حكاية مدارس المسلمين 5 كن أول من يقيّم
كانت المدارس أيضاً سبباً في تشجيع عمليَّة البحث والتَّأليف والنَّشر، وإن كان بعض المعلمين من كثرة التَّعْلِيْم لا يتفرغ للتصدي للتَّأليف نظراً لكثرة مهامه التَّعليميَّة إذ أنَّ الواحد من المُعَلِّمين الكبار قد يُدَرِّس في غير مدرسة (ابن العماد، ج7، 106). رعاية الطلاب والْعُلَمَاء من مختلف الأصقاع والأقطار، ماديّاً وعِلْميّاً. ومن أوجه الرِّعاية الفكريّة أن تقوم المدرسة بغرس المنهج السَّليم في التَّفكير فيتعلم الطَّالب البحث عن الدَّليل فَيُرحِّب بالمعرفة الموثَّقة ويرفض الفكر الغيبي الخرافي الذي يتجاوز حدود الدِّين. تشجيع المشاركة في تَرْجَمَة الكتب من شتى العلوم ثم مناقشتها والإفادة منها عملياً. التَّنوير الحضاري. الْمَدَاَرِس كانت علامات للاستنارة العِلْمِية والعقدية لأنها كانت تُعطي دول العالَم في تلك الفترة الوجه الحضاري للإسلام الذي يدعو ويعمل لتأصيل القيم الإنسانيَّة السَّامية نظرياً وعملياً. حلقات النِّقاش والوعظ والمناظرة كانت سلسلة من الجهود المُكثَّفة نحو هذا الهدف الشَّامل. تلبية حاجة الأجيال القادمة والاهتمام بتعليم الأطفال وترغيبهم بالْعِلْمِ والحث على العمل، ولقد قام الْعُلَمَاء بتقديم صورة قيادية صالحة يتأسى بها الصَّغير كأنموذج واقعي فِي هِدَايَتِهِم وَدِرَايَتِهِم. هذه الصُّورة التي حرَصوا على تقديمها للنَّاشئة هي ترجمة لتطبيق مفهوم "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ". كانت المدارس لا تسأم من سماع خاتمة كثير من الحلقات الدِّراسية التي قد تنتهي بكلمات ودعوات تُعمِّق مفهوم "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ" في نفوس المتعلِّمين مثل قول العلماء "نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". التَّحذير من التَّيارات العقديَّة المنحرفة والرَّد على الأفكار المناوئة، والمذاهب الهدَّامة مثل الحركات الباطنيَّة، وشبهات الفلاسفة اليونان في شأن الدِّين والبعث والنُّشور، وكذلك كان يهدف التَّعْلِيْم إلى تفنيد شبهات الملحدين وتحصين أبناء المسلمين من كل أمر منحرف عن الصِّراط المستقيم وهذا المقصد من أكبر الأهداف والدَّوافع الإصلاحية للتَّربية الإسلاميَّة ومؤسساتها المتنوعة قديماً وحديثاً. ***المحافظة على نفائس التُّراث ونقلها للأجيال القادمة. وهكذا كانت الْمَدَاَرِس الإسلامية وجميع المرافق التَّابعة لها تؤدي وظائف حيويَّة ما زالت المُؤَسَّسَات المعاصرة تجاهد من أجل القيام بها والوفاء بحقوقها وواجباتها. إذا أردنا تلخيص وظائف وأهداف المَدارس التي ذكرناها سابقاً نجدها تدور حول ثلاث غايات كُلِّيَّة عُليا وهي: 1- ضمان توفير التَّعليم الوقائي بغرض تبصير النَّاس وتقديم الأسوة السُّلوكية. 2- التَّعليم العلاجي بغرض تصويب الأخطاء ومواجهة الظَّواهر الَّسَّلبية. 3- التَّعليم التَّنموي بغرض تشجيع الفكر الابتكاري ومضاعفة الفرص الإنتاجية. جزى الله خيراً كاتِبَها وقارِئها. |