على الشكل وحده خطأ وينتج أيضًا قراءة خاطئة. وقد بدأت مع هذه الرائعة من ناحية الشكل، ثم سيكون لي تعليق عليها من حيث المضمون، في تعاليق.
أستاذي الناقد العزيز الوزن فارق أساس بين الشعر والنثر، يمكن أن يكون كلامك سديدًا لوأنني جعلت نقدي الشكلي على تلك الضرورة فقط، كلا، فقد بينت الجمال الشكلي في النص، وحكمت لشاعرنا بالتجديد، حيث تصريع النص الشعري كاملاً، وهو -كما تعلم- حكم ليس بالسهل في آننا، ثم أشرت إلى هذه الضرورة.
وكن -على يقين- أستاذي أنني لو لم أُشِرْ إليها لعاب عليَّ عائبون: كيف لعروضي يقرأ نصًّا شعريًّا، ولا يقف أمام هذه الضرورة الشعرية الغريبة؟!! 
*صبري أبوحسين
22 - مايو - 2008
إهداء إلى الأستاذ عبدالحافظ    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
إهداء إلى الأستاذ عبدالحافظ
ذهب الخليل بن أحمد إلى أن الشعراء أمراء الكلام، يجوز لهم ما لايجوز لغيرهم، وقد تبعه في هذا المذهب كثير من النحويين قديمًا وحديثًا، ولم يشذَّ في ذلك سوى العلامة اللغوي أحمد بن فارس (395هـ)؛ إذ لا يكاد يعترف بما يسميه النحاة ضرورة، فيتعيّن على الشاعر-عنده- أن يقول بما له وجه في العربية، ولا ضرورة فيه حينئذٍ. فإن لم يك ثمتَ وجه منها رُدَّ، وسمّي باسمه الحقيقي وهو الغلط أو الخطأ، ولا داعي للتكلف واصطناع الحِيَل للتخريج. قال في كتابه الصاحبي: "وما جعل الله الشعراء معصومين يُوَقُّون الخطأ والغلط، فما صحَّ من شعرهم فمقبول، وما أبتْه العربيةُ وأصولها فمردود.
وقد ألف ابن فارس مصنفًا لهذا الغرض سمَّاه "ذمُّ الخطأ في الشعر" ولخَّص فيه موقفه من الضرورة الشعرية. ومن جملة ما قاله: "إنَّ ناسًا من قدماء الشعراء ومن بعدهم أصابوا في أكثر ما نظموه من شعرهم وأخطأوا في اليسير من ذلك، فجعل ناس من أهل العربية يوجهون لخطأ الشعراء وجوهًا، ويتمحلون لذلك تأويلات حتى صنعوا فيما ذكرنا أبوابًا، وصنفوا في ضرورات الشعر كتبًا".
 ويرى أنه لا فرق بين الشاعر، والخطيب، والكاتب؛ فالشعراء يخطئون كما يخطىء سائر الناس، ويغلطون كما يغلطون، ولا يعدو أن يكون ما ذكره النحويون في إجازة ذلك والاحتجاج له ضربًا من التكلف...."
 ويعرّض ابن فارس بما استشهد به سيبويه من قول الشاعر:
فلست بآتيه ولا أستطيعه    ولاكِ اسقني إن كان ماؤك ذا فضلِ
فيتساءل: لمَ لا يجوز لواحد منا - إذن - أن يقول للآخر: لست أقصدك ولاك اقصدني أنت؟!!!
[راجع:الصاحبي 469، و ذم الخطأ في الشعر 17، 18، وراجع الرابط:

 
*صبري أبوحسين
22 - مايو - 2008
رد وشكر    كن أول من يقيّم

رأي الوراق :
 
