الموقف النبوي من الشعر إبداعًا وإنشادًا: ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
الموقف النبوي من الشعر إبداعًا وإنشادًا: استدل الخليل على أن الرَّجَزَ ليس بِشِعْر، وإِنما هو أَنْصافُ أَبيات وأَثْلاث، ودليل الخليل في ذلك ما روي عن النبي في قوله: سَتُبْدي لك الأَيَّامُ ما كنْتَ جاهِلاً ويأْتيك من لم تُزَوِّد بالأخْبارِ قال الخليل: لو كان نصف البيت شعراً ما جرى لسان النبي به: سَتُبْدِي لك الأَيْامُ ما كنت جاهِلاً وجاء بالنصف الثاني على غير تأْليف الشِّعْر؛ لأَن نصف البيت لا يقال له شِعْر، ولا بيت، ولو جاز أَن يقال لنِصْف البيت شِعْر لقيل لجزء منه شِعْر، وقد جرى على لسان النبي: أنا النبي لا كَذِبْ أَنا ابن عَبْدِ المُطَّلِبْ. قال بعضهم: إِنما هو لا كَذِبَ بفتح الباء على الوصل. قال الخليل: فلو كان شِعْراً لم يَجْر على لسان النبي، قال الله تعالى: { وما علَّمناه الشِّعْر وما ينبغي له } أَي وما يَتَسَهَّلُ له.... قال: والمَنْهُوك كقوله: أَنا النَّبِيّ لا كَذِبْ ... قال الحربي: ولم يبلغني أَنه جرى على لسان النبي من ضروب الرَّجَز إلا ضربان: المَنْهُوك والمَشْطُور ولم يَعُدَّهما الخليل شِعْراً؛ فالمَنْهُوك كقوله في رواية البراء: إِنه رأَى النبي على بغلة بيضاء يقول: أَنا النبيّ لا كَذِبْ أَنا ابن عَبْدِ المُطَّلِبْ والمَشْطُور كقوله في رواية جُنْدب: إِنه دَمِيَتْ إِصبَعُه فقال: هل أَنتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وفي سبيل الله ما لَقيتِ. ويروى أَن العجاج أَنشد أَبا هريرة: ساقاً بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَمَا فقال: كان النبي يُعْجبه نحو هذا من الشِّعر . قال الحربي: فأَما القصيدة فلم يبلغني أَنه أَنشد بيتاً تامًّا على وزنه، إِنما كان ينشد الصدر أَو العَجُز، فإِن أَنشده تامًّا لم يُقِمْه على وزنه، إِنما أَنشد صدر بيت لبيد: أَلا كُلُّ شيْءٍ ما خَلا اللَّهَ باطِلُ وسكت عن عَجُزه وهو: وكلَّ نَعِيمٍ لا مَحالَةَ زَائِلُ. وأَنشد عجز بيت طَرَفَةَ: ويأْتيك مَنْ لم تُزَوِّد بالأَخْبار وصَدْره : سَتُبْدِي لك الأَيامُ ما كنتَ جاهِلاً وأَنشد: أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْ بين الأَقْرَعِ وعُيَيْنَة فقال الناس: بين عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ فأَعادها: بين الأَقرع وعيينة فقام أَبو بكر -رضي الله عنه- فقال : أَشهد أَنك رسول الله، ثم قرأَ : { وما عَلَّمناه الشِّعر وما ينبغي له } قال: و الرَّجَز ليس بشِعْرٍ عند أَكثرهم . وقوله: أَنا ابْنُ عبد المُطَّلِبْ لم يقله افتخاراً به؛ لأَنه كان يكره الانتساب إلى الآباء الكفار، أَلا تراه لما قال له الأَعرابي: يا بن عبد المطلب قال : قد أَجَبْتُك ولم يتلفظ بالإجابة كراهةً منه لما دعاه به حيث لم يَنْسُبْه إلى ما شرفه الله به من النبوّة والرسالة ولكنه أَشار بقوله: أَنا ابن عبد المطلب إلى رؤيا كان رآها عبدُ المطلب كانت مشهورة عندهم، رأَى تصديقها فَذَكَّرهم إِياها بهذا القول . وفي حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: من قرأَ القرآن في أَقَلَّ من ثلاث فهو راجزٌ، إِنما سماه رَاجزاً لأَن الرَّجَزَ أَخف على لسان المُنْشِدِ واللسان به أَسْرَعُ من القَصيد . شهادة تاريخية: قدم النص اللساني شهادة تاريخية لأحد صناديد المشركين، على أن الرسول-صلى الله عليه وسلم- ليس بشاعر، جاء في اللسان:"وفي حديث الوليد بن المُغيِرة حين قالت قريش للنبي: إِنه شاعِرٌ فقال : لقد عرفت الشِّعْرَ ورَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه فما هو به". وخلاصة القضية أن الرسول –صلى الله عليه وسلم-ليس بشاعر، ثبت ذلك قرآنيًّا وواقعيًّا، وشهد به المشركون زمن النبي، صلى الله عليه وسلم. أما ما جرى على لسانه –صلى الله عليه وسلم- من قوله:"أنا النبي لا كذب..."، أو "هل أنت إلا إصبع دميتِ..." رجز، والرجز عند كثير من العلماء غير الشعر، وليس منه، أو أن أقل الشعر بيتان فصاعدا أما البيت أو الشطر فلا يقال له شعر، أو أن النصين يمكن أن يُرويا رواية أخرى(كذبَ، المطلبِ، دَمِيَتْ، لَقِيَتْ) ومن ثم ينكسر النصان ويخرجا نهائيًّا من باب الرجز أو الشعر!!! كما أن النصين واردان في مصادر غير موثوقة، ونُسِبا إلى غير النبي، صلى الله عليه وسلم!!! أما الإنشاد فظاهر من الروايات الواردة في هذا الصدد أن النبي كان ينشد الشطر فقط، ولا يكمل البيت في الإنشاد، وكان غالب حاله –صلى الله عليه وسلم- أنه كان يستنشد الصحابة، رضوان الله عليهم... |