الصديق العزيز الدكتور / صبرى
اشكر لك حسن ردك  الذى ينم عن علم لا يستهان به واحترم جدا كل وجهة نظر تفضى الى علم يستفاد منه واظننى اقول مع طه حسين ان العلم بحر لا ساحل له وارانى بمجداف واحد وقد طوحت بى الاقدار لاركب هذا البحر بزورق مخروق ولا اظننى وغيرى واصلين الى ساحل له لكننا نجتهد بقدر ما اوتينا من معرفة ومن باب اجتهادى رؤيتى للنص الشعرى لا من حيث الشكل فقط او المضمون فقط ولم يعد النقد الان يملك العصا السحرية التى تقف على ظواهر الابداع داخل النص فالنقد ابتعد كثيرا عن هذه الشمولية وبدا ينظر الى النص باعتباره عدة ظواهر جمالية متماسكة وعلى الناقد ان يقف عند ظاهرة معينة ويضيئ مكامن الجمال فيها وياتى اخر ليتناول ظاهرة اخرى والنص الادبى قابل بتراكيبه الجمالية والرؤيوية الى تاويلات عديدة كما انه لا يوجد شكل ابداعى يخضع لمقاييس هندسية او مايشبه النظرية ولكن المقاييس تخضع لثقافة المتلقى وقدرته على تقديم رؤية منطقية تتفق والقيم الجمالية للابداع من ناحية ومن ناحية اخرى تتفق ومدى تذوقة وقدرته على فك شفرات النص وخلفيته الثقافية  تلعب دورا بارزا فى تفعيل عملية التلقى والتحليل وانا لا انكر مسألة الضرورة الشعرية ولكنى انكر ان تكون غاية التاويل فى تلقى النص والا علينا ان ننظر الى النص المبدع (بضم الميم وفتح الدال) على انه مجموعة من الانساق اللغوية والسياقات التركيبية التى اذا صحت صح النص وهذا ما قال به البنيويون واصحاب مدرسة (براغ) ودو سوسير والشكلانيون الروس بان النص مجموعة من الانساق اللغوية والتراكيب الشعرية والثنائيات البنيوية التى تحدث فى التوهج والانزياحات اللفظية التى تحدث التفجر فى اللغة وهو ما لا اقنع به رغم انى قراته كاملا واقنع بان نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجانى كانت افضل منه وكونى ناقدا حداثيا فهذا لا ينفى ارتباطى بتراثى وميراث اجدادى
 وانى لاشكرك كل الشكر على ما اهديت الى من حديث الخليل والفارسى كما اننى اعترف لك بكم استفادتى من تعاليقك وتحاليلك العروضية واحترمت جدا قولك:(اننى لو لم اشر اليها لعاب على عائبون :كيف لعروضى يقرأ شعريا ولايقف امام هذه الضرورة الشعرية الغريبة) فهذه شيم العلماء الحقيقين الصادقين مع انفسهم وعلمهم وكم نحن فى حاجة الى مثلك وقد احاط بنا الغثاء من جانب
ويبقى ان اقول لكم : اننا لابد ان نختلف حتى تظهر القيم الحقيقية ليستفيد بها غيرنا ولابد ان نجتهد لنجدد الماء الآسن ونحركه فى حياتنا العلمية
ولك عظيم تقديرى وكل محبتى
*عبد الحافظ بخيت
23 - مايو - 2008
أحييتني    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أحييتني
الأستاذ القدير عبدالحافظ:
 
أعلنها صريحة مدوية:
 لقد أحييتني بحوارك البنَّاء وتعليقاتك السديدة ورؤاك العميقة، وإنني أرى فيك وفي شاعرنا الشريف وفي شخصي الضعيف ثالوثًا مثقفًا ثقافة متنوعة متكاملة، تصب في خدمة الكلمة العربية المتأنقة شاعرةً أو ناقدة، تدفعني شخصيًّا إلى مزيد من إدمان الوراق وعشق الوراقين.
 فإلى مزيد من التفاعلات يا شيخيَ الحداثي في فكره وتعبيره وتأويله، أمتعنا، ألهمنا، طوِّرنا
المحب والمقدِّر:
صبري أبوحسين  
*صبري أبوحسين
25 - مايو - 2008
قراءة رأسية في البائية    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قراءة رأسية في البائية
إذا عشنا مع هذه البائية الشِّكائية الشريفية في قراءة رأسية عمودية من عنوانها إلى ختامها، يمكننا أن نخرج بالدلالات الآتية:
*العنوان(منطق مقلوب):تركيب وصفي مباشر دال، يعرف المتلقي بمضمون النص ومغزاه سريعًا!!! وأظن أنه كان أمام شاعرنا أن يختار عنوانًا أكثر إثارة وتأثير فينا، لاسيما من عباراته الخيالية الكثيرة في النص، كما أن العنوان لا يوحي بختام النص المتفائل(بقاء الحق وحياته، أمام الباطل)!!!
*البائية من الشعر المقطعي، جعلها شاعرنا مكونة من أربعة مقاطع: المقطعان الأول والأخير مكونان من ستة أبيات، والمقطعان الثاني والثالث مكونان من خمسة أبيات.   
*ذات الشاعر موجودة بارزة جاهرة في المقطعين الأول والثالث، حيثألفاظ:(تلمني، تراني، أراها، أراه، بلادي، قلدوني، باركوني، رأوني، هنأوني، أيدوني...)لكنها في المقطعين الثاني والرابع خافتة هامسة، وهذا التنوع الخطابي، محمود بلا شك.
*جاء المقطع الأول حوارًا مع الذات، على سبيل أسلوب التجريد(المنولوج) بين من يرى الحياة بيضاء، وبين من يراها سوداء، أو حوار مع الآخر، على سبيل (الديالوج).
أما المقطع الثاني فمجموعة من الدلائل على رؤية الشاعر الحياة حيث انقلاب المفاهيم والأوضاع وتغير دلالات (الأخلاق، البريء، الصدق، الشريف،الطاهر، الأمين، الأصيل...).
أما المقطع الثالث فخبر ذاتي عن الموقف الجمعي منه، فهو في عز وخير وتكريم إن عاش مثل تلك الشراذم المسيطرة المتسلطة! (باركوه، قلدوه، هنأوه، أيدوه) ثم مجموعة انقلابات مجتمعية(النائح/المطرب، الموجز/المطنب، الجاد/اللاعب، الحالُّ/الهارب)!!!
أما المقطع الرابع فخطاب للمثيل المجر من الشاعر تخيلاً، يعلن فيه عن رؤيته البيضاء تجاه الحق والخير والجمال في وجه الباطل والشر والقبح!!!  
* يلعب أسلوب التكرار دورًا في البناء الفني للبائية، لاسيما أسلوب الأمر:(زر بلادي تجد...)الذي جعله الشاعر في ختام المقطع الأول وفي افتتاح المقاطع التالية، ليربط أبيات البائية، وليجذب المتلقي جذبًا، (زر) دعوة سياحية، سيرى المتلقي المثير الساحر الآسر، سيرى(عجبًا) الأضداد المتجاورة، والمفارقات المجتمعة التي تحدث حيرة ودهشة وخطابًا واستفهامًا واستنكارًا، تحدث(المنطق المقلوب)!!!!
 *كذلك يأتي الطباق، والتشبيه المقلوب آلتين وظفهما الشاعر باقتدار لأداء مفارقته اللذيذة في التعبير عن واقعه المجتمعي المأزوم بآلامه ومشاكله التي تزداد وتتفاقم وتتلون يومًا بعد آخر....
* لابد أن أشير أيضًا إلى وجود ضرورة شعرية في قول الشاعر: 
أَفَيُغْنِيكَ عَنِ الْعَـيْنِ الـنَّبَا
حيث تسهيل الهمزة في لفظة(النبا).
 وتلك ضرورة مقبولة ولهجة مسموعة عن العرب الفصحاء....
 
*صبري أبوحسين
25 - مايو - 2008